سُورَةُ السَّجْدَةِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ ثَلاَثُونَ آيَةً

وهي مكية

 

بسم اللّه الرحمان الرحيم  

١

 قال عبداللّه بن عباس إلا ثلاث آيات نزلن بالمدينة وفي رجلين من قريش وهن { أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا } إلى آخر الآيات الثلاث من ذلك قوله جل وعز { الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين }

 المعنى هذا تنزيل الكتاب

 وقيل المعنى { الم } من تنزيل الكتاب

 ويجوز أن يكون المعنى تنزيل الكتاب لا شك فيه

 وقد بينا معنى { الم } و { لا ريب فيه } في سورة البق

٣

 وقوله جل وعز { أم يقولون افتراه } آية 

 أي بل أيقولون افتر

٥

 وقوله جل وعز { يدبر الأمر من السماء إلى الأرض }

 أي يقضي القضاء في السم

 ثم ينزله إلى الأ

 وقوله جل وعز {ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون } آية 

 قال أبو جعفر هذه الآية مشكلة وقد قال في موضع آخر { في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة }

 ولأهل التفسير فيها أقوال

 أ من ذلك ما حدثنا بكر بن سهل قال حدثنا عبداللّه بن

صالح قال حدثنا معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { في يوم كان مقداره ألف سنة } قال هذا في الدن

 وقوله جل وعز { في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة } قال فهذا يوم القيامة جعله اللّه عز وجل على الكفار مقدار خمسين ألف سنة

 ب وحدثنا عبداللّه بن أحمد بن عبد السلام قال حدثنا أبو داود سليمان بن داود

 قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن ابن أبي نجيح عن وهب بن منبه { في يوم كان مقداره ألف سنة } قال ما بين أسفل الأرض إلى العرش

 ج قال ابن أبي نجيح عن مجاهد وفي ذلك قال الدنيا من أولها

إلى آخرها خمسون ألف سنة لا يدري أحد كم مضى منها ولا كم بقي

 قال أبو جعفر وقيل يوم القيامة أيام فمنه ما مقداره ألف سنة ومنه ما مقداره خمسون ألف سنة

 قال أبو جعفر يوم في اللغة بمعنى وقت فالمعنى على هذا تعرج الملائكة والروح إليه في وقت مقداره ألف سنة وفي وقت آخر أكثر من ذاك وعروجا أكثر من ذاك مقداره خمسون ألف س

٧

 وقوله جل وعز { الذي أحسن كل شيء خلقه } آية 

 روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال أتقنه

 قال وهو مثل قوله تعالى { أعطى كل شيء خلقه }

 أي لم يخلق الإنسان على خلق البهيمة ولا خلق البهيمة على خلق الإنسان

 وقيل أي لم يعجزه

 وأحسن ما قيل في هذا ما رواه خصيف عن عكرمة عن ابن عباس في قوله جل وعز { أحسن كل شيء خلقه } قال أحسن في خلقه جعل الكلب في خلقه حسنا

 قال أبو جعفر ومعنى هذا أحسن في فعله كما تقول أحسن فلان في قطع ال

٨

 وقوله جل وعز { ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين } آية 

 { سلالة } للقليل مما ينسل والمهين الضعيف

١٠

وقوله جل وعز { وقالوا أئذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد }

 وروى عن الحسن أنه قرأ{ صللنا } بفتح اللام وروى بعضهم بكسر اللام

 قال مجاهد { ضللنا } أي أهلكنا

 قال أبو جعفر معنى { ضللنا } صرنا ترابا وعظاما فلم نتبين وهو يرجع إلى قول مجاهد

 ومعنى صللنا بفتح اللام أنتنا وتغيرنا وتغيرت صورنا يقال صل اللحم وأصل إذا أنتن وتغير

 ويجوز أن يكون من الصلة وهي الأرض اليابسة ولا يعرف صللنا بكسر اللام

١٢

وقوله جل وعز { ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا } آية   في الكلام حذف والمعنى ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم عند ربهم لرأيت ما تعتبر به اعتباره شديدا

 والمعنى يقولون رب

 ثم حذف القول أي

١٣

 وقوله جل وعز { ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها } آية   

 أي لو شئنا لأريناهم آية تضطرهم إلى الإيمان كما قال تعالى { إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين

 ثم قال جل وعز { ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين }

 قال قتادة أي بذنوبهم

١٦

وقوله جل وعز { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا }

 روى قتادة عن أنس قال يتيقظون بين العشاء والعتمة فيصلون

 وقال عطاء لا ينامون قبل العشاء حتى يصلوها

 وقال الحسن ومجاهد يصلون في جوف الليل

 وكذلك قال مالك والأوزاعي

 وهذا القول أشبهها لجهتين

 إحداهما أن أبا وائل روى عن معاذ بن جبل قال قال لي النبي صلى اللّه عليه وسلم ألا أدلك على أعمال الخير الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل في جوف الل

 ثم تلا { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } حتى { يعملون }

١٧

 والجهة الأخرى أنه جل وعز قال { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين }

 حدثنا محمد بن أحمد يعرف بالجريجي قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن السلمي قال حدثنا عمرو بن عبدالوهاب قال حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن

النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يقرأ من قرات أعين فهذه بصلاة الليل أشبه لأنهم جوزوا على ما أخفوا بما خفي

 روى أبو سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال قال ربكم أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر اقرءوا إن شئتم { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون

١٨

 وقوله جل وعز { أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا }

 روى أبو عمرو بن العلاء عن مجاهد عن ابن عباس قال نزلت في رجلين من قريش إلى تمام الآيات الثلاث

 وقال ابن أبي ليلى نزلت في علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ورجل من قريش

 وقيل نزلت في علي عليه السلام والوليد بن عقبة بن أبي معيط

 فشهد اللّه جل وعز لعلي بن أبي طالب بالإيمان وأنه في الجنة

١٩

 فقال جل وعز { أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى }

 وجاء على الجمع لأن الاثنين جماعة ويكون لجميع المؤمنين وإن كان سبب النزول مخصوصا لإبهام من

٢١

وقوله جل وعز { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون } آية   

 روى أبو الضحى عن مسروق عن عبداللّه بن مسعود { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى } قال يوم بدر { لعلهم يرجعون } لعلى من تقى منهم يتوب

 وروى إسرائيل عن أبي إسحق عن أبي الأحوص وأبي عبيدة عن عبداللّه { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى } قال سنون أصابت قوما قبلكم

 وروى عكرمة عن ابن عباس { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى } قال الحدود

 وقال علقمة والحسن وأبو العالية والضحاك قالوا المصيبات في الدنيا

 وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال القتل والجوع لقريش في لدنيا

 { دون العذاب الأكبر } يوم القيامة في الآخرة وروى أبو يحيى عن مجاهد قال العذاب الأدنى عذاب القبر وعذاب الدنيا

 وروى الأعمش عن مجاهد قال المصيبات

 وهذه الأقوال ليست بمتناقضة وهي ترجع إلى أن معنى { الأدنى } ما كان قبل يوم القيامة

٢٣

وقوله جل وعز { ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه }

 قيل الهاء للكتاب واسم موسى صلى اللّه عليه وسلم مضمر

 والمعنى الهاء لموسى وحذف الكتاب لأنه تقدم ذكره وهذا أولى

 والمعنى فلا تكن في شك من تلقي موسى الكتاب بالقبول ومخاطبة النبي صلى اللّه عليه وسلم مخاطبة لجميع الناس

 ويجوز أن يكون المعنى قل لهذا الشاك

 ويجوز أن يكون المعنى فلا تكن في شك من تلقي هذا الخبر بالقبول

 قال قتادة معنى ذلك فلا تكن في شك من أنك لقيته أو تلقاه ليلة أسري به

 واختار هذا القول بعض أهل العلم لأن ابن عباس روى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال أريت ليلة أسري بي موسى بن عمران رجلا آدم طوالا جعدا كأنه من رجال شنوءة الحديث

 فالتقدير على هذا { فلا تكن في مرية من لقائه } أنه قد رأى موسى ليلة أسري به

 وتأول { وجعلناه } بمعنى وجعلنا موسى { هدى } أي رشادا { لبني إسرائيل } يرشدون باتباعه ويصيبون الحق بالاقتداء به

 وقد روى سعيد عن قتادة { وجعلناه هدى لبني إسرائيل } قال جعل اللّه موسى هدى لبني إسرائيل

٢٦

وقوله جل وعز { أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون }

 أي أولم نبين لهم

٢٧

 وقوله جل وعز { أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز }

 قال مجاهد هي الأرض التي لا تنبت

 قال الضحاك هي الأرض التي لا نبات بها

 قال أبو جعفر الجرز في اللغة الأرض اليابسة المحتاجة إلى الماء التي ليس فيها نبات كأنها أكلت ما فيها ومنه قيل رجل جروز إذا كان أكولا

٢٨

وقوله جل وعز { ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين } آية 

 قال مجاهد هو يوم القيامة

 وقال قتادة الفتح القضاء

 وقال الفراء والقتبي فتح مكة

٢٩

 قال أبو جعفر والقول الأول أولى لقوله تعالى { قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم }

 وسمى فتحا لأن اللّه جل وعز يفتح فيه على المؤمنين

 أو لأن القضاء فيه كما قال تعالى { ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق } أي ا

٣٠

 ثم قال جل وعز { فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون }

 ثم نسخ هذا بالأمر بالقتال   انتهت سورة السجدة