Geri

   

 

 

İleri

 

باب ما جاء أن ملك الموت عليه السلام هو القابض لأرواح الخلق و أنه يقف على كل بيت في كل يوم خميس مرات و على كل ذي روح كل ساعة و أنه ينظر في وجوه العباد كل يوم سبعين نظرة

قال اللّه تعالى : قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم .

و روي عن ابن عمر

قال : إذا قبض ملك الموت روح المؤمن قام على عتبة الباب و لأهل البيت ضجة ، فمنهم الصاكة وجهها ، و منهم الناشرة شعرها ، و منهم الداعية بويلها ، فيقول ملك الموت عليه السلام : فيم هذا الجزع فو اللّه ما أنقصت لأحد منكم عمراً ، و لا ذهبت لأحد منكم برزق ، و لا ظلمت لأحد منكم شيئاً ، فإن كانت شكايتكم و سخطكم علي فإني و اللّه مأمور ، و إن كان ذلك على ميتكم فإنه في ذلك مقهور ، و إن كان ذلك على ربكم فأنتم به كفرة ، و إن لي فيكم عودة ثم عودة ، فلو أنهم يرون مكانه أو يسمعون كلامه لذهلوا عن ميتهم و لبكوا على أنفسهم :

خرجه أبو مطيع مكحول بن الفضل النسفي في كتاب اللؤلؤيات له .

و روى معناه مرفوعاً في الخبر المشهور المروي في الأربعين عن أنس بن مالك

قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم : ما من بيت إلا و ملك الموت يقف على بابه في كل يوم خمس مرات ، فإذا وجد الإنسان قد نفذ أكله و انقطع أجله ألقى عليه غمرات الموت ، فغشيته كرباته و غمرته غمراته ، فمن أهل بيته الناشرة شعرها و الضاربة وجهها و الباكية لشجوها و الصارخة بويلها ، فيقول ملك الموت عليه السلام : ويلكم مم الفزع و مم الجزع ؟ ما أذهبت لأحد منكم رزقاً و لا قربت له أجلاً و لا أتيته حتى أمرت ، و لا قبضت روحه حتى استأمرت و إن لي فيكم عودة ثم عودة حتى لا أبقي منكم أحداً .

قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم : و الذي نفسي بيده لو يرون مكانه و يسمعون كلامه لذهلوا عن ميتهم و لبكوا على أنفسهم حتى إذا حمل الميت على النعش رفرفت روحه فوق النعش و هو ينادي : يا أهلي و يا ولدي لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي ، جمعت المال من حله و من غير حله ، ثم خلفته لغيري فالمهناة له و التبعة علي فاحذروا ما حل بي .

و روى جعفر بن محمد عن أبيه

قال : نظر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم إلى ملك الموت عند رأس رجلاً من الأنصار فقال له النبي صلّى اللّه عليه و سلم : ارفق بصاحبي فإنه مؤمن ، فقال ملك الموت : يا محمد طيب نفساً و قر عيناً فإني بكل مؤمن رفيق ، و اعلم أن ما من أهل بيت مدر و لا شعر في بر و لا بحر ، إلا و أنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات حتى لأنا أعرف بصغيرهم و كبيرهم منهم لأنفسهم ، و اللّه يا محمد لو أني أردت أن أقبض روح ما قدرت على ذلك حتى يكون اللّه هو الآمر بقبضها .

قال جعفر بن محمد : بلغني أنه يتصفحهم عند مواقيت الصلاة ذكره الماوردي .

قال الشيخ المؤلف رحمه اللّه : و في هذا الخبر ما يدل على أن ملك الموت هو الموكل بقبض كل ذي روح ، و أن تصرفه كله بأمر اللّه عز و جل و بخلقه و اختراعه .

قال ابن عطية : و روي في الحديث أن البهائم كلها يتوفى اللّه أرواحها دون ملك الموت كأنه يعدم حياتها

قال : و كذلك الأمر في بني آدم إلا أنه نوع شرف يتصرف ملك الموت و ملائكة معه في قبض أرواحهم ، فخلق اللّه ملك الموت و خلق على يديه قبض الأرواح و انسلالها من الأجسام و إخراجها منه و خلق جنداً يكونون معه يعملون عمله بأمره .

فقال تعالى : و لو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة .

وقال تعالى : توفته رسلنا و الباري سبحانه خالق الكل الفاعل حقيقة لكل فعل .

قال اللّه تعالى : اللّه يتوفى الأنفس حين موتها و التي لم تمت في منامها و

قال : الذي خلق الموت و الحياة و

قال : يحيي و يميت فملك الموت يقبض الأرواح و الأعوان يعالجون ، و اللّه يزهق الروح . وهذا هو الجمع بين الآي و الحديث ، لكنه لما كان ملك الموت متولى ذلك بالوساطة و المباشرة أضيف التوفي إليه كما أضيف الخلق للملك .

قال الشيخ المؤلف رحمه اللّه : كما في حديث ابن مسعود

قال : حدثنا عليه السلام صلّى اللّه عليه و سلم و هو الصدق المصدوق إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل اللّه الملك فينفخ فيه الروح الحديث

خرجه مالك و غيره .

قوله : يجمع خلقه في بطن أمه . قد جاء مفسراً عن ابن مسعود رضي اللّه عنه رواه الأعمش عن خيثمة .

قال : قال عبد اللّه : إن النطفة إذا وقعت في الرحم فأراد اللّه سبحانه أن يخلق منها بشراً طارت في بشر المرأة تحت كل ظفر و شعر ، ثم تمكث أربعين ليلة ، ثم تنزل دماً في الرحم فذلك جمعها .

و في صحيح مسلم أيضاً : عن حذيفة بن أسيد الغفاري

قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقول : إذا مر بالنطفة إثنتان و أربعون بعث اللّه إليها ملكاً فصورها و خلق سمعها و بصرها و شعرها و جلدها و لحمها و عظامها . ثم يقول : أي رب أذكر أم أنثى ؟ و ذكر الحديث و ما قبله يفسره ويبينه ، لأن النطفة لا يبعث الملك إليها إلا بتمام اثنتين و أربعين ليلة فتأمله . و نسبه الخلق و التصوير للملك نسبة مجازية لا حقيقة ، و إنما صدر عنه فعل ما في المضغة كان عنه التصوير و التشكيل بقدرة اللّه تعالى و خلقه و اختراعه . ألا تراه سبحانه و تعالى قد أضاف إليه الخلقة الحقيقية و قطع عنها نسب جميع الخليقة . ف

قال تعالى : و لقد خلقناكم ثم صورناكم إلى غير ذلك من الآيات مع ما دلت عليه قاطعات البراهين إذ لا خالق لشيء من المخلوقات إلا رب العالمين . و هكذا القول في قوله : ثم يرسل الملك فينفخ ففيه الروح أي أن النفخ فيه سبب يخلق اللّه فيه الروح و الحياة . و كذلك القول في سائر الأسباب المعتادة فإنه بإحداث اللّه تعالى لا بغيره فتأمل ذلك . هذا هو الأصل و تمسك به ففيه النجاة من مذاهب أهل الضلال و القائلين بالطبائع و غيرهم ، و أن اللّه هو القابض لأرواح جميع الخلق على الصحيح ، و أن ملك الموت و أعوانه وسائط . و قد سئل مالك بن أنس عن البراغيث أملك الموت يقبض أرواحها ؟ فأطرق ملياً ثم

قال : ألها نفس ؟

قال : نعم .

قال : ملك الموت يقبض أرواحها اللّه يتوفى الأنفس حين موتها .

و في الخبر : أن ملك الموت و ملك الحياة تناظرا فقال ملك الموت : أنا أميت الأحياء و قال ملك الحياة : أنا أحيي الموتى . فأوحى اللّه إليهما : كونا على علمكما و ما سخرتما له من الصنع . و أنا المميت و المحيي لا مميت و لا محيي سواي . ذكره أبو حامد في الأحياء .

و ذكر أبو نعيم الحافظ عن ثابت البناني قال الليل و النهار أربع و عشرون ساعة ليس منه ساعة تأتي على ذي روح إلا ملك الموت قائم عليها ، فإن أمر بقبضها قبضها و إلا ذهب ، و هذا عام في كل ذي روح .

و في خبر الإسراء عن ابن عباس ف

قلت : يا ملك الموت كيف تقدر على قبض أرواح جميع من في الأرض برها و بحرها ، الحديث و قد تقدم .

و روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة

قال : حدثنا أنس بن مالك

قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم إن ملك الموت لينظر في وجوه العباد كل يوم سبعين نظرة .

قال : إذا ضحك العبد الذي بعث إليه

قال : يقول عجباً بعثت إليه لأقبض روحه و هو يضحك و اللّه أعلم .