٣٧- باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وَمَا يتعلق بِهَا قَالَ اللّه تَعَالَى : { وَأقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ } [ البقرة : ٤٣ ] ، وقال تَعَالَى : { وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ } [ البينة :٥ ] ، وقال تَعَالَى : { خُذْ مِنْ أمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } [ التوبة : ١٠٣ ] . ١٢٠٧- وعن ابن عمر رضي اللّه عنهما : أنَّ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، قَالَ : ( بُنِيَ الإسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللّه ، وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَإقَامِ الصَّلاَةِ ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَحَجِّ البَيْتِ ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ ) متفقٌ عَلَيْهِ . ١٢٠٨- وعن طَلْحَةَ بن عبيد اللّه رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رسولِ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرُ الرَّأسِ نَسْمَعُ دَوِيَّ صَوْتِهِ ، وَلاَ نَفْقَهُ مَا يَقُولُ ، حَتَّى دَنَا مِنْ رسولِ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَإذا هُوَ يَسألُ عَنِ الإسْلاَم ، فَقَالَ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( خَمْسُ صَلَواتٍ في اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ) قَالَ : هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ ؟ قَالَ : ( لاَ ، إِلاَّ أنْ تَطَّوَّعَ ) فَقَالَ رسولُ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( وَصِيامُ شَهْرِ رَمَضَانَ ) قَالَ : هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ ؟ قَالَ : ( لاَ ، إِلاَّ أنْ تَطَّوَّعَ ) قَالَ : وَذَكَرَ لَهُ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم الزَّكَاةَ ، فَقَالَ : هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا ؟ قَالَ : ( لاَ ، إِلاَّ أنْ تَطَّوَّعَ ) فَأدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ : وَاللّه لاَ أُزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أنْقُصُ مِنْهُ ، فَقَالَ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( أفْلَحَ إنْ صَدَقَ ) متفقٌ عَلَيْهِ . ١٢٠٩- وعن ابن عباس رَضِيَ اللّه عَنْهُ : أنَّ النبيَّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم بعث مُعاذاً رَضِيَ اللّه عَنْهُ إِلَى اليَمَنِ ، فَقَالَ : ( ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللّه وَأنِّي رسول اللّه ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لِذلِكَ ، فَأعْلِمْهُمْ أن اللّه تَعَالَى ، افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَإنْ هُمْ أطَاعُوا لِذلِكَ ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللّه افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤخَذُ مِنْ أغْنِيَائِهِمْ ، وتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ) متفقٌ عَلَيْهِ . ١٢١٠- وعن ابن عمر رضي اللّه عنهما ، قَالَ : قَالَ رسولُ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللّه، وَأنَّ مُحَمَّداً رسول اللّه ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ ، وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ، فَإذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِني دِمَاءهُمْ وَأمْوَالَهُمْ ، إِلاَّ بِحَقِّ الإسْلاَمِ ، وَحِسَابُهُم عَلَى اللّه ) متفقٌ عَلَيْهِ . ١٢١١- وعن أَبي هريرة رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : لَمَّا تُوُفِّيَ رسولُ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ - وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ العَرَبِ ، فَقال عُمَرُ رَضِيَ اللّه عَنْهُ : كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رسولُ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولوُا لاَ إلهَ إِلاَّ اللّه ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللّه ) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَاللّه لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بين الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ ، فَإنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ . وَاللّه لَوْ مَنَعُونِي عِقَالاً كَانُوا يُؤدُّونَهُ إِلَى رسولِ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ . قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللّه عَنْهُ : فَوَاللّه مَا هُوَ إِلاَّ أنْ رَأيْتُ اللّه قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبي بَكْرٍ لِلقِتَالِ ، فَعَرَفْتُ أنَّهُ الحَقُّ . متفقٌ عَلَيْهِ . ١٢١٢- وعن أَبي أيُّوب رَضِيَ اللّه عَنْهُ : أنّ رَجُلاً قَالَ للنبيِّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : أخْبِرْنِي بعمل يُدْخِلُنِي الجَنَّة ، قَالَ : ( تَعْبُدُ اللّه ، وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً ، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ ) متفقٌ عَلَيْهِ . ١٢١٣- وعن أَبي هريرة رَضِيَ اللّه عَنْهُ: أنَّ أعْرَابياً أتَى النبيَّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَقَالَ : يَا رسولَ اللّه، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ ، دَخَلْتُ الجَنَّةَ . قَالَ : ( تَعْبُدُ اللّه لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً ، وتُقِيمُ الصَّلاَةَ ، وتُؤتِي الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ ) قَالَ : وَالذي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لا أزيدُ عَلَى هَذَا ، فَلَمَّا وَلَّى ، قَالَ النبيُّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( مَنْ سَرَّهُ أنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا ) متفقٌ عَلَيْهِ . ١٢١٤- وعن جرير بن عبد اللّه رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : بايَعْتُ النبيَ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم عَلَى إقَامِ الصَّلاَةِ ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ . متفقٌ عَلَيْهِ . ١٢١٥- وعن أَبي هريرة رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ ، وَلاَ فِضَّةٍ ، لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلاَّ إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا في نَارِ جَهَنَّمَ ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ، وَجَبِينُهُ ، وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ في يَومٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ العِبَادِ فَيَرَى سَبيلَهُ ، إمَّا إِلَى الجَنَّةِ ، وَإمَّا إِلَى النَّارِ ) قيل : يَا رسولَ اللّه ، فالإبلُ ؟ قَالَ : ( وَلاَ صَاحِبِ إبلٍ لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا ، وَمِنْ حَقِّهَا حَلْبُهَا يَومَ وِرْدِهَا ، إِلاَّ إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ أوْفَرَ مَا كَانَتْ ، لاَ يَفْقِدُ مِنْهَا فَصيلاً وَاحِداً ، تَطَؤُهُ بِأخْفَافِهَا ، وَتَعَضُّهُ بِأفْوَاهِهَا ، كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولاَهَا ، رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا ، في يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ ، حَتَّى يُقْضى بَيْنَ العِبَادِ ، فَيَرَى سَبِيلَهُ ، إمَّا إِلَى الجَنَّةِ ، وَإمَّا إِلَى النَّارِ ) قِيلَ : يَا رَسولَ اللّه ، فَالبَقَرُ وَالغَنَمُ ؟ قَالَ : ( وَلاَ صَاحِبِ بَقَرٍ وَلاَ غَنَمٍ لاَ يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا ، إِلاَّ إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ ، بُطِحَ لَهَا بقَاعٍ قَرْقَرٍ ، لاَ يَفْقِدُ مِنْهَا شَيْئاً ، لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ ، وَلاَ جَلْحَاءُ ، وَلاَ عَضْبَاءُ ، تَنْطَحُهُ بقُرُونها ، وَتَطَؤُهُ بِأظْلاَفِهَا ، كُلَّمَا مرَّ عَلَيْهِ أُولاَهَا ، رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا ، في يَومٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَة حَتَّى يُقْضى بَيْنَ العِبَادِ ، فَيَرى سَبيِلَهُ ، إمَّا إِلَى الجَنَّةِ ، وَإمَّا إِلَى النَّارِ ) قيل : يَا رسول اللّه فالخَيْلُ ؟ قَالَ : ( الخَيلُ ثَلاَثَةٌ : هِيَ لِرَجُلٍ وِزْرٌ ، وَهِيَ لِرَجُلٍ سِتْرٌ ، وَهِيَ لِرَجُلٍ أجْرٌ . فَأمَّا الَّتي هي لَهُ وِزْرٌ فَرَجُلٌ ربطها رِيَاءً وَفَخْراً وَنِوَاءً عَلَى أهْلِ الإسْلاَمِ ، فَهِيَ لَهُ وِزْرٌ ، وَأمَّا الَّتي هي لَهُ سِتْرٌ ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا في سَبيلِ اللّه ، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللّه في ظُهُورِهَا ، وَلاَ رِقَابِهَا ، فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ ، وَأمَّا الَّتي هي لَهُ أجْرٌ ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا في سَبيلِ اللّه لأهْلِ الإسْلاَمِ في مَرْجٍ ، أَوْ رَوْضَةٍ فَمَا أكَلَتْ مِنْ ذَلِكَ المَرْجِ أَوْ الرَّوْضَةِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ كُتِبَ لَهُ عَدَدَ مَا أَكَلَتْ حَسَنَات وكُتِبَ لَهُ عَدَدَ أرْوَاثِهَا وَأبْوَالِهَا حَسَنَات ، وَلاَ تَقْطَعُ طِوَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفاً أَوْ شَرَفَيْنِ إِلاَّ كَتَبَ اللّه لَهُ عَدَدَ آثَارِهَا ، وَأرْوَاثِهَا حَسَنَاتٍ ، وَلاَ مَرَّ بِهَا صَاحِبُهَا عَلَى نَهْرٍ ، فَشَرِبَتْ مِنْهُ ، وَلاَ يُرِيدُ أنْ يَسْقِيهَا إِلاَّ كَتَبَ اللّه لَهُ عَدَدَ مَا شَرِبَتْ حَسَنَاتٍ ) قِيلَ : يَا رسولَ اللّه فالحُمُرُ ؟ قَالَ : ( مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ في الحُمُرِ شَيْءٌ إِلاَّ هذِهِ الآية الفَاذَّةُ الجَامِعَةُ : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } ) متفقٌ عَلَيْهِ ، وهذا لفظ مسلم . |