Geri

   

 

 

İleri

 

٤٤ - بَاب تلاقي أَرْوَاح الْمَوْتَى وأرواح الْأَحْيَاء فِي النّوم

تقدم فِيهِ أثر سلمَان وَعبد اللّه بن سَلام

١ - قَالَ إِبْنِ الْقيم وشواهد هَذِه الْمَسْأَلَة وأدلتها أَكثر من أَن يحصيها إِلَّا اللّه والحس الْوَاقِع من أعدل الشُّهُود بهَا فتلتقي أَرْوَاح الْأَحْيَاء والأموات كَمَا تتلاقى أَرْوَاح الْأَحْيَاء وَقد قَالَ اللّه تَعَالَى {يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا وَالَّتِي لم تمت فِي منامها فَيمسك الَّتِي قضى عَلَيْهَا الْمَوْت وَيُرْسل الْأُخْرَى إِلَى أجل مُسَمّى}

٢ - وَأخرج بَقِي بن مخلد وإبن مَنْدَه فِي كتاب الرّوح وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن إِبْنِ عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ بَلغنِي أَن أَرْوَاح الْأَحْيَاء والأموات تلتقي فِي الْمَنَام فيتساءلون بَينهم فَيمسك اللّه أَرْوَاح الْمَوْتَى وَيُرْسل أَرْوَاح الْأَحْيَاء إِلَى أجسادها

٣ - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى {وَالَّتِي لم تمت فِي منامها} قَالَ يتوفاها فِي منامها فتلتقي روح الْحَيّ وروح الْمَيِّت فيتذاكران ويتعارفان فترجع روح الْحَيّ إِلَى جسده فِي الدُّنْيَا إِلَى بَقِيَّة أجلهَا وتريد روح الْمَيِّت أَن ترجع إِلَى جسده فتحبس

٤ - وَأخرج جُوَيْبِر عَن إِبْنِ عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ سَبَب مَمْدُود مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فأرواح الْمَوْتَى وأرواح الْأَحْيَاء إِلَى ذَلِك السَّبَب فتتعلق النَّفس الْميتَة بِالنَّفسِ الْحَيَّة فَإِذا أذن لهَذِهِ الْحَيَّة بالإنصراف إِلَى جَسدهَا لتستكمل رزقها أَمْسَكت النَّفس الْميتَة وَأرْسلت الْأُخْرَى

وَفِي الفردوس وَلم يسْندهُ وَلَده من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء الْمَيِّت إِذا مَاتَ دير بِهِ حول دَاره شهرا وحول قَبره سنة ثمَّ يرفع إِلَى السَّبَب الَّذِي تلتقي فِيهِ أَرْوَاح الْأَحْيَاء والأموات

قَالَ إِبْنِ الْقيم وَمن الدَّلِيل على تلاقي أَرْوَاحهم أَن الْحَيّ يرى الْمَيِّت فِي مَنَامه فيخبره الْمَيِّت بِأُمُور غيب ثمَّ تُوجد كَمَا أخبر

قلت قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن عَمْرو العكبري فِي فَوَائده حَدثنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن صَالح بن رَافع بن دريج العكبري حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن بهْرَام حَدثنَا الْأَشْجَعِيّ عَن شيخ عَن إِبْنِ سِيرِين قَالَ مَا حَدثَك الْمَيِّت بِشَيْء فِي النّوم فَهُوَ حق لِأَنَّهُ فِي دَار الْحق

٥ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وإبن الْجَوْزِيّ فِي كتاب عُيُون الحكايات بِسَنَدِهِ عَن شهر بن حَوْشَب أَن الصعب بن جثامة وعَوْف بن مَالك كَانَا متآخيين فَقَالَ الصعب لعوف أَي أخي أَيّنَا مَاتَ صَاحبه فليتراءى لَهُ قَالَ أَو يكون ذَلِك قَالَ نعم فَمَاتَ الصعب فَرَآهُ عَوْف فِي الْمَنَام فَقَالَ مَا فعل بك قَالَ غفر لي بعد المشاق قَالَ وَرَأَيْت لمْعَة سَوْدَاء فِي عُنُقه قلت مَا هَذِه قَالَ عشرَة دَنَانِير إستلفتها من فلَان الْيَهُودِيّ فهن فِي قَرْني فَأَعْطوهُ إِيَّاهَا وَاعْلَم أَنه لم يحدث فِي أَهلِي حدث بعد موتِي إِلَّا قد لحق بِي خَبره حَتَّى هرة مَاتَت مُنْذُ أَيَّام وَاعْلَم أَن بِنْتي تَمُوت إِلَى سِتَّة أَيَّام فَاسْتَوْصُوا بهَا مَعْرُوفا

قَالَ عَوْف فَلَمَّا أَصبَحت أتيت أَهله فَنَظَرت إِلَى الْقرن وَهُوَ بِالْقَافِ محركا جعبة النشاب فأنزلته فَإِذا فِيهِ عشرَة دَنَانِير فِي صرة فَبعثت إِلَى الْيَهُودِيّ فَقلت هَل كَانَ لَك على صَعب شَيْء قَالَ رحم اللّه صعبا كَانَ من خِيَار أَصْحَاب رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أسلفته عشرَة دَنَانِير فنبذتها إِلَيْهِ فَقَالَ هِيَ وَاللّه بِأَعْيَانِهَا فَقلت هَل حدث فِيكُم حدث بعد موت صَعب قَالُوا نعم حدث فِينَا كَذَا وَكَذَا فَمَا زَالُوا يذكرُونَ حَتَّى ذكرُوا موت الْهِرَّة قلت أَيْن إبنة أخي قَالَ تلعب فَأتيت بهَا فمسستها فَإِذا هِيَ محمومة فَقلت اسْتَوْصُوا بهَا مَعْرُوفا فَمَاتَتْ لسِتَّة أَيَّام

٦ - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك فِي الزّهْد عَن عَطِيَّة بن قيس عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ أَنه كَانَ مؤاخيا لرجل يُقَال لَهُ محلم ثمَّ إِن محلما حَضرته الْوَفَاة فَأقبل عَلَيْهِ عَوْف فَقَالَ يَا محلم إِذا أَنْت وَردت فَارْجِع إِلَيْنَا فَأخْبرنَا بِالَّذِي صنع بك قَالَ محلم إِن كَانَ ذَلِك يكون لمثلي فعلت فَقبض محلم ثمَّ ثوى عَوْف بعده

عَاما فَرَآهُ فِي مَنَامه فَقَالَ يَا محلم مَا صنعت وَمَا صنع بك فَقَالَ لَهُ وَفينَا أجورنا قَالَ كلكُمْ قَالَ كلنا إِلَّا الأحراض هَلَكُوا فِي الشَّرّ الَّذين يشار إِلَيْهِم بالأصابع وَاللّه لقد وفيت أجري كُله حَتَّى وفيت أجر هرة ضلت لأهلي قبل موتِي بليلة فَأصْبح عَوْف فغدا إِلَى إمرأة محلم فَلَمَّا دخل قَالَت مرْحَبًا زور صَعب بعد محلم

فَقَالَ عَوْف هَل رَأَيْت محلما مُنْذُ توفّي قَالَت رَأَيْته البارحة ونازعني فِي إبنتي ليذْهب بهَا مَعَه فَأخْبرنَا عَوْف بِالَّذِي رَآهُ وَمَا ذكر من الْهِرَّة الَّتِي ضلت فَقَالَت لَا علم لي بذلك خدمي أعلم فدعَتْ خدمها فسألتهم فأخبروها أَنَّهَا ضلت لَهُم هرة قبل موت محلم بليلة ومحلم هُوَ إِبْنِ جثامة أَخُو الصعب

٧ - وَأخرج أَبُو الشَّيْخ بن حبَان فِي كتاب الْوَصَايَا وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَأَبُو نعيم كِلَاهُمَا عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي قَالَ حَدَّثتنِي إبنة ثَابت بن قيس بن شماس أَن ثَابتا قتل يَوْم الْيَمَامَة وَعَلِيهِ درع لَهُ نفيسة فَمر بِهِ رجل من الْمُسلمين فَأَخذهَا فَبَيْنَمَا رجل من الْمُسلمين نَائِم إِذْ أَتَاهُ ثَابت فِي مَنَامه فَقَالَ أوصيك بِوَصِيَّة فإياك أَن تَقول هَذَا حلم فتضيعه إِنِّي لما قتلت أمس مر بِي رجل من الْمُسلمين فَأخذ دِرْعِي ومنزله فِي أقْصَى النَّاس وَعند خباءه فرس يستن فِي طوله وَقد كفا على الدرْع برمة وَفَوق البرمة رَحل فأت خَالِد بن الْوَلِيد فمره أَن يبْعَث إِلَى دِرْعِي فيأخذها وَإِذا قدمت الْمَدِينَة على خَليفَة رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَعْنِي أَبَا بكر الصّديق رَضِي اللّه عَنهُ فَقل لَهُ إِن عَليّ من الدّين كَذَا وَفُلَان من رقيقي عَتيق فلَان فَأتى الرجل خَالِدا فَأخْبرهُ فَبعث إِلَى الدرْع فَأتى بهَا وَحدث أَبَا بكر الصّديق برؤياه فَأجَاز وَصيته قَالَ وَلَا نعلم أحدا أجيزت وَصيته بعد مَوته غير ثَابت بن قيس

قَالَ فِي الصِّحَاح إستن الْفرس قلص والطول بِكَسْر الطَّاء وَفتح الْوَاو الْحَبل الَّذِي يطول للدابة فترعى فِيهِ

٨ - وَأخرج الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن كثير بن الصَّلْت قَالَ أغفى عُثْمَان فِي الْيَوْم الَّذِي قتل فِيهِ فَاسْتَيْقَظَ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي مَنَامِي هَذَا فَقَالَ إِنَّك شَاهد مَعنا الْجُمُعَة

٩ - وَأخرجه أَيْضا عَن ابْن عمر أَن عُثْمَان رَضِي اللّه عَنهُ أصبح فَحدث فَقَالَ إِنِّي رَأَيْت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم اللَّيْلَة فِي الْمَنَام فَقَالَ يَا عُثْمَان أفطر عندنَا فَأصْبح عُثْمَان صَائِما فَقتل من يَوْمه فَقَالَ إِنَّك شَاهد مَعنا الْجُمُعَة

١٠ - وَأخرج الْحَاكِم عَن حُسَيْن بن خَارِجَة قَالَ لما جَاءَت الْفِتْنَة الأولى أشكلت عَليّ فَقلت اللّهمَّ أَرِنِي من الْحق أمرا أتمسك بِهِ فَأريت فِيمَا يرى النَّائِم الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَكَانَ بَينهمَا حَائِط غير طَوِيل وَإِذ أَنا تَحْتَهُ فَقلت لَو تسلقت هَذَا الْحَائِط حَتَّى أنظر إِلَى قَتْلَى أَشْجَع فيخبروني قَالَ فانهبطت بِأَرْض ذَات شجر فَإِذا بِنَفر جُلُوس فَقلت أَنْتُم الشُّهَدَاء قَالُوا نَحن الْمَلَائِكَة قلت فَأَيْنَ الشُّهَدَاء قَالُوا تقدم إِلَى الدَّرَجَات فارتفعت دَرَجَة اللّه أعلم بهَا من الْحسن وَالسعَة فَإِذا أَنا بِمُحَمد صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَإِذا إِبْرَاهِيم شيخ وَإِذا هُوَ يَقُول لإِبْرَاهِيم إستغفر لأمتي وَإِذا إِبْرَاهِيم يَقُول إِنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك أهرقوا دِمَاءَهُمْ وَقتلُوا إمَامهمْ فَهَلا فعلوا كَمَا فعل سعد خليلي فَقلت وَاللّه لقد رَأَيْت رُؤْيا لَعَلَّ اللّه أَن يَنْفَعنِي بهَا أذهب فَأنْظر كَيفَ كَانَ مَكَان سعد فَأَكُون مَعَه فَأتيت سَعْدا فقصصت عَلَيْهِ الْقِصَّة فَمَا أَكثر بهَا فَرحا وَقَالَ لقد خَابَ من لم يكن إِبْرَاهِيم خَلِيله قلت مَعَ أَي الطَّائِفَتَيْنِ أَنْت قَالَ مَا أَنا مَعَ وَاحِدَة مِنْهُمَا قلت فَمَا تَأْمُرنِي قَالَ أَلَك غنم قلت لَا قَالَ فاشتر شياها وَكن فِيهَا حَتَّى تنجلي

١١ - وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن سلمى قَالَت دخلت على أم سَلمَة وَهِي تبْكي فَقلت مَا يبكيك قَالَت رَأَيْت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام يبكي وعَلى رَأسه ولحيته التُّرَاب فَقلت مَا لَك يَا رَسُول اللّه قَالَ شهِدت قتل الْحُسَيْن آنِفا

١٢ - وَأخرج الْحَاكِم عَن معمر قَالَ حَدثنِي شيخ لنا أَن إمرأة جَاءَت إِلَى بعض أَزوَاج النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت لَهَا أَدعِي اللّه أَن يُطلق لي يَدي قَالَت وَمَا شَأْن يدك قَالَت كَانَ لي أَبَوَانِ فَكَانَ أبي كثير المَال وَالْمَعْرُوف وَلم يكن عِنْد أُمِّي شَيْء من ذَلِك لم أرها تَصَدَّقت بِشَيْء غير أَنا نحرنا بقرة فأعطت مِسْكينا شحمة وألبسته خرقَة فَمَاتَتْ أُمِّي وَمَات أبي فَرَأَيْت أبي على نهر يسْقِي النَّاس فَقلت يَا أبتاه هَل رَأَيْت أُمِّي قَالَ لَا فَذَهَبت ألتمسها فَوَجَدتهَا قَائِمَة عُرْيَانَة لَيْسَ عَلَيْهَا إِلَّا تِلْكَ الْخِرْقَة وَفِي يَدهَا تِلْكَ الشحمة وَهِي تضرب بهَا فِي يَدهَا الْأُخْرَى ثمَّ تمض أَثَرهَا وَتقول واعطشاه فَقلت يَا أُمَّاهُ أَلا أسقيك قَالَت بلَى فَذَهَبت إِلَى أبي فَأخذت من عِنْده إِنَاء فسقيتها فنبه بِي بعض من كَانَ عِنْدهَا فَأتى فَقَالَ من سَقَاهَا أشل اللّه يَده فَاسْتَيْقَظت وَقد شلت يَدي

فصل ١

فِي تَحْقِيق أَن روح الْحَيّ تخرج فِي النّوم وتسري إِلَى حَيْثُ شَاءَ اللّه تَعَالَى وتلاقي الْأَرْوَاح وَغَيرهَا

١٣ - أخرج الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط والعقيلي عَن إِبْنِ عمر رَضِي اللّه تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ لَقِي عمر عليا فَقَالَ يَا أَبَا الْحسن الرجل يرى الرُّؤْيَا فَمِنْهَا مَا يصدق وَمِنْهَا مَا يكذب قَالَ نعم سَمِعت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا من عبد وَلَا أمة ينَام فيمتلىء نوما إِلَّا يعرج بِرُوحِهِ إِلَى الْعَرْش فَالَّذِي لَا يَسْتَيْقِظ إِلَّا عِنْد الْعَرْش فَتلك الرُّؤْيَا الَّتِي تصدق وَالَّذِي يَسْتَيْقِظ دون الْعَرْش فَتلك الرُّؤْيَا الَّتِي تكذب

١٤ - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عبد اللّه بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ إِن الْأَرْوَاح يعرج بهَا فِي منامها إِلَى السَّمَاء وتؤمر بِالسُّجُود عِنْد الْعَرْش فَمن كَانَ طَاهِرا يسْجد عِنْد الْعَرْش وَمن كَانَ لَيْسَ بطاهر سجد بَعيدا عَن الْعَرْش

١٥ - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ إِذا نَام الْإِنْسَان عرج بِرُوحِهِ حَتَّى يُؤْتى بهَا إِلَى الْعَرْش فَإِن كَانَ طَاهِرا أذن لَهَا بِالسُّجُود وَإِن كَانَ جنبا لم يُؤذن لَهَا بِالسُّجُود

١٦ - وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول بِسَنَد ضَعِيف عَن

عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ رُؤْيا الْمُؤمن كَلَام يكلم بِهِ العَبْد ربه فِي الْمَنَام

١٧ - وَأخرج النَّسَائِيّ عَن خُزَيْمَة قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنِّي أَسجد على جبهة النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته بذلك فَقَالَ إِن الرّوح لتلتقي بِالروحِ

١٨ - قَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام فِي روح الْيَقَظَة أجْرى اللّه الْعَادة أَنَّهَا إِذا كَانَت فِي الْجَسَد كَانَ الْإِنْسَان مستيقظا فَإِذا خرجت من الْجَسَد نَام الْإِنْسَان وَرَأَتْ تِلْكَ الرّوح المنامات إِذا فَارَقت الْجَسَد فَإِذا رأتها فِي السَّمَاوَات صحت الرُّؤْيَا إِذْ لَا سَبِيل للشَّيْطَان إِلَى السَّمَاوَات وَإِن رأتها دون السَّمَاوَات كَانَت من إِلْقَاء الشَّيْطَان فَإِن رجعت إِلَى الْجَسَد إستيقظ الْإِنْسَان كَمَا كَانَ

١٩ - وَقَالَ عِكْرِمَة وَمُجاهد إِذا نَام الْإِنْسَان كَانَ لَهُ سَبَب يجْرِي فِيهِ الرّوح وَأَصله فِي الْجَسَد فتبلغ حَيْثُ شَاءَ اللّه فَمَا دَامَ ذَاهِبًا فالإنسان نَائِم وَإِذا رَجَعَ إِلَى الْبدن إنتبه الْإِنْسَان وَكَانَ بِمَنْزِلَة شُعَاع الشَّمْس وَهُوَ سَاقِط بِالْأَرْضِ وَأَصله مُتَّصِل بالشمس

وَذكر إِبْنِ مَنْدَه عَن بعض الْعلمَاء أَن الرّوح تمتد من منخره وَأَصله فِي بدنه فَلَو خرج بِالْكُلِّيَّةِ لمات كَمَا أَن السراج لَو فرق بَينه وَبَين الفتيلة لطفئت أَلا ترى أَن مَرْكَز النَّار فِي الفتيلة وضوؤها يمْلَأ الْبَيْت فالروح تمتد من منخر الْإِنْسَان فِي مَنَامه وتجول فِي الْبلدَانِ ويريه الْملك الْمُوكل بأرواح الْعباد مَا أحب ثمَّ يرجعه إِلَى بدنه إنتهى

٢٠ - وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عِكْرِمَة أَنه سُئِلَ عَن الرجل فِي مَنَامه كَأَنَّهُ بخراسان وبالشام وبأرض لم يَطَأهَا قَالَ تِلْكَ الرّوح ترى الرّوح معلقَة بِالنَّفسِ فَإِذا إستيقظت جر النَّفس الرّوح

٢١ - وَأخرج من وَجه آخر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَهُوَ الَّذِي يتوفاكم بِاللَّيْلِ} الْآيَة قَالَ مَا من لَيْلَة إِلَّا وَاللّه يقبض الْأَرْوَاح كلهَا فَيسْأَل كل نفس مَا عمل صَاحبهَا من النَّهَار ثمَّ يَدْعُو ملك الْمَوْت فَيَقُول إقبض هَذَا وَهَذَا

فصل ٢

فِي نبذ من أَخْبَار من رأى الْمَوْتَى فِي مَنَامه وسألهم عَن حَالهم فأخبروه

١ - أخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب المنامات وإبن سعد فِي الطَّبَقَات عَن مُحَمَّد بن زِيَاد الْأَلْهَانِي أَن عفيف بن الْحَارِث قَالَ لعبد اللّه بن عَائِذ الثمالِي الصَّحَابِيّ رَضِي اللّه عَنهُ حِين حَضرته الْوَفَاة إِن اسْتَطَعْت أَن تلقانا فتخبرنا مَا لقِيت بعد الْمَوْت فَلَقِيَهُ فِي مَنَامه بعد حِين فَقَالَ لَهُ أَلا تخبرنا قَالَ نجونا وَلم نكد أَن ننجو نجونا بعد المشيبات فَوَجَدنَا رَبنَا خير رب غفر الذَّنب وَتجَاوز عَن السَّيئَة إِلَّا مَا كَانَ من الأحراض قلت لَهُ وَمَا الأحراض قَالَ الَّذين يشار إِلَيْهِم بالأصابع فِي الشَّرّ

٢ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أبي الزَّاهِرِيَّة قَالَ عَاد عبد الْأَعْلَى بن عدي بن أبي بِلَال الْخُزَاعِيّ فَقَالَ لَهُ عبد الْأَعْلَى أقرىء رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مني السَّلَام وَإِن إستطعت أَن تلقانا فتعلمني ذَلِك وَكَانَت أم عبد الْأَعْلَى أُخْت أبي الزَّاهِرِيَّة تَحت إِبْنِ أبي بِلَال فرأته فِي منامها بعد وَفَاته بِثَلَاثَة أَيَّام فَقَالَ إِن إبنتي بعد ثَلَاث لاحقتي فَهَل تعرفين عبد الْأَعْلَى قَالَت لَا قَالَ فاسألي عَنهُ ثمَّ أخبريه أَنِّي قد أَقرَأت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُ السَّلَام فَرد عَلَيْهِ فَأخْبرت أخاها أَبَا الزَّاهِرِيَّة بذلك فأبلغه

٣ - وَأخرج عَن يحيى بن أَيُّوب قَالَ تعاهد رجلَانِ أَيهمَا مَاتَ قبل صَاحبه أَن يخبر صَاحبه بِمَا يلقى فَمَاتَ أَحدهمَا فَرَآهُ صَاحبه فِي النّوم فَقَالَ يَا أخي مَا فعل الْحسن قَالَ ذَلِك ملك فِي الْجنَّة لَا يعْصى قَالَ فَابْن سِيرِين قَالَ فِيمَا شَاءَ واشتهت نَفسه وشتان مَا بَينهمَا قَالَ يَا أخي فَبِأَي شَيْء أدْرك ذَلِك الْحسن قَالَ بِشدَّة الْخَوْف

٤ - وَأخرج إِبْنِ عدي وإبن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن مُحَمَّد بن يحيى الجحدري قَالَ قَالَ إِبْنِ الْأَجْلَح قَالَ أبي لسَلمَة بن كهيل إِن مت قبلي فقدرت أَن تَأتِينِي فِي نومي فتخبرني بِمَا رَأَيْت فافعل فَقَالَ سَلمَة لَهُ وَأَنت إِن مت قبلي فقدرت أَن تَأتِينِي فِي نومي فتخبرني بِمَا رَأَيْت فافعل

فَمَاتَ سَلمَة قبل الْأَجْلَح فَقَالَ لي أَي بني علمت أَن سَلمَة أَتَانِي فِي نومي فَقلت أَلَيْسَ قد مت قَالَ إِن اللّه أحياني قلت كَيفَ وجدت رَبك قَالَ رحِيما قلت إيش وجدت أفضل الْأَعْمَال الَّتِي يتَقرَّب بهَا الْعباد قَالَ مَا رَأَيْت عِنْدهم أشرف من صَلَاة اللَّيْل قلت كَيفَ وجدت الْأَمر قَالَ سهلا وَلَكِن لَا تتكلوا

٥ - وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وإبن سعد فِي الطَّبَقَات عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رَضِي اللّه عَنهُ قَالَ كَانَ عمر بن الْخطاب رَضِي اللّه عَنهُ لي خَلِيلًا وَإنَّهُ لما توفّي لَبِثت حولا أَدْعُو اللّه أَن يرينيه فِي الْمَنَام قَالَ فرأيته على رَأس الْحول يمسح الْعرق عَن جَبهته قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا فعل بك رَبك قَالَ هَذَا أَوَان فرغت وَإِن كَاد عَرْشِي ليهد لَوْلَا أَنِّي لقِيت رَبِّي رؤوفا رحِيما

٦ - وَأخرج إِبْنِ سعد عَن سَالم بن عبد اللّه قَالَ سَمِعت رجلا من الْأَنْصَار يَقُول دَعَوْت اللّه أَن يريني عمر رَضِي اللّه عَنهُ فِي النّوم فرأيته بعد عشْرين سنة وَهُوَ يمسح الْعرق عَن جَبينه فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا فعلت قَالَ الْآن فرغت وَلَوْلَا رَحْمَة رَبِّي لهلكت

٧ - وَأخرج عَن عبد اللّه بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ مَا كَانَ شَيْء أعلمهُ أحب إِلَيّ أَن أعلمهُ من أَمر عمر فَرَأَيْت فِي الْمَنَام قصرا فَقلت لمن هَذَا قَالُوا لعمر فَخرج من الْقصر عَلَيْهِ ملحفة كَأَنَّهُ قد اغْتسل فَقلت كَيفَ صنعت قَالَ خيرا كَاد عَرْشِي يهوي بِي لَوْلَا أَنِّي لقِيت رَبِّي غَفُورًا قلت كَيفَ صنعت قَالَ مَتى فارقتكم قلت مُنْذُ ثِنْتَيْ عشرَة سنة قَالَ إِنَّمَا انفلت الْآن من الْحساب

٨ - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن مطرف أَنه رأى عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي اللّه تَعَالَى عَنهُ فِي النّوم فَقَالَ رَأَيْت عَلَيْهِ ثيابًا خضرًا قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كَيفَ فعل اللّه بك قَالَ فعل اللّه بِي خيرا قلت أَي الدّين خير قَالَ الدّين الْقيم لَيْسَ بسفك الدَّم

٩ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن مُحَمَّد بن النَّضر الْحَارِثِيّ قَالَ رأى مسلمة بن عبد الْملك عمر بن عبد الْعَزِيز بعد مَوته فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَيْت شعري إِلَى أَي الْحَالَات صرت بعد الْمَوْت قَالَ يَا مسلمة هَذَا أَوَان فراغي وَاللّه مَا استرحت إِلَى الْآن قلت فَأَيْنَ أَنْت قَالَ أَنا مَعَ أَئِمَّة الْهدى فِي جنَّات عدن

١٠ - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وإبن أبي الدُّنْيَا عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ

رَأَيْت أَفْلح أَو قَالَ كثير بن أَفْلح فِي الْمَنَام وَكَانَ قتل يَوْم الْحرَّة فَقلت أَلَسْت قد قتلت قَالَ بلَى قلت فَمَا صنعت قَالَ خيرا قلت أشهداء أَنْتُم قَالَ لَا إِن الْمُسلمين إِذا إقتتلوا فَقتل بَينهم قَتْلَى فليسوا بشهداء وَلَكنَّا ندماء

١١ - وَأخرج إِبْنِ سعد عَن أبي ميسرَة عَمْرو بن شُرَحْبِيل قَالَ رَأَيْت كَأَنِّي أدخلت الْجنَّة فَإِذا قباب مَضْرُوبَة قلت لمن هَذِه قَالُوا لذِي الكلاع وحوشب وَكَانَا مِمَّن قتل مَعَ مُعَاوِيَة قلت فَأَيْنَ عمار وَأَصْحَابه قَالُوا أمامك قلت وَقد قتل بَعضهم بَعْضًا قيل إِنَّهُم لقوا اللّه فوجدوه وَاسع الْمَغْفِرَة قلت فَمَا فعل أهل النَّهر يَعْنِي الْخَوَارِج قَالَ لقوا ترحا

١٢ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب المنامات عَن أبي بكر الْخياط قَالَ رَأَيْت كَأَنِّي دخلت الْمَقَابِر فَإِذا أهل الْقُبُور جُلُوس على قُبُورهم بَين أَيْديهم الريحان وَإِذا أَنا بِمَحْفُوظ قَائِما فِيمَا بَينهم يذهب وَيَجِيء فَقلت يَا مَحْفُوظ مَا صنع بك رَبك أَو لَيْسَ قد مت قَالَ بلَى ثمَّ قَالَ

(موت التقي حَيَاة لَا نفاد لَهَا ... قد مَاتَ قوم وهم فِي النَّاس أَحيَاء)

١٣ - وَأخرج عَن سلم الْبَصْرِيّ قَالَ رَأَيْت بزيع بن مسور العابد فِي الْمَنَام وَكَانَ كثير الذّكر للّه كثير الذّكر للْمَوْت طَوِيل الإجتهاد فَقلت كَيفَ رَأَيْت موضعك قَالَ

(وَلَيْسَ يعلم مَا فِي الْقَبْر دَاخله ... إِلَّا الْإِلَه وَسَاكن الأجداث)

١٤ - وَأخرج عَن بشر بن الْمفضل قَالَ رَأَيْت بشر بن مَنْصُور فِي النّوم فَقلت لَهُ يَا أَبَا مُحَمَّد مَا صنع بك رَبك قَالَ وجدت الْأَمر أَهْون مِمَّا كنت أحمل على نَفسِي

١٥ - وَأخرج عَن حَفْص المرهبي قَالَ رَأَيْت دَاوُد الطَّائِي فِي مَنَامِي فَقلت يَا أَبَا سُلَيْمَان كَيفَ رَأَيْت خير الْآخِرَة قَالَ رَأَيْت خير الْآخِرَة كثيرا قلت فَمَاذَا صرت إِلَيْهِ قَالَ صرت إِلَى خير وَالْحَمْد للّه قلت هَل لَك من علم بسفيان بن سعيد فقد كَانَ يحب الْخَيْر وَأَهله قَالَ فَتَبَسَّمَ ثمَّ قَالَ رقاه الْخَيْر إِلَى دَرَجَة أهل الْخَيْر

١٦ - وَأخرج عَن عتبَة بن ضَمرَة عَن أَبِيه قَالَ لقِيت عَمَّتي فِي الْمَنَام فَقلت كَيفَ أَنْت قَالَت بِخَير قد وفيت عَمَلي حَتَّى أَعْطَيْت ثَوَابه خلاط أطعمته والخلاط اللَّبن بالبقل

١٧ - وَأخرج عَن عبد الْملك اللَّيْثِيّ قَالَ رَأَيْت عَامر بن عبد قيس فِي النّوم فَقلت مَا وجدت قَالَ خيرا قلت أَي الْعَمَل وجدت أفضل قَالَ كل شَيْء أُرِيد بِهِ وَجه اللّه عز وَجل

١٨ - وَأخرج عَن أبي عبد اللّه الهجري قَالَ مَاتَ عَم لي فرأيته فِي النّوم وَهُوَ يَقُول الدُّنْيَا غرور وَالْآخِرَة للعاملين سرُور لم نر مثل الْيَقِين والنصح للّه وللمسلمين لَا تحقرن من الْمَعْرُوف شَيْئا واعمل عمل من يعلم أَنه مقصر

١٩ - وَأخرج عَن الْأَصْمَعِي قَالَ رَأَيْت شَيخا من الْبَصرِيين من أَصْحَاب يُونُس بن عبيد وَقد مَاتَ فَقلت من أَيْن أَقبلت قَالَ من عِنْد يُونُس الطَّبِيب قلت من يُونُس الطَّبِيب قَالَ الْفَقِيه اللبيب قلت إِبْنِ عبيد قَالَ نعم قلت وَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي مجَالِس الأرجوان مَعَ الْجَوَارِي الْأَبْكَار قرت عَيناهُ بِصِحَّة تقواه

٢٠ - وَأخرج عَن مَيْمُون الْكرْدِي قَالَ رَأَيْت عُرْوَة الْبَزَّار فِي النّوم بعد مَوته فَقَالَ إِن لفُلَان السقاء عَليّ درهما وَهُوَ فِي كوَّة فِي بَيْتِي فَخذه فادفعه إِلَيْهِ فَلَمَّا أَصبَحت لقِيت السقاء فَقلت لَهُ أَلَك على عُرْوَة شَيْء قَالَ نعم دِرْهَم فَدخلت بَيته فَوجدت الدِّرْهَم فِي الكوة فَدَفَعته إِلَى السقاء

٢١ - وَأخرج عَن رجل من أهل الْكُوفَة قَالَ رَأَيْت سُوَيْد بن عَمْرو الْكَلْبِيّ فِي النّوم بعد مَا مَاتَ فِي حَالَة حَسَنَة قلت يَا سُوَيْد مَا هَذِه الْحَالة الْحَسَنَة قَالَ إِنِّي كنت أَكثر من قَول لَا إِلَه إِلَّا اللّه فَأكْثر مِنْهَا ثمَّ قَالَ إِن دَاوُد الطَّائِي وَمُحَمّد بن النَّضر الْحَارِثِيّ طلبا أمرا فأدركاه

٢٢ - وَأخرج عَن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر الْحَرَّانِي قَالَ رَأَيْت الضَّحَّاك بن عُثْمَان

فِي النّوم فَقلت فَمَا فعل اللّه بك قَالَ فِي السَّمَاء تماريد من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللّه تعلق بهَا وَمن لم يقلها هوى

٢٣ - وَأخرج عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي قَالَ رأى رجل إِبْنِ عَائِشَة التَّمِيمِي فِي النّوم فَقَالَ لَهُ مَا فعل اللّه بك قَالَ غفر لي بحبي إِيَّاه

٢٤ - وَأخرج عَن السّري بن يحيى عَن والان بن عِيسَى بن أبي مَرْيَم رجل من قزوين وَكَانَ من الصَّالِحين قَالَ إغترني الْقَمَر لَيْلَة فَخرجت إِلَى الْمَسْجِد فَصليت وسبحت ودعوت فغلبتني عَيْنَايَ فَنمت فَرَأَيْت جمَاعَة أعلم أَنهم لَيْسُوا من الْآدَمِيّين بِأَيْدِيهِم أطباق عَلَيْهَا أَرْبَعَة أرغفة ببياض الثَّلج فَوق كل رغيف در مثل الرُّمَّان فَقَالُوا كل فَقلت إِنِّي أُرِيد الصَّوْم قَالُوا يَأْمُرك صَاحب هَذَا الْبَيْت أَن تَأْكُل فَأكلت وَجعلت آخذ ذَلِك الدّرّ لأحتمله فَقيل لي دَعه نغرسه لَك شَجرا ينْبت لَك خيرا من هَذَا قلت أَيْن قَالُوا فِي دَار لَا تخرب وثمر لَا يتَغَيَّر وَملك لَا يَنْقَطِع وَثيَاب لَا تبلى فِيهَا رضوى وعينا وقرة الْعين أَزوَاج رضيات مرضيات راضيات لَا يغرن فَعَلَيْك بالإنكماش فِيمَا أَنْت فِيهِ فَإِنَّمَا هِيَ غفوة حَتَّى ترتحل فتنزل الدَّار

قَالَ فَمَا مكث إِلَّا جمعتين حَتَّى توفّي قَالَ السّري فرأيته فِي اللَّيْلَة الَّتِي توفّي فِيهَا وَهُوَ يَقُول لي أَلا تعجب من شجر غرس لي يَوْم حدثتك وَقد حمل قلت حمل مَاذَا قَالَ لَا تسْأَل عَمَّا لَا يقدر على صفته أحد لم نر مثل الْكَرِيم إِذا حل بِهِ مُطِيع

٢٥ - وَأخرج عَن إِسْمَاعِيل بن عبد اللّه بن مَيْمُون قَالَ رَأَيْت عَليّ بن مُحَمَّد بن عمرَان بن أبي ليلى فِي النّوم فَقلت أَي الْأَعْمَال وجدت أفضل قَالَ الْمعرفَة قلت مَا تَقول فِي الرجل يَقُول حَدثنَا وَأخْبرنَا فَقَالَ إِنِّي أبْغض المباهاة

٢٦ - وَأخرج عَن بعض أَصْحَاب مَالك بن دِينَار أَنه رأى مَالك بن دِينَار فِي النّوم فَقَالَ مَا صنع اللّه بك قَالَ خيرا لم نر مثل الْعَمَل الصَّالح لم نر مثل

الصَّحَابَة الصَّالِحين لم نر مثل السّلف الصَّالح لم نر مثل مجَالِس الصَّالِحين

٢٧ - وَأخرج عَن عبد الْوَهَّاب بن يزِيد الْكِنْدِيّ قَالَ رَأَيْت أَبَا عَمْرو الضَّرِير فَقلت مَا فعل اللّه بك قَالَ غفر لي ورحمني قلت فَأَي الْأَعْمَال وجدت أفضل قَالَ مَا أَنْتُم عَلَيْهِ من السّنة وَالْعلم قلت فَأَي الْأَعْمَال وجدت شرا قَالَ إحذر الْأَسْمَاء قلت وَمَا الْأَسْمَاء قَالَ قدري ومعتزلي ومرجىء فَجعل يعدد أَسمَاء الْأَهْوَاء

٢٨ - وَأخرج عَن أبي بكر الصَّيْرَفِي قَالَ مَاتَ رجل كَانَ يشْتم أَبَا بكر وَعمر رَضِي اللّه عَنْهُمَا وَيرى رَأْي جهم فأريه رجل فِي النّوم كَأَنَّهُ عُرْيَان وعَلى رَأسه خرقَة سَوْدَاء وعَلى عَوْرَته أُخْرَى فَقَالَ مَا فعل اللّه بك قَالَ جعلني مَعَ بكر القس وَعون بن الأعسر وَهَذَانِ نصرانيان

٢٩ - وَأخرج عَن شيخ قَالَ مَاتَ جَار لي وَكَانَ مِمَّن يَخُوض فِي هَذِه الْأُمُور فأريته فِي النّوم كَأَنَّهُ أَعور فَقلت يَا فلَان مَا هَذَا الَّذِي أرى بك قَالَ تنقصت أَصْحَاب مُحَمَّد فنقصني هَذَا وَوضع يَده على عينه الذاهبة

٣٠ - وَأخرج عَن أبي جَعْفَر الْمَدِينِيّ قَالَ رَأَيْت مَحْمُود بن حميد فِي مَنَامِي وَكَانَ من العاملين وَعَلِيهِ ثَوْبَان أخضران فَقلت إِلَى مَاذَا صرت بعد الْمَوْت فَنظر إِلَيّ ثمَّ أنشأ يَقُول

(نعم المتقون فِي الْخلد حَقًا ... بجوار نواهد أبكار) قَالَ أَبُو جَعْفَر وَاللّه مَا سمعته من أحد قبله

٣١ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مطرف بن عبد اللّه قَالَ كنت بالمقبرة فَصليت قَرِيبا من قبر رَكْعَتَيْنِ خفيفتين لم أَرض إتقانهما ونعست فَرَأَيْت صَاحب الْقَبْر يكلمني فَقَالَ ركعت رَكْعَتَيْنِ لم ترض إتقانهما قلت قد كَانَ ذَلِك قَالَ تَعْمَلُونَ وَلَا تعلمُونَ ونعلم وَلَا نستطيع أَن نعمل لِأَن أكون ركعت مثل ركعتيك أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا بحذافيرها فَقلت من هَا هُنَا قَالَ كلهم مُسلم وَكلهمْ قد أصَاب خيرا فَقلت من هَا هُنَا أفضل فَأَشَارَ إِلَى قبر فَقلت فِي نَفسِي اللّهمَّ أخرجه إِلَيّ فأكلمه فَخرج من قَبره فَتى شَاب فَقلت أَنْت

أفضل مَا هَا هُنَا فَقَالَ قد قَالُوا ذَلِك قلت فَبِأَي شَيْء نلْت ذَلِك فوَاللّه مَا أرى لَك ذَلِك السن فَأَقُول نلْت ذَلِك بطول الْحَج وَالْعمْرَة وَالْجهَاد فِي سَبِيل اللّه وَالْعَمَل قَالَ قد أبتليت بالمصائب فرزقت الصَّبْر عَلَيْهَا فبذلك فضلتهم

٣٢ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن إِيَاس بن دَغْفَل قَالَ رَأَيْت أَبَا الْعَلَاء يزِيد بن عبد اللّه فِيمَا يرى النَّائِم فَقلت كَيفَ وجدت طعم الْمَوْت قَالَ وجدته مرا كريها قلت فَمَاذَا صرت إِلَيْهِ بعد الْمَوْت قَالَ صرت إِلَى روح وَرَيْحَان وَرب غير غَضْبَان قلت فأخوك مطرف قَالَ فإتني بيقينه

٣٣ - وَأخرج عَن بَعضهم قَالَ مَاتَ أَخ لي فرأيته فِي النّوم فَقلت مَا كَانَ حالك حِين وضعت فِي قبرك قَالَ أَتَانِي آتٍ بشهاب من نَار فلولا أَن دَاعيا دَعَا لي لرأيت أَنه سيضربني بِهِ

٣٤ - وَأخرج عَن الْمُنْكَدر بن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ رَأَيْت فِي مَنَامِي كَأَنِّي دخلت مَسْجِد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا النَّاس مجتمعون على رجل فِي الرَّوْضَة فَقلت من هَذَا قيل رجل قدم من الْآخِرَة يخبر النَّاس عَن موتاهم فَجئْت أنظر فَإِذا الرجل صَفْوَان بن سليم قَالَ وَالنَّاس يسألونه وَهُوَ يُخْبِرهُمْ فَقَالَ أما هَا هُنَا أحد يسألني عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر فَطَفِقَ النَّاس يَقُولُونَ هَذَا إبنه هَذَا إبنه ففرجت النَّاس فَقلت أخبرنَا رَحِمك اللّه فَقَالَ أعطَاهُ اللّه من الْجنَّة كَذَا وَأَعْطَاهُ كَذَا وأرضاه وَأَسْكَنَهُ منَازِل فِي الْجنَّة وبوأه فَلَا ظعن عَلَيْهِ وَلَا موت

٣٥ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أبي كَرِيمَة قَالَ جَاءَنِي رجل فَقَالَ رَأَيْت كَأَنِّي أدخلت الْجنَّة فانتهيت إِلَى رَوْضَة فِيهَا أَيُّوب وَيُونُس وإبن عون والتيمي قلت أَيْن سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ مَا نرى ذَلِك إِلَّا كَمَا نرى الْكَوْكَب

وَأخرج عَن مَالك بن دِينَار قَالَ رَأَيْت مُحَمَّد بن وَاسع فِي الْجنَّة وَرَأَيْت مُحَمَّد بن سِيرِين فِي الْجنَّة فَقلت أَيْن الْحسن قَالَ عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى

٣٦ - وَأخرج عَن يزِيد بن هَارُون قَالَ رَأَيْت مُحَمَّد بن يزِيد الوَاسِطِيّ فِي الْمَنَام فَقلت مَا صنع اللّه بك قَالَ غفر لي قلت بِمَاذَا قَالَ بِمَجْلِس جلسه إِلَيْنَا أَبُو عَمْرو الْبَصْرِيّ يَوْم جُمُعَة بعد الْعَصْر فَدَعَا وَأمنا فغفر لنا مُنْذُ فارقناكم

٣٧ - وَأخرج عَن عقبَة بن أبي ثبيت قَالَ رَأَيْت خُلَيْد بن سعيد فِي مَنَامِي بعد مَوته فَقلت مَا صنعت قَالَ أفلتنا وَلم نكد نتفلت قلت مَتى عهدكم بِالْقُرْآنِ قَالَ لَا عهد لنا بِهِ مُنْذُ فارقناكم

٣٨ - وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخ بَغْدَاد عَن مُحَمَّد بن سَالم الْخَواص قَالَ رَأَيْت يحيى بن أَكْثَم القَاضِي فِي النّوم فَقلت مَا فعل اللّه بك قَالَ أوقفني بَين يَدَيْهِ وَقَالَ لي يَا شيخ السوء لَوْلَا شيبتك لأحرقتك بالنَّار فأخذني مَا يَأْخُذ العَبْد بَين يَدي مَوْلَاهُ فَلَمَّا أَفَقْت قَالَ لي يَا شيخ السوء لَوْلَا شيبتك لأحرقتك بالنَّار فأخذني مَا يَأْخُذ العَبْد بَين يَدي مَوْلَاهُ فَلَمَّا أَفَقْت قَالَ لي يَا شيخ السوء فَذكر الثَّالِثَة مثل الْأَوليين فَلَمَّا أَفَقْت قلت يَا رب مَا هَكَذَا حدثت عَنْك فَقَالَ اللّه تَعَالَى وَمَا حدثت عني وَهُوَ أعلم بذلك

قلت حَدثنِي عبد الرَّزَّاق بن همام قَالَ حَدثنَا معمر بن رَاشد عَن إِبْنِ شهَاب الزُّهْرِيّ عَن أنس بن مَالك عَن نبيك صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عَن جِبْرِيل عَنْك يَا عَظِيم أَنَّك قلت مَا شَاب لي عبد فِي الْإِسْلَام شيبَة إِلَّا إستحييت مِنْهُ أَن أعذبه بالنَّار فَقَالَ اللّه صدق عبد الرَّزَّاق وَصدق معمر وَصدق الزُّهْرِيّ وَصدق أنس وَصدق نبيي وَصدق جِبْرِيل وَأَنا قلت ذَلِك إنطلقوا بِهِ إِلَى الْجنَّة

٣٩ - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق عَن أبي بكر الْفَزارِيّ قَالَ بَلغنِي أَن بعض إخْوَان أَحْمد بن حَنْبَل رَآهُ فِي النّوم بعد مَوته فَقَالَ يَا أَحْمد مَا فعل اللّه بك فَقَالَ أوقفني بَين يَدَيْهِ وَقَالَ لي يَا أَحْمد صبرت على الضَّرْب أَن قلت وَلم تَتَغَيَّر إِن كَلَامي منزل غير مَخْلُوق وَعِزَّتِي لأسمعنك كَلَامي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَأَنا أسمع كَلَام رَبِّي عز وَجل

٤٠ - وَأخرج عَن مُحَمَّد بن عَوْف قَالَ رَأَيْت مُحَمَّد بن الْمُصَفّى الْحِمصِي فِي النّوم فَقلت إلام صرت قَالَ إِلَى خير وَمَعَ ذَلِك فَنحْن نرى رَبنَا كل يَوْم مرَّتَيْنِ فَقلت يَا عبد اللّه صَاحب سنة فِي الدُّنْيَا وَصَاحب سنة فِي الْآخِرَة فَتَبَسَّمَ إِلَيّ

٤١ - وَأخرج عَن مُحَمَّد بن الْفضل قَالَ رَأَيْت مَنْصُور بن عمار فِي النّوم بعد مَوته فَقلت مَا فعل اللّه بك قَالَ أوقفني بَين يَدَيْهِ وَقَالَ لي كنت تخلط وَلَكِنِّي قد غفرت لَك لِأَنَّك كنت تحببني إِلَى خلقي قُم فمجدني بَين ملائكتي كَمَا

كنت تمجدني فِي الدُّنْيَا فَوضع لي كرْسِي فمجدت اللّه بَين مَلَائكَته

٤٢ - وَأخرج عَن أبي الْحسن الشعراني قَالَ رَأَيْت مَنْصُور بن عمار فِي الْمَنَام بعد مَوته فَقلت مَا فعل اللّه بك فَقَالَ قَالَ لي أَنْت مَنْصُور بن عمار قلت نعم يارب قَالَ أَنْت الَّذِي كنت تزهد النَّاس فِي الدُّنْيَا وترغبهم فِي الْآخِرَة قلت قد كَانَ ذَلِك وَلَكِنِّي مَا اتَّخذت مَجْلِسا إِلَّا بدأت بالثناء عَلَيْك وثنيت بِالصَّلَاةِ على نبيك وثلثت بِالنَّصِيحَةِ لِعِبَادِك قَالَ صدقت ضَعُوا لَهُ كرسيا يمجدني فِي سمائي كَمَا مجدني فِي أرضي بَين عبَادي

٤٣ - وَأخرج عَن سليم بن مَنْصُور بن عمار قَالَ رَأَيْت أبي فِي الْمَنَام بعد مَوته فَقلت مَا فعل اللّه بك قَالَ قربني وأدناني وَقَالَ لي يَا شيخ السوء تَدْرِي لم غفرت لَك قلت لَا يَا إلهي قَالَ لِأَنَّك جَلَست للنَّاس يَوْمًا مَجْلِسا فبكيتهم فَبكى فيهم عبد من عبَادي لم يبك من خَشْيَتِي قطّ فغفرت لَهُ ووهبت لَهُ أهل الْمجْلس كلهم ووهبتك فِيمَن وهبته لَهُ

٤٤ - وَأخرج عَن سَلمَة بن عَفَّان قَالَ رَأَيْت وكيعا فِي الْمَنَام بعد مَوته فَقلت مَا صنع اللّه بك قَالَ أدخلني الْجنَّة قلت بِأَيّ شَيْء قَالَ بِالْعلمِ

٤٥ - وَأخرج عَن أبي يحيى الْمُسْتَمْلِي بن همام قَالَ رَأَيْت أَبَا همام فِي الْمَنَام بعد مَوته وعَلى رَأسه قناديل معلقَة فَقلت يَا أَبَا همام بِمَ نلْت هَذِه الْقَنَادِيل قَالَ هَذَا بِحَدِيث الْحَوْض وَهَذَا بِحَدِيث الشَّفَاعَة وَهَذَا بِحَدِيث كَذَا

٤٦ - وَأخرج عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ رَأَيْت الثَّوْريّ فِي الْمَنَام فَقلت أوصني قَالَ أقل من مُخَالطَة النَّاس قلت زِدْنِي قَالَ سترد فتعلم

٤٧ - وَأخرج عَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي قَالَ حَدثنِي جَار لي قَالَ رَأَيْت إِبْنِ عَوْف فِي النّوم بعد مَوته فَقلت مَا صنع اللّه بك قَالَ مَا غربت الشَّمْس من يَوْم الْإِثْنَيْنِ حَتَّى عرضت عَليّ صحيفتي فرحمني وَغفر لي وَكَانَ مَاتَ يَوْم الْإِثْنَيْنِ

٤٨ - وَأخرج عَن أبي عَمْرو الْخفاف قَالَ رَأَيْت مُحَمَّد بن يحيى الذهلي فِي النّوم بعد مَوته فَقلت فَمَا فعل بك رَبك قَالَ غفر لي قلت فَمَا فعل عَمَلك قَالَ كتب بِمَاء الذَّهَب وَرفع فِي عليين

٤٩ - وَأخرج عَن الْأُسْتَاذ أبي الْوَلِيد قَالَ رَأَيْت أَبَا الْعَبَّاس الْأَصَم فِي الْمَنَام فَقلت لَهُ مَاذَا إنتهى حالك أَيهَا الشَّيْخ فَقَالَ أَنا مَعَ أبي يَعْقُوب الْبُوَيْطِيّ

وَالربيع بن سُلَيْمَان فِي جوَار أبي عبد اللّه الشَّافِعِي نحضر كل يَوْم فِي ضيافته

٥٠ - وَأخرج عَن سهل أخي حزم قَالَ رَأَيْت مَالك بن دِينَار بعد مَوته فَقلت مَاذَا قدمت بِهِ على اللّه قَالَ قدمت بذنوب كَثِيرَة محاها عني حسن الظَّن بِاللّه

٥١ - وَأخرج عَن إمرأة من أهل الْيمن قَالَت رَأَيْت رَجَاء بن حَيْوَة فِي النّوم فَقلت ألم تمت قَالَ بلَى وَلَكِن نُودي فِي أهل الْجنَّة أَن تلقوا الْجراح بن عبد اللّه وَذَلِكَ قبل أَن يَأْتِي خبر الْجراح ثمَّ جَاءَ نعي الْجراح فَحسب فَوجدَ قد أستشهد بِأَذربِيجَان ذَلِك الْيَوْم

٥٢ - وَأخرج عَن عتبَة بن أبي حَكِيم عَن إمرأة من بَيت الْمُقَدّس قَالَ كَانَ رَجَاء بن حَيْوَة جَلِيسا لنا وَكَانَ نعم الجليس فَمَاتَ فرأيته بعد شهر فَقلت إلام صرتم قَالَ إِلَى خير وَلَكنَّا فزغنا بعدكم فزعة ظننا أَن الْقِيَامَة قد قَامَت قلت وفيم ذَلِك قَالَ دخل الْجراح وَأَصْحَابه الْجنَّة بأثقالهم حَتَّى إزدحموا على بَابهَا

٥٣ - وَأخرج عَن الْأَصْمَعِي عَن أَبِيه قَالَ رأى رجل فِي الْمَنَام جَرِيرًا الخطفي بعد مَوته فَقَالَ لَهُ مَا فعل بك رَبك قَالَ غفر لي قَالَ بِمَاذَا قَالَ بتكبيرة كبرتها فِي ظهر مَاء بالبادية قَالَ فَمَا فعل أَخُوك الفرزدق قَالَ إِنَّمَا أهلكه قذف الْمُحْصنَات

٥٤ - وَأخرج عَن ثَوْر بن يزِيد الشَّامي قَالَ رَأَيْت الْكُمَيْت بن زيد فِي النّوم بعد مَوته فَقلت مَا فعل اللّه بك قَالَ غفر لي وَنصب لي كرسيا وأجلسني عَلَيْهِ وَأمرت بإنشاد طريب فَمَا بلغت إِلَى قولي

(حنانيك رب النَّاس من أَن يغرني ... كَمَا غرهم شرب الْحَيَاة المصرد)

قَالَ صدقت يَا كميت إِنَّه مَا غَرَّك مَا غرهم فقد غفرت لَك بصدقك فِي صفوتي من بريتي وخيرتي من خليقتي وَجعلت لَك بِكُل منشد أنْشد بَيْتا من مدحك آل مُحَمَّد رُتْبَة أرفعها لَك فِي الْآخِرَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

٥٥ - وَأخرج عَن إِبْنِ الشعشاع الْمصْرِيّ قَالَ رَأَيْت أَبَا بكر بن النابلسي أحد من قَتله بَنو عبيد على السّنة بعد مَا قتل فِي الْمَنَام وَهُوَ فِي أحسن هَيْئَة

فَقلت مَا فعل بك رَبك فَقَالَ

(حباني مالكي بدوام عز ... وواعدني بِقرب الإنتصار)

(وقربني وأدناني إِلَيْهِ ... وَقَالَ إنعم بعيش فِي جواري)

٥٦ - وَأخرج عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي قَالَ رَأَيْت سُفْيَان الثَّوْريّ فِي النّوم بعد مَوته فَقلت لَهُ مَا فعل اللّه بك فَقَالَ لم يكن إِلَّا أَن وضعت فِي اللَّحْد ووقفت بَين يَدي اللّه فحاسبني حسابا يَسِيرا ثمَّ أَمر بِي إِلَى الْجنَّة فَبينا أَنا بَين رياحينها وأشجارها لَا أسمع حسا وَلَا حَرَكَة فَإِذا بِصَوْت يَقُول يَا سُفْيَان بن سعيد هَل تعلم أَنَّك آثرت اللّه على نَفسك فَقلت إِي وَاللّه فَأَخَذَتْنِي صواني النثار من كل جَانب

٥٧ - وَأخرج عَن أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ رَأَيْت الشَّافِعِي فِي النّوم فَقلت لَهُ مَا فعل اللّه بك قَالَ غفر لي وتوجني وزوجني وَقَالَ لي بِمَا لم تزه بِمَا أرضيتك وَلم تتكبر فِيمَا أَعطيتك

٥٨ - وَأخرج عَن الرّبيع بن سُلَيْمَان قَالَ رَأَيْت الشَّافِعِي فِي النّوم فَقلت مَا صنع اللّه بك قَالَ أجلسني على كرْسِي من ذهب ونثر عَليّ اللُّؤْلُؤ الرطب

٥٩ - وَأخرج عَن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الْفَقِيه قَالَ رَأَيْت الْحَافِظ أَبَا أَحْمد الْحَاكِم فِي النّوم بعد مَوته فَقلت أَي الْفرق أَكثر نجاة عنْدكُمْ قَالَ أهل السّنة

٦٠ - وَأخرج عَن خَيْثَمَة بن سُلَيْمَان قَالَ رَأَيْت عَاصِمًا الطرابلسي أحد الْغُزَاة فِي النّوم بعد مَا توفّي فَقلت أَي شَيْء حالك يَا أَبَا عَليّ فَقَالَ إِنَّا لَا نكتني بعد الْمَوْت وَلم يجبني بعد هَذَا فَقلت أَي شَيْء حالك يَا عَاصِم وإلام صرت قَالَ صرت إِلَى رَحْمَة وَاسِعَة وجنة عالية قلت بِمَاذَا قَالَ بِكَثْرَة جهادي فِي الْبَحْر

٦١ - وَأخرج عَن مَالك بن دِينَار قَالَ رَأَيْت مُسلم بن يسَار فِي النّوم فَقلت لَهُ مَاذَا لقِيت بعد الْمَوْت قَالَ لقِيت أهوالا وزلازل عظاما شدادا قلت فَمَا كَانَ بعد ذَلِك قَالَ وَمَا ترَاهُ يكون من الْكَرِيم قبل منا الْحَسَنَات وَعَفا لنا عَن السَّيِّئَات وَضمن لنا التَّبعَات

٦٢ - وَأخرج عَن الْحسن بن عبد الْعَزِيز الْهَاشِمِي العباسي قَالَ رَأَيْت أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بن جرير فِي النّوم فَقلت كَيفَ رَأَيْت الْمَوْت قَالَ مَا رَأَيْت إِلَّا خيرا قلت كَيفَ رَأَيْت هول المطلع قَالَ مَا رَأَيْت إِلَّا خيرا قلت كَيفَ رَأَيْت مُنْكرا ونكيرا قَالَ مَا رَأَيْت إِلَّا خيرا فَقلت إِن رَبك بك حفي اذكرنا عِنْد رَبك قَالَ يَا أَبَا عَليّ تَقول اذكرنا عِنْد رَبك وَنحن نتوسل بكم إِلَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

٦٣ - وَأخرج عَن حُبَيْش بن مُبشر قَالَ رَأَيْت يحيى بن معِين فِي الْمَنَام فَقلت مَا فعل اللّه بك قَالَ قربني وأدناني وَأَعْطَانِي وحباني وزوجني ثلثمِائة حوراء وأدخلني عَلَيْهِ مرَّتَيْنِ فَقلت بِمَاذَا فَأخْرج شَيْئا من كمه وَقَالَ بِهَذَا يَعْنِي الحَدِيث

٦٤ - وَأخرج عَن سُلَيْمَان الْعمريّ قَالَ رَأَيْت أَبَا جَعْفَر القارىء يزِيد بن الْقَعْقَاع فِي النّوم بعد مَوته فَقَالَ أقرىء إخْوَانِي مني السَّلَام وَأخْبرهمْ أَن اللّه جعلني من الشُّهَدَاء الْأَحْيَاء المرزوقين وأقرىء أَبَا حَازِم مني السَّلَام وَقل لَهُ يَقُول لَك أَبُو جَعْفَر الْكيس الْكيس فَإِن اللّه تَعَالَى وَمَلَائِكَته ينزلون مجلسك بالعشيات

٦٥ - وَأخرج عَن زَكَرِيَّا بن عدي قَالَ رَأَيْت إِبْنِ الْمُبَارك فِي النّوم بعد مَوته فَقلت لَهُ مَا صنع اللّه بك قَالَ غفر لي برحلتي

٦٦ - وَأخرج عَن مُحَمَّد بن فُضَيْل بن عِيَاض قَالَ رَأَيْت إِبْنِ الْمُبَارك فِي النّوم فَقلت أَي الْعَمَل وجدت أفضل قَالَ الْأَمر الَّذِي كنت فِيهِ قلت الرِّبَاط وَالْجهَاد قَالَ نعم

٦٧ - وَأخرج عَن يزِيد بن مذعور قَالَ رَأَيْت الْأَوْزَاعِيّ فِي مَنَامِي بعد مَوته فَقلت يَا أَبَا عَمْرو دلَّنِي على شَيْء أَتَقَرَّب بِهِ إِلَى اللّه قَالَ مَا رَأَيْت هُنَاكَ دَرَجَة أرفع من دَرَجَة الْعلمَاء وَمن بعدهمْ دَرَجَة المحزونين

٦٨ - وَأخرج عَن عبد الْعَزِيز بن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ رَأَيْت أبي فِي النّوم بعد مَوته فَقلت أَي الْأَعْمَال وجدت أفضل قَالَ الإستغفار يَا بني

٦٩ - وَأخرج عَن عبد اللّه بن عبد الرَّحْمَن قَالَ رَأَيْت الْخَلِيفَة المتَوَكل فِي النّوم بعد مَوته فَقلت مَا فعل اللّه بك قَالَ غفر لي قلت بِمَ غفر لَك وَقد

عملت مَا عملت قَالَ بِالْقَلِيلِ من السّنة الَّتِي أظهرتها

٧٠ - وَأخرج عَن حجاج بن قَبيلَة قَالَ شهِدت الْحسن والفرزدق عِنْد قبر فَقَالَ الْحسن للفرزدق مَا أَعدَدْت لهَذَا الْيَوْم قَالَ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا اللّه مُنْذُ سبعين سنة فَسكت الْحسن قَالَ لبطة بن الفرزدق فَرَأَيْت أبي فِي النّوم بعد مَوته فَقَالَ لي يَا بني نفعتني الْكَلِمَة الَّتِي خاطبت بهَا الْحسن

٧١ - وَأخرج عَن عبد اللّه بن صَالح الصُّوفِي قَالَ رُؤِيَ بعض أَصْحَاب الحَدِيث فِي الْمَنَام فَقيل لَهُ مَا فعل اللّه بك قَالَ غفر لي قيل لَهُ بِأَيّ شَيْء قَالَ بصلاتي فِي كتبي على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

٧٢ - وَأخرج عَن يزِيد بن نعَامَة قَالَ رأى رجل حَيّ مَيتا فَقَالَ لَهُ الْمَيِّت يَا فلَان أخبر النَّاس أَن وَجه عَامر بن قيس يَوْم الْقِيَامَة مثل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر

٧٣ - وَأخرج عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم قَالَ رَأَيْت أبي فِي الْمَنَام بعد مَوته وَعَلِيهِ قلنسوة طَوِيلَة فَقلت مَا فعل اللّه بك قَالَ زينني بزينة الْعلم قلت فَأَيْنَ مَالك بن أنس قَالَ مَالك فَوق فَوق فَلم يزل يَقُول فَوق وَيرْفَع رَأسه حَتَّى سَقَطت القلنسوة عَن رَأسه

٧٤ - وَأخرج عَن خشنام إِبْنِ أُخْت بشر الحافي قَالَ رَأَيْت خَالِي فِي النّوم فَقلت لَهُ مَا فعل اللّه بك قَالَ غفر لي وَجعل يذكر مَا فعل اللّه بِهِ من الْكَرَامَة فَقلت لَهُ قَالَ لَك شَيْئا قَالَ نعم قَالَ لي يَا بشر وَمَا استحييت مني تخَاف ذَلِك الْخَوْف كُله على نفس هِيَ لي

٧٥ - وَأخرج عَن الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل الْمحَامِلِي قَالَ رَأَيْت القاشاني فِي النّوم فَقلت مَا فعل اللّه بك فَأَوْمأ إِلَيّ بِأَنَّهُ نجا بعد شدَّة قلت فَمَا تَقول فِي أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ غفر اللّه لَهُ قلت فبشر الحافي قَالَ ذَاك تجيئه الْكَرَامَة من اللّه فِي كل يَوْم مرَّتَيْنِ

٧٦ - وَأخرج عَن عَاصِم الْحَرْبِيّ قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنِّي دخلت فِي درب هِشَام فلقيني بشر الحافي فَقلت من أَيْن قَالَ من عليين قلت مَا فعل اللّه بِأَحْمَد بن حَنْبَل قَالَ تركت السَّاعَة أَحْمد بن حَنْبَل وَعبد الْوَهَّاب الْوراق

بَين يَدي اللّه يأكلان ويشربان ويتنعمان قلت فَأَيْنَ أَنْت قَالَ علم اللّه قلَّة رغبتي فِي الطَّعَام فأباحني بِالنّظرِ إِلَيْهِ عز وَجل

٧٧ - وَأخرج عَن أبي جَعْفَر السقاء قَالَ رَأَيْت بشرا الحافي ومعروفا الْكَرْخِي فِي النّوم كَأَنَّهُمَا جائيان فَقلت من أَيْن فَقَالَا من جنَّة الفردوس وَقد زرنا مُوسَى كليم الرَّحْمَن عز وَجل

٧٨ - وَأخرج عَن الْقَاسِم بن مُنَبّه قَالَ رَأَيْت بشرا الحافي فِي النّوم فَقلت مَا فعل اللّه بك قَالَ غفر لي وَقَالَ يَا بشر قد غفرت لَك وَلكُل من تبع جنازتك فَقلت يَا رب وَلكُل من أَحبَّنِي قَالَ وَلكُل من أحبك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

٧٩ - وَأخرج عَن أَحْمد الدوري قَالَ مَاتَ جَار لي فرأيته فِي النّوم وَعَلِيهِ حلتان قلت إيش قصتك قَالَ دفن فِي مقبرتنا بشر الحافي فكسي أهل الْمقْبرَة حلتين حلتين

٨٠ - وَأخرج عَن حجاج بن الشَّاعِر قَالَ رُؤِيَ بشر الحافي فِي النّوم فَقيل لَهُ مَا فعل اللّه بك قَالَ غفر لي وَقَالَ يَا بشر مَا عبدتني على قدر مَا نوهت بإسمك

٨١ - وَأخرج عَن رجل أَنه رأى بشرا الحافي فِي النّوم فَقَالَ لَهُ مَا فعل اللّه بك قَالَ غفر لي وَقَالَ لي يَا بشر لَو سجدت لي على الْجَمْر مَا كافأت مَا جعلت لَك فِي قُلُوب عبَادي

٨٢ - وَأخرج عَن مُحَمَّد بن خُزَيْمَة قَالَ لما مَاتَ أَحْمد بن حَنْبَل إغتممت غما شَدِيدا فَبت لَيْلَتي فرأيته فِي الْمَنَام وَهُوَ يتبختر فِي مشيته فَقلت يَا أَبَا عبد اللّه أَي مشْيَة هَذِه فَقَالَ مشْيَة الخدام فِي دَار السَّلَام فَقلت مَا فعل اللّه بك قَالَ غفر لي وتوجني وألبسني نَعْلَيْنِ من ذهب وَقَالَ يَا أَحْمد هَذَا بِقَوْلِك إِن الْقُرْآن كَلَامي ثمَّ قَالَ لي يَا أَحْمد إدعني بِتِلْكَ الدَّعْوَات الَّتِي كنت تَدْعُو بهَا فِي دَار الدُّنْيَا فَقلت يَا رب كل شَيْء فَقَالَ لي هيه فَقلت بقدرتك على كل شَيْء فَقَالَ لي صدقت فَقلت لَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء وإغفر لي كل شَيْء قَالَ قد فعلت ثمَّ قَالَ يَا أَحْمد هَذِه الْجنَّة فَقُمْ فَادْخُلْ إِلَيْهَا فَدخلت فَإِذا بسفيان الثَّوْريّ وَله جَنَاحَانِ أخضران يطير بهما من نَخْلَة إِلَى نَخْلَة وَيَقُول {الْحَمد للّه}

الَّذِي صدقنا وعده وأورثنا الأَرْض نتبوأ من الْجنَّة حَيْثُ نشَاء فَنعم أجر العاملين) قلت لَهُ مَا فعل عبد الْوَهَّاب الْوراق قَالَ تركته فِي بَحر من نور فِي زلال من نور بَين يَدي ربه الْملك الغفور قلت لَهُ مَا فعل بشر الحافي قَالَ بخ بخ وَمن مثل بشر تركته بَين يَدي الْملك الْجَلِيل وَبَين يَدَيْهِ مائدة من الطَّعَام والجليل يقبل عَلَيْهِ وَهُوَ يَقُول كل يَا من لم يَأْكُل واشرب يَا من لم يشرب وانعم يَا من لم ينعم فِي دَار الدُّنْيَا

٨٣ - وَأخرج عَن دلف بن أبي دلف الْعجلِيّ قَالَ رَأَيْت أبي فِي الْمَنَام فِي دَار وَحْشَة وعرة سَوْدَاء الْحِيطَان وَإِذا فِي أرْضهَا أثر الرماد وَإِذا أبي عُرْيَان وَاضع رَأسه بَين رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ لي كالمستفهم دلف قلت نعم أصلح اللّه الْأَمِير فَأَنْشَأَ يَقُول

(أبلغن أهلنا وَلَا تخف عَنْهُم ... مَا لَقينَا فِي البرزخ الخناق)

(قد سئلنا عَن كل مَا قد فعلنَا ... فارحموا وحشتي وَمَا قد أُلَاقِي) أفهمت قلت نعم ثمَّ أنشأ يَقُول

(فَلَو أَنا إِذا متْنا تركنَا ... لَكَانَ الْمَوْت رَاحَة كل حَيّ)

(وَلَكنَّا إِذا متْنا بعثنَا ... فنسأل بعده عَن كل شَيْء)

إنصرف قَالَ فانتبهت

٨٤ - وَأخرج عَن الْأَصْمَعِي عَن أَبِيه قَالَ رَأَيْت الْحجَّاج فِي الْمَنَام فَقلت مَا فعل اللّه بك قَالَ قتلني بِكُل قتلة قتلت بهَا إنْسَانا سبعين قتلة ثمَّ رَأَيْته بعد الْحول فَقلت مَا صنع اللّه بك قَالَ أما سَأَلت عَن هَذَا عَام أول

٨٥ - وَأخرج عَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن جيفة ملقاة فَقلت مَا هَذِه قَالُوا إِنَّك إِن كَلمته كلمك فوكزته برجلي فَرفع رَأسه

إِلَيّ وَفتح عَيْنَيْهِ فَقلت لَهُ من أَنْت قَالَ أَنا الْحجَّاج قدمت على اللّه فَوَجَدته شَدِيد الْعقَاب فقتلني بِكُل قتلة قتلة وَهَا أَنا مَوْقُوف بَين يَدي اللّه أنْتَظر مَا ينتظره الموحدون من رَبهم إِمَّا إِلَى الْجنَّة وَإِمَّا إِلَى النَّار

٨٦ - وَأخرج عَن أَشْعَث قَالَ رَأَيْت الْحجَّاج فِي مَنَامِي بِحَال سَيِّئَة قلت مَا صنع بك رَبك قَالَ مَا قتلت أحدا قتلة إِلَّا قتلني بهَا قلت ثمَّ مَه قَالَ ثمَّ أَرْجُو مَا يَرْجُو أهل لَا إِلَه إِلَّا اللّه

٨٧ - وَأخرج عَن أبي الْحسن قَالَ رَأَيْت فِيمَا يرى النَّائِم كَأَنِّي أدخلت موضعا وَاسِعًا وَإِذا رجل على سَرِير قَاعد وَإِذا رجل يقلي بَين يَدَيْهِ قلت من هَذَا الْقَاعِد قيل إِن ذَا يزِيد النَّحْوِيّ وَهَذَا أَبُو مُسلم يَعْنِي الْخُرَاسَانِي صَاحب الدعْوَة يقلي بَين يَدَيْهِ قلت فَمَا حَال إِبْرَاهِيم الصَّائِغ قَالَ ذَاك فِي أَعلَى عليين من يصل إِلَيْهِ قَالَ أَبُو الْحُسَيْن وَقيل لي فِي الْمَنَام إِن هَذَا الَّذِي رَأَيْته رَآهُ رجل صَالح فِي كور خُرَاسَان فَكَانَ يجيئنا بعد ذَلِك وَيذكر أَن ببلخ رجلا رأى هَذِه الرُّؤْيَا وبسمرقند وجورجان وكور خُرَاسَان

٨٨ - وَأخرج عَن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن الْمعبر قَالَ رَأَيْت صَالح بن عبد القدوس ضَاحِكا مُسْتَبْشِرًا فَقلت مَا فعل بك رَبك وَكَيف نجوت مِمَّا كنت ترمى بِهِ من الزندقة قَالَ إِنِّي وَردت على رَبِّي لَا تخفى عَلَيْهِ خافية فاستقبلني برحمته قَالَ قد علمت براءتك مِمَّا كنت ترمى بِهِ

٨٩ - وَأخرج عَن أبي يزِيد طيفور البسطامي قَالَ رَأَيْت عَليّ بن أبي طَالب رَضِي اللّه عَنهُ فِي النّوم فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عَلمنِي كلمة تنفعني فَقَالَ مَا أحسن تواضع الْأَغْنِيَاء للْفُقَرَاء رَجَاء ثَوَاب اللّه قلت زِدْنِي قَالَ وأحس مِنْهُ تيه الْفُقَرَاء على الْأَغْنِيَاء ثِقَة بِمَا عِنْد اللّه قلت زِدْنِي قَالَ وَأحسن مِنْهُ فَفتح كَفه فَإِذا فِيهِ مَكْتُوب بِمَاء الذَّهَب

(قد كنت مَيتا فصرت حَيا ... وَعَن قَلِيل تكون مَيتا)

(فَابْن بدار الْبَقَاء بَيْتا ... واهدم بدار الفناء بَيْتا)

٩٠ - وَأخرج عَن بعض المكيين قَالَ رَأَيْت سعيد بن سَالم القداح فِي النّوم فَقلت من أفضل من فِي هَذِه الْقُبُور قَالَ صَاحب هَذَا الْقَبْر قلت بِمَ

فَضلكُمْ قَالَ إِنَّه أَبْتَلِي فَصَبر قلت مَا فعل فُضَيْل بن عِيَاض قَالَ هَيْهَات كسي حلَّة لَا تقوم لَهَا الدُّنْيَا بحواشيها

٩١ - وَأخرج عَن أبي الْفرج غيث بن عَليّ قَالَ رَأَيْت أَبَا الْحسن العاقولي المقرىء فِي النّوم فِي هَيْئَة صَالِحَة فَسَأَلته عَن حَاله فَذكر خيرا قلت أَلَيْسَ قد مت قَالَ بلَى قلت كَيفَ رَأَيْت الْمَوْت قَالَ حسن أَو جيد وَهُوَ مُسْتَبْشِرٍ قلت غفر لَك دخلت الْجنَّة قَالَ نعم قلت فَأَي الْأَعْمَال أَنْفَع قَالَ مَا ثمَّ شَيْء أَنْفَع من الإستغفار أَكثر مِنْهُ

٩٢ - وَأخرج عَن الْحسن بن يُونُس الْحَرَّانِي قَالَ رَأَيْت الهاجور الْأَمِير فِي النّوم فَقلت لَهُ مَا فعل اللّه بك قَالَ غفر لي قلت بِمَاذَا قَالَ بضبطي لطريق الْمُسلمين وَطَرِيق الْحَاج

٩٣ - وَأخرج عَن أبي نصر بن مَاكُولَا قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنِّي أسأَل عَن حَال أبي الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْآخِرَة فَقيل لي ذَاك يدعى فِي الْجنَّة الإِمَام

٩٤ - وَأخرج عَن أبي نصر خلف الْوزان قَالَ رُؤِيَ يُوسُف بن الْحُسَيْن الرَّازِيّ الصُّوفِي فِي النّوم فَقيل لَهُ مَا فعل اللّه بك قَالَ غفر لي ورحمني قلت بِمَاذَا قَالَ بِكَلِمَات قلتهَا عِنْد الْمَوْت قلت اللّهمَّ نصحت النَّاس قولا وخنت نَفسِي فعلا فَهَب لي خِيَانَة فعلي لنصيحة قولي

٩٥ - وَأخرج عَن عبد اللّه بن صَالح قَالَ رُؤِيَ أَبُو نواس فِي الْمَنَام وَهُوَ فِي نعْمَة كَبِيرَة فَقيل لَهُ مَا فعل اللّه بك قَالَ غفر لي وَأَعْطَانِي هَذِه النِّعْمَة قيل بِمَاذَا وَقد كنت مخلطا قَالَ جَاءَ بعض الصَّالِحين إِلَى الْمَقَابِر فِي لَيْلَة من اللَّيَالِي فَبسط رِدَاءَهُ وَصلى رَكْعَتَيْنِ قَرَأَ فيهمَا ألفي مرّة {قل هُوَ اللّه أحد} وَجعل ثَوَابهَا لأهل الْمَقَابِر فغفر اللّه لأهل الْمَقَابِر عَن آخِرهم فَدخلت أَنا فِي جُمْلَتهمْ

٩٦ - وَأخرج عَن مُحَمَّد بن نَافِع قَالَ رَأَيْت أَبَا نواس وَأَنا بَين النَّائِم وَالْيَقظَان فَقلت أَبُو نواس قَالَ لات حِين كنيته قلت الْحسن بن هانىء قَالَ نعم قلت مَا فعل اللّه بك قَالَ غفر لي بِأَبْيَات قلتهَا هِيَ تَحت الوسادة فَأتيت أَهله فَرفعت لي الوسادة فَإِذا برقعة فِيهَا مَكْتُوب

(يَا رب إِن عظمت ذُنُوبِي كَثْرَة ... فَلَقَد علمت بِأَن عفوك أعظم)

(إِن كَانَ لَا يرجوك إِلَّا محسن ... فبمن يلوذ ويستجير المجرم)

(أَدْعُوك رب كَمَا أمرت تضرعا ... فَإِذا رددت يَدي فَمن ذَا يرحم)

(مَا لي إِلَيْك وَسِيلَة إِلَّا الرجا ... وَجَمِيل عفوك ثمَّ أَنِّي مُسلم)

٩٧ - وَأخرج عَن أبي بكر الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ رُؤِيَ أَبُو نواس فِي الْمَنَام فَقيل لَهُ مَا فعل اللّه بك قَالَ غفر لي بِأَبْيَات قلتهَا فِي النرجس وَهِي

(تَأمل فِي نَبَات الأَرْض وَانْظُر ... إِلَى آثَار مَا صنع المليك)

(عُيُون من لجين شاخصات ... بأحداق كَمَا الذَّهَب السبيك)

(على قضب الزبرجد شاهدات ... بِأَن اللّه لَيْسَ لَهُ شريك)

(وَأَن مُحَمَّدًا عبد رَسُول ... إِلَى الثقلَيْن أرْسلهُ المليك)

٩٨ - وَأخرج عَن عبد اللّه بن مُحَمَّد الْمروزِي قَالَ رَأَيْت يَعْقُوب بن سُفْيَان الْحَافِظ فِي النّوم فَقلت مَا فعل اللّه بك قَالَ غفر لي وَأَمرَنِي أَن أحدث فِي السَّمَاء كَمَا كنت أحدث فِي الأَرْض فَحدثت فِي السَّمَاء الرَّابِعَة فَاجْتمع عَليّ الْمَلَائِكَة واستملى على جِبْرِيل وَكَتَبُوا بأقلام من ذهب

٩٩ - وَأخرج عَن أبي عبيد بن حربويه أَن رجلا حضر جَنَازَة السّري السَّقطِي فَلَمَّا كَانَ فِي بعض اللَّيْل رَآهُ فِي النّوم فَقَالَ مَا فعل اللّه بك قَالَ غفر لي وَلمن حضر جنازتي وَصلى عَليّ قَالَ فَإِنِّي مِمَّن حضر جنازتك وَصلى عَلَيْك فَأخْرج درجا فَنظر فِيهِ فَلم ير فِيهِ إسمه فَقَالَ بلَى قد حضرت قَالَ فَنظر فَإِذا إسمه فِي الْحَاشِيَة

١٠٠ - وَأخرج عَن أبي الْقَاسِم ثَابت بن أَحْمد بن الْحُسَيْن الْبَغْدَادِيّ قَالَ رَأَيْت أَبَا الْقَاسِم سعد بن مُحَمَّد الزنجاني فِي النّوم يَقُول لي مرّة بعد أُخْرَى يَا أَبَا الْقَاسِم إِن اللّه يَبْنِي لأهل الحَدِيث بِكُل مجْلِس يجلسونه بَيْتا فِي الْجنَّة

١٠١ - وَأخرج عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن دَاره قَالَ رَأَيْت أَبَا زرْعَة فِي الْمَنَام فَقلت لَهُ مَا حالك قَالَ أَحْمد اللّه على الْأَحْوَال كلهَا إِن أحضرت

فوقفت بَين يَدي اللّه فَقَالَ لي يَا عبيد اللّه لم تدرعت فِي القَوْل فِي عبَادي قلت يَا رب إِنَّهُم حاولوا دينك قَالَ صدقت ثمَّ أُتِي بطاهر الخلقاني فاستعديت عَلَيْهِ إِلَى رَبِّي فَضَربهُ الْحَد مائَة ثمَّ أَمر إِلَى الْحَبْس ثمَّ قَالُوا ألْحقُوا عبيد اللّه بِأَصْحَابِهِ بِأبي عبد اللّه وَأبي عبد اللّه وَأبي عبد اللّه سُفْيَان الثَّوْريّ وَمَالك بن أنس وَأحمد بن حَنْبَل

١٠٢ - وَأخرج عَن حَفْص بن عبد اللّه قَالَ رَأَيْت أَبَا زرْعَة فِي النّوم بعد مَوته يُصَلِّي فِي السَّمَاء الدُّنْيَا بِالْمَلَائِكَةِ قلت بِمَ نلْت هَذَا قَالَ كتبت بيَدي ألف ألف حَدِيث أَقُول فِيهَا عَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَقد قَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم من صلى عَليّ صَلَاة صلى عَلَيْهِ بهَا عشرا

١٠٣ - وَأخرج عَن يزِيد بن مخلد الطرسوسي قَالَ رَأَيْت أَبَا زرْعَة بعد مَوته يُصَلِّي فِي السَّمَاء الدُّنْيَا بِقوم عَلَيْهِم ثِيَاب بيض وَعَلِيهِ ثِيَاب بيض وهم يرفعون أَيْديهم فِي الصَّلَاة فَقلت يَا أَبَا زرْعَة من هَؤُلَاءِ قَالَ الْمَلَائِكَة قلت بِأَيّ شَيْء أدْركْت هَذَا قَالَ بِرَفْع الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاة قلت فَإِن الجهيمة قد آذوا أَصْحَابنَا بِالريِّ قَالَ أسكت فَإِن أَحْمد بن حَنْبَل قد سد عَلَيْهِم المَاء من فَوق

١٠٤ - وَأخرج عَن أبي الْعَبَّاس الْمرَادِي قَالَ رَأَيْت أَبَا زرْعَة فَقلت مَا فعل اللّه بك قَالَ لقِيت رَبِّي فَقَالَ لي يَا أَبَا زرْعَة إِنِّي أُوتى بالطفل فآمر بِهِ إِلَى الْجنَّة فَكيف بِمن حفظ السّنَن على عبَادي تبوأ من الْجنَّة حَيْثُ شِئْت

١٠٥ - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن صَدَقَة بن يزِيد قَالَ نظرت إِلَى ثَلَاثَة أقبر على شرف من الأَرْض بِنَاحِيَة طرابلس أَو أنطابلس أَحدهَا مَكْتُوب عَلَيْهِ هَذِه

(وَكَيف يلد الْعَيْش من هُوَ موقن ... بِأَن المنايا بَغْتَة ستعالجه)

(وتسلبه ملكا عَظِيما وَنَحْوه ... وتسكنه الْبَيْت الَّذِي هُوَ أَهله)

وعَلى الْقَبْر الثَّانِي

(وَكَيف يلد الْعَيْش من هُوَ عَالم ... بِأَن إِلَه الْخلق لَا بُد سائله)

(فَيَأْخُذ مِنْهُ ظلمه لِعِبَادِهِ ... ويجزيه بِالْخَيرِ الَّذِي هُوَ فَاعله)

وعَلى الْقَبْر الثَّالِث

(وَكَيف يلد الْعَيْش من هُوَ صائر ... إِلَى جدث تبلي الشَّبَاب مَنَازِله)

(وَيذْهب حسن الْوَجْه من بعد ضوئه ... سَرِيعا ويبلى جِسْمه ومفاصله)

فَنزلت قَرْيَة بِالْقربِ مِنْهَا فَقلت لشيخ بهَا لقد رَأَيْت عجبا قَالَ وَمَا ذَاك قلت رَأَيْت هَذِه الْقُبُور قَالَ حَدِيثهَا أعجب مِمَّا رَأَيْت عَلَيْهَا قلت فَحَدثني قَالَ كَانُوا ثَلَاثَة إخْوَة وَاحِد يصحب السُّلْطَان وَيُؤمر على الجيوش والمدن وَآخر تَاجر مُوسر مُطَاع فِي تِجَارَته وَآخر زاهد قد تخلى وَانْفَرَدَ لعبادة ربه فَحَضَرت الزَّاهِد الْوَفَاة فَأَتَاهُ أَخُوهُ صَاحب السُّلْطَان وَكَانَ عبد الْملك بن مَرْوَان قد ولاه ببلاده وَأَتَاهُ التَّاجِر فَقَالَا لَهُ توصي بِشَيْء فَقَالَ وَاللّه مَا لي مَال أوصِي بِهِ وَلَا عَليّ دين أوصِي بِهِ وَلَا أخلف من الدُّنْيَا عرضا وَلَكِن أَعهد إلَيْكُمَا عهدا فَلَا تخالفاه إِذا مت فادفناني على نشز من الأَرْض واكتبا على قَبْرِي وكي يلذ الْعَيْش من هُوَ عَالم الْبَيْتَيْنِ ثمَّ زوروا قَبْرِي ثَلَاثَة أَيَّام لعلكما تتعظان

ففعلا ذَلِك فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث أَتَى أَخُوهُ صَاحب السُّلْطَان الْقَبْر فَلَمَّا أَرَادَ الإنصراف سمع من دَاخل الْقَبْر هدة أرعبته وأفزعته فَانْصَرف مذعورا وجلا

فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل رأى أَخَاهُ فِي الْمَنَام فَقَالَ أَي أخي مَا الَّذِي سَمِعت فِي قبرك قَالَ هدة تِلْكَ المقمعة قيل لي رَأَيْت مَظْلُوما فَلم تنصره فَأصْبح فَدَعَا أَخَاهُ وخاصته فَقَالَ إِنِّي أشهدكم أَنِّي لَا أقيم بَين ظهرانيكم أبدا فَترك الأمارة وَلزِمَ الْعِبَادَة وَكَانَ مَأْوَاه البراري وَالْجِبَال وبطون الأودية فحضرته الْوَفَاة فَحَضَرَ أَخُوهُ فَقَالَ يَا أخي أَلا توصي بِشَيْء قَالَ مَا لي مَال وَلَا عَليّ دين وَلَكِن أَعهد إِلَيْك إِذا أَنا مت فَاجْعَلْ قَبْرِي إِلَى جنب قبر أخي واكتب عَلَيْهِ وَكَيف يلذ الْعَيْش من هُوَ موقن الْبَيْتَيْنِ ثمَّ تعهد قَبْرِي ثَلَاثًا

فَلَمَّا مَاتَ فعل أَخُوهُ ذَلِك فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّالِث من إِتْيَانه الْقَبْر أَرَادَ الإنصراف فَسمع وجبة من الْقَبْر كَادَت تذْهب عقله فَرجع مَرْعُوبًا فَلَمَّا كَانَ

اللَّيْل رأى أَخَاهُ فِي مَنَامه فَقَالَ كَيفَ أَنْت قَالَ بِكُل خير وَمَا أجمع التَّوْبَة لكل خير فَقَالَ فَكيف أخي قَالَ مَعَ الْأَئِمَّة الْأَبْرَار قَالَ فَمَا أمرنَا قبلكُمْ قَالَ من قدم شَيْئا وجده فاغتنم وَجدك قبل فقرك فَأصْبح الْأَخ الثَّالِث مُعْتَزِلا للدنيا وَفرق مَاله وَأَقْبل على طَاعَة اللّه تَعَالَى وَنَشَأ إِبْنِ لَهُ فِي المكاسب حَتَّى أَتَت أَبَاهُ الْوَفَاة قَالَ يَا أَبَت أَلا توصي لي بِشَيْء قَالَ يَا بني مَا لي مَال فأوصي فِيهِ وَلَكِن أَعهد إِلَيْك إِذا أَنا مت أَن تدفني مَعَ عميك وَأَن تكْتب على قَبْرِي وَكَيف يلذ الْعَيْش من هُوَ صائر الْبَيْتَيْنِ ثمَّ تعاهد قَبْرِي ثَلَاثًا

فَفعل الْفَتى ذَلِك فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث سمع من الْقَبْر صَوتا هاله فَانْصَرف مهموما فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل رأى أَبَاهُ فِي مَنَامه قَالَ لَهُ يَا بني أَنْت عندنَا عَن قَلِيل وَالْأَمر جد فاستعد وتأهب لرحيلك وَطول سفرك وحول جهازك من الْمنزل الَّذِي أَنْت عَنهُ ظاعن إِلَى الْمنزل الَّذِي أَنْت بِهِ قاطن وَلَا تغتر بِمَا إغتر بِهِ البطالون من طول آمالهم فقصروا فِي أَمر معادهم فَنَدِمُوا عِنْد الْمَوْت وأسفوا على تَضْييع الْعُمر فَلَا الندامة عِنْد الْمَوْت تنفعهم وَلَا الأسف على التَّقْصِير أنقذهم

أَي بني فبادر ثمَّ بَادر ثمَّ بَادر فَقَالَ الشَّيْخ فَدخلت على الْفَتى صَبِيحَة الرُّؤْيَا فَقَصَّهَا عَليّ وَقَالَ مَا أرى الْأَمر الَّذِي قَالَ أبي إِلَّا وَقد أظلني وَلَا أَحسب بَقِي من أَجلي إِلَّا ثَلَاثَة أشهر أَو ثَلَاثَة أَيَّام لِأَنَّهُ أنذرني بالمبادرة ثَلَاثًا فَلَمَّا كَانَ آخر الْيَوْم الثَّالِث دَعَا أَهله وَولده فودعهم ثمَّ إستقبل الْقبْلَة وَتشهد ثمَّ مَاتَ من اللَّيْل