Geri

   

 

 

 

İleri

 

٥- باب المراقبة

قَالَ اللّه تَعَالَى : { الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ } [ الشعراء : ٢١٩ - ٢٢٠ ]،

وَقالَ تَعَالَى : { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُم } [ الحديد :٤ ] ،

وَقالَ تَعَالَى : { إِنَّ اللّه لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ } [ آل عمران : ٦ ] ،

وَقالَ تَعَالَى : { إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ } [ الفجر : ١٤ ] ،

وَقالَ تَعَالَى : { يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } [ غافر : ١٩ ] وَالآيات في البابِ كثيرة معلومة .

٦١- وأما الأحاديث ، فالأول : عن عمر بن الخطاب رَضِيَ اللّه عَنْهُ ،

قَالَ : بَيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ذَاتَ يَومٍ ، إذْ طَلَعَ عَلَينا رَجُلٌ شَديدُ بَياضِ الثِّيابِ ، شَديدُ سَوَادِ الشَّعْرِ ، لا يُرَى عَلَيهِ أثَرُ السَّفَرِ ، وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أحَدٌ ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبيّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيهِ إِلَى رُكْبتَيهِ ، وَوَضعَ كَفَّيهِ عَلَى فَخِذَيهِ ، وَقالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أخْبرني عَنِ الإسلامِ ، فَقَالَ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( الإسلامُ : أنْ تَشْهدَ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللّه وأنَّ مُحمَّداً رسولُ اللّه ، وتُقيمَ الصَّلاةَ ، وَتُؤتِيَ الزَّكَاةَ ، وَتَصومَ رَمَضَانَ ، وَتَحُجَّ البَيتَ إن اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبيلاً ) .

قَالَ : صَدَقْتَ . فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقهُ !

قَالَ : فَأَخْبرنِي عَنِ الإِيمَانِ .

قَالَ : ( أنْ تُؤمِنَ باللّه ، وَمَلائِكَتِهِ ، وَكُتُبهِ ، وَرُسُلِهِ ، وَاليَوْمِ الآخِر ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ ) .

قَالَ : صَدقت .

قَالَ : فأَخْبرني عَنِ الإحْسَانِ .

قَالَ : ( أنْ تَعْبُدَ اللّه كَأنَّكَ تَرَاهُ فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّهُ يَرَاكَ ) .

قَالَ : فَأَخْبِرني عَنِ السَّاعَةِ .

قَالَ : ( مَا المَسْؤُولُ عَنْهَا بأعْلَمَ مِنَ  السَّائِلِ ) .

قَالَ : فأخبِرني عَنْ أمَاراتِهَا .

قَالَ : ( أنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا ، وأنْ تَرَى الحُفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ في البُنْيَانِ ) . ثُمَّ انْطَلقَ فَلَبِثْتُ مَلِيّاً ، ثُمَّ

قَالَ : ( يَا عُمَرُ ، أَتَدْري مَنِ السَّائِلُ ؟ ) قُلْتُ : اللّه ورسُولُهُ أعْلَمُ .

قَالَ : ( فإنَّهُ جِبْريلُ أَتَاكُمْ يعْلِّمُكُمْ أمْرَ دِينكُمْ ) . رواه مسلم .

ومعنى ( تَلِدُ الأَمَةُ رَبَّتَهَا ) أيْ سَيِّدَتَهَا ؛ ومعناهُ : أنْ تَكْثُرَ السَّراري حَتَّى تَلِدَ الأَمَةُ السُّرِّيَّةُ بِنْتاً لِسَيِّدِهَا وبنْتُ السَّيِّدِ في مَعنَى السَّيِّدِ وَقيلَ غَيْرُ ذلِكَ . وَ( العَالَةُ ) : الفُقَراءُ . وقولُهُ : ( مَلِيّاً ) أَيْ زَمَناً طَويلاً وَكانَ ذلِكَ ثَلاثاً .

٦٢- الثاني : عن أبي ذر جُنْدُب بنِ جُنادَةَ وأبي عبدِ الرحمانِ معاذِ بنِ جبلٍ رضي اللّه عنهما ، عن رسولِ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ،

قَالَ : ( اتَّقِ اللّه حَيْثُمَا كُنْتَ وَأتْبعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا ، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ ) رواه الترمذي ، وَقالَ : ( حديث حسن ) .

٦٣- الثالث : عن ابنِ عباسٍ رضي اللّه عنهما ،

قَالَ : كنت خلف النَّبيّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم يوماً ،

فَقَالَ : ( يَا غُلامُ ، إنِّي أعلّمُكَ كَلِمَاتٍ : احْفَظِ اللّه يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ اللّه تَجِدْهُ تُجَاهَكَ ، إِذَا سَألْتَ فَاسأَلِ اللّه ، وإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ باللّه ، وَاعْلَمْ : أنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبهُ اللّه لَكَ ، وَإِن اجتَمَعُوا عَلَى أنْ يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللّه عَلَيْكَ ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحفُ ) رواه الترمذي ، وَقالَ : ( حديث حسن صحيح ) .

وفي رواية غيرِ الترمذي : ( احْفَظِ اللّه تَجِدْهُ أَمَامَكَ ، تَعرَّفْ إِلَى اللّه في الرَّخَاءِ يَعْرِفكَ في الشِّدَّةِ ، وَاعْلَمْ : أنَّ مَا أَخْطَأكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبكَ ، وَمَا أصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ ، وَاعْلَمْ : أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ ، وَأَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً ) .

٦٤- الرابع : عن أنسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ ،

قَالَ : إِنَّكُمْ لَتعمَلُونَ أعْمَالاً هي أدَقُّ في أعيُنِكُمْ مِنَ الشَّعْرِ ، كُنَّا نَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم مِنَ المُوبِقاتِ . رواه البخاري .

وَقالَ : ( المُوبقاتُ ) : المُهلِكَاتُ .

٦٥- الخامس : عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، عن النَّبيّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ،

قَالَ : ( إنَّ اللّه تَعَالَى يَغَارُ ، وَغَيرَةُ اللّه تَعَالَى ، أنْ يَأتِيَ المَرْءُ مَا حَرَّمَ اللّه عَلَيهِ ) متفق عَلَيهِ .

و( الغَيْرةُ ) : بفتحِ الغين ، وَأَصْلُهَا الأَنَفَةُ .

٦٦- السادس : عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ : أنَّه سَمِعَ النَّبيَّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، يقُولُ : ( إنَّ ثَلاثَةً مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ : أبْرَصَ ، وَأَقْرَعَ ، وَأَعْمَى ، أَرَادَ اللّه أنْ يَبْتَليَهُمْ فَبَعَثَ إِليْهمْ مَلَكاً ، فَأَتَى الأَبْرَصَ ،

فَقَالَ : أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إلَيْكَ ؟

قَالَ : لَوْنٌ حَسنٌ ، وَجِلدٌ حَسَنٌ ، وَيَذْهبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ ؛ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ وَأُعْطِيَ لَوناً حَسنَاً .

فَقَالَ : فَأيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليكَ ؟

قَالَ : الإِبلُ - أَوْ قالَ : البَقَرُ شكَّ الرَّاوي - فَأُعطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ ،

فَقَالَ : بَاركَ اللّه لَكَ فِيهَا .

فَأَتَى الأَقْرَعَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: شَعْرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الَّذِي قَذِرَني النَّاسُ ؛ فَمَسَحَهُ فَذَهبَ عَنْهُ وأُعْطِيَ شَعراً حَسَناً . قالَ : فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليْكَ ؟

قَالَ : البَقَرُ ، فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلاً ، وَقالَ : بَارَكَ اللّه لَكَ فِيهَا .

فَأَتَى الأَعْمَى ،

فَقَالَ : أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟

قَالَ : أَنْ يَرُدَّ اللّه إِلَيَّ بَصَرِي فَأُبْصِرُ النَّاسَ؛ فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللّه إِلَيْهِ بَصَرهُ. قَالَ: فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليْكَ ؟

قَالَ : الغَنَمُ ، فَأُعْطِيَ شَاةً والداً ، فَأَنْتَجَ هذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا ، فَكانَ لِهذَا وَادٍ مِنَ الإِبلِ ، وَلِهذَا وَادٍ مِنَ البَقَرِ ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الغَنَمِ .

ثُمَّ إنَّهُ أَتَى الأَبْرَصَ في صُورَتِهِ وَهَيئَتِهِ ،

فَقَالَ : رَجلٌ مِسْكينٌ قَدِ انقَطَعَتْ بِيَ الحِبَالُ في سَفَري فَلا بَلاغَ لِيَ اليَومَ إلاَّ باللّه ثُمَّ بِكَ ، أَسْأَلُكَ بِالَّذي أعْطَاكَ اللَّونَ الحَسَنَ ، والجِلْدَ الحَسَنَ ، وَالمَالَ ، بَعِيراً أَتَبَلَّغُ بِهِ في سَفَري ،

فَقَالَ : الحُقُوقُ  كثِيرةٌ .

فَقَالَ : كأنِّي اعْرِفُكَ ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ فقيراً فأعْطَاكَ اللّه !؟

فَقَالَ : إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا المالَ كَابِراً عَنْ كَابِرٍ ،

فَقَالَ : إنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّرَكَ اللّه إِلَى مَا كُنْتَ .

وَأَتَى الأَقْرَعَ في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذا ، وَرَدَّ عَلَيهِ مِثْلَ مَا رَدَّ هَذَا ،

فَقَالَ : إنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّرَكَ اللّه إِلَى مَا كُنْتَ .

وَأَتَى الأَعْمَى في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ ،

فَقَالَ : رَجُلٌ مِسْكينٌ وابنُ سَبيلٍ انْقَطَعتْ بِيَ الحِبَالُ في سَفَرِي ، فَلا بَلاَغَ لِيَ اليَومَ إلاَّ بِاللّه ثُمَّ بِكَ ، أَسأَلُكَ بالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَركَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا في سَفري ؟

فَقَالَ : قَدْ كُنْتُ أعمَى فَرَدَّ اللّه إِلَيَّ بَصَرِي فَخُذْ مَا شِئْتَ وَدَعْ مَا شِئْتَ فَوَاللّه ما أجْهَدُكَ اليَومَ بِشَيءٍ أخَذْتَهُ للّه عزَّ وجَلَّ.

فَقَالَ : أمْسِكْ مالَكَ فِإنَّمَا ابْتُلِيتُمْ . فَقَدْ رضي اللّه عنك ، وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيكَ ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .

و( النَّاقةُ العُشَرَاءُ ) بضم العين وفتح الشين وبالمد : هي الحامِل . قوله : ( أنْتَجَ )

وفي رواية : ( فَنتَجَ ) معناه : تولَّى نِتاجها ، والناتج لِلناقةِ كالقابِلةِ للمرأةِ . وقوله : ( وَلَّدَ هَذَا ) هُوَ بتشديد اللام : أي تولى ولادتها ، وَهُوَ بمعنى أنتج في الناقة ، فالمولّد ، والناتج ، والقابلة بمعنى ؛ لكن هَذَا لِلحيوان وذاك لِغيرهِ . وقوله : ( انْقَطَعَتْ بي الحِبَالُ ) هُوَ بالحاءِ المهملةِ والباءِ الموحدة : أي الأسباب . وقوله : ( لا أجْهَدُكَ ) معناه : لا أشق عليك في رد شيء تأخذه أَوْ تطلبه من مالي . وفي رواية البخاري : ( لا أحمَدُكَ ) بالحاءِ المهملة والميمِ ومعناه : لا أحمدك بترك شيء تحتاج إِلَيْه ، كما

قالوا : لَيْسَ عَلَى طولِ الحياة ندم : أي عَلَى فواتِ طولِها .

٦٧- السابع : عن أبي يعلى شداد بن أوس رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، عن النَّبيّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ،

قَالَ :  ( الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ ، وَعَمِلَ لِمَا بعدَ المَوتِ ، والعَاجِزُ مَنْ أتْبَعَ نَفْسَهُ هَواهَا وَتَمنَّى عَلَى اللّه ) رواه الترمذي ، وَقالَ : ( حديث حسن ) .

قَالَ الترمذي وغيره من العلماء : معنى ( دَانَ نَفْسَهُ ) : حاسبها .

٦٨- الثامن : عن أبي هريرة رَضِيَ اللّه عَنْهُ ،

قَالَ : قَالَ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( مِنْ حُسْنِ إسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ ) حديث حسن رواه الترمذي وغيرُه .

٦٩- التاسع : عن عُمَرَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، عَنِ النَّبيّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ،

قَالَ : ( لاَ يُسْأَلُ الرَّجُلُ فِيمَ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ ) رواه أبو داود وغيره .