Geri

   

 

 

İleri

 

باب ما جاء في عذاب القبر و أنه حق و في اختلاف عذاب الكافرين و في قبورهم و ضيقها عليهم

قال اللّه تعالى : و من أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً

قال أبو سعيد الخدري و عبد اللّه بن مسعود : ضنكاً .

قال : عذاب القبر . و قيل في قوله عز و جل : و إن للذين ظلموا عذاباً دون ذلك هو : عذاب القبر لأن اللّه ذكره عقب قوله فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون و هذا اليوم هو اليوم الآخر من أيام الدنيا ، فدل على أن العذاب الذي هم فيه هو عذاب القبر و كذلك

قال : و لكن أكثرهم لا يعلمون لأنه غيب . و

قال : و حاق بآل فرعون سوء العذاب * النار يعرضون عليها غدواً و عشياً فهذا عذاب القبر في البرزخ و سيأـي . و قال ابن عباس فس قوله تعالى : كلا سوف تعلمون ما ينزل فيكم من العذاب في القبر ثم كلا سوف تعلمون : في الآخرة إذا حل بكم العذاب فالأول في القبر ، و الثاني في الآخرة فالتكرير للحالتين .

و روى زر بن حبيش عن علي رضي اللّه عنه قال كنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت هذه السورة ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر * كلا سوف تعلمون يعني في القبور . و قال أبو هريرة : يضيق على الكافر قبره حتى تختلف فيهأضلاعه ، و هو المعيشة الضنك .

و روى أبي هريرة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم

قال : أتدرون فيمن نزلت هذه الآية ؟ فإن له معيشة ضنكاً و نحشره يوم القيامة أعمى أتدرون ما المعيشة الضنك ؟ قالوا : اللّه و رسوله أعلم .

قال : عذاب الكافر في القبر ، و الذي نفسي بيده إنه ليسلط عليه تسعة و تسعون تنيناً . أتدرون ما التنين ؟ تسعة و تسعون حية لكل حية تسعة أرؤس ينفخن في جسمه ، و يلسعنه و يخدشنه إلى يوم القيامة و يحشر من قبره إلى موقفه أعمى .

و ذكر أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري

قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقول : يسلط على الكافر في قبره تسعة و تسعون تنيناً تنهشه و تلدغه حتى تقوم الساعة و لو أن واحداً منها نفخ في الأرض ما أنبتت خضراً و في حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص موقوفاً : ثم يؤمر به يعني الكافر فيضيق عليه قبره و يرسل عليه حيات كأمثال أعناق البخت فتأكل لحمه حتى لا تذر على عظمه لحماً و ترسل عليه ملائكة صم عمي يضربونه بفطاطيس الحديث و قد تقدم .

فصل : لا تظن ـ رحمك اللّه ـ أن هذا معارض للحديث المرفوع : أنه يسلط على الكافر أعمى أصم فإن أحوال الكفار تختلف . فمنهم من يتولى عقوبته واحد . و منهم من يتولى عقوبته جماعة . و كذلك لا تناقض بين هذا و بين أكل الحيات لحمه ، فإنه يمكن أن يتردد بين هذين العذابين كما

قال تعالى : هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون * يطوفون بينها و بين حميم آن فمرة يطعمون الزقوم ، و أخرى يسقون الحميم و مرة يعرضون على النار ، و أخرى على الزمهرير . أجارنا اللّه من عذاب القبر ، و من عذاب النار برحمته و كرامته . و آخر يفرش له لوحان من نار . و آخر يقال له : نم نومة المنهوس . كما

أخرجه علي بن معبد عن أبي حازم عن أبي هريرة موقوفاً

قال : إذا وضع الميت في قبره أتاه آت من ربه فيقول له : من ربك ؟ فإن كان من أهل التثبيت ثبت . و

قال : اللّه ربي . ثم يقال له مادينك ؟ فيقول الإسلام . فيقول : من نبيك ؟ فيقول محمد صلّى اللّه عليه و سلم فيرى بشراه و يبشر . فيقول دعوني أرجع إلى أهلي فأبشرهم فيقال له : نم قرير العين إن لك إخواناً لم يلحقوا . و إن كان من غير أهل الحق و التثبيت قيل له : من ربك ؟ فيقول : هاه ، كالوا له ، ثم يضرب بمطراق يسمع صوته الخلق إلا الجن والإنس . و يقال له : نم كنومة المنهوس .

قال أهل اللغة : المنهوس بالسين المهملة : الملسوع نهسته الحية تنهسه . قال الراجز :

و ذات قرنين طحون الضرس تنهس لو تمكنت من نهس

تدير عيناً كشهاب القبس

و المنهوس مرة ينتبه لشدة الألم عليه . و مرة ينام كالمغمى عليه قال النابغة :

فبت كأني ساورتني ضئيلة من الرقش في أنيابها السم ناقع

تسهد من ليل التمام سليمها كحلى النساء في يديه قعاقع

يبادرها الراقون من سوء سمها تطلقه طوراً و طوراً تراجع