Geri

   

 

 

İleri

 

٢٤ - بَاب فتْنَة الْقَبْر وسؤال الْملكَيْنِ

قد تَوَاتَرَتْ الْأَحَادِيث بذلك مُؤَكدَة من رِوَايَة أنس والبراء وَتَمِيم الدَّارِيّ وَبشير بن الْكَمَال وثوبان وَجَابِر بن عبد اللّه وَعبد اللّه بن رَوَاحَة وَعبادَة بن الصَّامِت وَحُذَيْفَة وضمرة بن حبيب وإبن عَبَّاس وإبن عمر وإبن مَسْعُود وَعُثْمَان بن عَفَّان وَعمر بن الْخطاب وَعَمْرو بن الْعَاصِ ومعاذ بن جبل وَأبي أُمَامَة وَأبي الدَّرْدَاء وَأبي رَافع وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ وَأبي قَتَادَة وَأبي هُرَيْرَة وَأبي مُوسَى وَأَسْمَاء وَعَائِشَة رَضِي اللّه عَنْهُم أَجْمَعِينَ

حَدِيث أنس

١ - أخرج الشَّيْخَانِ وَغَيرهمَا من طَرِيق قَتَادَة عَن أنس قَالَ قَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِن العَبْد إِذا وضع فِي قَبره وَتَوَلَّى عَنهُ أَصْحَابه إِنَّه يسمع قرع نعَالهمْ قَالَ يَأْتِيهِ ملكان فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل وَعند ابْن مردوية مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل الَّذِي كَانَ بَين أظْهركُم لذِي يُقَال لَهُ مُحَمَّد قَالَ فَأَما الْمُؤمن فَيَقُول أشهد أَنه عبد اللّه وَرَسُوله فَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مَقْعَدك من النَّار قد أبدلك اللّه بِهِ مقْعدا من الْجنَّة قَالَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا قَالَ قَتَادَة وَذكر لنا أَنه يفسح لَهُ فِي قَبره سَبْعُونَ ذِرَاعا ويملأ عَلَيْهِ خضر وَأما الْمُنَافِق وَالْكَافِر فَيُقَال لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول لَا أَدْرِي كنت أَقُول مَا يَقُول النَّاس فَيُقَال لَا دَريت وَلَا تليت وَيضْرب بمطراق من حَدِيد ضَرْبَة فَيَصِيح صَيْحَة يسْمعهَا من يَلِيهِ إِلَّا الثقلَيْن

٢ - وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَالْبَيْهَقِيّ فِي عَذَاب الْقَبْر وإبن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِن هَذِه الْأمة تبتلى فِي قبورها وَإِن الْمُؤمن إِذا وضع فِي قَبره أَتَاهُ ملك فَسَأَلَهُ مَا كنت تعبد فَإِن يكن اللّه قد هداه

قَالَ كنت أعبد اللّه فَيُقَال لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول هُوَ عبد اللّه وَرَسُوله فَمَا يسْأَل عَن شَيْء بعْدهَا فَينْطَلق بِهِ إِلَى بَيت كَانَ لَهُ فِي النَّار فَيُقَال لَهُ هَذَا بَيْتك كَانَ لَك فِي النَّار وَلَكِن اللّه عصمك ورحمك فأبدلك بِهِ بَيْتا فِي الْجنَّة فَيَقُول دَعونِي حَتَّى أذهب فأبشر أَهلِي فَيُقَال لَهُ أسكن وَإِن الْكَافِر إِذا وضع فِي قَبره أَتَاهُ ملك فينتهره فَيَقُول لَهُ مَا كنت تعبد فَيَقُول لَا أَدْرِي فَيُقَال لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول كنت أَقُول مَا يَقُول النَّاس فَيَضْرِبُونَهُ بمطراق من حَدِيد بَين أُذُنَيْهِ فَيَصِيح صَيْحَة يسْمعهَا الْخلق إِلَّا الثقلَيْن

٣ - وَأخرج الديلمي عَن أنس رَفعه يدْخل مُنكر وَنَكِير على الْمَيِّت فِي قَبره فَيُقْعِدَانِهِ فَإِن كَانَ مُؤمنا قَالَا من رَبك قَالَ اللّه قَالَا وَمن نبيك قَالَ مُحَمَّد قَالَا وَمن إمامك قَالَ الْقُرْآن فيوسعان عَلَيْهِ فِي قَبره فَإِن كَانَ كَافِرًا يَقُولَانِ لَهُ من رَبك قَالَ لَا أَدْرِي قَالَا وَمن نبيك قَالَ لَا أَدْرِي قَالَا وَمن إمامك قَالَ لَا أَدْرِي فيضربانه بالعمود ضَرْبَة حَتَّى يلتهب الْقَبْر نَارا ويضيق عَلَيْهِ حَتَّى تخْتَلف أضلاعه

حَدِيث الْبَراء وَتَمِيم تقدما فِي بَاب من يحضر الْمَيِّت من الْمَلَائِكَة

حَدِيث بشير

٤ - أخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وإبن السكن عَن أَيُّوب بن بشير عَن أَبِيه قَالَ كَانَت ثائرة فِي بني مُعَاوِيَة فَذهب رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يصلح بَينهم فَالْتَفت إِلَى قبر فَقَالَ لَا دَريت فَقيل لَهُ فَقَالَ إِن هَذَا يسْأَل عني فَقَالَ لَا أَدْرِي

حَدِيث ثَوْبَان

٥ - أخرج أَبُو نعيم عَن ثَوْبَان قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِذا مَاتَ الْمُؤمن كَانَت الصَّلَاة عِنْد رَأسه وَالصَّدَََقَة عَن يَمِينه وَالصِّيَام عِنْد صَدره وَذكر حَدِيث الْقَبْر نَحْو حَدِيث الْبَراء هَكَذَا أوردهُ فِي الْحِلْية وَلم يسقه

حَدِيث جَابر

٦ - وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ وإبن أبي الدُّنْيَا من طَرِيق أبي الزبير أَنه سَأَلَ جَابر بن عبد اللّه عَن فتاني الْقَبْر فَقَالَ سَمِعت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن هَذِه الْأمة تبتلى فِي قبورها فَإِذا أَدخل الْمُؤمن قَبره وَتَوَلَّى عَنهُ أَصْحَابه جَاءَهُ ملك شَدِيد الإنتهار فَيَقُول لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول الْمُؤمن أَقُول إِنَّه رَسُول اللّه وَعَبده فَيَقُول لَهُ الْملك إنظر إِلَى مَقْعَدك الَّذِي كَانَ فِي النَّار قد أنجاك اللّه مِنْهُ وأبدلك بمقعدك الَّذِي ترى من النَّار مَقْعَدك الَّذِي ترى من الْجنَّة فَيَرَاهُمَا كليهمَا فَيَقُول الْمُؤمن دَعونِي أبشر أَهلِي فَيُقَال لَهُ أسكن وَأما الْمُنَافِق فيقعد إِذا تولى عَنهُ أَهله فَيُقَال لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول لَا أَدْرِي أَقُول مَا يَقُول النَّاس فَيُقَال لَهُ لَا دَريت هَذَا مَقْعَدك الَّذِي كَانَ لَك من الْجنَّة قد أبدلك مَكَانَهُ مَقْعَدك من النَّار قَالَ جَابر فَسمِعت النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يبْعَث كل عبد فِي الْقَبْر على مَا مَاتَ الْمُؤمن على إيمَانه وَالْمُنَافِق على نفَاقه

٧ - وَأخرج إِبْنِ مَاجَه وإبن أبي الدُّنْيَا وَابْن أبي عَاصِم فِي السّنة عَن جَابر بن عبد اللّه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل الْمَيِّت قَبره مثلت لَهُ الشَّمْس عِنْد غُرُوبهَا فيجلس يمسح عَيْنَيْهِ وَيَقُول دَعونِي أُصَلِّي

٨ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وَأَبُو نعيم عَن جَابر بن عبد اللّه قَالَ سَمِعت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن إِبْنِ آدم لفي غَفلَة عَمَّا خلق لَهُ إِن اللّه إِذا أَرَادَ خلقه قَالَ للْملك أكتب رزقه أكتب أَثَره أكتب أَجله أكتب شقيا أم سعيدا ثمَّ يرْتَفع ذَلِك الْملك وَيبْعَث اللّه ملكا فيحفظه حَتَّى يدْرك ثمَّ يرْتَفع ذَلِك الْملك ثمَّ يُوكل اللّه بِهِ ملكَيْنِ يكتبان حَسَنَاته وسيئاته فَإِذا حَضَره الْمَوْت إرتفع ذَلِك الْملكَانِ وَجَاء ملك الْمَوْت ليقْبض روحه فَإِذا دخل قَبره ردَّتْ الرّوح إِلَى جسده وجاءه ملكا الْقَبْر فامتحناه ثمَّ يرتفعان فَإِذا قَامَت السَّاعَة إنحط عَلَيْهِ ملك الْحَسَنَات وَملك السَّيِّئَات فانتشطا كتابا معقودا فِي عُنُقه ثمَّ حضرا مَعَه وَاحِد سائق وَآخر شَهِيد ثمَّ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِن قدامكم أَمر عَظِيم مَا تقدرونه فاستعينوا بِاللّه الْعَظِيم

٩ - وَأخرج ابْن أبي عَاصِم وإبن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِذا وضع الْمُؤمن فِي قَبره أَتَاهُ ملكان فانتهراه فَقَامَ يهب كَمَا يهب النَّائِم فَيُقَال لَهُ من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فَيَقُول اللّه

رَبِّي وَالْإِسْلَام ديني وَمُحَمّد نَبِي فينادي مُنَاد أَن قد صدق فافرشوه من الْجنَّة وألبسوه من الْجنَّة فَيَقُول دَعونِي أخبر أَهلِي فَيُقَال لَهُ أسكن

حَدِيث حُذَيْفَة تقدم فِي بَاب معرفَة الْمَيِّت لمن يغسلهُ

حَدِيث ضَمرَة

١٠ - وَأخرج أَبُو نعيم عَن ضَمرَة بن حبيب قَالَ فتانو الْقَبْر ثَلَاثَة أنكر وناكور وسيدهم رُومَان

١١ - وَأخرج إِبْنِ لال وإبن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات عَن ضَمرَة بن حبيب مَرْفُوعا فتانو الْقَبْر أَرْبَعَة مُنكر وَنَكِير وناكور وسيدهم رُومَان قَالَ إِبْنِ الْجَوْزِيّ هَذَا الحَدِيث لَا أصل لَهُ وضمرة تَابِعِيّ وَرِوَايَة الْوَقْف عَلَيْهِ أثبت إنتهى

١٢ - وَسُئِلَ شيخ الْإِسْلَام ابْن حجر هَل يَأْتِي للْمَيت ملك إسمه رُومَان فَأجَاب بِأَنَّهُ ورد بِسَنَد فِيهِ لين

حَدِيث عبَادَة الصَّامِت

١٣ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي التَّهَجُّد وَابْن الضريس فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَحميد بن زَنْجوَيْه فِي فَضَائِل الْأَعْمَال عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ إِذا قَامَ أحدكُم من اللَّيْل فليجهر بقرَاءَته فَإِنَّهُ يطرد بجهره الشَّيَاطِين وفساق الْجِنّ وَإِن الْمَلَائِكَة الَّذين هم فِي الْهَوَاء وسكان الدَّار يَسْتَمِعُون لقرَاءَته وَيصلونَ بِصَلَاتِهِ فَإِذا مَضَت هَذِه اللَّيْلَة أوصت تِلْكَ اللَّيْلَة المستأنفة بِهِ فَتَقول نبهيه لساعته وكوني عَلَيْهِ خَفِيفَة فَإِذا حَضرته الْوَفَاة جَاءَ الْقُرْآن فَوقف عِنْد رَأسه وهم يغسلونه فَإِذا فرغ مِنْهُ دخل الْقُرْآن حَتَّى صَار بَين صَدره وكفنه فَإِذا وضع فِي حفرته وجاءه مُنكر وَنَكِير خرج الْقُرْآن فَصَارَ بَينه وَبَينهمَا فَيَقُولَانِ لَهُ إِلَيْك عَنَّا فَإنَّا نُرِيد أَن نَسْأَلهُ فَيَقُول وَاللّه مَا أَنا بمفارقه حَتَّى أدخلهُ الْجنَّة فَإِن كنتما أمرتما فِيهِ بِشَيْء فشأنكما

ثمَّ ينظر إِلَيْهِ فَيَقُول هَل تعرفنِي فَيَقُول لَا فَيَقُول أَنا الْقُرْآن أَنا الَّذِي كنت أسهرك ليلك وأظمئك نهارك وأمنعك شهوتك وسمعك وبصرك فستجدني من بَين الأخلاء خَلِيل صدق وَمن الإخوان أَخا صدق فأبشر فَمَا عَلَيْك بعد مَسْأَلَة مُنكر وَنَكِير من هم وَلَا حزن ثمَّ يخرجَانِ عَنهُ فيصعد الْقُرْآن إِلَى ربه تَعَالَى فَيسْأَل لَهُ فراشا ودثارا فَيُؤْمَر لَهُ بفراش ودثار وقنديل من نور الْجنَّة وياسمين من ياسمين الْجنَّة فيحمله ألف ملك من مقربي السَّمَاء الدُّنْيَا فيسبقهم الْقُرْآن إِلَيْهِ فَيَقُول هَل إستوحشت بعدِي مَا زِدْت مُنْذُ فارقتك على أَن كلمت اللّه تَعَالَى فِي فرَاش ودثار ومصباح فَهَذَا قد جئْتُك بِهِ فَتدخل عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة فيحملونه ويفرشونه ذَلِك ويضعون الدثار تَحت رجلَيْهِ والياسمين عِنْد صَدره ثمَّ يحملونه حَتَّى يضعونه على شقَّه الْأَيْمن ثمَّ يصعدون عَنهُ فيستلقي عَلَيْهِ فَلَا يزَال ينظر إِلَى الْمَلَائِكَة حَتَّى يلجوا فِي السَّمَاء ثمَّ يدْفع الْقُرْآن فِي قبْلَة الْقَبْر فيوسع عَلَيْهِ مَا شَاءَ اللّه من ذَلِك

وَكَانَ فِي كتاب أبي مُعَاوِيَة فيوسع لَهُ مسيرَة أَرْبَعمِائَة عَام ثمَّ يحمل الياسمين من عِنْد صَدره فَيَجْعَلهُ عِنْد أَنفه فيشمه غضا إِلَى يَوْم ينْفخ فِي الصُّور ثمَّ يَأْتِي أَهله كل يَوْم مرّة أَو مرَّتَيْنِ فيأتيهم يُخْبِرهُمْ وَيَدْعُو لَهُم بِالْخَيرِ والإقبال فَإِن تعلم أحد من وَلَده الْقُرْآن بشر بذلك وَإِن كَانَ عقبه عقب سوء أَتَى الدَّار بكرَة وعشيا فَبكى عَلَيْهِ إِلَى أَن ينْفخ فِي الصُّور قَالَ الْحَافِظ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيث حسن وَرَوَاهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَأَبُو خَيْثَمَة وطبقتهما من الْمُتَقَدِّمين عَن أبي عبد الرَّحْمَن الْمقري بِسَنَدِهِ إِلَى عبَادَة بن الصَّامِت وَقد أخرجه الْعقيلِيّ فِي الضُّعَفَاء وإبن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات من وَجه آخر عَن عبَادَة مَرْفُوعا وَقَالا لَا يَصح

حَدِيث إِبْنِ عَبَّاس رَضِي اللّه عَنهُ

١٤ - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب عَذَاب الْقَبْر عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ بك يَا عمر إِذا أَنْتَهِي بك إِلَى الأَرْض فحفر لَك ثَلَاثَة أَذْرع وشبر فِي ذِرَاع وشبر ثمَّ أَتَاك مُنكر وَنَكِير أسودان يجران أشعارهما كَأَن أصواتهما الرَّعْد القاصف وَكَأن أعينهما الْبَرْق الخاطف يحفران الأَرْض بأنيابهما فأجلساك فَزعًا فتلتلاك وتوهلاك قَالَ يَا رَسُول اللّه وَأَنا يَوْمئِذٍ على مَا أَنا عَلَيْهِ قَالَ نعم

قَالَ أكفيكهما بِإِذن اللّه يَا رَسُول اللّه

١٥ - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد حسن عَن إِبْنِ عَبَّاس عَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْمَيِّت ليسمع خَفق نعَالهمْ حِين يولون قَالَ ثمَّ يجلس فَيُقَال لَهُ من رَبك فَيَقُول اللّه ثمَّ يُقَال لَهُ مَا دينك فَيَقُول الْإِسْلَام ثمَّ يُقَال لَهُ مَا نبيك فَيَقُول مُحَمَّد فَيُقَال وَمَا علمك فَيَقُول عَرفته آمَنت بِهِ وصدقته بِمَا جَاءَ بِهِ من الْكتاب ثمَّ يفسح لَهُ فِي قَبره مد بَصَره وَتجْعَل روحه مَعَ أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ

١٦ - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد حسن عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ إسم الْملكَيْنِ اللَّذين يأتيان فِي الْقَبْر مُنكر وَنَكِير

١٧ - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ إِن الْمُؤمن إِذا حَضَره الْمَوْت شهدته الْمَلَائِكَة فَسَلمُوا عَلَيْهِ وبشروه بِالْجنَّةِ فَإِذا مَاتَ مَشوا مَعَ جنَازَته ثمَّ صلوا عَلَيْهِ مَعَ النَّاس فَإِذا دفن أَجْلِس فِي قَبره فَيُقَال لَهُ من رَبك فَيَقُول رَبِّي اللّه فَيُقَال لَهُ من رَسُولك فَيَقُول مُحَمَّد فَيُقَال لَهُ مَا شهادتك فَيَقُول أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللّه وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول اللّه فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {يثبت اللّه الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت} الْآيَة فيوسع لَهُ فِي قَبره مد بَصَره وَأما الْكَافِر فتنزل الْمَلَائِكَة فيبسطون أَيْديهم والبسط هُوَ الضَّرْب يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم عِنْد الْمَوْت فَإِذا دخل قَبره أقعد فَقيل لَهُ من رَبك فَلم يرجع إِلَيْهِم شَيْئا وأنساه اللّه ذكر ذَلِك وَإِذا قيل لَهُ من الرَّسُول الَّذِي بعث إِلَيْكُم لم يهتد وَلم يرجع إِلَيْهِم شَيْئا فَذَلِك قَوْله {ويضل اللّه الظَّالِمين} الْآيَة

١٨ - وَأخرج جُوَيْبِر فِي تَفْسِيره عَن الضَّحَّاك عَن إِبْنِ عَبَّاس قَالَ شهد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم جَنَازَة رجل من الْأَنْصَار فَانْتهى إِلَى الْقَبْر وَلم يلْحد لَهُ فَجَلَسَ وَجلسَ النَّاس كَأَن على رؤوسهم الطير فَضرب رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بَصَره فِي الأَرْض ينْكث بمخصرة مَعَه ثمَّ رفع طرفه إِلَى السَّمَاء فَقَالَ أعوذ بِاللّه من عَذَاب الْقَبْر ثَلَاث مَرَّات ثمَّ قَالَ إِن العَبْد الْمُؤمن إِذا كَانَ فِي إقبال من الْآخِرَة وإدبار من الدُّنْيَا أَتَاهُ ملك الْمَوْت فيجلس عِنْد رَأسه تهبط إِلَيْهِ مَلَائِكَة مَعَهم

تحفة من تحف الْجنَّة وحنوط من حنوط الْجنَّة وَمن كسوتها فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مد الْبَصَر سماطين فَيبْدَأ ملك الْمَوْت فيبشره ثمَّ تبشره الْمَلَائِكَة فتسيل نَفسه كَمَا تسيل القطرة من فِي السقاء فَرحا بِمَا بشره ملك الْمَوْت حَتَّى إِذا أَخذ نَفسه لم تدعها الْمَلَائِكَة طرفَة عين حَتَّى يأخذوها ويحتضنوها إِلَيْهِم بِتِلْكَ التحف الَّتِي هَبَطُوا بهَا فَإِذا رِيحهَا قد مَلأ بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَتَقول الْمَلَائِكَة مَا أطيب هَذِه الرَّائِحَة فَتَقول الْمَلَائِكَة هَذِه الرَّائِحَة نفس فلَان الْمُؤمن قبض الْيَوْم وَتصلي عَلَيْهِ فَإِذا انْتَهوا بِهِ إِلَى السَّمَاء فتحت أَبْوَاب السَّمَاء لَهَا فَلَيْسَ من بَاب إِلَّا وَهُوَ مشتاق إِلَى أَن تدخل مِنْهُ حَتَّى إِذا دخلُوا بهَا من بَاب عمله بَكَى عَلَيْهِ الْبَاب فَلَا يَمرونَ بهَا على أهل سَمَاء إِلَّا قَالُوا مرْحَبًا بِهَذِهِ النَّفس الطّيبَة الَّتِي قبلت وَصِيَّة رَبهَا حَتَّى إنتهوا إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى فَيَقُول ملك الْمَوْت وَالْمَلَائِكَة الَّذين هَبَطُوا إِلَيْهَا يَا رب قبضنا روح فلَان بن فلَان الْمُؤمن وَهُوَ أعلم مِنْهُم بذلك فَيَقُول اللّه ردُّوهُ إِلَى الأَرْض فَإِنِّي مِنْهَا خلقتهمْ وفيهَا أعيدهم وَمِنْهَا أخرجهم تَارَة أُخْرَى فَإِنَّهُ ليسمع خَفق نعالكم ونفض أَيْدِيكُم إِذا وليتم عَنهُ مُدبرين فَتَأْتِيه أَمْلَاك ثَلَاثَة ملكان من مَلَائِكَة الرَّحْمَة وَملك من مَلَائِكَة الْعَذَاب وَقد إكتنفه عمله الصَّالح الصَّلَاة عِنْد رجلَيْهِ وَالصِّيَام عِنْد رَأسه وَالزَّكَاة عَن يَمِينه وَالصَّدَقَة عَن يسَاره وَالْبر وَحسن الْخلق على صَدره فَكلما أَتَاهُ ملك الْعَذَاب من نَاحيَة ذب عَنهُ عمله الصَّالح فَيقوم بمرزبة لَو اجْتمع عَلَيْهَا أهل مني لم يقلوها فَيَقُول أَيهَا العَبْد الصَّالح لَوْلَا مَا إكتنفك من الصَّلَاة وَالصَّوْم وَالزَّكَاة وَالصَّدَقَة لضربتك بِهَذِهِ المرزبة ضَرْبَة يشتعل قبرك نَارا هُوَ لَكمَا وأنتما لَهُ ثمَّ يصعد ملك الْعَذَاب فَيَقُول أَحدهمَا لصَاحبه إرفق بولِي اللّه فَإِنَّهُ جَاءَ من هول شَدِيد فَيَقُول من رَبك فَيَقُول اللّه فَيَقُول مَا دينك فَيَقُول ديني الْإِسْلَام فَيَقُول من نبيك قَالَ مُحَمَّد فَيَقُولَانِ وَمَا يدْريك قَالَ قَرَأت كتاب اللّه وَآمَنت بِهِ وصدقت وينتهرانه عِنْدهَا وَهِي أَشد فتْنَة تعرض على الْمُؤمن فينادي من السَّمَاء قد صدق عَبدِي فافرشوه من فرش الْجنَّة واكسوه من كسوتها

وطيبوه من طيبها وافسحوا لَهُ فِي قَبره مد الْبَصَر وافتحوا لَهُ بَابا من أَبْوَاب الْجنَّة عِنْد رَأسه وبابا عِنْد رجلَيْهِ ثمَّ يَقُولَانِ لَهُ نم نومَة الْعَرُوس فِي حجلتها لم تذق عَذَاب الْقَبْر فَهُوَ يَقُول رب أقِم السَّاعَة لكَي أرجع إِلَى أَهلِي وَمَالِي وَمَا أَعدَدْت لي فيبعث من قَبره يَوْم الْقِيَامَة مبياض الْوَجْه الحجلة بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالْجِيم البشخانة والمخصرة مَا اخْتَصَرَهُ الْإِنْسَان بِيَدِهِ فأمسكه من عَصا وَنَحْوه وينكت بمثناة آخِره حَدِيث إِبْنِ عمر رَضِي اللّه عَنْهُمَا

١٩ - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الزّهْد وإبن عَسَاكِر بِسَنَد مُنْقَطع عَن إِبْنِ عمر رَضِي اللّه عَنْهُمَا أَنه قَالَ لرجل يَا أخي أما علمت أَن الْمَوْت أمامك لَا تَدْرِي مَتى يَأْتِيك صباحا أَو مسَاء لَيْلًا أَو نَهَارا ثمَّ الْقَبْر وهول المطلع ومنكر وَنَكِير وَبعد ذَلِك يَوْم الْقِيَامَة يَوْم يحْشر فِيهِ المبطلون

٢٠ - وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن إِبْنِ عمر قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم أَلظُّوا أَلْسِنَتكُم قَول لَا إِلَه إِلَّا اللّه وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول اللّه وَاللّه رَبنَا وَالْإِسْلَام ديننَا ومحمدا نَبينَا فَإِنَّكُم تسْأَلُون عَنْهَا فِي قبوركم فِي سَنَده عُثْمَان بن مطر

حَدِيث إِبْنِ عمر

٢١ - وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن عدي وإبن أبي الدُّنْيَا والآجري فِي الشَّرِيعَة عَن إِبْنِ عمر أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم ذكر فتاني الْقَبْر فَقَالَ عمر أترد علينا عقولنا يَا رَسُول اللّه فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم نعم كهيئتكم الْيَوْم فَقَالَ عمر بِفِيهِ الْحجر

حَدِيث إِبْنِ مَسْعُود

٢٢ - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِسَنَد حسن وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب عَذَاب

الْقَبْر عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ إِن الْمُؤمن إِذا مَاتَ أَجْلِس فِي قَبره فَيُقَال لَهُ من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فَيَقُول رَبِّي اللّه وديني الْإِسْلَام ونبيي مُحَمَّد فيوسع لَهُ فِي قَبره ويفرج لَهُ فِيهِ ثمَّ قَرَأَ {يثبت اللّه الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت} الْآيَة وَإِن الْكَافِر إِذا أَدخل فِي قَبره أَجْلِس فِيهِ فَقيل لَهُ من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فَيَقُول لَا أَدْرِي فيضيق عَلَيْهِ قَبره ويعذب فِيهِ ثمَّ قَرَأَ إِبْنِ مَسْعُود {وَمن أعرض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكا}

٢٣ - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ إِن أحدكُم ليجلس فِي قَبره إجلاسا فَيُقَال لَهُ مَا أَنْت فَإِن كَانَ مُؤمنا قَالَ أَنا عبد اللّه حَيا وَمَيتًا أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللّه وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فيفسح لَهُ فِي قَبره مَا شَاءَ فَيرى مَكَانَهُ من الْجنَّة وتنزل عَلَيْهِ كسْوَة يلبسهَا من الْجنَّة وَأما الْكَافِر فَيُقَال لَهُ مَا أَنْت فَيَقُول لَا أَدْرِي فَيُقَال لَهُ لَا دَريت ثَلَاثًا فيضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف أضلاعه وَترسل عَلَيْهِ حيات من جَوَانِب قَبره وتنهشه وتأكله فَإِذا جزع فصاح قمع بمقمع من نَار أَو حَدِيد وَيفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار

٢٤ - وَأخرج الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ إِذا توفّي العَبْد بعث اللّه إِلَيْهِ مَلَائِكَة فيقبضون روحه فِي أثوابه فَإِذا وضع فِي قَبره بعث اللّه ملكَيْنِ ينتهرانه فَيَقُولَانِ من رَبك قَالَ رَبِّي اللّه قَالَا وَمَا دينك قَالَ ديني الْإِسْلَام قَالَا من نبيك قَالَ نبيي مُحَمَّد قَالَا صدقت كَذَلِك كنت أفرشوه من الْجنَّة وألبسوه مِنْهَا وأروه مَقْعَده مِنْهَا وَأما الْكَافِر فَيضْرب ضَرْبَة يلتهب قَبره مِنْهَا نَارا أَو يضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف عَلَيْهِ أضلاعه وتبعث عَلَيْهِ حيات من حيات الْقَبْر كأعناق الْإِبِل

٢٥ - وَأخرج الْخلال فِي كِتَابه شرح السّنة عَن إِبْنِ مَسْعُود قَالَ إِن الْمُؤمن إِذا نزل بِهِ الْمَوْت أَتَاهُ ملك الْمَوْت يُنَادِيه يَا روح الطّيبَة أَخْرِجِي من الْجَسَد الطّيب فَإِذا خرجت روحه لفت فِي خرقَة حَمْرَاء فَإِذا غسل وكفن وَحمل على سَرِيره إرتفعت روحه فَوق السرير حيت يتَحَوَّل السرير تحولت حَتَّى يوضع فِي قَبره فَإِذا وضع فِي قَبره أَجْلِس وَجِيء بِالروحِ وَجعلت فِيهِ فَيُقَال لَهُ من رَبك وَمَا دينك فَيَقُول رَبِّي اللّه وديني الْإِسْلَام ونبيي مُحَمَّد صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَيُقَال لَهُ صدقت

فيوسع لَهُ فِي قَبره مد بَصَره ثمَّ ترْتَفع روحه فتجعل فِي أَعلَى عليين ثمَّ تَلا عبد اللّه هَذِه الْآيَة {إِن كتاب الْأَبْرَار لفي عليين وَمَا أَدْرَاك مَا عليون كتاب مرقوم} قَالَ فِي السَّمَاء السَّابِعَة وَأما الْكَافِر فَذكر الْكَلَام وتلا {إِن كتاب الْفجار لفي سِجِّين وَمَا أَدْرَاك مَا سِجِّين} قَالَ الأَرْض السَّابِعَة

حَدِيث عُثْمَان رَضِي اللّه عَنهُ

٢٦ - وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُثْمَان قَالَ مر رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِجنَازَة عِنْد قبر وَصَاحبه يدْفن فَقَالَ إستغفروا لأخيكم وسلوا لَهُ التثبيت فَإِنَّهُ الْآن يسْأَل

حَدِيث عمر رَضِي اللّه عَنهُ

٢٧ - وَأخرج عَن ابْن أبي دَاوُد فِي الْبَعْث وَالْحَاكِم فِي التَّارِيخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي عَذَاب الْقَبْر عَن عمر بن الْخطاب رَضِي اللّه عَنهُ قَالَ قَالَ لي رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ أَنْت إِذا كنت فِي أَرْبَعَة أَذْرع فِي ذراعين وَرَأَيْت مُنْكرا ونكيرا قلت يَا رَسُول اللّه وَمَا مُنكر وَنَكِير قَالَ فتانا الْقَبْر ينحتان الأَرْض بأنيابهما ويطآن فِي أشعارهما أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف مَعَهُمَا مرزبة لَو اجْتمع عَلَيْهَا أهل منى لم يطيقوا رَفعهَا هِيَ أيسر عَلَيْهِمَا من عصاي هَذِه فامتحناك فَإِن تعاييت أَو ناويت ضرباك بهَا ضَرْبَة تصير بهَا رَمَادا قلت يَا رَسُول اللّه وَأَنا على حَالي هَذِه قَالَ نعم قَالَ إِذن أكفيكهما

٢٨ - وَأخرج أَبُو نعيم وإبن أبي الدُّنْيَا والآجري فِي الشَّرِيعَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء بن يسَار قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لعمر بن الْخطاب رَضِي اللّه عَنهُ يَا عمر كَيفَ بك إِذا مت فقاسوا لَك ثَلَاثَة أَذْرع وشبرا فِي ذِرَاع وشبر ثمَّ رجعُوا إِلَيْك وغسلوك وكفنوك وحنطوك ثمَّ احتملوك حَتَّى يضعوك فِيهِ ثمَّ يهيلوا عَلَيْك

التُّرَاب فَإِذا انصرفوا عَنْك أَتَاك فتانا الْقَبْر مُنكر ونكر أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف فتلتلاك وثرثراك وهولاك فَكيف بك عِنْد ذَلِك يَا عمر قَالَ يَا رَسُول اللّه وَمَعِي عَقْلِي قَالَ نعم قَالَ إِذن أكفيكهما مُرْسل رِجَاله ثِقَات قَالَ فِي الصِّحَاح تلتله أَي زعزعه وأقلقه وزلزله وَهُوَ بمثناتين والثرثرة بمثلثتين كَثْرَة الْكَلَام وترديده والتهويل التقريع

حَدِيث عَمْرو بن الْعَاصِ

٢٩ - وَأخرج مُسلم عَن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه قَالَ فِي مرض مَوته إِذا دفنتموني فَشُنُّوا عَليّ التُّرَاب شنا وَأقِيمُوا عِنْد قَبْرِي قدر مَا تنحر جزور وَيقسم لَحمهَا آنس بكم وَأنْظر مَاذَا أراجع بِهِ رسل رَبِّي

حَدِيث معَاذ

٣٠ - وَأخرج الْبَزَّار عَن معَاذ بن جبل قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِن الْبَيْت الَّذِي يقْرَأ فِيهِ الْقُرْآن عَلَيْهِ خيمة من نور يَهْتَدِي بهَا أهل السَّمَاء كَمَا يهتدى بالكوكب الدُّرِّي فِي لجج الْبحار وَفِي الأَرْض القفر فَإِذا مَاتَ صَاحب الْقُرْآن رفعت تِلْكَ الْخَيْمَة فتنظر الْمَلَائِكَة من السَّمَاء فَلَا يرَوْنَ ذَلِك النُّور فَتَلقاهُ الْمَلَائِكَة من سَمَاء إِلَى سَمَاء فَتُصَلِّي الْمَلَائِكَة على روحه فِي الْأَرْوَاح ثمَّ تستغفر لَهُ إِلَى يَوْم يبْعَث وَمَا من رجل تعلم كتاب اللّه ثمَّ صلى سَاعَة من ليل إِلَّا وصت بِهِ تِلْكَ اللَّيْلَة الْمَاضِيَة اللَّيْلَة المستأنفة أَن تنبهه لساعته وَأَن تكون عَلَيْهِ خَفِيفَة وَإِذا مَاتَ وَكَانَ أَهله فِي جهازه جَاءَ الْقُرْآن فِي صُورَة حَسَنَة جميلَة فَوقف عِنْد رَأسه حَتَّى يدرج فِي أَكْفَانه فَيكون الْقُرْآن على صَدره دون الْكَفَن فَإِذا وضع فِي قَبره وسوي عَلَيْهِ التُّرَاب وتفرق عَنهُ أَصْحَابه أَتَاهُ مُنكر وَنَكِير فيجلسانه فِي قَبره فَيَجِيء الْقُرْآن حَتَّى يكون بَينه وَبَينهمَا فَيَقُولَانِ لَهُ إِلَيْك حَتَّى نَسْأَلهُ فَيَقُول لَا وَرب الْكَعْبَة إِنَّه لصاحبي وخليلي وَلست أخذله على حَال فَإِن كنتما أمرتما بِشَيْء فامضيا لما

أمرتما وَدَعَانِي مَكَاني فَإِنِّي لست أفارقه حَتَّى أدخلهُ الْجنَّة ثمَّ ينظر الْقُرْآن إِلَى صَاحبه فَيَقُول أَنا الْقُرْآن الَّذِي كنت تجْهر بِي تخفيني وتحييني فَأَنا حَبِيبك وَمن أحببته أحبه اللّه لَيْسَ عَلَيْك بعد مَسْأَلَة مُنكر وَنَكِير هم وَلَا حزن فيسأله مُنكر وَنَكِير ويصعدان وَيبقى هُوَ وَالْقُرْآن فَيَقُول لأفرشنك فراشا لينًا ولأدثرنك دثارا حسنا جميلا كَمَا أَسهرت ليلك وأنصبت نهارك فيصعد الْقُرْآن إِلَى السَّمَاء أسْرع من الطّرف فَيسْأَل اللّه ذَلِك فيعطيه ذَلِك فَينزل بِهِ ألف ملك من مقربي السَّمَاء السَّادِسَة فَيَجِيء الْقُرْآن فَيُجِيبهُ فَيَقُول هَل إستوحشت مَا زلت مُنْذُ فارقتك أَن كلمت اللّه حَتَّى أخذت لَك فراشا ودثارا وَقد جئْتُك بِهِ فَقُمْ حَتَّى تفرشك الْمَلَائِكَة فتنهضه الْمَلَائِكَة إنهاضا لطيفا ثمَّ يفسح لَهُ فِي قَبره مسيرَة أَرْبَعمِائَة عَام ثمَّ يوضع لَهُ فرَاش بطانته من حَرِير أَخْضَر حشوه الْمسك الأذفر وَيُوضَع لَهُ مرافق عِنْد رجلَيْهِ وَرَأسه من السندس والإستبرق ويسرج لَهُ سراجان من نور الْجنَّة عِنْد رَأسه وَرجلَيْهِ يزهران إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ تضجعه الْمَلَائِكَة على شقَّه الْأَيْمن مُسْتَقْبل الْقبْلَة ثمَّ يُؤْتى بياسمين من الْجنَّة ويصعد عَلَيْهِ وَيبقى هُوَ وَالْقُرْآن حَتَّى يبْعَث وَيرجع الْقُرْآن إِلَى أَهله فيخبرهم خَبره كل يَوْم وَلَيْلَة ويتعاهده كَمَا يتَعَاهَد الْوَالِد الشفيق وَلَده بِالْخَيرِ فَإِن تعلم أحد من وَلَده الْقُرْآن بشره بذلك وَإِن كَانَ عقبه عقب سوء دَعَا لَهُم بالصلاح والإقبال هَذَا حَدِيث غَرِيب فِي إِسْنَاده جَهَالَة وإنقطاع

حَدِيث أبي أُمَامَة تقدم فِي التَّلْقِين

حَدِيث أبي الدَّرْدَاء

٣١ - وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك فِي الزّهْد وإبن أبي شيبَة والآجري فِي الشَّرِيعَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء أَن رجلا قَالَ لَهُ عَلمنِي خيرا يَنْفَعنِي اللّه بِهِ قَالَ أما لَا فاعقل كَيفَ أَنْت إِذا لم يكن لَك من الأَرْض إِلَّا مَوضِع أَرْبَعَة أَذْرع فِي ذراعين جَاءَ بك أهلك الَّذِي كَانُوا يكْرهُونَ فراقك وإخوانك الَّذين كَانُوا يتحزنون بِأَمْرك فتلوك فِي ذَلِك ثمَّ سووا عَلَيْك من اللَّبن وَأَكْثرُوا عَلَيْك من التُّرَاب فجاءك ملكان أزرقان جعدان يُقَال لَهما مُنكر وَنَكِير فَقَالَا من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فَإِن قلت رَبِّي اللّه وديني الْإِسْلَام ونبيي مُحَمَّد فقد وَاللّه هديت ونجوت

وَلنْ تَسْتَطِيع ذَلِك إِلَّا بتثبيت من اللّه مَعَ مَا ترى من الشدَّة والتخويف وَإِن قلت لَا أَدْرِي فقد وَاللّه هويت ورديت تلوك بِالْمُثَنَّاةِ أَي صرعوك

حَدِيث أبي سعيد

٣٢ - وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وإبن أبي الدُّنْيَا وَابْن أبي عَاصِم فِي السّنة وإبن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ شهِدت مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم جَنَازَة فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَا أَيهَا النَّاس إِن هَذِه الْأمة تبتلى فِي قبورها فَإِذا الْإِنْسَان دفن فَتفرق عَنهُ أَصْحَابه جَاءَهُ ملك الْمَوْت فِي يَده مطراق فأقعده قَالَ مَا تَقول فِي هَذَا الرجل فَإِن كَانَ مُؤمنا قَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللّه وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَيَقُول لَهُ صدقت ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار فَيَقُول هَذَا كَانَ مَنْزِلك لَو كفرت بِرَبِّك فَأَما إِذا آمَنت فَهَذَا مَنْزِلك فَيفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فيريد أَن ينْهض إِلَيْهِ فَيَقُول لَهُ أسكن ويفسح لَهُ فِي قَبره وَإِن كَانَ كَافِرًا أَو منافقا فَقيل لَهُ مَا تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول لَا أَدْرِي سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فَيَقُول لَا دَريت وَلَا تليت وَلَا اهتديت ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَيَقُول هَذَا مَنْزِلك لَو آمَنت بِرَبِّك فَأَما إِذا كفرت بِهِ فَإِن اللّه أبدلك بِهِ هَذَا وَيفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار ثمَّ يقمعه قمعه بالمطراق يسْمعهَا خلق اللّه كلهم غير الثقلَيْن فَقَالَ بعض الْقَوْم يَا رَسُول اللّه مَا أحد يقوم عَلَيْهِ ملك فِي يَده مطراق إِلَّا هيل عِنْد ذَلِك فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم {يثبت اللّه الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت} الْآيَة قَوْله هيل مَاض مَبْنِيّ للْمَفْعُول أَي فزع

حَدِيث أبي رَافع

٣٣ - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَن أبي رَافع أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم مر على قبر فَقَالَ أُفٍّ أُفٍّ أُفٍّ فَقلت يَا رَسُول اللّه بِأبي أَنْت وَأمي مَا

مَعَك غَيْرِي فمني أففت فَقَالَ لَا وَلَكِنِّي أففت من صَاحب هَذَا الْقَبْر الَّذِي سُئِلَ عني فَشك فِي

٣٤ - وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي رَافع قَالَ بَينا أَنا مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فِي بَقِيع الْغَرْقَد وأذا أَمْشِي خَلفه إِذْ قَالَ لَا هديت وَلَا اهتديت قلت مَا لي يَا رَسُول اللّه قَالَ لست إياك أُرِيد وَلَكِن أُرِيد صَاحب هَذَا الْقَبْر سُئِلَ عني فَزعم أَنه لَا يعرفنِي فَإِذا قبر مرشوش عَلَيْهِ مَاء حِين دفن صَاحبه

حَدِيث أبي قَتَادَة

٣٥ - وَأخرج إِبْنِ أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وإبن مَنْدَه عَن أبي قَتَادَة الْأنْصَارِيّ قَالَ إِن الْمُؤمن إِذا مَاتَ أَجْلِس فِي قَبره فَيُقَال لَهُ من رَبك فَيُقَال اللّه فَيُقَال لَهُ من نبيك فَيَقُول مُحَمَّد بن عبد اللّه فَيُقَال لَهُ ذَلِك ثَلَاث مَرَّات ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار فَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مَنْزِلك لَو زِغْت عَنهُ ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مَنْزِلك فِي الْجنَّة إِذْ ثَبت وَإِذا مَاتَ الْكَافِر أَجْلِس فِي قَبره فَيُقَال لَهُ من رَبك وَمن نبيك فَيَقُول لَا أَدْرِي كنت أسمع النَّاس يَقُولُونَ فَيُقَال لَهُ لَا دَريت ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مَنْزِلك لَو ثَبت ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار فَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مَنْزِلك إِذْ زِغْت فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {يثبت اللّه الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللّه وَفِي الْآخِرَة قَالَ الْمَسْأَلَة فِي الْقَبْر حَدِيث أبي مُوسَى أخرجه الْبَيْهَقِيّ عقب حَدِيث مَسْعُود وَلم يسق لَفظه بل أَحَالهُ عَلَيْهِ

حَدِيث أبي هُرَيْرَة

٣٦ - وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وإبن أبي الدُّنْيَا والآجري فِي الشَّرِيعَة وَابْن أبي عَاصِم فِي السّنة وَالْبَيْهَقِيّ فِي عَذَاب الْقَبْر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِذا قبر الْمَيِّت أَتَاهُ ملكان أسودان أزرقان يُقَال لأَحَدهمَا مُنكر

وَللْآخر نَكِير فَيَقُولَانِ لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول مَا كَانَ يَقُول هُوَ عبد اللّه وَرَسُوله أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا اللّه وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَيَقُولَانِ قد كُنَّا نعلم أَنَّك تَقول هَذَا ثمَّ يفسح لَهُ فِي قَبره سَبْعُونَ ذِرَاعا فِي سبعين ثمَّ ينور لَهُ فِيهِ فَيُقَال لَهُ نم فَيَقُول أرجع إِلَى أَهلِي فَأخْبرهُم فَيَقُولُونَ لَهُ نم كنومة الْعَرُوس الَّذِي لَا يوقظه إِلَّا أحب أَهله إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثهُ اللّه من مضجعه ذَلِك فَإِذا كَانَ منافقا قَالَ سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ فَقلت مثله لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ قد كُنَّا نعلم أَنَّك تَقول ذَلِك فَيُقَال للْأَرْض إلتئمي عَلَيْهِ فتلتئم عَلَيْهِ فتختلف أضلاعه فَلَا يزَال فِيهَا معذبا حَتَّى يَبْعَثهُ اللّه من مضجعه ذَلِك

٣٧ - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وإبن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ شَهِدنَا جَنَازَة مَعَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا فرغ من دَفنهَا وَانْصَرف النَّاس قَالَ إِنَّه الْآن يسمع خَفق نعالكم أَتَاهُ مُنكر وَنَكِير أعينهما مثل قدور النّحاس وأنيابهما مثل صياصي الْبَقر وأصواتهما مثل الرَّعْد فيجلسانه فيسألانه مَا كَانَ يعبد وَمن كَانَ نبيه فَإِن كَانَ مِمَّن يعبد اللّه تَعَالَى قَالَ كنت أعبد اللّه ونبيي مُحَمَّد صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ فَآمَنا بِهِ واتبعناه فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {يثبت اللّه الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} فَيُقَال لَهُ على الْيَقِين جِئْت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة ويوسع لَهُ فِي حفرته وَإِن كَانَ من أهل الشَّك قَالَ لَا أَدْرِي سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فقلته فَيُقَال لَهُ على الشَّك جِئْت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار ويسلط عَلَيْهِ عقارب وتنانين وَلَو نفخ أحدهم فِي الدُّنْيَا مَا أنبتت شَيْئا تنهشه وتؤمر الأَرْض فتنضم عَلَيْهِ حَتَّى تخْتَلف أضلاعه

٣٨ - وَأخرج هناد فِي الزّهْد وإبن أبي شيبَة وإبن جرير وإبن الْمُنْذر وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وإبن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن الْمَيِّت إِذا وضع فِي قَبره إِنَّه ليسمع خَفق نعَالهمْ حِين يولون عَنهُ فَإِذا كَانَ مُؤمنا كَانَت الصَّلَاة عِنْد رَأسه وَالزَّكَاة عَن يَمِينه وَالصَّوْم عَن شِمَاله وَفعل الْخيرَات وَالْمَعْرُوف وَالْإِحْسَان إِلَى النَّاس من قبل رجلَيْهِ فَيُؤتى من قبل رَأسه فَتَقول الصَّلَاة لَيْسَ قبلي مدْخل فَيُؤتى عَن يَمِينه فَتَقول الزَّكَاة لَيْسَ قبلي مدْخل وَيُؤْتى من قبل شِمَاله

فَيَقُول الصَّوْم لَيْسَ قبلي مدْخل ثمَّ يُؤْتى من قبل رجلَيْهِ فَيَقُول فعل الْخيرَات وَالْمَعْرُوف وَالْإِحْسَان إِلَى النَّاس لَيْسَ قبلي مدْخل فَيُقَال لَهُ إجلس فيجلس قد قربت مثلت لَهُ الشَّمْس وَقد قربت للغروب فَيُقَال لَهُ أخبرنَا عَمَّا نَسْأَلك فَيَقُول دَعْنِي حَتَّى أُصَلِّي فَيُقَال إِنَّك ستفعل فَأخْبرنَا عَمَّا نَسْأَلك فَيَقُول عَم تَسْأَلُونِي فَيُقَال لَهُ مَا تَقول فِي هَذَا الرجل الَّذِي كَانَ فِيكُم يَعْنِي النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُول أشهد أَنه رَسُول اللّه جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ من عِنْد رَبنَا فصدقنا وَاتَّبَعنَا فَيُقَال لَهُ صدقت على هَذَا جِئْت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ اللّه تَعَالَى ويفسح لَهُ فِي قَبره مد بَصَره فَذَلِك قَول اللّه تَعَالَى {يثبت اللّه الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} وَيُقَال إفتحوا لَهُ بَابا إِلَى النَّار فَيفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار فَيُقَال هَذَا كَانَ مَنْزِلك لَو عصيت اللّه فَيَزْدَاد غِبْطَة وسرورا يُقَال إفتحوا لَهُ بَابا إِلَى الْجنَّة فَيفتح لَهُ فَيُقَال هَذَا مَنْزِلك وَمَا أعد اللّه لَك فَيَزْدَاد غِبْطَة وسرورا فيعاد الْجَسَد إِلَى مَا بَدَأَ مِنْهُ من التُّرَاب وَتجْعَل روحه فِي النسيم الطّيب وَهُوَ طير خضر تعلق فِي شجر الْجنَّة وَأما الْكَافِر فَيُؤتى فِي قَبره من قبل رَأسه فَلَا يُوجد شَيْء فَيُؤتى من قبل رجلَيْهِ فَلَا يُوجد شَيْء فيجلس خَائفًا مَرْعُوبًا فَيَقُول لَهُ مَا تَقول فِي هَذَا الرجل الَّذِي كَانَ فِيكُم وَمَا تشهد بِهِ فَلَا يَهْتَدِي لاسمه فَيُقَال مُحَمَّد صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُول سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فَقلت كَمَا قَالُوا فَيُقَال لَهُ صدقت على هَذَا جِئْت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ اللّه ويضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف أضلاعه فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {وَمن أعرض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكا} فَيُقَال إفتحوا لَهُ بَابا إِلَى الْجنَّة فَيفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَيُقَال لَهُ هَذَا كَانَ مَنْزِلك وَمَا أعد اللّه لَك لَو كنت أطعته فَيَزْدَاد حسرة وثبورا ثمَّ يُقَال إفتحوا لَهُ بَابا إِلَى النَّار فَيفتح لَهُ بَاب إِلَيْهَا فَيُقَال لَهُ هَذَا مَنْزِلك وَمَا أعد اللّه لَك فَيَزْدَاد حسرة وثبورا قَالَ أَبُو عمر الضَّرِير قلت لحماد بن سَلمَة كَانَ هَذَا من أهل الْقبْلَة قَالَ نعم قَالَ أَبُو عمر كَانَ يشْهد بِهَذِهِ الشَّهَادَة على غير يَقِين يرجع إِلَى قلبه كَانَ يسمع النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فيقوله

٣٩ - وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وإبن مَنْدَه عَن أبي هُرَيْرَة رَفعه قَالَ يُؤْتى الرجل فِي قَبره فَإِذا أُتِي من قبل رَأسه دَفعته تِلَاوَة الْقُرْآن وَإِذا أُتِي من

قبل يَدَيْهِ دَفعته الصَّدَقَة وَإِذا أُتِي من قبل رجلَيْهِ دَفعه مَشْيه إِلَى الْمَسَاجِد وَالصَّبْر حجرَة فَقَالَ أما إِنِّي لَو رَأَيْت خللا كنت صَاحبه قَوْله حجرَة بِفَتْح الْمُهْملَة وَسُكُون الْجِيم وَرَاء أَي نَاحيَة

٤٠ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ إِذا وضع الْمَيِّت فِي قَبره جَاءَتْهُ أَعماله الصَّالِحَة فاحتوشته فَإِن أَتَاهُ من قبل رَأسه جَاءَت قِرَاءَة الْقُرْآن وَإِن أَتَاهُ من قبل رجلَيْهِ جَاءَ قِيَامه وَإِن أَتَاهُ من قبل يَدَيْهِ قَالَت اليدان كَانَ وَاللّه ليبسطنا للصدقة وَالدُّعَاء لَا سَبِيل لكم إِلَيْهِ من قبلي وَإِن أَتَاهُ من قبل فِيهِ جَاءَ ذكره وصيامه قَالَ وَكَذَلِكَ الصَّلَاة قَالَ وَالصَّبْر نَاحيَة فَيَقُول أما إِنِّي لَو رَأَيْت خللا كنت صَاحبه وتجاحش عَنهُ أَعماله الصَّالِحَة كَمَا يجاحش الرجل عَن أَخِيه وَأَهله وَولده وَيُقَال عِنْد ذَلِك نم بَارك اللّه لَك فِي مضجعك فَنعم الأخلاء أخلاؤك وَنعم الْأَصْحَاب أَصْحَابك

تجاحش بجيم ثمَّ حاء مُهْملَة ثمَّ شين مُعْجمَة أَي تدافع

٤١ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا وإبن مَنْدَه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ إِذا أحتضر الْمُؤمن فَخرج روحه من جسده تَقول الْمَلَائِكَة روح طيبَة من جَسَد طيب فَإِذا أخرج من بَيته إِلَى قَبره فَهُوَ يحب مَا أسْرع بِهِ فَإِذا دخل قَبره أَتَاهُ آتٍ ليَأْخُذ بِرَأْسِهِ فيحول سُجُوده بَينه وَبَينه ويأتيه ليَأْخُذ ببطنه فيحول صِيَامه بَينه وَبَينه ويأتيه ليَأْخُذ بِيَدِهِ فتحول صدقته بَينه وَبَينه ويأتيه ليَأْخُذ برجليه فيحول قِيَامه عَلَيْهِمَا فِي الصَّلَاة وممشاه عَلَيْهِمَا إِلَى الصَّلَاة بَينه وَبَينه فَمَا يفزع الْمُؤمن بعْدهَا أبدا وَإِن من شَاءَ اللّه من الْخلق ليفزع فَإِذا رأى مَقْعَده وَمَا أعد لَهُ قَالَ رب بَلغنِي منزلي فَيُقَال لَهُ إِن لَك إخْوَانًا وأخوات لم يحلقوا بك فَارْجِع فنم قرير الْعين وَإِن الْكَافِر إِذا أحتضر وَخرجت روحه من جسده تَقول الْمَلَائِكَة روح خبيثة من جَسَد خَبِيث فَإِذا أخرج من بَيته إِلَى قَبره فَهُوَ يحب مَا أبطىء بِهِ ويصيح أَيْن تذهبون بِي فَإِذا دخل قَبره وَرَأى مَا أعد لَهُ قَالَ رب إرجعون لأتب وأعمل صَالحا فَيُقَال لَهُ قد عمرت مَا كنت معمرا فيتضايق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف أضلاعه فَهُوَ كالمنهوس ينَام ويفزع وتهوي إِلَيْهِ هوَام الأَرْض حَيَاتهَا وعقاربها

المنهوس بِالْمُهْمَلَةِ والمعجمة مَعًا يُقَال نهسته الْحَيَّة ونهشته

٤٢ - وَأخرج الْبَزَّار وإبن جرير فِي تَهْذِيب الْآثَار عَن أبي هُرَيْرَة رَفعه

قَالَ إِن الْمُؤمن ينزل بِهِ الْمَوْت ويعاين مَا يعاين فود لَو خرجت يَعْنِي نَفسه وَاللّه يحب لقاءه وَإِن الْمُؤمن يصعد بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاء فَتَأْتِيه أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فيستخبرونه عَن معارفهم من أهل الأَرْض فَإِذا قَالَ تركت فلَانا فِي الدُّنْيَا أعجبهم ذَلِك وَإِذا قَالَ إِن فلَانا قد مَاتَ قَالُوا مَا جِيءَ بِروح ذَاك إِلَيْنَا وَقد ذهب بِرُوحِهِ إِلَى أَرْوَاح أهل النَّار وَإِن الْمُؤمن يجلس فِي قَبره فَيسْأَل من رَبك فَيَقُول رَبِّي اللّه فَيُقَال من نبيك فَيَقُول نبيي مُحَمَّد فَيُقَال مَاذَا دينك فَيَقُول ديني الْإِسْلَام فَيفتح لَهُ بَاب فِي قَبره وَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مجلسك نم قرير الْعين فيبعثه اللّه يَوْم الْقِيَامَة فَكَأَنَّمَا كَانَ رقدة وَإِذا كَانَ عَدو اللّه وَنزل بِهِ الْمَوْت وعاين مَا عاين فَإِنَّهُ لَا يحب أَن تخرج روحه أبدا وَاللّه يبغض لقاءه فَإِذا أَجْلِس فِي قَبره يُقَال لَهُ من رَبك فَيَقُول لَا أَدْرِي فَيُقَال لَا دَريت فَيُقَال من نبيك فَيَقُول لَا أَدْرِي فَيُقَال لَا دَريت فَيُقَال مَا دينك فَيَقُول لَا أَدْرِي فَيُقَال لَا دَريت فَيفتح لَهُ بَاب من جَهَنَّم ثمَّ يضْرب ضَرْبَة تسمع كل دَابَّة إِلَّا الثقلَيْن ثمَّ يُقَال لَهُ نم كَمَا ينَام المنهوس قيل لأبي هُرَيْرَة مَا المنهوس قَالَ الَّذِي تنهسه الدَّوَابّ والحيات ثمَّ يضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف أضلاعه

٤٣ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم لعمر رَضِي اللّه عَنهُ كَيفَ أَنْت إِذا رَأَيْت مُنْكرا ونكيرا قَالَ وَمَا مُنكر وَنَكِير قَالَ فتانا الْقَبْر أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف يطآن فِي أشعارهما ويحفران الأَرْض بأنيابهما مَعَهُمَا عَصا من حَدِيد لَو اجْتمع عَلَيْهَا أهل منى لم يقلوها

٤٤ - وَأخرج إِبْنِ مَاجَه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْمَيِّت يصير إِلَى الْقَبْر فيجلس الرجل الصَّالح فِي قَبره غير فزع وَلَا مشغوف ثمَّ يُقَال لَهُ فيمَ كنت فَيَقُول كنت فِي الْإِسْلَام فَيُقَال مَا هَذَا الرجل فَيَقُول مُحَمَّد رَسُول اللّه جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ من عِنْد اللّه فَصَدَّقْنَاهُ فَيُقَال لَهُ هَل رَأَيْت اللّه فَيَقُول لَا مَا يَنْبَغِي لأحد أَن يرى اللّه فيفرج لَهُ فُرْجَة قبل النَّار فَينْظر إِلَيْهِ يحطم بَعْضهَا بَعْضًا فَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مَا وقاك اللّه ثمَّ يفرج لَهُ فُرْجَة قبل الْجنَّة فَينْظر إِلَى زهرتها وَمَا فِيهَا فَيُقَال لَهُ هَذَا مَقْعَدك وَيُقَال لَهُ على الْيَقِين كنت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ اللّه وَيجْلس الرجل السوء فِي قَبره فَزعًا مشغوفا فَيُقَال لَهُ فيمَ كنت فَيَقُول لَا أَدْرِي فَيُقَال لَهُ مَا هَذَا الرجل فَيَقُول سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ قولا فقلته فيفرج لَهُ فُرْجَة قبل الْجنَّة فَينْظر إِلَى زهرتها وَمَا فِيهَا فَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مَا صرفه اللّه

عَنْك ثمَّ يفرج لَهُ فُرْجَة قبل النَّار فَينْظر إِلَيْهَا يحطم بَعْضهَا بَعْضًا فَيُقَال لَهُ هَذَا مَقْعَدك على الشَّك كنت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ اللّه تَعَالَى

حَدِيث أَسمَاء

٤٥ - وَأخرج إِبْنِ أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ عَن أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي اللّه عَنْهَا أَنَّهَا سَمِعت رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِنَّه قد أُوحِي إِلَيّ أَنكُمْ تفتنون فِي الْقُبُور فَيُقَال مَا علمك بِهَذَا الرجل فَأَما الْمُؤمن أَو الموقن فَيَقُول هُوَ مُحَمَّد رَسُول اللّه جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهدى فأجبنا وَاتَّبَعنَا فَيُقَال لَهُ قد علمنَا إِن كنت لمؤمنا نم صَالحا وَأما الْمُنَافِق أَو المرتاب فَيَقُول مَا أَدْرِي سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فقلته

٤٦ - وَأخرج أَحْمد عَن أَسمَاء عَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا أَدخل الْإِنْسَان قَبره فَإِن كَانَ مُؤمنا أحف بِهِ عمله الصَّلَاة وَالصِّيَام فيأتيه الْملك من نَحْو الصَّلَاة فَتَردهُ وَمن نَحْو الصّيام فَيردهُ فيناديه إجلس فيجلس فَيَقُول لَهُ مَا تَقول فِي هَذَا الرجل يَعْنِي النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ مُحَمَّد قَالَ أشهد أَنه رَسُول اللّه فَيَقُول وَمَا يدْريك أَدْرَكته قَالَ أشهد أَنه رَسُول اللّه قَالَ يَقُول على ذَلِك عِشْت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث وَإِن كَانَ فَاجِرًا أَو كَافِرًا جَاءَهُ الْملك لَيْسَ بَينه وَبَينه شَيْء يردهُ فأجلسه وَيَقُول مَا تَقول فِي هَذَا الرجل قَالَ أَي رجل قَالَ مُحَمَّد قَالَ يَقُول وَاللّه لَا أَدْرِي سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فقلته قَالَ لَهُ الْملك على ذَلِك عِشْت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث قَالَ وتسلط عَلَيْهِ دَابَّة فِي قَبره مَعهَا سَوط ثَمَرَته جَمْرَة مثل عرف الْبَعِير تضربه مَا شَاءَ اللّه لَا تسمع صَوته فترحمه

قَالَ فِي الصِّحَاح ثَمَر السِّيَاط عقد أطرافها وَعرف الْبَعِير وَالْفرس الشّعْر النَّابِت على الْمعرفَة

حَدِيث عَائِشَة رَضِي اللّه عَنْهَا

٤٧ - وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن عَائِشَة رَضِي اللّه عَنْهَا قَالَت جَاءَت يَهُودِيَّة فاستطمعت على بَابي فَقَالَت أَطْعمُونِي أعاذكم اللّه من فتْنَة

الدَّجَّال وَمن فتْنَة عَذَاب الْقَبْر فَلم أزل أحبسها حَتَّى أَتَى رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَقلت يَا رَسُول اللّه مَا تَقول هَذِه الْيَهُودِيَّة قَالَ وَمَا تَقول قلت تَقول أعاذكم اللّه من فتْنَة الدَّجَّال وَمن فتْنَة عَذَاب الْقَبْر قَالَت عَائِشَة فَقَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَرفع يَدَيْهِ مدا يستعيذ بِاللّه من فتْنَة الدَّجَّال وَمن فتْنَة عَذَاب الْقَبْر ثمَّ قَالَ أما فتْنَة الدَّجَّال فَإِنَّهُ لم يكن نَبِي إِلَّا وَقد حذر أمته وسأحذركموه بِحَدِيث لم يحذرهُ نَبِي أمته إِنَّه أَعور وَاللّه لَيْسَ بأعور مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر يَقْرَؤُهُ كل مُؤمن فَأَما فتْنَة الْقَبْر فَبِي تفتنون وعني تسْأَلُون فَإِذا كَانَ الرجل الصَّالح أَجْلِس فِي قَبره غير فزع وَلَا مشعوف ثمَّ يُقَال لَهُ فيمَ كنت فَيَقُول فِي الْإِسْلَام فَيُقَال مَا هَذَا الرجل الَّذِي كَانَ فِيكُم فَيَقُول مُحَمَّد رَسُول اللّه جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ من عِنْد اللّه فَصَدَّقْنَاهُ فيفرج لَهُ فُرْجَة قبل النَّار فَينْظر إِلَيْهَا يحطم بَعضهم بَعْضًا فَيُقَال لَهُ أنظر لى مَا وقاك اللّه ثمَّ يفرج لَهُ فُرْجَة إِلَى الْجنَّة فَينْظر إِلَى زهرتها وَمَا فِيهَا فَيُقَال لَهُ هَذَا مَقْعَدك مِنْهَا وَيُقَال على الْيَقِين كنت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ اللّه وَإِذا كَانَ الرجل السوء جلس فِي قَبره فَزعًا مشعوفا فَيُقَال لَهُ فيمَ كنت فَيَقُول لَا أَدْرِي فَيُقَال مَا هَذَا الرجل الَّذِي كَانَ فِيكُم فَيَقُول سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ قولا فَقلت كَمَا قَالُوا فيفرج لَهُ فُرْجَة قبل الْجنَّة فَينْظر إِلَى زهرتها وَمَا فِيهَا فَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مَا صرف اللّه عَنْك ثمَّ يفرج لَهُ فُرْجَة قبل النَّار فَينْظر إِلَيْهَا يحطم بَعْضهَا بَعْضًا وَيُقَال لَهُ هَذَا مَقْعَدك مِنْهَا على الشَّك كنت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ اللّه ثمَّ يعذب

٤٨ - ثمَّ روى الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَذكر مثله المشعوف بشين مُعْجمَة ثمَّ عين مُهْملَة قَالَ أهل اللُّغَة الشعف هُوَ الْفَزع حَتَّى يذهب بِالْقَلْبِ

٤٩ - وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة عَن عَائِشَة رَضِي اللّه عَنْهَا قَالَت قلت يَا رَسُول اللّه تبتلى هَذِه الْأمة فِي قبورها فَكيف بِي وَأَنا إمرأة ضَعِيفَة قَالَ {يثبت اللّه الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة}

٥٠ - وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رَضِي اللّه عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِي يفتتن أهل الْقُبُور وَفِي نزلت هَذِه الْآيَة {يثبت اللّه الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت}

٥١ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن عَائِشَة رَضِي اللّه عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم إِذا خرج بسرير الْمُؤمن نَادَى أنْشدكُمْ بِاللّه لما أسرعتم بِي فَإِذا دخل قَبره حفه عمله فتجيء الصَّلَاة فَتكون عَن يَمِينه وَيَجِيء الصَّوْم فَيكون عَن يسَاره وَيَجِيء عمله بِالْمَعْرُوفِ فَيكون عِنْد رجلَيْهِ فَتَقول الصَّلَاة لَيْسَ لكم قبلي مدْخل كَانَ يُصَلِّي بِي فيأتيه من قبل يسَاره فَيَقُول الصَّوْم إِنَّه كَانَ يَصُوم ويعطش فَلَا يَجدونَ موضعا فَيَأْتُونَ من قبل رجلَيْهِ فتخاصم عَنهُ أَعماله فَلَا يَجدونَ مسلكا وَإِذا كَانَ الآخر نَادَى بِصَوْت يسمعهُ كل شَيْء إِلَّا الْإِنْسَان فَإِنَّهُ لَو سَمعه صعق أَو جزع

٥٢ - وَأخرج الإِمَام أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن طَاوُوس قَالَ إِن الْمَوْتَى يفتنون فِي قُبُورهم سبعا فَكَانُوا يستحبون أَن يطعم عَنْهُم تِلْكَ الْأَيَّام

٥٣ - وَأخرج أَبُو نعيم عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم وقف على قبر رجل من أَصْحَابه حِين فرغ مِنْهُ فَقَالَ إِنَّا للّه وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون اللّهمَّ إِنَّه نزل بك وَأَنت خير منزول بِهِ جَاف الأَرْض عَن جَنْبَيْهِ وَافْتَحْ أَبْوَاب السَّمَاء لروحه واقبله مِنْك بِقبُول حسن وَثَبت عِنْد الْمَسْأَلَة مَنْطِقه

٥٤ - وَأخرج الْحَكِيم فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ إِذا سُئِلَ الْمَيِّت من رَبك تزايا لَهُ الشَّيْطَان فِي صُورَة فيشير إِلَى نَفسه إِنِّي أَنا رَبك

٥٥ - قَالَ الْحَكِيم وَيُؤَيِّدهُ من الْأَخْبَار قَوْله صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم عِنْد دفن الْمَيِّت اللّهمَّ أجره من الشَّيْطَان كَمَا تقدم فِي بَاب مَا يُقَال عِنْد الدّفن وَلَو لم يكن للشَّيْطَان هُنَاكَ سَبِيل مَا دَعَا صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بذلك

٥٦ - وَقَالَ ابْن شاهين فِي السّنة حَدثنَا عبد اللّه بن سُلَيْمَان حَدثنَا عَمْرو بن عُثْمَان حَدثنَا بشير بن صَفْوَان حَدثنِي رَاشد قَالَ كَانَ النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم يَقُول تعلمُوا حجتكم فَإِنَّكُم مسؤولون

حَتَّى إِنَّه كَانَ أهل الْبَيْت من الْأَنْصَار يحضر الرجل مِنْهُم الْمَوْت فيوصونه والغلام إِذا عقل فَيَقُولُونَ لَهُ إِذا سألوك من رَبك فَقل اللّه رَبِّي وَمَا دينك فَقل الْإِسْلَام ديني وَمن نبيك فَقل مُحَمَّد رَسُول اللّه صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم

٥٧ - وَأخرج السلَفِي فِي الطيوريات عَن سهل بن عمار قَالَ رَأَيْت يزِيد بن هَارُون فِي الْمَنَام بعد مَوته فَقلت مَا فعل اللّه بك قَالَ أَتَانِي فِي قَبْرِي ملكان فظان غليظان فَقَالَا مَا دينك وَمن رَبك وَمن نبيك فَأخذت بلحيتي الْبَيْضَاء قلت لمثلي يُقَال هَذَا وَقد علمت النَّاس جوابكما ثَمَانِينَ سنة فذهبا وَقَالا أكتبت عَن جرير بن عُثْمَان قلت نعم قَالَا إِنَّه كَانَ يبغض عُثْمَان فإبغضه اللّه

٥٨ - وَأخرجه اللالكائي فِي السّنة عَن الحوثرة بن مُحَمَّد الْمنْقري قَالَ رَأَيْت يزِيد بن هَارُون فِي النّوم فَقَالَ أَتَانِي مُنكر وَنَكِير فأقعداني وسألاني وَقَالا من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فَجعلت أنفض لحيتي الْبَيْضَاء من التُّرَاب وَأَقُول مثلي يسْأَل أَنا يزِيد بن هَارُون وَكنت فِي دَار الدُّنْيَا سِتِّينَ سنة أعلم النَّاس جوابها فَقَالَ أَحدهمَا صدق نم نومَة الْعَرُوس فَلَا روعة عَلَيْك بعد الْيَوْم

٥٩ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا عَن يزِيد بن طريف البَجلِيّ قَالَ مَاتَ أخي فَلَمَّا دفن وضعت رَأْسِي على قَبره فَإِن أُذُنِي الْيُسْرَى على الْقَبْر إِذْ سَمِعت صَوت أخي أعرفهُ صَوتا ضَعِيفا فَسَمعته يَقُول اللّه قَالَ الآخر مَا دينك قَالَ الْإِسْلَام

٦٠ - وَأخرج إِبْنِ أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْقُبُور من طَرِيق الْعَلَاء بن عبد الْكَرِيم قَالَ مَاتَ رجل وَكَانَ لَهُ أَخ ضَعِيف الْبَصَر قَالَ أَخُوهُ فدفناه فَلَمَّا انْصَرف النَّاس عَنهُ وضعت رَأْسِي على الْقَبْر وَإِذا أَنا بِصَوْت من دَاخل الْقَبْر يَقُول من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فَسمِعت أخي يَقُول وعرفته وَعرفت صَوته قَالَ اللّه رَبِّي وَمُحَمّد نبيي ثمَّ ارْتَفع شبه سهم من دَاخل الْقَبْر إِلَى أُذُنِي فاقشعر جلدي وانصرفت

٦١ - وَقَالَ أَبُو الْحسن بن الْبَراء الْعَبْدي فِي كتاب الرَّوْضَة حَدثنِي الْفضل بن سهل الْأَعْرَج قَالَ قَالَ أَحْمد بن نصر حَدثنِي رجل رَفعه إِلَى الضَّحَّاك قَالَ توفّي أَخ لي فَدفن قبل أَن ألحق جنَازَته فَأتيت قَبره فَاسْتَمَعْت عَلَيْهِ فَإِذا هُوَ يَقُول رَبِّي اللّه وَالْإِسْلَام ديني

٦٢ - وَفِي تَارِيخ إِبْنِ النجار بِسَنَدِهِ عَن أبي الْقَاسِم بن هبة اللّه بن سَلامَة الْمُفَسّر قَالَ كَانَ لنا شيخ نَقْرَأ عَلَيْهِ فَمَاتَ بعض أَصْحَابه فَرَآهُ الشَّيْخ فِي النّوم فَقَالَ لَهُ مَا فعل اللّه بك قَالَ غفر لي قَالَ فَمَا حالك مَعَ مُنكر وَنَكِير قَالَ يَا أستاذ لما أجلساني وَقَالا لي من رَبك وَمن نبيك فألهمني اللّه أَن قلت لَهما بِحَق أبي بكر وَعمر دَعَاني فَقَالَ أَحدهمَا للْآخر قد أقسم علينا بعظيم دَعه فتركاني وانصرفا

٦٣ - وَأخرج اللالكائي فِي السّنة بِسَنَدِهِ عَن مُحَمَّد بن نصر الصَّائِغ قَالَ كَانَ أبي مُولَعا بِالصَّلَاةِ على الْجَنَائِز من عرف وَمن لم يعرف قَالَ يَا بني حضرت يَوْمًا جَنَازَة فَلَمَّا دفنوها نزل إِلَى الْقَبْر نفسان ثمَّ خرج وَاحِد وَبَقِي الآخر وحثى النَّاس التُّرَاب فَقلت يَا قوم يدْفن حَيّ مَعَ ميت فَقَالُوا مَا ثمَّ أحد فَقلت لَعَلَّه شبه لي ثمَّ رجعت فَقلت مَا رَأَيْت إِلَّا إثنين خرج وَاحِد وَبَقِي الآخر لَا أَبْرَح حَتَّى يكْشف اللّه لي مَا رَأَيْت فَجئْت إِلَى الْقَبْر وقرأت عشر مَرَّات يس وتبارك وبكيت وَقلت يَا رب إكشف لي عَمَّا رَأَيْت فَإِنِّي خَائِف على عَقْلِي وديني فانشق الْقَبْر وَخرج مِنْهُ شخص فولى مُدبرا فَقلت يَا هَذَا بمعبودك إِلَّا وقفت حَتَّى أَسأَلك فَمَا الْتفت إِلَيّ فَقلت لَهُ الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة فَالْتَفت وَقَالَ أَنْت نصر الصَّائِغ قلت نعم قَالَ فَمَا تعرفنِي قلت لَا قَالَ نَحن ملكان من مَلَائِكَة الرَّحْمَة وكلنَا بِأَهْل السّنة إِذا وضعُوا فِي قُبُورهم نزلنَا حَتَّى نلقنهم الْحجَّة وَغَابَ عني

٦٤ - وَقَالَ الشَّيْخ عبد الْغفار القوصي فِي التَّوْحِيد كنت عِنْد بَيت الشَّيْخ نَاصِر الدّين وَالشَّيْخ بهاء الدّين الأخميمي قد ورد فَأخذت فروته على كَتِفي فَأَخْبرنِي أَن خَادِم الشَّيْخ أبي يزِيد كَانَ يحمل فروته على كتفه وَكَانَ رجلا صَالحا فَجرى الحَدِيث فِي مساءلة مُنكر وَنَكِير فِي الْقَبْر فَقَالَ ذَلِك الْفَقِير وَكَانَ مغربيا وَاللّه إِن سألاني لأقولن لَهما فَقَالُوا لَهُ وَمن يعلم ذَلِك فَقَالَ أقعدوا على قَبْرِي حَتَّى تسمعوا فَلَمَّا مَاتَ المغربي جَلَسُوا على قَبره فَسَمِعُوا المساءلة وسمعوه يَقُول أتسألاني وَقد حملت فَرْوَة أبي يزِيد على عنقِي فَمَضَوْا وتركوه

فصل فِيهِ فَوَائِد

الأولى قَالَ الْقُرْطُبِيّ جَاءَ فِي رِوَايَة سُؤال ملكَيْنِ وَفِي أُخْرَى سُؤال ملك وَاحِد وَلَا تعَارض بل ذَلِك بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَشْخَاص فَرب شخص يَأْتِيهِ إثنان مَعًا فيسألانه مَعًا عَن إنصراف النَّاس ليَكُون أهول فِي حَقه وَأَشد بِحَسب مَا إقترف من الآثام وَآخر يَأْتِيهِ قبل إنصراف النَّاس تَخْفِيفًا عَلَيْهِ لحُصُول أنسه بهم وَآخر يَأْتِيهِ ملك وَاحِد فَيكون أخف عَلَيْهِ وَأَقل فِي الْمُرَاجَعَة لما قدمه من الْعَمَل الصَّالح قَالَ وَيحْتَمل أَن يَأْتِي الإثنان وَيكون السَّائِل أَحدهمَا وَإِن إشتركا فِي الْإِتْيَان فَتحمل رِوَايَة الْوَاحِد على هَذَا

قلت هَذَا الثَّانِي هُوَ الصَّوَاب فَإِن ذكر الْملكَيْنِ هُوَ الْمَوْجُود فِي غَالب الْأَحَادِيث

الثَّانِيَة قَالَ أَيْضا إختلفت الْأَحَادِيث فِي كَيْفيَّة السُّؤَال وَالْجَوَاب وَذَلِكَ بِحَسب الْأَشْخَاص أَيْضا فَمنهمْ من يسْأَل عَن بعض إعتقاداته وَمِنْهُم من يسْأَل عَن كلهَا قَالَ وَيحْتَمل أَن يكون الإقتصار على الْبَعْض من بعض الروَاة وأتى بِهِ غَيره تَاما

قلت هَذَا الثَّانِي هُوَ الصَّوَاب لإتفاق أَكثر الْأَحَادِيث عَلَيْهِ نعم يُؤْخَذ مِنْهَا وخصوصا من رِوَايَة أبي دَاوُد عَن أنس فَمَا يسْأَل عَن شَيْء بعْدهَا وَلَفظ إِبْنِ مرْدَوَيْه فَمَا يسْأَل عَن شَيْء غَيرهَا أَنه لَا يسْأَل عَن شَيْء من التكليفات غير الإعتقاد خَاصَّة وَصرح فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن إِبْنِ عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {يثبت اللّه الَّذين آمنُوا} الْآيَة قَالَ الشَّهَادَة يسْأَلُون عَنْهَا فِي قُبُورهم بعد مَوْتهمْ قيل لعكرمة مَا هُوَ قَالَ يسْأَلُون عَن الْإِيمَان بِمُحَمد وَأمر التَّوْحِيد

الثَّالِثَة أَقُول قد ورد فِي رِوَايَة أَنه يسْأَل فِي الْمجْلس الْوَاحِد ثَلَاث مَرَّات وَبَاقِي الرِّوَايَات ساكتة عَن ذَلِك فَتحمل على ذَلِك أَو يخْتَلف الْحَال بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَشْخَاص وَقد تقدم عَن طَاوُوس أَنهم يفتنون سَبْعَة أَيَّام

الرَّابِعَة قَالَ القَاضِي إِن من لم يدْفن مِمَّن بَقِي على وَجه الأَرْض يَقع لَهُم السُّؤَال وَالْعَذَاب ويحجب اللّه أبصار الْمُكَلّفين عَن رُؤْيَة ذَلِك كَمَا حجبها عَن رُؤْيَة الْمَلَائِكَة وَالشَّيَاطِين قَالَ بَعضهم وَترد الْحَيَاة إِلَى المصلوب وَنحن لَا نشعر بِهِ

كَمَا أَنا نحسب الْمغمى عَلَيْهِ مَيتا وَكَذَلِكَ يضيق عَلَيْهِ الجو كضمة الْقَبْر وَلَا يستنكر شَيْئا من ذَلِك من خالط الْإِيمَان قلبه وَكَذَلِكَ من تَفَرَّقت أجزاؤه يخلق اللّه الْحَيَاة فِي بَعْضهَا أَو كلهَا وَيُوجه السُّؤَال عَلَيْهَا قَالَه إِمَام الْحَرَمَيْنِ قَالَ بَعضهم وَلَيْسَ هَذَا بأبعد من الذَّر الَّذِي أخرجه اللّه من صلب آدم {وأشهدهم على أنفسهم أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى}

الْخَامِسَة قَالَ إِبْنِ عبد الْبر لَا يكون السُّؤَال إِلَّا لمُؤْمِن أَو مُنَافِق كَانَ مَنْسُوبا إِلَى دين الْإِسْلَام بِظَاهِر الشَّهَادَة بِخِلَاف الْكَافِر فَإِنَّهُ لَا يسْأَل وَخَالفهُ الْقُرْطُبِيّ وإبن الْقيم قَالَا أَحَادِيث السُّؤَال فِيهَا التَّصْرِيح بِأَن الْكَافِر وَالْمُنَافِق يسألان قلت مَا قَالَاه مَمْنُوع فَإِنَّهُ لم يجمع بَينهمَا فِي شَيْء من الْأَحَادِيث وَإِنَّمَا ورد فِي بَعْضهَا ذكر الْمُنَافِق وَفِي بَعْضهَا بدله الْكَافِر وَهُوَ مَحْمُول على أَن المُرَاد بِهِ الْمُنَافِق بِدَلِيل قَوْله فِي حَدِيث أَسمَاء وَأما الْمُنَافِق أَو المرتاب وَلم يذكر الْكَافِر وَفِي آخر حَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد الطَّبَرَانِيّ من قَول حَمَّاد وَأبي عمر الضَّرِير مَا يُصَرح بذلك

السَّادِسَة قَالَ الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ سُؤال الْقُبُور خَاص بِهَذِهِ الْأمة لِأَن الْأُمَم قبلهَا كَانَت الرُّسُل تأتيهم بالرسالة فَإِذا أَبَوا كفت الرُّسُل واعتزلوهم وعوجلوا بِالْعَذَابِ فَلَمَّا بعث اللّه مُحَمَّدًا صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم بِالرَّحْمَةِ أمسك عَنْهُم الْعَذَاب وَأعْطِي السَّيْف حَتَّى يدْخل فِي دين الْإِسْلَام وَمن دخل لمهابة السَّيْف ثمَّ يرسخ الْإِيمَان فِي قلبه فَمن هُنَا ظهر النِّفَاق فَكَانُوا يسرون الْكفْر ويلعنون الْإِيمَان فَكَانُوا بَين الْمُسلمين فِي ستر فَلَمَّا مَاتُوا قيض اللّه لَهُم فتاني الْقَبْر ليستخرج سرهم بالسؤال وليميز اللّه الْخَبيث من الطّيب وَخَالفهُ آخَرُونَ فَقَالُوا السُّؤَال لهَذِهِ الْأمة وَغَيرهَا

قَالَ إِبْنِ عبد الْبر وَيدل للإختصاص قَوْله إِن هَذِه الْأمة تبتلى فِي قبورها وَقَوله أُوحِي إِلَيّ أَنكُمْ تفتنون فِي قبوركم وَقَوله فَبِي تفتنون وعني تسْأَلُون

السَّابِعَة قَالَ الْحَكِيم أَيْضا إِنَّمَا سميا فتاني الْقَبْر لِأَن فِي سؤالهما إنتهارا وَفِي خلقهما صعوبة وسميا مُنْكرا ونكيرا لِأَن خلقهما لَا يشبه خلق الْآدَمِيّين وَلَا خلق الْمَلَائِكَة وَلَا خلق الْبَهَائِم وَلَا خلق الْهَوَام هما خلق بديع وَلَيْسَ فِي خلقتهما

أنس للناظرين إِلَيْهِمَا جَعلهمَا اللّه تكرمة لِلْمُؤمنِ لتثبيته وتبصرة وهتكا لستر الْمُنَافِق فِي البرزخ من قبل أَن يبْعَث حَتَّى يحل عَلَيْهِ الْعَذَاب

قلت وَهَذَا يدل على أَن الإسم مُنكر بِفَتْح الْكَاف وَهُوَ المجزوم بِهِ فِي الْقَامُوس وَذكر إِبْنِ يُونُس من أَصْحَابنَا الشَّافِعِيَّة أَن إسم ملكي الْمُؤمن مُبشر وَبشير

الثَّامِنَة قَالَ الْقُرْطُبِيّ إِن قيل كَيفَ يُخَاطب الْملكَانِ جَمِيع الْمَوْتَى فِي الْأَمَاكِن المتباعدة فِي الْوَقْت الْوَاحِد فَالْجَوَاب إِن عظم جثتهما يَقْتَضِي ذَلِك فيخاطبان الْخلق الْكثير فِي الْجُمُعَة الْوَاحِدَة فِي الْمرة الْوَاحِدَة مُخَاطبَة وَاحِدَة بِحَيْثُ يخيل لكل وَاحِد من المخاطبين أَنه الْمُخَاطب دون من سواهُ ويمنعه اللّه تَعَالَى من سَماع جَوَاب بَقِيَّة الْمَوْتَى

قلت وَيحْتَمل تعدد الْمَلَائِكَة الْمعدة لذَلِك كَمَا فِي الْحفظَة وَنَحْوهم ثمَّ رَأَيْت الْحَلِيمِيّ من أَصْحَابنَا ذهب إِلَيْهِ فَقَالَ فِي منهاجه وَالَّذِي يشبه أَن تكون مَلَائِكَة السُّؤَال جمَاعَة كَثِيرَة يُسمى بَعضهم مُنْكرا وَبَعْضهمْ نكيرا فيبعث إِلَى كل ميت إثنان مِنْهُم كَمَا كَانَ الْمُوكل عَلَيْهِ لكتابة أَعماله ملكَيْنِ إنتهى

التَّاسِعَة إختلفت الْأَحَادِيث السَّابِقَة فِي قدر سَعَة الْقَبْر لِلْمُؤمنِ وَلَا تعَارض فَإِن ذَلِك يتَفَاوَت بِحَسب حَال الْمَيِّت فِي الصّلاح علوا وانخفاضا

الْعَاشِرَة فِي أسئلة تتَعَلَّق بِهَذَا الْبَاب سئلها شيخ الْإِسْلَام حَافظ الْعَصْر أَبُو الْفضل بن حجر سُئِلَ عَن الْمَيِّت إِذا سُئِلَ هَل يسْأَل قَاعِدا أم يسْأَل وَهُوَ رَاقِد فَأجَاب يقْعد وَسُئِلَ عَن الرّوح هَل تلبس حِينَئِذٍ الجثة كَمَا كَانَت فَأجَاب نعم لَكِن ظَاهر الْخَبَر أَنَّهَا تحل فِي نصفه الْأَعْلَى وَسُئِلَ هَل يكْشف لَهُ حَتَّى يرى النَّبِي صلى اللّه عَلَيْهِ وَسلم فَأجَاب أَنه لم يرد حَدِيث وَإِنَّمَا إدعاه بعض من لَا يحْتَج بِهِ بِغَيْر مُسْتَند سوى قَوْله فِي هَذَا الرجل وَلَا حجَّة فِيهِ لِأَن الْإِشَارَة إِلَى الْحَاضِر فِي الذِّهْن وَسُئِلَ عَن الْأَطْفَال هَل يسْأَلُون فَأجَاب بِأَن الَّذِي يظْهر إختصاص السُّؤَال بِمن يكون مُكَلّفا

وَقَالَ ابْن الْقيم إِن الْأَحَادِيث مصرحة بِإِعَادَة الرّوح إِلَى الْبدن عِنْد السُّؤَال لَكِن هَذِه الْإِعَادَة لَا تحصل بهَا الْحَيَاة الْمَعْهُودَة الَّتِي تقوم بهَا الرّوح بِالْبدنِ وتدبيره وَيحْتَاج مَعهَا إِلَى الطَّعَام وَنَحْوه وَإِنَّمَا يحصل بهَا للبدن حَيَاة أُخْرَى يحصل بهَا الإمتحان بالسؤال وكما أَن حَيَاة النَّائِم وَهُوَ حَيّ غير حَيَاة المستيقظ فَإِن النّوم أَخُو الْمَوْت وَلَا يَنْفِي عَن النَّائِم إِطْلَاق الْحَيَاة فَكَذَلِك حَيَاة الْمَيِّت عِنْد الْإِعَادَة غير حَيَاة الْحَيّ وَهِي حَيَاة لَا تَنْفِي عَنهُ إِطْلَاق إسم الْمَوْت بل أَمر متوسط بَين الْمَوْت والحياة كَمَا أَن الْمَوْت متوسط بَينهمَا وَلَا دلَالَة فِي الحَدِيث على أَنَّهَا مُسْتَقِرَّة وَإِنَّمَا يدل على تعلق مَا بِالْبدنِ وَهِي لَا تزَال مُتَعَلقَة بِهِ وَإِن بلي وتمزق وتقسم وتفرق إنتهى

وَقَالَ إِبْنِ تَيْمِية الْأَحَادِيث متواترة على عود الرّوح إِلَى الْبدن وَقت السُّؤَال وسؤال الْبدن بِلَا روح قَول طَائِفَة مِنْهُم إِبْنِ الزَّاغُونِيّ وَحكي عَن إِبْنِ جرير وَأنْكرهُ الْجُمْهُور وقابلهم آخَرُونَ فَقَالُوا السُّؤَال للروح بِلَا بدن قَالَه إِبْنِ حزم وَآخَرُونَ مِنْهُم إِبْنِ عقيل وإبن الْجَوْزِيّ وَهُوَ غلط وَإِلَّا لم يكن للقبر بذلك إختصاص الْحَادِيَة عشرَة فِي روض الرياحين لليافعي عَن شَقِيق الْبَلْخِي أَنه قَالَ طلبنا خمْسا فَوَجَدْنَاهَا فِي خمس طلبنا بركَة الْقُوت فوجدناه فِي صَلَاة الضُّحَى وطلبنا ضِيَاء الْقُبُور فوجدناه فِي صَلَاة اللَّيْل وطلبنا جَوَاب مُنكر وَنَكِير فوجدناه فِي قِرَاءَة الْقُرْآن وطلبنا عبور الصِّرَاط فوجدناه فِي الصَّوْم وَالصَّدَََقَة وطلبنا ظلّ الْعَرْش فوجدناه فِي الْخلْوَة

الثَّانِيَة عشرَة أخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب من طَرِيق إِبْنِ هدبة عَن أَشْعَث الْحَرَّانِي عَن أنس مَرْفُوعا من فَارق الدُّنْيَا وَهُوَ سَكرَان دخل الْقَبْر سَكرَان وَأخرجه أَبُو الْفضل الطوسي فِي عُيُون الْأَخْبَار من طَرِيق أبي هدبة عَن أنس وَفِيه فَإِنَّهُ يعاين ملك الْمَوْت سَكرَان ويعاني مُنْكرا ونكيرا سَكرَان

الثَّالِثَة عشرَة وَقع فِي فَتَاوَى شَيخنَا شيخ الْإِسْلَام علم الدّين البُلْقِينِيّ أَن الْمَيِّت يُجيب السُّؤَال فِي الْقَبْر بالسُّرْيَانيَّة وَلم أَقف لذَلِك على مُسْتَند وَسُئِلَ الْحَافِظ إِبْنِ حجر عَن ذَلِك فَقَالَ ظَاهر الحَدِيث أَنه بالعربي قَالَ وَيحْتَمل مَعَ ذَلِك أَن يكون خطاب كل أحد بِلِسَانِهِ

الرَّابِعَة عشرَة قَالَ البزازي من الْحَنَفِيَّة فِي فَتَاوِيهِ السُّؤَال فِيمَا يسْتَقرّ فِيهِ الْمَيِّت حَتَّى لَو أكله سبع فالسؤال فِي بَطْنه فَإِن جعل فِي تَابُوت أَيَّامًا لنقله إِلَى مَكَان آخر لَا يسْأَل مَا لم يدْفن إنتهى