Geri

   

 

 

İleri

 

باب منه و بيان قوله تعالى و لدينا مزيد

يحيى بن سلام

قال : أخبرنا رجل من أهل الكوفة عن داود بن أبي هند عن الحسن

قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم : إن أهل الجنة لينظرون إلى ربهم في كل جمعة على كثيب من كافور لا يرى طرفاه ، و فيه نهر جار حافتاه المسك عليه جوار يقرأن القرآن بأحسن أصوات سمعها الأولون و الآخرون ، فإذا انصرفوا إلى منازلهم أخذ كل رجل بيد من شاء منهن ثم يمرون على قناطر من لؤلؤ إلى منازلهم فلولا أن اللّه تعالى يهديهم إلى منازلهم ما اهتدوا إليها لما يحدث اللّه إليهم في كل جمعة .

و خرج عن بكر بن عبد اللّه المزني

قال : إن أهل الجنة ليزورون ربهم في مقدار كل عيد كأنه يقول في كل سبعة أيام مرة فيأتون رب العزة في حلل خضر و وجوه مشرقة و أساور من ذهب مكللة بالدر و الزمرد عليهم أكاليل الذهب ، و يركبون بخبائهم و يستأذنون على ربهم فيأمر لهم ربنا بالكرامة .

و ذكر هو و ابن المبارك جميعاً قال ، حدثنا المسعودي ، عن النهال بن عمرو بن أبي عبيدة بن عبد اللّه بن عقبة عن ابن مسعود

قال : تسارعوا إلى الجمعة فإن اللّه يبرز لأهل الجنة كل يوم جمعة في كثيب من كافور أبيض فيكونون معه في القرب قال ابن المبارك : على قدر تسارعهم إلى الجمعة في الدنيا .

و قال يحيى بن سلام : كمسارعتهم إلى الجمعة في الدنيا و زاد فيحدث لهم شيئاً من الكرامة لم يكونوا رأوه قبل ذلك ، قال يحيى : و سمعت غير المسعودي يزيد فيه و هوقوله تعالى و لدينا مزيد و

قال الحسن في قوله تعالى للذين أحسنوا الحسنى و زيادة

قال : الزيادة النظر إلى وجه اللّه عز و جل و ليس شيء أحب إلى أهل الجنة من يوم الجمعة يوم المزيد لأنهم يرون فيه الجبار جل جلاله و تقدست أسماؤه .

فصل

قلت : قوله في كثيب . يريد أهل الجنة أي هم على كثيب كما في مرسل الحسن أول الباب ،

و قيل : المزيد ما يزوجون به من الحور العين رواه أبو سعيد الخدري مرفوعاً . و ذكر أبو نعيم عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة

قال : إن

من المزيد أن تمر السحابة بأهل الجنة فتقول : ما تريدون أن أمطركم فلا يتمنون شيئاً إلا مطروا قال خالد : يقول كثير لئن أشهدني اللّه ذلك لأقولن لها أمطرينا جواري مزينات و قد تقدم من حديث ابن عمرو أكرمهم على اللّه من ينظر إلى اللّه غدوة و عشية ، و هذا يدل على أن أهل الجنة في الرؤية مختلفو الحال .

و قد روي عن أبي يزيد البسطامي أنه

قال : إن للّه تعالى عباداً لو حجبهم في الجنة ساعة لاستغاثوا من الجنة و نعيمها كما يسغيث أهل النار من النار و عذابها .

نبذ من أقوال العلماء في تفسير كلمات و آيات من القرآن وردت في ذكر الجنة و أهلها

من ذلك قوله تعالى : و نزعنا ما في صدورهم من غل قال ابن عباس أول ما يدخل أهل الجنة الجنة تعرض لهم عينان فيشربون من إحدى العينين فيذهب اللّه تعالى ما في قلوبهم من غل ، ثم يدخلون العين الأخرى فيغتسلون فيها فتشرق ألوانهم و تصفوا وجوههم و تجري عليهم نضرة النعيم .

و قال علي رضي اللّه عنه في قوله تعالى و سقاهم ربهم شراباً طهوراً

قال : إذا توجه أهل الجنة إلى الجنة مروا بشجرة يخرج من تحت ساقها عينان فيشربون من إحداهما فتجري عليهم بنضرة النعيم فلا تتغير أبشارهم و لا تشتعث أشعارهم أبداً ، ثم يشربون من الأخرى فيخرج ما في بطونهم من الأذى ثم تستقبلهم خزنة الجنة فتقول لهم : سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين .

و ذكره ابن المبارك

قال : أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي أنه تلا هذه الآية وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤوها وجدوا عند باب الجنة شجرة يخرج من ساقها عينان ، فعمدوا إلى أحداهما كأنما أمروا بها فاغتسلوا منها فلم تشعث رؤوسهم بعدها أبداً و لم تغير جلودهم بعدها أبداً كأنما دهنوا بالدهن ، ثم عمدوا إلى الأخرى فشربوا منها فطهرت أجوافهم و غسلت كل قدر فيها و تتلقاهم على كل باب من أبواب الجنة ملائكة سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ، ثم تتلقاهم الولدان يطيفون بهم كما يطيف ولدان الدنيا بالحميم يجيء من الغيبة يقولون : أبشر أعد اللّه لك كذا و كذا ، ثم يذهب الغلام منهم إلى الزوجة من أزواجه فيقول قد جاء فلان باسمه الذي كان يدعى في الدنيا فتقول له : أنت رأيته ؟ فيستخفها الفرح حتى تقوم على أسكفة الباب ، ثم ترجع فتجيء فتنظر إلى تأسيس بنيانه من جندل اللؤلؤ أخضر و أصفر و أحمر من كل لون ثم يجلس فينظر فإذا زرابي مبثوثة و أكواب موضوعة و نمارق مصفوفة ثم يرفع رأسه إلى سقف بنيانه فلولا أن اللّه قدر ذلك لأذهب بصره إنما هو مثل البرق ، ثم يقول : كما أخبرنا تعالى الحمد للّه الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه .

و ذكر القتيبي في عيون الأخبار له مرفوعاً عن علي رضي اللّه عنه أنه

قال : سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم عن قول اللّه عز و جل يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ما هؤلاء الوفد ؟

قال : يحشرون ركباناً ثم

قال : و الذي نفسي بيده أنهم إذا خرجوا من قبورهم ركبوا نوقاً عليهم رحائل الذهب مرصعة بأنواع الجوهر فتسير بهم إلى باب الجنة

قال : و عند باب الجنة شجرة ينبع من أصلها عينان فيشربون من إحداى تلك العيون فإذا بلغ الشراب البطن طهرهم اللّه به من دنس الدنيا و قذرها فذلك قوله تعالى و سقاهم ربهم شراباً طهوراً

قال : ثم يغتسلون من العين الأخرى فلا تشعث رؤوسهم و لا تتغير ألوانهم

قال : ثم يضربون حلق أبواب الجنة فلو سمعت الخلائق طنين الأبواب لافتتنوا بها ، فيبادر رضوان فيفتح لهم فينظرون إلى حسن وجهه فيخرون ساجدين فيقول لهم رضوان يا أولياء اللّه : أنا قيمكم الذي وكلت بكم و بمنازلكم فينطلق بهم إلى قصور من فضة شوفاتها من ذهب يرى ظاهرها من باطنها من النور و الرقة و الحسن قال فيقول أولياء اللّه عند ذلك يا رضوان : لمن هذا ؟ فيقول : هذا لكم فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم : فلولا أن الموت يرفع عن أهل الجنة لمات أكثرهم فرحاً ،

قال : ثم يريد أحدهم أن يدخل قصره فيقول له رضوان اتبعني حتى أريك ما أعد اللّه لك

قال : فيمر به فيريه قصوراً و خياماً و ما أعطاه اللّه عز و جل

قال : ثم يأتي به إلى غرفة من ياقوته من أسفلها إلى أعلاها مائة ذراع قد لونت بجميع الألوان على جنادل الدر و الياقوت ، و في الغرفة سرير طوله فرسخ في عرض مثل ذلك عليه من الفراش كقدر خمسين غرفة بعضها فوق بعض . قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم : فذلك قوله عز و جل و فرش مرفوعة و هي من نور و السرير من نور ، و على رأس ولي اللّه تاج له سبعون ركناً في كل ركن سبعون ياقوتة تضيء و قد رد اللّه وجهه كالبدر و عليه طوق و وشاح يتلألأ من نور ، و قد سور بثلاثة أسورة : سوار من الذهب و سوار من فضة و سوار من لؤلؤ ، فذلك قوله تعالى يحلون فيها من أساور من ذهب و لؤلؤا و لباسهم فيها حرير .

وقوله تعالى جنات عدن يدخلونها قال ابن عباس الجنات سبع : دار الجلال ، و دار السلام ، و جنة عدن ، و جنة المأوى ، و جنة الخلد ، و جنة الفردوس ، و جنة النعيم .

و قيل : إن الجنان أربع لأن اللّه تعالى

قال : و لمن خاف مقام ربه جنتان . و قال بعد ذلك و من دونهما جنتان و لم يذكر سوى هذه الأربع جنة خامسة ، فإن قيل فقد قال جنة المأوى قيل جنة المأوى اسم لجميع الجنان يدل عليه أنه تعالى

قال : فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون و الجنة اسم الجنس ، فمرة يقال جنة و مرة يقال جنات ، و كذلك جنة عدن و جنات عدن لأن العدن الإقامة و كلها دار الإقامة كما أن كلها مأوى المؤمنين ، و كذلك دار الخلد و دار السلام لأن جميعها للخلود و السلامة من كل خوف و حزن ، و كذلك جنات النعيم و جنة النعيم لأن كلها مشحونة بأصناف النعيم ، ذكره الحليمي في كتاب منهاج الدين له و

قال : إنما منعنا أن نجعل كل واحدة من العدن و المأوى و النعيم جنة سوى الأخرى ، لأن اللّه تعالى إن كان سمي شيئاً من هذه الأسماء جنة في موضع فقد سمي الجنات كلها بذلك الاسم في موضع آخر ، فعلمنا أن هذه الأسماء ليست لتميز جنة من جنة ، و لكنها للجنان أجمع . لا سيما و قد أتى اللّه بذكر العدد فلم يثبت إلا أربعاً ، و قد أثبت لهذه الجنان أبواباً ف

قال : [ و فتحت أبوابها ] ، و قال عليه الصلاة و السلام : إن أبواب الجنة ثمانية فيحتمل أن يكون ذلك ، لأن لكل جنة من الجنان الأربع بابين ، و وصف أهل الجنة فصنفهم صنفين : أحدهما السابقون المقربون و الآخرون أصحاب اليمين ، فعلمنا أن السابقين أهل الجنتين العليتين في قوله : و لمن خاف مقام ربه جنتان و أهل اليمين أهل الجنتين الدنييتين و من دونهما جنتان و بهذا جاءت الروايات .

و روى سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى : و لمن خاف مقام ربه جنتان إلى قوله و من دونهما جنتان

قال : فتلك للمقربين و هاتان لأصحاب اليمين و عن أبي موسى الأشعري نحو ذلك .

قوله تعالى : يحلون فيها من أساور من ذهب و لؤلؤاً قال المفسرون : ليس أحد من أهل الجنة إلا و في يده ثلاثة أسورة : سوار من ذهب و سوار من فضة و سوار من لؤلؤ و قال هنا : من ذهب و لؤلؤاً و قال في آية أخرى : و حلوا أساور من فضة .

و في الصحيح : تبلغ حلية المؤمن حيث تبلغ الوضوء ، و قريء [ لؤلؤا ] بالنصب على معنى و يحلون لؤلؤاً و أساور : جمع أسورة و أسورة واحدها سوار فيها ثلاث لغات ضم السين و كسرها و أسوار ، قال المفسرون : لما كانت الملوك تلبس في الدنيا الأساور و التيجان جعل اللّه ذلك لأهل الجنة إذ هم ملوك قوله تعالى : و لباسهم فيها حرير .

روي عن يحيى بن سلام ، عن حماد بن سلمة ، عن أبي المهزم عن أبي هريرة

قال : [ دار المؤمن في الجنة درة مجوفة في وسطها شجرة تنبت الحلل و يأخذ بأصبعه ، أو قال بأصبعه سبعين حلة منظمة باللؤلؤ و الزبرجد و المرجان ] .

و

أخرجه ابن المبارك بهذا السند عن حماد عن أبي المهزم

قال : سمعت أبا هريرة يقول : [ إن دار المؤمن في الجنة من لؤلؤة فيها أربعون بيتاً في وسطها شجرة تنبت الحلل ، فيذهب فيأخذ بأصبعيه سبعين حلة منظمة باللؤلؤ و الزبرجد و المرجان ] و قد تقدم هذا المعنى و أبو المهزم ضعيف .

و روى عن أبي هريرة أنه

قال : بلغني أن ولي اللّه يلبس حلة ذات وجهين يتجاوبان بصوت مليح تقول التي تلي جسده : أنا أكرم على ولي اللّه منك . أنا أمس بدنه و أنت لا تمسينه و تقول التي تلي وجهه : أنا أكرم على ولي اللّه منك ، أنا أرى وجهه و أنت محجوبة لا ترين وجهه . و قد تقدم أن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ، من حديث أبي سعيد الخدري . صححه أبو عمرو رحمه اللّه و

قال : هذا عندي على نحو المعنى الذي نزعنا به في شارب الخمر أنه إذا دخل الجنة لا يشرب فيها خمراً و لا يذكرها و لا يراها و لا تشتهيها نفسه ، فكذلك لابس الحرير في الدنيا إن لم يتب منه .

قلت : و كذلك من استعمل آنية الذهب و الفضة و لم يتب من استعمالها .

و قد روي عن أبي موسى الأشعري أنه

قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم : من استمع إلى صوت غناء لم يؤذن له أن يسمع الروحانيين ، فقيل : و من الروحانيون يا رسول اللّه ؟ قال قراء أهل الجنة

خرجه الترمذي أبو عبد اللّه في نوادر الأصول ، و قد قيل : إن حرمانه الخمر و لباسه الحرير و شربه في إناء الذهب و الفضة و استماعه للروحانيين إنما هو في الوقت الذي يعذب في النار و يسقى من طينة الخبال ، فإذا خرج من النار بالشفاعة أو بالرحمة العامة المعبر عنها في الحديث بالقبضة أدخل الجنة و لم يحرم شيئاً منها لا خمراً و لا حريراً و لا غيره ، لأن حرمان شيء من لذات الدنيا لمن كان في الجنة نوع عقوبة و مؤاخذة ، و الجنة ليست بدار عقوبة و لا مؤاخذة فيها بوجه من الوجوه .

قلت : و حديث أبي سعيد الخدري و أبي موسى الأشعري يرد هذا القول و كما لا يشتهي منزلة من هو أرفع منه و ليس ذلك لعقوبة ، كذلك لا يشتهي خمر الجنة و لا حريرها و لا يكون ذلك عقوبة .

قوله تعالى و يلبسون ثياباً خضراً من سندس و إستبرق و قال عاليهم ثياب سندس خضر و إستبرق الإستبرق : الديباج الصفيق الكثيف ، و السندس : الرقيق الخفيف ، و خص الأخضر لأنه الموافق للبصر ، لأن البياض يبدد النظر و يؤلم و السواد يورم و الخضرة لون بين السواد و البياض و تلك تجمع الشعاع .

قوله تعالى : متكئين فيها على الأرائك الأرائك : جمع أريكة و هي السرر في الحجل ، و قال متكئين على سرر مصفوفة .

و روي عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم أنه

قال : إن الرجل من أهل الجنة ليتزوج في شهر واحد ألف حوراء يعانق كل واحدة منهن مقدار عمره في الدينا .

و روي عن ابن عباس أنه

قال : إن الرجل من أهل الجنة ليعانق الحور سبعين سنة لا يملها و لا تمله كلما أتاها وجدها بكراً ، و كلما رجعت إليه عادت إليه شهوته فيجامعها بقوة سبعين رجلاً لا يكون بينهما مني يأتي من غير مني منه و لا منها .

و قال المسيب بن شريك : قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم في قوله تعالى إنا أنشأناهن إنشاء * فجعلناهن أبكاراً * عرباً أتراباً

قال : هي عجائز الدنيا أنشأهن اللّه خلقاً جديداً كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكاراً ، فلما سمعت عائشة ذلك قالت : واوجعاه ، فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلم ليس هناك وجع .

و ذكر يحيى بن سلام عن صاحب له ، عن أبان بن عياش ، عن شهر بن حوشب ، عن معاذ بن جبل

قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم : إن الرجل من أهل الجنة ليتنعم مع زوجته في تكأة واحدة سبعين عاماً فتناديه أبهى منها و أجمل من غرفة أخرى :

أما آن لنا منك دولة بعد فيلتفت إليها فيقول : من أنت ؟ فتقول : أنا من اللاتي

قال اللّه تعالى و لدينا مزيد فيتحول إليها يتنعم معها سبعين عاماً في تكأة واحدة فتناديه أبهى و أجمل من غرفة أخرى :

أما آن لنا منك دولة بعد فيلتفت إليها فيقول : من أنت ؟ فتقول : أنا من اللاتي

قال اللّه تعالى فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون فيتحول إليها فيتنعم معها في تكأة واحدة سبعين عاماً فهم كذلك يزورون ،

قال تعالى : و زوجناهم بحور عين الحور : البيض في قول قتادة و العامة ، و العين : العظام العيون .

و قال قتادة في قوله تعالى : إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون يعني في الآخرة في شغل فاكهون .

قال : يعني افتضاض العذارى فاكهون ،

قال الحسن : مسرورون هم و أزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون قوله تعالى أولئك لهم رزق معلوم فيه قولان : أحدهما حين يشتهونه ، قال مقاتل : الثاني بمقدار الغداة و العشي قاله ابن السائب .

قال اللّه تعالى و لهم رزقهم فيها بكرة و عشياً

قال العلماء : ليس في الجنة ليل و لا نهار و إنما هم في نور أبداً ، و إنما يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب و إغلاق الأبواب ، و يعرفون مقدار النهار برفع الحجب و فتح الأبواب ، ذكره أبو الفرج بن الجوزي .

و خرج أبو عبد اللّه الترمذي في نوادر الأصول له من حديث أبان عن الحسن و أبي قلابة

قال : قال رجل يا رسول اللّه : هل في الجنة من ليل ؟

قال : و ما هيجك على هذا ؟

قال : سمعت اللّه تعالى يقول في الكتاب و لهم رزقهم فيها بكرة و عشياً ف

قلت : الليل بين البكرة و العشي ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم : ليس هناك ليل إنما هو ضوء و نور الغدو على الرواح و الرواح على الغدو ، و يأتيهم طرف الهدايا لمواقيت الصلاة التي كانوا يصلون فيها و تسلم عليهم الملائكة . قوله تعالى ذكره : فواكه جمع فاكهة

قال اللّه تعالى و أمددناهم بفاكهة و لحم مما يشتهون و هي الثمار كلها رطبها و يابسها . قاله ابن عباس ، و قال مجاهد في قوله تعالى ودانية عليهم ظلالها يعني ظلال الشجر و ذللت قطوفها تذليلا أي ذللت ثمارها يتناولن منها كيف شاءوا . إن قام ارتفعت بقدره ، و إن قعد تدلت إليه ، و إن اضطجع تدلت إليه حتى يتناولها .

و ذكر ابن المبارك

قال : أخبرنا شريك عن أبي إسحاق عن البراء و دانية عليهم ظلالها و ذللت قطوفها تذليلاً

قال : أهل الجنة يأكلون الثمار من الشجر كيف شاءوا جلوساً و مضطجعين و كيف شاءوا ؟ واحد القطوف قطف بكسر القاف .

و ذكر ابن وهب

قال : أخبرنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم أن رسول اللّه : إن خلق أهل الجنة إذا دخلوا الجنة ستون ذراعاً كالنخلة السحوق يأكلون من ثمار الجنة قياماً .

و ذكر يحيى بن سلام ، عن عثمان ، عن نعيم بن عبد اللّه ، عن أبي هريرة

قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و الذي نفسي بيده إن الجنة ليتناولون من قطوفها و هم متكئون على فراشهم فما تصل إلى في أحدهم حتى يبدل مكانها أخرى . قوله تعالى يطاف عليهم بصحاف من ذهب و أكواب .

روي عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم أنه

قال : إن أدنى الجنة منزلة الذي يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم بيد كل خادم صحفتان واحدة ذهب و الأخرى فضة كل واحدة لون لا يشبه الأخرى ذكره القتبي في عيون الأخبار . و قال المفسرون : يطوف على أدناهم منزلة سبعين ألف غلام بسبعين ألف صحفة من ذهب يفدى عليه بها في كل واحدة منها لون ليس في صاحبتها ، يأكل من آخرها كما يأكل من أولها ، و يجد طعم آخرها كما يجد طعم أولها لا يشبه بعضه بعضاً و يراع عليه بمثلها ، و يطوف على أرفعهم درجة كل يوم سبعمائة ألف غلام مع كل غلام صحفة من ذهب فيها ألوان الطعام ليس في صاحبتها يأكل من آخرها كما يأكل من أولها ، و يجد طعم آخرها كما يجد طعم أولها لا يشبه بعضه بعضاً و أكواب ، أي : و يطاف عليهم بأكواب كما

قال تعالى و يطاف عليهم بآنية من فضة و أكواب قال قتادة : الكوب : المدور القصير العتق القصير العروة ، و الإبريق المستطيل الطويل العنق الطويل العروة .

و قال ابن عزيزة : أكواب : أباريق لا عرى لها و لا خراطيم واحدها كوب ، قاله الأخفش و قطرب ، و قال الجوهري في الصحاح : الكوب كوز لا عروة له ، و نحوه قوله مجاهد و السدي و هو مذهب أهل اللغة : التي لا آذان لها و لا عرى كانت قواريرا * قوارير من فضة أي اجتمع فيها صفاء القوارير في بياض الفضة و ذلك أن لكل قوم من تراب أرضهم قوارير ،

قال : و إن تراب الجنة فضة فهي قوارير من فضة ، قاله ابن عباس ، و

قال : هي في صفاء الفضة ، و في ذلك دليل على أن أرض الجنة من فضة ، إذ المعهود الدنيا اتخاذ الآنية من الأرض يرى باطنها من ظاهرها و ظاهرها من باطنها كالقوارير يرى الشراب من جدر القوارير و هذا لا يكون في فضة الدنيا قدروها تقديراً أي في أنفسهم فأتتهم على نحو ما قدروا و اشتهوا من صغار و كبار و أوساط هذا تفسير قتادة .

و قال ابن عباس و مجاهد : أتوا بها على قدر رتبهم بغير زيادة و لا نقصان ، و المعنى قدرتها الملائكة التي تطوف عليهم و يسقون فيها كأساً أي من كأس كما قال ، في الآية الأخرى : إن الأبرار يشربون من كأس يعني الخمر ، قال يطاف عليهم بكأس من معين أي من خمر ، و المعين : الماء الجاري الظاهر لا فيها غول ، أي لا تغتال عقولهم و لا يصيبهم منها صداع و لا هم عنها ينزفون أي لا تذهب عقولهم بشربها ،

يقال : الخمر غول للحليم ، و الحرب غول للنفوس . أي تذهب بها . و قرأ حمزة و الكسائي : ينزفون بكسر الزاي من أنزف القوم إذا حان منهم النزف و هو السكر ، كما

يقال : أحصد الزرع إذا حان حصاده و أقطف الكرام إذا حان قطافه ، و أركب المهر إذا حان ركوبه ،

و قيل : المعنى لا ينفذون شرابهم لأنه دأبهم ، و الكأس عند أهل اللغة اسم شامل لكل إناء مع شرابه فإن كان فارغاً فليس بكأس كان مزاجها كافوراً قال الكلبي كافوراً عيناً في الجنة يشرب بها أي منها و قيل الباء زائدة و المعنى : يشربها و منه تنبت بالدهن أي تبنت الدهن و قال كان مزاجها زنجبيلاً و كانت العرب تنستطيب الزنجبيل و تضرب به المثل و بالخمر ممزوجين ، فخاطبهم اللّه بما كانوا عارفين و يستحبون كأنه يقول : لكم في الآخرة مثل ما تستحبون في الدنيا إن آمنتم عيناً فيها تسمى سلسبيلاً السلسبيل اسم العين ، و السلسبيل في اللغة صفة لما كان غاية في السلاسة ، و

قال تعالى يسقون من رحيق يعني الشراب و هي الخمر مختوم * ختامه مسك

قال مجاهد : يختم به آخر جرعة ،

و قيل : المعنى إذا شربوا هذا الرحيق ففنى ما في الكأس و انقطع الختم ذلك بطعم المسك .

و قال عبد اللّه بن مسعود في قوله تعالى ختامه مسك خلطه ليس بخاتم يختم . ألم تر إلى قول المرأة من نسائكم خلطه من الطيب كذا و كذا إنما خلطه مسك ليس بخاتم يختم . ذكره ابن المبارك و ابن وهب و اللفظ لابن وهب

و ذكر ابن المبارك عن أبي الدرداء ختامه مسك

قال : شراب أبيض مثل الفضة يختمون به آخر شربتهم . لو أن رجلاً من أهل الدنيا أدخل يده ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد ريح طيبها . و في ذلك فليتنافس المتنافسون أي في الدنيا بالأعمال الصالحة ، قال و مزاجه من تسنيم أي و مزاج ذلك الشراب عيناً يشرب بها المقربون قال قتادة : يشرب بها المقربون صرفا و تمزج لسائر أهل الجنة ، و تسنيم أشرف شراب في الجنة ، و أصل التسنيم في اللغة الارتفاع فهي عين ماء تجري من علو إلى أسفل و منه سنام البعير لعلوه من بدنه ، و كذلك تسنيم القبور و قد تسنم العيون و المياه فتشرف عليهم تجري من أعلى العرش يحقق ذلك ما رواه أبو مقاتل عن صالح ابن سعيد عن أبي سهل عن الحسن بن علي ،

قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم : أربع عيون في الجنة عينان تجريان من تحت العرش إحداهما التي ذكرها اللّه يفجرونها تفجيراً و الأخرى نضاختان من فوق العرش إحداهما التي ذكرها اللّه سلسبيلا و الأخرى التنسيم . ذكره الترمذي الحكيم في نوادر الأصول في الأصل التاسع و الثمانين و

قال : التنسيم للمعذبين خاصة شرباً لهم . و الكافور للأبرار شرباً لهم . و الكافور للأبرار شرباً لهم و الكافور يمزج للأبرار من التنسيم شرابهم ،

وإما الزنجبيل و السلسبيل فللأبرار منها مزاج . هكذا ذكره في التنزيل و سكت عن ذلك لمن هي له شرب فما كان للأبرار مزاجاً فهو للمقربين صرفاً ، و ما كان للأبرار صرفاً فهو لسائر أهل الجنة مزاجاً .

و الأبرار هم الصادقون . و المقربون هم الصديقون .

قال الحسن : خمر الجنة أشد بياضاً من اللبن و أحلى من العسل . و في التنزيل بكأس من معين * بيضاء لذة للشاربين أي لذيذة يقال شراب لذيذ إذا كان طيباً . قوله تعالى : و عندهم قاصرات الطرف أي نساء قد قصرن طرفهن على أزواجهن فلا ينظرون إلى غيرهم . قال ابن زيد : إن المرأة منهن لتقول لزوجها : و عزة ربي ما أرى في الجنة شيئاً أحسن منك . و عين : عظام العيون الواحدة منهن عيناء كأنهن بيض مكنون أي مصون .

و

قال الحسن و ابن زيد شبههن ببيض تكنه النعامة بالريش من الريح و الغبار فلونه أبيض في صفرة و هو أحسن ألوان النساء . و قيل المراد بالبيض : اللؤلؤ كقوله و حور عين * كأمثال اللؤلؤ المكنون أي في أصدافه . و قال فيهن خيرات حسان يعني النساء . الواحدة خيرة و أصله خيرات فخفف كهين و لين .

ابن المبارك

قال : أنبأ الأوزاعي عن حسان بن عطية ، عن سعيد بن أبي عامر

قال : لو أن خيرة من خيرات حسان اطلعت من السماء لأضاءت لها ، و لقهر ضوء وجهها الشمس و القمر ، و لنصيف تكساه خيرة خير من الدنيا و ما فيها . النصيف : القناع

و قوله : حسان أي حسان الخلق . و إذا

قال تعالى حسان فمن يقدر أن يصف حسنهن حور أي بيض مقصورات أي محبوسات في الخيام جمع خيثمة . و قد تقدم صفتها .

و قال ابن عباس : الخيمة درة مجوفة فرسخ في مثله لها أربع آلاف مصراع من ذهب . ذكره ابن المبارك : أنبأنا همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس .

و ذكر عن أبي الدرداء

قال : الخيمة لؤلؤة واحدة لها سبعون باباً كلها در .

و عن أبي الأحوص حور مقصورات في الخيام

قال : الدر المجوف .

و قال الترمذي الحكيم في قوله تعالى : حور مقصورات في الخيام

قال : بلغنا في الرواية أن سحابة مطرت من العرش فخلقن من قطرات الرحمة ، ثم ضرب على كل واحدة خيمة على شاطئ الأنهار لسعتها أربعون ميلاً ، و ليس لها في ذلك باب حتى إذا حل ولي اللّه بالجنة انصدعت الخيمة عن باب ليعلم ولي اللّه أن أبصار المخلوقين من الملائكة و الخدم لم تأخذها ، فهي مقصورة قد قصر بها عن أبصار المخلوقين ، و ذكر الدار قطني في كتاب المديح عن المعتمر بن سليمان

قال : إن في الجنة نهراً ينبت الجواري الأبكار . و الرفرف : المجالس قاله قتادة ،

و قيل : فضول المجالس . و قال أبو عبيد : الرفرف : العرش .

و قال الترمذي الحكيم : إن الرفرف شيء إذا استوى عليه صاحبه رفرف و أهوى به كالمرجاح يميناً و شمالاً و رفعاً و خفضاً يتلذذ به مع أنيسته ، فإذا ركبوا الرفارف أخذ إسرافيل في السماع ، فيروي في الخبر أنه ليس أحد من خلق اللّه أحسن صوتاً من إسرافيل ، فإذا أخذ في السماع قطع على أهل سبع سموات صلاتهم و تسبيحاتهم ، فإذا ركبوا الرفارف أخذ إسرافيل في السماع بأنواع الأغاني تسبيحاً و تقديساً للملك القدوس ، فلم تبق شجرة في الجنة إلا وردت ، و لم يبق ستر و لا باب إلا ارتج و انفتح ، و لم تبق حلقة على باب إلا طنت بأنواع طنينها ، و لم يبق أجمة من آجام الذهب إلا وقع أهبوب الصوت في مقاصبها ، فزمرت تلك المقاصب بفنون الزمر ، و لم تبق جارية من جوار الحور العين إلا غنت بأغانيها و الطير بألحانها ، و يوحي اللّه تبارك و تعالى إلى الملائكة أن جاوبوهم و أسمعوا عبادي الذي نزهوا أسماعهم عن مزامير الشيطان فيجاوبون بألحان و أصوات روحانية ، فتختلط هذه الأصوات فتصير رجة واحدة ، ثم يقول اللّه عز و جل ذكره : يا داود قم عند ساق العرش تجدني ، فيندفع داود بتمجيد ربه بصوت يعم الأصوات و يجليها و تتضاعف اللذة ، و أهل الخيام من تلك الرفارف تهوي بهم و قد حفت بهم أفانين اللذات و الأغاني ، فذلك قوله تعالى فهم في روضة يحبرون .

و عن يحيى بن أبي كثير في قوله تعالى فهم في روضة يحبرون

قال : الروضة اللذات و السماع ، قوله تعالى و عبقري حسان العبقري الفرش له . قال ابن عباس : الواحدة عبقري و هي النمارق أيضاً في قوله تعالى و نمارق مصفوفة و الزرابي البسط مبثوثة ، معناه : مبسوطة و قيل منسوجة بالدر و الياقوت ، وقوله تعالى : و أصحاب اليمين ما أصحاب اليمين يعني أهل الجنة من غير السابقين و أهل الجنة كلهم أصحاب يمين في سدر مخضود و هو الذي نزع شوكه و قد تقدم و طلح منضود أي بعضه على بعض . و قال المفسرون : الطلح شجر الموز ها هنا و هو عند العرب شجر حسن اللون لخضرته ، و إنما خص بالذكر لأن قريشاً كانوا يتعجبون من خضرته و كثرة ظلاله من طلح و سدر ، فخوطبوا و وعدوا لما يحبون مثله ، قاله مجاهد و غيره ، قوله تعالى و لهم فيها أزواج مطهرة

قال مجاهد : مطهرة من البول و الغائط و الحيض و النخام و البصاق و المني و الولد ، ذكره ابن المبارك .

أنبأنا ابن جريج ، عن مجاهد فذكره و هم فيها خالدون أي باقون لا خروج لهم منها ، و قد تقدم .

و قال مجاهد أيضاً في قوله تعالى على سرر متقابلين

قال : لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض تواصلاً و تحابياً ،

و قيل : الأسرة تدور كيف شاءوا فلا يرى أحد قفا أحد .

و قال ابن عباس : على سرر مكللة بالدر و الياقوت و الزبرجد ، السرير منها ما بين صنعاء إلى الجابية و ما بين عدن إلى أيلة ،

و قيل : تدور بأهل المنزل الواحد ، و اللّه أعلم .