Geri

   

 

 

 

İleri

 

٤- باب كرامات الأولياء وفضلهم

قَالَ اللّه تَعَالَى : { ألا إنَّ أوْلِيَاءَ اللّه لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ البُشْرَى في الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّه ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ } [ يونس : ٦٢- ٦٤ ] ،

وقال تَعَالَى : { وَهُزِّي إلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً فكُلِي وَاشْرَبِي } [ مريم : ٢٥ ، ٢٦ ] ،

وقال تَعَالَى : { كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكرِيّا المِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قالت هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّه إنَّ اللّه يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [ آل عمران : ٣٧ ] ، 

وَقَالَ تَعَالَى : { وَإذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّه فَأْوُوا إِلَى الكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّيءْ لَكُمْ مِنْ أمْرِكُمْ مِرْفَقاً وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ اليَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ } [ الكهف : ١٦-١٧ ] .

١٥٠٤- وعن أَبي محمد عبد الرحمان بن أَبي بكرٍ الصديق رضي اللّه عنهما : أنَّ أَصْحَابَ الصُّفّةِ كَانُوا أُنَاساً فُقَرَاءَ وَأَنَّ النَّبيَّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ مَرَّةً : ( مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ ، فَلْيَذْهَبْ بثَالِثٍ ، وَمنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أرْبَعَةٍ ، فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ بِسَادِسٍ ) أَوْ كما قَالَ ، وأنَّ أَبَا بكرٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، جَاءَ بِثَلاَثَةٍ ، وانْطَلَقَ النبيّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم بعَشَرَةٍ ، وأنَّ أَبَا بَكرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النبيّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صَلَّى العِشَاءَ ، ثُمَّ رَجَعَ ، فجاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللّه . قالت امْرَأتُهُ : مَا حَبَسَكَ عَنْ أضْيَافِكَ ؟

قَالَ : أوَما عَشَّيْتِهمْ ؟ قالت: أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ وَقَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ ،

قَالَ : فَذَهَبتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ ،

فَقالَ : يَا غُنْثَرُ ، فَجَدَّعَ وَسَبَّ ، وقالَ : كُلُوا لاَ هَنِيئاً وَاللّه لا أَطْعَمُهُ أَبَداً ،

قَالَ : وايْمُ اللّه مَا كُنَّا نَأخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إلا ربا من أسفلِها أكثرَ منها حتى شبعوا ، وصارتْ أكثرَ مما كانتْ قبلَ ذلكَ ، فنظرَ إليها أبو بكر فقالَ لامرأتِهِ : يا أختَ بني فراسٍ  ما هذا ؟

قالت : لا وقُرَّةِ عيني لهي الآنَ أكثرُ منها قبلَ ذلكَ بثلاثِ مراتٍ ! فأكل منها أبو بكرٍ وقال : إنَّما كانَ ذلكَ من الشيطانِ ، يعني : يمينَهُ . ثم أكلَ منها لقمةً ، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبيِّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ. وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَمَضَى الأجَلُ ، فَتَفَرَّقْنَا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً ، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ ، اللّه أعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ .

وَفِي رِوَايةٍ : فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ لا يَطْعَمُهُ ، فَحَلَفَت المَرْأَةُ لا تَطْعَمُهُ ، فَحَلَفَ الضَّيْفُ . - أَو الأَضْيَافُ - أنْ لاَ يَطْعَمُهُ أَوْ يَطْعَمُوهُ حَتَّى يَطْعَمَهُ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : هذِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ! فَدَعَا بالطَّعَامِ فَأكَلَ وأكَلُوا ، فَجَعَلُوا لا يَرْفَعُونَ لُقْمَةً إِلاَّ رَبَتْ مِنْ أسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا ، 

فَقَالَ : يَا أُخْتَ بَني فِرَاسٍ ، مَا هَذَا ؟ فَ

قَالَتْ : وَقُرْةِ عَيْنِي إنَّهَا الآنَ لأَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ أنْ نَأكُلَ ، فَأكَلُوا ، وَبَعَثَ بِهَا إِلَى النَّبيِّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَذَكَرَ أنَّهُ أكَلَ مِنْهَا .

وَفِي رِوايَةٍ : إنَّ أَبَا بكْرٍ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمانِ : دُونَكَ أضْيَافَكَ ، فَإنِّي مُنْطلقٌ إِلَى النَّبيِّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَافْرُغْ مِنْ قِراهُم قَبْلَ أنْ أَجِيءَ ، فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمانِ ، فَأَتَاهُمْ بما عِنْدَهُ ، 

فَقَالَ : اطْعَمُوا ؛ فقالوا : أين رَبُّ مَنْزِلِنا ؟

قَالَ : اطْعَمُوا ،

قالوا : مَا نحنُ بِاكِلِينَ حَتَّى يَجِيءَ رَبُّ مَنْزِلِنَا ،

قَالَ : اقْبَلُوا عَنْا قِرَاكُمْ ، فَإنَّهُ إنْ جَاءَ وَلَمْ تَطْعَمُوا ، لَنَلْقَيَنَّ مِنْهُ فأبَوْا ، فَعَرَفْتُ أنَّهُ يَجِدُ عَلَيَّ ، فَلَمَّا جَاءَ تَنَحَّيْتُ عَنْهُ ، 

فَقَالَ : مَا صَنَعْتُمْ ؟ فَأخْبَرُوهُ ، 

فَقَالَ : يَا عَبْدَ الرَّحمانِ ، فَسَكَتُّ : ثُمَّ

قَالَ : يَا عَبْدَ الرَّحْمانِ ، فَسَكَتُّ ، فَقَالَ: يَا غُنْثَرُ أقْسَمْتُ عَلَيْكَ إنْ كُنْتَ تَسْمَعُ صَوتِي لَمَا جِئْتَ ! فَخَرَجْتُ ، فَقُلْتُ : سَلْ أضْيَافَكَ ، فقالُوا : صَدَقَ ، أتَانَا بِهِ ، 

فَقَالَ : إنَّمَا انْتَظَرْتُمُونِي واللّه لا أَطْعَمُهُ اللَّيْلَةَ . فَقَالَ الآخَرُونَ : واللّه لا نَطْعَمُهُ حَتَّى تَطْعَمَهُ 

فَقَالَ : وَيْلَكُمْ مَا لَكُمْ لا تَقْبَلُونَ عَنَّا قِرَاكُمْ ؟ هَاتِ طَعَامَكَ ، فَجَاءَ بِهِ ، فَوَضَعَ يَدَهُ 

فَقَالَ : بِسْمِ اللّه ، الأولَى مِنَ الشَّيْطَانِ ، فَأَكَلَ وَأَكَلُوا . متفق عَلَيْهِ .

قَوْله : ( غُنْثَرُ ) بغينٍ معجمةٍ مَضمُومَةٍ ثُمَّ نُونٍ ساكِنَةٍ ثُمَّ ثاءٍ مثلثةٍ وَهُوَ : الغَبِيُّ الجَاهِلُ . وقولُهُ : ( فَجَدَّعَ ) أَيْ شَتَمَهُ ، والجَدْعُ القَطْعُ . قولُه ( يَجِدُ عَليّ ) هُوَ بكسرِ الجِيمِ : أيْ يَغْضَبُ .

١٥٠٥- وعن أَبي هريرة رَضِيَ اللّه عَنْهُ

قَالَ : قَالَ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( لَقَدْ كَانَ فيما قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ نَاسٌ مُحَدَّثُونَ، فَإنْ يَكُ في أُمَّتِي أحدٌ فإنَّهُ عُمَرُ) . رواه البخاري.

ورواه مسلم من رواية عائشة .

وفي روايتهما قَالَ ابن وهب : ( محَدَّثُونَ ) أيْ مُلْهَمُونَ .

١٥٠٦- وعن جابر بنِ سُمْرَةَ رضي اللّه عنهما ،

قَالَ : شَكَا أهْلُ الكُوفَةِ سَعْداً يعني : ابنَ أَبي وقاص رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، إِلَى عمر بن الخطاب رَضِيَ اللّه عَنْهُ فَعَزَلَهُ ، واسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَمَّاراً ، فَشَكَوا حَتَّى ذَكَرُوا أنَّهُ لا يُحْسِنُ يُصَلِّي ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ، 

فَقَالَ : يَا أَبَا إسْحَاقَ ، إنَّ هَؤُلاَءِ يَزْعَمُونَ أنَّكَ لا تُحْسِنُ تُصَلِّي ، 

فَقَالَ : أَمَّا أنا واللّه فَإنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ صَلاَةَ رسولِ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، لا أُخْرِمُ عَنْها ، أُصَلِّي صَلاَتَي العِشَاءِ فَأَرْكُدُ فِي الأُولَيَيْنِ ، وَأُخِفُّ في الأُخْرَيَيْنِ .

قَالَ : ذَلِكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إسْحَاقَ ، وأَرْسَلَ مَعَهُ رَجُلاً - أَوْ رِجَالاً - إِلَى الكُوفَةِ يَسْأَلُ عَنْهُ أهْلَ الكُوفَةِ ، فَلَمْ يَدَعْ مَسْجِداً إِلاَّ سَأَلَ عَنْهُ ، وَيُثْنُونَ مَعْرُوفاً ، حَتَّى دَخَلَ مَسْجِداً لِبَنِي عَبْسٍ ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ ، يُقالُ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ قَتَادَةَ ، يُكَنَّى أَبَا سَعْدَةَ، فَقَالَ: أمَا إذْ نَشَدْتَنَا فَإنَّ سَعْداً كَانَ لا يَسِيرُ بالسَّرِيَّةِ وَلاَ يَقْسِمُ بالسَّوِيَّةِ ، وَلاَ يَعْدِلُ في القَضِيَّةِ . قَالَ سَعْدٌ : أمَا وَاللّه لأَدْعُونَّ بِثَلاَثٍ : اللّهمَّ إنْ كَانَ عَبْدُكَ هَذَا كَاذِباً ، قَامَ رِيَاءً ، وَسُمْعَةً ، فَأَطِلْ عُمُرَهُ ، وَأَطِلْ فَقْرَهُ ، وَعَرِّضْهُ لِلْفِتَنِ . وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا سُئِلَ يَقُولُ : شَيْخٌ كَبيرٌ مَفْتُونٌ ، أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ .

قَالَ عَبدُ الملكِ بن عُمَيْرٍ الراوي عن جابرِ بنِ سَمُرَةَ : فَأنا رَأَيْتُهُ بَعْدُ قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الكِبَرِ ، وإنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوارِي فِي الطُّرُقِ فَيَغْمِزُهُنَّ . متفق عَلَيْهِ .

١٥٠٧- وعن عروة بن الزبير : أنَّ سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيلٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، خَاصَمَتْهُ أَرْوَى بِنْتُ أوْسٍ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الحَكَمِ ، وادَّعَتْ أنَّهُ أخَذَ شَيْئاً مِنْ أرْضِهَا ، فَقَالَ سعيدٌ : أنا كُنْتُ آخُذُ شَيئاً مِنْ أرْضِهَا بَعْدَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم

قَالَ : مَاذَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ؟

قَالَ : سَمِعْتُ رسولَ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم يقول : ( مَنْ أخَذَ شِبْراً مِنَ الأرْضِ ظُلْماً ، طُوِّقَهُ إِلَى سَبْعِ أرْضِينَ ) فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ : لا أسْألُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا ، فَقَالَ سعيد : اللّهمَّ إنْ كَانَتْ كاذِبَةً ، فَأعْمِ بَصَرَها ، وَاقْتُلْهَا في أرْضِها ،

قَالَ : فَما ماتَتْ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهَا ، وَبَيْنَما هِيَ تَمْشِي في أرْضِهَا إذ وَقَعَتْ في حُفْرَةٍ فَماتَتْ . متفق عَلَيْهِ .

وفي روايةٍ لِمُسْلِمٍ عن محمد بن زيد بن عبد اللّه بن عُمَرَ بِمَعْنَاهُ ، وأنه رآها عَمْيَاءَ تَلْتَمِسُ الجُدُرَ تقولُ : أصابَتْنِي دَعْوَةُ سَعيدٍ ، وأنَّها مَرَّتْ عَلَى بِئرٍ في الدَّارِ الَّتي خَاصَمَتْهُ فِيهَا ، فَوَقَعَتْ فِيهَا ، وكانتْ قَبْرَها .

١٥٠٨- وعن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما ،

قَالَ : لَمَّا حَضَرَتْ أُحُدٌ دعَانِي أَبي من اللَّيلِ 

فَقَالَ : مَا أُرَاني إِلاَّ مَقْتُولاً في أوْلِ مَنْ يُقْتَلُ من أصْحَابِ النَّبيِّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، وإنِّي لا أَتْرُكُ بَعْدِي أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْكَ غَيْرَ نَفْسِ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، وإنَّ عَلَيَّ دَيْناً فَاقْضِ ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْراً ، فَأصْبَحْنَا ، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ ، وَدَفَنْتُ مَعَهُ آخَرَ في قَبْرِهِ ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أنْ أتْرُكَهُ مَعَ آخَرَ ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أشْهُرٍ ، فإذا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ غَيْرَ أُذنِهِ ، فَجَعَلْتُهُ في قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ . رواه البخاري .

١٥٠٩- وعن أنس رَضِيَ اللّه عَنْهُ : أنَّ رجلين مِنْ أصحاب النَّبيِّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبيِّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، في لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَمَعَهُمَا مِثْلُ المِصْبَاحَيْنِ بَيْنَ أَيْديهِمَا . فَلَمَّا افْتَرَقَا ، صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أتَى أهْلَهُ .

رواهُ البُخاري مِنْ طُرُقٍ ؛ وفي بَعْضِهَا أنَّ الرَّجُلَيْنِ أُسَيْدُ بنُ حُضير ، وَعَبّادُ بنُ بِشْرٍ رضي اللّه عنهما .

١٥١٠- وعن أَبي هريرة رَضِيَ اللّه عَنْهُ

قَالَ : بعث رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم عَشْرَة رَهْطٍ عَيْناً سَرِيَّة، وأمَّرَ عَلَيْهَا عاصِمَ بنَ ثَابِتٍ الأنْصَارِيَّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، فانْطلقوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بالهَدْأةِ ؛ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ؛ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْل يُقالُ لَهُمْ : بَنُو لحيانَ ، فَنَفَرُوا لَهُمْ بِقَريبٍ مِنْ مِئَةِ رَجُلٍ رَامٍ ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ ، فَلَمَّا أحَسَّ بِهِمْ عَاصِمٌ وأصْحَابُهُ ، لَجَأُوا إِلَى مَوْضِعٍ ، فَأَحاطَ بِهِمُ القَوْمُ ، فَقَالُوا : انْزِلُوا فَأَعْطُوا بِأيْدِيكُمْ وَلَكُمُ العَهْدُ وَالمِيثَاقُ أنْ لا نَقْتُلَ مِنْكُمْ أحَداً . فَقَالَ عَاصِمُ بنُ ثَابِتٍ : أَيُّهَا القَوْمُ ، أَمَّا أنا ، فَلاَ أنْزِلُ عَلَى ذِمَّةِ كَافِرٍ : اللّهمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَرَمُوهُمْ بِالنّبْلِ فَقَتلُوا عَاصِماً ، وَنَزَلَ إلَيْهِمْ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ عَلَى العَهْدِ والمِيثاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ، وَزَيدُ بنُ الدَّثِنَةِ وَرَجُلٌ آخَرُ. فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أطْلَقُوا أوْتَارَ قِسِيِّهِمْ ، فَرَبطُوهُمْ بِهَا . قَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ : هَذَا أوَّلُ الغَدْرِ واللّه لا أصْحَبُكُمْ إنَّ لِي بِهؤُلاءِ أُسْوَةً ، يُريدُ القَتْلَى ، فَجَرُّوهُ وعَالَجُوهُ ، فأبى أنْ يَصْحَبَهُمْ ، فَقَتَلُوهُ ، وانْطَلَقُوا بِخُبَيبٍ ، وزَيْدِ بنِ الدَّثِنَةِ ، حَتَّى بَاعُوهُما بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ ؛ فابْتَاعَ بَنُو الحارِثِ بن عامِرِ بنِ نَوْفَلِ بنِ عبدِ مَنَافٍ خُبيباً ، وكان خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الحَارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ . فَلِبثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أسيراً حَتَّى أجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ ، فاسْتَعَارَ مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الحَارثِ مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأعَارَتْهُ ، فَدَرَجَ بُنَيٌّ لَهَا وَهِيَ غَافِلَةٌ حَتَّى أَتَاهُ ، فَوَجَدتهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخْذِهِ وَالموسَى بِيَدِهِ ، فَفَزِعَتْ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ . 

فَقَالَ : أَتَخَشَيْنَ أن أقْتُلَهُ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ !

قالت : واللّه مَا رَأيْتُ أسيراً خَيراً مِنْ خُبَيْبٍ ، فواللّه لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوماً يَأكُلُ قِطْفاً مِنْ عِنَبٍ في يَدِهِ وإنَّهُ لَمُوثَقٌ بِالحَدِيدِ وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرَةٍ ، وَكَانَتْ تَقُولُ : إنَّهُ لَرِزْقٌ رَزَقَهُ اللّه خُبَيْباً . فَلَمَّا خَرَجُوا بِهِ مِنَ الحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ في الحِلِّ، قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ : دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ، فَتَرَكُوهُ ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ 

فَقَالَ : واللّه لَوْلاَ أنْ تَحْسَبُوا أنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَزِدْتُ : اللّهمَّ أحْصِهِمْ عَدَداً ، وَاقْتُلهُمْ بِدَدَاً ، وَلاَ تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَداً . وقال :

فَلَسْتُ أُبَالِي حِيْنَ أُقْتَلُ مُسْلِماً

عَلَى أيِّ جَنْبٍ كَانَ للّه مَصْرَعِي

وَذَلِكَ في ذَاتِ الإلَهِ وإنْ يَشَأْ

يُبَارِكْ عَلَى أوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ( )

 وكان خُبَيبٌ هُوَ سَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْراً الصَّلاَةَ . وأخْبَرَ - يعني : النبيّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم - أصْحَابَهُ يَوْمَ أُصِيبُوا خَبَرَهُمْ ، وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمِ بنِ ثَابتٍ حِيْنَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ أن يُؤْتَوا بِشَيءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ ، وكَانَ قَتَلَ رَجُلاً مِنْ عُظَمائِهِمْ ، فَبَعَثَ اللّه لِعَاصِمٍ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ ، فَلَمْ يَقْدِروا أنْ يَقْطَعُوا مِنْهُ شَيْئاً . رواه البخاري .

قولُهُ : ( الهَدْأَةُ ) : مَوْضِعٌ ، ( والظُّلَّةُ ) : السَّحَابُ . ( والدَّبْرُ ) : النَّحْلُ . وَقَوْلُهُ : ( اقْتُلْهُمْ بِدَداً ) بِكَسْرِ الباءِ وفتحِهَا ، فَمَنْ كَسَرَ قَالَ هُوَ جمع بِدَّةٍ بكسر الباء وهي النصيب ومعناه : اقْتُلْهُمْ حِصَصاً مُنْقَسِمَةً لِكُلِّ واحدٍ مِنْهُمْ نَصيبٌ ، وَمَنْ فَتَحَ قَالَ معناهُ : مُتَفَرِّقِينَ في القَتْلِ واحداً بَعْدَ واحِدٍ مِنَ التَّبْدِيد .

وفي الباب أحاديث كثيرةٌ صَحيحةٌ سَبَقَتْ في مَوَاضِعِها مِنْ هَذَا الكِتَابِ ، مِنْهَا حديثُ الغُلامِ الَّذِي كَانَ يأتِي الرَّاهِبَ والسَّاحِرَ ، ومنْها حَدِيثُ جُرَيْج ، وحديثُ أصْحابِ الغَارِ الذين أطْبِقَتْ عَلَيْهِم الصَّخْرَةُ ، وَحديثُ الرَّجُلِ الَّذِي سَمِعَ صَوْتاً في السَّحَابِ يَقُولُ : اسْقِ حَدِيقَةَ فُلاَنٍ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ . وَالدلائِل في البابِ كثيرةٌ مشهُورةٌ ، وباللّه التَّوفيقِ .

١٥١١- وعن ابن عمر رضي اللّه عنهما ،

قَالَ : مَا سَمِعْتُ عمر رَضِيَ اللّه عَنْهُ يقولُ لِشَيءٍ قَطُّ : إنِّي لأَظُنُّهُ كَذَا ، إِلاَّ كَانَ كَمَا يَظُنُّ . رواه البخاري .