باب رؤية أهل الجنة للّه تعالى أحب إليهم مما هم فيه و أقر لأعينهم مسلم عن صهيب ، عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة قال اللّه تبارك و تعالى لهم : أتريدون شيئاً أزيدكم ، فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ، ألم تدخلنا الجنة و تنجينا من النار ، قال : فيكشف لهم الحجاب ، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز و جل ، و في رواية هذه الآية للذين أحسنوا الحسنى و زيادة . و خرج النسائي عن صهيب قال : قيل لرسول اللّه هذه الآية للذين أحسنوا الحسنى و زيادة قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة ، و أهل النار النار ، ينادي مناد : يا أهل الجنة إن لكم عند اللّه موعداً يريد أن ينجزكموه ، فقالوا : لم تبيض وجوهنا و تثقل موازيننا و تجرنا من النار . قال : فيكش الحجاب فينظروا إليه فو اللّه ما أعطاهم اللّه شيئاً أحب إليهم من النظر إلى وجه اللّه و لا أقر لأعينهم . و خرجه أبو داود الطيالسي أيضاً . قال : حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال : تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم هذه الآية للذين أحسنوا الحسنى و زيادة قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد : يا أهل الجنة إن لكم عند اللّه تعالى موعداً فيقولون : ما هو أليس قد بيض وجوهنا و ثقل موازيننا و أدخلنا الجنة ؟ فيقال لهم ثلاثاً ، فيتجلى لهم الرب تبارك و تعالى فينظرون إليه فيكون ذلك عندهم أعظم مما أعطوا . أخبرنا الشيخ الراوية : أبو محمد عبد الوهاب قرأ عليه بثغر الاسكندرية حماه اللّه قرئ على الحافظ السلفي و أنا أسمع قال : أخبرنا الحاجب أبو الحسن بن العلاف ، حدثنا أبو القاسم بن بشران ، حدثنا أبو بكر الآجري ، حدثنا أبو بكر عبد اللّه بن محمد بن عبد الحميد الواسطي ، حدثنا عبد الوهاب بن عبد الحكم الوراق النيسابوري ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم : إن أهل الجنة إذا دخلوا الجنة نودوا أن يا أهل الجنة إن لكم عند اللّه موعداً لم تروه قالوا : و ما هو ألم يبيض وجوهنا و يزحزحنا عن النار و يدخلنا الجنة ؟ قال : فيكشف الحجاب فينظرون إليه فو اللّه ما أعطاهم اللّه شيئاً هو أحب إليهم منه ، ثم تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم للذين أحسنوا الحسنى و زيادة . و كذا أخرجه الإمام أحمد بن حنبل و الحارث ابن أبي أسامة ، عن يزيد بن هارون . و انفرد مسلم بإخراجه فرواه عن أبي بكر ابن أبي شيبة عن يزيد بن هارون ، و رواه نوح ابن أبي مريم عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال : سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم عن هذه الآية للذين أحسنوا الحسنى و زيادة فقال للذين أحسنوا العمل في الدنيا الحسنى و هي الجنة قال : و الزيادة النظر إلى وجهه الكريم . فأخطأ فيه خطأ بيناً و وهم وهماً قبيحاً . و ذكر ابن المبارك . قال : أخبرنا أبو بكر الهلالي الهجيمي قال : سمعت أبا موسى الأشعري على منبر البصرة يقول : إن اللّه يبعث يوم القيامة ملكاً إلى أهل الجنة فيقول هل أنجزكم اللّه ما وعدكم فينظرون فيرون الحلى و الحلل و الثمار و الأنهار و الأزواج المطهرة ، فيقولون نعم أنجزنا اللّه ما وعدنا ، فيقول الملك : هل أنجزكم ما وعدكم ثلاث مرات فلا يفقدون شيئاً مما وعدوا . فيقولون : نعم فيقول : بقي لكم شيء إن اللّه تعالى يقول للذين أحسنوا الحسنى و زيادة ألا إن الحسنى الجنة و الزيادة النظر إلى اللّه تعالى . فصل : ما رواه النسائي مرفوعاً ، و كذلك أبو داود الطيالسي ، و أسنداه عن الآجرى ، و ذكره ابن المبارك موقوفاً يبين حديث مسلم ، و أن المعنى بقوله : قال اللّه تعالى : قال ملك اللّه : تريدون شيئاً أزيدكم أن يزيدكم . و قوله : فيكشف الحجاب : معناه أنه يرفع الموانع من الإدراك عن أبصارهم حتى يروه على ما هو عليه من نعوت العظمة و الجلال و البهاء و الكمال و الرفعة و الجمال لا إله إلا هو سبحانه عما يقول الزائفون و المبطلون ، فذكر الحجاب إنما هو في حق المخلوق لا في حق الخالق ، فهم المحجوبون ، و الباري جل اسمه و تقدست أسماؤه منزلة عما يحجبه ، إذ الحجب إنما يحيط بمقدر محسوس و ذلك من نعوتنا ، و لكن حجبه عن أبصار خلقه ، و بصائرهم . و إدراكاتهم بما شاء و كيف شاء . و روي في صحيح الأحاديث ، أن اللّه تعالى إذا تجلى لعباده و رفع الحجب عن أعينهم فإذا رأوه تدفقت الأنهار و اصطفت الأشجار ، و تجاوبت السرر و الغرفات بالصرير و الأعين المتدفقات بالخرير و استرسلت الريح المثيرة ، و ثبت في الدور و القصور المسك الأذفر و الكافور و غردت الطيور و أشرقت الحور العين . ذكره أبو المعالي في كتاب الرد له على السجزي ، و قال : و كل ذلك بقضاء اللّه و قدره و إن لم يكن منها شيء عن الرؤية و النظر ، و لكن اللّه تعالى يعرف بما شاء ما شاء من آيات عظمته و دلالات هيبته و ذلك بمثابة تدكدك الجبل الذي تجلى اللّه له و ترضرضه حتى صار رملاً هائلاً سائلاً و اللّه أعلم . |