سُورَةُ فُصِّلَتْ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ أَرْبَعٌ وَخَمْسُونَ آيَةً

مكية وآياتها  آية

 بسم اللّه الرحمن الرحيم سورة فصلت وهي مكية

١

  من ذلك قوله جل وعز { حم تنزيل من الرحمن الرحيم } آية    

٣

 الخبر عند البصريين { كتاب فصلت آياته } آية 

 وقال بعض الكوفيين هذا كتاب { فصلت آياته } أي أنزلت متفرقة

 وقال الحسن فصلت بالوعيد

 وقال مجاهد { فصلت } فسرت

 وقال قتادة بين حلالها وحرامها والطاعة والمعصية

 ثم قال جل وعز { قرآنا عربيا لقوم يعلمون } آية 

 { قرآنا عربيا } أي في حال الإجتماع

 { لقوم يعلمون } أي لمن يعلم العربية

٤

 { بشيرا ونذيرا } نعت للقرآن

٥

 وقوله جل وعز { وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه } آية 

 أي في أغطية أي ليست تعي ما تقول

 والوقر الصمم

 ثم قال جل وعز { ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون } آية  { حجاب } أي حاجز

 وهو يزيد على معنى { قلوبنا في أكنة } لأن معنى { قلوبنا في أكنة } أي ليس نجيبك إلى شيء مما تدعونا إليه

 ثم قال { فاعمل إننا عاملون } أي فاعمل في هلاكنا فإنا عاملون على مثل ذلك

 ويجوز أن يكون المعنى فاعمل بدينك فإننا عاملون بديننا

٦

 وقوله جل وعز { وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة } آية 

 قيل أي لا يؤمنون

وقال قتادة الزكاة فطرة الإسلام فمن أداها برىء ونجا ومن لم يؤدها هلك

٨

 وقوله جل وعز { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون } آية 

 قال مجاهد أي غير محسوب

 قال أبو جعفر يقال مننت الشيء فهو ممنون ومنين إذا قطعته كما قال

  فترى خلفها من الرجع والوقع  منينا كأنه أهباء 

 يعني بالمنين الغبار المنقطع الضعيف

 ويجوز أن يكون المنون يمن به

٩

 وقوله جل وعز { قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين } آية

 روى سفيان عن أبي سعيد عن عكرمة عن ابن عباس وابن أبي ذيب عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن عبد اللّه بن سلام قالا وهذا معنى قولهما ابتدأ اللّه جل وعز بخلق الأرضين يوم الأحد فخلق سبع أرضين في يوم الأحد ويوم الاثنين

١٠

 ثم { وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها } أرسى الجبال وشق الأنهار وغرس الأشجار وجعل المنافع في يومين يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء

١١

{ ثم استوى إلى السماء } فخلقها سبع سموات في يوم الخميس ويوم الجمعة

 قال ابن عباس ولذلك سميت يوم الجمعة لأنه اجتمع فيها الخلق

 قال عبد اللّه بن سلام قضاهن سبع سموات في آخر ساعة من يوم الجم

 ثم خلق فيها آدم على عجل وهي الساعة التي تقوم فيها القيامة

 قال أبو جعفر معنى { وبارك فيها } على قولهما شق أنهارها وغرس أشجارها

 وقيل معنى { وبارك فيها } أكثر فيها من الأوقات

 وقيل معناه كما يقال باركت عليه أي قلت بورك فيك

  قال عكرمة في قوله تعالى { وقدر فيها أقواتها } آية   

 جعل اليماني باليمن والسابري بسابور

 قال أبو جعفر فالمعنى على هذا جعل فيها ما يتعايش به ويتجر فيه

 وقيل { أقواتها } ما يتقوت ويؤكل

 وقول ابن عباس وابن سلام يحتمل المعنيين واللّه أعلم

 ثم قال جل وعز { في أربعة أيام سواء للسائلين } آية   

 المعنى في تتمة أربعة أيام

 { سواء } أي استوت استواء

 وقال الفراء هو متعلق بقوله { وقدر فيها أقواتها } سواء

 وقرأالحسن { سواء } بالخفض أي في أربعة أيام مستوية تامة

 وبالإسناد الأول عن ابن عباس في قوله تعالى { للسائلين } قال من سألك فقال لك في كم خلق اللّه السموت والأرض فقل

له في هذا

 قال أبو جعفر فالمعنى على هذا القول جوابا للسائلين

 وفيه قول آخر وهو أن المعنى وقدر فيها أقواتها للسائلين أي للمحتاجين أي لمن سأل لأن الناس يسألون أقواتهم وهذا مذهب ابن زيد قال قدر ذلك ى قدر مسائلهم علم ذلك

  وقوله جل وعز

 ثم استوى إلى السماء } آية    

 دل على أن خلق السماء بعد خلق الأرض وقد قال في موضع آخر { والأرض بعد ذلك دحاها }

 ففي هذا أجوبة

 روى هارون بن عنترة عن أبيه عن ابن عباس قال خلق اللّه الأرض أ

 ثم خلق السم

 ثم دحا الأرض والماء بعد

ذلك قال دحا أي بسط

 وقيل المع

 ثم أخبركم بهذا كما قال جل وعز

 ثم كان من الذين آمنوا } وهو في القرآن كثير

 وقيل

 ثم } ههنا بمعنى الواو وهذا لا يصح ولا يجوز

 والجوابان حسنان جيدان

  وقوله جل وعز { فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين } آية    

 في هذا أجوبة

أ منهما أن اللّه جل وعز جعل فيهما ما يميزان ويجيبان عما قيل لهما ب وقال محمد بن يزيد هذا إخبار عن الهيئة أي صارتا في هيئة من قال أي هو كما قال امتلأ الحوض وقال قطني

 أي حسبي أي صار في هيئة من يقول

 وقيل أخبرنا اللّه عز وجل بما نعرف من سرعة الإجابة وقد علمنا أنه ليس شيء اسرع من أن يقال للإنسان افعل فيقول قد فعلت

 فاخبر اللّه جل وعز عن إجابة السموات والأرض إلى أمره جل وعز

 فأما قوله تعالى { طائعين } ولم يقل طائعات فقال فيه الفراء معناه أتينا بمن فينا طائعين

 قال أبو جعفر الأحسن في هذا وهو مذهب جله النحويين أنه جل وعز لما أخبر عنها بأفعال ما يعقل جاء فيها بما يكون لمن يعقل كما في قوله تعالى { والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين } فأما الكسائي فأجاز في كل شيء أن يجمع بالواو والنون والياء والنون وهذا لا يعرج عليه

١٢

  وقوله جل وعز { فقضاهن سبع سماوات في يومين } آية   

 { فقضاهن } أي أحكمهن كما قال الشاعر

  وعليهما مسرودتان قضاهما  داود أو صنع السوابغ تبع 

 وقوله جل وعز { وأوحى في كل سماء أمرها } آية  

 روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال ما أمر وما أراده

 وروى سعيد عن قتادة قال خلق شمسها وقمرها ونجومها وأفلاكها

 قال أبو جعفر القولان متقاربان وكأن المعنى واللّه أعلم وأوحى في كل سماء إلى الملائكة بما أراد من أمرها

 ثم قال جل وعز { وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا } آية   

 أي وحفظناها حفظا من الشياطين بالكواكب

 والمعنى ائنكم لتكفرون بمن هذه قدرته وتجعلون له أمثالا

مما تنحتون بأيديكم

١٣

 ثم قال جل وعز { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود } آية   

١٤

 أي فإن أعرضوا عن التوحيد وما جئت به { فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود } أي انذرتكم أن ينزل بكم عذاب كما نزل بهم { إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم } يعني من جاء قبلهم كما قال تعالى { مصدقا لما بين يديه }

 ثم قال { ومن خلفهم } فيه قولان

 أحدهما  أن المعنى ومن بعد كونهم

 والقول الاخر أن يكون الضمير يعود على الرسل

١٦

  وقوله جل وعز { فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا } آية   

 روى ابن ابي نجيح عن مجاهد قال شديدة السموم

 وروى معمر عن قتادة قال باردة

 قال أبو جعفر قول قتادة ابين وكذا قال عطاء لأن { صرصرا } مأخوذ من صر والصر في كلام العرب البرد كما قال الشاعر

  لها غدر كقرون النساء  ركبن في يوم ريح وصر 

 وليس القولان بمتناقضين لأنه يروى أنها كانت ريحا باردة

تحرق كما تحرق النار

 وقد قال أبو عبيدة { صرصر } شديدة الصوت عاصف

 وقد روي عن مجاهد شديدة الشؤم

 ثم قال جل وعز { في أيام نحسات } آية   

 قال مجاهد أي مشائيم

 وقال قتادة مشئومات نكدات

١٧

 وقوله جل وعز { وأ

 ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى } آية  

 روى علي بن ابي طلحة عن ابن عباس قال بينا لهم

 قال ابو جعفر بينا لهم الخير والشر قال سبحانه { إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا } وكما قال تعالى { وهديناه النجدين }

 قال علي بن أبي طالب الخير والشر

١٨

 و { الهون } الهوان

١٩

 وقوله جل وعز { ويوم يحشر أعداء اللّه إلى النار فهم يوزعون } آية   

 قال أبو الأحوص وأبو رزين ومجاهد وقتادة أي يحبس أولهم على آخرهم

 قال أبو الأحوص فإذا تكاملت العدة بدىء بالأكابر فالأكابر جرما

 قال أبو جعفر يقال وزعه يزعه ويزعه إذا كفه ومنه لما يزع السلطان أكثر مما يزع القرآن ومنه لا بد للناس من وزعة

٢٠

  وقوله جل وعز { حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون } آية 

 قال الفراء الجلد ههنا واللّه أعلم الذكر كني عنه كما قال تعالى { أو جاء أحد منكم من الغائط } والغائط الصحراء

 قال أبو جعفر وقال غيره هو الجلد بعينه

 وروى أبو الأحوص عن عبد اللّه بن مسعود قال يجادل المنافق عند الميزان ويدفع الحق ويدعي الباطل فيختم على ف

 ثم

تستنطق جوارحه فتشهد عل

 ثم يطلق عنه فيقول بعدا لكن وسحقا إنما كنت أجادل عنكن

٢١

  وقوله جل وعز { وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا اللّه الذي أنطق كل شيء } آية   

 هذا تمام الكلام

  ثم قال { وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون } آية   

٢٢

 وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى { وما كنتم تستترون } قال تتقون

 قال ابو جعفر المعنى وما كنتم تستترون من أن يشهد عليكم سمعكم

 قال عبد اللّه بن مسعود كنت مستترا باستار الكعبة فجاء ثقفي وقرشيان كثير شحم بطونهم قليل فقه قلوبهم فتحدثوا بينهم بحديث فقال أحدهم أترى اللّه يسمع ما نقول فقال الآخران يسمعنا إذا جهرنا ولا يسمعنا إذا خافتنا وقال الآخر إن كان يسمعنا إذا جهرنا فهو يسمعنا إذا خافتنا

  فأنزل اللّه جل وعز { وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم } إلى قوله { وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين } آية  

 وروى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله تعالى { أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم } قال تدعون يوم القيامة مفدمة أفواهكم

بفدام فأول ما يبين عن الإنسان فخذه وكفه

٢٣

  وقوله جل وعز { وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين } آية 

 أي حين ظننتم أنه لا يسمعكم

 وفي الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال اللّه أنا عند ظن عبدي بي ومعنى { أرداكم } أهلككم

٢٤

  وقوله جل وعز { فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين } آية

والنار مثوى لهم صبروا او لم يصبروا ففي هذا جوابان

 أحدهما  ان المعنى فإن يصبروا في الدنيا على أعمال أهل النار كما قال سبحانه { فما أصبرهم على النار } فالنار مثوى لهم { وإن يستعتبوا } في النار

 وقيل { وإن يستعتبوا } في الدنيا وهم مقيمون على كفرهم

 والجواب الآخر فإن يصبروا في النار أو يجزعوا فالنار مثوى لهم ويكون قوله { وإن يستعتبوا } يدل على الجزع لأن المستعتب جزع

٢٥

  وقوله جل وعز { وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم } آية

 قال مجاهد يعني الشياطين

 قال ابو جعفر معنى قيضت له كذا سببته له من حيث لا يحتسب

  ثم قال جل وعز { فزينوا لهم ما بين أيديهم } آية 

 أي ما يعملونه من المعاصي { وما خلفهم } وما عزموا على أن يعملوه

٢٦

  وقوله جل وعز { وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه } آية 

 وقرأ عيسى وابن أبي إسحاق { والغوا } بضم الغين

 حكى الكسائي لغا يلغو وعلى هذا { والغوا فيه }

 وحكى لغا يلغى ولغي يلغى والمصدر على هذا مقصور

 روى داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال

كان النبي صلى اللّه عليه وسلم بمكة إذا قرأ رفع صوته فتطرد قريش عنه الناس ويقولون { لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون } وإذا خافت بقراءته لم يسمع من يريد فأنزل اللّه جل وعز { ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا }

 وروى ابن ابي نجيح عن مجاهد

 وقوله { والغوا فيه } قال بالمكاء والتصفيق والتخليط على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا قرأ كانت قريش تفعله

 قال أبو جعفر اللغو في اللغة ما لايعرف له حقيقة ولا يحصل معناه فمعنى { والغوا فيه } أي عارضوه باللغو

٢٨

 وقوله جل وعز { ذلك جزاء أعداء اللّه النار لهم فيها دار الخلد } آية

 المعنى ذلك العذاب الشديد جزاء أعداء الل

 ثم بين الجزاء فقال { النار لهم فيها دار الخلد }

 والنار هي دار الخلد والعرب تفعل هذا على التوكيد كما قال

  أخو رغائب بعطيها ويسالها  يأبى الظلامة منه النوفل الزفر 

 وهو هو كما يقال لك في هذا المنزل دار واسعة وهو الدار

 ولا يجوز عند الكوفيين حتى يخالف لفظ الثاني لفظ الأول لا تقول على قولهم في هذا المنزل منزل حسن على أن الثاني الأول وهو عند البصريين كله جيد

 وفي قراءة عبد اللّه بن مسعود{ ذلك جزاء أعداء اللّه النار دار الخلد }

٢٩

 وقوله جل وعز { وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا } آية 

 قال حبة العرني وعقبة الفزاري سئل علي بن ابي طالب عليه السلام عن قوله جل وعز { أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس } فقال هما إبليس الأبالسة وابن آدم الذي قتل أخاه وكذلك روي عن ابن مسعود وابن عباس

٣٠

  وقوله جل وعز { إن الذين قالوا ربنا الل

 ثم استقاموا } آية 

 قال مجاهد وإبراهيم قالوا لا إله إلا الل

 ثم استقاموا

 روي عن أبي بكر الصديق أنه قال لهم ما معنى

 ثم استقاموا } فقالوا لم يعصوا اللّه فقال لقد صعبتم الأمر إنما هو استقاموا على ألا يشركوا باللّه شيئا

 وقال مجاهد وإبراهيم

 ثم استقاموا } لم يشركوا

 وقال الزهري قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه

 ثم استقاموا } على طاعة اللّه عز وجل ولم يروغوا روغان الثعلب

 وروى معمر عن قتادة

 ثم استقاموا } قال على طاعة اللّه

 قال أبو جعفر في الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وسلم استقيموا ولن تحصوا أي استقيموا على أمر اللّه وطاعته

  ثم قال جل وعز { تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا } آية 

 قال مجاهد { تتنزل عليهم الملائكة } عند الموت أن لا تخافوا ولا تحزنوا

 روى سفيان عن زيد بن اسلم قال لا تخافوا ما أمامكم من العذاب ولا تحزنوا على ما خلفكم من عيالكم وضيعتكم فقد خلفتم فيها بخير

 وفي قراءة ابن مسعود{  تتنزل عليهم الملائكة لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون }

 قال زيد بن اسلم يقال لهم هذا عند الموت

٣٣

  وقوله جل وعز { ومن أحسن قولا ممن دعا إلى اللّه وعمل صالحا } آية 

 في معناه ثلاثة اقوال

 فمذهب الحسن أنها عامة لجميع المؤمنين

 وروى هشيم عن عوف عن ابن سيرين في قوله تعالى { ومن أحسن قولا ممن دعا إلى اللّه } قال ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم أي دعا إلى توحيد اللّه

 وقال محمد بن نافع قالت عائشة نزلت في المؤذنين { ومن أحسن قولا ممن دعا إلى اللّه وعمل صالحا }

٣٤

  وقوله جل وعز { ولا تستوي الحسنة ولا السيئة } آية 

 { لا } زائدة للتوكيد

 ثم قال جل وعز { ادفع بالتي هي أحسن } آية 

 قال عطاء ومجاهد تقول إذا لقيته سلام عليكم

 ويروى عن ابن عباس في قوله { ادفع بالتي هي أحسن }

 قال هما الرجلان متقاولان فيقول

أحدهما  لصاحبه يا صاحب كذا وكذا فيقول له الآخر إن كنت صادقا علي فغفر اللّه لي وإن كنت كاذبا فغفر اللّه لك

 وحدثنا بكر بن سهل قال حدثنا ابو صالح عن معاوية عن علي بن ابي طلحة عن ابن عباس { ادفع بالتي هي أحسن } قال

 أمر اللّه جل وعز المؤمنين بالصبر عند الغضب والحلم والعفو عند الإساءة فإذا فعلوا ذلك عصمهم اللّه من الشيطان وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم

٣٥

 ثم قال جل وعز { وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم } آية 

 قال يقول الذين أعد اللّه لهم الجنة

 روى معمر عن قتادة { كأنه ولي حميم } قال قريب

  ثم قال جل وعز { وما يلقاها إلا الذين صبروا } آية 

 أي وما يلقى هذه الفعلة غلا الذين يكظمون الغيظ { وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم } أي من الخير

 وروى معمر عن قتادة قال الحظ العظيم الجنة

٣٦

 ثم قال جل وعز { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ باللّه } آية

 أي إن عرض لك الشيطان ليصدك عن الحلم فاستعذ باللّه منه واحلم

٣٧

 وقوله جل وعز { ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا للّه الذي خلقهن } آية 

 أي ومن علاماته التي تدل على قدرته ووحدانيته { الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا للّه الذي خلقهن }

 ويجوز ان يكون المعنى واسجدوا للّه الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر

 ويجوز أن يكون المضمر يعود على الشمس والقمر لأن الاثنين جميع

 ويجوز ان يكون يعود على معنى الآيات

٣٨

  ثم قال جل وعز { فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون } آية 

 أي فإن استكبروا عن أن يوحدوا اللّه ويتبعوك { فالذين عند ربك } أي فالملائكة الذين عندربك { يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون } أي لا يملون

٣٩

  ثم زادهم في الدلالة فقال جل وعز { ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة } آية 

 قال قتادة أي غبراء متهشمة

  ثم قال جل وعز { فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت } آية 

 قال مجاهد { اهتزت } أي بالنبات

 قال أبو جعفر يقال اهتز الإنسان أي تحرك ومنه قوله

 تراه كنصل السيف يهتز للندى  إذا لم تجد عند امرىءالسوء مطمعا

 ثم قال { وربت } قال مجاهد أي ارتفعت لتنبت

 قال أبو جعفر قرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع وخالد{ وربأت } معناه عظمت من الربيئة

٤٠

 وقوله جل وعز { إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا } آية 

 قال مجاهد المكاء وما ذكر معه

 وقال قتادة الإلحاد التكذيب

 قال أبو جعفر أصل الإلحاد العدول عن الشيء والميل عنه ومنه اللحد لأنه جانب القبر

 فمعنى ألحد في آيات اللّه مال عن الحق فيها أي جعلها على غير معناها

 وقوله جل وعز { أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة } آية 

 { أفمن يلقى في النار } ابو جهل بن هشام { خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة } عمار بن ياسر

 ثم قال { اعملوا ما شئتم } وقد بين جل وعز ذلك

 قال مجاهد هذا على الوعيد

٤١

 وقوله جل وعز { إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم } آية  

 قال قتادة أي بالقرآن

 قال أبو جعفر وفي الخبر قولان

أحدهما  أن المعنى إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم أولئك ينادون من مكان بعيد

 والقول الاخر أن الخبر محذوف أي هلكوا

 وهذا القول الاختيار عند النحويين جميعا فيما علمت

 وقوله { وإنه لكتاب عزيز } أي قاهر لا يقدر أحد أن يأتي بمثله

٤٢

 وقوله جل وعز { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه } آية 

 في معناه أقوال أ فمن احسنها أن المعنى لا يأتيه الشيطان من بين يديه

فينتقص منه ولا من خلفه فيزيد فيه

 قال مجاهد { الباطل } الشيطان

 وقال الحسن حفظ اللّه القرآن من الشيطان فلا يقدر أن يزيد فيه ولا ينقص منه قال الحسن { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }

 وروى معمر عن قتادة في قوله تعالى { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه } قال لا يقدر الشيطان أن يبطل منه حقا ولا يحق فيه باطلا

 قال ابو جعفر معنى يحق فيه باطلا يزيد فيه باطلا فيصير حقا فهذا قول ب وقيل معنى { لا يأتيه الباطل من بين يديه } لا يبطله كتاب قبله ولا يأتي بعده كتاب فيبطله وهذا قول الفراء أي لا

يوجد فيه باطل من إحدى الجهتين ج وقيل معنى { لا يأتيه الباطل من بين يديه } من قبل أن يتم نزوله { ولا من خلفه } من بعد تمام نزوله

 ويكون أيضا { من بين يديه } بعد نزوله كله { ومن خلفه } قبل تمامه د وقيل المعنى لا يأتيه الباطل قبل أن ينزل لأن الأنبياء وقد بشرت به فلم يقدر الشيطان على أن يدحض ذلك ولا من خلفه بعد أن أنزل ه وقيل معنى { من بين يديه ولا من خلفه } على التكثير أي لا ياتيه الباطل البتة

٤٣

  وقوله جل وعز { ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك } آية 

 قال أبو صالح أي من الأذ

 وقوله تعالى { إن ربك لذو مغفرة } أي لمن آمن بك

 { وذو عقاب أليم } أي لمن كذبك

٤٤

  وقوله جل وعز { ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته } آية 

 أي بينت

 قال أبو جعفر أصل هذا أن التفصيل لا يكون إلا للعرب وهم أصحاب البيان

  ثم قال جل وعز { أأعجمي وعربي } آية 

 قال سعيد بن جبير أي أقرآن أعجمي ونبي عربي

 قال قتادة أي لو جعلنا القرآن أعجميا لأنكروا ذلك

وقالوا أعرب مخاطبون بالعجمية فكان ذلك أشد لتكذيبهم

 وقرأ ابن عباس والحسن وأبو الأسود { أعجمي } بغير استفهام والعين ساكنة

 والمعنى على هذه القراءة لولا فصلت آياته فكان منها أعجمي تفهمه العجم وعربي تفهمه العرب

 ويكون { أعجمي } بدلا من { آياته }

 وحكي أنه قرىء { أعجمي } على أن الأصل عجمي دخلت عليه ألف الاستفهام

 قال أبو جعفر قال أبو إسحاق الأعجمي الذي لا يفصح كان من العرب أو من العجم والعجمي الذي ليس من العرب كان فصيحا أو غير فصيح

 قال أبو جعفر والقراءة الأخرى بعيدة لأنهم قد أجمعوا على قوله { ولو جعلناه قرآنا أعجميا }

  وقوله جل وعز { والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى } آية 

 { وقر } أي صمم على التمثيل وهو عليهم عمى

 قال قتادة القرآن

 وقيل الوقر عليهم عمى

 وقرأ ابن عباس ومعاوية وعمرو بن العاص { وهو عليهم عمى } على أنه فعل ماض

 وحكي { وهو عليهم عمى }

  ثم قال جل وعز { أولئك ينادون من مكان بعيد } آية 

 حكى أهل اللغة أنه يقال للذي يفهم أنت تسمع من قريب ويقال ويقال للذي لا يفهم أنت تنادى من مكان بعيد أي كأنه ينادي منو موضع بعيد منه فهو لا يسمع النداء ولا يفهمه

 ومذهب الضحاك أنهم ينادون يوم القيامة باقبح اسمائهم من مكان بعيد ليكون ذلك اشد عليهم في الفضيحة والتوبيخ

٤٥

  ومعنى قوله جل وعز { ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم } آية

 أنهم قد أخروا إلى مدة يعلمها اللّه وأنه لا يعالجهم بالهلاك

٤٧

  وقوله جل وعز { إليه يرد علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها } آية 

 روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال حين تطلع

 وقال غيره هي الطلعة تخرج من قشرها

 قال ابو جعفر القول الأول أعم أي وما تخرج

 ثمرة من غلافها الذي كانت فيه وذلك أول ما تطلع وغلاف كل شيء كمه

  وقوله جل وعز { ويوم يناديهم أين شركائي } آية  أي على زعمكم

 { قالوا آذناك } هذا من قول الالهة أي أعلمناك

 يقال آذنته فأذن أي أعلمته فعلم والأصل في هذا من الأذن أي أوقعته في أذنه ومنه

  آذنتنا ببينها أسماء 

 ومنه قوله جل وعز { ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن } أي اعملوا ما شئ

 ثم اعتذروا منه فإنه يعذركم ويقبل ما تعلمونه به ومنه الأذان إنما هو إعلام بالصلاة

 ثم قال تعالى { ما منا من شهيد } أي ما منا من شهد أن لك شريكا

٤٨

 ثم قال جل وعز { وظنوا ما لهم من محيص } آية 

 { وظنوا } أي وأيقنوا

٤٩

 وقوله جل وعز { لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيؤوس قنوط } آية

 أي لا يمل من أن يصيبه الخير

 وفي قراءة عبد اللّه{ من دعاء بالخير }

 { وإن مسه الشر } أي إن مسه شيء يسير من الشر يئس وقنط

٥٠

 وقوله جل وعز { ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة } آية 

 قال مجاهد أي بعملي وأنا حقيق بهذا

 وهذا يراد به الكافر الا ترى أن بعده { وما أظن الساعة قائمة }

 وقوله تعالى { ولئن رجعت إلى ربي } أي على قولك

٥١

 وقوله جل وعز { وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه } آية   

 أي تباعد ولم يدعنا

 وقرأ ابو جعفر يزيد بن القعقاع{ أعرض وناء بجانبه } الألف قبل الهمزة

 فيجوز أن يكون معناه من ناء إذا نهض

 ويجوز أن يكون على قلب الهمز بمعنى الأول

  وقوله جل وعز { وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض } آية   

 أي كبير

 يقال له دعاء عريض وطويل بمعنى واحد

٥٣

  وقوله جل وعز { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق } آية 

 أي في آفاق الدنيا وتقلب أحوالها { وفي أنفسهم } مثل ذلك

 قال مجاهد { في الآفاق } فتح القرى { وفي أنفسهم } فتح مكة

  وقوله جل وعز { أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد } آية

 المعنى أو لم يكفهم بربك أي أو لم يكفهم ربك بما دلهم به على توحيد اللّه جل وعز مما فيه كفاية لهم لأنه على كل شيء شهيد

 ويجوز أن يكون المعنى أنه له على كل شيء شاهد بانه محدث وإذا شهده جازى عليه

٥٤

  ثم قال جل وعز { ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم } آية 

 أي في شك

 وقرأ الحسن { في مرية }

 { ألا إنه بكل شيء محيط } أي قد أحاط بعلم الغيب والشهادة جل وعز انتهت سورة السجدة