١٤- باب فِى وَفَاةِ النَّبِىِّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- ٧٦ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ قَالَ الْعَبَّاسُ رَضِىَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : لأَعْلَمَنَّ مَا بَقَاءُ رَسُولِ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فِينَا ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَرَاهُمْ قَدْ آذَوْكَ وَآذَاكَ غُبَارُهُمْ ، فَلَوِ اتَّخَذْتَ عَرِيشاً تُكَلِّمُهُمْ مِنْهُ؟ فَقَالَ :( لاَ أَزَالُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ يَطَئُونَ عَقِبِى ، وَيُنَازِعُونِى رِدَائِى ، حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الَّذِى يُرِيحُنِى مِنْهُمْ ). قَالَ : فَعَلِمْتُ أَنَّ بَقَاءَهُ فِينَا قَلِيلٌ. ٧٧ - أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنِ الأَوْزَاعِىِّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَلِىٍّ قَالَ قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ نَحْجُبُكَ؟ قَالَ :( لاَ دَعُوهُمْ يَطَئُونَ عَقِبِى وَأَطَأُ أَعْقَابَهُمْ حَتَّى يُرِيحَنِى اللَّهُ مِنْهُمْ ). ٧٨ - أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِىٍّ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أُنَيْسِ بْنِ أَبِى يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ وَنَحْنُ فِى الْمَسْجِدِ عَاصِباً رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ حَتَّى أَهْوَى نَحْوَ الْمِنْبَرِ ، فَاسْتَوَى عَلَيْهِ وَاتَّبَعْنَاهُ قَالَ :( وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنِّى لأَنْظُرُ إِلَى الْحَوْضِ مِنْ مَقَامِى هَذَا ). ثُمَّ قَالَ :( إِنَّ عَبْداً عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا فَاخْتَارَ الآخِرَةَ ). قَالَ : فَلَمْ يَفْطِنْ لَهَا أَحَدٌ غَيْرُ أَبِى بَكْرٍ ، فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَبَكَى ثُمَّ قَالَ : بَلْ نَفْدِيكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَأَنْفُسِنَا وَأَمْوَالِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ : ثُمَّ هَبَطَ فَمَا قَامَ عَلَيْهِ حَتَّى السَّاعَةِ. ٧٩ - أَخْبَرَنَا خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِىِّ بْنِ عَدِىٍّ عَنْ عُبَيْدٍ مَوْلَى الْحَكَمِ بْنِ أَبِى الْعَاصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِى مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- :( إِنِّى قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأَهْلِ الْبَقِيعِ ، فَانْطَلِقْ مَعِى ). فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فِى جَوْفِ اللَّيْلِ ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِمْ قَالَ :( السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْمَقَابِرِ لِيَهْنِكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ مِمَّا أَصْبَحَ فِيهِ النَّاسُ ، أَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يَتْبَعُ آخِرُهَا أَوَّلَهَا ، الآخِرَةُ أَشَدُّ مِنَ الأُولَى ). ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَىَّ فَقَالَ :( يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّى قَدْ أُوتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الدُّنْيَا وَالْخُلْدِ فِيهَا ثُمَّ الْجَنَّةُ ، فَخُيِّرْتُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّى ). قُلْتُ : بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى خُذْ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا وَالْخُلْدِ فِيهَا ثُمَّ الْجَنَّةَ. قَالَ :( لاَ وَاللَّهِ يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ لَقَدِ اخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّى ). ثُمَّ اسْتَغْفَرَ لأَهْلِ الْبَقِيعِ ثُمَّ انْصَرَفَ ، فَبُدِئَ رَسُولُ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فِى وَجَعِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ. ٨٠ - أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ عَنْ هِلاَلِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ } دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فَاطِمَةَ فَقَالَ :( قَدْ نُعِيَتْ إِلَىَّ نَفْسِى ). فَبَكَتْ فَقَالَ :( لاَ تَبْكِى ، فَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِى لاَحِقٌ بِى ). فَضَحِكَتْ فَرَآهَا بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِىِّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فَقُلْنَ : يَا فَاطِمَةُ رَأَيْنَاكِ بَكَيْتِ ثُمَّ ضَحِكْتِ . قَالَتْ : إِنَّهُ أَخْبَرَنِى أَنَّهُ قَدْ نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ فَبَكَيْتُ ، فَقَالَ لِى :( لاَ تَبْكِى ، فَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِى لاَحِقٌ بِى ). فَضَحِكْتُ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- :( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَجَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً ، وَالإِيمَانُ يَمَانٍ ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ ). ٨١ - أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : رَجَعَ إِلَىَّ النَّبِىُّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ جَنَازَةٍ مِنَ الْبَقِيعِ فَوَجَدَنِى وَأَنَا أَجِدُ صُدَاعاً وَأَنَا أَقُولُ : وَارَأْسَاهُ. قَالَ :( بَلْ أَنَا يَا عَائِشَةُ وَارَأْسَاهُ - قَالَ - وَمَا ضَرَّكِ لَوْ مُتِّ قَبْلِى فَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ ، وَصَلَّيْتُ عَلَيْكِ وَدَفَنْتُكِ ). فَقُلْتُ : لَكَأَنِّى بِكَ وَاللَّهِ لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَرَجَعْتَ إِلَى بَيْتِى فَعَرَّسْتَ فِيهِ بِبَعْضِ نِسَائِكَ - قَالَتْ - فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- ثُمَّ بُدِئَ فِى وَجَعِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ. ٨٢ - أَخْبَرَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُخْتَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ النَّبِىُّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فِى مَرَضِهِ :( صُبُّوا عَلَىَّ سَبْعَ قِرَبٍ مِنْ سَبْعِ آبَارٍ شَتَّى حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى النَّاسِ فَأَعْهَدَ إِلَيْهِمْ ). قَالَتْ : فَأَقْعَدْنَاهُ فِى مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ فَصَبَبْنَا عَلَيْهِ الْمَاءَ صَبًّا أَوْ شَنَنَّا عَلَيْهِ شَنًّا - الشَّكُ مِنْ قِبَلِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ - فَوَجَدَ رَاحَةً فَخَرَجَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَاسْتَغْفَرَ لِلشُّهَدَاءِ مِنْ أَصْحَابِ أُحُدٍ وَدَعَا لَهُمْ ، ثُمَّ قَالَ :( أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الأَنْصَارَ عَيْبَتِى الَّتِى أَوَيْتُ إِلَيْهَا ، فَأَكْرِمُوا كَرِيمَهُمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ إِلاَّ فِى حَدٍّ ، أَلاَ إِنَّ عَبْداً مِنْ عِبَادِ اللَّهِ قَدْ خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَ اللَّهِ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ ). فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَظَنَّ أَنَّهُ يَعْنِى نَفْسَهُ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- :( عَلَى رِسْلِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ، سُدُّوا هَذِهِ الأَبْوَابَ الشَّوَارِعَ إِلَى الْمَسْجِدِ إِلاَّ بَابَ أَبِى بَكْرٍ ، فَإِنِّى لاَ أَعْلَمُ امْرَأً أَفْضَلَ عِنْدِى يَداً فِى الصُّحْبَةِ مِنْ أَبِى بَكْرٍ ). ٨٣ - أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : أُوذِنَ رَسُولُ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- بِالصَّلاَةِ فِى مَرَضِهِ ، فَقَالَ :( مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّى بِالنَّاسِ ). ثُمَّ أُغْمِىَ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا سُرِّىَ عَنْهُ قَالَ :( هَلْ أَمَرْتُنَّ أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّى بِالنَّاسِ ). فَقُلْتُ : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ ، فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ ؟ فَقَالَ :( أَنْتُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّى بِالنَّاسِ ، فَرُبَّ قَائِلٍ مُتَمَنٍّ ، وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ). ٨٤ - أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- يَوْمَ الاِثْنَيْنِ ، فَحُبِسَ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ وَالْغَدَ حَتَّى دُفِنَ لَيْلَةَ الأَرْبِعَاءِ ، وَقَالُوا : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- لَمْ يَمُتْ وَلَكِنْ عُرِجَ بِرُوحِهِ كَمَا عُرِجَ بِرُوحِ مُوسَى ، فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- لَمْ يَمُتْ ، وَلَكِنْ عُرِجَ بِرُوحِهِ كَمَا عُرِجَ بِرُوحِ مُوسَى ، وَاللَّهِ لاَ يَمُوتُ رَسُولُ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- حَتَّى يَقْطَعَ أَيْدِىَ أَقْوَامٍ وَأَلْسِنَتَهُمْ. فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ حَتَّى أَزْبَدَ شِدْقَاهُ مِمَّا يُوعِدُ وَيَقُولُ ، فَقَامَ الْعَبَّاسُ فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -ص-- قَدْ مَاتَ وَإِنَّهُ لَبَشَرٌ ، وَإِنَّهُ يَأْسُنُ كَمَا يَأْسُنُ الْبَشَرُ أَىْ قَوْمِ ، فَادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ فَإِنَّهُ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ يُمِيتَهُ إِمَاتَتَيْنِ ، أَيُمِيتُ أَحَدَكُمْ إِمَاتَةً وَيُمِيتُهُ إِمَاتَتَيْنِ وَهُوَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ؟ أَىْ قَوْمِ فَادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ ، فَإِنْ يَكُ كَمَا تَقُولُونَ فَلَيْسَ بِعَزِيزٍ عَلَى اللَّهِ أَنْ يَبْحَثَ عَنْهُ التُّرَابَ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- وَاللَّهِ مَا مَاتَ حَتَّى تَرَكَ السَّبِيلَ نَهْجاً وَاضِحاً ، فَأَحَلَّ الْحَلاَلَ وَحَرَّمَ الْحَرَامَ ، وَنَكَحَ وَطَلَّقَ وَحَارَبَ وَسَالَمَ ، مَا كَانَ رَاعِى غَنَمٍ يَتْبَعُ بِهَا صَاحِبُهَا رُءُوسَ الْجِبَالِ يَخْبِطُ عَلَيْهَا الْعِضَاهَ بِمِخْبَطِهِ وَيَمْدُرُ حَوْضَهَا بِيَدِهِ بِأَنْصَبَ وَلاَ أَدْأَبَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- كَانَ فِيكُمْ ، أَىْ قَوْمِ فَادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ. قَالَ : وَجَعَلَتْ أُمُّ أَيْمَنَ تَبْكِى فَقِيلَ لَهَا يَا أُمَّ أَيْمَنَ تَبْكِى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم-؟ قَالَتْ : إِنِّى وَاللَّهِ مَا أَبْكِى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- أَنْ لاَ أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا ، وَلَكِنِّى أَبْكِى عَلَى خَبَرِ السَّمَاءِ انْقَطَعَ. قَالَ حَمَّادٌ : خَنَقَتِ الْعَبْرَةُ أَيُّوبَ حِينَ بَلَغَ هَا هُنَا. ٨٥ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِىُّ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ - هُوَ ابْنُ إِسْحَاقَ - حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ حَدَّثَنِى يَعِيشُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنِى مَكْحُولٌ أَنَّ النَّبِىَّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قَالَ :( إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ فَلْيَذْكُرْ مُصِيبَتَهُ بِى ، فَإِنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ ). ٨٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا فِطْرٌ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- :( إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ فَلْيَذْكُرْ مُصَابَهُ بِى ، فَإِنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ ). ٨٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِى خَلَفٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : مَا سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَذْكُرُ النَّبِىَّ قَطُّ إِلاَّ بَكَى. ٨٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ فَاطِمَةَ قَالَتْ : يَا أَنَسُ كَيْفَ طَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- التُّرَابَ؟ وَقَالَتْ : يَا أَبَتَاهُ مِنْ رَبِّهِ مَا أَدْنَاهُ ، وَاأَبَتَاهُ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ ، وَاأَبَتَاهُ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهُ ، وَاأَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ. قَالَ حَمَّادٌ : حِينَ حَدَّثَ ثَابِتٌ بَكَى. وَقَالَ ثَابِتٌ : حِينَ حَدَّثَ بِهِ أَنَسٌ بَكَى. ٨٩ - حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ وَذَكَرَ النَّبِىَّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قَالَ : شَهِدْتُهُ يَوْمَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ ، فَمَا رَأَيْتُ يَوْماً قَطُّ كَانَ أَحْسَنَ وَلاَ أَضْوَأَ مِنْ يَوْمٍ دَخَلَ عَلَيْنَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- ، وَشَهِدْتُهُ يَوْمَ مَوْتِهِ ، فَمَا رَأَيْتُ يَوْماً كَانَ أَقْبَحَ وَلاَ أَظْلَمَ مِنْ يَوْمٍ مَاتَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم-. ٩٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِى عَبْدِ الْجَلِيلِ عَنْ أَبِى حَرِيزٍ الأَزْدِىِّ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ لِلنَّبِىِّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَجِدُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَائِماً عِنْدَ رَبِّكَ وَأَنْتَ مُحْمَارَّةٌ وَجْنَتَاكَ مُسْتَحْىٍ مِنْ رَبِّكَ مِمَّا أَحْدَثَتْ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ. ٩١ - أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ شُرَيْحٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ الْقُرَشِىِّ عَنْ أَبِى قُرَّةَ مَوْلَى أَبِى جَهْلٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- إِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ لَمَّا أُنْزِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِى دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً } قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- :( لَيَخْرُجُنَّ مِنْهُ أَفْوَاجاً كَمَا دَخَلُوهُ أَفْوَاجاً ). ٩٢ - أَخْبَرَنِى أَبُو بَكْرٍ الْمِصْرِىُّ عَنْ سُلَيْمَانَ أَبِى أَيُّوبَ الْخُزَاعِىِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأُمَوِىِّ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ الْمَكِّىِّ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ : دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَهْتَمِ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَعَ الْعَامَّةِ فَلَمْ يُفْجَأْ عُمَرُ إِلاَّ وَهُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ يَتَكَلَّمُ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ غَنِيًّا عَنْ طَاعَتِهِمْ آمِناً لِمَعْصِيَتِهِمْ وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ فِى الْمَنَازِلِ وَالرَّأْىِ مُخْتَلِفُونَ ، فَالْعَرَبُ بِشَرِّ تِلْكَ الْمَنَازِلِ أَهْلُ الْحَجَرِ وَأَهْلُ الْوَبَرِ وَأَهْلُ الدَّبَرِ يُحْتَازُ دُونَهُمْ طَيِّبَاتُ الدُّنْيَا وَرَخَاءُ عَيْشِهَا ، لاَ يَسْأَلُونَ اللَّهَ جَمَاعَةً ، وَلاَ يَتْلُونَ لَهُ كِتَاباً ، مَيِّتُهُمْ فِى النَّارِ وَحَيُّهُمْ أَعْمَى نَجِسٌ مَعَ مَا لاَ يُحْصَى مِنَ الْمَرْغُوبِ عَنْهُ وَالْمَزْهُودِ فِيهِ ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَنْشُرَ عَلَيْهِمْ رَحْمَتَهُ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ { عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، فَلَمْ يَمْنَعْهُمْ ذَلِكَ أَنْ جَرَحُوهُ فِى جِسْمِهِ وَلَقَّبُوهُ فِى اسْمِهِ ، وَمَعَهُ كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ نَاطِقٌ ، لاَ يُقَدَّمُ إِلاَّ بِأَمْرِهِ ، وَلاَ يُرْحَلُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ، فَلَمَّا أُمِرَ بِالْعَزْمَةِ ، وَحُمِلَ عَلَى الْجِهَادِ ، انْبَسَطَ لأَمْرِ اللَّهِ لَوَثُهُ ، فَأَفْلَجَ اللَّهُ حُجَّتَهُ ، وَأَجَازَ كَلِمَتَهُ ، وَأَظْهَرَ دَعْوَتَهُ ، وَفَارَقَ الدُّنْيَا تَقِيًّا نَقِيًّا ، ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ فَسَلَكَ سُنَّتَهُ وَأَخَذَ سَبِيلَهُ ، وَارْتَدَّتِ الْعَرَبُ أَوْ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُمْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلّى اللّه عليه وسلّم- إِلاَّ الَّذِى كَانَ قَابِلاً ، انْتَزَعَ السُّيُوفَ مِنْ أَغْمَادِهَا ، وَأَوْقَدَ النِّيرَانَ فِى شُعُلِهَا ، ثُمَّ رَكِبَ بِأَهْلِ الْحَقِّ أَهْلَ الْبَاطِلِ ، فَلَمْ يَبْرَحْ يُقَطِّعُ أَوْصَالَهُمْ ، وَيَسْقِى الأَرْضَ دِمَاءَهُمْ ، حَتَّى أَدْخَلَهُمْ فِى الَّذِى خَرَجُوا مِنْهُ ، وَقَرَّرَهُمْ بِالَّذِى نَفَرُوا عَنْهُ ، وَقَدْ كَانَ أَصَابَ مِنْ مَالِ اللَّهِ بَكْراً يَرْتَوِى عَلَيْهِ وَحَبَشِيَّةً أَرْضَعَتْ وَلَداً لَهُ ، فَرَأَى ذَلِكَ عِنْدَ مَوْتِهِ غُصَّةً فِى حَلْقِهِ فَأَدَّى ذَلِكَ إِلَى الْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِهِ ، وَفَارَقَ الدُّنْيَا تَقِيًّا نَقِيًّا عَلَى مِنْهَاجِ صَاحِبِهِ ، ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَمَصَّرَ الأَمْصَارَ ، وَخَلَطَ الشِّدَّةَ بِاللِّينِ ، وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ وَشَمَّرَ عَنْ سَاقَيْهِ ، وَأَعَدَّ لِلأُمُورِ أَقْرَانَهَا وَلِلْحَرْبِ آلَتَهَا ، فَلَمَّا أَصَابَهُ قَيْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَمَرَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَسْأَلُ النَّاسَ هَلْ يُثْبِتُونَ قَاتِلَهُ؟ فَلَمَّا قِيلَ قَيْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ اسْتَهَلَّ يَحْمَدُ رَبَّهُ أَنْ لاَ يَكُونَ أَصَابَهُ ذُو حَقٍّ فِى الْفَىْءِ ، فَيَحْتَجَّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ إِنَّمَا اسْتَحَلَّ دَمَهُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ حَقِّهِ ، وَقَدْ كَانَ أَصَابَ مِنْ مَالِ اللَّهِ بِضْعَةً وَثَمَانِينَ أَلْفاً فَكَسَرَ لَهَا رِبَاعَهُ وَكَرِهَ بِهَا كَفَالَةَ أَوْلاَدِهِ ، فَأَدَّاهَا إِلَى الْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِهِ ، وَفَارَقَ الدُّنْيَا تَقِيًّا نَقِيًّا عَلَى مِنْهَاجِ صَاحِبَيْهِ ، ثُمَّ يَا عُمَرُ إِنَّكَ بُنَىُّ الدُّنْيَا وَلَدَتْكَ مُلُوكُهَا ، وَأَلْقَمَتْكَ ثَدْيَيْهَا وَنَبَتَّ فِيهَا تَلْتَمِسُهَا مَظَانَّهَا ، فَلَمَّا وُلِّيتَهَا أَلْقَيْتَهَا حَيْثُ أَلْقَاهَا اللَّهُ ، هَجَرْتَهَا وَجَفَوْتَهَا ، وَقَذَرْتَهَا إِلاَّ مَا تَزَوَّدْتَ مِنْهَا ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى جَلاَ بِكَ حَوْبَتَنَا وَكَشَفَ بِكَ كُرْبَتَنَا ، فَامْضِ وَلاَ تَلْتَفِتْ ، فَإِنَّهُ لاَ يَعِزُّ عَلَى الْحَقِّ شَىْءٌ ، وَلاَ يَذِلُّ عَلَى الْبَاطِلِ شَىْءٌ ، أَقُولُ قَوْلِى هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِى وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ. قَالَ أَبُو أَيُّوبَ : فَكَانَ عُمُرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ فِى الشَّىْءِ قَالَ لِىَ ابْنُ الأَهْتَمِ : امْضِ وَلاَ تَلْتَفِتْ. |