مكية وآياتها آية
بسم اللّه الرحمن الرحيم سورة الزمر وهي مكية
قال وهب بن منبه من أحب أن يعرف قضاء اللّه جل وعز في خلقه فليقرأ سورة الغرف
قال مجاهد عن ابن عباس هي مكية إلا ثلاث آيات منها فإنهن نزلن بالمدينة في وحشي قاتل حمزة صلوات اللّه على حمزة اسلم ودخل المدينة فكان النبي صلى اللّه عليه وسلم لا يطيق أن ينظر إليه فتوهم أن اللّه جل وعز لم يقبل إيمانه فأنزل اللّه جل وعز
{ قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللّه } إلى آخر الثلاث الآيات
من ذلك قوله جل وعز { تنزيل الكتاب من اللّه العزيز الحكيم } آية
يجوز ان يكون المعنى تنزيل الكتاب من عند اللّه
وأن يكون المعنى هذا تنزيل الكتاب
ثم قال جل وعز { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد اللّه مخلصا له الدين } آية
أي بما حق في الكتب من إنزاله عليك
ويجوز ان يكون المعنى ألزمك إياه بحقه عليك وعلى خلقه
وقيل المعنى يأمر بالعدل والحق
ثم قال تعالى { فاعبد اللّه مخلصا له الدين } آية
أي لا تعبد معه غيره
وحكى الفراء { له الدين } برفع الدين
وهو خطأ من ثلاثة جهات
إحداها أن بعده { ألا للّه الدين الخالص } فهو يغني عن هذا
وأيضا فلم يقرأ به
وأيضا فإنه يجعل { مخلصا } التمام والتمام عند رأس الآية أولى
ثم قال جل وعز { ألا للّه الدين الخالص } آية
أي يعبد وحده لأن من الناس من له دين ولا يخلصه للّه
جل وعز
وروى معمر عن قتادة { ألا للّه الدين الخالص } قال لا إله إلا اللّه
ثم قال جل وعز { والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى اللّه زلفى } آية
قال قتادة أي منزلة
وقال الضحاك أي إلا ليشفعوا لنا
قال ابو جعفر وفي قراءة ابن مسعود وابن عباس ومجاهد { والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى اللّه زلفى }
وفي حرف أبي{ والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدكم إلا ليقربونا إلى اللّه زلفى }
قال أبو جعفر والحكاية في هذا بينة
وقوله جل وعز { لو أراد اللّه أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء } آية
واتصال هذا بالأول يدل على أن هؤلاء ممن اتخذ من دون اللّه أولياء
و { اصطفى } اختار
وقوله جل وعز { يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل } آية
قال قتادة أي يلقي هذا على هذا وهذا على هذا
قال أبو جعفر اصل التكوير في اللغة اللف والجمع ومنه كور العمامة ومنه { إذا الشمس كورت }
وقوله جل وعز { خلقكم من نفس واح
ثم جعل منها زوجها } آية
ثم } ههنا تدل على أن الإخبار الثاني بعد الأول
وقال قتادة
ثم جعل منها زوجها } حواء خلقها من ضلع من أضلاعه
وقيل يكون خلقه الزوج مردودا على واحد أي على نفس
وحد
ثم جعل منها زوجها
ثم قال جل وعز { وأنزل لكم من الأنع
ثمانية أزواج } آية
أي أصناف
قال مجاهد من الإبل اثنين ومن البقر اثنين ومن الضان اثنين ومن المعز اثنين
قال قتادة هي مثل التي في الأنعام
ثم قال جل وعز { يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق } آية
قال مجاهد والضحاك نط
ثم عل
ثم مضغة حتى يتم الخل
ثم قال تعالى { في ظلمات ثلاث } آية
قال مجاهد وعكرمة وقتادة والضحاك في ظلمة الرحم وفي ظلمة المشيمة وفي ظلمة البطن
وقيل في الص
ثم في الر
ثم في البطن وهذا مذهب ابي عبيدة والأول اصح
وقوله جل وعز { إن تكفروا فإن اللّه غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم } آية
أي يرضى الشكر لكم ودل { تشكروا } على الشكر
وقوله جل وعز { وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه } آية
روى سعيد عن قتادة قال مخلصا
قال أبو جعفر يقال أناب إذا رجع وتاب
وقوله جل وعز
ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل } آية
أي أعطاه واباحه وكان أبو عمرو بن العلاء ينشد
هنالك إن يستخولوا المال يخولوا وإن يسالوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا
ثم قال { نسي ما كان يدعو إليه من قبل } آية
أي نسي الذي كان يدعو اللّه جل وعز به من قبل
ويجوز أن يكون المعنى نسي اللّه الذي كان يدعوه كما
قال تعالى { ولا أنتم عابدون ما أعبد }
وفي قوله تعالى { قل تمتع بكفرك قليلا } معنى التهديد
وقوله جل وعز { وجعل للّه أندادا ليضل عن سبيله } آية
قال السدي الأنداد من الرجال يطيعهم في المعاصي
وقيل عبد الأوثان
وهذا أولى بالصواب لأن ذلك في سياق عتاب اللّه عز وجل إياهم على عبادتها
وقوله جل وعز { أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما } آية
أي مصل والقنوت الطاعة
قال الحسن وقتادة { آناء الليل } ساعاته أوله واوسطه وآخره
قال ابو جعفر قال الأخفش قراءة من قرأ{ أمن هو } بالتخفيف ضعيفة في العربية لأن الف الاستفهام لا يعتمد على ما قبلها
قال أبو جعفر الذي قاله الأخفش حسن يدل عليه ان الذي في سورة النمل لم يقرأ إلا مثقلا ومعنى كلامه أن الكلام معتمد على ما قبله ليس له خبر وإنما دل عليه ما قبله لأنه قال جل وعز { وجعل للّه أندادا ليضل عن سبيله }
فحذف الخبر لأن المعنى أمن هو مطيع كهذا
أو أمن هو مطيع أفضل أم هذا
وهذا موضع { أم } التي بمعنى بل كما قال
أفتلك أم وحشية مسبوعة خذلت وهادية الصوار قوامها
وقوله
أذلك ام جاب يطارد آتنا حملن فأدنى حملهن دروص
ومن قرأ بالتخفيف فالخبر أيضا عنده محذوف وهو شيء غامض في العربية لا يأنس به إلا من درب بها كما قال
فأقسم لوشيء أتانا رسوله سواك ولكن لم نجد لك مدفعا
أي لدفعناه فعلى هذا يقع الحذف
وقيل هو نداء أي يا من هو قائم آناء الليل
وقوله جل وعز { يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه } آية
قرأ سعيد بن جبير{ يحذر عذاب الآخرة } والمعنى واحد
وقوله جل وعز { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب } آية
أي كما لا يستوي العالم والجاهل كذا لا يستوي المطيع والعاصي
وقيل { الذين يعلمون } ما لهم في الطاعة وما عليهم في المعصي
ثم قال { إنما يتذكر أولوا الألباب } أي العقول
ولب كل شيء خالصه
وقوله جل وعز { للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض اللّه واسعة } آية
قيل الحسنة الجنة
وقيل المعنى لهم حسنة في الدنيا أي ثناء حسن وطمأنينة بما لهم
وقوله جل وعز { وأرض اللّه واسعة } آية
قال مجاهد أي فهاجروا واعتزلوا الأوثان
وقوله جل وعز { فاعبدوا ما شئتم من دونه } آية
على الوعيد وهذا قبل الأمر بالقتال
ثم قال جل وعز { قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة } آية
أي خسروا أنفسهم بالتخليد في النار وأهليهم بأنهم لم يدخلوا الجنة فيكون لهم أهلون
وروى معمر عن قتادة قال ليس أحد إلا وقد أعد اللّه له أهلا في الجنة إن اطاعه
وقوله جل وعز { ذلك يخوف اللّه به عباده يا عباد فاتقون } آية
أي ذلك الذي وصف من العذاب
وقوله جل وعز { والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها } آية
روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال الطاغوت الشياطين
قال أبو جعفر وقد بينا هذا في سورة البقرة
وقوله جل وعز { فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه } آية
في معنى هذا قولان
القول الأول قال الضحاك { يستمعون القول } القرآن و { أحسنه } ما أمر اللّه جل وعز به الأنبياء من طاعته فيتبعونه
والقول الاخر أنهم يستمعون القرآن وغيره فيتبعون القرآن
قال ابو جعفر القول الأول حسن والمعنى أنهم إذا سمعوا بالعقوبة والعفو عفوا ورأوا أن العفو افضل وغن كانت العقوبة لهم
وقوله جل وعز { أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار } آية
يقال كيف جيء باستفهامين وقد أجمع أهل العربية انه لا يجوز استفهامان في اسم وخبره
ففي هذا جوابان
أحدهما ان العرب إذا طال الكلام كررت توكيدا وكذلك قال سيبويه في قول اللّه جل وعز { أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون }
المعنى على هذا افمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذه
والكلام شرط وجوابه وجىء بالاستفهام ليدل على التوقيف والتقرير
قال الفراء المعنى أفأنت تنقذ من حقت عليه كلمة العذاب
قال ابو جعفر وهذا والأول واحد
والجواب الآخر أن في الكلام حذفا
والمعنى افمن حق عليه كلمة العذاب يتخلص أو ينجو
ثم حذف الجواب وكان ما بعده مستأنفا
والمعنى افمن سبق في علم اللّه جل وعز انه يدخل النار ينجو أو يتخلص
وقوله جل وعز { ألم تر أن اللّه أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض } آية
يروى ان كل ماء في الأرض فاصله من السماء
وقد يجوز ان يكون إنزاله إياه خلقه له وتكوينه بأمره
وقوله تعالى { فسلكه } أي فادخله فجعله { ينابيع } جمع ينبوع يفعول من نبع ينبع
ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه } أي أخضر وأسود وأصفر وأبيض
ثم يهيج فتراه مصفرا } أي يجف
قال الأصمعي يقال للنبت إذا تم جفافه قد هاج يهيج هيجا
ثم يجعله حطاما } أي رفاتا
ثم قال تعالى { إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب } آية
أي يفكرون فيذكرون ان هذا دال على توحيد اللّه جل وعز وقدرته
وقوله جل وعز { أفمن شرح اللّه صدره للإسلام فهو على نور من ربه } آية
في الكلام حذف
والمعنى افمن شرح اللّه صدره فاهتدى كمن طبع على قلبه فلم يهتد
وفي الحديث قال أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم او ينشرح القلب قال نعم إذا أدخل اللّه فيه النور انشرح وانفسح قالوا فهل لذلك من علامة قال نعم
التجافي عن دار الغرور
والإنابة إلى دار الخلود
والإعداد للموت قبل لقاء الموت
ثم قال جل وعز { فويل للقاسية قلوبهم من ذكر اللّه أولئك في ضلال مبين } آية
قيل معنى { من } وعن ههنا واحد
قال ابو جعفر وليس هذا بشيء فمعنى { من } إذا تليت عليهم آياته قسوا كما قال تعالى { وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم }
وإذا قال عن فمعناه قست قلوبهم وجفت عن قبول ذكر اللّه
وقوله جل وعز { اللّه نزل أحسن الحديث كتابا متشابها } آية
روى الشعبي عن عون بن عبد اللّه قال قالوا يا رسول اللّه حدثنا فنزلت { اللّه نزل أحسن الحديث }
قال قتادة { متشابها } أي لا يختلف
قال أبو جعفر والمعنى انهيشبه بعضه بعضا في الحكمة والحق كما قال جل وعز { ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافا كثيرا }
ثم قال جل وعز { مثاني } آية
قال قتادة { مثاني } ثناه اللّه عز وجل
قال ابو جعفر والمعنى ما تثنى فيه القصص والثواب والعقاب
وقيل المثاني كل سورة فيها اقل من مائة آية أي تثنى في الصلاة
ثم قال جل وعز { تقشعر منه جلود الذين يخشون رب
ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر اللّه } آية
أي تقشعر من الآيات التي يذكر فيها العذ
ثم تلين إلى الآيات التي تذكر فيها الرحمة
وقوله جل وعز { أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة } آية
في الكلام حذف
والمعنى أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب كمن يدخل الجنة
قال مجاهد يخر على وجهه في العذاب يوم القيامة
قال ابو جعفر ويروى أنه يلقى في النار مغلولا فلا يقدر ان يتقي النار إلا بوجهه
وقوله جل وعز { قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون } آية
قال مجاهد أي غير ذي لبس
قال أبو جعفر المعنى أنه مستقيم لا يخالف بعضه
بعضا لأن الشيء المعوج مختلف
وقد روي عن ابن عباس { غير ذي عوج } غير مخلوق
وقوله جل وعز { ضرب اللّه مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون } آية
قال قتادة هو الكافر والشركاء هم الشياطين
قال { ورجلا سلما } هو المؤمن يعمل للّه وحده
قال مجاهد والضحاك هذا مثل للحق والباطل والشركاء هم الأوثان
قال الفراء { متشاكسون } مختلفون
قال أبو جعفر من قرأ{ رجلا سالما } أخرجه على الفعل ومن قرأ { سلما } جعله مصدرا فمعناه ذا سلم
وقوله جل وعز
{ ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون } آية
أي يخاصم المظلوم الظالم والمؤمن الكافر
قال ابن عمر ما كنا ندري فيم نختصم حتى وقعت الفتنة فقلنا هو ذا
وفي الحديث أن الزبير قال يا رسول اللّه اتختصم يوم القيامة بعدما كان بيننا قال نعم حتى يؤدي إلى كل ذي حق حقه قال إن الأمر إذا لشديد
وقوله جل وعز { والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون } آية
حدثنا بكر بن سهل قال حدثنا أبو صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { والذي جاء بالصدق } يقول جاء ب لا إله إلا اللّه { وصدق به } يعني برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم { أولئك هم المتقون } يقول اتقوا الشرك
وروى ابن عيينة عن منصور قال قلت لمجاهد يا أبا الحجاج ما معنى قوله تعالى { والذي جاء بالصدق وصدق به } آية
قال الذي جاء بالقرآن وصدق به
قال أبو جعفر وهذا يشبه القول الأول وهو قول أكثر أهل اللغة
ويدل على صحته أن عبد اللّه بن مسعود قرأ{ والذين جاءوا بالصدق وصدقوا به أولئك هم المتقون }
ف { الذي } ههنا و { الذين } واحد
وقال الحسن هو المؤمن جاء بالصدق يوم القيامة وصدق به في الدنيا
وبعض أهل اللغة بقول حذف من { الذين } النون لطول الاسم
وبعضهم يقول { الذي } بمعنى الذين
وبعضهم يقول { الذي } واحد يؤدي عن معنى الجماعة
قال أبو جعفر وهذا القول أصحها يكون { الذي } مثل من لأنه لا يقصد قصده وحقيقته ان المعنى والقبيل الذي جاء بالصدق وصدق به
وقد قيل في الآية غير هذا
قال قتادة وأبو العالية الذي جاء بالصدق النبي صلى اللّه عليه وسلم وأبو بكر رضي اللّه عنه
وقيل النبي صلى اللّه عليه وسلم وعلي عليه السلام
حدثنا علي بن سعيد قال حدثنا الحسين بن نصر حدثني أبي قال حدثنا عمر بن سعيد عن ليث عن مجاهد { والذي جاء بالصدق } محمد صلى اللّه عليه وسلم { وصدق به } علي بن أبي
طالب عليه السلام
ونظير الذي جاء بالصدق في أنه واحد يؤدي عن جماعة قوله
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم هم القوم كل القوم يا أم خالد
وحذف الن
وقوله
أبني كليب إن عمي اللذا قتلا الملوك وفككا الأغلالا
وقوله عز وجل { أليس اللّه بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه } آية
هذا يدل على النصر وأكثر الكوفيين يقرأ{ بكاف عباده }
والتوحيد أحسن لأنه يروى أنه يراد به النبي صلى اللّه عليه وسلم ويدل عليه { ويخوفونك بالذين من دونه }
روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال الأوثان
قال قتادة أخذها خالد بن الوليد فأسا فجاء إلى العزى ليكسرها فقال له قيمها إن سبلها لا يطاق فخف منها فجاء حتى كسر أنفها
ويروى أنهم قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم لئن لم تنته عن سبها لنأمرنها فلتخبلنك
قال مجاهد نزلت هذه الآية حين قرأ النبي صلى اللّه عليه وسلم سورة النجم عند باب الكعبة
وقوله جل وعز { قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون } آية
قال مجاهد { على مكانتكم } أي على ناحيتكم
قال أبو جعفر وهذا قول صحيح
والمعنى على ناحيتكم التي اخترتموها وتمكنت عندكم
{ إني عامل } المعنى إني عامل على ناحي
ثم حذف
وقوله جل وعز { اللّه يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها } آية
روى جعفر بن ابي المغيرة عن سعيد بن جبير قال تجمع أرواح الأحياء وأرواح الأموات فتعارف بينهما ما شاء اللّه فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجسادها
قال الفراء المعنى { والتي لم تمت في منامها } عند انقضاء أجلها قال وقد يكون توفاها نومها
قال أبو جعفر وقيل المعنى اللّه يتوفى الأنفس حين موتها بإزالة أنفسها وتمييز
ثم أضمر للثاني فعل لأنه مخالف للأول
فالمعنى ويتوفى التي لم تمت في منامها بإزالة تمييزها فقط لأن النائم يتنفس
قال أبو جعفر أحسن ما قيل في هذا أن المعنى { يتوفى } و يستوفي واحد إذا انقضى الشيء كما يقال تبينت
واستبنت وتيقن واستيقن فالميت والنائم في هذا واحد ويدل عليه قوله { فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى }
وقوله جل وعز { أم اتخذوا من دون اللّه شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون } آية
قال قتادة قالوا إنما عبدناها حتى تشفع لنا
ثم قال جل وعز { أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون } آية
قال سيبويه هذا باب الواو إذا دخلت عليها ألف الاستفهام وذلك قولك افلان عند فلان فيقول أهو ممن يكون عند فلان
قال ابو العباس هذا على الاسترشاد أو على الإنكار وما جاء منه في القرآن فمعناه الإنكار والتقرير ووقوع الشيء
ثم قال جل وعز { قل للّه الشفاعة جميعا } آية
كما قال تعالى { من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه }
وقوله جل وعز { وإذا ذكر اللّه وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة } آية
روى معمر عن قتادة قال { اشمأزت } استكبرت وكفرت
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال انقبضت
قال أبو جعفر يقال اشمأز من كذا إذا نفر منه
ويروى أنهم كانو إذا سمعوا من يقول لا إله إلا اللّه وحده نفروا وقالوا لم تذكر آلهتنا
وقوله جل وعز { وبدا لهم من اللّه ما لم يكونوا يحتسبون } آية
يروى أنهم عملوا أعمالا توهموا أنها تنفعهم فلم تنفعهم لأنهم كانوا مشركين
وقوله جل وعز { فإذا مس الإنسان ضر دعا
ثم إذا خولناه نعمة منا } آية
قال مجاهد { خولناه } أعطيناه
قال أبو جعفر يقال خولته كذا أي أعطيته إياه تفضلا من غير جزاء
وقوله جل وعز { قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون } آية
قال مجاهد { إنما أوتيته على علم } أي على شرف
وقال قتادة أي على خير عندي
قال أبو جعفر المعنى إن لي علما بالكسب إما بتجارة أو غيرها فقد علمت إني أوتي هذا
ومن أحسن ما قيل فيه أن المعنى قد علمت إذا أوتيت هذا في الدنيا ان لي عند اللّه منزلة فرد اللّه جل وعز ذا عليه فقال { أو لم يعلم أن اللّه قد أهلك من قبله من القرون } الآية
فعرف اللّه جل وعز انه ليس يعطي المال كل من له منزلة
ثم قال جل وعز { بل هي فتنة } آية
أي بل العطية فتنة يمتحن بها العبد ليظهر منه أيشكر أم يكفر
وقوله جل وعز { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللّه } آية
روى مجاهد عن ابن عباس قال نزلت في وحشي قاتل حمزة على حمزة السلام إلى تمام ثلاث آيات وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم لا يطيق أن ينظر إليه فظن أن اللّه جل وعز لم يقبل منه إسلامه فنزلت هذه الايات الثلاث
وروى إبراهيم التيمي عن ابن عباس أنه كان يقرأ{ قل يا عبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللّه إن اللّه يغفر الذنوب جميعا لمن يشاء }
وقال نزلت في قاتل حمزة وذويه كذا قال
قال ابو جعفر وكذلك يروى أنه في مصحف ابن مسعود
ومعنى { لا تقنطوا } لا تيأسوا
قال قتادة { وأنيبوا إلى ربكم } أي أقبلوا واعملوا له
وقوله جل وعز { واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة } آية
وكله حسن ففي هذا أقوال أ منها أن اللّه جل وعز قد أباح الانتصار بعد الظلم والعفو والعفو أحسن ب ومنها أن اللّه جل وعز قد أخبر عن قوم أنهم أطاعوا وعن قوم أنهم عصوا فأمر أن نتبع الطاعة ج ومنها أنه الناسخ د ومنهاأن يكون المعنى الحسن مما أنزل إليكم
و { بغتة } فجأة
وقوله جل وعز { أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب اللّه } آية
المعنى افعلوا هذا خوف أن تقول نفس وكراهة أن تقول نفس يا حسرتا
والحسرة الندامة أي يلحق الإنسان ما يصير معه حسيرا أي معيبا وحرف النداء يدل على أنه شيء لازم أي يا حسرة هذا وقتك وهذا مذهب سيبويه
قال مجاهد { في جنب اللّه } أي في أمر اللّه
قال أبو جعفر المعنى في جنب أمر اللّه على التمثيل
أي على الطريق الذي يؤدي إلى الحق وهو الإيمان
وقوله جل وعز { بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين } آية
{ بلى } في كلام العرب إنما يقع بعد النفي وليس في ما هداني اللّه
وروى الربيع بن انس عن أم سلمة ان النبي صلى اللّه عليه وسلم قرأ { بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين }
وقراءة الأعمش{ بلى قد جاءته آياتي } وهذا يدل على التذكير
والربيع بن أنس لم يلحق أم سلمة إلا أن القراءة جائزة لأن النفس تقع للمذكر والمؤنث
وقد أنكر هذه القراءة بعضهم وقال يجب إذا كسر التاء أن يقول وكنت من الكوافر أو من الكافرات
قال أبو جعفر وهذا لا يلزم ألا ترى ان قبله { أن تقول نفس
ثم قال { وإن كنت لمن الساخرين } ولم يقل من السواخر ولا من الساخرات
والتقدير في العربية على كسر التاء واستكبرت وكنت من الجميع الساخرين أو من الناس الساخرين أو من القوم الساخرين وقوم يقع للرجال والنساء إذا اجتمعوا وللرجال مفردين كما قال الشاعر
وما أدري وسوف إخال أدري أقوم آل حصن أم نساء
وقوله جل وعز { وينجي اللّه الذين اتقوا بمفازتهم } آية
أي بنجائهم من النار
ويقرأ { بمفازتهم } والتوحيد أجود لأن مفازة بمعنى الفوز
وقوله جل وعز { له مقاليد السماوات والأرض والذين كفروا بآيات اللّه أولئك هم الخاسرون } آية
روى سعيد عن قتادة قال { مقاليد } أي مفاتيح
قال أبو جعفر ومعنى له مفاتح السموات والأرض هو خالق ما فيهما ومفتاح بابه بيده عز و
ثم قال { والذين كفروا بآيات اللّه أولئك هم الخاسرون }
أي من زعم أن غيره خلق شيئا من هذا فقد خسر وكفر
ثم أخبر أنه ينبغي أن يعبد وحده فقال بعد البراهين { قل أفغير اللّه تأمروني أعبد أيها الجاهلون } آية
أي افغير اللّه أعبد في أمركم
هذا قول سيبويه
وقوله جل وعز { وما قدروا اللّه حق قدره } آية
قال أبو جعفر أبو عبيدة يذهب إلى أن المعنى وما عرفوا اللّه حق معرفته
وفي معناه قول آخر وهو أن يكون التقدير وما قدروا نعم
الل
ثم حذف كما قال سبحانه { واسأل القرية }
ثم قال جل وعز { والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه } آية
قال الضحاك هذا كله في يمينه
قال أبو جعفر معنى { والأرض جميعا قبضته يوم القيامة } أي يملكها كما تقول هذا في قبضتي
قال محمد بن يزيد معنى { بيمينه } بقوته وأنشد
إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين
أي بالقوة
وقوله جل وعز { ونفخ في الصور } آية
في معناه قولان
أحدهما أنه روي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم انه سئل عن الصور فقال هو قرن ينفخ فيه
وروى معمر عن قتادة في قوله { ونفخ في الصور } قال في صور الناس أجمعين
قال أبو جعفر هذا ليس بمعروف والمستعمل في جمع صورة صور ولم يقرأ أحد ونفخ في الصور
ثم قال تعالى { فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه } آية
روى سعيد عن قتادة { فصعق } فمات
وروى عاصم عن عيسى المدني قال سمعت علي بن حسين يسال كعب الأحبار عن قوله تعالى { فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه } فقال كعب جبرائيل وميكائيل واسرافيل ملك الموت وحملة الع
ثم يميتهم اللّه بعد
وروى محمد بن إسحاق عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن النبي صلى اللّه عليه وسلم
وقوله تعالى { فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه } قال جبرائيل وميكائيل
وحملة العرش وملك الموت وإسرافيل
وفي هذا الحديث أن آخرهم موتا جبرائيل صلى اللّه عليه وسلم
وقال سعيد بن جبير { إلا من شاء اللّه } هم الشهداء متقلدي السيوف عند العرش
قال أبو جعفر وهذا ليس بناقض للأول
وقد روى أبو هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ينفخ في الصور فأكون أول من قام فإذا موسى صلى اللّه عليه وسلم فلا أدري اقام قبلي أم هو ممن استثى اللّه
وقوله جل وعز {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون } آية
روى ابو هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال إن بين النفختين أربعين
قال الحسن لا أدري اهي أربعون سنة أم أربعون شهرا أم أربعون ليلة أم أربعون ساعة
وقوله جل وعز { وأشرقت الأرض بنور ربها } آية
يبين هذا الحديث المرفوع عن النبي صلى اللّه عليه وسلم من طرق كثيرة صحاح تنظرون إلى اللّه جل وعز لا تضامون في رؤيته
وهو يروى على أربعة أوجه لا تضامون ولا تضارون ولا تضارون ولا تضامون
فمعنى تضامون لا يلحقكم ضيم كما يلحق في الدنيا في النظر إلى الملوك
ولا تضارون لا يلحقكم ضير
ولا تضامون لا ينضم بعضكم إلى بعض ليساله ان يريه
ولا تضارون لا يخالف بعضكم بعضا يقال ضاررته مضارة وضرارا أي خالفته
وقوله جل وعز { وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها } آية
الكوفيون يذهبون إلى ان الواو زائدة
وهذا خطأ عند البصريين لأن الواو تفيد معنى العطف ولا يجوز أن تزاد
قال محمد بن يزيد المعنى حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها سعدوا
وقوله جل وعز { وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } آية
قال أبو إسحاق المعنى طبتم فادخلوها خالدين دخلوا وحذف هذا لعلم السامع
وقيل معنى { طبتم } طبتم في الدنيا
وروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال يغتسلون من نهر في الجنة ويشربون منه فلا يبقى في أجوافهم خبث ولا غل إلا خرج
وقوله جل وعز { وقالوا الحمد للّه الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض } آية
قال قتادة يعني أرض الجنة
وقوله جل وعز { وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد للّه رب العالمين } آية فختم بالحمد كما بدأ به انتهت سورة الزمر