باب ما ينجي من أهوال يوم القيامة و من كربها مسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس اللّه عنه كربة من كرب يوم القيامة ذكر الحديث . و خرج الترمذي الحكيم في نوادر الأصول قال : حدثنا أبي رحمه اللّه قال : حدثنا عبد اللّه بن نافع قال : حدثني ابن أبي فديك عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه ، عن سعيد بن المسيب ، عن عبد الرحمن بن سمرة رضي اللّه عنه قال : خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم ذات يوم و نحن في مسجد المدينة فقال إني رأيت البارحة عجباً رأيت رجلاً من أمتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالديه فرد عنه ، و رأيت رجلاً من أمتي قد بسط عليه عذاب القبر فجاءه وضوؤه فاستنقذه من ذلك ، و رأيت رجلاً من أمتي قد احتوشته الشياطين فجاءه ذكر اللّه فخلصه من بينهم ، و رأيت رجلاً من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم ، و رأيت رجلاً من أمتي يلهث عطشاً كلما ورد حوضاً منع منه فجاءه صيامه فسقاه و أرواه ، و رأيت رجلاً من أمتي و النبيون قعود حلقاً حلقاً كلما دنا لحلقة طردوه ، فجاء اغتساله من الجنابة فأخذ بيده و أقعده بجنبي ، و رأيت رجلاً من أمتي من بين يديه ظلمة و من خلفه ظلمة و عن يمينه ظلمة و عن شماله ظلمة و من فوقه ظلمة و من تحته ظلمة فهو متحير فيها ، فجاءته حجته و عمرته فاستخرجاه من الظلمة و أدخلاه في النور ، و رأيت رجلاً من أمتي يكلم المؤمنين فلا يكلمونه فجاءته صلة الرحم ، فقالت يا معشر المؤمنين كلموه فكلموه ، و رأيت رجلاً من أمتي يتقي شرر النار و وهجها بيده عن وجهه فجاءته صدقته فصارت ستراً على وجهه و ظلا على رأسه ، و رأيت رجلاً من أمتي قد أخذته الزبانية من كل مكان فجاءه أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر فاستنفذه من أيديهم و أدخلاه مع ملائكة الرحمة ، و رأيت رجلاً من أمتي جانباً على ركبتيه بينه و بين اللّه حجاب فجاءه حسن خلقه فأخذ بيده فأدخله على اللّه ، و رأيت رجلاً من أمتي قد هوت صحيفة من قبل شماله فجاءه خوفه من اللّه تعالى فأخذ صحيفته فجعلها في يمينه ، و رأيت رجلاً من أمتي قد خف ميزانه فجاءته أفراطه فثقلوا ميزانه ، و رأيت رجلاً من أمتي قائماً على شفير جهنم فجاءه و جله من اللّه فاستنقذه من ذلك و مضى ، و رأيت رجلاً من أمتي هوى في النار فجاءته دموعه التي بكى من خشية اللّه في الدنيا فاستخرجته من النار ، و رأيت رجلاً من أمتي قائماً على الصراط يرعد كما ترعد السعفة فجاءه حسن ظنه باللّه فسكن رعده و مضى ، و رأيت رجلاً من أمتي على الصراط ، و رأيت رجلاً من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة فغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة أن لا إله إلا اللّه ففتحت له الأبواب و أدخلته الجنة . قلت : هذا حديث عظيم ذكر فيه أعمالاً خاصة تنجي من أهوال خاصة و اللّه أعلم . و قد ينجي منها كلها ما ثبت في صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء إلا أنه كان يخالط الناس و كان موسراً فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر قال : قال اللّه عز و جل أنا أحق بذلك منك تجاوزوا عن عبدي . و خرج عن حذيفة عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم أن رجلاً مات فدخل الجنة ، فقيل له ما كنت تعمل ؟ ف قال : إني كنت أبايع الناس ، فكنت أنظر المعسر و أتجاوز في السكة أو في النقد فغفر له فقال له المسعود رضي اللّه عنه : و أنا سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم . رواه مسلم من طرق ، و خرجه البخاري . و روى مسلم عن أبي قتادة رضي اللّه عنه أنه طلب غريماً له فتوارى عنه ، ثم وجده ف قال : إني معسر . قال اللّه فقال اللّه . قال : فإني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم : من سره أن ينجيه اللّه من كرب يوم القيامة فلينس عن معسر أو يضع عنه . و عن أبي اليسر و اسمه كعب بن عمرو رضي اللّه عنه أن سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقول : من أنظر معسراً أو وضع عنه أظله اللّه في ظله خرجه مسلم . و قال أنس بن مالك رضي اللّه عنه : من أنظر مديوناً فله بكل يوم عند اللّه وزن أحد ما لم يطلبه . و روى الأئمة عن أبي هريرة رضي اللّه عنه ، عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم قال : سبعة يظلهم اللّه في ظله يوم لا ظل إلا ظله : الإمام العادل ، و شاب نشأ في عبادة اللّه ، و رجل قلبه معلق بالمساجد و رجلان تحابا في اللّه اجتمعا عليه و تفرقا عليه ، و رجل دعته امرأة ذات منصب و جمال ف قال : إني أخاف اللّه ، و رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، و رجل ذكر اللّه خالياً ففاضت عيناه : معنى في ظله أي في ظل عرشه و قد جاء هكذا تفسيراً في الحديث . و روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال : حدثنا أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم : من أشبع جائعاً و كسا عرياناً و آوى مسافراً أعاذه اللّه من أهوال يوم القيامة . و خرج الطبراني سليمان بن أحمد عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم : من لقم أخاه لقمة صرف اللّه عنه مرارة الموقف يوم القيامة . و في التنزيل تحقيقاً لهذا الباب ، و جامعاً له قوله الحق يوفون بالنذر إلى قوله فوقاهم اللّه شر ذلك اليوم مع قوله إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً مع قوله في غير موضع بعد ذكر الأعمال الصالحة فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون . |