مكية وآياتها آية
بسم اللّه الرحمن الرحيم سورة إبراهيم وهي مكية
وهي مكية إلا آيتين منها فإنهما نزلتا بالمدينة فيمن قتل من المشركين يوم بدر وهما { ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة اللّه كفرا } إلى آخر الآيتين
قوله تبارك وتعالى { الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم } آية
الظلمات الكفر والنور الإسلام على التمثيل لأن الكفر بمنزلة الظلمة والإسلام بمنزلة النور
والباء في قوله { بإذن ربهم } متعلقة بقوله { لتخرج الناس } والمعنى في قوله { بإذن ربهم } أنه لا يهتدي أحد إلا بإذن اللّه
ويجوز ان يكون المعنى بتعليمك إياهم
ثم بين النور فقال { إلى صراط العزيز الحميد }
ومعنى قوله تعالى { ويبغونها عوجا } آية
ويطلبون غير القصد
وقوله جل وعز { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه } آية
أي بلغة قومه { ليبين لهم } أي ليفهمهم لتقوم عليهم الحجة
وقوله جل وعز { ولقد أرسلنا موسى بآياتنا } آية
قال مجاهد أي بالآيات البينات يعني قوله { ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات }
وقوله تعالى { وذكرهم بأيام اللّه } آية
قال أبي بن كعب أي بنعم اللّه
وقال غيره بإهلاكه من قبلهم وبانتقامه منهم بكفرهم
وقوله تعالى { وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة اللّه عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم } آية
وفي موضع آخر { يذبحون } بغير واو
ومعنى الواو يوجب انه قد أصابهم من العذاب شيء سوى التذبيح وإذا كان بغير واو فإنما هو تبيين الأول
وقوله جل وعز { ويستحيون نساءكم } آية
أي لا يقتلونهن من الحياة أي يدعونهن يحيين
وفي الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وسلم اقتلوا شيوخ المشركين
واستحيوا شرخهم
ثم قال تعالى { وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم } آية
قال المعنى في إنجائ غياكم منهم نعمة عظيمة ويكون البلاء ها هنا النعمة
وقيل فيما جرى منهم عليكم بلاء أي بلية
وقيل البلاء ها هنا الاختبار
وقوله جل وعز { وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم } ىية
تأذن بمعنى أعلم من قولهم آذنه فأذن بالأمر وهذا كما يقال توعدته وأوعدته بمعنى واحد
قوله تعالى { والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا اللّه } آية
روى سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميون ورواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد اللّه في قوله { والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا اللّه } قال كذب النسابون
وروي عن ابن عباس قال بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أبا لا يعرفون
وروي عن عروة بن الزبير أنه قال ما وجدنا أحدا يعرف ما بين عدنان وإسماعيل
وقوله تعالى { جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم } آية
في معنى هذا أقوال
أ ) قال مجاهد ردوا على الرسل قولهم وكذبوهم
ب ) قال قتادة ردوا على الرسل ما جاءوا به
فهذا على التمثيل وهو مذهب أبي عبيدة أي تركوا ما جاءهم به الرسل فكانوا بمنزلة من رده إلى فيه وسكت فلم يقل
وقيل { فردوا أيديهم في أفواههم } ردوا ما لو قبلوه كان نعما { في أفواههم } أي بأفواههم أي بألسنتهم ج ) وقيل ردوا نعم الرسل لأن إرسالهم نعم عليهم بالنطق وبالتكذيب د ) وفي الآية قول رابع وهو أولاها وأجلها إسنادا
قال أبو عبيد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد اللّه في قوله
{ فردوا أيديهم في أفواههم } قال عضوا عليها غيضا
قال أبو جعفر والدليل على صحة هذا القول قوله عز وجل { وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ }
قال الشاعر
لو ان سلمى أبصرت تخددي ودقة في عظم ساقي ويدي
وبعد أهلي وجفاء عودي عضت من الوجد بأطراف اليد
وقوله جل وعز { ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد } آية
أي ذلك لمن خاف مقامه بين يديه والمصدر يضاف إلى الفاعل وإلى المفعول لأنه متشبث بهما
وقوله تعالى { واستفتحوا } آية
قال مجاهد وقتادة واستنصروا
وفي الحديث أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يستفتح القتال بصعاليك المهاجرين
ثم قال تعالى { وخاب كل جبار عنيد } آية
قال ابو اسحاق الجبار عند أهل اللغة الذي لا يرى لأحد عليه حقا
قال مجاهد العنيد المعاند المجانب للحق
وقال قتادة العنيد الذي أبى ان يقول لا إله إلا اللّه
ثم قال تعالى { من ورائه جهنم } آية
أي من أمامه وليس من الأضداد ولنه من توارى أي استتر
ثم قال تعالى { ويسقى من ماء صديد } آية
قال ابن عباس أي قد خالط لحمه ودمه
قال الضحاك يعني القيح والصديد
وقال مجاهد هو القيح و الصديد
وقال غيره يجوز أن يكون هذا تمثيلا أي يسقى ما هو بمنزلة القيح والصديد
ويجوز أن يكون يسقى القيح والصديد
ثم قال تعالى { يتجرعه ولا يكاد يسيغه } آية أي يبلعه
ثم قال تعالى { ويأتيه الموت من كل مكان } آية
أي من كل مكان من جسده
ثم قال تعالى { وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ } آية
أي من أمامه عذاب جهنم
حدثني أحمد بن محمد بن الحجاج قال حدثنا أحمد بن الحسين قال قال فضيل بن عياض في قول اللّه تبارك وتعالى { ومن ورائه عذاب غليظ } قال حبس الأنفاس
ثم قال تعالى { مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف }
آية
أي لم يقبل منهم
وعاصف على النسق أي الريح فيه شديدة
ويجوز أن يكون التقدير عاصف الريح
وقوله جل وعز { وقال الشيطان لما قضي الأمر } آية
أي فرغ منه فدخل أهل الجنه الجنه وأهل النار النار { إن اللّه وعدكم وعد الحق } أي وعد من أطاعه الجنة ومن عصاه النار { ووعدتكم فأخلفتكم } أي وعدتكم خلاف ذلك { وما كان لي عليكم من سلطان } أي من حجة أبينها { إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي } أي إلا أن أغويتكم فتابعتموني
ثم قال تعالى { ما أنا بمصرخكم } آية
قال مجاهد وقتادة أي بمغيثكم
ويروى أنه يخاطب بهذا في النار
ومعنى { إني كفرت بما أشركتمون من قبل } أي كفرت بشرككم إياي
وقوله جل وعز { ألم تر كيف ضرب اللّه مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة } آية
حدثنا محمد بن جعفر الفاريابي قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال حدثنا وهب بن خالد قال حدثنا عبيد اللّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال ذات يوم لأصحابه
أنبؤوني بشجرة تشبه المسلم لا يتحات ورقها تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها قال فوقع في قلبي أنها النخلة قال فسكت القوم فقال النبي هي النخلة فقلت لأبي لقد كان وقع في قلبي أنها النخلة
فقال فما منعك أن تكون قلته لرسول اللّه لأن تكون قلته أحب إلي من كذا وكذا فقلت كنت في القوم وأبو بكر فلم تقولا شيئا فكرهت أن أقول وروى الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال هي النخلة
وكذلك وروى الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس
وروى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله جل وعز { ضرب اللّه مثلا كلمة طيبة } قال لا إله إلا اللّه { كشجرة طيبة } قال المؤمن { أصلها ثابت } لا إله إلا اللّه ثابت في قلب المؤمن
{ ومثل كلمة خبيثة } قال الشرك { كشجرة خبيثة } قال المشرك { اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار } أي ليس للمشرك أصل يعمل عليه
وروى شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك { كشجرة طيبة } قال النخلة قال والشجرة الخبيثة الحنظلة
وقوله جل وعز { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } آية
روى ابن أبي نجيح وابن جريج عن مجاهد قال كل سنة
وروى عطاء بن السائب وطارق بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كل ستة أشهر
وروى أبو بكر الهذلي عن عكرمة عن ابن عباس قال الحين حينان حين يعرف مقداره وحين لا يعرف مقداره فأما الذي يعرف مقداره فقوله { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها }
وقال عكرمة هو ستة أشهر
وروى الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال الحين يكون غدوة وعشية
وقال الضحاك في قوله { تؤتي أكلها كل حين } قال في الليل والنهار وفي الشتاء والصيف وكذلك المؤمن ينتفع بعمله كل وقت
قال أبو جعفر وهذه الأقوال متقاربة غير متناقضة لأن الحين
عند جميع أهل اللغة إلا من شذ منهم بمعنى الوقت يقع لقليل الزمان وكثيره وأنشد الأصمعي بيت النابغة
تناذرها الراقون من سوء سمها تطلقه حينا وحينا تراجع
فهذا يبين لك أن الحين بمعنى الوقت غير أن الأشبه في الآية أن يكون الحين السنة لأن إدراك الثمرة كل عام وكذا طلعها
وقد روي عن علي بن أبي طالب رحمة اللّه عليه أنه قال أدنى الحين سنة
وروى سفيان عن الحكم وحماد قالا الحين سنة ومعنى { اجتثت } قطعت جثتها بكمالها
وقوله جل وعز { يثبت اللّه الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة } آية
روى معمر عن طاووس عن أبيه في { يثبت اللّه الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا } قال لا إله إلا اللّه { وفي الآخرة } عند المساءلة في القبر
وقال البراء بن عازب وأبو هريرة هذا عند المساءلة إذا صار في القبر
وروى شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعيد بن عبيدة عن البراء بن عازب عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قول اللّه { يثبت اللّه الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة } قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في القبر إذا سئل
وروى معمر عن قتادة قال بلغني أن هذه الأمة تبتلى في
قبورها فيثبت اللّه الذين آمنوا
ويروى أنه يقال له من ربك وما دينك ومن نبيك فمن ثبته اللّه قال اللّه ربي والإسلام ديني ومحمد نبيي
فهذا تثبيت في الآخرة
والتثبيت في الدنيا أنه لم يوفق لها إلا وقد كان اعتقاده في الدنيا
وقوله تعالى { ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة اللّه كفرا وأحلوا قومهم دار البوار } آية
قال علي بن ابي طالب رضي اللّه عنه هم كفار قريش
وقال عبد اللّه بن عباس رحمه اللّه هم قادة المشركين يوم بدر { وأحلوا قومهم } أي الذين اتبعوهم { دار البوار } وهي جهنم دارهم في الآخرة
قال أبو جعفر البوار في اللغة الهلاك
وقوله تعالى { من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال } آية
قال أبو عبيدة البيع هاهنا الفدية
قال أبو جعفر وأصل البيع في اللغة أن تدفع وتأخذ عوضا منه والذي قال أبو عبيدة حسن جدا وهو مثل قوله تعالى { واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا } ومثل قوله تعالى { ولا يقبل منها عدل } أي قيمة
والخلال والمخالة والخلة بمعنى الصداقة قال الشاعر
صرفت الهوى عنهن من خشية الردى ولست بمفلي الخلال ولا قالي
وقوله جل وعز { وآتاكم من كل ما سألتموه } ) ( آية )
قال مجاهد أي من كل ما رغبتم إليه فيه
قال أبو جعفر وهذا قول حسن يذهب إلى أنهم قد أعطوا مما لم يسالوه وذلك معروف في اللغة أن يقال امض إلى فلان فإنه يعطيك كل ما سألت وإن كان يعطيه غير ما سأل
وفي الاية قول آخر وهو أنه لما قال جل وعز { وآتاكم من كل ما سألتموه } لم ينف غير هذا
على ان الضحاك قد قرأ { وآتاكم من كل ما سألتموه } وقد رويت هذه القراءة عن الحسن ايضا
وفسره الضحاك وقتادة على النفي
وقال الحسن أي من كل الذي سالتموه
بمعنى وآتاكم من كل الأشياء التي سالتم
قال أبو جعفر وقول الحسن أولى
والآخر يجوز على بعد وبعده أنه بالواو أحسن عطفا بمعنى وما سألتموه إلا أنه يجوز على بعد
وقوله جل وعز { وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام } آية
وقرأ الجحدري وعيسى { واجنبني } بقطع الآلف ومعناه اجعلني جانبا
وكذلك معنى اجنبني وجنبني معناه ثبتني على توحيدك كما قال تعالى { واجعلنا مسلمين لك } وهما مسلمان
ثم قال تعالى { رب إنهن أضللن كثيرا من الناس } آية
وهن لا يعقلن فالمعنى إن كثيرا من الناس ضلوا بسببهن
وهذا كثير في اللغة يقال فتنتني هذه الدار أي استحسنتها فافتتنت بسببها فكأنها فتنتني
وقوله جل وعز { فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم } آية
وقرا مجاهد تهوى إليهم
معنى تهوي تنزع وتهوى تحب
حدثنا محمد بن الحسن بن سماعة قال نا أبو نعيم قال نا عيسى بن قرطاس قال أخبرني المسيب بن رافع قال قال ابن عباس إن إبراهيم صلى اللّه عليه وسلم حين قال
{ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع } إلى قوله { فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم } فلو أن إبراهيم صلى اللّه عليه وسلم قال اجعل أفئدة الناس تهوي إليهم لغلبكم عليه الترك والديلم
وقرىء على علي بن الحسين القاضي بمصر عن الحسن ابن محمد عن يحيى بن عباد قال حدثنا شعبة عن الحكم قال سألت عطاء وطاووسا وعكرمة عن قوله جل وعز
{ فاجعل أفئدة من الناس } قالوا الحج
وقوله جل وعز { رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي } آية
المعنى واجعل من ذريتي من يقيم الصلاة
ثم قال { ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب } آية
قيل إنما دعا بهذا أولا فلما تبين له أنه عدو للّه تبرأ منه
وقيل يعني بوالديه آدم وحواء
وقرأ سعيد بن جبير اغفر لي الوالدي يعني أباه
وقرأ النخعي ويحيى بن يعمر اغفر لي ولولدي يعني ابنيه
وقول جل وعز { مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم } آية
قوله { مهطعين }
قال مجاهد وابو الضحى أي مديمي النظر
وقال قتادة أي مسرعين
والمعروف في اللغة أن يقال أهطع إذا أسرع
قال أبو عبيدة وقد يكون الوجهان جميعا يعني الإسراع مع إدامة النظر
ثم قال تعالى { مقنعي رؤوسهم } آية
قال مجاهد أي رافعيها
وقال قتادة المقنع الرافع رأسه شاخصا ببصره لا يطرف
قال أبو جعفر وهذا قول أهل اللغة إلا أن أبا العباس قال يقال اقنع إذا رفع رأسه وأقنع إذا طأطأ رأسه ذلا وخضوعا قال وقد قيل في الآية القولان جميعا
قال ويجوز أن يرفع راسه مديما لن
ثم يطاطئه خضوعا وذلا
قال أبو جعفر والمشهور في اللغة ان يقال للرافع راسه مقنع
وروي انهم لا يزالون يرفعون رؤسهم وينظرون ما يأتي من عند اللّه جل وعز وأنشد أهل اللغة
يباكرن العضاه بمقنعات نواجذهن كالحدإ الوقيع
يصف أبلا وأنهن رافعات رؤسهن كالفؤوس
ومنه قيل مقنعة لارتفاعها
ومنه قنع الرجل إذا رضي وقنع إذا سال أي أتى ما يتقنع منه
وقوله جل وعز { لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء } آية
روى سفيان عن أبي إسحاق عن مرة { وأفئدتهم هواء } قال متخرقة لا تعي شيئا يعني من الخوف
وروى حجاج عن ابن جريج قال { هواء } ليس فيها شيء من الخير كما يقال للبيت الذي ليس فيه شيء هواء
وقيل وصفهم بالجبن والفزع أي قلوبهم منخوبة
وأصل الهواء في اللغة المجوف الخالي ومنه قول زهير
كان الرحل منها فوق صعل من الظلمان جؤجؤه هواء
أي ليس فيها مخ ولا شيء وقال حسان ألا ابلغ أبا سفيان عني فأنت مجوف نخب هواء
وقوله جل وعز { وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب } آية
أي خوفهم
وقوله جل وعز { أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال } آية
قال مجاهد أي أقسمتم انكم لا تموتون لقريش
وقوله جل وعز { وقد مكروا مكرهم وعند اللّه مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال } آية
قرأ عمر بن الخطاب رحمه اللّه عليه { إن كاد } بالدال
وقرأ علي بن ابي طالب رضوان اللّه عليه { وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال } بفتح اللام ورفع الفعل وكاد بالدال هذا المعروف من قراءته
والمشهور من قراءة عبد اللّه بن مسعود وعبد اللّه بن عباس وإن كاد بالدال
وقرأ مجاهد { وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال } وهي قراءة الكسائي ومجاهد وإن معناها لو أي ولو كان مكرهم لتزول منه الجبال لم يبلغوا هذا ولن يقدروا على الإسلام وقد شاء اللّه تبارك وتعالى ان يظهره على الدين كله
قال أبو جعفر وهذا معروف في كلام العرب كما يقال لو بلغت أسباب السماء وهو لا يبلغها فمثله هذا
وروي في قراءة أبي بن كعب رحمه اللّه{ ولولا كلمة اللّه لزال مكرهم الجبال }
وقال قتادة وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال قال حين دعوا للّه ولد وقد قال سبحانه { تكاد السماوات يتفطرن منه }
ومن قرأ { وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال } ذهب إلى ان المعنى ما كان مكرهم ليزول به القرآن على تضعيفه وقد ثبت ثبوت الجبال
وقال الحسن مكرهم أوهى وأضعف من أن تزول منه الجبال وقرأ بهذه القراءة
وقد قيل في معنى الرفع قول آخر يروى عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه ان نمروذ لما جوع النسور وعلق لها اللحم في الرماح فاستعلى فيل فقيل له أين تريد أيها الفاسق فاهبط قال فهو قوله جل وعز { وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال }
وقال عبد اللّه بن عباس مكرهم ههنا شركهم وهو مثل قوله تعالى { تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا }
وقوله جل وعز { يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا للّه الواحد القهار } ىية
روى غسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد اللّه بن مسعود قال تبدل أرضا بيضاء مثل الفضة لم يسفك عليها دم حرام ولا يفعل فيها خطيئة
وقال جابر سالت أبا جعفر محمد بن علي عن قول اللّه عز وجل { يوم تبدل الأرض غير الأرض } قال تبدل خبزة يأكل منها الخلق يوم القيا
ثم قرأ { وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام }
حدثنا الحسن بن فرج بغزة قال نا يوسف بن عدي قال حدثنا علي بن مسهر عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت سالت النبي صلى اللّه عليه وسلم عن قول اللّه جل وعز { يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات } فأين يكون الناس يومئذ يا رسول اللّه قال على الصراط
وقال الحسن تبدل تلأرض كما يقول القائل لقد تبدلت يدينا قال تذهب شمسها وقمرها ونجومها وأنهارها وجبالها فذلك هو التبديل
وقوله جل وعز { وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد } ىية
قال قتادة في الأغلال والأقياد
وقوله جل وعز { سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار } آية
قال الحسن هو قطران الإبل
وروي عن جماعة من التابعين أنهم قالوا هو النحاس
والمعروف في اللغة انه يقال للنحاس قطر قال اللّه عز وجل { وأسلنا له عين القطر }
وقرأ ابن عباس وعكرمة سرابيلهم من قطر آن وفسراه بالنحاس
قال أبو جعفر وهذا هو الصحيح ومنه قوله تعالى { وأسلنا له عين القطر } والسرابيل القمص
وقال عكرمة وآن انتهى حره ويقال إن الهمزة بدل من الحاء
فإن قيل فلعل الحاء بدل الهمزة قيل ذلك أولى لأنه مأخوذ من الحين تمت سورة إبراهيم تم الجزء الثالث من معاني القرآن الكريم بحمد اللّه وتوفيقه في البلد الحرام مكة المكرمة |
قصد المؤلف في هذا الكتاب تفسير المعاني والغريب واحكام القرآن والناسخ والمنسوخ عن المتقدمين من الأئمه وذكر من قول الجله من العلماء باللغه واهل النظر ما حضره وبين من تصريف الكلمه واشتقاقها ان علم ذلك واتى من القراءات بما يحتاج الى تفسير معناه وما احتاج اليه المعنى من الاعراب وبما احتج به العلماء في مسائل سأل عنها المجادلون وبين ما فيه حذف او اختصار او اطاله لافهامه وما كان فيه تقديما أو تاخير وشرح ذلك حتى يتبينه المتعلم وينتفع به كما ينتفع العالم بتوفيق اللّه وتسديده .
قال إبراهيم يركب إذا احتاج ويشرب من اللبن
وقيل خير في الآخرة وذا أولى لأنه لو كان للدنيا كان ألا يجعلها بدنة خيرا له
وقوله جل وعز { فاذكروا اسم اللّه عليها صواف }
وقرأ عبد اللّه بن مسعود{ صوافن }