١٠- باب جواز البكاء عَلَى الميت بغير ندب وَلاَ نياحة أمَّا النِّيَاحَةُ فَحَرَامٌ وَسَيَأتِي فِيهَا بَابٌ فِي كِتابِ النَّهْيِ ، إنْ شَاءَ اللّه تَعَالَى . وَأمَّا البُكَاءُ فَجَاءتْ أحَادِيثُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ ، وَأنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أهْلِهِ ، وَهِيَ مُتَأَوَّلَةٌ ومَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ أوْصَى بِهِ ، وَالنَّهْيُ إنَّمَا هُوَ عَن البُكَاءِ الَّذِي فِيهِ نَدْبٌ ، أَوْ نِيَاحَةٌ ، والدَّليلُ عَلَى جَوَازِ البُكَاءِ بِغَيْرِ نَدْبٍ وَلاَ نِياحَةٍ أحَادِيثُ كَثِيرَةٌ ، مِنْهَا : ٩٢٦- عن ابن عمر رضي اللّه عنهما : أنَّ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم عاد سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، وَمَعَهُ عَبدُ الرَّحْمانِ بْنُ عَوفٍ، وَسَعدُ بْنُ أَبي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ اللّه بْنُ مَسْعُودٍ رضي اللّه عَنْهمْ، فَبَكَى رسولُ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَلَمَّا رَأى القَوْمُ بُكَاءَ رسولِ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم بَكَوْا ، فَقَالَ : ( ألاَ تَسْمَعُونَ ؟ إنَّ اللّه لاَ يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَينِ ، وَلاَ بِحُزنِ القَلبِ ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهذَا أَوْ يَرْحَمُ ) وَأشَارَ إِلَى لِسَانِهِ . متفقٌ عَلَيْهِ . ٩٢٧- وعن أُسَامَة بن زَيدٍ رضي اللّه عنهما : أنَّ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم رُفِعَ إِلَيْهِ ابنُ ابْنَتِهِ وَهُوَ فِي المَوتِ ، فَفَاضَتْ عَيْنَا رسولِ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَقَالَ لَهُ سَعدٌ : مَا هَذَا يَا رسولَ اللّه ؟! قَالَ : ( هذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللّه تَعَالَى في قُلُوبِ عِبَادِهِ ، وَإنَّمَا يَرْحَمُ اللّه مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ ) متفقٌ عَلَيْهِ . ٩٢٨- وعن أنسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ : أنَّ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم دَخَلَ عَلَى ابْنِهِ إبْرَاهيمَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، وَهُوَ يَجُودُ بِنَفسِهِ ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رسولِ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم تَذْرِفَان . فَقَالَ لَهُ عبدُ الرحمانِ بن عَوف : وأنت يَا رسولَ اللّه ؟! فَقَالَ : ( يَا ابْنَ عَوْفٍ إنَّهَا رَحْمَةٌ ) ثُمَّ أتْبَعَهَا بأُخْرَى ، فَقَالَ : ( إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ والقَلب يَحْزنُ ، وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ مَا يُرْضِي رَبَّنَا ، وَإنَّا لِفِرَاقِكَ يَا إبرَاهِيمُ لَمَحزُونُونَ ) رواه البخاري ، وروى مسلم بعضه . والأحاديث في الباب كثيرة في الصحيح مشهورة ، واللّه أعلم . |