Geri

   

 

 

İleri

 

باب في قوله تعالى و وضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه الآية

ابن المبارك

قال : أخبرنا الحكم و أبو الحكم ـ شك ـ نعيم ، عن إسماعيل بن عبد الرحمن ، عن رجل من بني أسد

قال : قال عمر لكعب : و يحك يا كعب حدثنا من حديث الآخرة قال نعيم : يا أمير المؤمنين إذا كان يوم القيامة رفع اللوح المحفوظ فلم يبق أحد من الخلائق إلا و هو ينظر إلى عمله قال ، ثم يؤتى بالصحف التي فيها أعمال العباد فتنشر حول العرش و ذلك قوله تعالى ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها قال الأسدي : الصغيرة ما دون الشرك و الكبيرة الشرك [ إلا أحصاها ] قال كعب : ثم يدعى المؤمن فيعطى كتابه بيمينه فينظر فيه فحسناته باديات للناس و هو يقرأ سيئاته فذكر معنى ما تقدم ، و كان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية يقول : يا ويلتنا ضجوا إلى اللّه من الصغائر قبل الكبائر . قال ابن عباس رضي اللّه عنه : الصغيرة التبسم و الكبيرة الضحك بعني ما كان من ذلك في معصية اللّه .

و قد روي أن النبي صلّى اللّه عليه و سلم ضرب بصغائر الذنوب مثلاً ف

قال : إنما محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بفلاة من الأرض و حضر صنيع القوم فانطلق كل رجل منهم يحتطب فجعل الرجل يجيء بالعود و الآخر بالعودين ، حتى جمعوا سواداً و أججوا ناراً فشووا خبزهم ، و أن الذنب الصغير يجتمع على صاحبه فيهلكه إلا أن يغفر اللّه ، و اتقوا محقرات الذنوب فإن لها من اللّه طالباً .

أنبأنا الشيخان أبو محمد عبد الوهاب القرشي و الإمام أبو الحسن الشافعي قالا : أخبرنا السلفي

قال : أخبرنا الثقفي ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن مخمش الزيادي إملاء بنيسابور

قال : أخبرنا حاجب بن أحمد الطوسي

قال : أخبرنا محمد بن حماد الأبيوردي

قال : أخبرنا أنس بن عياض الليثي ، عن أبي حازم لا أعلمه إلا عن سهل بن سعد رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم

قال : إياكم و محقرات الذنوب فإن مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود و جاء ذا بعود حتى جمعوا ما أنضجوا به خبزهم ، و إن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه غريب من حديث أبي حازم سلمة بن دينار تفرد به عنه أبو ضمرة أنس بن عياض الليثي ، و لقد أحسن القائل :

خل الذنوب صغيرها و كبيرها ها ذاك التقي

واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى

لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى

و قال جماعة من العلماء : إن الذنوب كلها كبائر ، قال بعضهم : لا تنظر إلى صغر الذنب ، و لكن انظر من عصيت فهي من حيث المخالفة كبائر ، و الصحيح أن فيها صغائر و كبائر ليس هذا موضع الكلام في ذلك ، و قد بيناه في سورة النساء في كتاب جامع أحكام القرآن و اللّه أعلم .