سُورَةُ الْمُؤْمِنِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ خَمْسٌ وَثَمَانُونَ آيَةً

مكية وآياتها  آية

 بسم اللّه الرحمن الرحيم سورة غافر وهي مكية

١

  من ذلك قوله جل وعز { حم تنزيل الكتاب من اللّه العزيز العليم } آية    

 روى معمر عن قتادة قال { حم } اسم من أسماء القرآن

 وقيل معنى { حم } حم الأمر

 وفي رواية عكرمة عن ابن عباس قال { الر } و { حم } و نون حروف الرحمن جل وعز مقطعة

 وقرا عيسى بن عمر{ حاميم تنزيل } والمعنى على قراءته أتل حاميم ولم يصرفه لأنه جعله اسما للسورة

 ويجوز أن يكون فتح لالتقاء الساكنين

 والمعنى هذا تنزيل الكتاب من اللّه العزيز العليم

٣

 ثم قال جل وعز { غافر الذنب وقابل التوب } آية 

 ويجوز أن يكون التوب جمع توبة كما قال

 فيخبو ساعة ويهب ساعا

 ويجوز ان يكون التوب بمعنى التوبة

 ثم قال جل وعز { شديد العقاب ذي الطول } آية

 روى ابن أبي نجيح { ذي الطول } قال ذي الغنى

 وروى سعيد عن قتادة قال ذي النعمة

 قال أبو جعفر الطول في اللغة الفضل والاقتدار يقال لفلان على فلان طول واللّهم طل علينا برحمتك

 وروى علي بن ابي طلحة عن ابن عباس { ذي الطول } قال ذي السعة والغنى

٤

 وقوله جل وعز { ما يجادل في آيات اللّه إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد } آية 

 قال قتادة أي فلا يغررك إقبالهم وإدبارهم وتصرفهم في أسفارهم

 قال ابو جعفر مثله قوله جل وعز { لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل }

 والمعنى لا يغرنك سلامتهم وأناة اللّه لهم فإن عاقبتهم مذمومة ومصيرهم إلى النار

٥

 ثم بين ان ذلك كان سبيل من قبلهم فقال { كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم } آية 

 و

 ثمود وعاد وقوم لوط ومن كان مثلهم

 وقوله جل وعز { وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه } آية 

 روى معمر عن قتادة قال ليأخذوه فيقتلوه قال أبو جعفر ويبين هذا قوله تعالى { فأخذتهم } أي أهلكتهم ويقال للأسير أخيذ

٦

 وقوله جل وعز { وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار } آية 

 أي بقوله { لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين }

 قال قتادة حق عليهم العذاب بكفرهم

٧

 ثم أخبر أن الملائكة إنما يستغفرون للمؤمنين فقال { الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم } آية 

 روى معمر عن قتادة { فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك } قال تابوا من الشرك واتبعوا طاعتك

٨

 ثم قال جل وعز { ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم } آية 

 يروى ان عمر بن الخطاب قال لكعب الأحبار ما جنات عدن قال قصور من ذهب في الجنة يدخلها النبيون والصديقون والشهداء وأئمة العدل

 قال أبو جعفر العدن في اللغة الإقامة وقد عدن

بالمكان اقام به

٩

  وقوله جل وعز { وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته } آية 

 { وقهم السيئات } قال قتادة أي العذاب { ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته } قال العذاب

١٠

  وقوله جل وعز { إن الذين كفروا ينادون لمقت اللّه أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون } آية   

 في الكلام تقديم وتأخير وقد بينه أهل التفسير

 قال الحسن يعطون كتابهم فإذا نظروا في سيئاتهم مقتوا أنفسهم فينادون لمقت اللّه إياكم في الدنيا إذ تدعون إلى الإيمان

فتكفرون أكبر من مقتكم أنفسكم اليوم

 وقال مجاهد إذا عاينوا أعمالهم السيئة مقتوا أنفسهم فنودوا لمقت اللّه لكم إذ تدعون إلى الإيمان أكبر من مقتكم أنفسكم إذ عاينتم النار

١١

  وقوله جل وعز { قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين } آية    

 روى ابو إسحاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود قال هي مثل قوله تعالى { وكنتم أمواتا فأحيا

 ثم يميت

 ثم يحييكم }

 قال أبو جعفر المعنى على هذا في { أمتنا اثنتين } خلقتنا أمواتا أي نط

 ثم أحييت

 ثم أمت

 ثم أحييتنا للبعث

 وقيل إحدى الحياتين وإحدى الموتتين الإحياء في الق

 ثم الموت وأنهم لم يعنوا حياتهم في الآخرة

١٢

  وقوله جل وعز { ذلكم بأنه إذا دعي اللّه وحده كفرتم } آية   

 أي كذبتم { وإن يشرك به تؤمنوا } أي تصدقوا

  وقوله جل وعز { يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده } آية   

١٥

 روى عكرمة عن ابن عباس قال { الروح } النبوة

 وروى ابن ابي نجيح عن مجاهد قال { الروح } الوحي

 وروى معمر عن قتادة { يلقي الروح } قال الوحي

والرحمة

 قال أبو جعفر يلقي الوحي على من يختص من عباده وسمي الوحي روحا لأن الناس يحيون به أي يهتدون والمهتدي حي والضال ميت على التمثيل ومنه يقال لمن لم يفقه إنما أنت ميت وقال اللّه تعالى { فإنك لا تسمع الموتى }

  ثم قال جل وعز { لينذر يوم التلاق يوم هم بارزون } أي لينذر الذي يوحى إليه

 ويجوز أن يكون المعنى لينذر اللّه يوم التلاق

 قال قتادة أي يوم يتلاقى أهل السماء وأهل الأرض ويلتقي الأولون

والآخرون

١٦

 { يوم هم بارزون } قال قتادة أي لا يسترهم جبل ولا شيء

  ثم قال جل وعز { لا يخفى على اللّه منهم شيء لمن الملك اليوم } آية   

 أي يقال هذا

 روى أبو وائل عن عبد اللّه بن مسعود قال يحشر الناس على أرض بيضاء مثل الفضة لم يعص اللّه جل وعز عليها قط فأول ما يقال { لمن الملك اليوم للّه الواحد القهار

 ثم أول ما ينظر من الخصومات في الدماء فيحضر القاتل والمقتول فيقول سل هذا لم قتلني فإن قال قتلته لتكون العزة لفلان قيل للمقتول اقتله كما قتلك وكذلك إن قتل جماعة أذيق القتل

١٧

كما أذاقهم في الدنيا قال { لا ظلم اليوم إن اللّه سريع الحساب }

١٨

  وقوله جل وعز { وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين } آية   

 قال مجاهد وقتادة أي القيامة

 قال الكسائي يقال أزف الشيء يأزف أي دنا واقترب

 قال أبو جعفر قيل للقيامة الآزفة لقربها وإن بعدت عن الناس ومنه يقال أزف رحيل فلان

  ثم قال جل وعز { إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين } آية   

 قال قتادة شخصت من صدورهم فنشبت في حلوقهم فلم

تخرج ولم ترجع

 وقال غيره تزحزحت قلوبهم من الفزع فلم تخرج فيستريحوا ولم ترجع

 ثم قال تعالى { كاظمين } أي مغتاظين ولا شيء يزيل غيظهم يقال كظم البعير بجرته إذا رددها في حلقه و كظم غيظه إذا حبسه

  ثم قال جل وعز { ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع } آية   

 أي ليس لهم شفيع مطاع

 قال الحسن استكثروا من الأصدقاء المؤمنين فإن الرجل منهم يشفع في قريبه وصديقه فإذا راى الكفار ذلك قالوا { فما لنا من شافعين ولا صديق حميم }

١٩

  ثم قال جل وعز { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور } آية  

 قال ابن عباس هو الرجل ينظر إلى المرأة فإذا نظر إليه اصحابه غض بصره فإذا رأى منهم غفلة تدسس فإذا نظروا إليه غض بصره وقد علم اللّه جل وعز منه أن بوده أن لو نظر إلى عورتها

 وقال جرير بن عبد اللّه سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أغض بصري

٢١

  وقوله جل وعز { وآثارا في الأرض } آية   

 قال مجاهد هو مشيهم وتاثيرهم في الأرض

٢٣

  وقوله جل وعز { ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين } آية 

 { بآياتنا } أي بالعلامات التي تدل على رسالته نحو

العصا وما أشبهها

 { وسلطان مبين } أي وحجة مبينة

٢٤

  ثم أعلم جل وعز انهم ردوا الايات التي يعجز عنها المخلوقون بان قالوا ساحر كذاب { فقالوا ساحر كذاب } آية 

٢٥

  ثم قال جل وعز { فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم } آية 

 روى معمر عن قتادة قال هذا بعد القتل الأول

٢٦

  ومعنى { إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد } آية 

 قال أبو جعفر أخاف ان يكون أحد الأمرين إما ان يذهب دينكم البتة وإما أن يستميل فيفسد عليكم ويحاربكم

 ويقرأ{ وأن يظهر في الأرض الفساد } أي أخاف

الأمرين جميعا

٢٨

  وقوله جل وعز { وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه } آية 

 يجوز أن يكون المعنى وقال رجل مؤمن يكتم إيمانه من آل فرعون على التقديم والتأخير

 ويجوز أن يكون المعنى وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه { أتقتلون رجلا أن يقول ربي اللّه } أي لأن يقول

 { وإن يك كاذبا فعليه كذبه } أي لا يضركم منه شيء

  وقوله جل وعز { وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم } آية 

 هذه آية مشكلة لأن كل ما وعد به نبي كان فهذا موضع كل

 ففيها أجوبة أ منها أن بعضا بمعنى كل وهذا مذهب أبي عبيدة وأنشد

  أو يرتبط بعض النفوس حمامها 

 وهذا قول مرغوب عنه لن فيه بطلان البيان ب قال أبو إسحاق في هذا إلزام الحجة للمناظر أن يقال أرأيت إن أصابك بعض ما اعدك أليس فيه هلاكك

 فالمعنى إن لم يصبكم إلا بعض ما وعدكم موسى هلكتم قال ومثله قول الشاعر

  قد يدرك المتأني بعض حاجته  وقد يكون مع المستعجل الزلل

 أي أقل أحوال المتأني أن يدرك بعض حاجته

 ج  وقيل ليس في قوله { يصبكم بعض الذي يعدكم } نفي للكل

 د  وقيل الأنبياء صلى اللّه عليهم يدعون على قومهم فيقولون اللّهم اخسف بهم اللّهم أهلكهم في أنواع من الدعاء فيصيبهم بعض ذلك

 ه وفي الاية جواب خامس وهو أن موسى صلى اللّه عليه وسلم وعدهم بعذاب الدنيا معجلا إن كفروا وبعذاب الآخرة وإنما يلحقهم في الدنيا ما وعدهم به فيها وعذاب الآخرة مؤخر فعلى هذا يصيبهم بعض الذي يعدهم

  ثم قال جل وعز { إن اللّه لا يهدي من هو مسرف كذاب } آية

 أي كافر

 وقال قتادة أي أسرف على نفسه بالشرك

 وقال السدي وهو صاحب الدم

٢٩

  وقوله جل وعز { قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد } آية 

 روي عن معاذ بن جبل أنه قرا { سبيل الرشاد } بتشديد الشين وقال سبيل اللّه جل وعز

 قال أبو جعفر وهذا عند أكثر أهل اللغة العربية لحن لأنه

إنما يقال أرشد يرشد ولا يكون فعال من أفعل إنما يكون من الثلاثي وإن اردت التكثير من الرباعي قلت مفعال

 قال أبو جعفر يجوز أن يكون رشاد بمعنى يرشد لا على أنه مشتق منه ولكن كما يقال لأال من اللؤلؤ فهو بمعناه وليس جاريا عليه ويجوز ان يكون رشاد من رشد يرشد أي صاحب رشاد كما قال

  كليني لهم يا أميمة ناصب 

٣٠

  وقوله جل وعز { وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب } آية 

 قال قتادة هم قوم نوح وعاد وثمود

٣٢

  وقوله جل وعز { ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد } آية 

 وقرأ الضحاك { يوم التناد } بتشديد الدال

 قال أهل العربية هذا لحن لأنه من ند يند إذا مر على وجهه هاربا كما قال الشاعر

  وبرك هجود قد اثارت مخافتي  نواديها اسعى بعضب مجرد 

 قال ولا معنى لهذا في القيامة

 قال أبو جعفر هذا غلط والقراءة به حسنة روى صفوان بن عمرو عن عبد اللّه بن خالد قال يظهر للناس يوم القيامة

عنق من نار فيولون هاربين منها حتى تحيط بهم فإذا أحاطت بهم قالوا أين الم

 ثم أخذوا في البكاء حتى تنفد الدموع فيكون د

 ثم تشخص أبصار الكفار فذلك قوله تعالى { مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم }

 ويروي أنه إذا أمر بهم إلى النار ولوا هاربين منها

٣٣

ولو لم يكن في الاحتجاج بالقراءة إلا قوله تعالى { يوم تولون مدبرين ما لكم من اللّه من عاصم } لكفى

 فأما معنى التخفيف فقال قتادة في قوله { إني أخاف عليكم يوم التناد }

 قال يوم ينادى كل قوم بأعمالهم وينادي أهل الجنة أهل النار

 وقال عبد اللّه بن خالد إذا حشر الناس يوم القيامة نادى

بعضهم بعضا حتى يظهر لهم عنق من النار فيولون هاربين

  ثم قال تعالى { ما لكم من اللّه من عاصم } آية 

 قال قتادة أي من ناصر

٣٤

 ثم قال جل وعز { ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات } آية 

 أي من قبل موسى { بالبينات } أي بالآيات المعجزات

 { فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث اللّه من بعده رسولا } آية 

 أي ظننتم ان الحجة لا تقام عليكم بعده { كذلك يضل اللّه من هو مسرف مرتاب } أي مثل هذا الضلال يضل اللّه من هو مسرف مرتاب

٣٥

 ثم قال جل وعز { الذين يجادلون في آيات اللّه بغير سلطان أتاهم } آية 

 على البدل من { من }

 ومعنى { كبر مقتا } كبر الجدال مقتا

  ثم قال جل وعز { كذلك يطبع اللّه على كل قلب متكبر جبار } الآية 

 وفي قراء عبد اللّه بن مسعود{ على قلب كل متكبر جبار }

 ومعنى هذه القراءة كمعنى الأولى كما يقال أنا أكلم فلانا يوم كل جمعة وكل يوم جمعة

 فأما التنوين فإنه يقال قلب متكبر أي صاحبه متكبر

٣٦

  وقوله جل وعز { وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا } آية 

 أي قصرا وكل بناء عظيم صرح

 { لعلي أبلغ الأسباب } آية 

 قال قتادة أي الأبواب

 والسبب في اللغة ما يؤدي إلى الشيء فالمعنى لعلي أبلغ ما يؤدي إلى السموات

٣٧

  وقوله جل وعز { وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل } آية 

 ويقرأ { وصد عن السبيل } وهو اختيار أبي عبيد

 وروي عن ابن أبي إسحاق { وصد عن السبيل }

 قالوا أبو جعفر وأحسنها { وصد عن السبيل } كما قال تعالى { الذين كفروا وصدوا عن سبيل اللّه }

 وقول أبي عبيد في اختياره ليس بشيء لأن من قرأه بالضم فالمعنى عنده على ما ذكر أبو حاتم وصده الشيطان عن السبيل كما قال { وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل } المستقيمة

  ثم قال جلا وعز { وما كيد فرعون إلا في تباب } آية 

 قال مجاهد وقتادة أي في خسار

 قال ابو جعفر من هذا قوله جل وعز { تبت يدا أبي لهب

 وقوله { وما زادوهم غير تتبيب }

٤٠

  وقوله جل وعز { من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها } آية 

 قال قتادة يعني شركا

٤١

  وقوله جل وعز { ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة } آية   

 قال مجاهد إلى الإيمان باللّه عز وجل

٤٣

  وقوله جل وعز { لا جرم أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة } آية 

 قال مجاهد يعني الأوثان

 قال أبو جعفر قال الخليل معنى { لا جرم } حقا وقد جرم الشيء أي حق وأنشد

  ولقد طعنت ابا عيينة طعنة  جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا 

 قال أبو جعفر فأما دخول لا على جرم فلتدل على انه جواب لكلام وأنه ليس مستأنفا

 فالمعنى وجب بطلان ما تدعونني إليه أي ليس له استجابة دعوة تنفع

 وقوله { وأن المسرفين هم أصحاب النار } آية 

 قال عبد اللّه بن مسعود هم السفاكون للدماء وكذلك قال

عطاء ومجاهد

٤٥

 وقوله جل وعز { فوقاه اللّه سيئات ما مكروا } آية 

 قال قتادة كان رجلا من القبط فنجاه اللّه مع بني إسرائيل

٤٦

 وقوله جل وعز { النار يعرضون عليها غدوا وعشيا } آية 

 يقال كيف يعرضون عليها غدوا وعشيا وهم من أهلها

 فالجواب عن هذا ما قاله عبد اللّه بن مسعود قال ارواح آل فرعون في أجواف طير سود تعرض كل يوم على النار مرتين يقال هذه داركم

 وروى شعبة عن يعلى بن عطاء قال سمعت ميمون بن ميسرة يقول كان أبو هريرة إذا أصبح ينادي أصبحنا والحمد للّه وعرض آل فرعون على النار وإذا أمسى نادى امسينا والحمد للّه وعرض آل فرعون على النار فلا يسمع ابا هريرة أحد إلا تعوذ باللّه من النار

 وقال مجاهد في قوله تعالى { النار يعرضون عليها غدوا وعشيا } قال من أيام الدنيا

 قال الفراء ليس في القيامة غدو ولا عشي ولكن مقدار ذلك

 قال أبو جعفر التفسير على خلاف ما قال الفراء وذلك أن التفسير على أن هذا العرض إنما هو في أيام الدنيا

 والمعنى ايضا بين أنه على ذلك لأنه قال جل وعز { النار يعرضون عليها غدوا وعشيا

 ثم دل على أن هذا قبل يوم القيامة بقوله { ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } فدل على أن الأول بمنزلة عذاب القبر

  وقوله جل وعز { ويوم يقوم الأشهاد } آية   

 قال معمر عن قتادة الملائكة

 قال ابو جعفر واحدهم شاهد كما يقال صاحب وأصحاب

 ويجوز أن يكون جمع شهيد كشريف وأشراف

٥٦

 وقوله جل وعز { إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه } آية 

 مثل قوله { واسأل القرية } المعنى ما هم ببالغي إرادتهم فيه لأن الكبر شيء قد أتوه فهذا لا يشكل

 وقد قيل الكبر ههنا العلو على النبي صلى اللّه عليه وسلم وذلك إرادتهم ولم يبلغوه فأما إرادتهم في الأول فالجدال في آيات اللّه جل وعز حتى يبطلوها ولم يبلغوا ذلك

 وقيل إنما يراد بذا اليهود تكبروا وتوقفوا وقالوا حتى يخرج الدجال ونكون معه فأعلم اللّه جل وعز أن هذه الفرقة من اليهود لا تلحق الدجال واستشهد صاحب هذا القول بقوله { فاستعذ باللّه }

٦٠

  وقوله جل وعز { إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } آية 

 روى يسيع الكندي عن النعمان بن بشير عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال الدعاء هو العبادة وتلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين }

 قال ابو عبيدة { داخرين } صاغرين

٧١

  وقوله جل وعز { إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون } آية   

 وقرىء { والسلاسل يسحبون }

 وفي قراءة أبي{ بالسلاسل يسحبون }

 وأجاز الفراء { والسلاسل يسحبون }

 قال ابو جعفر من قرأ { والسلاسل يسحبون } فالمعنى عنده يسحبون السلاسل وهي قراءة ابن عباس قال وذلك اشد عليهم يكلفون أن يسحبوها ولا يطيقون

 ومن قرأ { والسلاسل يسحبون } فالتمام عنده { والسلاسل

 ثم ابتدأ فقال { يسحبون في الحميم }

 قال الفراء والسلاسل بالخفض محمول على المعنى لأن المعنى أعناقهم في الأغلال والسلاسل كما حمل على المعنى قوله

 قد سالم الحيات منه القدما  الأفعوان والشجاع الشجعما 

 ثم قال جل وعز

 ثم في النار يسجرون } آية 

 قال مجاهد أي توقد بهم النار

 قال أبو جعفر يقال سجرت الشيء أي ملاته ومنه { والبحر المسجور }

 فالمعنى على هذا تملأ بهم النار وقال الشاعر يصف وعلا

  إذا شاء طالع مسجورة  ترى حولها النبع والساسما

 أي عينا مملوءة

٧٥

 وقوله جل وعز { ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق } آية 

 بين هذا بقوله سبحانه { فرحوا بما عندهم من العلم }

 ثم قال جل وعز { وبما كنتم تمرحون } آية 

 قال مجاهد أي تبطرون وتأشرون

٧٩

 وقوله جل وعز { اللّه الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون } آية 

 أي الإبل

٨٠

 قال قتادة في قوله تعالى { ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم }

الرحلة من بلد إلى بلد

 وقال مجاهد أي حاجة كانت

٨٣

  وقوله جل وعز { فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم } آية 

 أي رضوا به

 قال مجاهد قالوا نحن أعلم منكم لن تبعث ولن نحيا بعد الموت

 قال مجاهد { وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون } آية 

 أي ما جاءت به الرسل الحق

٨٥

  وقوله جل وعز { فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة اللّه التي قد خلت في عباده } آية 

 قال قتادة أي إنهم إذا رأوا العذاب آمنوا فلم ينفعهم إيمانهم

  ثم قال تعالى { وخسر هنالك الكافرون } آية 

 وقد كانوا قبل ذلك خاسرين لأنه تبين خسرانهم بأن لحقهم العذاب ولم يقبل إيمانهم انتهت سورة غافر