٤٩- باب إجراء أحكام الناس عَلَى الظاهر وسرائرهم إِلَى اللّه تَعَالَى قَالَ اللّه تَعَالَى : { فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُم } [ التوبة : ٥ ] . ٣٩١- وعن ابن عمر رضي اللّه عنهما : أنَّ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، قَالَ : ( أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللّه ، وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُول اللّه ، وَيُقيمُوا الصَّلاةَ ، وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ ، فَإِذَا فَعَلُوا ذلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءهُمْ وَأمْوَالَهُمْ إلاَّ بحَقِّ الإسْلاَمِ ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللّه تَعَالَى ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . ٣٩٢- وعن أَبي عبدِ اللّه طارِق بن أشَيْم رَضِيَ اللّه عَنْهُ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، يقول : ( مَنْ قالَ لاَ إلهَ إلاَّ اللّه ، وَكَفَرَ بما يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللّه ، حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللّه تَعَالَى ) رواه مسلم . ٣٩٣- وعن أَبي معبد المقداد بن الأسْود رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : قُلْتُ لرسول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : أرَأيْتَ إنْ لَقِيتُ رَجُلاً مِنَ الكُفَّارِ ، فَاقْتتَلْنَا ، فَضَرَبَ إحْدَى يَدَيَّ بِالسَّيْفِ ، فَقَطَعَها ، ثُمَّ لاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ ، فَقَالَ : أسْلَمْتُ للّه ، أأقْتُلُهُ يَا رَسُول اللّه بَعْدَ أنْ قَالَهَا ؟ فَقَالَ : ( لا تَقْتُلهُ ) فَقُلْتُ : يَا رَسُول اللّه ، قَطَعَ إحْدَى يَدَيَّ ، ثُمَّ قَالَ ذلِكَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا ؟! فَقَالَ : ( لا تَقتُلْهُ ، فإنْ قَتَلْتَهُ فَإنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أنْ تَقْتُلَهُ ، وَإنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ التي قَالَ ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . ومعنى ( أنه بمنـزلتك ) أي : معصوم الدم محكوم بإسلامه . ومعنى ( أنك بمنـزلته ) أي : مباح الدمِ بالقصاص لورثتهِ لا أنه بمنـزلته في الكفر ، واللّه أعلم . ٣٩٤- وعن أُسَامة بن زيدٍ رضي اللّه عنهما ، قَالَ : بعثنا رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم إِلَى الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ فَصَبَّحْنَا القَوْمَ عَلَى مِيَاهِهِمْ ، وَلَحقْتُ أنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلاً مِنْهُمْ ، فَلَمَّا غَشَيْنَاهُ ، قَالَ : لاَ إلهَ إلاَّ اللّه ، فَكفَّ عَنْهُ الأَنْصَاري ، وطَعَنْتُهُ برُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ ، بَلَغَ ذلِكَ النَّبيَّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم فَقَالَ لِي : ( يَا أُسَامَة ، أقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لا إلهَ إلاَّ اللّه ؟! ) قُلْتُ : يَا رَسُول اللّه ، إِنَّمَا كَانَ متعوِّذاً ، فَقَالَ : ( أقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لا إلهَ إلاَّ اللّه ؟! ) فما زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمنْيَّتُ أنِّي لَمْ أكُنْ أسْلَمْتُ قَبْلَ ذلِكَ اليَوْمِ . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . وفي رواية : فَقَالَ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( أقالَ : لا إلهَ إلاَّ اللّه وقَتَلْتَهُ ؟! ) قُلْتُ : يَا رَسُول اللّه ، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفاً مِن السِّلاحِ ، قَالَ : ( أَفَلاَ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أمْ لا ؟! ) فمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أنِّي أسْلَمْتُ يَوْمَئذٍ . ( الحُرَقَةُ ) بضم الحاءِ المهملة وفتح الراءِ : بَطْنٌ مِنْ جُهَيْنَةَ : القَبِيلةُ المَعْرُوفَةُ . وقوله : ( مُتَعَوِّذاً ) : أيْ مُعْتَصِماً بِهَا مِنَ القَتْلِ لاَ معْتَقِداً لَهَا . ٣٩٥- وعن جندب بن عبد اللّه رَضِيَ اللّه عَنْهُ : أنَّ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم بَعَثَ بَعْثاً مِنَ المُسْلِمينَ إِلَى قَومٍ مِنَ المُشرِكينَ ، وَأنَّهُمْ التَقَوْا ، فَكَانَ رَجُلٌ مِنَ المُشْركينَ إِذَا شَاءَ أنْ يَقْصِدَ إِلَى رَجُل مِنَ المُسْلِمينَ قَصَدَ لَهُ فَقَتَلَهُ ، وَأنَّ رَجُلاً مِنَ المُسْلِمِينَ قَصَدَ غَفْلَتَهُ . وَكُنَّا نتحَدَّثُ أنَّهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، فَلَمَّا رَفَعَ عَلَيهِ السَّيفَ ، قَالَ : لا إلهَ إلاَّ اللّه ، فَقَتَلهُ ، فَجَاءَ البَشيرُ إِلَى رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم فَسَألَهُ وَأخبَرَهُ ، حَتَّى أخْبَرَهُ خَبَرَ الرَّجُلِ كَيْفَ صَنَعَ ، فَدَعَاهُ فَسَألَهُ ، فَقَالَ : ( لِمَ قَتَلْتَهُ ؟ ) فَقَالَ : يَا رَسُول اللّه ، أوْجَعَ في المُسلِمِينَ ، وَقَتَلَ فُلاناً وفلاناً ، وسمى لَهُ نَفراً ، وَإنِّي حَمَلْتُ عَلَيهِ ، فَلَمَّا رَأى السَّيفَ ، قَالَ : لا إلهَ إلاَّ اللّه . قَالَ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( أقَتَلْتَهُ ؟ ) قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : ( فَكَيفَ تَصْنَعُ بلاَ إلهَ إلاَّ اللّه ، إِذَا جَاءتْ يَوْمَ القِيَامَةِ ؟ ) قَالَ : يَا رَسُول اللّه ، اسْتَغْفِرْ لِي . قَالَ : ( وكَيفَ تَصْنَعُ بِلا إلهَ إلاَّ اللّه إِذَا جَاءتْ يَوْمَ القِيَامَةِ ؟ ) فَجَعَلَ لاَ يَزِيدُ عَلَى أنْ يَقُولَ : ( كَيفَ تَصْنَعُ بِلا إلهَ إلاَّ اللّه إِذَا جَاءتْ يَوْمَ القِيَامَةِ ) رواه مسلم . ٣٩٦- وعن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود ، قَالَ : سَمِعْتُ عمر بن الخطاب رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، يقولُ : إنَّ نَاساً كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالوَحْيِ في عَهْدِ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، وَإنَّ الوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ ، وإِنَّمَا نَأخُذُكُمُ الآن بما ظَهَرَ لَنَا مِنْ أعمَالِكُمْ ، فَمَنْ أظْهَرَ لَنَا خَيْراً أمَّنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ ، وَلَيْسَ لَنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْء ، اللّه يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ ، وَمَنْ أظْهَرَ لَنَا سُوءاً لَمْ نَأمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ وَإنْ قَالَ : إنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ . رواه البخاري . |