٣٤ - بَاب عَذَاب الْقَبْروَقع ذكره فِي الْقُرْآن فِي عدَّة أَمَاكِن كَمَا بَينته فِي الإكليل فِي إستنباط التَّنْزِيل ١ - وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو اللّهمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب الْقَبْر ٢ - وَأخرج عَن عَائِشَة رَضِي اللّه عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عَذَاب الْقَبْر حق ٣ - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وَمُسلم عَن زيد بن ثَابت قَالَ بَيْنَمَا النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي حَائِط لبني النجار على بغلة لَهُ وَنحن مَعَه إِذْ حادت بِهِ فَكَادَتْ تلقيه وَإِذا أقبر سِتَّة أَو خَمْسَة أَو أَرْبَعَة فَقَالَ من يعرف أَصْحَاب هَذِه الأقبر فَقَالَ رجل أَنا فَقَالَ مَتى مَاتَ هَؤُلَاءِ قَالَ مَاتُوا فِي الْإِشْرَاك فَقَالَ إِن هَذِه الْأمة تبتلى فِي قبورها فلولا أَن لَا تدافنوا لَدَعَوْت اللّه أَن يسمعكم من عَذَاب الْقَبْر الَّذِي أسمع مِنْهُ ٤ - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة والشيخان عَن عَائِشَة رَضِي اللّه عَنْهَا أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن أهل الْقُبُور يُعَذبُونَ فِي قُبُورهم عذَابا تسمعه الْبَهَائِم ٥ - وَأخرج أَحْمد والبرار عَن جَابر قَالَ دخل رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نخلا لبني النجار فَسمع أصوات رجال من بني النجار مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يُعَذبُونَ فِي قُبُورهم فَخرج فَزعًا فَأمر أَصْحَابه أَن يتعوذوا من عَذَاب الْقَبْر ٦ - وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى والآجري عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يُسَلط على الْكَافِر فِي قَبره تسع وَتسْعُونَ تنينا تلدغه حَتَّى تقوم السَّاعَة ٧ - وَأخرج أَبُو يعلى والآجري وإبن مَنْدَه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْمُؤمن فِي قَبره فِي رَوْضَة ويرحب لَهُ قَبره سبعين ذِرَاعا وينور لَهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر أَتَدْرُونَ فِيمَا نزلت هَذِه الْآيَة {فَإِن لَهُ معيشة ضنكا} قَالُوا اللّه وَرَسُوله أعلم قَالَ عَذَاب الْكَافِر فِي قَبره وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّه ليسلط عَلَيْهِ تِسْعَة وَتسْعُونَ تنينا ينفخون فِي جِسْمه ويلسعونه ويخدشونه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ٨ - وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة رَضِي اللّه عَنْهَا أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يُرْسل على الْكَافِر حيتان وَاحِدَة من قبل رَأسه والآخرى من قبل رجلَيْهِ يقرضانه قرضا كلما فرغتا عادتا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ٩ - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وإبن أبي الدُّنْيَا والآجري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم تنزهوا من الْبَوْل فَإِن عَامَّة عَذَاب الْقَبْر مِنْهُ ١٠ - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة والشيخان عَن إِبْنِ عَبَّاس أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مر على قبرين فَقَالَ إنَّهُمَا ليعذبان وَمَا يعذبان فِي كَبِير أما أَحدهمَا فَكَانَ لَا يستنزه من الْبَوْل وَأما الآخر فَكَانَ يمشي بالنميمة ثمَّ أَخذ جَرِيدَة رطبَة فَشَقهَا بإثنتين فَجعل على كل قبر وَاحِدَة فَقَالُوا يَا رَسُول اللّه لم فعلت هَذَا قَالَ لَعَلَّه يُخَفف عَنْهُمَا مَا لم ييبسا ١١ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن مَيْمُونَة قَالَت قَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَا مَيْمُونَة تعوذي بِاللّه من عَذَاب الْقَبْر وَإِن من أَشد عَذَاب الْقَبْر الْغَيْبَة وَالْبَوْل ١٢ - وَأخرج أَحْمد والأصبهاني عَن يعلى بن سيابة أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَتَى على قبر يفتن صَاحبه فَقَالَ إِن هَذَا كَانَ يَأْكُل لُحُوم النَّاس ثمَّ دَعَا بجريدة رطبَة فوضعها على قَبره وَقَالَ لَعَلَّه أَن يُخَفف عَنهُ مَا دَامَت هَذِه رطبَة ١٣ - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَن يعلى بن مرّة قَالَ مَرَرْت مَعَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم على مَقَابِر فَسمِعت ضغطة فِي قبر فَقلت يَا رَسُول اللّه سَمِعت ضغطة فِي قبر قَالَ وَسمعت يَا يعلى قلت نعم قَالَ فَإِنَّهُ يعذب فِي يسير من الْأَمر قلت وَمَا هُوَ قَالَ كَانَ يمشي بَين النَّاس بالنميمة وَكَانَ لَا يتنزه عَن الْبَوْل ثمَّ ذكر قصَّة الجريدة يعلى بن مرّة وَهُوَ يعلى بن سيابة وسيابة أمه ١٤ - وَأخرج أَحْمد عَن أنس قَالَ بَيْنَمَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي نخل لأبي طَلْحَة وبلال يمشي وَرَاءه فَمر بِقَبْر فَقَالَ يَا بِلَال هَل تسمع مَا أسمع صَاحب هَذَا الْقَبْر يعذب فَسَأَلَ عَنهُ فَوَجَدَهُ يَهُودِيّا ١٥ - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن عَذَاب الْقَبْر من ثَلَاثَة من الْغَيْبَة والنميمة وَالْبَوْل فإياكم وَذَلِكَ ١٦ - وَأخرج عَن قَتَادَة قَالَ عَذَاب الْقَبْر ثَلَاثَة أَثلَاث ثلث من الْغَيْبَة وَثلث من النميمة وَثلث من الْبَوْل ١٧ - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وَأحمد وإبن حبَان والآجري عَن أم مُبشر أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إستعيذوا بِاللّه من عَذَاب الْقَبْر قلت يَا رَسُول اللّه وَإِنَّهُم ليعذبون فِي قُبُورهم قَالَ نعم عذَابا تسمعه الْبَهَائِم ١٨ - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن إِبْنِ مَسْعُود عَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْمَوْتَى ليعذبون فِي قُبُورهم حَتَّى إِن الْبَهَائِم لتسمع أَصْوَاتهم ١٩ - وَأخرج فِي الْأَوْسَط عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ كنت مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر وَهُوَ يسير على رَاحِلَته فنفرت فَقلت يَا رَسُول اللّه مَا شَأْن راحلتك نفرت قَالَ إِنَّهَا سَمِعت صَوت رجل يعذب فِي قَبره فنفرت لذَلِك ٢٠ - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله تَعَالَى {كَمَا يئس الْكفَّار من أَصْحَاب الْقُبُور} قَالَ الْكفَّار إِذا دخلُوا الْقُبُور فعاينوا مَا أعد اللّه لَهُم من الخزي يئسوا من رَحْمَة اللّه ٢١ - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وإبن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْقُبُور واللالكائي فِي السّنة وإبن مَنْدَه عَن إِبْنِ عمر قَالَ بَيْنَمَا أَنا أَسِير بجنبات بدر إِذْ خرج رجل من حُفْرَة فِي عُنُقه سلسلة فناداني يَا عبد اللّه إسقني فَلَا أَدْرِي أعرف إسمي أَو دَعَاني بِدِعَايَةِ الْعَرَب وَخرج رجل من تِلْكَ الحفرة فِي يَده سَوط فناداني يَا عبد اللّه لَا تسقه فَإِنَّهُ كَافِر ثمَّ ضربه بِالسَّوْطِ حَتَّى عَاد إِلَى حفرته فَأتيت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ لي أَو قد رَأَيْته قلت نعم قَالَ ذَاك عَدو اللّه أَبُو جهل وَذَاكَ عَذَابه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ٢٢ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب من عَاشَ بعد الْمَوْت والخلال فِي السّنة وإبن الْبَراء فِي الرَّوْضَة عَن إِبْنِ عمر رَضِي اللّه عَنْهُمَا قَالَ خرجت مرّة بسفر فمررت بِقَبْر من قُبُور الْجَاهِلِيَّة فَإِذا رجل قد خرج من الْقَبْر يتأجج نَارا فِي عُنُقه سلسلة من نَار وَمَعِي إداوة من مَاء فَلَمَّا رَآنِي قَالَ يَا عبد اللّه إسقني قَالَ فَقلت عرفني وَدَعَانِي بإسمي أَو كلمة تَقُولهَا الْعَرَب يَا عبد اللّه إِذْ خرج على أَثَره رجل من الْقَبْر فَقَالَ يَا عبد اللّه لَا تسقه فَإِنَّهُ كَافِر ثمَّ ضربه بِالسَّوْطِ ثمَّ أَخذ السلسلة فاجتذبه فَأدْخلهُ الْقَبْر قَالَ ثمَّ أضافني اللَّيْل إِلَى بَيت عَجُوز إِلَى جَانب بَيتهَا قبر فَسمِعت من الْقَبْر صَوتا يَقُول بَوْل وَمَا بَوْل شن وَمَا شن فَقلت للعجوز مَا هَذَا قَالَت هَذَا كَانَ زوجا لي وَكَانَ إِذا بَال لم يتق الْبَوْل وَكنت أَقُول لَهُ وَيحك إِن الْجمل إِذا بَال تفاحج فَكَانَ يَأْبَى وَهُوَ يُنَادي مُنْذُ يَوْم مَاتَ وَهُوَ يَقُول بَوْل وَمَا بَوْل قلت فَمَا الشن قَالَت جَاءَهُ رجل عطشان فَقَالَ إسقني فَقَالَ دُونك الشن فَإِذا لَيْسَ فِيهِ شَيْء فَخر الرجل مَيتا فَهُوَ يُنَادي مُنْذُ يَوْم مَاتَ شن وَمَا شن فَلَمَّا قدمت على رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أخْبرته فَنهى أَن يُسَافر الرجل وَحده ٢٣ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي الْقُبُور عَن الْحُوَيْرِث بن الربَاب قَالَ بَينا أَنا بالأثابة إِذْ خرج علينا إِنْسَان من قبر يلتهب وَجهه وَرَأسه نَارا فِي جَامِعَة من حَدِيد فَقَالَ إسقني وَخرج فِي أَثَره إِنْسَان يَقُول لَا تسق الْكَافِر فأدركه وَأخذ بِطرف السلسلة فكبه ثمَّ جَرّه حَيْثُ دخلا الْقَبْر جَمِيعًا قَالَ الْحُوَيْرِث فَصَارَت النَّاقة لَا أقدر مِنْهَا على شَيْء حَتَّى التوت بعرق الظبية فبركت فَنزلت فَصليت الْمغرب وَالْعشَاء ثمَّ ركبت حَتَّى أَصبَحت بِالْمَدِينَةِ فَأتيت عمر بن الْخطاب رَضِي اللّه عَنهُ فَأَخْبَرته قَالَ يَا حويرث وَاللّه مَا أتهمك وَلَقَد أَخْبَرتنِي خَبرا سديدا فَأرْسل عمر إِلَى مشيخة من كنفى الصُّغْرَى قد أدركوا الْجَاهِلِيَّة ثمَّ دَعَا الْحُوَيْرِث فَقَالَ إِن هَذَا قد أَخْبرنِي حَدِيثا وَلست أَتَّهِمهُ حَدثهمْ يَا حويرث بِمَا حَدَّثتنِي فَحَدثهُمْ فَقَالُوا قد عرفنَا هَذَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا رجل من بني غفار مَاتَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَلم يكن يرى للضيف حَقًا ٢٤ - وَأخرج أَيْضا عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ بَيْنَمَا هُوَ رَاكب يسير بَين مَكَّة وَالْمَدينَة إِذْ مر بمقبرة فَإِذا بِرَجُل قد خرج من قَبره يلتهب نَارا مصفدا فِي الْحَدِيد فَقَالَ يَا عبد اللّه إنضح يَا عبد اللّه إنضح وَخرج آخر يتلوه يَا عبد اللّه لَا تنضح يَا عبد اللّه لَا تنضح وَغشيَ على الرَّاكِب فَأصْبح وَقد إبيض شعره فَأخْبر عُثْمَان بذلك فَنهى أَن يُسَافر الرجل وَحده ٢٥ - وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وإبن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي رَافع قَالَ مَرَرْت مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِالبَقِيعِ فَقَالَ أُفٍّ أُفٍّ فَظَنَنْت أَنه يُرِيدنِي فَقلت يَا رَسُول اللّه أحدثت شَيْئا قَالَ وَمَا ذَاك قلت أففت مني قَالَ لَا وَلَكِن صَاحب هَذَا الْقَبْر فلَان بعثته ساعيا على بني فلَان فَغَلَّ درعا فدرع الْآن مثلهَا من النَّار ٢٦ - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وهناد وإبن أبي الدُّنْيَا عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل قَالَ مَاتَ رجل يرَوْنَ أَن عِنْده ورعا فَأتي فِي قَبره فَقيل إِنَّا جالدوك مائَة جلدَة من عَذَاب اللّه فَقَالَ فيمَ تجلدوني فقد كنت أتوقى وأتورع فَقيل خَمْسُونَ فَلم يزَالُوا يناقصون حَتَّى صَار إِلَى جلدَة فجلد فالتهب الْقَبْر عَلَيْهِ نَارا وَهلك الرجل ثمَّ أُعِيد فَقَالَ فيمَ جلدتموني قَالُوا صليت يَوْمًا وَأَنت على غير وضوء ومررت بمظلوم يستغيث فَلم تغثه ٢٧ - وَأخرج البُخَارِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي كتاب التوبيخ عَن إِبْنِ مَسْعُود عَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَمر بِعَبْد من عباد اللّه أَن يضْرب فِي قَبره مائَة جلدَة فَلم يزل يسْأَل اللّه ويدعوه حَتَّى صَارَت وَاحِدَة فَامْتَلَأَ قَبره عَلَيْهِ نَارا فَلَمَّا إرتفع عَنهُ أَفَاق فَقَالَ علام جلدتموني قَالُوا صليت صَلَاة بِغَيْر طهُور ومررت على مظلوم فَلم تنصره ٢٨ - وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ كَانَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مِمَّا يكثر أَن يَقُول لأَصْحَابه هَل رأى أحد مِنْك رُؤْيا وَإنَّهُ قَالَ لنا ذَات غَدَاة إِنَّه أَتَانِي اللَّيْلَة آتيان فَقَالَا لي إنطلق فَانْطَلَقت مَعَهُمَا فأخرجاني إِلَى الأَرْض المقدسة فأتينا على رجل مُضْطَجع وَإِذا آخر قَائِم عَلَيْهِ بصخرة وَإِذا هُوَ يهوي بالصخرة لرأسه فيثلع رَأسه فيتدهده الْحجر هَا هُنَا فَيتبع الْحجر فَيَأْخذهُ فَلَا يرجع إِلَيْهِ حَتَّى يَصح رَأسه كَمَا كَانَ ثمَّ يعود عَلَيْهِ فيفعل بِهِ مثل مَا فعل فِي الْمرة الأولى قلت لَهما سُبْحَانَ اللّه مَا هَذَانِ فَقَالَا لي إنطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على رجل مستلق لقفاه وَإِذا آخر قَائِم عَلَيْهِ بكلوب من حَدِيد وَإِذا هُوَ يَأْتِي أحد شقي وَجهه فيشرشر شدقه إِلَى قَفاهُ ومنخره إِلَى قَفاهُ وعينه إِلَى قَفاهُ ثمَّ يتَحَوَّل إِلَى الْجَانِب الآخر فيفعل بِهِ مثل مَا فعل بالجانب الأول فَمَا يفرغ من ذَلِك الْجَانِب حَتَّى يَصح الْجَانِب كَمَا كَانَ ثمَّ يعود عَلَيْهِ فيفعل مثل مَا فعل فِي الْمرة الأولى بالجانب الأول فَمَا يفرغ من ذَلِك الْجَانِب حَتَّى يَصح ذَلِك الْجَانِب كَمَا كَانَ ثمَّ يعود عَلَيْهِ فيفعل مثل مَا فعل فِي الْمرة الأولى قلت سُبْحَانَ اللّه مَا هَذَانِ فَقَالَا لي إنطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على مثل التَّنور فَإِذا فِيهِ لغط وأصوات فاطلعنا فِيهِ فَإِذا فِيهِ رجال وَنسَاء عُرَاة فَإِذا هم يَأْتِيهم لَهب من أَسْفَل مِنْهُم فَإِذا أَتَاهُم ذَلِك اللّهب ضوضؤوا قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَا لي إنطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على نهر أَحْمَر مثل الدَّم وَإِذا فِي النَّهر رجل يسبح وَإِذا على شط النَّهر رجل عِنْده حِجَارَة كَثِيرَة وَإِذا ذَلِك السابح يسبح مَا سبح ثمَّ يَأْتِي الَّذِي قد جمع عِنْده الْحِجَارَة فيفغر لَهُ فَاه فيلقمه حجرا فَينْطَلق فيسبح ثمَّ يرجع إِلَيْهِ كلما رَجَعَ إِلَيْهِ فغر لَهُ فَاه فألقمه حجرا قلت لَهما مَا هَذَانِ قَالَا لي إنطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على رجل كريه الْمرْآة كأكره مَا أَنْت رَاء وَإِذا هُوَ عِنْده نَار يحشها وَيسْعَى حولهَا قلت لَهما مَا هَذَا فَقَالَا لي إنطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على رَوْضَة معتمة فِيهَا من كل نور الرّبيع وَإِذا بَين ظَهْري الرَّوْضَة رجل طَوِيل لَا أكاد أرى رَأسه طولا فِي السَّمَاء وَإِذا حول الرجل من ولدان مَا رَأَيْتهمْ قطّ قَالَا لي إنطلق فَانْطَلَقْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَة عَظِيمَة لم أر رَوْضَة قطّ أعظم مِنْهَا وَلَا أحسن قَالَا لي إرق فِيهَا فارتقينا فِيهَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَة مَبْنِيَّة بِلَبن ذهب وَلبن فضَّة فأتينا الْمَدِينَة فاستفتحنا فَفتح لنا فدخلناها فتلقانا فِيهَا رجال شطر من خلقهمْ كأحسن مَا أَنْت رَاء وَشطر كأقبح مَا أَنْت رَاء قَالَا لَهُم إذهبوا فقعوا فِي ذَلِك النَّهر فَإِذا نهر معترض يجْرِي كَأَن مَاءَهُ الْمَحْض فِي الْبيَاض فَذَهَبُوا فوقعوا فِيهِ ثمَّ رجعُوا إِلَيْنَا فَذهب السوء عَنْهُم فصاروا فِي أحسن صُورَة قَالَا لي هَذِه جنَّة عدن وَهَا ذَاك مَنْزِلك فسما بَصرِي صعدا فَإِذا قصر مثل الربابة الْبَيْضَاء قَالَا لي هَا ذَاك مَنْزِلك قلت لَهما بَارك اللّه فيكما ذراني فَأدْخلهُ قَالَا أما الْآن فَلَا وَأَنت دَاخله قلت لَهما فَإِنِّي رَأَيْت مُنْذُ اللَّيْلَة عجبا فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْت قَالَا لي أما الرجل الأول الَّذِي أتيت عَلَيْهِ يثلغ رَأسه بِالْحجرِ فَإِنَّهُ الرجل الَّذِي يَأْخُذ الْقُرْآن فيرفضه وينام عَن الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة يفعل بِهِ ذَلِك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأما الرجل الَّذِي أتيت عَلَيْهِ يشرشر شدقه إِلَى قَفاهُ ومنخره إِلَى قَفاهُ وعينه إِلَى قَفاهُ فَإِنَّهُ الرجل يَغْدُو من بَيته فيكذب الكذبة تبلغ الْآفَاق فيصنع بِهِ ذَلِك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأما الرِّجَال وَالنِّسَاء العراة الَّذين فِي مثل التَّنور فَإِنَّهُم الزناة والزواني وَأما الرجل الَّذِي أتيت عَلَيْهِ يسبح فِي النَّهر ويلقم الْحِجَارَة فَإِنَّهُ آكل الرِّبَا وَأما الرجل الكرية الْمرْآة الَّذِي عِنْده النَّار يحشها فَإِنَّهُ مَالك خَازِن جَهَنَّم وَأما الرجل الطَّوِيل الَّذِي فِي الرَّوْضَة فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأما الْولدَان الَّذين حوله فَكل مَوْلُود مَاتَ على الْفطْرَة قَالُوا يَا رَسُول اللّه وَأَوْلَاد الْمُشْركين قَالَ وَأَوْلَاد الْمُشْركين وَأما الْقَوْم الَّذين كَانُوا شطر مِنْهُم حسن وَشطر مِنْهُم قَبِيح فَإِنَّهُم قوم خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا تجَاوز اللّه عَنْهُم وَأَنا جِبْرِيل وَهَذَا مِيكَائِيل قَالَ الْعلمَاء هَذَا نَص صَرِيح فِي عَذَاب البرزخ فَإِن رُؤْيا الْأَنْبِيَاء وَحي مُطَابق فِي نفس الْأَمر وَقد قَالَ يفعل بِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قَوْله يهوي بِضَم أَوله وَقَوله فيثلغ مُثَلّثَة ومعجمة بِوَزْن يعلم أَي يشدخ والتدهده الدّفع من علو إِلَى سفل ويشرشر بمعجمين ورائين يقطع شقا وضوضأ بهمز وبدونه مَاض من الضوضأة وَهِي أصوات النَّاس ولغطهم ويسبح بمهلمتين بَينهمَا مُوَحدَة مَفْتُوحَة يعوم وفغر بفاء ومعجمة وَرَاء فتح وزنا وَمعنى والمرآة بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الرَّاء وهمزة ممدودة المنظر ويحشها بِفَتْح أَوله وَضم الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمُعْجَمَة يوقدها ومعتمة بِضَم أَوله وَسُكُون الْمُهْملَة وَكسر الْمُثَنَّاة وَتَخْفِيف الْمِيم شَدِيدَة الخضرة ومعترض يجْرِي عرضا والمحض بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْمُهْملَة ومعجمة اللَّبن الْخَالِص من المَاء وسما بِالتَّخْفِيفِ نظر إِلَى فَوق وصعدا بِضَم الْمُهْمَلَتَيْنِ يَعْنِي إرتفع كثيرا والربابة بِفَتْح الرَّاء وَتَخْفِيف الموحدتين السحابة ٢٩ - وَفِي بعض طرق الحَدِيث عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ قلت أَخْبرنِي عَن الرَّوْضَة قَالَ أُولَئِكَ الْأَطْفَال وكل بهم إِبْرَاهِيم يربيهم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قلت فَمَا الَّذِي يسبح فِي الدَّم قَالَ ذَاك صَاحب الرِّبَا ذَاك طَعَامه فِي الْقَبْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قلت فَالَّذِي يشذخ رَأسه قَالَ ذَاك رجل تعلم الْقُرْآن فَنَامَ عَنهُ حَتَّى نَسيَه لَا يقْرَأ مِنْهُ شَيْئا كلما رقد دقوا رَأسه فِي الْقَبْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا يَدعُونَهُ ينَام ٣٠ - وَأخرج الْخَطِيب وإبن عَسَاكِر من حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ رَأَيْت رجَالًا تقْرض جُلُودهمْ بمقاريض من نَار قلت مَا شَأْن هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذين يتزينون إِلَى مَا لَا يحل لَهُم وَرَأَيْت جبا خَبِيث الرّيح فِيهِ صياح قلت مَا هَذَا قَالَ هن نسَاء يتزين إِلَى مَا لَا يحل لَهُنَّ وَرَأَيْت قوما إغتسلوا فِي مَاء الْحَيَاة قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هم قوم خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا ٣١ - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي اللّه عَنهُ قَالَ صلى بِنَا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْفجْر فَلَمَّا قضى صلَاته إلتفت إِلَيْنَا وَقَالَ رَأَيْت ملكَيْنِ أتياني اللَّيْلَة فَأخذ بضبعي فَانْطَلقَا بِي إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فمررت بِملك وأمامه آدَمِيّ وَبِيَدِهِ صَخْرَة يضْرب بهَا هَامة الْآدَمِيّ فَيَقَع دماغه جانبا وَتَقَع الصَّخْرَة جانبا قلت مَا هَذَا قَالَا لي إمضه فمضيت فَإِذا أَنا بِملك وأمامه آدَمِيّ وبيد الْملك كَلوب من حَدِيد فيضعه فِي شدقه الْأَيْمن فيشقه حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى أُذُنه ثمَّ يَأْخُذ فِي الْأَيْسَر فيلتئم الْأَيْمن قلت مَا هَذَا قَالَا لي إمضه فمضيت فَإِذا أَنا بنهر من دم يمور كمور الْمرجل فِيهِ قوم عُرَاة وعَلى حافة النَّهر مَلَائِكَة بِأَيْدِيهِم مدرتان كلما طلع قَذَفُوهُ بمدرة فَتَقَع فِي فِيهِ ويتسفل إِلَى أَسْفَل ذَلِك النَّهر قلت مَا هَذَا قَالَا لي إمضه فمضيت فَإِذا أَنا بِبَيْت أَسْفَله أضيق من أَعْلَاهُ فِيهِ قوم عُرَاة توقد من تَحْتهم النَّار إِذْ أَمْسَكت على أنفي من نَتن مَا أجد من ريحهم قلت من هَؤُلَاءِ قَالَا لي إمضه فمضيت فَإِذا أَنا بتل أسود عَلَيْهِ قوم مخبلون تنفخ النَّار فِي أدبارهم فَتخرج من أَفْوَاههم ومناخرهم وآذانهم وأعينهم قلت مَا هَذَا قَالَا لي إمضه فمضيت فَإِذا أَنا بِنَار مطبقة مُوكل بهَا ملك لَا يخرج مِنْهَا شَيْء إِلَّا اتبعهُ حَتَّى يُعِيدهُ فِيهَا قلت مَا هَذَا قَالَا لي إمضه فمضيت فَإِذا أَنا بروضة وَإِذا فِيهَا شيخ جميل لَا أجمل مِنْهُ وَإِذا حوله الْولدَان وَإِذا شَجَرَة وَرقهَا كآذان الفيلة فَصَعدت مَا شَاءَ اللّه من تِلْكَ الشَّجَرَة وَإِذا أَنا بمنازل لَا أحسن مِنْهَا من درة جوفاء وزبرجدة خضراء وياقوتة حَمْرَاء قلت مَا هَذَا قَالَا لي إمضه فمضيت فَإِذا أَنا بنهر عَلَيْهِ جسران من ذهب وَفِضة على حافتي النَّهر منَازِل لَا منَازِل أحسن مِنْهَا من درة جوفاء وزبرجدة خضراء وياقوته حَمْرَاء وفيهَا قدحان وأباريق تطرد قلت مَا هَذَا قَالَا لي إنزل فَنزلت فَضربت بيَدي إِلَى إِنَاء مِنْهَا فغرقت ثمَّ شربت فَإِذا هُوَ أحلى من الْعَسَل وَأَشد بَيَاضًا من اللَّبن وألين من الزّبد فَقَالَ لي أما صَاحب الصَّخْرَة الَّذِي رَأَيْت يضْرب بهَا هَامة الْآدَمِيّ فَيَقَع دماغه جانبا وَتَقَع الصَّخْرَة جانبا فَأُولَئِك الَّذين كَانُوا ينامون عَن صَلَاة الْعشَاء الْآخِرَة وَيصلونَ الصَّلَوَات لغير مواقيتها يضْربُونَ بهَا حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار وَأما صَاحب الكلوب الَّذِي رَأَيْت فَأُولَئِك الَّذين كَانُوا يَمْشُونَ بَين الْمُسلمين بالنميمة فيفسدون بَينهم فهم يُعَذبُونَ بهَا حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار وَأما الَّذين يقذفون بمدرة فَأُولَئِك أَكلَة الرِّبَا يُعَذبُونَ حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار وَأما الْقَوْم العراة فَأُولَئِك الزناة وَذَلِكَ نَتن فروجهم يُعَذبُونَ حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار وَأما الْقَوْم المخبلون فَأُولَئِك الَّذين يعْملُونَ عمل قوم لوط الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ فهم يُعَذبُونَ حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار وَأما النَّار المطبقة فَتلك جَهَنَّم وَأما الرَّوْضَة فَتلك جنَّة المأوى وَأما الشَّيْخ الَّذِي رَأَيْت فَهُوَ إِبْرَاهِيم وَحَوله ولدان الْمُسلمين وَأما الشَّجَرَة فَهِيَ سِدْرَة الْمُنْتَهى والمنازل الَّتِي فِيهَا فَتلك منَازِل أهل عليين من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَأما النَّهر فَهُوَ الْكَوْثَر الَّذِي أَعْطَاك اللّه وَهَذِه منازلك ومنازل أهل بَيْتك ٣٢ - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث الْإِسْرَاء قَالَ مضيت هنيهة فَإِذا أَنا بأخونه عَلَيْهَا لحم مسرح لَيْسَ يقربهُ أحد وَإِذا أَنا بأخونة عَلَيْهَا لحم قد أروح ونتن عِنْدهَا أنَاس يَأْكُلُون مِنْهَا قلت يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ قوم من أمتك يتركون الْحَلَال ويأتون الْحَرَام ثمَّ مضيت هنيهة فَإِذا أَنا بِأَقْوَام بطونهم كأمثال الْبيُوت كلما نَهَضَ أحدهم خر يَقُول اللّهمَّ لَا تقم السَّاعَة وهم على سابلة آل فِرْعَوْن فتجيء السابلة فتطؤهم فَسَمِعتهمْ يضجون إِلَى اللّه تَعَالَى قلت يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ من أمتك الَّذين يَأْكُلُون الرِّبَا ثمَّ مضيت هنيهة فَإِذا أَنا بِأَقْوَام مشافرهم كمشافر الْإِبِل فتفتح أَفْوَاههم ويلقمون من ذَلِك الْجَمْر ثمَّ يخرج من أسافلهم قلت من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ من أمتك الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما ثمَّ مضيت هنيهة فَإِذا أَنا بنساء معلقات بثديهن قلت من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الزناة ثمَّ مضيت هنيهة فَإِذا أَنا بِأَقْوَام يقطع من جنُوبهم اللَّحْم فيلقمون فَيُقَال لَهُ كل كَمَا كنت تَأْكُل من لحم أَخِيك قلت من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الهمازون واللمازون قَول هنيهة تَصْغِير هنيَّة بِمَعْنى شَيْئا يَسِيرا وَالْهَاء بدل من الْيَاء وَالْأَصْل هنيَّة وأخونة جمع خوان وَهُوَ الَّذِي يُؤْكَل عَلَيْهِ مُعرب والسابلة أَبنَاء السَّبِيل المتخلفة فِي الطرقات ومشافر الْبَعِير جمع مشفر وَهُوَ الشّفة والهماز المغتاب واللماز العياب ٣٣ - وَأخرج إِبْنِ عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة فِي حَدِيث الْإِسْرَاء أَيْضا أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَتَى على قوم ترضخ رؤوسهم بالصخر كلما رضخت عَادَتْ كَمَا كَانَت وَلَا يفتر عَنْهُم من ذَلِك شَيْء قَالَ يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذين تثاقلت رؤوسهم عَن الصَّلَاة ثمَّ أَتَى على قوم على أقبالهم رقاع وعَلى أدبارهم رقاع يسرحون كَمَا تسرح الْإِبِل وَالْغنم ويأكلون الضريع والزقوم ورضف جَهَنَّم وحجارتها قَالَ من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذين لَا يؤدون صدقَات أَمْوَالهم ثمَّ أَتَى على قوم بَين أَيْديهم لحم نضيج فِي قدر وَلحم آخر نيء خَبِيث فَجعلُوا يَأْكُلُون من النيء الْخَبيث وَيدعونَ النضيج الطّيب قَالَ من هَؤُلَاءِ قَالَ الرجل يقوم من عِنْد إمرأته حَلَالا فَيَأْتِي الْمَرْأَة الخبيثة فيبيت مَعهَا حَتَّى يصبح وَالْمَرْأَة تقوم من عِنْد زَوجهَا حَلَالا طيبا فتأتي الرجل الْخَبيث فتبيت عِنْده حَتَّى تصبح ثمَّ أَتَى على رجل قد جمع حزمة عَظِيمَة لَا يَسْتَطِيع حملهَا وَهُوَ يزِيد عَلَيْهَا فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ هَذَا الرجل يكون عِنْده أمانات النَّاس وَلَا يقدر على أَدَائِهَا هُوَ يحمل عَلَيْهَا ثمَّ أَتَى على قوم تقْرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حَدِيد كلما قرضت عَادَتْ كَمَا كَانَت لَا يفتر عَنْهُم من ذَلِك شَيْء قَالَ من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ خطباء الْفِتْنَة الضريع نبت لَهُ شوك والرضف برَاء وَالضَّاد مُعْجمَة وَفَاء هُوَ الْحِجَارَة المحماة ٣٤ - وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لما عرج بِي مَرَرْت بِأَقْوَام لَهُم أظفار من نُحَاس يخمشون وُجُوههم وصدورهم فَقلت من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِي يَأْكُلُون لُحُوم النَّاس ويقعون فِي أعراضهم ٣٥ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي الْقُبُور عَن الْحسن مَرْفُوعا قَالَ من خرج من الدُّنْيَا شاتما لأحد من أَصْحَابِي سلط اللّه عَلَيْهِ دَابَّة تقْرض لَحْمه يجد ألمه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ٣٦ - وَأخرج إِبْنِ خُزَيْمَة وإبن حبَان وَالْحَاكِم وَالطَّبَرَانِيّ وإبن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ خرج علينا رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بعد صَلَاة الصُّبْح فَقَالَ إِنِّي رَأَيْت رُؤْيا وَهِي حق فاعقلوها أَتَانِي رجل فَأخذ بيَدي فاستتبعني حَتَّى أَتَى جبلا وعرا طَويلا فَقَالَ لي إرقه قلت لَا أَسْتَطِيع فَقَالَ إِنِّي سأسهله لَك فَجعلت كلما رفعت قدمي وَضَعتهَا على دَرَجَة حَتَّى إستوينا على سَوَاء الْجَبَل فَانْطَلَقْنَا فَإِذا نَحن بِرِجَال وَنسَاء مشققة أشداقهم قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذين يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ثمَّ انطلقنا فَإِذا نَحن بِرِجَال وَنسَاء مسمرة أَعينهم وآذانهم قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذين يرَوْنَ أَعينهم مَا لَا ترى ويسمعون آذانهم مَا لَا يسمعُونَ ثمَّ انطلقنا فَإِذا نَحن بنساء معلقات بعراقيبهن مصوبة رؤوسهن تنهش أثداءهن الْحَيَّات قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي يمنعن أَوْلَادهنَّ ألبانهن فَانْطَلَقْنَا فَإِذا نَحن بِرِجَال وَنسَاء معلقين بعراقيبهن مصوبة رؤوسهم يلحسن من مَاء قَلِيل وحمأة قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذين يَصُومُونَ ثمَّ يفطرون قبل تَحِلَّة صومهم ثمَّ انطلقنا فَإِذا نَحن بِرِجَال وَنسَاء أقبح شَيْء منْظرًا وأقبحه لبوسا وأنتنه ريحًا كَأَنَّمَا ريحهم ريح المراحيض قلت من هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الزانيات والزناة ثمَّ انطلقنا فَإِذا نَحن بموتى أَشد شَيْء إنتفاخا وأقبحه ريحًا قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ موتى الْكفَّار ثمَّ انطلقنا فَإِذا نَحن بِرِجَال تَحت ظلال الشَّجَرَة قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ موتى الْمُسلمين ثمَّ انطلقنا فَإِذا نَحن بغلمان وَجوَار يَلْعَبُونَ بَين نهرين قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّة الْمُؤمنِينَ ثمَّ انطلقنا فَإِذا نَحن بِرِجَال أحسن شَيْء وُجُوهًا وَأحسنه لبوسا وأطيبه ريحًا كَأَن وُجُوههم الْقَرَاطِيس قلت مَا هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الصديقون وَالشُّهَدَاء والصالحون قَوْله مصوبة أَي مخفوضة إِلَى أَسْفَل ٣٧ - وَفِي الفردوس للديلمي عَن أنس مَرْفُوعا قَالَ من مَاتَ من أمتِي يعْمل عمل قوم لوط نَقله اللّه إِلَيْهِم حَتَّى يحْشر مَعَهم ٣٨ - وَفِي تَارِيخ إِبْنِ عَسَاكِر بِسَنَدِهِ عَن عَمْرو بن أسلم الدِّمَشْقِي قَالَ مَاتَ عندنَا بالثغر رجل فَدفن فحفر عَلَيْهِ فِي الْيَوْم الثَّالِث فَإِذا اللَّبن بِحَالهِ مَنْصُوب وَلَيْسَ فِي اللَّحْد شَيْء فَسئلَ وَكِيع بن الْجراح عَن ذَلِك فَقَالَ سمعنَا فِي حَدِيث من مَاتَ وَهُوَ يعْمل عمل قوم لوط سَار بِهِ قَبره يسير مَعَهم ويحشر يَوْم الْقِيَامَة مَعَهم ٣٩ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن مَسْرُوق قَالَ مَا من ميت يَمُوت وَهُوَ يسرق أَو يَزْنِي أَو يشرب أَو يَأْتِي شَيْئا من هَذِه إِلَّا جعل مَعَه شجاعان ينهشانه فِي قَبره ٤٠ - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لَو أَن قدريا أَو مرجئا مَاتَ فنبش بعد ثَلَاث لوجد إِلَى غير الْقبْلَة ٤١ - وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن الْعَوام بن حَوْشَب قَالَ نزلت مرّة حَيا وَإِلَى جَانب ذَلِك الْحَيّ مَقْبرَة فَلَمَّا كَانَ بعد الْعَصْر إنشق مِنْهَا قبر فَخرج مِنْهُ رجل رَأسه رَأس حمَار وَجَسَده جَسَد إِنْسَان فنهق ثَلَاث نهقات ثمَّ إنطبق عَلَيْهِ الْقَبْر فَسَأَلت عَنهُ فَقيل إِنَّه كَانَ يشرب الْخمر فَإِذا رَاح تَقول أمه إتق اللّه يَا وليدي فَيَقُول إِنَّمَا أَنْت تنهقين كَمَا ينهق الْحمار فَمَاتَ بعد الْعَصْر فَهُوَ ينشق عَنهُ الْقَبْر كل يَوْم بعد الْعَصْر فينهق ثَلَاث نهقات ثمَّ ينطبق عَلَيْهِ الْقَبْر ٤٢ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن مرْثَد بن حَوْشَب قَالَ كنت جَالِسا عِنْد يُوسُف بن عمر وَإِلَى جنبه رجل كَأَن شقّ وَجهه صفحة من حَدِيدَة فَقَالَ لَهُ يُوسُف حدث مرثدا بِمَا رَأَيْت فَقَالَ حفرت قبر إِنْسَان لَيْلًا فَلَمَّا دفن وسووا عَلَيْهِ التُّرَاب أقبل طائران أبيضان مثل البعيرين حَتَّى سقط أَحدهمَا عِنْد رَأسه وَالْآخر عِنْد رجلَيْهِ ثمَّ أثاراه ثمَّ تدلى أَحدهمَا بالقبر وَالْآخر على شفيره فَجئْت حَتَّى جَلَست على شَفير الْقَبْر فَسَمعته يَقُول أَلَسْت الزائر أصهارك فِي ثَوْبَيْنِ ممصرين تسحبهما كبرا تمشي الْخُيَلَاء فَقَالَ أَنا أَضْعَف من ذَلِك فَضَربهُ ضَرْبَة إمتلأ الْقَبْر حَتَّى فاض مَاء ودهنا ثمَّ عَاد وَأعَاد عَلَيْهِ القَوْل حَتَّى ضربه ثَلَاث ضربات ثمَّ رفع رَأسه فَنظر إِلَيّ فَقَالَ أنظر أَيْن هُوَ جَالس نكسه اللّه ثمَّ ضرب جَانب وَجْهي فَسَقَطت لَيْلَتي ثمَّ أَصبَحت كَمَا ترى قَالَ إِبْنِ الْأَثِير الممصر من الثِّيَاب مَا فِيهِ صفرَة خَفِيفَة وَأخرج أَيْضا عَن أبي الجريش عَن أمه قَالَ لما حفر أَبُو جَعْفَر خَنْدَق الْكُوفَة حول النَّاس موتاهم فَرُئِيَ شَاب عاضا على يَدَيْهِ ٤٣ - وَأخرج عَن أبي إِسْحَاق قَالَ دعيت إِلَى ميت لأغسله فَلَمَّا كشفت الثَّوْب عَن وَجهه فَإِذا أَنا بحية قد تطوقت على حلقه فَذكرُوا أَنه كَانَ يسب الصَّحَابَة رَضِي اللّه عَنْهُم ٤٤ - وَأخرج عَن أبي إِسْحَاق الْفَزارِيّ أَنه أَتَاهُ رجل فَقَالَ لَهُ كنت أنبش الْقُبُور وَكنت أجد قوما وُجُوههم لغير الْقبْلَة فَكتب إِلَى الْأَوْزَاعِيّ يسْأَله فَقَالَ أُولَئِكَ قوم مَاتُوا على غير السّنة ٤٥ - وَأخرج عَن عبد الْمُؤمن بن عبد اللّه بن عِيسَى الضَّبِّيّ قَالَ قيل لنباش قد تَابَ مَا أعجب مَا رَأَيْت قَالَ نبشت رجلا فَإِذا هُوَ مسمر بالمسامير على سَائِر جسده ومسمار كَبِير فِي رَأسه وَآخر فِي رجلَيْهِ قَالَ وَقيل لنباش آخر مَا كَانَ أعجب مَا رَأَيْت قَالَ رَأَيْت جمجمة إِنْسَان مصبوبا فِيهَا رصاص ٤٦ - وَأخرج عَن الْمفضل بن يُوسُف قَالَ بلغنَا أَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ لمسلمة بن عبد الْملك يَا مسلمة من دفن أَبَاك قَالَ مولَايَ فلَان قَالَ فَمن دفن الْوَلِيد قَالَ مولَايَ فلَان قَالَ فَأَنا أحَدثك بِمَا حَدثنِي بِهِ حَدثنِي أَنه لما دفن أَبَاك والوليد فوضعهم فِي قُبُورهم وَذهب ليحل العقد عَنْهُم فَوجدَ وُجُوههم قد تحولت إِلَى أقفيتهم ٤٧ - وَأخرج عَن يزِيد بن الْمُهلب قَالَ قَالَ لي عمر بن عبد الْعَزِيز يَا يزِيد إِنِّي حَيْثُ وضعت الْوَلِيد فِي قَبره فَإِذا هُوَ يرْكض فِي أَكْفَانه ٤٨ - وَأخرج عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ سَمِعت عمر بن عبد الْعَزِيز يَقُول كنت فِيمَن تولى الْوَلِيد بن عبد الْملك فِي قَبره فَنَظَرت إِلَى رُكْبَتَيْهِ قد جمعتا إِلَى عُنُقه فاتعظ بهَا عمر بن عبد الْعَزِيز ٤٩ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عبد الحميد بن مَحْمُود المغولي قَالَ كنت جَالِسا عِنْد إِبْنِ عَبَّاس فَأَتَاهُ قوم فَقَالُوا إِنَّا خرجنَا حجاجا ومعنا صَاحب لنا حَتَّى أَتَيْنَا ذَات الصفاح فَمَاتَ فهيأناه ثمَّ انطلقنا فَحَفَرْنَا لَهُ قبرا ولحدنا لَهُ فَلَمَّا فَرغْنَا من لحده فَإِذا نَحن بأسود قد مَلأ اللَّحْد فتركناه وحفرنا لَهُ مَكَانا آخر فَلَمَّا فَرغْنَا من لحده إِذا نَحن بأسود قد مَلأ اللَّحْد فتركناه وأتيناك فَقَالَ إِبْنِ عَبَّاس ذَاك الغل الَّذِي يغل بِهِ وَلَفظ الْبَيْهَقِيّ ذَلِك عمله الَّذِي كَانَ يعْمل انْطَلقُوا فادفنوه فِي بَعْضهَا فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَو حفرتم الأَرْض كلهَا لوجدتموه فِيهَا فَانْطَلَقْنَا فدفناه فِي بَعْضهَا فَلَمَّا رَجعْنَا سَأَلنَا إمرأته مَا كَانَ يعْمل زَوجك قَالَ كَانَ يَبِيع الطَّعَام فَيَأْخُذ كل يَوْم مِنْهُ قوت أَهله ثمَّ يقْرض القصل فيلقيه فِيهِ ٥٠ - وَأخرج اللالكائي عَن صَدَقَة بن خَالِد عَن بعض مَشَايِخ أهل دمشق قَالَ حجَجنَا فَمَاتَ صَاحب لنا فِي الطَّرِيق فاستعرنا من قوم فأسا فدفناه ونسينا الفأس فِي الْقَبْر فنبشنا لنأخذها فَإِذا رجل قد جمعت عُنُقه ويداه وَرجلَاهُ فِي حَلقَة الفأس فسوينا عَلَيْهِ التُّرَاب وأرضينا الْقَوْم فِي ثمن الفأس فَلَمَّا رَجعْنَا سَأَلنَا إمرأته عَن حَاله قَالَت صُحْبَة رجل مَعَه مَال فَقتل الرجل وَأخذ المَال مِنْهُ كَانَ يحجّ ويغزو ٥١ - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن الْأَعْمَش قَالَ تغوط رجل على قبر الْحسن بن عَليّ رَضِي اللّه عَنْهُمَا فجن فَجعل ينبح كَمَا تنبح الْكلاب ثمَّ إِنَّه مَاتَ فَسمع فِي قَبره يعوي ويصيح ٥٢ - وَأخرج عَن يزِيد بن أبي زِيَاد وَعمارَة بن عُمَيْر قَالَا لما قتل عبيد اللّه بن زِيَاد أُتِي بِرَأْسِهِ ورؤوس أَصْحَابه فألقيت فِي الأَرْض فَجَاءَت حَيَّة عَظِيمَة فَتفرق النَّاس من فزعها فتخللت الرؤوس حَتَّى دخلت فِي منخري عبيد اللّه بن زِيَاد ثمَّ خرجت من فِيهِ ثمَّ دخلت فِي فِيهِ وَخرجت من أَنفه فَفعلت ذَلِك مرَارًا ثمَّ ذهبت ثمَّ عَادَتْ فَفعلت مثل ذَلِك بِهِ مرَارًا من بَين الرؤوس وَلَا يدرى من أَيْن جَاءَت وَلَا إِلَى أَيْن ذهبت ٥٣ - وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه وَالطَّبَرَانِيّ من طرق عمَارَة وَحده وَقَالَ هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح ٥٤ - وَأخرج إِبْنِ عَسَاكِر عَن مُحَمَّد بن سعيد أَن مُسلم بن عقبَة المري ورد الْمَدِينَة فَدَعَا إِلَى بيعَة يزِيد على أَنهم أعبد قن فِي طَاعَة اللّه ومعصيته فَأَجَابُوهُ إِلَّا رجلا من قُرَيْش أمه أم ولد قَالَ بل فِي طَاعَة اللّه فَأبى أَن يقبل ذَلِك مِنْهُم وَقَتله فأقسمت أمه لَئِن أمكنها اللّه من مُسلم حَيا أَو مَيتا أَن تحرقه بالنَّار فَلَمَّا خرج مُسلم من الْمَدِينَة إشتدت علته فَمَاتَ فَخرجت أم الْقرشِي بأعبد لَهَا إِلَى قَبره فَأمرت بِهِ فنبش فَلَمَّا وصلوا إِلَيْهِ إِذا بثعبان قد إلتوى على عُنُقه قَابِضا بأرنبة أَنفه يمصها فكاع الْقَوْم عَنهُ ٥٥ - وَأخرج تَمام بن مُحَمَّد الرَّازِيّ فِي كتاب الرهبان وإبن عَسَاكِر أَيْضا من طَرِيق تَمام الْحَافِظ عَن أبي عَليّ مُحَمَّد بن هَارُون الْأنْصَارِيّ عَن عصمَة بن أبي عصمَة البُخَارِيّ عَن أَحْمد بن عماد بن خَالِد التمار عَن عصمَة الْعَبادَانِي قَالَ كنت أجول فِي بعض الفلوات إِذْ أَبْصرت ديرا وَإِذا فِي الدَّيْر صومعة وَفِي الصومعة رَاهِب فَقلت لَهُ حَدثنِي بِأَعْجَب مَا رَأَيْت فِي هَذَا الْموضع فَقَالَ نعم بَيْنَمَا أَنا ذَات يَوْم إِذْ رَأَيْت طائرا أَبيض مثل النعامة قد وَقع على الصَّخْرَة فتقايأ رَأْسا ثمَّ رجلا ثمَّ ساقا وَإِذا هُوَ كلما تقايأ عضوا من تِلْكَ الْأَعْضَاء إلتأمت بَعْضهَا إِلَى بعض أسْرع من برق حَتَّى إِذا إستوى رجلا جَالِسا فَإِذا هم بالنهوض نقره الطَّائِر نقرة قطعه أَعْضَاء ثمَّ يرجع فيبتلعه فَلم يزل على ذَلِك أَيَّامًا فَكثر تعجبي مِنْهُ وازددت يَقِينا لِعَظَمَة اللّه تَعَالَى وَعلمت أَن لهَذِهِ الأجساد حَيَاة بعد الْمَوْت فَالْتَفت إِلَيْهِ يَوْمًا فَقلت أَيهَا الطَّائِر سَأَلتك بِحَق اللّه الَّذِي خلقك وبرأك إِلَّا أَمْسَكت عَنهُ حَتَّى أسأله فيخبرني بِقِصَّتِهِ فَأَجَابَنِي الطَّائِر بِصَوْت عَرَبِيّ طلق لرَبي الْملك وَله الْبَقَاء الَّذِي يفني كل شَيْء وَيبقى أَنا ملك من مَلَائِكَة اللّه مُوكل بِهَذَا الْجَسَد لما أجرم من ذَنبه فَالْتَفت إِلَيْهِ فَقلت يَا هَذَا الرجل الْمُسِيء إِلَى نَفسه مَا قصتك وَمن أَنْت قَالَ أَنا عبد الرَّحْمَن بن ملجم قَاتل عَليّ رَضِي اللّه عَنهُ وَإِنِّي لما قتلته وَصَارَت روحي بَين يَدي اللّه ناولني صحيفَة مَكْتُوبًا فِيهَا مَا عملته من الْخَيْر وَالشَّر مُنْذُ ولدتني أُمِّي إِلَى أَن قتلت عليا وَأمر اللّه هَذَا الْملك بعذابي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَهُوَ يفعل بِي مَا ترَاهُ ثمَّ سكت فنقره ذَلِك الطَّائِر نقرة نثر أعضاءه بهَا ثمَّ جعل يبتلعه عضوا عضوا ثمَّ مضى بِهِ قلت هَذَا الْإِسْنَاد لَيْسَ فِيهِ من تكلم فِيهِ سوى أبي عَليّ شيخ تَمام فقد قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان إِنَّه كَانَ يتهم ٥٦ - وَقَالَ إِبْنِ رَجَب قد رويت هَذِه الْحِكَايَة من وَجه آخر أخرجهَا إِبْنِ النجار فِي تَارِيخه من طَرِيق السلَفِي بِإِسْنَادِهِ إِلَى الْحسن بن مُحَمَّد بن عبيد السكرِي حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن يحيى بن المنجم سنة ثَلَاث عشرَة وثلاثمائة أَنه حضر مَعَ يُوسُف بن أبي التياح فأحضر رَاهِب فَحدث فَذكر شَبِيها بالحكاية ٥٧ - وَرويت من وَجه آخر من طَرِيق أبي عبد اللّه مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الرَّازِيّ صَاحب السداسيات الْمَشْهُورَة عَن عَليّ بن بَقَاء بن مُحَمَّد الْوراق حَدثنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن عمر الْبَزَّار سَمِعت أَبَا بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الإصبع قَالَ قدم علينا شيخ غَرِيب فَذكر أَنه كَانَ نَصْرَانِيّا سِنِين وَأَنه تعبد فِي صومعته فَبَيْنَمَا هُوَ ذَات يَوْم جَالس إِذْ جَاءَ الطَّائِر كالنسر فَذكر شَبِيها بالحكاية مُخْتَصرا ٥٨ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب من عَاشَ بعد الْمَوْت من طَرِيق عبد اللّه بن دِينَار عَن أبي أَيُّوب الْيَمَانِيّ عَن رجل من قومه يُقَال لَهُ عبد اللّه أَنه وَنَفر من قومه ركبُوا الْبَحْر وَأَن الْبَحْر أظلم عَلَيْهِم أَيَّامًا ثمَّ إنجلت عَنْهُم تِلْكَ الظلمَة وهم قرب قَرْيَة قَالَ عبد اللّه فَخرجت ألتمس المَاء فَإِذا أَبْوَاب مغلقة يتجأجأ فِيهَا الرّيح فهتفت فِيهَا فَلم يجبني أحد فَبَيْنَمَا أَنا على ذَلِك إِذْ طلع عَليّ فارسان تَحت كل وَاحِد قطيفة بَيْضَاء فَقَالَا لي يَا عبد اللّه أسلك فِي هَذِه السِّكَّة فَإنَّك ستنتهي إِلَى بركَة فِيهَا مَاء فاستسق مِنْهَا وَلَا يهولك مَا ترى فِيهَا فَسَأَلتهمَا عَن تِلْكَ الْبيُوت المغلقة الَّتِي تجأجأ فِيهَا الرّيح فَقَالَا هَذِه بيُوت فِيهَا أَرْوَاح الْمَوْتَى فَخرجت حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى الْبركَة فَإِذا فِيهَا رجل مُعَلّق مصوب على رَأسه يُرِيد أَن يتَنَاوَل المَاء بِيَدِهِ وَهُوَ لَا يَنَالهُ فَلَمَّا رَآنِي هتف بِي وَقَالَ يَا عبد اللّه إسقني فغرفت بالقدح لأناوله إِيَّاه فقبضت يَدي فَقلت يَا عبد اللّه قد رَأَيْت مَا صنعت فقبضت يَدي فَأَخْبرنِي من أَنْت قَالَ أَنا إِبْنِ آدم أَنا أول من سفك دَمًا فِي الأَرْض ٥٩ - وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق وهب عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم قَالَ بَينا رجل فِي مركب فِي الْبَحْر إِذْ إنكسرت بهم مركبهم فَتعلق بخشبة فَطَرَحته إِلَى جَزِيرَة من الجزائر فَخرج يمشي فَإِذا هُوَ بِمَاء فَاتبعهُ فَدخل فِي شعب فَإِذا رجل فِي رجلَيْهِ سلسلة مَنُوط فِيهَا بَينه وَبَين المَاء يسير فَقَالَ إسقني رَحِمك اللّه قلت مَا لَك قَالَ أَنا إِبْنِ آدم الَّذِي قتل أَخَاهُ وَاللّه مَا قتلت نفس ظلما مُنْذُ قتلت أخي إِلَّا عذبني اللّه بهَا لِأَنِّي أول من سنّ الْقَتْل ٦٠ - وَأخرج الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْخلال فِي كتاب كرامات الْأَوْلِيَاء بِسَنَدِهِ عَن أَشْعَث أخي عَارِم قَالَ قَالَ لي عبد اللّه بن هَاشم ذهبت إِلَى ميت لأغسله فَلَمَّا كشفت الثَّوْب عَن وَجهه إِذا أسود فِي حلقه فَقلت لَهُ أَنْت مَأْمُور وَمن سنتنا أَن نغسل مَوتَانا فَإِن رَأَيْت أَن تنْتَقل إِلَى نَاحيَة حَتَّى إِذا غسلته عدت إِلَى موضعك قَالَ فانحل فَصَارَ فِي زَاوِيَة الْبَيْت فَلَمَّا فرغت من غسله عَاد إِلَى مَوْضِعه قَالَ وَكَانَ ذَلِك الْمَيِّت يرْمى بالزندقة ٦١ - وَأخرج إِبْنِ الْجَوْزِيّ فِي كتاب عُيُون الحكايات بِسَنَدِهِ عَن مُحَمَّد بن يُوسُف القريابي سَمِعت أَبَا سِنَان وَكَانَ رجلا صَالحا قَالَ عزيت رجلا بأَخيه فَوَجَدته جزعا فَقَالَ إِنَّمَا أجزع لما رَأَيْت لما دَفَنته وسويت التُّرَاب عَلَيْهِ إِذا صَوت فِي الْقَبْر يَقُول أوه فَقلت أخي وَاللّه ثمَّ كشفت التُّرَاب فَقيل لي لَا تفعل فَرددت التُّرَاب فَلَمَّا ذهبت أقوم من الْقَبْر إِذْ صَوت من الْقَبْر يَقُول أوه فَقلت أخي وَاللّه وكشفت التُّرَاب فَقيل فِي يَا عبد اللّه لَا تنبشه فَرددت التُّرَاب عَلَيْهِ فَلَمَّا ذهبت أقوم قَالَ أوه فَقلت أخي وَاللّه ثمَّ كشفت التُّرَاب فَقيل لي لَا تفعل فَرددت التُّرَاب فَلَمَّا ذهبت أقوم إِذا هُوَ يَقُول أوه فَقلت وَاللّه لَا تركت نبشه فنبشته فَإِذا مطوق بطوق من نَار قد إلتمع عَلَيْهِ الْقَبْر نَارا فطمعت أَن أقطع ذَلِك الطوق فضربته بيَدي لاقطعه فَذَهَبت أصابعي قَالَ وَأخرج إِلَيْنَا يَده فَإِذا أَصَابِعه الْأَرْبَعَة قد ذهبت قَالَ فَأتيت الْأَوْزَاعِيّ فَحَدَّثته فَقلت يَا أَبَا عَمْرو يَمُوت الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ وَالْكَافِر وَلَا يرى مثل هَذَا فَقَالَ نعم أُولَئِكَ لَا شكّ أَنهم فِي النَّار ويريكم اللّه فِي أهل التَّوْحِيد لتعتبروا ٦٢ - وَأخرج أَيْضا عَن عبد اللّه بن مُحَمَّد الْمَدِينِيّ عَن صديق لَهُ أَنه خرج إِلَى ضَيْعَة لَهُ قَالَ فأدركتني صَلَاة الْمغرب إِلَى جنب مَقْبرَة فَصليت الْمغرب قَرِيبا مِنْهَا فَبينا أَنا جَالس إِذْ سَمِعت من نَاحيَة الْقُبُور صَوت أَنِين فدنوت إِلَى الْقَبْر الَّذِي سَمِعت مِنْهُ الأنين وَهُوَ يَقُول أوه قد كنت أُصَلِّي قد كنت أَصوم فأصابتني قشعريرة فدنوت مِمَّن حضرني فَسمع مثل مَا سَمِعت ومضيت إِلَى ضيعتي وَرجعت فِي الْيَوْم الثَّانِي فَصليت فِي الْموضع الأول وَصَبَرت حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس فَصليت الْمغرب ثمَّ إستمعت إِلَى ذَلِك الْقَبْر فَإِذا هُوَ يَئِن وَيَقُول أوه قد كنت أُصَلِّي قد كنت أَصوم فَرَجَعت إِلَى منزلي وحممت فَمَكثت مَرِيضا شَهْرَيْن ٦٣ - وروى هِشَام بن عمار فِي كتاب الْبَعْث عَن يحيى بن حَمْزَة حَدثنِي النُّعْمَان عَن مَكْحُول أَن رجلا أَتَى عمر بن الْخطاب رَضِي اللّه عَنهُ وَقد أَبيض نصف رَأسه وَنصف لحيته فَقَالَ لَهُ عمر رَضِي اللّه عَنهُ مَا بالك فَقَالَ مَرَرْت بمقبرة بني فلَان لَيْلًا فَإِذا رجل يطْلب رجلا بِسَوْط من نَار كلما لحقه ضربه فاشتعل مَا بَين قرنه إِلَى قدمه نَارا فلاذ بِي الرجل فَقَالَ يَا عبد اللّه أَغِثْنِي فَقَالَ الطَّالِب يَا عبد اللّه لَا تغثه فبئس عبد اللّه هُوَ فَقَالَ عمر رَضِي اللّه عَنهُ لذَلِك كره لكم نَبِيكُم صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَن يُسَافر أحدكُم وَحده ٦٤ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ كَانَ رجل من أهل الْمَدِينَة لَهُ أُخْت فَمَاتَتْ فجهزها وَحملهَا إِلَى قبرها فَلَمَّا دفنت وَرجع إِلَى أَهله ذكر أَنه نسي كيسا كَانَ مَعَه فِي الْقَبْر فاستعان بِرَجُل من أَصْحَابه فَأتيَا الْقَبْر فنبشاه فَوجدَ الْكيس قَالَ للرجل تَنَح عني حَتَّى أنظر على أَي حَال أُخْتِي فَرفع بعض مَا على اللَّحْد من اللَّبن فَإِذا الْقَبْر يشتعل نَارا فَرده وَسوى الْقَبْر وَرجع إِلَى أمه فَسَأَلَهَا عَن حَال أُخْته فَقَالَت كَانَت تُؤخر الصَّلَاة وَلَا تصلي فِيمَا أَظن بِوضُوء وَتَأْتِي أَبْوَاب الْجِيرَان إِذا نَامُوا فتلقم أذنها أَبْوَابهم فَتخرج حَدِيثهمْ ٦٥ - قَالَ الْحَافِظ إِبْنِ رَجَب وروى الْهَيْثَم بن عدي حَدثنَا أبان بن عبد اللّه البَجلِيّ قَالَ هلك جَار لنا فَشَهِدْنَا غسله وكفنه وَحمله إِلَى قَبره وَإِذا فِي قَبره شَبيه بالهر فزجرناه فَلم ينزجر فَضرب الحفار جَبهته بمددة فَلم يبرح فتحول إِلَى قبر آخر فَلَمَّا لحد فَإِذا ذَلِك الهر فِيهِ فصنعوا بِهِ مثل مَا صَنَعُوا أَولا فَلم يلْتَفت فَرَجَعُوا إِلَى قبر ثَالِث فَلَمَّا لحد فَإِذا ذَلِك الهر فِيهِ فصنعوا بِهِ مثل مَا صَنَعُوا فَلم يلْتَفت فَقَالَ الْقَوْم يَا هَؤُلَاءِ إِن هَذَا الْأَمر مَا مر بِنَا مثله فادفنوا صَاحبكُم فدفنوه فَلَمَّا سوي عَلَيْهِ اللَّبن سمعنَا قعقعة عَظِيمَة فَذَهَبُوا إِلَى إمرأته فَقَالُوا يَا هَذِه مَا كَانَ عمل زَوجك وحدثوها مَا رَأَوْا فَقَالَت كَانَ لَا يغْتَسل من الْجَنَابَة ٦٦ - وَذكر إِبْنِ الْفَارِسِي الكتبي صَاحب أبي الْفرج بن الْجَوْزِيّ فِي تَارِيخه أَنه فِي سنة تسعين وَخَمْسمِائة وجد ميت بِبَغْدَاد قد بلي وَلم يبْق غير عِظَامه وَفِي يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ ضباب حَدِيد قد ضرب فيهمَا مسماران أَحدهمَا فِي سرته وَالْآخر فِي جَبهته وَكَانَ هائل الْخلقَة غليظ الْعِظَام وَكَانَ سَبَب ظُهُوره زِيَادَة المَاء كشفت جَانب تل كَانَ يعرف بِالتَّلِّ الْأَحْمَر ٦٧ - وَذكر إِبْنِ الْقيم فِي كتاب الرّوح قَالَ حَدثنَا أَبُو عبد اللّه مُحَمَّد بن سِنَان السلَامِي التَّاجِر وَكَانَ من خِيَار عباد اللّه قَالَ جَاءَ رجل إِلَى سوق الحدادين بِبَغْدَاد فَبَاعَ مسامير صغَارًا المسمار برأسين فَأَخذهَا الْحداد وَجعل يحمي عَلَيْهَا فَلَا تلين مَعَه حَتَّى عجز عَن ضربهَا فَطلب الَّذِي بَاعهَا فَوَجَدَهُ فَقَالَ من أَيْن لَك هَذِه المسامير قَالَ لقيتها فَلم يزل بِهِ حَتَّى أخبر أَنه وجد قبرا مَفْتُوحًا وَفِيه عِظَام ميت منظومة بِهَذِهِ المسامير قَالَ فعالجتها على أَن أخرجهَا فَلم أقدر فأخرجت حجرا فَكسرت عِظَامه وجمعتها ٦٨ - قَالَ إِبْنِ الْقيم حَدثنَا أَبُو عبد اللّه مُحَمَّد بن الْحَرَّانِي أَنه خرج من دَاره بآمد بعد الْعَصْر إِلَى بُسْتَان فَلَمَّا كَانَ قبل غرُوب الشَّمْس توَسط الْقُبُور وَإِذا قبر مِنْهَا وَهُوَ جَمْرَة نَار مثل كور الزّجاج وَالْمَيِّت فِي وَسطه قَالَ فَسَأَلت عَن صَاحب الْقَبْر فَإِذا هُوَ مكاس قد توفّي ذَلِك الْيَوْم ٦٩ - وَذكر الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بن البرزاني فِي تَارِيخه عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الْمُنعم بن الصَّقِيل الْحَرَّانِي قَالَ حكى عبد الْكَافِي أَنه شهد مرّة جَنَازَة فَإِذا عبد أسود مَعنا فَلَمَّا صلى النَّاس لم يصل فَلَمَّا حَضَرنَا الدّفن نظر إِلَيّ ثمَّ قَالَ أَنا عمله ثمَّ ألْقى نَفسه فِي الْقَبْر قَالَ فَنَظَرت فَلم أر شَيْئا ٧٠ - وَقَالَ الْحَافِظ شرف الدّين الدمياطي فِي مُعْجَمه سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن هبة اللّه الدمياطي يَقُول سَمِعت أَبَا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عبد اللّه الثَّعْلَبِيّ صَاحب السلَفِي يَقُول كَانَ عندنَا رجل نباش يَتَكَفَّف النَّاس أعمى وَكَانَ يَقُول من يعطيني شَيْئا فَأخْبرهُ بالعجب ثمَّ يَقُول من يزيدني فأريه الْعجب قَالَ فَأعْطِي شَيْئا وَأَنا إِلَى جَانِبه أنظرهُ فكشف عَن عَيْنَيْهِ فَإِذا بهما قد نفذتا إِلَى قَفاهُ كالأنبوبتين النافذتين يرى من قبل وَجهه مَا وَرَاء قَفاهُ ثمَّ قَالَ أخْبركُم أَنِّي كنت فِي بلدي نباشا حَتَّى شاع أَمْرِي فأخفت النَّاس حَتَّى مَا أُبَالِي بهم وَإِن قَاضِي الْبَلَد مرض مَرضا خَافَ مِنْهُم الْمَوْت فَأرْسل إِلَيّ وَقَالَ أَنا أَشْتَرِي هتكي فِي قَبْرِي مِنْك وَهَذِه مائَة دِينَار مومنية فأخذتها فَعُوفِيَ من ذَلِك الْمَرَض ثمَّ مرض بعد ذَلِك ثمَّ مَاتَ وتوهمت أَن الْعَطِيَّة للمرض الأول فَجئْت فنبشته فَإِذا فِي الْقَبْر حس عُقُوبَة وَالْقَاضِي جَالس ثَائِر الرَّأْس محمرة عَيناهُ كالسكروجتين فَوجدت زمعا فِي ركبتي وَإِذا بضربة فِي عَيْني من أصبعين وَقَائِل يَقُول يَا عبد اللّه أتطلع على أسرار اللّه عز وَجل ٧١ - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب عَذَاب الْقَبْر عَن يزِيد بن عبد اللّه بن الشخير قَالَ بَيْنَمَا رجل يسير فِي أَرض إِذْ إنتهى إِلَى قبر فَسمع صَاحبه يَقُول آه آه فَقَامَ على قَبره فَقَالَ فَضَحِك عَمَلك وافتضحت ٧٢ - وَفِي تَارِيخ المقريزي فِي سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة قدم الْبَرِيد بِأَن رجلا من السَّاحِل مَاتَت إمرأته فدفنها وَعَاد فَتذكر أَنه نسي فِي الْقَبْر منديلا فِيهِ مبلغ دَرَاهِم فَأخذ فَقِيه الْقرْيَة ونبش الْقَبْر ليَأْخُذ المَال والفقيه على شَفير الْقَبْر فَإِذا الْمَرْأَة جالسة مكتوفة بشعرها ورجلاها أَيْضا قد ربطتا بشعرها فحاول حل كتافيها فَلم يقدر فَأخذ بِجهْد نَفسه فِي ذَلِك فَخسفَ بِهِ وبالمرأة إِلَى حَيْثُ لم يعلم لَهما خبر فَغشيَ على فَقِيه الْقرْيَة مُدَّة يَوْم وَلَيْلَة فَبعث السُّلْطَان بِخَبَر هَذِه الْحَادِثَة وَمَا كتب بِهِ من الشَّام إِلَى الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد فَوقف عَلَيْهِ وَأرَاهُ النَّاس ليعتبروا بذلك ٧٣ - قَالَ الْعلمَاء عَذَاب الْقَبْر هُوَ عَذَاب البرزخ أضيف إِلَى الْقَبْر لِأَنَّهُ الْغَالِب وَإِلَّا فَكل ميت وَإِذا أَرَادَ اللّه تَعَالَى تعذيبه ناله مَا أَرَادَ بِهِ قبر أَو لم يقبر وَلَو صلب أَو غرق فِي الْبَحْر أَو أَكلته الدَّوَابّ أَو حرق حَتَّى صَار رَمَادا أَو ذري فِي الرّيح وَمحله الرّوح وَالْبدن جَمِيعًا بِاتِّفَاق أهل السّنة وَكَذَا القَوْل فِي النَّعيم ٧٤ - قَالَ إِبْنِ الْقيم ثمَّ عَذَاب الْقَبْر قِسْمَانِ دَائِم وَهُوَ عَذَاب الْكفَّار وَبَعض العصاة ومنقطع وَهُوَ عَذَاب من خفت جرائمهم من العصاة فَإِنَّهُ يعذب بِحَسب جريمته ثمَّ يرفع عَنهُ وَقد يرفع عَنهُ بِدُعَاء أَو صَدَقَة أَو نَحْو ذَلِك ٧٥ - قَالَ اليافعي فِي روض الرياحين بلغنَا أَن الْمَوْتَى لَا يُعَذبُونَ لَيْلَة الْجُمُعَة تَشْرِيفًا لهَذَا الْوَقْت قَالَ وَيحْتَمل إختصاص ذَلِك بعصاه الْمُسلمين دون الْكفَّار ٧٦ - وعمم النَّسَفِيّ فِي بَحر الْكَلَام فَقَالَ إِن الْكَافِر يرفع عَنهُ الْعَذَاب يَوْم الْجُمُعَة وليلتها وَجَمِيع شهر رَمَضَان قَالَ وَأما الْمُسلم العَاصِي فَإِنَّهُ يعذب فِي قَبره وَلَكِن يرفع عَنهُ يَوْم الْجُمُعَة وليلتها ثمَّ لَا يعود إِلَيْهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَإِن مَاتَ يَوْم الْجُمُعَة أَو لَيْلَة الْجُمُعَة يكون لَهُ الْعَذَاب سَاعَة وَاحِدَة وضغطة الْقَبْر كَذَلِك ثمَّ يَنْقَطِع عَنهُ الْعَذَاب وَلَا يعود إِلَيْهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إنتهى وَهَذَا يدل على أَن عصاة الْمُسلمين لَا يُعَذبُونَ سوى جُمُعَة وَاحِدَة أَو دونهَا وَأَنَّهُمْ إِذا وصلوا إِلَى يَوْم الْجُمُعَة إنقطع ثمَّ لَا يعود وَهُوَ يحْتَاج إِلَى دَلِيل ٧٧ - قَالَ إِبْنِ الْقيم فِي الْبَدَائِع نقلت من خطّ القَاضِي أبي يعلى فِي تعاليقه لَا بُد من إنقطاع عَذَاب الْقَبْر لِأَنَّهُ من عَذَاب الدُّنْيَا وَالدُّنْيَا وَمَا فِيهَا مُنْقَطع فَلَا بُد أَن يلحقهم الفناء وَالْبَلَاء وَلَا يعرف مِقْدَار مده ذَلِك إنتهى ٧٨ - قلت وَيُؤَيّد هَذَا مَا أخرجه هناد بن السّري فِي الزّهْد عَن مُجَاهِد قَالَ للْكفَّار هجعة يَجدونَ فِيهَا طعم النّوم حَتَّى يَوْم الْقِيَامَة فَإِذا صِيحَ بِأَهْل الْقُبُور يَقُول الْكَافِر {يَا ويلنا من بعثنَا من مرقدنا} فَيَقُول الْمُؤمن إِلَى جنبه {هَذَا مَا وعد الرَّحْمَن وَصدق المُرْسَلُونَ} فَائِدَة٧٩ - فِي الْبَدَائِع لإبن الْقيم قَالَ جمَاعَة من النَّاس إِذا مَاتَت نَصْرَانِيَّة فِي بَطنهَا جَنِين مُسلم نزل ذَلِك الْقَبْر نعيم وَعَذَاب فالنعيم للإبن وَالْعَذَاب للْأُم قَالَ وَلَا بعد فِي ذَلِك كَمَا لَو دفن فِي قبر وَاحِد مُؤمن وَفَاجِر فَإِنَّهُ يجْتَمع فِي الْقَبْر النَّعيم وَالْعَذَاب |