سُورَةُ الصَّافَّاتِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ مِائَةٌ وَاثْنَتَانِ وَثَمَانُونَ آيَةً

وهي مكية

١

من ذلك قوله جل وعز { والصافات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا } آية    

 روى مسروق عن عبد اللّه بن مسعود وعكرمة عن ابن عباس قالا في قوله تعالى { والصافات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا } هذه كلها الملائكة

 قال أبو جعفر { والصافات } جمع صافة كأنه جماعة

صافة أي مصطفة تذكر اللّه جل وعز وتسبحه

٢

 { فالزاجرات } جمع زاجرة أي التي تزجر السحاب على ما مضى

 وقال قتادة الزاجرات كل ما زجر عنه كأنه يريد ذوات الزجر

 ويجوز أن تكون { فالزاجرات } كل ما يزجر عن معاصي اللّه جل وعز وأن تكون التاليات كل ما يتلو ذكر اللّه جل وعز وكتبه

٥

 ثم قال جل وعز { رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق } آية 

 روى أبو ظيبان عن ابن عباس قال للشمس كل يوم

مشرق وكل يوم مغرب فتلك المشارق والمغارب

 وللصيف مشرق ومغرب وللشتاء مشرق ومغرب فذلك قوله جل وعز { رب المشرقين ورب المغربين }

٦

 ثم قال جل وعز { إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب } آية 

 على البدل و { بزينة الكواكب } قال أبو حاتم أعني الكواكب

قال أبو جعفر وأجود مما قال أن يكون بمعنى بأن زينا الكواكب فيها

 ويجوز { بزينة الكواكب } بمعنى بأن زينتها الكواكب أو بمعنى هي الكواكب

٧

 وقوله جل وعز { وحفظا من كل شيطان مارد } آية 

 أي وحفظناها حفظا من كل شيطان مارد

٨

 وقوله جل وعز { لا يسمعون إلى الملإ الأعلى } آية  يعني الملائكة

 قال أبو حاتم أي لئلا يسمع

 ثم حذف أن فرفع الفعل كما قال الشاعر

  ألا أيها اللائمي احضر الوغى  وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي 

 ثم قال جل وعز { ويقذفون من كل جانب دحورا } آية 

 قال مجاهد { ويقذفون } أي يرمون { دحورا } أي مطرودين

٩

 وقال قتادة { دحورا } أي رميا في النار

 قال أبو جعفر يقال دحره إذا طرده وباعده دحورا ودحرا

ويروى عن أبي عبد الرحمن أنه قرأ { دحورا } بفتح الدال والمصادر على فعول قليلة

 وقال بعض النحويين ليس بمصدر ولكنه بمعنى بما يدحرهم ولو كان على ما قال لكان بدحور أي بمباعد

 ثم قال جل وعز { ولهم عذاب واصب } آية 

 قال مجاهد وقتادة أي دائم

١٠

 ثم قال جل وعز { إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب } آية   

 يقال خطف الشيء إذا أخذه بسرعة { فأتبعه شهاب ثاقب }

 قال الحسن ومجاهد وقتادة وأبو مجلز { ثاقب } أي مضيء

 قال أبو جعفر وهذا مشهور في اللغة كما قال

 و زندك أثقب أزنادها

١١

 وقوله جل وعز { فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا } آية   

 قال مجاهد والضحاك يعني السموات والأرض والبحار

 قال أبو جعفر يجب أن يكون داخلا في هذا الملائكة وغيرها مع السموات والأرض والبحار لأن من لايقع لما لايعقل مفردا

  ثم قال جل وعز { إنا خلقناهم من طين لازب } آية    

 قال مجاهد أي لازم

 وقال قتادة أي لازق

 والفراء يذهب إلى أن الباء بدل من الميم وحكي أنه يقال لاتب بمعناه وقال النابغة

  فلا تحسبون الخير لا شر بعده  و لا تحسبون الشر ضربة لازب 

١٢

  وقوله جل وعز { بل عجبت ويسخرون } آية   

 قال قتادة بل عجبت من الكتاب والوحي ويسخرون مما جئت به

 و قيل المعنى بل عجبت من إنكارهم البعث وأنكر شريح أن تقرأ { بل عجبت } بضم التاء وقال إن اللّه لا يعجب إنما يعجب من لا يعلم

 قال أبو جعفر وهذا الذي قاله لا يلزم وبضم التاء قرأ علي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عباس

 ومعنى التعجب في اللغة أن ينكر الشيء و يقل في فيتعجب منه فاللّه جل وعز العالم بالأشياء و بما يكون ولكنا لا يقع التعجب إلا بعد الكون

 فهو منه جل وعلا خلافة من الآدميين لأنه قد علمه قبل وبعد وهو يشبه علم الشهادة كما قال سبحانه { لنعلم أي الحزبين }

 ويجوز أن يكون المعنى قل بل عجبت

١٤

 وقوله جل وعز { وإذا رأوا آية يستسخرون } آية   

 قال قتادة أي يسخرون

 وقال مجاهد أي يسخرون ويستهزئون

 وقيل { يستسخرون } يستدعون السخري من غيرهم

وهو قول مجاهد وقتادة

 ونظيره من كلام العرب قد وأستقر وعجب واستعجب بمعنى واحد

 وقرأ الكوفة { كأنهم حمر مستنفرة } أي نافرة

١٨

 وقوله جل وعز { قل نعم وأنتم داخرون } آية   

 المعنى قل نعم تبعثون { وأنتم داخرون } قال قتادة أي صاغرون

١٩

  ثم أخبر أن ذلك يكون زجرة واحدة فقال جل وعز { فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون } أي قد حيوا ينظرون

٢٠

  وقوله جل وعز { وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين } آية 

 قال قتادة أي يوم يدين اللّه جل وعز العباد بأعمالهم

٢١

  ثم قال جل وعز { هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون } آية   

 أي يقال لهم نعم هذا يوم الفصل أي يوم الفصل بين المحسن والمسيء

 وقال أبو عبيدة { يوم الفصل } يوم القضاء

٢٢

  وقوله جل وعز { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون اللّه فاهدوهم إلى صراط الجحيم } آية

أي يقال هذا

 قال عبد اللّه بن عباس والنعمان بن بشير عن عمر { وأزواجهم } أي وأشباههم

 قال أبو جعفر يقال زوجت الناقة بالناقة أي قرنتهما ومنه قيل للرجل زوج وللمرأة زوج

 ويقال هديته الطريق أي دللته عليه

٢٥

 وقوله جل وعز { ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون } آية 

 روى سعيد عن قتادة { ما لكم لا تناصرون } أي لايدفع بعضكم عن بعض { بل هم اليوم مستسلمون } قال أي مستسلمون في العذاب

٢٦

 وقوله جل وعز { وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين } آية 

 روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال هذا قول الكفار للشياطين

٢٧

 وروى سعيد عن قتادة قال هذا قول الإنس للجن قالوا لهم { إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين } أي من طريق الجنة تثبطوننا عنها وتصدوننا

 وقيل هذا قول التابعين للمتبعين

 قال أبو جعفر وهذا يشبه قوله تعالى { وعن أيمانهم }

 روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى

{ وعن أيمانهم } قال أشبه عليهم أمر دينهم

٢٨

 قال أبو جعفر وحقيقة معنى { إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين } واللّه أعلم إنكم كنتم تأتوننا من الجهة التي هي أقوى الجهات وهي جهة الدين فتشككوننا فيه

 وقد قيل هذا في قوله جل وعز { والسماوات مطويات بيمينه } وهو معروف في كلام العرب واللّه أعلم بما أراد

قال الشاعر

  تلقاها عرابة باليمين 

٢٩

 فردوا عليهم بأنهم كانوا ضالين فقالوا { بل لم تكونوا مؤمنين وما كان لنا عليكم من سلطان }

 قال السدي أي من حجة

٣٠

  وقوله جل وعز { بل كنتم قوما طاغين } أي ضالين { فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون }

٣١

أي كلنا في العذاب { فأغويناكم إنا كنا غاوين } آية 

 أي بالوسوسة والاستدعاء

٣٥

  وقوله جل وعز { إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا اللّه يستكبرون } آية 

 أي عن توحيد اللّه جل وعز

٤٥

  وقوله جل وعز { يطاف عليهم بكأس من معين } آية 

٤٦

 قال قتادة أي خمر جارية { بيضاء لذة للشاربين } قال الحسن خمر الجنة أشد بياضا من اللبن

٤٧

  ثم قال جل وعز { لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون } آية 

 روى ابن أبي نجيح عن مجاهد { لا فيها غول } قال لا فيها وجع بطن { ولا هم عنها ينزفون } لاتذهب عقولهم

 وروى معمر عن قتادة { لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون } قال لاتصدع رؤسهم ولاتذهب عقولهم

 وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { لا فيها غول } قال يقول ليس فيها صداع { ولا هم عنها ينزفون } قال لاتذهب عقولهم

 قال سعيد بن جبير { ولا ينزفون } لاتنزف عقولهم قالوا والغول الأذى المكروه

 قال أبو جعفر و هذا أجمعها او أولادها يقال غالته غول أي ذهبت به ذاهبة وقد غاله الشراب واغتاله أي ذهب بعقله أو آذاه ومنه اغتال فلان فلانا ومنه قتله قتل غيلة انقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها وأصل نزف نقص و المعنى لا يلحقهم نقصان بسكر ولا غيره فنفى اللّه جل وعز عنهم السكر لما فيه من الباطل والسفه

 وجملته النقصان ويقرأ { ولا هم عنها ينزفون } وفي معناه قولان أعرفهما أنه يقال أنزف الرجل إذا نفد شرابه والمعنى أنزف شرابه

 ب والقول الاخر أنه حكي انه يقال أنزف الرجل إذا سكر وانشد أبو عبيدة للأبيرد

  لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم  لبئس الندامى كنتم آل أبجرا 

 فأما نزف الرجل إذا ذهب عقله من السكر فمعروف مسموع من العرب

٤٨

 وقوله جل وعز { وعندهم قاصرات الطرف عين } آية 

 قال قتادة قصرن طرفهن على أزواجهن

 وروى أبو يحيى عن مجاهد قال قصرن أطرافهن على أزواجهن فلا ينظرن إلى غيرهم

 وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال لايغرن على أزواجهن

 قال أبو جعفر و القول الأول هو المعروف وأصله من قصرته أي حبسته

 وقوله تعالى { عين } قال مجاهد أي حسان العيون

 وقال السدي { عين } أي عظام الأعين

 وحكى أهل اللغة أنه يقال رجل أعين وامرأة عيناء أي واسع

العين

٤٩

  ثم قال جل وعز { كأنهن بيض مكنون } آية 

 قال قتادة أي لم تمر به الأيدي يشبهن بياضه

 يعني قتادة الذي داخل القشر

 قال أبو جعفر يقال كننت الشيء أي صنته والعرب تشبه المرأة ببيضة النعامة كما قال الشاعر

  كبكر المقاناة البياض بصفرة  غذاها نمير الماء غير محلل

٥٠

  ثم قال عز و جل { فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون } آية 

 يعني أهل الجنة

٥١

 { قال قائل منهم إني كان لي قرين } آية   

 قال عطاء الخراساني هذان رجلان أخوان تصدق

أحدهما  بماله فعيره أخوه وقال له ما قصا اللّه جل وعز

 وقد روي عن ابن عباس هو الرجل المشرك له صاحب مؤمن قال له هذا

 قال مجاهد { قرين } أي شيطان

٥٢

  ثم قال جل وعز { يقول أئنك لمن المصدقين } آية 

 المعنى يقول أئنك لمن المصدقين بأنا مدين

 ثم كسرت إن لمجىء اللا م

٥٣

 قال مجاهد { مدينون } أي محاسبون

٥٤

{ قال هل أنتم مطلعون } أي قال الذي في الجنة هل أنتم مشرفون { فاطلع فرآه } أي فأشرف فرأى قرينه { في سواء الجحيم }

أي في وسطها

٥٦

 قال الذي في الجنة { تاللّه إن كدت لتردين } أي تهلكني

 وفي قراءة عبد اللّه لتغوين

٥٧

  ثم قال جل وعز { ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين } آية 

 قال قتادة أي لمن المحضرين في النار

٥٨

  ثم قال جل وعز { أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين إن هذا لهو الفوز العظيم } آية 

 قال قتادة هذا آخر كلا

٦١

 ثم قال جل وعز { لمثل هذا فليعمل العاملون }

٦٢

  وقوله جل وعز { أذلك خير نزلا } آية 

 أذلك خير نزلا ونزلا أي رزقا والنزل أيضا الريع والفضل

 ثم قال تعالى { أم شجرة الزقوم إنا جعلناها فتنة للظالمين } آية 

 قال مجاهد قال أبو جهل ما نعرف الزقوم إلا التمر بالزبد فنتزقم

٦٤

 وقال قتادة فتنوا بهذا فقالوا كيف يكون في النار شجرة والنار تأكل الشجر فقال اللّه عز وجل { إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم }

أي غذاؤها من النار ومنها خلقت

٦٥

  ثم قال جل وعز { طلعها كأنه رؤوس الشياطين } آية  { طلعها }

 ثمرها كأنه أول ما يطلع من

 ثم قال { كأنه رؤوس الشياطين }

 قال أبو العباس يقال لم تر الشياطين فكيف وقع التشبيه بها

 و هل يجوز أن يقال كأن زيدا فلان وفلان لا يعرف

 فالجواب أن المقصود هو ما وقع عليه التعارف من المعاني فإذا قيل فلان شيطان فقد علم أن المعنى فلان قبيح خبيث ومنه قولهم تشيطن إذا تخبث كما قال الشاعر

  أيقتلني و المشر في مضاجعي  ومسنونة زرق كأنياب أغوال  

 ولم تر الغول قط ولا أنيابها ولكن العرب إذا قبحت المؤنث شبهته بالغول وإذا قبحت المذكر شبهته بالشيطان فهذا جواب صحيح بين وقد قيل هو نبت باليمن قبيح المنظر شبهت به يقال له الأستن والشيطان وليس ذلك بمعروف عند العرب

 قال أبو جعفر وقيل الشياطين ضروب من الحيات قباح

  وقوله جل وعز

٦٧

{ ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم } آية 

 قال قتادة أي مزاجا

 قال أبو جعفر يقال شبت الشيء بالشيء أي خلطته به

 فقيل يراد به ههنا شرب الحميم

٦٩

  وقوله جل وعز { إنهم ألفوا آباءهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون } آية

 معنى { ألفوا } وجدوا

٧٠

 قال مجاهد { يهرعون } كهيئة الهرولة وقال قتادة يسرعون

 وقيل كأنهم يزعجون من الإسراع

٧٥

  وقوله جل وعز { ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون } آية 

 قيل بمسألته هلاك قومه فقال { رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا }

٧٦

 وقيل المعنى دعا بأن ننجيه من الغرق { ونجيناه وأهله من الكرب العظيم } أي من الغرق

٧٧

  ثم قال جل وعز { وجعلنا ذريته هم الباقين } آية 

 روى سعيد عن قتادة الناس كلهم من ذرية نوح صلى اللّه عليه وسلم

٧٨

  ثم قال جل وعز { وتركنا عليه في الآخرين } آية 

 قال مجاهد وقتادة أي ثناء

 وقال محمد بن زيد المعنى وتركنا عليه في الآخرين

٧٩

 يقال { سلام على نوح في العالمين } أي تركنا عليه هذه الكلمة باقية

٨٣

  وقوله جل وعز { وإن من شيعته لإبراهيم } آية 

 قال مجاهد أي على منهاجه وسنته

 وقال قتادة على دينه

 قال أبو جعفر المعنى وإن من شيعة نوح

 قال الفراء المعنى وإن من شيعة محمد صلى اللّه عليه وسلم

 والأول أشبه لأن ذكر نوح قد تقدم

٨٤

  ثم قال جل وعز { إذ جاء ربه بقلب سليم } آية 

 قال قتادة أي سليم من الشرك

 وقال عروة بن الزبير لم يلعن شيئا قط فقال اللّه جل وعز { إذ جاء ربه بقلب سليم }

٨٦

  وقوله جل وعز { أئفكا آلهة دون اللّه تريدون } آية 

 قال قتادة أي أكذبا

٨٧

  ثم قال جل وعز { فما ظنكم برب العالمين } آية 

 روى سعيد عن قتادة قال أي فما ظنكم برب العالمين وقد

عبدتم غيره إذا لقيتموه

٨٨

  وقوله جل وعز { فنظر نظرة في النجوم } آية 

 في معناه ثلاثة أقوال

 قال الحسن أي تفكر فيما يعمل إذا كلفوه الخروج

 قال أبو جعفر والمعنى على هذا القول فنظر فيما نجم له من الرأي أي فيما طلع له يقال نجم القرن والنبت إذا طلعا

 أي فكر فعلم أنه لبد لكل حي من أن يسقم فقال { إني سقيم }

 قال الخليل يقال للرجل إذا فكر في الشيء كيف يدبره نظر في النجوم

 وكذلك قال أبو العباس في معنى هذه الاية

 والقول الثاني أن يكون المعنى فنظر فيما نجم من الأشياء فعلم ان لها خالقا ومدبرا وأنها تتغير وعلم ان ذلك يلحقه فقال إني سقيم

 والقول الثالث ما رواه سعيد عن قتادة أن سعيد بن المسيب قال نظر إلى نجم فقال إني سقيم فكايد عن دينه

 قال أبو جعفر والمعنى على هذا القول فعمل ما يعلمون من

النظر في النجوم واستدلالهم بها

٨٩

 قال سعيد بن جبير والضحاك { فقال إني سقيم } أي مطعون وكاتوا يهربون من الطاعون

٩٠

قال اللّه جل وعز { فتولوا عنه مدبرين }

٩١

  وقوله جل وعز { فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون } آية   

 أي مال وعدل ومنه الرو

 ثم قال { ألا تأكلون }

تعجبا

 أي فقرب إليها الطعام فقال { ألا تأكلون } فلما لم يرها تأكل قال ألا تنطقون

 وقال أبو مالك جاء إلى آلهتهم وكانوا قد جعلوا بين أيديها طعاما فلما لم تكلمه قال { ما لكم لا تنطقون } فأخذ فأسا فضرب به حافتي

 ثم علقه في عنق أكبرها

٩٣

  وقوله جل وعز { فراغ عليهم ضربا باليمين } آية 

 قال أبو جعفر يجوز أن يكون معنى { باليمين } بالقوة كما تقدم

 ويجوز أن يريد اليد

 وقيل بيمينه حين قال { وتاللّه لأكيدن أصنامكم }

٩٤

  ثم قال جل وعز { فأقبلوا إليه يزفون } آية 

 قال قتادة أي يمشون

 قال أبو جعفر يقال زف النعام يزف إذا أسرع وذلك في أول عدوه

 ويقرأ { يزفون } بضم الياء وأكثر اهل اللغة لا يعرفه

 وقد يجوز أن يكون أزف صادف الزفيف فيكون هذا منه

 و حكى الكسائي أنه قرىء { يزفون } بتخفيف الفاء وأكثر اهل اللغة لا يعرفه أيضا

 وحكى بعضهم أنه قال وزف يزف إذا أسرع

٩٦

  ثم قال جل وعز { واللّه خلقكم وما تعملون } آية 

 قال أبو عبيد أي وما تعملون منه الأصنام وتنحتونه وهو الخشب والحجارة وغيرهما

 قال قتادة وماتعملون بايديكم

 ويجوز أن يكون ما نفيا أي وما تعملونه ولكن اللّه خالقه

 ويجوز أن يكون بمعنى المصدر أي وعملكم

 ويجوز ان يكون استفهاما فيه معنى التوبيخ

٩٨

  وقوله جل وعز { فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين } آية 

 { الأسفلين } الأذلين حجة

 قال قتادة ما ناظر هم بعد ذلك حتى أهلكهم

٩٩

  وقوله جل وعز { وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين } آية 

 هاجر إلى الأرض المقدسة

١٠٢

  وقوله جل وعز { فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى } آية   

 قال مجاهد { بلغ معه السعي } أي العمل أي شب

 وقال غيره بلغ ثلاث عشرة سنة

 قال يابني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى { آية }

 أي إني أرى في المنام أني سأذبحك

 أي أمرت بهذا في المنام وجعل علامة إذا رأيت ذلك أن أذبحك

 و يقرأ { ماذا ترى } من الصبر

 قال أبو إسحاق لم يقل هذا أحد غيره

 وإنما قال العلماء المعنى ماذا تشير

 وقد روي في الذبيح احاديث عن جماعة من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم

 وقال بعض أهل العلم الدليل على أنه إسماعيل أن إسماعيل كان بمكة وكان الذبح بمنى

 وهذا لايلزم روي عن ابن عباس انه قال كان الذبح بالشام

 وقال عبيد بن عمير كان بالشام وإن كان مجاهد قد قال كان بمنى

 وقال بعضهم في القرآن ما يدل على أنه إسماعيل صلى اللّه عليه وسلم قال اللّه عز وجل { فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب } فدل بهذا على أن إسحاق سيعيش حتى يولد له فكيف يؤمر بذبحه

 قال أبو جعفر وهذا ايضا لايثبت حجة لأنه يجوز أن يؤمر بذبحه وقد علم أنه يولد له لأنه يجوز أن يحييه اللّه جل وعز بعد ذلك

١٠٣

  وقوله جل وعز { فلما أسلما وتله للجبين } آية  

 قال مجاهد أي سلما لأمر اللّه جل وعز

 قال أبو جعفر وفي حرف عبد اللّه بن مسعود{ فلما سلما }

 يقال سلم إذا أعطى بيده ورضي

 ثم قال تعالى { وتله للجبين } أي صرعه وهما جبينان بين هما الجبهة

 وجواب لما عند البصريين محذوف كأنه قال سعد والواو عند الكوفيين زائدة كأنه قال ناديناه

١٠٧

  وقوله جل وعز { وفديناه بذبح عظيم } آية  

 الذبح المذبوح والذبح المصدر

 روى ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال كبير متقبل

 قال أبو جعفر { عظيم } في اللغة يكون للكبير و الشريف

 وأهل التفسير على أنه ههنا للشريف أي المتقبل

١١٤

  وقوله جل وعز { ولقد مننا على موسى وهارون ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم } آية    

 روى سعيد عن قتادة قال من فرعون

١١٦

  ثم قال جل وعز { ونصرناهم فكانوا هم الغالبين } آية    

 ولم يقل ونصرناهما لأن الإثنين في الأصل جمع

 ويجوز أن يكون كما يخبر عن الواحد بفعل الجماعة

 وقيل المعنى ونصرنا موسى وهارون عليهما السلام وقومهما على فرعون وقومه وهذا هو الصواب لأن قبله { ونجيناهما وقومهما }

١١٧

  ثم قال جل وعز { وآتيناهما الكتاب المستبين } آية    

 روى سعيد عن قتادة قال التوراة

١١٨

 قال { وهديناهما الصراط المستقيم } الإسلام

١٢٣

  وقوله جل وعز { وإن إلياس لمن المرسلين } آية  

 قيل إلياس هو إدريس

 وقيل هو من ولد هارون صلى اللّه عليهما وسلم واللّه جل وعز أعلم

١٢٥

  وقوله جل وعز { أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين } آية   

 قال مجاهد { أتدعون بعلا } أي ربا

 وقال الضحاك هو صنم لهم يسمى بعلا

 قال ابن زيد كانوا ببعلبك

 وسئل ابن عباس عن هذا فسكت فسمع رجلا ينشد ضالة فقال له آخر أنا بعلها أي ربها فقال ابن عباس للسائل

هذا مثل قوله تعالى { أتدعون بعلا } أي ربا

 وحكى ابن إسحاق أن { بعلا } امرأة كانوا يعبدونها

 قال أبو جعفر يقال هذا بعل الدار أي ربها

 فالمعنى أتدعون ربا اختلقتموه وتذرون أحسن الخالقين

 وأصل هذا أنه يقال لكل ماعلا وارتفع بعل ومنه قيل بعل المرأة ومنه قيل لما شرب بماء السماء بعل

١٢٧

  وقوله جل وعز { فكذبوه فإنهم لمحضرون } آية   

 قال قتادة أي في العذا

١٣٠

 وقوله جل وعز { سلام على إل ياسين } آية   

 قال أبو جعفر من قرأ { سلام على إل ياسين } ففي قراءته قولان

 أحدهما  ان يكون إلياسين وإلياس واحد كما يقال سيناء وسينين

 والثاني ويجوز أن يكون جمعه مع أهل دينه كما يقال مهالبة

١٣٩

  وقوله جل وعز { وإن يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلك المشحون } آية   أي هرب

 قال طاووس لما ركب السفينة ركدت فقالوا إن فيها

رجلا مشئوما فقارعوه فوقعت القرعة عليه ثلاث مرات فرموا به فالتقمه الحوت

١٤١

  وقوله جل وعز { فساهم فكان من المدحضين } آية    

 قال مجاهد { فكان من المدحضين } أي من المسهومين

 قال أبو جعفر أصل أدحضته أزلقته

 وقال ابن عيينة أي من المقمورين

١٤٢

  ثم قال جل وعز { فالتقمه الحوت وهو مليم } آية   

 قال قتادة أي مسيء

 قال أبو جعفر يقال ألام الرجل إذا جاب ما يلام عليه

١٤٣

  وقوله جل وعز { فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون } آية   

 روى أبو رزين عن ابن عباس { من المسبحين } قال من المصلين

١٤٤

 ثم قال { للبث في بطنه إلى يوم يبعثون } آية   

 قال مجاهد أي في بطن الحوت

١٤٥

  ثم قال جل وعز { فنبذناه بالعراء وهو سقيم } آية   

 قال يعقوب بن إسحاق قال الفراء { بالعراء }

المكان الخالي ومنه قول اللّه جل وعز { فنبذناه بالعراء وهو سقيم }

 قال وقال ابو عبيدة العراء وجه الأرض وأنشد لرجل من خزاعة

  رفعت رجلا لا أخاف عثارها  ونبذت بالبلد العراء ثيابي 

١٤٦

  ثم قال جل وعز { وأنبتنا عليه شجرة من يقطين } آية   

 روى عمرو بن ميمون عن ابن مسعود قال هي القرع

 وقال مجاهد هي كل شجرة على وجه الأرض لا ساق لها

 قال أبو جعفر هذا الذي قاله مجاهد هو الذي تعرفه العرب يقع للقرع والحنظل والبطيخ والكل ما لم يكن على ساق وكأن اشتقاقه من قطن بالمكان أي أقام به وانشد سيويه

  قواطنا مكة من ورق الحمي

١٤٧

  ثم قال جل وعز { وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون } آية   

 قال أبو جعفر في معنى أو أربعة اقوال

   قال أبو عبيدة والفراء هي بمعنى بل وهذا خطأ عند أكثر النحويين الحذاق ولو

كان كما قالا لكان وارسلناه إلى أكثر من مائة ألف واستغنى عن أو

  وقال القتبي أو بمعنى الواو

 وهذا ايضا خطا لأن فيه بطلان المعاني

  وقيل أو للإباحة

  وقال محمد بن يزيد أو على بابها و المعنى

أرسلناه إلى جماعة لو رأيتموهم لقلتم مائة ألف أو أكثر

 وروي عن ابن عباس قال أرسل إلى مائة ألف وثلاثين الفا

 قال أبو مالك اقام في بطن الحوت أربعين يوما

 قال ابن طاووس أنبت اللّه عليه شجرة من يقطين وهي الدباء فكانت تظله من الشمس ويأكل منها فلما سقطت بكى عليها فأوحى اللّه جل وعز إليه أتحزن على شجرة ولا تحزن على مائة ألف أو يزيد وتابوا فلم أهلكهم

 قال سعيد بن جبير أرسل اللّه جل وعز على الشجرة الأرضة فقطعت أصولها فحزن عليها وذكر الحديث

 قال مجاهد كانت الرسالة قبل أن يلتقمه الحوت

 قال أبو جعفر حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال حدثنا العباس بن محمد قال حدثنا أبو النعمان محمد بن الفضل قال حدثنا ابو هلال قال حدثنا شهر بن حوشب عن ابن عباس قال إنما كانت رسالة يونس صلى اللّه عليه وسلم بعد ما نبذه الحوت وتلا هذه الآية { وإن يونس لمن المرسلين } حتى بلغ إلى قوله { وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون } قال كانت الرسالة بعد ذلك

١٤٨

  قوله جل وعز { فآمنوا فمتعناهم إلى حين } آية   

 روى معمر عن قتادة قال إلى الموت

١٤٩

  وقوله جل وعز { فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون } آية   

 أي فاسالهم سؤال توبيخ

١٥٣

 وروي عن جماعة من القراء انهم قرءوا { أصطفى البنات على البنين } بوصل الألف وانكر أبو حاتم هذه القراءة

 قال أبو جعفر وهي جائزة على أن يكون مردودا على القول وعلى أنه قد يكون التوبيخ بغير الف استفهام

١٥٦

  وقوله جل وعز { أم لكم سلطان مبين فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين }

آية   

١٥٧

 قال السدي { سلطان } أي حجة { فأتوا بكتابكم } قالب بحجتكم أن كتابا جاءكم بهذا

١٥٨

  وقوله جل وعز { وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا } آية   

 قال الفراء { الجنة } ههنا الملائكة أي قالوا الملائكة بنات اللّه

 وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال قالوا يعني كفار قريش الملائكة بنات اللّه فقال ابو بكر فمن أمهاتهن قالوا مخدرات الجن

 وروى سعيد عن قتادة قال قالوا صاهر اللّه جل وعز الجن

فولدت الملائكة

 وروى جويبر عن الضحاك في قوله تعالى { وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا } قال قالوا إبليس أخو الرحمن جل وعز

  وقوله جل وعز { ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون } آية   

 أي ولقد علمت الجنة ان الذين قالوا هذا لمحضرون العذاب كذا قال السدي وهو صحيح وكذا كلما في السورة من محضرين

 وقال مجاهد { لمحضرون } الحساب يعني الجن

١٦١

  وقوله جل وعز { فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين } آية   

١٦٣

 أي ما أنتم به مضلين { إلا من هو صال الجحيم }

 قال ابن عباس أي لا تضلون إلا من سبق في قضائي أنه يضل

 قال الحسن وإبراهيم ومحمد بن كعب والضحاك هذا معنى قوله { ما أنتم عليه بفاتنين } أي لن تفتنوا إلا من قضيت عليه بذلك

١٦٤

 ثم قال جل وعز { وما منا إلا له مقام معلوم } آية   

 قال الشعبي جاء جبرئيل أو ملك إلىالنبي صلى اللّه عليه وسلم فقال تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه إن الملائكة لتصلي وتسبح ما في السماء ملك فارغ

١٦٥

  وقوله جل وعز { وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون } آية   

 قال مجاهد وقتادة هذا من قول الملائكة

١٦٧

  وقوله جل وعز { وإن كانوا ليقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين } آية   

 روي عن الضحاك قال هذا قول مشركي مكة فلما جاءهم ذكر الأولين وعلم الآخرين كفروا به فسوف يعلمون

 قال أبو إسحاق كان كفار قريش يقولون لو جاءنا ذكر كما جاء غيرنا من الأولين لأخلصنا العبادة للّه عز وجل فلما جاءهم كفروا به فسوف يعلمون مغبة كفرهم وما ينزل بهم من العذاب والانتقام منهم في الدنيا

والآخرة

١٧١

  قوله جل وعز { ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين } آية    

 أي سبق منا القول لرسلنا إنهم لهم المنصورون أي مضى بهذا من القضاء والحكم

 قال الفراء أي سبقت لهم السعادة وهي في قراءة عبداللّه { ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين }

 وقيل أراد بالكلمة قوله عز وجل { كتب اللّه لأغلبن أنا ورسلي }

١٧٧

  وقوله جل وعز { فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين } آية   

 أي نزل بهم العذاب ومعنى

 { بساحتهم } أي بدارهم

والساحة في اللغة فناء الدار الواسع

 { فساء صباح المنذرين } أي فبئس صباح الذين أنذروا بالعذاب وفيه إضمار أي فساء الصباح صباحهم وفي الحديث اللّه أكبر خربت خيبر إنا إذا انزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين

١٨٠

  وقوله جل وعز { سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد للّه رب العالمين } آية

 نزه سبحانه نفسه عما أضاف إليه المشركون من الصاحبة والولد { رب العزة } على البدل ويجوز النصب على المدح والرفع بمعنى هو رب العزة

 وسئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن معنى سبحان اللّه فقال هو تنزيه اللّه عن كل سوء تمت سورة الصافات