١٢ ( فصل في إسقاط الصلاة والصوم ) ١( فصل في إسقاط الصلاة والصوم ) وغيرهما ( إذا مات المريض ولم يقدر على ) أداء ( الصلاة بالإيماء ) برأسه ( لا يلزمه الإيصاء بها وإن قلت ) بنقصها عن صلاة يوم وليلة لما رويناه لعدم قدرته على القضاء بإدراك زمن له على قول من يفسر قبول العذر بجواز التأخير ومن فسره بالسقوط ظاهر ( وكذا ) حكم ( الصوم ) في شهر رمضان ( إن أفطر فيه المسافر والمريض وماتا قبل الإقامة ) للمسافر ( و ) قبل ( الصحة ) للمريض لعدم إدراكهما عدة من أيام أخر فلا يلزمهما الإيصاء به ٢( و ) لزم ( عليه ) يعني على من أفطر في رمضان ولو بغير عذر ( الوصية بما ) أي بفدية ما ( قدر عليه ) من إدراك عدة من أيام أخر إن أفطر بعذر وإن لم يدرك عدة من أيام أخر إن أفطر بدون عذر لزمه بجميع ما أفطره لأن التقصير منه لكنه يرجى له العفو بفضل اللّه بفدية ما لزمه ( وبقي بذمته ) حتى أدركه الموت من صوم فرض وكفارة وظهار وجناية على إحرام ومنذور ( فيخرج عنه وليه ) أي من له التصرف في حاله لوراثة أو وصاية ( من ثلث ما ترك ) الموصي لأن حقه في ثلث ماله حال مرضه وتعلق حق الوارث بالثلثين فلا ينفذ قهرا على الوارث إلا في الثلث إن أوصى به وإن لم يوص لا يلزم الوارث الإخراج فإن تبرع جاز كما سنذكره وعلى هذا دين صدقة الفطر أو النفقة الواجبة والخراج والجزية والكفارات المالية والوصية بالحج والصدقة المنذورة والاعتكاف المنذور عن صومه لا عن اللبث في المسجد وقد لزمه وهو صحيح ولم يعتكف حتى أشرف على الموت كان عليه أن يوصي لصوم اعتكاف كل يوم بنصف صاع من ثلث ماله وإن كان مريضا وقت الإيجاب ولم يبرأ حتى مات فلا شيء عليه فإذا لم يف به الثلث توقف الزائد على إجازة الوارث فيعطي ( لصوم كل يوم ) طعام مسكين لقوله صلى اللّه عليه وسلم " من مات وعليه صوم شهر فليطعم عنه مكان كل يوم مسكين " ( و ) كذا يخرج ( لصلاة كل وقت ) من فروض اليوم والليلة ( حتى الوتر ) لأنه فرض عملي عند الإمام وقد ورد النص في الصوم والصلاة كالصيام باستحسان المشايخ لكونها أهم واعتبار كل صلاة بصوم يوم هو الصحيح وقيل فدية جميع صلوات اليوم الواحد كفدية صوم يوم والصحيح أن لكل صلاة فدية هي ( نصف صاع من بر ) أو دقيقه أو سويقه أو صاع تمر أو زبيب أو شعير ( أو قيمته ) وهي ( أفضل لتنوع حاجات الفقير ( وإن لم يوص وتبرع عنه وليه ) أو أجنبي ( جاز ) إن شاء اللّه تعالى لأن محمدا قال في تبرع الوارث بالإطعام في الصوم يجزئه إن شاء اللّه تعالى من غير جزم وفي إيصائه به جزم بالأجزاء وإذا تبرع أحد بالإعتاق عنه لا يصح لما فيه من إلزام الولاء على الميت بغير رضاه بخلاف وصيته به وفي الوصية بالحج يحج من منزله من ثلث ماله والمتبرع من حيث شاء سواء الوارث وغيره ( ولا يصح أن يصوم ) الولي ولا غيره عن الميت ( ولا ) يصح ( أن يصلي ) أحد ( عنه ) لقوله صلى اللّه عليه وسلم " لا يصوم أحد عن أحد ولا يصلي أحد عن أحد ولكن يطعم عنه " وما ورد من قوله صلى اللّه عليه وسلم فصومي عن أمك وقوله صلى اللّه عليه وسلم من مات وعليه صيام صام عنه وليه فمنسوخ كذا في البرهان وغيره فما يفعله جهلة الناس الآن من إعطاء دراهم للفقير على أن يصوم أو يصلي عن الميت أو يعطيه شيئا من صلاته أو صومه ليس بشيء وإنما اللّه سبحانه وتعالى يتجاوز عن الميت بواسطة الصدقة التي قدرها الشارع كما بيناه وإن قلنا بأن للعبد أن يجعل ثواب طاعته لغيره فهو غير هذا الحكم فليتنبه له ٣( وإن لم يف ما أوصى به ) الميت ( عما عليه ) أولم يكف ثلث ماله أو لم يوص بشيء وأراد أحد التبرع بقليل لا يكفي فحيلته لإبراء ذمة الميت عن جميع ما عليه أن ( يدفع ذلك المقدار ) اليسير ليسير بعد تقديره لشيء من صيام أو صلاة أو نحوه ويعطيه ( للفقير ) بقصد إسقاط ما يريد عن الميت ( فيسقط عن الميت بقدره ثم ) بعد قبضه ( يهبه الفقير للولي ) أو للأجنبي ( ويقبضه ) لتتم الهبة وتملك ( ثم يدفعه ) الموهوب له ( للفقير ) بجهة الإسقاط متبرعا به عن الميت ( فيسقط ) عن الميت ( بقدره ) أيضا ( ثم يهبه الفقير للولي ) أو للأجنبي ( ويقبضه ثم يدفعه الولي للفقير ) متبرعا عن الميت ( وهكذا ) يفعل مرارا ( حتى يسقط ما كان ) يظنه ( على الميت من الصلاة والصيام ) ونحوهما مما ذكرناه من الواجبات وهذا هو المخلص في ذلك إن شاء اللّه تعالى بمنه وكرمه ٤( ويجوز إعطاء فدية صلوات ) وصيام أيام ونحوها ( لواحد ) من الفقراء ( جملة بخلاف كفارة اليمين ) حيث لا يجوز أن يدفع للواحد أكثر من نصف صاع في يوم للنص على العدد فيها وكذا ما نص على عدده في كفارة ( واللّه سبحانه وتعالى أعلم ) وهو الموفق بمنه وكرمه _________ ( ١ ) ورد النص في الصوم بإسقاطه بالفدية والحنفية يرون أن الصلاة كالصوم استحسانا لكونها أهم منه . وغيرهم يرى ألا كفارة للصلاة إلا قضاؤها فمن مات وعليه صلوات لا يكفي في إسقاطها الإطعام لحديث أنس أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال له " من نسي صلاة فليصليها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذاك " أخرجه السبعة إلا الطحاوي فقوله " لا كفارة لها إلا ذلك " أي قضاؤها وهو يدل على أنه لا يكفي الإطعام فقياسها على الصوم معارض للنص . والحنفية مع قولهم بذلك يرجون القبول والشفاعة [ وقد وصل الأمر ببعض العوام إلى تحايلات يأباها كل ذي لب منها إعطاؤهم صرة من الذهب إلى عدد من الفقراء في مجلس فيتواهبها هؤلاء ثم يرجعونها إلى أهل الميت الذين يعطون هؤلاء الفقراء بعد ذلك أجرتهم ولا تبلغ جزءا ضئيلا من قيمة الذهب فليعلم أولا أن الأحناف لم يجعلوا حكم هذا الإسقاط كحكم فدية الصوم فهذه الأخيرة مبتوت بحكمها وكونها تجزئ قطعا في حكم الكهل الذي فقد استطاعة الصيام أما إسقاط الصلاة عن الميت بإخراج الصدقات ففيه فقط الرجاء من فضل اللّه أن يخفف عن الميت وما مخالفته لأحد مفاهيم الحديث المذكور أعلاه فهو من باب الاستحسان أي لما يحصل منه من الخير للفقراء أما بوجود تلك التحايلات فيذهب وجه الاستحسان أصلا فليتنبه . دار الحديث] |