١٣ - باب الْوَصِيَّةِ فِي الْمُكَاتَبِ ٢٣٦٢ - قَالَ مَالِكٌ : إِنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعْتُ فِي الْمُكَاتَبِ يُعْتِقُهُ سَيِّدُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ : أَنَّ الْمُكَاتَبَ يُقَامُ عَلَى هَيْئَتِهِ تِلْكَ، الَّتِي لَوْ بِيعَ كَانَ ذَلِكَ الثَّمَنَ الَّذِي يَبْلُغُ، فَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ وُضِعَ ذَلِكَ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ، وَلَمْ يُنْظَرْ إِلَى عَدَدِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قُتِلَ لَمْ يَغْرَمْ قَاتِلُهُ إِلاَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَتْلِهِ, وَلَوْ جُرِحَ لَمْ يَغْرَمْ جَارِحُهُ إِلاَّ دِيَةَ جَرْحِهِ يَوْمَ جَرَحَهُ، وَلاَ يُنْظَرُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَى مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، لأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لَمْ يُحْسَبْ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ إِلاَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا تَرَكَ الْمَيِّتُ لَهُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ، فَصَارَتْ وَصِيَّةً أَوْصَى بِهَا. قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ : أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْ كِتَابَتِهِ إِلاَّ مِئَةُ دِرْهَمٍ، فَأَوْصَى سَيِّدُهُ لَهُ بِالْمِئَةِ دِرْهَمٍ الَّتِى بَقِيَتْ عَلَيْهِ، حُسِبَتْ لَهُ فِي ثُلُثِ سَيِّدِهِ، فَصَارَ حُرًّا بِهَا. ٢٣٦٣ - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْدَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ، إِنَّهُ يُقَوَّمُ عَبْداً، فَإِنْ كَانَ فِي ثُلُثِهِ سَعَةٌ لِثَمَنِ الْعَبْدِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ. قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَ دِينَارٍ، فَيُكَاتِبُهُ سَيِّدُهُ عَلَى مِئَتَىْ دِينَارٍ عِنْدَ مَوْتِهِ، فَيَكُونُ ثُلُثُ مَالِ سَيِّدِهِ أَلْفَ دِينَارٍ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ، وَإِنَّمَا هِيَ وَصِيَّةٌ أَوْصَى لَهُ بِهَا فِي ثُلُثِهِ، فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ قَدْ أَوْصَى لِقَوْمٍ بِوَصَايَا، وَلَيْسَ فِي الثُّلُثِ فَضْلٌ عَنْ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ، بُدِئَ بِالْمُكَاتَبِ لأَنَّ الْكِتَابَةَ عَتَاقَةٌ، وَالْعَتَاقَةُ تُبَدَّأُ عَلَى الْوَصَايَا، ثُمَّ تُجْعَلُ تِلْكَ الْوَصَايَا فِي كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ، يَتْبَعُونَهُ بِهَا، وَيُخَيَّرُ وَرَثَةُ الْمُوصِي، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ يُعْطُوا أَهْلَ الْوَصَايَا وَصَايَاهُمْ كَامِلَةً، وَتَكُونُ كِتَابَةُ الْمُكَاتَبِ لَهُمْ فَذَلِكَ لَهُمْ، وَإِنْ أَبَوْا وَأَسْلَمُوا الْمُكَاتَبَ وَمَا عَلَيْهِ إِلَى أَهْلِ الْوَصَايَا فَذَلِكَ لَهُمْ، لأَنَّ الثُّلُثَ صَارَ فِي الْمُكَاتَبِ، وَلأَنَّ كُلَّ وَصِيَّةٍ أَوْصَى بِهَا أَحَدٌ، فَقَالَ الْوَرَثَةُ: الَّذِي أَوْصَى بِهِ صَاحِبُنَا أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَقَدْ أَخَذَ مَا لَيْسَ لَهُ. قَالَ : فَإِنَّ وَرَثَتُهُ يُخَيَّرُونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ : قَدْ أَوْصَى صَاحِبُكُمْ بِمَا قَدْ عَلِمْتُمْ، فَإِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ تُنَفِّذُوا ذَلِكَ لأَهْلِهِ عَلَى مَا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ، وَإِلاَّ فَأَسْلِمُوا أَهْلَ الْوَصَايَا ثُلُثَ مَالِ الْمَيِّتِ كُلَّهِ. قَالَ : فَإِنْ أَسْلَمَ الْوَرَثَةُ الْمُكَاتَبَ إِلَى أَهْلِ الْوَصَايَا، كَانَ لأَهْلِ الْوَصَايَا مَا عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ، أَخَذُوا ذَلِكَ فِي وَصَايَاهُمْ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ، وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ، كَانَ عَبْداً لأَهْلِ الْوَصَايَا، لاَ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِ الْمِيرَاثِ، لأَنَّهُمْ تَرَكُوهُ حِينَ خُيِّرُوا، وَلأَنَّ أَهْلَ الْوَصَايَا حِينَ أُسْلِمَ إِلَيْهِمْ ضَمِنُوهُ، فَلَوْ مَاتَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَى الْوَرَثَةِ شَيْءٌ، وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ كِتَابَتَهُ، وَتَرَكَ مَالاً هُوَ أَكْثَرُ مِمَّا عَلَيْهِ، فَمَالُهُ لأَهْلِ الْوَصَايَا، وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ مَا عَلَيْهِ عَتَقَ، وَرَجَعَ وَلاَؤُهُ إِلَى عَصَبَةِ الَّذِي عَقَدَ كِتَابَتَهُ. ٢٣٦٤ - قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ عَشَرَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَيَضَعُ عَنْهُ عِنْدَ مَوْتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ. قَالَ مَالِكٌ : يُقَوَّمُ الْمُكَاتَبُ فَيُنْظَرُ كَمْ قِيمَتُهُ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَالَّذِي وُضِعَ عَنْهُ عُشْرُ الْكِتَابَةِ، وَذَلِكَ فِي الْقِيمَةِ مِيئَةُ دِرْهَمٍ، وَهُوَ عُشْرُ الْقِيمَةِ، فَيُوضَعُ عَنْهُ عُشْرُ الْكِتَابَةِ، فَيَصِيرُ ذَلِكَ إِلَى عُشْرِ الْقِيمَةِ نَقْداً، وَإِنَّمَا ذَلِكَ كَهَيْئَتِهِ لَوْ وُضِعَ عَنْهُ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُحْسَبْ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ، إِلاَّ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي وُضِعَ عَنْهُ نِصْفُ الْكِتَابَةِ حُسِبَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ نِصْفُ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ، فَهُوَ عَلَى هَذَا الْحِسَابِ. ٢٣٦٥ - قَالَ مَالِكٌ : إِذَا وَضَعَ الرَّجُلُ عَنْ مُكَاتَبِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ عَشَرَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يُسَمِّ أَنَّهَا مِنْ أَوَّلِ كِتَابَتِهِ أَوْ مِنْ آخِرِهَا، وُضِعَ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ عُشْرُهُ. ٢٣٦٦ - قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا وَضَعَ الرَّجُلُ عَنْ مُكَاتَبِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ أَوَّلِ كِتَابَتِهِ أَوْ مِنْ آخِرِهَا، وَكَانَ أَصْلُ الْكِتَابَةِ عَلَى ثَلاَثَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، قُوِّمَ الْمُكَاتَبُ قِيمَةَ النَّقْدِ، ثُمَّ قُسِمَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ فَجُعِلَ لِتِلْكَ الأَلْفِ الَّتِي مِنْ أَوَّلِ الْكِتَابَةِ حِصَّتُهَا مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ، بِقَدْرِ قُرْبِهَا مِنَ الأَجَلِ وَفَضْلِهَا، ثُمَّ الأَلْفُ الَّتِي تَلِي الأَلْفَ الأُولَى بِقَدْرِ فَضْلِهَا أَيْضاً، ثُمَّ الأَلْفُ الَّتِي تَلِيهَا بِقَدْرِ فَضْلِهَا أَيْضاً، حَتَّى يُؤْتَى عَلَى آخِرِهَا، تَفْضُلُ كُلُّ أَلْفٍ بِقَدْرِ مَوْضِعِهَا فِي تَعْجِيلِ الأَجَلِ وَتَأْخِيرِهِ، لأَنَّ مَا اسْتَأْخَرَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ أَقَلَّ فِي الْقِيمَةِ، ثُمَّ يُوضَعُ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ قَدْرُ مَا أَصَابَ تِلْكَ الأَلْفَ مِنَ الْقِيمَةِ، عَلَى تَفَاضُلِ ذَلِكَ، إِنْ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، فَهُوَ عَلَى هَذَا الْحِسَابِ. ٢٣٦٧ - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِرُبُعِ مُكَاتَبٍ لَهُ، وأَعْتَقَ رُبُعَهُ فَهَلَكَ الرَّجُلُ، ثُمَّ هَلَكَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالاً كَثِيراً، أَكْثَرَ مِمَّا بَقِىَ عَلَيْهِ. قَالَ مَالِكٌ : يُعْطَي وَرَثَةُ السَّيِّدِ وَالَّذِي أَوْصَى لَهُ بِرُبُعِ الْمُكَاتَبِ مَا بَقِيَ لَهُمْ عَلَى الْمُكَاتَبِ، ثُمَّ يَقْتَسِمُونَ مَا فَضَلَ، فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِرُبُعِ الْمُكَاتَبِ ثُلُثُ مَا فَضَلَ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ, وَلِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ الثُّلُثَانِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ، فَإِنَّمَا يُورَثُ بِالرِّقِّ. ٢٣٦٨ - قَالَ مَالِكٌ فِي مُكَاتَبٍ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ. قَالَ : إِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ ثُلُثُ الْمَيِّتِ، عَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ، وَيُوضَعُ عَنْهُ مِنَ الْكِتَابَةِ قَدْرُ ذَلِكَ، إِنْ كَانَ عَلَى الْمُكَاتَبِ خَمْسَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَكَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ نَقْداً، وَيَكُونُ ثُلُثُ الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، عَتَقَ نِصْفُهُ، وَيُوضَعُ عَنْهُ شَطْرُ الْكِتَابَةِ. ٢٣٦٩ - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ : غُلاَمِي فُلاَنٌ حُرٌّ، وَكَاتِبُوا فُلاَناً : تُبَدَّأُ الْعَتَاقَةُ عَلَى الْكِتَابَةِ. |