٣٤- باب الوصية بالنساء قَالَ اللّه تَعَالَى : { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف } [ النساء :١٩ ] ، وَقالَ تَعَالَى : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللّه كَانَ غَفُوراً رَحِيماً } [ النساء : ١٢٩ ] . ٢٧٤- وعن أَبي هريرة رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْراً ؛ فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلعٍ ، وَإنَّ أعْوَجَ مَا في الضِّلَعِ أعْلاهُ ، فَإنْ ذَهَبتَ تُقيمُهُ كَسَرْتَهُ ، وَإنْ تَرَكْتَهُ ، لَمْ يَزَلْ أعْوجَ ، فَاسْتَوصُوا بالنِّساءِ ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . وفي رواية في الصحيحين : ( المَرأةُ كالضِّلَعِ إنْ أقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا ، وَإن اسْتَمتَعْتَ بِهَا ، اسْتَمتَعْتَ وفِيهَا عوَجٌ ) . وفي رواية لمسلم : ( إنَّ المَرأةَ خُلِقَت مِنْ ضِلَع ، لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَريقة ، فإن اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَفيهَا عوَجٌ ، وإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَها ، وَكَسْرُهَا طَلاَقُهَا ) . قوله : ( عَوَجٌ ) هُوَ بفتح العينِ والواوِ . ٢٧٥- وعن عبد اللّه بن زَمْعَةَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ : أنَّهُ سَمِعَ النَّبيّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم يَخْطُبُ ، وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَهَا ، فَقَالَ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( { إِذ انْبَعَثَ أشْقَاهَا } انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزيزٌ ، عَارِمٌ مَنيعٌ في رَهْطِهِ ) ، ثُمَّ ذَكَرَ النِّسَاءَ ، فَوعَظَ فِيهنَّ ، فَقَالَ : ( يَعْمِدُ أحَدُكُمْ فَيَجْلِدُ امْرَأتَهُ جَلْدَ العَبْدِ فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَومِهِ ) ثُمَّ وَعَظَهُمْ في ضَحِكِهمْ مِنَ الضَّرْطَةِ ، وَقالَ : ( لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ ؟! ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . ( وَالعَارِمُ ) بالعين المهملة والراء : هُوَ الشِّرِّيرُ المفسِدُ ، وقوله : ( انْبَعَثَ ) ، أيْ : قَامَ بسرعة . ٢٧٦- وعن أَبي هريرة رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقاً رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ ) ، أَوْ قَالَ : ( غَيْرَهُ ) رواه مسلم . وقولُهُ : ( يَفْرَكْ ) هُوَ بفتح الياءِ وإسكان الفاء وفتح الراءِ معناه : يُبْغِضُ ، يقالُ : فَرِكَتِ المَرأةُ زَوْجَهَا ، وَفَرِكَهَا زَوْجُهَا ، بكسر الراء يفْرَكُهَا بفتحها : أيْ أبْغَضَهَا ، واللّه أعلم . ٢٧٧- وعن عمرو بن الأحوصِ الجُشَمي رَضِيَ اللّه عَنْهُ : أنَّهُ سَمِعَ النَّبيّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم في حَجَّةِ الوَدَاعِ يَقُولُ بَعْدَ أنْ حَمِدَ اللّه تَعَالَى ، وَأثْنَى عَلَيهِ وَذَكَّرَ وَوَعظَ ، ثُمَّ قَالَ : ( ألا وَاسْتَوصُوا بالنِّساءِ خَيْراً ، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئاً غَيْرَ ذلِكَ إلاَّ أنْ يَأتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ، فَإنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ في المَضَاجِع ، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرباً غَيْرَ مُبَرِّحٍ ، فإنْ أطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيهنَّ سَبيلاً ؛ ألاَ إنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقّاً ، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقّاً ؛ فَحَقُّكُمْ عَلَيهِنَّ أنْ لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ ، وَلا يَأْذَنَّ في بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ ؛ ألاَ وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ في كِسْوَتِهنَّ وَطَعَامِهنَّ ) رواه الترمذي ، وَقالَ : ( حديث حسن صحيح ) . قوله صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( عَوان ) أيْ : أسِيرَاتٌ جَمْع عَانِيَة ، بالعَيْنِ المُهْمَلَةِ ، وَهِيَ الأسِيرَةُ ، والعاني : الأسير . شَبَّهَ رسولُ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم المرأةَ في دخولِها تَحْتَ حُكْمِ الزَّوْجِ بالأَسيرِ ( وَالضَّرْبُ المبَرِّحُ ) : هُوَ الشَّاقُ الشَّدِيد وقوله صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( فَلاَ تَبْغُوا عَلَيهنَّ سَبِيلاً ) أيْ : لاَ تَطْلُبُوا طَريقاً تَحْتَجُّونَ بِهِ عَلَيهِنَّ وَتُؤْذُونَهُنَّ بِهِ ، واللّه أعلم . ٢٧٨- وعن معاوية بن حيدة رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُول اللّه ، مَا حق زَوجَةِ أَحَدِنَا عَلَيهِ ؟ قَالَ : ( أنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طعِمْتَ ، وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ ، وَلاَ تَضْرِبِ الوَجْهَ ، وَلا تُقَبِّحْ ، وَلا تَهْجُرْ إلاَّ في البَيْتِ ) حديثٌ حسنٌ رواه أَبُو داود وَقالَ : معنى ( لا تُقَبِّحْ ) أي : لا تقل : قبحكِ اللّه . ٢٧٩- وعن أَبي هريرة رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( أكْمَلُ المُؤمِنِينَ إيمَاناً أحْسَنُهُمْ خُلُقاً ، وخِيَارُكُمْ خياركم لِنِسَائِهِمْ ) رواه الترمذي ، وَقالَ : ( حديث حسن صحيح ) . ٢٨٠- وعن إياس بن عبد اللّه بن أَبي ذباب رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( لاَ تَضْرِبُوا إمَاء اللّه ) فجاء عُمَرُ رَضِيَ اللّه عَنْهُ إِلَى رسولِ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَقَالَ : ذَئِرْنَ النِّسَاءُ عَلَى أزْوَاجِهِنَّ ، فَرَخَّصَ في ضَرْبِهِنَّ ، فَأطَافَ بآلِ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم نِسَاءٌ كَثيرٌ يَشْكُونَ أزْواجَهُنَّ ، فَقَالَ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( لَقَدْ أطَافَ بِآلِ بَيتِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كثيرٌ يَشْكُونَ أزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أولَئكَ بخيَارِكُمْ ) رواه أَبُو داود بإسناد صحيح . قوله : ( ذَئِرنَ ) هُوَ بذَال مُعْجَمَة مفْتوحَة ، ثُمَّ هَمْزة مَكْسُورَة ، ثُمَّ راءٍ سَاكِنَة ، ثُمَّ نُون ، أي : اجْتَرَأْنَ ، قوله : ( أطَافَ ) أيْ : أحَاطَ . ٢٨١- وعن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما : أنَّ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، قَالَ : ( الدُّنْيَا مَتَاعٌ ، وَخَيرُ مَتَاعِهَا المَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ) رواه مسلم . |