٣- باب الصبر قَالَ اللّه تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا } [ آل عمران : ٢٠٠ ]، وقال تعالى : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } [ البقرة : ١٥٥] ، وَقالَ تَعَالَى : { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب } [ الزمر :١٠ ] ، وَقالَ تَعَالَى: { وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } [الشورى: ٤٣ ] ، وَقالَ تَعَالَى: { اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللّه مَعَ الصَّابِرِينَ } [البقرة : ١٥٣]، وَقالَ تَعَالَى : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ } [ محمد : ٣١ ] ، وَالآياتُ في الأمر بالصَّبْر وَبَيانِ فَضْلهِ كَثيرةٌ مَعْرُوفةٌ . ٢٦- وعن أبي مالكٍ الحارث بن عاصم الأشعريِّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رسولُ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمان ، والحَمدُ للّه تَمْلأُ الميزَانَ ، وَسُبْحَانَ اللّه والحَمدُ للّه تَملآن - أَوْ تَمْلأُ - مَا بَينَ السَّماوات وَالأَرْضِ، والصَّلاةُ نُورٌ ، والصَّدقةُ بُرهَانٌ ، والصَّبْرُ ضِياءٌ ، والقُرْآنُ حُجةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ . كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائعٌ نَفسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُها ) رواه مسلم . ٢٧- وعن أبي سَعيد سعدِ بن مالكِ بنِ سنانٍ الخدري رضي اللّه عنهما : أَنَّ نَاساً مِنَ الأَنْصَارِ سَألوا رسولَ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم فَأعْطَاهُمْ ، ثُمَّ سَألوهُ فَأعْطَاهُمْ ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِندَهُ ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ أنْفْقَ كُلَّ شَيءٍ بِيَدِهِ : ( مَا يَكُنْ عِنْدي مِنْ خَيْر فَلَنْ أدَّخِرَهُ عَنْكُمْ ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفهُ اللّه ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللّه ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللّه . وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وَأوْسَعَ مِنَ الصَّبْر ) مُتَّفَقٌ عليه . ٢٨- وعن أبي يحيى صهيب بن سنانٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رسولُ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم :( عَجَباً لأمْرِ المُؤمنِ إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خيرٌ ولَيسَ ذلِكَ لأَحَدٍ إلاَّ للمُؤْمِن : إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكانَ خَيراً لَهُ ، وإنْ أصَابَتْهُ ضرَاءُ صَبَرَ فَكانَ خَيْراً لَهُ ) رواه مسلم . ٢٩- وعن أنَسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : لَمَّا ثَقُلَ النَّبيُّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم جَعلَ يَتَغَشَّاهُ الكَرْبُ ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رضي اللّه عنها : وَاكَربَ أَبَتَاهُ . فقَالَ : ( لَيْسَ عَلَى أَبيكِ كَرْبٌ بَعْدَ اليَوْمِ ) فَلَمَّا مَاتَ ، قَالَتْ : يَا أَبَتَاهُ ، أَجَابَ رَبّاً دَعَاهُ ! يَا أَبتَاهُ ، جَنَّةُ الفِردَوسِ مَأْوَاهُ ! يَا أَبَتَاهُ ، إِلَى جبْريلَ نَنْعَاهُ ! فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ رَضي اللّه عنها : أَطَابَتْ أنْفُسُكُمْ أنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم التُّرَابَ ؟! رواه البخاري . ٣٠- وعن أبي زَيدٍ أُسَامَةَ بنِ زيدِ بنِ حارثةَ مَوْلَى رسولِ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم وحِبِّه وابنِ حبِّه رضي اللّه عنهما ، قَالَ : أرْسَلَتْ بنْتُ النَّبيِّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم إنَّ ابْني قَد احْتُضِرَ فَاشْهَدنَا ، فَأَرْسَلَ يُقْرىءُ السَّلامَ ، ويقُولُ : ( إنَّ للّه مَا أخَذَ وَلَهُ مَا أعطَى وَكُلُّ شَيءٍ عِندَهُ بِأجَلٍ مُسَمًّى فَلتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ ) فَأَرسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيهِ لَيَأتِينَّهَا . فقامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابتٍ ، وَرجَالٌ رضي اللّه عَنْهمْ ، فَرُفعَ إِلَى رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم الصَّبيُّ ، فَأقْعَدَهُ في حِجْرِهِ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ ، فَفَاضَتْ عَينَاهُ فَقالَ سَعدٌ : يَا رسولَ اللّه ، مَا هَذَا ؟ فَقالَ : ( هذِهِ رَحمَةٌ جَعَلَها اللّه تَعَالَى في قُلُوبِ عِبَادِهِ ) وفي رواية : ( فِي قُلُوبِ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ ، وَإِنَّما يَرْحَمُ اللّه مِنْ عِبادِهِ الرُّحَماءَ ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . وَمَعنَى ( تَقَعْقَعُ ) : تَتَحرَّكُ وتَضْطَربُ . ٣١- وعن صهيب رَضِيَ اللّه عَنْهُ : أنَّ رسولَ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، قَالَ : ( كَانَ مَلِكٌ فيمَنْ كَانَ قَبلَكمْ وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ للمَلِكِ : إنِّي قَدْ كَبِرْتُ فَابْعَثْ إلَيَّ غُلاماً أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ ؛ فَبَعثَ إِلَيْهِ غُلاماً يُعَلِّمُهُ ، وَكانَ في طرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ ، فَقَعدَ إِلَيْه وسَمِعَ كَلامَهُ فَأعْجَبَهُ ، وَكانَ إِذَا أتَى السَّاحِرَ ، مَرَّ بالرَّاهبِ وَقَعَدَ إِلَيْه ، فَإذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ ، فَشَكَا ذلِكَ إِلَى الرَّاهِب ، فَقَالَ : إِذَا خَشيتَ السَّاحِرَ ، فَقُلْ : حَبَسَنِي أَهْلِي ، وَإذَا خَشِيتَ أهلَكَ ، فَقُلْ : حَبَسَنِي السَّاحِرُ . فَبَيْنَما هُوَ عَلَى ذلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ ، فَقَالَ : اليَوْمَ أعْلَمُ السَّاحرُ أفْضَلُ أم الرَّاهبُ أفْضَلُ ؟ فَأخَذَ حَجَراً، فَقَالَ : اللّهمَّ إنْ كَانَ أمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هذِهِ الدّابَّةَ حَتَّى يَمضِي النَّاسُ ، فَرَمَاهَا فَقَتَلَها ومَضَى النَّاسُ ، فَأتَى الرَّاهبَ فَأَخبَرَهُ . فَقَالَ لَهُ الرَّاهبُ : أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ اليَومَ أفْضَل منِّي قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى ، وَإنَّكَ سَتُبْتَلَى ، فَإن ابْتُلِيتَ فَلاَ تَدُلَّ عَلَيَّ ؛ وَكانَ الغُلامُ يُبْرىءُ الأكْمَهَ وَالأَبْرصَ ، ويداوي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الأَدْوَاء . فَسَمِعَ جَليسٌ لِلملِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ ، فأتاه بَهَدَايا كَثيرَةٍ ، فَقَالَ : مَا ها هُنَا لَكَ أَجْمعُ إنْ أنتَ شَفَيتَنِي ، فَقَالَ : إنّي لا أشْفِي أحَداً إِنَّمَا يَشفِي اللّه تَعَالَى ، فَإنْ آمَنْتَ باللّه تَعَالَى دَعَوتُ اللّه فَشفَاكَ ، فَآمَنَ باللّه تَعَالَى فَشفَاهُ اللّه تَعَالَى ، فَأَتَى المَلِكَ فَجَلسَ إِلَيْهِ كَما كَانَ يَجلِسُ ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ : مَنْ رَدّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ ؟ قَالَ : رَبِّي ، قَالَ : وَلَكَ رَبٌّ غَيري ؟ قَالَ : رَبِّي وَرَبُّكَ اللّه ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الغُلامِ ، فَجيء بالغُلاَمِ ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ : أيْ بُنَيَّ ، قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرىء الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وتَفْعَلُ وتَفْعَلُ ! فَقَالَ : إنِّي لا أَشْفي أحَداً ، إِنَّمَا يَشفِي اللّه تَعَالَى . فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهبِ ؛ فَجِيء بالرَّاهبِ فَقيلَ لَهُ : ارجِعْ عَنْ دِينكَ ، فَأَبَى ، فَدَعَا بِالمِنْشَارِ فَوُضِعَ المِنْشَارُ في مَفْرق رَأسِهِ ، فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ، ثُمَّ جِيءَ بِجَليسِ المَلِكِ فقيل لَهُ : ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ ، فَأَبَى ، فَوضِعَ المِنْشَارُ في مَفْرِق رَأسِهِ ، فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ، ثُمَّ جِيءَ بالغُلاَمِ فقيلَ لَهُ : ارْجِعْ عَنْ دِينكَ ، فَأَبَى ، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أصْحَابهِ ، فَقَالَ : اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا فَاصْعَدُوا بِهِ الجَبَل ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذِرْوَتَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإلاَّ فَاطْرَحُوهُ . فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الجَبَلَ ، فَقَالَ : اللّهمَّ أكْفنيهمْ بِمَا شِئْتَ ، فَرَجَفَ بهِمُ الجَبلُ فَسَقَطُوا ، وَجاءَ يَمشي إِلَى المَلِكِ ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ : مَا فَعَلَ أصْحَابُكَ ؟ فَقَالَ : كَفَانِيهمُ اللّه تَعَالَى ، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ : اذْهَبُوا بِهِ فاحْمِلُوهُ في قُرْقُورٍ وتَوَسَّطُوا بِهِ البَحْرَ ، فَإنْ رَجعَ عَنْ دِينِهِ وإِلاَّ فَاقْذِفُوهُ . فَذَهَبُوا بِهِ ، فَقَالَ : اللّهمَّ أكْفِنيهمْ بمَا شِئْتَ ، فانْكَفَأَتْ بِهمُ السَّفينةُ فَغَرِقُوا ، وَجَاء يَمْشي إِلَى المَلِكِ . فَقَالَ لَهُ المَلِكُ : مَا فعلَ أصْحَابُكَ ؟ فَقَالَ : كَفَانيهمُ اللّه تَعَالَى . فَقَالَ لِلمَلِكِ : إنَّكَ لَسْتَ بقَاتلي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ . قَالَ : مَا هُوَ ؟ قَالَ : تَجْمَعُ النَّاسَ في صَعيدٍ وَاحدٍ وتَصْلُبُني عَلَى جِذْعٍ ، ثُمَّ خُذْ سَهْماً مِنْ كِنَانَتي ، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ في كَبدِ القَوْسِ ثُمَّ قُلْ : بسْم اللّه ربِّ الغُلاَمِ ، ثُمَّ ارْمِني، فَإنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذلِكَ قَتَلتَني، فَجَمَعَ النَّاسَ في صَعيد واحدٍ ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْماً مِنْ كِنَانَتِهِ ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ في كَبِدِ القَوْسِ ، ثُمَّ قَالَ : بِسمِ اللّه ربِّ الغُلامِ ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوقَعَ في صُدْغِهِ ، فَوَضَعَ يَدَهُ في صُدْغِهِ فَمَاتَ ، فَقَالَ النَّاسُ : آمَنَّا بِرَبِّ الغُلامِ ، فَأُتِيَ المَلِكُ فقيلَ لَهُ : أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ قَدْ واللّه نَزَلَ بكَ حَذَرُكَ . قَدْ آمَنَ النَّاسُ . فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ بأفْواهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ وأُضْرِمَ فيهَا النِّيرانُ وَقَالَ : مَنْ لَمْ يَرْجعْ عَنْ دِينهِ فَأقْحموهُ فيهَا ، أَوْ قيلَ لَهُ: اقتَحِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءت امْرَأةٌ وَمَعَهَا صَبيٌّ لَهَا ، فَتَقَاعَسَتْ أنْ تَقَعَ فيهَا، فَقَالَ لَهَا الغُلامُ : يَا أُمهْ اصْبِري فَإِنَّكِ عَلَى الحَقِّ ! ) رواه مسلم . ( ذِروَةُ الجَبَلِ ) : أعْلاهُ ، وَهيَ - بكَسْر الذَّال المُعْجَمَة وَضَمِّهَا - و( القُرْقُورُ ) : بضَمِّ القَافَينِ نَوعٌ مِنَ السُّفُن وَ( الصَّعيدُ ) هُنَا : الأَرضُ البَارِزَةُ وَ( الأُخْدُودُ ) الشُّقُوقُ في الأَرضِ كَالنَّهْرِ الصَّغير ، وَ( أُضْرِمَ ) : أوْقدَ ، وَ( انْكَفَأتْ ) أَي : انْقَلَبَتْ ، وَ( تَقَاعَسَتْ ) : تَوَقفت وجبنت . ٣٢- وعن أنس رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : مَرَّ النَّبيُّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم بامرأةٍ تَبكي عِنْدَ قَبْرٍ ، فَقَالَ :( اتّقِي اللّه واصْبِري ) فَ قَالَتْ : إِليْكَ عَنِّي ؛ فإِنَّكَ لم تُصَبْ بمُصِيبَتي وَلَمْ تَعرِفْهُ ، فَقيلَ لَهَا : إنَّه النَّبيُّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم فَأَتَتْ بَابَ النَّبيِّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابينَ ، ف قالتْ : لَمْ أعْرِفكَ ، فَقَالَ : ( إنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولى ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . وفي رواية لمسلم : ( تبكي عَلَى صَبيٍّ لَهَا ) . ٣٣- وعن أبي هريرة رَضِيَ اللّه عَنْهُ : أنَّ رسولَ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، قَالَ : ( يَقُولُ اللّه تَعَالَى : مَا لعَبدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ إلاَّ الجَنَّةَ ) رواه البخاري . ٣٤- وعن عائشةَ رضيَ اللّه عنها: أَنَّهَا سَألَتْ رسولَ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم عَنِ الطّاعُونِ، فَأَخْبَرَهَا أنَّهُ كَانَ عَذَاباً يَبْعَثُهُ اللّه تَعَالَى عَلَى مَنْ يشَاءُ ، فَجَعَلَهُ اللّه تعالى رَحْمَةً للْمُؤْمِنينَ ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ في الطَّاعُونِ فيمكثُ في بلدِهِ صَابراً مُحْتَسِباً يَعْلَمُ أنَّهُ لا يصيبُهُ إلاَّ مَا كَتَبَ اللّه لَهُ إلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أجْرِ الشّهيدِ . رواه البخاري . ٣٥- وعن أنس رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : سمعتُ رسولَ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، يقول : ( إنَّ اللّه عزَّ وجَلَّ ، قَالَ : إِذَا ابْتَلَيْتُ عبدي بحَبيبتَيه فَصَبرَ عَوَّضتُهُ مِنْهُمَا الجَنَّةَ ) يريد عينيه ، رواه البخاري . ٣٦- وعن عطَاء بن أبي رَباحٍ ، قَالَ : قَالَ لي ابنُ عَباسٍ رضي اللّه عنهما : ألاَ أُريكَ امْرَأةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّة ؟ فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ : هذِهِ المَرْأةُ السَّوداءُ أتتِ النَّبيَّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم، فَ قَالَتْ : إنّي أُصْرَعُ ، وإِنِّي أتَكَشَّفُ ، فادْعُ اللّه تَعَالَى لي . قَالَ : ( إنْ شئْتِ صَبَرتِ وَلَكِ الجَنَّةُ ، وَإنْ شئْتِ دَعَوتُ اللّه تَعَالَى أنْ يُعَافِيكِ ) فَ قَالَتْ : أَصْبِرُ ، فَ قَالَتْ : إنِّي أتَكَشَّفُ فَادعُ اللّه أنْ لا أَتَكَشَّف ، فَدَعَا لَهَا . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . ٣٧- وعن أبي عبد الرحمانِ عبدِ اللّه بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : كَأَنِّي أنْظُرُ إِلَى رسولِ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم يَحْكِي نَبِيّاً مِنَ الأَنْبِياءِ ، صَلَواتُ اللّه وَسَلامُهُ عَلَيْهمْ ، ضَرَبه قَوْمُهُ فَأدْمَوهُ ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ ، يَقُولُ : ( اللّهمَّ اغْفِرْ لِقَومي ، فَإِنَّهُمْ لا يَعْلَمونَ ) مُتَّفَقٌ علَيهِ . ٣٨- وعن أبي سعيدٍ وأبي هريرةَ رضيَ اللّه عنهما ، عن النَّبيِّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، قَالَ : ( مَا يُصيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ ، وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ ، وَلاَ حَزَنٍ ، وَلاَ أذَىً ، وَلاَ غَمٍّ ، حَتَّى الشَّوكَةُ يُشَاكُهَا إلاَّ كَفَّرَ اللّه بِهَا مِنْ خَطَاياهُ ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . و( الوَصَبُ ) : المرض . ٣٩- وعن ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : دخلتُ عَلَى النَّبيِّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم وهو يُوعَكُ ، فقلت : يَا رسُولَ اللّه ، إنَّكَ تُوْعَكُ وَعْكاً شَدِيداً ، قَالَ : ( أجَلْ ، إنِّي أوعَكُ كمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنكُمْ ) قلْتُ: ذلِكَ أن لَكَ أجْرينِ ؟ قَالَ : ( أَجَلْ ، ذلِكَ كَذلِكَ ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصيبُهُ أذىً ، شَوْكَةٌ فَمَا فَوقَهَا إلاَّ كَفَّرَ اللّه بهَا سَيِّئَاتِهِ ، وَحُطَّتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . وَ( الوَعْكُ ) : مَغْثُ الحُمَّى ، وَقيلَ : الحُمَّى . ٤٠- وعن أبي هريرة رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( مَنْ يُرِدِ اللّه بِهِ خَيْراً يُصِبْ مِنْهُ ) رواه البخاري . وَضَبَطُوا ( يُصِبْ ) بفَتْح الصَّاد وكَسْرها . ٤١- وعن أنس رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رسولُ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( لا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوتَ لضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فاعلاً ، فَليَقُلْ : اللّهمَّ أحْيني مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيراً لِي، وَتَوفّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيراً لي ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . ٤٢- وعن أبي عبد اللّه خَبَّاب بنِ الأَرتِّ رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : شَكَوْنَا إِلَى رسولِ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم وَهُوَ متَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ في ظلِّ الكَعْبَةِ ، فقُلْنَا : أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا ألاَ تَدْعُو لَنا ؟ فَقَالَ : ( قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ في الأرضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا ، ثُمَّ يُؤْتَى بِالمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأسِهِ فَيُجْعَلُ نصفَينِ ، وَيُمْشَطُ بأمْشَاطِ الحَديدِ مَا دُونَ لَحْمِه وَعَظْمِهِ ، مَا يَصُدُّهُ ذلِكَ عَنْ دِينِهِ ، وَاللّه لَيُتِمَّنَّ اللّه هَذَا الأَمْر حَتَّى يَسيرَ الرَّاكبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَموتَ لاَ يَخَافُ إلاَّ اللّه والذِّئْب عَلَى غَنَمِهِ ، ولكنكم تَسْتَعجِلُونَ ) رواه البخاري . وفي رواية : ( وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً وَقَدْ لَقِينا مِنَ المُشْرِكِينَ شدَّةً ) . ٤٣- وعن ابن مسعودٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَومُ حُنَينٍ آثَرَ رسولُ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم نَاساً في القسْمَةِ ، فَأعْطَى الأقْرَعَ بْنَ حَابسٍ مئَةً مِنَ الإِبِلِ ، وَأَعْطَى عُيَيْنَة بْنَ حصن مِثْلَ ذلِكَ ، وَأَعطَى نَاساً مِنْ أشْرافِ العَرَبِ وآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ في القسْمَةِ . فَقَالَ رَجُلٌ : واللّه إنَّ هذِهِ قِسْمَةٌ مَا عُدِلَ فِيهَا ، وَمَا أُريدَ فيهَا وَجْهُ اللّه ، فَقُلْتُ : وَاللّه لأُخْبِرَنَّ رسولَ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَأَتَيْتُهُ فَأخْبَرتُهُ بمَا قَالَ ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ حَتَّى كَانَ كالصِّرْفِ . ثُمَّ قَالَ : ( فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لم يَعْدِلِ اللّه وَرسولُهُ ؟ ) ثُمَّ قَالَ : ( يَرْحَمُ اللّه مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بأكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبر ) . فَقُلْتُ : لاَ جَرَمَ لاَ أرْفَعُ إِلَيْه بَعدَهَا حَدِيثاً . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . وَقَوْلُهُ : ( كالصِّرْفِ ) هُوَ بِكَسْرِ الصَّادِ المُهْمَلَةِ : وَهُوَ صِبْغٌ أحْمَر . ٤٤- وعن أنسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( إِذَا أَرَادَ اللّه بعبدِهِ الخَيرَ عَجَّلَ لَهُ العُقُوبَةَ في الدُّنْيا ، وَإِذَا أَرَادَ اللّه بِعَبدِهِ الشَّرَّ أمْسَكَ عَنْهُ بذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يومَ القِيَامَةِ ) . وَقالَ النَّبيُّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( إنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلاَءِ ، وَإنَّ اللّه تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ قَوْماً ابْتَلاَهُمْ ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا ، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ ) رواه الترمذي ، وَقالَ: ( حديث حسن ). ٤٥- وعن أنسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : كَانَ ابنٌ لأبي طَلْحَةَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ يَشتَكِي ، فَخَرَجَ أبُو طَلْحَةَ ، فَقُبِضَ الصَّبيُّ ، فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ ، قَالَ : مَا فَعَلَ ابْنِي ؟ قَالَتْ أمُّ سُلَيم وَهِيَ أمُّ الصَّبيِّ : هُوَ أَسْكَنُ مَا كَانَ ، فَقَرَّبَتْ إليه العَشَاءَ فَتَعَشَّى ، ثُمَّ أَصَابَ منْهَا ، فَلَمَّا فَرَغَ ، قَالَتْ : وَارُوا الصَّبيَّ فَلَمَّا أَصْبحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رسولَ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم فَأخْبَرَهُ ، فَقَالَ : ( أعَرَّسْتُمُ اللَّيلَةَ ؟ ) قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : ( اللّهمَّ بَارِكْ لَهُمَا ) ، فَوَلَدَتْ غُلاماً ، فَقَالَ لي أَبُو طَلْحَةَ : احْمِلْهُ حَتَّى تَأْتِيَ بِهِ النَّبيَّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، وَبَعَثَ مَعَهُ بِتَمَراتٍ ، فَقَالَ : ( أَمَعَهُ شَيءٌ ؟ ) قَالَ : نَعَمْ ، تَمَراتٌ ، فَأخَذَهَا النَّبيُّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم فَمَضَغَهَا ، ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْ فِيهِ فَجَعَلَهَا في فِيِّ الصَّبيِّ ، ثُمَّ حَنَّكَهُ وَسَمَّاهُ عَبدَ اللّه . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . وفي رواية للبُخَارِيِّ : قَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ : فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصارِ : فَرَأيْتُ تِسعَةَ أوْلادٍ كُلُّهُمْ قَدْ قَرَؤُوا القُرْآنَ ، يَعْنِي : مِنْ أوْلادِ عَبدِ اللّه المَولُودِ . وَفي رواية لمسلمٍ : مَاتَ ابنٌ لأبي طَلْحَةَ مِنْ أمِّ سُلَيمٍ ، فَقَالَتْ لأَهْلِهَا : لاَ تُحَدِّثُوا أَبَا طَلْحَةَ بابْنِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُحَدِّثُهُ، فَجَاءَ فَقَرَّبَتْ إِلَيْه عَشَاءً فَأَكَلَ وَشَرِبَ، ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ أَحْسَنَ مَا كَانَتْ تَصَنَّعُ قَبْلَ ذلِكَ ، فَوَقَعَ بِهَا . فَلَمَّا أَنْ رَأَتْ أَنَّهُ قَدْ شَبِعَ وأَصَابَ مِنْهَا ، قَالَتْ : يَا أَبَا طَلْحَةَ ، أَرَأَيتَ لو أنَّ قَوماً أعارُوا عَارِيَتَهُمْ أَهْلَ بَيتٍ فَطَلَبُوا عَارِيَتَهُمْ ، أَلَهُمْ أن يَمْنَعُوهُمْ ؟ قَالَ : لا ، فَ قَالَتْ : فَاحْتَسِبْ ابْنَكَ ، قَالَ : فَغَضِبَ ، ثُمَّ قَالَ : تَرَكْتِني حَتَّى إِذَا تَلطَّخْتُ ، ثُمَّ أخْبَرتني بِابْنِي ؟! فانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى رسولَ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم فَأخْبَرَهُ بِمَا كَانَ فَقَالَ رسولُ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم: ( بَارَكَ اللّه في لَيْلَتِكُمَا ) ، قَالَ : فَحَمَلَتْ . قَالَ : وَكانَ رسولُ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم في سَفَرٍ وَهيَ مَعَهُ ، وَكَانَ رسولُ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم إِذَا أَتَى المَدِينَةَ مِنْ سَفَرٍ لاَ يَطْرُقُهَا طُرُوقاً فَدَنَوا مِنَ المَدِينَة ، فَضَرَبَهَا المَخَاضُ ، فَاحْتَبَسَ عَلَيْهَا أَبُو طَلْحَةَ ، وانْطَلَقَ رسولُ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم . قَالَ : يَقُولَ أَبُو طَلْحَةَ : إنَّكَ لَتَعْلَمُ يَا رَبِّ أَنَّهُ يُعْجِبُنِي أنْ أخْرُجَ مَعَ رسولِ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم إِذَا خَرَجَ وَأَدْخُلَ مَعَهُ إِذَا دَخَلَ وَقَدِ احْتَبَسْتُ بِمَا تَرَى ، تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ : يَا أَبَا طَلْحَةَ ، مَا أَجِدُ الَّذِي كُنْتُ أجدُ انْطَلِقْ ، فَانْطَلَقْنَا وَضَرَبَهَا المَخَاضُ حِينَ قَدِمَا فَوَلدَت غُلامَاً . فَقَالَتْ لِي أمِّي : يَا أنَسُ ، لا يُرْضِعْهُ أحَدٌ حَتَّى تَغْدُو بِهِ عَلَى رسولِ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَلَمَّا أصْبَحَ احْتَمَلْتُهُ فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رسولِ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ..وَذَكَرَ تَمَامَ الحَدِيثِ . ٤٦- وعن أبي هريرةَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ أنّ رسولَ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، قَالَ : ( لَيْسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ ، إنَّمَا الشَدِيدُ الَّذِي يَملكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . ( وَالصُّرَعَةُ ) : بضَمِّ الصَّادِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وأَصْلُهُ عِنْدَ العَرَبِ مَنْ يَصْرَعُ النَّاسَ كَثيراً . ٤٧- وعن سُلَيْمَانَ بن صُرَدٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : كُنْتُ جالِساً مَعَ النَّبيّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، وَرَجُلانِ يَسْتَبَّانِ ، وَأَحَدُهُمَا قدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ ، وانْتَفَخَتْ أوْدَاجُهُ ، فَقَالَ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( إنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ ، لَوْ قَالَ : أعُوذ باللّه منَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ ، ذَهَبَ منْهُ مَا يَجِدُ ) . فَقَالُوا لَهُ : إنَّ النَّبيَّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، قَالَ : ( تَعَوّذْ باللّه مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . ٤٨- وعن معاذِ بنِ أَنسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُ : أنَّ النَّبيَّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، قَالَ : ( مَنْ كَظَمَ غَيظاً ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أنْ يُنْفِذَهُ ، دَعَاهُ اللّه سُبحَانَهُ وَتَعَالى عَلَى رُؤُوسِ الخَلائِقِ يَومَ القِيامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنَ الحُورِ العِينِ مَا شَاءَ ) رواه أَبو داود والترمذي ، وَقالَ : ( حديث حسن ) . ٤٩- وعن أبي هريرةَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ : أنَّ رَجُلاً قَالَ للنبي صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : أوصِني . قَالَ : ( لا تَغْضَبْ ) فَرَدَّدَ مِراراً ، قَالَ : ( لاَ تَغْضَبْ ) رواه البخاري . ٥٠- وعن أبي هريرة رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( مَا يَزَالُ البَلاَءُ بالمُؤمِنِ وَالمُؤْمِنَةِ في نفسِهِ ووَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللّه تَعَالَى وَمَا عَلَيهِ خَطِيئَةٌ ) رواه الترمذي ، وَقالَ : ( حديث حسن صحيح ) . ٥١- وعن ابْنِ عباسٍ رضي اللّه عنهما ، قَالَ : قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ ، فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أخِيهِ الحُرِّ بنِ قَيسٍ ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمرُ رَضِيَ اللّه عَنْهُ ، وَكَانَ القُرَّاءُ أصْحَابَ مَجْلِس عُمَرَ رَضِيَ اللّه عَنْهُ وَمُشاوَرَتِهِ كُهُولاً كانُوا أَوْ شُبَّاناً ، فَقَالَ عُيَيْنَةُ لابْنِ أخيهِ : يَا ابْنَ أخِي ، لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأمِيرِ فَاسْتَأذِنْ لِي عَلَيهِ ، فاسْتَأذَن فَأذِنَ لَهُ عُمَرُ . فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ : هِي يَا ابنَ الخَطَّابِ ، فَواللّه مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ وَلا تَحْكُمُ فِينَا بالعَدْلِ . فَغَضِبَ عُمَرُ رَضِيَ اللّه عَنْهُ حَتَّى هَمَّ أنْ يُوقِعَ بِهِ . فَقَالَ لَهُ الحُرُّ : يَا أميرَ المُؤْمِنينَ ، إنَّ اللّه تَعَالَى قَالَ لِنَبيِّهِ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }[ الأعراف : ١٩٨] وَإنَّ هَذَا مِنَ الجَاهِلِينَ ، واللّه مَا جَاوَزَهاَ عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا ، وكَانَ وَقَّافاً عِنْدَ كِتَابِ اللّه تَعَالَى . رواه البخاري . ٥٢- وعن ابن مسعود رَضِيَ اللّه عَنْهُ : أن رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم ، قَالَ : ( إنَّهَا سَتَكونُ بَعْدِي أثَرَةٌ وأُمُورٌ تُنْكِرُونَها ! ) قَالُوا : يَا رَسُول اللّه ، فَمَّا تَأْمُرُنا ؟ قَالَ : ( تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ ، وَتَسأَلُونَ اللّه الَّذِي لَكُمْ ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . ( وَالأَثَرَةُ ) : الانْفِرادُ بالشَّيءِ عَمنَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ . ٥٣- وعن أبي يحيى أُسَيْد بن حُضَير رَضِيَ اللّه عَنْهُ : أنَّ رَجُلاً مِنَ الأنْصارِ ، قَالَ : يَا رسولَ اللّه ، ألاَ تَسْتَعْمِلُني كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلاناً ، فَقَالَ : ( إنكُمْ سَتَلْقَونَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوني عَلَى الحَوْضِ ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . ( وَأُسَيْدٌ ) : بضم الهمزة . ( وحُضيْرٌ ) : بحاءٍ مهملة مضمومة وضاد معجمة مفتوحة ، واللّه أعلم . ٥٤- وعن أبي إبراهيم عبدِ اللّه بن أبي أوفى رضي اللّه عنهما : أنَّ رَسُول اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم في بعْضِ أيامِهِ التي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ ، انْتَظَرَ حَتَّى إِذَا مالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فيهمْ ، فَقَالَ : ( يَا أيُّهَا النَّاسُ ، لا تَتَمَنَّوا لِقَاءَ العَدُوِّ ، وَاسْأَلُوا اللّه العَافِيَةَ ، فَإِذَا لقيتُمُوهُمْ فَاصْبرُوا ، وَاعْلَمُوا أنّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيوفِ ) . ثُمَّ قَالَ النَّبيُّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وسَلَّم : ( اللّهمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ ، وَهَازِمَ الأحْزَابِ ، اهْزِمْهُمْ وَانصُرْنَا عَلَيْهمْ ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ، وباللّه التوفيق . |