٥٤- باب فضل البكاء من خشية اللّه تَعَالَى وشوقاً إِليه قَالَ اللّه تَعَالَى : { وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزيدُهُمْ خُشُوعاً } [ الإسراء : ١٠٩ ] ، وقال تَعَالَى : { أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ } [ النجم : ٥٩ ] . ٤٤٧- وعن ابن مسعود رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ لِي النَّبيُّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( اقْرَأْ عليَّ القُرْآنَ ) قلت : يَا رسول اللّه ، أقرأُ عَلَيْكَ ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ ؟! قَالَ : ( إِنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمَعَهُ مِنْ غَيرِي ) فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سورةَ النِّسَاءِ ، حَتَّى جِئْتُ إِلى هذِهِ الآية : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هؤُلاءِ شَهيداً } [ النساء : ٤١ ] قَالَ : ( حَسْبُكَ الآنَ ) فَالَتَفَتُّ إِلَيْهِ فإذا عَيْنَاهُ تَذْرِفَان . متفقٌ عَلَيْهِ . ٤٤٨- وعن أنس رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : خطب رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ ، فقال : ( لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أعْلَمُ ، لَضَحِكْتُمْ قَليلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً ) قَالَ : فَغَطَّى أصْحَابُ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم وُجُوهَهُمْ ، وَلَهُمْ خَنِينٌ . متفقٌ عَلَيْهِ . وَسَبقَ بَيَانُهُ في بَابِ الخَوْفِ . ٤٤٩- وعن أَبي هريرة رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( لا يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللّه حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ في الضَّرْعِ ، وَلاَ يَجْتَمِعُ غُبَارٌ في سبيلِ اللّه وَدُخَانُ جَهَنَّمَ ) رواه الترمذي ، وقال : ( حديثٌ حَسنٌ صحيحٌ ) . ٤٥٠- وعنه ، قَالَ : قَالَ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللّه في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ : إمَامٌ عَادِلٌ ، وَشَابٌ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللّه تَعَالَى ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالمَسَاجِدِ ، وَرَجُلاَنِ تَحَابّا في اللّه اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقال: إنِّي أَخَافُ اللّه، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُه مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللّه خَالِياً ففاضت عَيْنَاهُ ) متفقٌ عَلَيْهِ . ٤٥١- وعن عبد اللّه بن الشِّخِّير رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : أتيتُ رسولَ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم وَهُوَ يُصَلِّي ولِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ المِرْجَلِ مِنَ البُكَاءِ . حديث صحيح رواه أَبو داود والترمذي في الشمائل بإسناد صحيح . ٤٥٢- وعن أنس رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم لأُبَي بن كعب رَضِيَ اللّه عَنْهُ : ( إنَّ اللّه عزَّ وجَلَّ أَمَرَنِي أنْ أقْرَأَ عَلَيْكَ : { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَروا ... } قَالَ : وَسَمَّانِي ؟ قَالَ : ( نَعَمْ ) فَبَكَى أُبَيٌّ . متفقٌ عَلَيْهِ . وفي رواية : فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي . ٤٥٣- وعنه ، قَالَ : قَالَ أَبو بكر لِعُمَرَ ، رَضِيَ اللّه عنهما ، بعد وفاة رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : انْطَلِقْ بِنَا إِلى أُمِّ أيْمَنَ رضي اللّه عنها نَزورُهَا ، كَمَا كَانَ رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم يَزُورُها ، فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَيْهَا بَكَتْ ، فقالا لها : مَا يُبْكِيكِ ؟ أمَا تَعْلَمِينَ أنَّ مَا عِنْدَ اللّه تَعَالَى خَيرٌ لرسولِ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ! قالت : مَا أبْكِي أَنْ لاَ أَكُونَ أَعْلَمُ أنَّ مَا عِنْدَ اللّه خَيْرٌ لرسولِ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، وَلكِنِّي أبكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَد انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ ؛ فَهَيَّجَتْهُما عَلَى البُكَاءِ ، فَجَعَلا يَبْكِيَانِ مَعَهَا . رواه مسلم ، وقد سبق في بابِ زِيارَةِ أهلِ الخَيْرِ . ٤٥٤- وعن ابن عمر رضي اللّه عنهما ، قَالَ : لَمَّا اشْتَدَّ برسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم وَجَعُهُ ، قِيلَ له في الصَّلاَةِ ، فقال : ( مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ) فقالت عائشة رضي اللّه عنها : إنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ ، إِذَا قَرَأَ القُرْآنَ غَلَبَهُ البُكَاءُ ، فقال : ( مُرُوهُ فَليُصَلِّ ) . وفي رواية عن عائشة ، رضي اللّه عنها ، قالت : قلت : إنَّ أَبَا بَكْرٍ إِذَا قَامَ مَقَامَكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ البُكَاءِ . متفقٌ عَلَيْهِ . ٤٥٥- وعن إبراهيم بن عبد الرحمان بن عوف : أنَّ عبد الرحمان بن عوف رَضِيَ اللّه عَنْهُ أُتِيَ بطعام وكان صائِماً ، فقال : قُتِلَ مُصْعَبُ بن عُمَيْر رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي ، فَلَمْ يوجَدْ له مَا يُكَفَّنُ فيهِ إِلاَّ بُرْدَةٌ إنْ غُطِّيَ بِهَا رَأسُهُ بَدَتْ رِجْلاهُ ؛ وَإنْ غُطِّيَ بِهَا رِجْلاَهُ بَدَا رَأسُهُ ، ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ – أَو قَالَ : أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا – قَدْ خَشِينا أنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا ، ثُمَّ جَعَلَ يَبكِي حَتَّى تَرَكَ الطعَام . رواه البخاري . ٤٥٦- وعن أَبي أُمَامَة صُدَيِّ بن عجلان الباهلي رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، عن النبي صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، قَالَ : ( لَيْسَ شَيْءٌ أحَبَّ إِلى اللّه تَعَالَى مِنْ قطْرَتَيْنِ وَأثَرَيْنِ : قَطَرَةُ دُمُوع مِنْ خَشْيَةِ اللّه ، وَقَطَرَةُ دَمٍ تُهَرَاقُ في سَبيلِ اللّه. وَأَمَّا الأَثَرَانِ : فَأَثَرٌ في سَبيلِ اللّه تَعَالَى، وَأَثَرٌ في فَريضةٍ مِنْ فَرائِضِ اللّه تَعَالَى ) رواه الترمذي ، وقال : ( حديثٌ حسنٌ ) . وفي الباب أحاديث كثيرة منها : حديث العرباض بن سارية رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : وعظنا رسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم مَوعظةً وَجلَتْ منها القُلُوبُ ، وذرِفت منها الْعُيُونُ . وقد سبق في باب النهي عن البدع . |