باب ما جاء في نزل أهل الجنة و تحفهم إذا دخلوها روى البخاري و مسلم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم قال : تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يكفئها الجبار بيده كما يكفئ أحدكم خبزته في السفر ، نزلا لأهل الجنة . قال : فأتى رجل من اليهود ف قال : بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة ؟ قال : بلى ، قال : تكون الأرض خبزة واحدة كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم . قال فنظر إلينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم ثم ضحك حتى بدت نواجذه . قال ألا أخبرك بإدامهم ؟ قال : بلى . قال : بالام و نون . قالوا و ما هذا ؟ قال : ثور و نون يأكل من زائدة كبدها سبعون ألفاً . و خرج مسلم عن ثوبان مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قال : كنت قاعداً عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم فجاءه حبر من أحبار اليهود ف قال : السلام عليك يا محمد فدفعته دفعة كاد يصرع منها ف قال : لم تدفعني ؟ ف قلت : ألا تقول : يا رسول اللّه ؟ فقال اليهودي : إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهله فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم إن اسمي محمد الذي سماني به أهلي . فقال اليهودي : جئت أسألك . فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم أينفعك شيء إن حدثتك ؟ قال : أسمع بأذني ، فكنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم بعود معه . ف قال : سل . فقال اليهودي : أين تكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض و السموات ؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم : هم في الظلمة دون الجسر . قال : فمن أول الناس إجازة ؟ قال : فقراء المهاجرين . قال اليهودي : فما تحفتهم حين يدخلون الجنة ؟ قال : زيادة كبد النون . قال : فما غذاؤهم ؟ قال : ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها قال : فما شرابهم على إثراها ؟ قال : من عين فيها تسمى سلسبيلاً ف قال : صدقت . و ذكر الحديث . فصل قلت : هذا الحديث انفرد به مسلم و هو أبين من الحديث الآخر الذي قبله لأنه من قول النبي صلّى اللّه عليه و سلم جواباً لليهودي ، و الحديث الذي قبله آخره من قول اليهودي و هو يدخل في المسند لإقرار النبي صلّى اللّه عليه و سلم . و الجبار اسم من أسماء اللّه تعالى قد أتينا على ذكره في الكتاب الأسنى في شرح أسماء اللّه الحسنى ، و يكفئها و يقلبها و يميلها من قولك كفأت الإناء إذا كببته ، و قد تقدم أن أرض المحشر كقرصة النقي ليس فيها أعلم لأحد . و النزل ما يعد للضيف من الطعام و الشراب . و يقال نزل أو نزل بتخفيف الزاي و تثقيلها ، و قريء بذلك قوله نزلاً من عند اللّه قال أهل اللغة : النزل ما يهيأ للنزيل . و النزيل الضيف . قال الشاعر : نزيل القوم أعظمهم حقوقاً و حق اللّه في حق النزيل و حظ النزيل مجتمع ، و التحفة ما يتحف به الإنسان من الفواكه ، و الطرف محاسنة و ملاطفة ، و زيادة كبد النون قطة منه كالإصبع ، و بالأم قد جاء مفسراً في متن الحديث أنه الثور ، و لعل اللفظ عبرانية ، و النون الحوت و هو عربي . و في الخبر عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم قال سيد إدام الدنيا و الآخرة اللحم ذكره أبو عمرو في التمهيد . و ذكر ابن المبارك قال : أخبرنا ابن لهيعة قال : حدثني يزيد بن أبي حبيب أن أبا الخير أخبره ابن العوام مؤذن إيليا أول رجل أذن بإبليا أخبره أنه سمع كعباً يقول إن اللّه تبارك و تعالى يقول لأهل الجنة إذا دخلوها : إن لكل ضعيف جزوراً و إني أجزركم اليوم حوتاً و ثوراً فيجزر لأهل الجنة . |