باب على من تقوم الساعة ؟ مسلم عن عبد الرحمن بن شماسة المهدي قال : كنت عند مسلمة بن مخلد و عنده عبد اللّه بن عمرو بن العاص ، فقال عبد اللّه : لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق و هم شر من أهل الجاهلية لا يدعون اللّه بشيء إلا رده عليهم ، فبينما هم كذلك أقبل عقبة بن عامر فقال له ابن شماسة يا عقبة : اسمع ما يقول عبد اللّه ، فقال عقبة : هو أعلم ، وإما أنا فسمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقول : لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر اللّه قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة و هم على ذلك فقال عبد اللّه : أجل . ثم يبعث اللّه ريحاً كريح المسك مسها كمس الحرير لا تترك نفساً في قلبها مثقال حبة من إيمان إلا قبضتها ثم تبقى شرار الناس ، عليهم تقوم الساعة . و في حديث عبد اللّه بن مسعود : لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس من لا يعرف معروفاً و لا ينكر منكراً يتهارجون كما تتهارج الحمر . قال الأصمعي : قوله يتهارجون يقول : يتسافدون يقال : بات فلان يهرج . و الهرج في غير هذا : الاختلاط و القتل . و خرج مسلم ، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقول : لا تذهب الليالي و الأيام حتى تعبد اللات و العزى ، ف قلت : يا رسول اللّه إن كنت لأظن حين أنزل اللّه : هو الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون أن ذلك عام . قال : إنه سيكون من ذلك ما شاء اللّه ثم يبعث ار ريحاً طيبة فتتوفى كل من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم . و اللّه أعلم . فصل ذكر أبو الحسن بن بطال رحمه اللّه في هذا الحديث في شرح البخاري له مبيناً لحديث البخاري عن أبي هريرة قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقول : لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة الحديث و قد تقدم و قال : هذه الأحاديث و ما جاء فيها معناها الخصوص و ليس المراد بها أن الدين كله ينقطع في جميع أقطار الأرض حتى لا يبقى منه شيء ، لأنه قد ثبت عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم أن الإسلام يبقى إلى قيام الساعة إلا أنه يضعف و يعود غريباً كما بدأ . روى حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن مطرف ، عن عمران بن حصين قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم : لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال ، و كان مطرف يقول هم أهل الشام . قلت : ما ذكره من أن الدين لا ينقطع و أن الإسلام يبقى إلى قيام الساعة يرده حديث عائشة و عبد اللّه بن عمرو ، و ما ذكره من حديث عمران بن حصين و قد تقدم أن عيسى عليه السلام يقتل الدجال و يخرج يأجوج و مأجوج و يموتون و يبقى عيسى عليه السلام و دين الإسلام لا يعبد في الأرض غير اللّه كما تقدم ، و أنه يحج و يحج معه أصحاب الكهف فيما ذكره المفسرون ، و قد تقدم أنهم حوارية إذا نزل فإذا توفي عيسى عليه السلام بعث اللّه تعالى عند ذلك ريحاً باردة من قبل الشام ، فتأخذ تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن و كل مسلم ، و يبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة كذا في حديث النواس بن سمعان الطويل ، و قد تقدم . و في حديث عبد اللّه بن عمرو : ثم يرسل اللّه ريحاً باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته ، حتى لو دخل أحدكم في كبد جبل لدخلت عليه حتى تقبضه قال : سمعتها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم ، و ذكر الحديث . و قد تقدم بكماله . و فيه ذكر النفخ و الصعق و البعث ، فهذا غاية في البيان في كيفية انقراض هذا الخلق و هذه الأزمان ، فلا تقوم الساعة و في الأرض من يعرف اللّه و لا من يقول : اللّه اللّه . و ذكر أبو نعيم عن أبي الزهراية ، عن كعب الأحبار قال : يمكث الناس بعد خروج و يأجوج و مأجوج في الرخاء و الخصب و الدعة عشر سنين ، حتى إن الرجلين ليحملان الرمانة الواحدة بينهما و يحملان العنقود الواحد من العنب ، فيمكثون على ذلك عشر سنين ، ثم يبعث اللّه ريحاً طيبة فلا تدع مؤمناً إلا قبضت روحه ، ثم تبقى الناس بعد ذلك يتهارجون تهارج الحمر في المروج حتى تأتيهم أمر اللّه و الساعة و هم على ذلك . نسأل اللّه العظيم ، رب العرش العظيم ، أن يتوفانا مسلمين ، و أن يلحقنا بالشهداء و الصالحين ، و أن يجعلنا من عباده المتقين الفائزين ، و يجعل ما كتبته خالصاً لوجهه الكريم ، بمنه و كرمه ، و أن ينفعنا به و والدينا ، و غفر اللّه لصاحب هذا الكتاب ، و لوالديه ، و لسائر المسلمين أجمعين . آمين يا رب العالمين . تم الكتاب و ربنا محمود و له المكارم و العلا و الجود و على النبي محمد صلواته ما ناح قمري و أورق عود و وافق الفراغ من نسخه ، في منتصف شهر رمضان المعظم قدره ، من شهور سنة اثنتين و سبعين و سبعمائة . على يد أقل عباد اللّه و أحوجهم إلى لطفة الخفي . الحسين بن علي بن منصور بن ناصر الحنفي . غفر اللّه له و لوالديه ، و لمن قرأ فيه ، و دعا له بالتوبة النصوح ، و المغفرة و الرحمة يا رب العالمين ، و لسائر المسلمين أجمعين ، و صلّى اللّه على سيدنا محمد ، و آله و صحبه و سلم تسليماً كثيراً . حسبنا اللّه و نعم الوكيل . مع تحيات إخوانكم في شبكة مشكاة الإسلامية قسم / المكتبة الإسلامية وقد تم نسخ الكتاب من موقع الشبكة الإسلامية .. |