Geri

   

 

 

İleri

 

باب منه : و في بيان قوله تعالى : فلا اقتحم العقبة و في ساحل جهنم و وعيد من يؤذي المؤمنين

ابن المبارك ،

قال : أخبرنا رجل عن منصور ، عن مجاهد ، عن يزيد بن شجرة ،

قال : و كان معاوية بعثه على الجيوش ، فلقي عدواً فرأى أصحابه فشلاً فجمعهم فحمد اللّه و أثنى عليه ثم

قال :

أما بعد ، اذكروا نعمة اللّه عليكم و ذكر الحديث . و فيه : فإنكم ككتوبون عند اللّه بأسمائكم و سماتكم ، فإذا كان يوم القيامة قيل : يا فلان ها نورك ، يا فلان لا نور لك ، إن لجهنم ساحلاً كساحل البحر فيه هوام و حيات كالبخت ، و عقارب كا لبغال الدهم ، فإذا استغاث أهل النار قالوا : الساحل ! فإذا ألقوا فيه سلطت عليهم تلك الهوام فتأخذ شفار أعينهم و شفاههم و ما شاء اللّه منهم ، تكشطها كشطاً ، فيقولون : النار ، النار ! فإذا ألقوا فيها سلط اللّه عليهم الجرب فيحك أحدهم جسده حتى يبدو عظمه ، و إن جلد أحدهم لأربعون ذراعاً ،

قال :

يقال : يا فلان ، هل تجد هذا يؤذيك ؟ فيقول : و أي شيء أشد من هذا ؟ في

قال : هذا بما كنت تؤذي المؤمنين .

قال ابن المبارك : و أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن عمار الدهمني أنه حدثه ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري

قال : إن صعوداً . صخرة في جهنم ، إذا وضعوا أيديهم عليها ذابت ، فإذا رفعوها عادت ، اقتحامها فك رقبة * أو إطعام في يوم ذي مسغبة .

و قال ابن عمرو ابن عباس . هذه العقبة جبل في جهنم .

و قال محمد بن كعب ، و كعب الأحبار . هي سبعون درجة في جهنم . و

قال الحسن و قتادة : هي عقبة شديدة صعبة في النار دون الجسر ، فاقتحموها بطاعة اللّه عز و جل .

و قال مجاهد و الضحاك و الكلبي : هي الصراط ،

و قيل : النار نفسها .

و قال الكلبي أيضاً : هي جبل بين الجنة و النار ، يقول : فلأجاور هذه العقبة بعمل صالح ، ثم بين اقتحامها بما يكون فقال فك رقبة الآية .

و قال ابن زيد و جماعة من المفسرين : معنى الكلام الاستفهام ، تقديره : أفلا اقتحم العقبة ، يقول : هلاً أنفق ماله في فك الرقاب ، و إطعام السغبان ليجاوز به العقبة ، فيكون خيراً له من إنفاقه في المعاصي ؟ .

و قيل : معنى الكلام التمثيل و التشبيه ، فشبه عظم الذنوب و ثقلها بعقبة ، فإذا أعتق رقبة و عمل صالحاً كان مثله كمثل من اقتحم العقبة ، و هي الذنوب التي تضره و تؤذيه و تثقله ، فإذا أزالها بالأعمال الصالحة و التوبة الخالصة ، كان كمن اقتحم عقبة يستوي عليها و يجوزها .

قلت : هذا حديث حسن .

قال الحسن : هي و اللّه عقبة شديدة ، مجاهدة الإنسان نفسه و هواء وعدوه الشيطان ، و أنشد بعضهم :

إني بليت بأربع يرمينني بالنبل قد نصبوا علي شراكاً

إبليس و الدنيا و نفسي و الهوى من أين أرجو بينهن فكاكا

يا رب ساعدني بعفو إنني أصبحت لا أرجو لهن سواكا

و أنشد غيره أيضاً في معنى ذلك :

إني بليت بأربع يرمينني بالنبل عن قوس لها توتير

إبليس و الدنيا و نفسي و الهوى يا رب أنت على الخلاص قدير

و قال آخر :

إني بليت بأربع ما سلطوا إلا لعظم بليتي و شقائي

إبليس و الدنيا ونفسي و الهوى كيف الخلاص و كلهم أعدائي

قلت :

قال : فمن أطاع مولاه و جاهد نفسه و هواه ، و خالف شيطانه و دنياه ، كانت الجنة نزله و مأواه ، و ممن تمادى في غيه و طغيانه و أرخى في الدنيا زمام عصيانه ، و وافق نفسه و هواه في مناه و لذاته و أطاع شيطانه في جمع شهواته كانت النار أولى به ،

قال اللّه تعالى : فأما من طغى * و آثر الحياة الدنيا * فإن الجحيم هي المأوى *

وإما من خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى .

و معنى فلا اقتحم العقبة : أي لم يقتحم العقبة ، و هذا خبر أي أنه لم يفعل ، و العرب تقول : لا فعل بمعنى لم يفعل . قال زهير .

و كان طوى كشحاً على سكينة فلا هوى أبداها و لم يتقدم

أي فلم يبدها .

ثم

قال : و ما أدراك ما العقبة * فك رقبة ، يقول للنبي صلّى اللّه عليه و سلم : أي لم تكن تدريها حتى أعلمتك ما العقبة : فك رقبة : أي عتق رقبة من الرق أو إطعام في يوم ذي مسغبة مجاعة ، يتيماً ذا مقربة : أي قرابة . أو مسكيناً ذا متربة : يعني به اللاصق بالتراب من الحاجة . في تفسير الحسن .

و قال سفيان بن عيينة : كل شيء قال فيه و ما أدراك ، فإنه أخبره به ، و كل شيء قال فيه و ما يدريك فإنه لم يخبره به .

و خرج الطبراني أبو القاسم سلمان بن أحمد في كتاب مكارم الأخلاق عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه

قال : لأن أجمع أناساً من أصحابي على صاع من طعام أحب إلي أن أخرج إلى السوق فأشترى نسمة فأعتقها .