مكية وآياتها آية
سورة الحجر وهي مكية
من ذلك قوله جل وعز { ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين }
روى سفيان عن خصيف عن مجاهد عن حماد عن إبراهيم قال يدخل قوم من الموحدين النار فيقول لهم المشركون ما أغنى عنكم إسلامكم وإيمانكم وأنتم معنا في النار فيخرجهم اللّه جل وعز منها فعند ذلك { يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين }
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال ذلك يوم القيامة
وروى عن ابن عباس قال يقول المشركون لمن أدخل النار من الموحدين ما نفعكم ما كنتم فيه وأنتم في النار فيغضب اللّه
جل وعز لهم فيخرجون الى نهر يقال له نهر الحياة فينبتون ف
ثم تبقى على وجوههم علامة يعرفون بها يقال هؤلاء الجهنميون فيسألون اللّه جل وعز أن يزيل ذلك عنهم فيزيله عنهم ويدخلهم الجنة فيتمنى المشركون أن لو كانوا مسلمين
وقيل إذا عاين المشركون تمنوا الإسلام
فاما معنى رب ها هنا فإنما هي في كلام العرب للتقليل وأن فيها معنى التهديد وهذا تستعمله العرب كثيرا لمن تتوعده وتتخدده يقول الرجل للآخر ربما ندمت على ما تفعل ويشكون في تندمه ولا يقصدون تقليله بل حقيقة المعنى أنه
يقول لو كان هذا مما يقل أو يكون مرة واحدة لكان ينبغي أن لا تفعله
وأما قول من قال أن رب تقع للتكثير فلا يعرف في كلام العرب
وقيل إن هذا إنما يكون يوم القيامة إذا أفاقوا من الأهوال التي هم فيها فإنما يكون في بعض المواطن
والقول الأول أصحها
والدليل على أنه وعيد وتهدد قوله بعد { ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون }
ثم قال تعالى { وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم } أي لا يتقدمه ولا يتأخ
وقوله جل وعز { لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين }
معنى لو ما و لولا و هلا واحد وأنشد أهل اللغة
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم بنى ضوطرى لولا الكمي المقنعا
أي هلا تعدون الكمي المقنعا
وروى حجاج عن ابن جريج قال في هذا تقديم وتأخير يذهب ال أن جوابه قوله تعالى { ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون } يذهب الى أن هذا متصل بقوله تعالى { لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين }
ثم قال تعالى { ما ننزل الملائكة إلا بالحق }
قال مجاهد أي بالأرسال والعذاب
ثم قال تعالى { وما كانوا إذا منظرين }
أي لو نزلت الملائكة ما أمهلوا ولا قبلت توبتهم كما قال تعالى { ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر }
وقوله جل وعز { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }
قال ثابت وقتادة حفظه اللّه من أن تزيد الشياطين فيه باطلا أو تبطل منه حقا وقال مجاهد هو عندنا
وقوله جل وعز { ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين }
أي فرق الأولين
وقوله جل وعز { كذلك نسلكه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به }
روى سفيان عن حميد عن الحسين قال كذلك نسلك الشرك
وقال أبو عبيد حدثنا حجاج عن أبن جريج عن مجاهد قال نسلك التكذيب
قال أبو جعفر وهذا القول هو الذي عليه أهل التفسير وأهل اللغة إلا من شذ منهم فإن بعضهم قال المعنى كذلك نسلك القرآن واحتج بأن النبي ( صلع ) لما تلا القرآن عليهم وأسمعهم إياه ووصل الى قلوبهم وكان ذلك بأمر اللّه وقوته كان اللّه عز وجل هو الذي يسلكه في قلوبهم على هذا المعنى
وقيل لما خلقهم خلقة يفهمون بها ما يأتيهم من الوحي فإذا خلقهم خلقه يفهمون بها ما يسلك ذلك في قلوبهم فكأنه سلكه
ثم قال جل وعز { وقد خلت سنة الأولين }
أي قد تقدمت سنتهم في التكذيب بالآيات والبراهين وكفرهم فهؤلاء يقتفون آثارهم
ثم قال جل وعز { ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون }
قال عبد اللّه بن عباس أي فظلوا الملائكة فيه يعرجون أي يذهبون ويجيئون
قال أهل اللغة عرج يعرج إذا صعد وارتفع ومنه قول العامة عرج بروح فلان
ثم قال تعالى { لقالوا إنما سكرت أبصارنا } قال ابن عباس أخذت
قال أبو جعفر والمعروف من قراءة مجاهد والحسن سكرت بالتخفيف قال الحسن أي سحرت وحكى أبو عبيد عن أبي عبيدة أنه يقال سكرت أبصارهم أذا عشيها سمادير حتى لا يبصروا وقال الفراء من قرأ سكرت أخذه من سكون الريح قال أبو جعفر وهذه الأقوال متقاربه والأصل فيها ما قال أبو عمرو بن العلاء يرحمه اللّه قال هو من السكر في الشراب
وهذا قول حسن أي غشيهم ما غطى أبصارهم كما غشى السكران ما غطى عقله
وسكور الريح سكونها وفتورها وهو يرجع الى معنى التخيير
وقوله جل وعز { ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين } قال مجاهد يعني الكواكب قال أبو جعفر ومن قال أنها إثنا عشر برجا فقوله يرجع الى هذا لأنها كواكب عظام ومعروف في اللغة أن يقال برج يبرج إذا ظهر وارتفع فقيل لهذا الكواكب بروج لظهروها وثباتها وراتفاعها والبرج كبر العين
ثم قال تعالى { وحفظناها من كل شيطان رجيم } أي لا يصل اليها ولا يسمع شيئا من الوحي إلا مسارقة وكان هذا من علامة نبوة محمد ( صلع ) ولا نعلم أحدا من الشعراء شبه شيئا بسرعة الكواكب إلا في الإسلام ولو كان هذا قبله لشبهوا به قال ابن جريج الرجيم الملعون قال الكسائي كل رجيم في القرآن فهو بمعنى الشتيم قيل رجيم بمعنى مرجوم أي يرجم بالكواكب
وقوله جل وعز { وأنبتنا فيها من كل شيء موزون } روى معاويه بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { وأنبتنا فيها من كل شيء موزون } قال أي معلوم وكذلك روى علي بن الحكم عن الضحاك وقال أبو صالح وعكرمة أي مقدور وقال مجاهد أي مقدر بقدر ومعناه مقدر لا يزيد على قدر اللّه ولا ينقص فكأنه موزون وقيل أراد بموزون ما يوزن من الذهب والفضة والحديد والرصاص وشبهه
والمعنى على هذا وأنبتنا في الجبال من كل شيء موزون
ثم قال تعالى { وجعلنا لكم فيها معايش } أي في الأرض
ثم قال تعالى { ومن لستم له برازقين } قال مجاهد يعني الدواب والأنعام وقال غيره يعني المماليك والدواب قال أبو جعفر وهذا أولى لأن من لا تكون لما لا يعقل إلا أن يختلط معه من يعقل والمعنى وجعلنا لكم المماليك والدواب والأنعام ويجوز أن يكون المعنى أعشناكم وأعشنا من لستم له برازقين
وقوله تعالى { وإن من شيء إلا عندنا خزائنه } أخبر أن خزائن الأشياء بيده أي أنه جل وعز حافظها والمتولي تدبيرها
وقوله جل وعز { وأرسلنا الرياح لواقح } قال عبد اللّه بن مسعود تحمل الرياح الماء فتلقح السحاب وتمريه فيدر كما تدر اللق
ثم يمطر
وقال ابن عباس تلقح الرياح الشجر والسحاب وتمرية
وقال أبو رجاء قلت للحسن { وأرسلنا الرياح لواقح } فقال تلقح الشجر قلت والسحاب قال والسحاب
وقال أبو عبيدة { لواقح } أي ملاقح يذهب الى أنه جمع ملقحة ومل
ثم حذفت منه الزوائد
قال أبو جعفر وهذا بعيد وإنما يجوز حذف الزوائد من مثل هذا في الشعر ولكنه جمع لاقحة ولاقح على الحقيقة بلا حذف هو على أحد معنيين يجوز أن يقال لها لاقح على النسب أي ذات القاح كأنها تلقح السحاب والشجر كما جاء في التفسير وهو قول أبي عمرو
ويجوز أن يقال لها لاقح أي حامل والعرب تقول للجنوب لاقح وحامل وللشمال حائل وعقيم وقال اللّه عز وجل { حتى إذا أقلت سحابا ثقالا } فأقلت وحملت واحد
وقوله جل وعز { ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين } روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال { المستقدمين } القرون
الأولى و { المستأخرين } أمه محمد ( صلع ) وروى سفيان عن أبيه عن عكرمة قال { المستقدمين } كل من خرج و { المستأخرين } كل من كان أصلاب الرجال
وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال { المستقدمين } مان مات و { المستأخرين } الأحياء وروى سفيان عن أبان بن أبي عياش عن أبي الجوزاء عن ابن عباس { ولقد علمنا المستقدمين منكم } الصف الأول { ولقد علمنا المستأخرين } الصف الأخر
حدثنا محمد بن إدريس قال نا إبراهيم بن مرزوق قال نا مسلم بن ابراهيم قال نا نوح بن قيس قال نا عمرو بن
مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس في قول اللّه تبارك وتعالى { ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين } قال كانت امرأة جميله تصلي مع النبي ( صلع ) فكان رجال يتقدمون حتى لا يروها وكان رجال يتأخرون فإذا ركع النبي ( صلع ) وضع أحدهم يده على ركبته ونظر اليها من تحت ضبعه فأنزل اللّه { ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين }
وقوله تعالى عز وجل { ولقد خلقنا الإنسان من صلصال } فيه قولان
أحدهما رواه معاوية بن صالح عن على بن أبي طلحة
عن ابن عباس قال الصلصال الطين اليابس وروى معمر عن قتادة هو الطين ييبس فتصير له صلصلة وقال الضحاك هو الطين الصلب
والقول الاخر رواه ابن نجيح وابن جريج عن مجاهد قال الصلصال المنتن
وقال أبو جعفر والقولان يحتملان وإن كان الأول ابين القول اللّه جل وعز { خلق الإنسان من صلصال كالفخار }
وحكى أبو عبيدة أنه يقال للطين اليابس صلصال ما لم تأخذه النار فإذا أخذته النار فهو فخار
وأنشد أهل اللغة
كعدو المصلصل الجوال
والصلصلة الصوت
وقال الفراء هو طين حر يخلط برمل فيسمع له صلصلة وأما القول الثاني فالأصل فيه صل
ثم أبدل من إحدى اللامين صاد
وحكى الكسائي أنه يقال صل اللحم وأصل إذا أنتن
ثم قال جل وعز { من حمإ مسنون } فالحمأ والحمأة الطين الأسود المتغير وفي المسنون أربعة أقوال
روى سفيان عن الأعمش عن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال المسنون المنتن وكذلك روى قيس بن الربيع عن الأعمش عن مسلم عن سعيد ابن جبير قال خلق الإنسان من صلصال من طين لازب وهو الجيد ومن حما مسنون وهو المنتن وروى ابن ابي نجيح عن مجاهد قال هو المنتن
وذهب الى هذا القول من أهل اللغة الكسائي وأبو عمرو الشيباني وزعم أبو عمرو الشيباني أن قول اللّه { لم يتسنه } من هذا وأن الأصل فيه لم يتسنن فأبدل من إحدى النونين هاء فهذا قول والقول الاخر وهو مذهب أبي عبيدة أن المسنون المصبوب
وروى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال المسنون الرطب فهذا بمعنى المصبوب لأنه لا يكون مصبوبا إلا وهو رطب وهذا قول حسن لأنه يقال سننت الشيء أي صببته وفي الحديث ان الحسن كان يسن الماء على وجهه سنا ولو كان هذا من
أسن الماء لكان مؤسنا
والقول الثالث قول الفراء وهو المحكوك ولا يكون إلا متغيرا من سننت الحديد
والقول الرابع أنه المصبوب على مثال وصورة من سنة الوجه
وقوله جل وعز { قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم } قال سفيان بلغني أن الوقت المعلوم النفخة الأولى
وقوله جل وعز { قال هذا صراط علي مستقيم }
أحدهما وهو مذهب مجاهد قال الحق طريقة علي وهو يرجع الى كما يقال في التوعد طريقك على فاعمل ما شئت
وكما قال تعالى { إن ربك لبالمرصاد } والقول الاخر إن هذا صراط على أمري وتحت إرادتي وقرأ قيس بن عبادة { قال هذا صراط علي مستقيم } وقال أي رفيع ومعناه رفيع في الدين والحق
وقوله جل وعز { إلا من اتبعك من الغاوين } أي الضالين
وقوله جل وعز { وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم } أي لكل منزل منهم من العذاب على قدر منزلته في الذنب
وروى مالك بن مغول عن حميد عن ابن عمر ان رسول اللّه ( صلع ) قال لجهنم سبعة أبواب باب منها لمن سل سيفه على أمتي أو قال على أمة محمد
وقوله جل وعز { ونزعنا ما في صدورهم من غل } الغل عند أهل اللغة الشحناء والسخيمة والعداوة يقال منه غل يغل
ويقال من الغلول وهو السرقة من المغنم غل يغل ويغال من الخيانة أغل يغل كما قال الشاعر
جزى اللّه عنا جمرة ابنة نوفل جزاء مغل بالأمانة كاذب
ثم قال جل وعز { إخوانا على سرر متقابلين } روى سفيان عن ابن ابي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى { متقابلين } قال لا ينظر أحدهم الى قفا صاحبه
ثم قال جل وعز { لا يمسهم فيها نصب } أي تعب
وقوله جل وعز { نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم } أي أخبر
وروى ان النبي ( صلع ) خرج على أصحابه وهم يضحكون فقال أتضحكون وبين أيديكم الجنة والنار فشق ذلك عليهم فأنزل اللّه { نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم }
وقوله جل وعز { قالوا لا توجل } معناه لا تفزع والقانطون اليائسون
قوله جل وعز { إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين } قيل قدرنا بمعنى علمنا وقدرنا على بابه أي هو في تقديرنا وفيما أخبرناه به هكذا والغابر الباقي وقد يستعمل للذاهب والمعنى إنها لمن الباقين في الهلاك وأنشد أهل اللغة
لا تكسع الشول بأغبارها إنك لا تدري من الناتج
الأغبار بقايا اللبن
وقوله جل وعز { قال إنكم قوم منكرون } قال مجاهد أنكرهم لوط ( صلع ) وقيل أنكرهم إبراهيم ( صلع ) لأنهم لم يأكلوا من
طعامه وكانوا ينكرون أمر الضيف إذا لم يأكل
ثم قال جل وعز { قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون } قال مجاهد بالعذاب قال أبو جعفر المعنى بل جئناك بما كانوا يشكون من نزول العذاب بهم
وقوله تعالى { فأسر بأهلك بقطع من الليل } السرى لا يكون إلا بالليل إلا ان قوله تعالى { بقطع } يدل على ذهاب كثير من الليل
ثم قال تعالى { ولا يلتفت منكم أحد }
قيل نهى عن الإلتفات الى ما في المنازل لئلا يقع الشغل به عن المضي
وقوله جل وعز { وقضينا إليه ذلك الأمر } أي أخبرناه
ثم بينه فقال تعالى { أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين } أي أن آخرهم مستأصل وقال الفراء الدابر الأصل
وقوله تعالى { قالوا أو لم ننهك عن العالمين } يروى أنهم كانوا نهوه أن يضيف أحد
ثم قال جل وعز { قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين }
هذا الجواب محمول على المعنى والمعنى أنهم أرادوهم للفساد فقال لهم لوط ( صلع ) هؤلاء بناتي فتزوجوا وأحسن ما قيل في هذا أن أزواج كل نبي بمنزلة أمهات أمته وأولاد أمته بمنزلة أولاده
وقوله جل عز { لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون } روى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال { لعمرك } لعيشك
وروى أبو الجوزاء عن ابن عباس قال لحياتك وروى أن إبراهيم النخعي كره أن يقول الرجل لعمري قال لأن معناه وحياتي وكذلك هو عند أهل اللغة
قال سيبوية العمر والعمر واحد ولا يستعملون في القسم إلا الفتح لخفته وحكى لعمري وكله بمعنى العمر وهذه فضيلة للنبي ( صلع ) أقسم اللّه جل وعز بحياته
قال أبو الجوزاء ما سمعت اللّه جل وعز حلف بحياة أحد غيره ( صلى )
قال سفيان سألت الأعمش عن قوله تعالى { لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون } فقال أقسم بالنبي إنهم لفي غفلتهم يترددون
وقوله جل وعز { فأخذتهم الصيحة مشرقين }
أي فأخذتهم الصيحة بالعذاب وقت إشراق الشمس
وقوله جل وعز { إن في ذلك لآيات للمتوسمين } قال مجاهد أي للمتفرسين قال الضحاك أي للناظرين قال أبو جعفر وحقيقته توسمت الشيء نظرت نظر متثبت حتى تثتب حقيقة سمة الشيء
وقوله عز وجل { وإنها لبسبيل مقيم } يجوز أن يكون المعنى وإن الآيات ويجوز أن يكون المعنى وإن مدينة قوم لوط
قال مجاهد { لبسبيل مقيم } لبطريق معلم أي واضح
وقوله جل وعز { وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين } قال الضحاك ألأيكة الغيضة ذات الشجر قال أبو جعفر وكذلك هو في اللغة يقال للشجرة أيكة وجمعها أيك ويروى أن شجرهم كان دوما وأما رواية من روى أن ليكة أسم القرية التي كانوا فيها والأيكة البلاد كلها فلا يعرف في اللغة ولا يصح
وقوله جل وعز { فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين }
قال الضحاك أي لبطريق مستبين أي يمرون عليها في أسفارهم قال أبو جعفر ومعروف في اللغة أن يقال للطريق إمام لأنه يؤتم به ويتبع
وقوله جل وعز { ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين } وروى معمر عن قتادة قال الحجر الوادي يذهب الى انه اسم له
وقوله عز وجل { وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين } أي آمنين أن تسقط
وقوله جل وعز { فاصفح الصفح الجميل } قال مجاهد هذا قبل أن يؤمر بالقتال
وقوله جل وعز { ولقد آتيناك سبعا من المثاني } روى عبد خير عن علي بن أبي طالب أنه قال في قوله تعالى { ولقد آتيناك سبعا من المثاني } يعني فاتحة الكتاب وكذلك قال أبو هريرة هي فاتحة الكتاب وليس فيها بسم اللّه الرحمن الرحيم وكذلك روى أبو يحيى عن مجاهد وكذلك روى معمر عن قتادة وروى سفيان بن منصور عن مجاهد عن أبن عباس قال { آتيناك سبعا من المثاني } قال السبع الطول وكذلك روى شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير { ولقد آتيناك سبعا من المثاني } قال السبع الطول البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس
كذلك في الحديث وكذلك قال الضحاك هي السبع الطول وكذلك روى ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال السبع المثاني والقرآن العظيم أم القرآن قال الضحاك القرآن العظيم سائره وقد صح عن علي بن ابي طالب انه قال السبع المثاني الحمد وقال به قتادة وفسر معناه قال لأن فاتحة الكتاب تثنى في كل ركعة فريضة او نافلة والمعنى على هذا القول ولقد آتيناك سبع آيات مما يثنى في الصلاة ومن ها هنا لبيان الجنس على هذا القول كما قال
تعالى { فاجتنبوا الرجس من الأوثان } ويجوز ان يكون المعنى مما يثنى به على اللّه لأن في الحمد ثناء على اللّه وذكر توحيده وملكه يوم الدين وتكون من على هذا القول لبيان الجنس أيضا ويجوز أن تكون للتبعيض ويكون المعنى ولقد آتيناك سبع آيات من المثاني أي من القرآن الذي يثنى فيه الآيات والقصص ويثنى فيه على اللّه وهذا أحسن وهو مذهب أبي مالك لأنه قال { المثاني } القرآن وأما من قال هي السبع الطول فقد فسر سعيد بن جبير مذهبه فقال لأنه تثنى فيها الحدود والفرائض فتكون من على هذا لبيان الجنس
ويجوز ان تكون للتبعيض على ما تقدم وروى أبو عبيد أن سفيان بن عيينة كان يتلو هذه الآية يتأولها على حديث النبي ( صلع ) ليس منا من لم يتغن بالقرآن قال أي يستغني به قال فأمر اللّه جل وعز النبي ( صلع ) أن يستغني بالقرآن عن المال فقال تعالى { ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم }
ثم قال جل وعز { لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم } وروى عن عبد اللّه بن عمر أنه قال من حفظ القرآن فرأى أن أحدا أعطى أفضل مما أعطى فلقد صغر عظيما وعظم صغيرا
قال مجاهد في قوله تعالى { لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم } قال الأغنياء الأشباه أي أمثال في النعم والأزواج في اللغة الأصناف
وقوله جل وعز { وقل إني أنا النذير المبين كما أنزلنا على المقتسمين } في الكلام حذف والمعنى وقل إني أنا النذير المبين عقابا كما أنزلنا على المقتسمين وفي المقتسمين أقوال أحدها إنهم قوم تحالفوا على عضه النبي ( صلع )
والقول الاخر أنه روى الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس في قوله تعالى { كما أنزلنا على المقتسمين } فقال اليهود والنصارى { الذين جعلوا القرآن عضين } قال آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه وقال الضحاك { المقتسمين } أهل الكتاب مزقوا الكتب وفرحوا بما عندهم منها وقال مجاهد { المقتسمين } أهل الملل قال ابن جريج وقال عطاء هم المشركون من قريش مزقوا القول في القرآن فقال بعضهم هو شعر وقال بعضهم هو سحر وقال بعضهم هو أساطير الأولين فذلك العضون وقال عكرمة { عضين } سحر وكان أبو عبيدة يذهب الى ان { عضين } مأخوذ من الأعضاء قال أبو جعفر وهو قول حسن أي فرقوا القول وأنشد
وليس دين اللّه بالمعضى
أي المفرق
وكان الفراء يذهب الى أنه مأخوذ من العضاة وهي شجر وكان الكسائي يذهب الى أنه يجوز أن يكون مأخوذا منهما
وقوله جل وعز { فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين } قال مجاهد أي اجهر بالقرآن في الصلاة قال ومنه تصدع القوم إذا افترقوا قال ومنه الصداع لأنه انفراق قبائل الرأس
قال أبو جعفر ومعروف عند أهل اللغة انه يقال صدع بالحق إذا أبانه وأظهره وكأنه أبن وأظهر وأنشد أبو عبيدة لأبي ذؤيب يصف عيرا وأتنا وأنه يحكم فيها
وكأنهن ربابه وكأنه يسر يفيض على القداح ويصدع
ومن هذا قيل للصبح صديع كما قال
كأن بياض لبته صديع
وأبو العباس يذهب إلى أن المعنى فاصدع الباطل بما تؤمر به أي افرق
وقوله جل وعز { إنا كفيناك المستهزئين }
حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن نافع قال نا سلمة بن شعيب بن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة وعثمان الجزري عن مقسم عن ابن عباس في قوله تعالى { إنا كفيناك المستهزئين } قالا المستهزءون الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وعدي بن قيس والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب مروا رجلا رجلا على النبي ( صلع ) ومعه جبريل عليه السلام فإذا رجل منهم قال له جبريل كيف تجد هذا فيقول بئس عبد اللّه فيقول جبريل كفينا كه
فاما الوليد ابن المغيرة فتردى فتعلق سهم بردائه فذهب يجلس فقطع أكحله فنزف فمات
وأما الأسود بن عبد يغوث فأتى بغصن فيه شوك فضرب به وجهه فسالت حدقتاه على وجهه وكان يقول دعوت على محمد دعوة ودعى علي دعوة فاستجيب لي واستجيب له دعا علي أن أعمى فعميت ودعوت عليه أن يكون وحيدا طريدا في أهل يثرب فكان كذلك
وأما العاص بن وائل فوطىء على شوكة فتساقط لحمه عن عظامه حتى هلك
وأما الأسود بن المطلب وعدي بن قيس فإن
أحدهما قام في
الليل وهو مطمئن ليشرب من جرة فلم يزل يشرب حتى انفتق بطنه فمات وأما الآخر فلدغته حبة فمات
وقوله جل وعز { فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين } أي كن من المصلين
وقوله جل وعز { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين }
قال سالم بن عبد اللّه ومجاهد أي الموت
قال أبو جعفر ونظير هذا وأوصاني بالصلاة والزكاة مادمت حيا
والفائدة في هذا أنه لو قال واعبد ربك مطل
ثم عبده مرة واحدة كان مطيعا وإذ ا قال { ما دمت حيا } أو أبدا أو { حتى يأتيك اليقين } كان معناه لا تفارق هذا تمت سورة الحجر