مكية وآياتها آية
بسم اللّه الرحمن الرحيم
من ذلك قوله جل وعز { الر كتاب أحكمت آيا ثم فصلت } آية
المعنى هو كتاب أحكمت آياته
قال الحسن أحكمت بالأمر والن
ثم فصلت بالثواب والعقاب
وقال قتادة أحكمها واللّه من البا
ثم فصلها بعلمه وبين حلالها وحرامها والطاعة والمعصية
وقال مجاهد فصلت فسرت
وقيل أحكمت فلا ينسخها شيء بعد
ثم فصلت أنزلت شيئا بعد شيء
ومن أحسنها قول قتادة أي احكمها من الخلل والباطل
ثم قال جل وعز { من لدن حكيم خبير }
قال قتادة أي من عند حكيم خبير
ثم قال جل وعز { ألا تعبدوا إلا اللّه إنني لكم منه نذير وبشير } آية
يجوز أن يكون المعنى بأن لا تعبدوا إلا اللّه
ويجوز أن يكون المعنى لئلا تعبدوا
ويجوز أن يكون المعنى أمرتم أن لا تعبدوا إلا اللّه
وقوله جل وعز { وأن استغفروا رب ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى } آية
يمتعكم يعمركم وقيل لا يهلككم
وأصل الإمتاع الإطالة ومنه أمتع اللّه بك ومتع
قال قتادة إلى أجل مسمى أي إلى الموت
وقوله جل وعز { ويؤت كل ذي فضل فضله } آية
أي من كان له عمل صالح أوتي ثوابه
وقوله جل وعز { ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه } آية
قال عبد اللّه بن شداد كان أحدهم يمر بالنبي صلى اللّه عليه وسلم فيثني صدره ويتغشى ثوبه كراهة أن يراه النبي صلى اللّه عليه وسلم
وقال أبو رزين كان الرجل يضطجع على شقه ويتغشى ثوبه ليستخفي
وقال مجاهد { يثنون صدورهم } شكا وامتراء ليستخفوا منه أي من اللّه إن استطاعوا
وقال الحسن يعني حديث النفس فأعلم اللّه جل وعز أنهم حين يستغشون ثيابهم في ظلمة الليل وفي أجواف بيوتهم يعلم تلك
الساعة ما يسرون وما يعلنون
قال أبو جعفر وهذه المعاني متقاربة أي يسرون عداوة النبي صلى اللّه عليه وسلم ويطوون
ومن صحيح ما فيه ما حدثناه علي بن الحسين قال قال الزعفراني حدثنا حجاج قال ابن جريج أخبرني محمد بن عباد بن جعفر أنه سمع ابن عباس يقرأ{ ألا إنهم تثنوني صدورهم } قال سألته عنه فقال كان ناس يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء فنزل ذلك فيهم
ويروى أن بعضهم قال أغلقت بابي وارخيت ستري وتغشيت ثوبي وثنيت صدري فمن يعلم بي فأعلم اللّه جل وعز أنه يعلم ما يسرون وما يعلنون
ونظيره { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم }
ومن قرأ{ تثنوني صدورهم } وهي قراءة ابن عباس ذهب إلى
معنى التكثير كما يقال احلولى الشيء وليست تثنوني حتى يثنوها فالمعنى يؤول إلى ذاك
وقوله جل وعز { وما من دابة في الأرض إلا على اللّه رزقها } آية
يقال لكل ما دب من الناس وغيرهم داب ودابة على المبالغة تأنيث على الصفة والخلقة
وقوله جل وعز { ويعلم مستقرها ومستودعها } آية
قال عبد اللّه بن مسعود { مستقرها } في الرحم و { ومستودعها } في الأرض التي تموت فيها
وقال مقسم عن عبد اللّه بن عباس مستقرها حيث تأوي إليه ومستودعها حيث تموت في الأرض
وقيل { مستقرها } ما يستقر عليه عملها و { ومستودعها } ما تصير إليه
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس مستقرها في الرحم ومستودعها في الصلب
وقوله جل وعز { وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام } آية
فخبر جل وعز ان من قدر على هذا لا يعجزه شيء
ثم قال جل وعز { وكان عرشه على الماء } آية
قال سعيد بن جبير سألت ابن عباس على أي شيء كان الماء ولم يخلق سماء ولا أرضا فقال على متن الريح
ثم قال جل وعز { ليبلوكم أيكم أحسن عملا } ىية
أي ليختبركم فيظهر منكم ما يجازيكم عليه لأنه إنما يجازي على الفعل وإن كان قد علمه قبل
وقوله عز وجل { ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين } آية
ويقرأ { ساحر }
قال أبو جعفر قال أبو إسحاق والسحر عندهم باطل فكأنهم قالوا إن هذا إلا باطل
وقوله جل وعز { ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة } آية
قال ابن عباس أي إلى أجل معدود
وقال مجاهد أي إلى حين
وقوله جل وعز { وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون } آية أي جزاء استهزائهم والمعنى أحاط بهم العذاب
وقوله جل وعز { ولئن أذقنا الإنسان } آ ية
أي الكفار { منا رحمة } أي رزقا
وقوله جل وعز { إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات } آية
استثناء ليس من الأول بمعنى لكن ويجوز أن يكون استثناء من الهاء لأن تقديره إن الإنسان والانسان الجنس
وقوله جل وعز { أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك } آية
أي كراهة أن يقولوا
ثم قال تعالى { إنما أنت نذير } أي إنما عليك أن تنذرهم وليس عليك أن تأتيهم من الآيات بما اقترحوا
وقوله جل وعز { قل فأتوا بعشر سور مثله } آية
المعنى كل سورة منها مثل سورة منه { وادعوا من استطعتم من دون اللّه }
أي ليعينكم
وقوله جل وعز { من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون } آية
قال الضحاك يعنى المشركين إذا عملوا عملا جوزوا عليه في الدنيا
وقال سعيد بن جبير من عمل عملا يريد به غير اللّه جوزي به في الدنيا وقال مجاهد من عمل عملا ولم يتقبل منه أعطي ثوابه في الدنيا
قال أبو جعفر وأحسنها قول الضحاك لقوله بعد ذلك { أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار }
قال مجاهد { لا يبخسون } لا ينقصون
وقوله جل وعز { أفمن كان على بينة من ربه } آية
قال عكرمة وإبراهيم ومنصور يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم { ويتلوه شاهد منه } جبريل عليه السلام
وقال ابن عباس ومجاهد وإبراهيم { شاهد منه } أي جبريل صلى اللّه عليه وسلم
وقال الحسن { شاهد منه } يعني لسانه
وقال الضحاك { أفمن كان على بينة من ربه } محمد صلى اللّه عليه وسلم { ويتلوه شاهد منه } أي من اللّه وهو جبريل عليه السلام
وقال أبو جعفر حدثني سعيد بن موسى بقرقيسيا قال نا نخلد بن مالك عن محمد بن سلمة عن خصيف { أفمن كان على بينة من ربه } قال النبي صلى اللّه عليه وسلم { ويتلوه شاهد منه } قال
جبريل عليه السلام
قال أبو جعفر تكون الهاء في { ربه } للنبي صلى اللّه عليه وسلم وفي { ويتلوه } تعود على البينة لأن البينة والبيان واحد وفي { منه } تعود على اسم اللّه جل وعز
وقول الحسن يحتمل المعنى أي ولسانه يعبر عنه ويميز
ويجوز أن تكون الهاء في { منه } تعود على { من }
وقيل الشاهد القرآن { ويتلوه } يكون بعده تاليا شاهدا { ومن قبله } أي ومن قبل الشاهد وقد قيل { أفمن كان على بينة من ربه } يعني به النبي صلى اللّه عليه وسلم والمسلمون واستشهد صاحب هذا القول بقوله { أولئك يؤمنون به } والمعنى على القول الأول أفمن كان على بينة من ربه كالذي يريد الحياة الدنيا وزينتها
ثم قال جل وعز { ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة } آية
أي يصدقه
وقيل هو معطوف على الشاهد أي ويتلوه كتاب موسى
وقال مجاهد في قوله { ومن قبله كتاب موسى } التوراة
ثم قال جل وعز { ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده } آيه
قال قتادة الأحزاب أهل الملل كلهم
وقال سعيد بن جبير كنت إذا وجدت الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وسلم صحيحا أصبت مصداقه في كتاب اللّه فأفكرت في قول النبي صلى اللّه عليه وسلم ليس يسمع بي أحد فلا يؤمن بي ولا يهودي ولا نصراني إلا دخل النار فطلبت مصداقه في كتاب اللّه فإذا هو
{ ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده } والأحزاب أهل الأديان كلها لأنهم يتحاربون
وقوله جل وعز { ومن أظلم ممن افترى على اللّه كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم } آية
قال الضحاك الأشهاد الأنبياء والمرسلون قال اللّه جل وعز { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا }
وقال مجاهد الأشهاد الملائكة
وقال سفيان سألت الأعمش عن الأشهاد فقال هم الملائكة
وقوله جل وعز { يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون } آية
قال قتادة ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا خبرا فينتفعوا به ولا يبصرون خيرا فيأخذوا به
وحكى الفراء عن بعض المفسرين أن المعنى يضاعف لهم العذاب بما كانوا يستطيعون السمع ولا يعقلون
وذهب إلى أن هذا مثل قولهم جزيته فعله وبفعله
ومن أحسن ما قيل فيه وهو معنى قول ابن عباس إن المعنى لا يستطيعون أن يسمعوا الحق سماع منتفع ولا يبصرونه بصر مهتد لاشتغالهم بالكفر الذي كانوا عليه مقيمين
وقد روي عنه { ما كانوا يستطيعون السمع } يعني الآلهة
وقوله جل وعز { مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع } آية
قال الضحاك الأصمى والصم مثل للكافر والبصير والسميع مثل للمؤمن
قال أبو جعفر وهذا قول حسن يدل عليه قوله تعالى { هل يستويان مثلا } فدل هذا على أن هذا لاثنين
وقوله جل وعز { فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا } آية
الملأ الرؤساء والأراذل الأشرار الذين ليسوا برؤساء واحدهم أرذل
وقوله جل وعز { بادي الرأي } آية
ويقرأ{ بادىء الرأي } بالهمز فمعنى المهموز ابتداء الرأي أي إنما اتبعوك ولم يفكروا ولم ينظروا ولو فكروا لم
يتبعوك
ومعنى الذي ليس بمهموز اتبعوك في ظاهر الرأي وباطنهم على خلاف ذلك
يقال بدا يبدو إذا ظهر
ويحتمل أن يكون معناه اتبعوك في ظاهر الرأي ولم يفكروا في باطنه وعاقبته فيكون على هذا القول بمعنى المهموز
وقوله جل وعز { قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي } آية
أي على يقين وبيان وهذا جواب لهم لأنهم عابوا من اتبعه فقال { أرأيتم إن كنت على بينة من ربي } أي فإذا كنت على بينة من ربي فمن اتبعني فهو بصير ومغفور له
ثم قال جل وعز { وآتاني رحمة من عنده } آية
قال الفراء يعني الرسالة لأنها نعمة ورحمة
ثم قال جل وعز { فعميت عليكم } آية
أي لم تفهموها يقال عميت عن كذا وعمي علي كذا أي لم أفهمه والمعنى فعميت الرحمة
ويقرأ { فعميت } فقيل هو مثل دخل الخف في رجلي مجاز إلا أن الرحمة هي التي تعمى وصاحبها يعمى
وقال ابن جريج { وآتاني رحمة من عنده } الإسلام والهدى والحكم والنبوة
ثم قال جل وعز { أنلزمكموها وأنتم لها كارهون } آية
أي أنوجبها عليكم وأنتم كارهون لفهمها
ثم قال اللّه جل وعز { وما أنا بطارد الذين آمنوا } آية
فدل بهذا على أنهم سألوه أن يطردهم
ثم قال جل وعز { إنهم ملاقوا ربهم } آية
أي فيجازي من طردهم على ما فعل
قال الفراء معنى { من ينصرني } من يمنعني
ثم قال جل وعز { ولا أقول للذين تزدري أعينكم } آية
معنى تزدري تستقل وتستخس يقال زريت على الرجل إذا عبته واستخسست فعله وأزريت به إذا قصرت به
والمعنى إنكم قلتم إن هؤلاء اتبعوني في ظاهر الرأي وإنما أدعو إلى توحيد اللّه جل وعز فمن اتبعني قبلته وليس علي ما غاب
وقوله جل وعز { قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين } آية
وقرأ ابن عباس{ فأكثرت جدلنا } والجدال والجدل المبالغة في الخصومة
وقال مجاهد { جادلتنا } أي ماريتنا
قال الزجاج ومعنى { إن كان اللّه يريد أن يغويكم } أي يضلكم ويهلككم
وقيل يخيبكم
وقال محمد بن جرير { يغويكم } يهلككم بعذابه حكى عن طي أصبح فلان غاويا أي مريضا واغويته أهلكته ومنه { فسوف يلقون غيا }
وقوله جل وعز { أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلي إجرامي } آية
أي إن اختلقته فعلي إثم الاختلاق { وأنا بريء مما تجرمون } أي من تكذيبكم
ومن قرأ أجرامي بفتح الهمزة ذهب إلى جمع جرم
وقوله جل وعز { وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن } آيه
قال الضحاك فدعا عليهم أي لما أخبر بهذا قال { إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا }
ثم قال جل وعز { فلا تبتئس بما كانوا يفعلون } آية
ثم قال مجاهد وقتادة أي فلا تحزن
قال أبو جعفر وهو عند أهل اللغة حزن مع استكانة
وقوله جل وعز { ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه } آية
يروى أنهم كانوا يمرون به وهو يصنع الفلك فيقولون هذا الذي كان يزعم أنه نبي قد صار نجارا
ثم قال جل وعز { قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون } آية
أي إن تستجهلونا فنحن نستجهلكم كما استجهلتمونا
ثم قال جل وعز { فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم } آية
أي من يؤول أمره إلى هذا فهو الجاهل
وقوله جل وعز { حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور } آية
روي عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه أنه قال أي وطلع
الفجر كأنه يذهب إلى تنوير الصبح
قال عبد اللّه بن عباس التنور وجه الأرض وكانت علامة بين نوح وربه جل وعز أي إذا رايت الماء قد فار على وجه الأرض فاركب أنت وأصحابك السفينة
وقال قتادة التنور أعلى الأرض واشرفها وكان ذلك علامة له
وكان مجاهد يذهب إلى أنه تنور الخابز
وقال الشعبي جاء الماء من ناحية الكوفة
قال أبو جعفر وهذه الأقوال ليست بمتناقضة لأن اللّه قد خبرنا ان الماء قد جاء من السماء والأرض فقال { ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا }
فهذه الأقوال تجتمع في أن ذلك كان علامة
وقوله جل وعز { قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين } آية
قال مجاهد أي ذكرا وأنثى
وقال قتادة أي من كل صنفين
والزوج في اللغة واحد معه آخر لا يستغني عنه
يقال عندي زوجان من الخفاف وما أشبه ذلك
ثم قال جل وعز { وأهلك إلا من سبق عليه القول } آية
أي إلا من سبق عليه القول بالهلا
ثم قال جل وعز { ومن آمن } أي واحمل من آمن
ثم قال جل وعز { وما آمن معه إلا قليل } آية
يروى عن ابن عباس أنه قال حمل م
ثمانين
وقال قتادة ما آمن معه إ
ثمانية خمسة بنين وثلاث نسوة
وقوله جل وعز { وقال اركبوا فيها بسم اللّه مجراها ومرساها } آية
أي باللّه إجراؤها وارساؤها ومن قرأ { مجراها } { ومرساها } ذهب إلى ان المعنى جريها ورسوها أي ثباتها
وروي عن أبي رجاء العطاردي أنه قرأ{ باسم اللّه مجريها ومرسيها } على النعت
وقوله جل وعز { ونادى نوح ابنه وكان في معزل } آية
قال عبد اللّه بن عباس ما بغت امرأة نبي قط وكان ابنه
وقال سعيد بن جبير هو ابنه لأن اللّه عز وجل خبرنا بذلك
وقال عكرمة إن شئتم حلفت لكم أنه ابنه
وقال الضحاك هو ابنه قال اللّه جل وعز { ونادى نوح ابنه }
وقال مجاهد ليس هو ابنه ويبين ذلك قول اللّه تبارك وتعالى { فلا تسألن ما ليس لك به علم }
قال الحسن لم يكن ابنه وإنما ولد على فراشه فنسب إليه
والقول الأول ابين وأصح لجلالة من قاله وأن قوله { إنه ليس من أهلك } ليس مما ينفي عنه انه ابنه وقد قال الضحاك معناه ليس من أهل دينك ولا من أهل ولايتك
وقال سفيان معناه ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم
قال أبو جعفر وهذان القولان حسنان في اللغة والأول أولى
وروى ابو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قرأ { ونادى نوح ابنه وكان في معزل } يريد ابن
ثم حذف الألف
ومثل هذا لا يجوز عند أهل العربية علمته
ويجوز أن يكون معنى { وكان في معزل } أي في معزل عن دين أبيه ويكون في معزل عن السفينة وهذا أشبه
ومعنى { يعصمني } يمنعني
وقوله جل وعز { قال لا عاصم اليوم من أمر اللّه إلا من رحم } آية
فيه قولان
أحدهما أنه استثناء ليس من الأول
والآخر أنه على النسبة فيكون المعنى لا معصوم كما قال { من ماء دافق } أي مدفوق
وذكر محمد بن جرير قولا ثالثا وزعم أنه أولى ما قيل فيه فقال لا مانع اليوم من أمر اللّه الذي قد نزل بالخلق من الغرق والهلاك { إلا من رحم } أي إلا اللّه كما تقول لا منجي اليوم إلا اللّه فمن في موضع رفع ولا تجعل عاصم بمعنى معصوم ولا إلا بمعنى لكن
ثم قال جل وعز { وحال بينهما الموج فكان من المغرقين } آية
قال الفراء أي حال بين ابن نوح وبين الجبل الماء فكان من المغرقين
وقوله جل وعز { وقيل يا أرض ابلعي ماءك } آية
قال قتادة أي ابلعي كل ماء عليك { ويا سماء أقلعي } أي لا تمطري
ثم قال جل وعز { وغيض الماء } آية
قال مجاهد أي نقص
وقال قتادة أي ذهب
ثم قال جل وعز { وقضي الأمر } أي قضي الأمر بهلاكهم
ثم قال { واستوت على الجودي } آية
قال الضحاك هو جبل الموصل
وقوله جل وعز { إنه عمل غير صالح } آية
في معناه أقوال
منها ان المعنى انه ذو عمل غير صالح
وقيل إن عمله عمل غير صالح
وقال قتادة معناه إن سؤالك إياي ما ليس لك به علم في قوله { سآوي إلى جبل يعصمني من الماء } عمل غير صالح وهذا عمل غير صالح
قال أبو جعفر وهذا أحسن ما قيل فيه لأن عبد اللّه بن مسعود قرأ{ إنه عمل غير صالح أن تسألني ما ليس لك به علم }
وقوله جل وعز { قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك } آية
قال محمد بن كعب قد دخل في هذا كل مؤمن إلى يوم القيامة ودخل في قوله { وأمم سنمتعهم } كل فاجر إلى يوم القيامة
وقال الضحاك نحوا من هذا إلا أنه بخلاف هذه الألفاظ وتقديره في العربية على مذهبه على ذرية أمم ممن معك وذرية أمم سنمتع
ثم حذف كما قال { واسأل القرية }
ثم قال جل وعز { تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا } آية
أي ما أوحيناه إليك من خبر نوح لم تكن تعلمه أنت ولا قومك لأنهم ليسوا أهل كتاب
وقوله جل وعز { يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني } آية
قال مجاهد أي خلقني
وقوله جل وعز { ويا قوم استغفروا رب
ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا } آية
يروى أنهم كانوا اصحاب زروع وعمارة وكانوا يسكنون
رمالا بين الشام واليمن فبعثت عليهم الريح فكانت تدخل في أنوفهم وتخرج من أدبارهم فتقطعهم
و { مدرارا } على التكثير أي يتبع بعضها بعضا
ثم قال جل وعز { ويزدكم قوة إلى قوتكم } آية
قال مجاهد أي شدة إلى شدتكم
وقال غيره كانوا قد أقاموا ثلاث سنين لا يولد لهم
وقوله جل وعز { إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء } آية
قال مجاهد اصابتك بسوء أي بجنون بسبك إياها
ويقال عراه واعتراه واعتره إذا ألم به ومنه { وأطعموا القانع والمعتر } وقال الشاعر
أتيتك عاريا خلقا ثيابي على خوف تظن بي الظنون
المعنى ما نقول إلا اصابك بعض آلهتنا بجنون لسبك إياها
وقوله عز وجل { قال إني أشهد اللّه واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جمي
ثم لا تنظرون } آية
وهذا من علامات النبوة أن يكون الرسول وحده يقول لقومه فكيدوني جميعا وكذلك قال النبي صلى اللّه عليه وسلم لقريش وقال نوح صلى اللّه عليه وسلم { فأجمعوا أمركم وشركاء
ثم لا يكن أمركم عليكم غمة }
ثم قال جل وعز { إني توكلت على اللّه ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها } آية
أي هي في قبضته وتنالها قدرته
ثم قال جل وعز { إن ربي على صراط مستقيم } آية
قال مجاهد أي على الحق أي يجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته لا يظلم أحدا ولا يقبل إلا الإيمان به
قال أبو جعفر والصراط في اللغة المنهاج الواضح
والمعنى إن اللّه جل ثناؤه وإن كان يقدر على كل شيء فإنه لا يأخذهم إلا بالحق
وقوله جل وعز { ولا تضرونه شيئا } آية
أي لا تقدرون له على ضرره إذا أراد إهلاككم
وقيل لا يضره هلاككم إذا أهلككم أي لا تنقصونه شيئا لأنه سواء عنده أكنتم أم لم تكونوا
ثم قال جل وعز { إن ربي على كل شيء حفيظ } آية
أي يحفظني من أن ينالني بسوء
وقوله جل وعز { واتبعوا أمر كل جبار عنيد } آية
العنيد والعنود والعاند المدافع بغير حق
ثم قال جل وعز { وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة } آية
أي والحقوا
ومعنى { فما تزيدونني غير تخسير } غير تخسير لكم إذا ازددتم كفرا
وقوله جل وعز { ويا قوم هذه ناقة اللّه لكم }آية
يروى أنها خرجت من صخرة
وقوله جل وعز { فيأخذكم عذاب قريب } آية
أي قريب ممن مسها
وقوله جل وعز { فأصبحوا في ديارهم جاثمين } آية
قال قتادة أي ميتين
وقوله جل وعز { كأن لم يغنوا فيها } آية
قال قتادة أي كأن لم يعيشوا فيها
قال الأصمعي المغاني المنازل
قال غيره غنيت بالمكان إذا نزلت به
والمعنى كأن لن يقيموا فيها في سرور وغبطة
وقوله جل وعز { ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى } آية
أي بالبشرى بالولد
ثم قال جل وعز { قالوا سلاما قال سلام } آية
ويقرأ قال سلم
قال الفراء سلم وسلام واحد كما يقال حل وحلال
ثم قال جل وعز { فما لبث أن جاء بعجل حنيذ } آية
روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال هو النضيج وكذلك قال قتادة
وقال الضحاك هو الموقد عليه حتى ينضج
وقول أبو عبيدة{ حينذ } بمعنى محنوذ أي مشوي يقال حنذت فرسي أي عرقته
والمعنى فما ابطأ إذ تضيفوه بأن جاءهم بع
ثم حذف الباء من أن
وقيل الرسل جبريل وميكائيل وإسرافيل عليهم السلام { بالبشرى } البشارة بإسحاق
وقيل البشارة بهلاك قوم لوط
وقوله جل وعز { فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم } آية
يقال نكر وأنكر واستنكر بمعنى
قال قتادة كان الضيف إذا نزل ولم يأكل رأوا أنه لم يأت بخير وأنه قد أتى بشر
ثم قال جل وعز { وأوجس منهم خيفة } آية
أي أضمر { قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط } أي أرسلنا بالعذاب
{ وامرأته قائمة } وهو قاعد
وقوله تعالى { فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب } آية
فيه أقوال
أحسنها انهح لما لم يأكلوا نكرهم وخافهم فلما قالوا لا تخف وخبروه أنهم رسل فرح بذلك فضحكت امرأته سرورا بفرحه
وروى الفراء أن بعض المفسرين قال المعنى فبشرناهم بإسحاق فضحكت
قال أبو جعفر وهذا القول لا يصح لأن التقديم والتأخير لا يكون في الفاء
وقيل فضحكت فحاضت
وهذا قول لا يعرف ولا يصح
وقيل إنها كانت قالت له أحسب أن هؤلاء القوم سينزل بهم عذاب فضم لوطا إليك فلما جاء الرسل بما قالته سرت به فضحكت وهذا إن صح إسناد فهو حسن
وقال قتادة ضحكت من غفلة القوم وقد أتاهم العذاب
وقوله جل وعز { ومن وراء إسحاق يعقوب } آية
قال الشعبي الوراء ولد الولد
وقال بعض أهل النظر في هذا دليل على أن إسماعيل هو الذبيح لأنها بشرت بانها تعيش حتى يولد إسحاق وحتى يولد لإسحاق يعقوب وكيف يؤمر بذبحه وقد بشرت بان يولد له
وقوله جل وعز { قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا } آية
قال الفراء يروى أنه كان لها حين بش
ثمان وتسعون سنة وإبراهيم أكبر منها بسنة
وقوله جل وعز { فلما ذهب عن إبراهيم الروع } آية
قال قتادة أي الفزع
وقوله جل وعز { وجاءته البشرى } آية
قال قتادة بشروه بأنهم إنما أتوا بالعذاب إلى قوم لوط وأنه لا يخاف
قال معمر وقال غير قتادة بشروه بإسحاق
وروى حميد بن هلال عن جندب عن حذيفة قال المجادلة ها هنا أنه قال لهم أرأيتم إن كان فيهم خمسون من المسلمين أتهلكونهم قالوا لا قال فإن كان فيهم أربعون قالوا لا قال فإن كان فيهم ثلاثون قالوا لا قال فإن كان فيهم عشرون قالوا لا قال فإن كان فيهم عشرة أو خمسة شك حميد قالوا لا قال قتادة نحوا منه قال فقال يعني إبراهيم قوم ليس فيهم عشر من المسلمين لا خير فيهم قال عبد الرحمن بن سمرة كانوا اربعمائة الف
وقوله جل وعز { ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم } آية
أي ساءه مجيئهم لما يعرف من قومه
وروي أنهم أتوه واستضافوه فقام معهم وكانوا قد أمروا أن لا
يهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط ثلاث شهادات فقال لهم إن قومي شر خلق اللّه ثلاث مرات
ثم قال جل وعز { وضاق بهم ذرعا } آية
قال أبو العباس يقال ضقت بالأمر ذرعا إذا لم تجد في قدرتك القيام به وهو مأخوذ من الذراع لأن فيها القوة
ثم قال جل وعز { وقال هذا يوم عصيب } آية
قال مجاهد أي شديد وذلك يعرف في اللغة يقال وذلك يعرف في اللغة يقال عصيب وعصبصب للشديد المنكر
وقوله جل وعز { وجاءه قومه يهرعون إليه } آية
قال ابن عباس أي يسرعون
وقال مجاهد يهرولون في المشي
وقال أهل اللغة يقال أهرع إذا جاء مسرعا وكان مع
ذلك يرعد
وقوله جل وعز { قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم } آية
فيه أقوال
أحسنها قول مجاهد قال يريد نساء أمته ويقوة قول اللّه جل وعز { وأزواجه أمهاتهم }
ويروى أن أبي بن كعب وابن مسعود قرءا{ وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم }
وقيل المعنى هؤلاء بناتي إن اسلمتم
وقيل كان في ملتهم جائز أن يتزوج الكافر المسلمة
وقال عكرمة لم يعرض عليهم بناته ولا بنات أمته وإنما قال لهم هذا لينصرفوا
وقوله جل وعز { قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد } آية ي
قال مجاهد يعني العشيرة
وقوله جل وعز { فأسر بأهلك بقطع من الليل } آية
قال قتادة أي بطائفة من الليل يقال سرى واسرى إذا سار بالليل
فإن قيل السرى لا يكون إلا بالليل فما معنى بقطع من الليل
فالجواب أنه لو لم يقل { بقطع من الليل } جاز أن يكون أوله
وقوله جل وعز { ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك } آية
المعنى فاسر بأهلك إلا امرأتك
ويروى أنها في بعض القراءات كذا وقرأ أبو عمرو { إلا امرأتك } بالرفع
وقوله جل وعز { وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل } آية
فيه أقوال
قال مجاهد هو بالفارسية أي أولها حجارة وآخرها طين
وقال قتادة أي من طين
وقال أبو جعفر وهذان القولان حسنان
وإنما ذهب مجاهد إلى أن أصله بالفارس
ثم أعرب
قال أبو جعفر وإنما استحسناه لأنه قال في موضع آخر { حجارة من طين }
قال أبو عبيدة السجيل الشديد وأنشد ضربا تواصى بهالأبطال سجينا
ورد عليه هذا القول عبد اللّه بن مسلم وقال هذا سجين وذاك سجيل وكيف يستشهد به
قال أبو جعفر وهذا الرد لا يلزم لأن أبا عبيدة ذهب إلى
أن اللام بدل من النون لقرب إحداهما من الأخرى
وقول أبي عبيدة يرد من جهة أخرى وهي أنه لو كان على قوله لكان حجارة سجيلا لأنه لا يقال حجارة من شديد لأن شديدا نعت
وقوله جل وعز { منضود } أي بعضه يعلو بعضا يقال نضدت المتاع واللبن إذا جعلت بعضه على بعض فهو منضود ونضيد قال الشاعر
خلت سبيل أتي كان يحبسه ورفعته إلى السجفين فالنضد
ويقال سجيل من قولهم أسجلت إذا أعطيت ويقال هو من السجل كأنه مما كتب عليهم وقدر أن يصيبهم
قال أبو جعفر وأبو إسحاق يستحسن هذا القول قال ويدل عليه قوله تعالى { إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم }
وسجين وسجيل واحد
وقوله جل ذكره { مسومة عند ربك } آية
قال مجاهد أي معلمة
قال أبو جعفرويقال سومت الشيء إذا علمته ويروى أنه كان عليها أمثال الخواتيم
وقال الحسن معلمة وفيها دليل أنها ليست من حجارة الدنيا وانها مما عذب به
ويقال سومت الشيء إذا أرسلته إرسالا إلا أنه لم يقل هذا في هذا الحرف
ثم قال جل وعز { وما هي من الظالمين ببعيد } آية
قال مجاهد يرهب بهذا قريشا
وقال غيره المعنى من ظالمي هذه الأمة
قال أبو جعفر والقولان يرجعان إلى معنى واحد
وقيل وما هي ممن عمل قوم لوط ببعيد
وقوله جل وعز { وإلى مدين أخاهم شعيبا } آية
المعنى وإلى أهل مدين
وقوله تعالى { ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير } آية
قال الحسن كان سعرهم رخيصا
والذي توجه اللغة أن يكون عاما
وقوله جل وعز { بقية اللّه خير لكم إن كنتم مؤمنين } آية
قال الحسن حظكم من اللّه جل وعز
قال مجاهد أي طاعة اللّه
قال أبو جعفر والمعنى ما يبقي له ثوابه
وقوله جل وعز { قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا } آية
قال سفيان عن الأعمش أي قراءتك
ودل بهذا على أنهم كانوا كفارا
ثم قال { أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء }
روي عن زيد بن أسلم أنه قال كان مما نهاهم عنه حذف الدراهم
وقيل معنى { أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء } إذا تراضينا فيما بيننا بالبخس فلم تمنعنا منه
قال أبو جعفر قال أبو إسحاق معنى { إنك لأنت الحليم الرشيد } على السخرية
وقال غيره معناه إنك لأنت الحليم الرشيد عند نفسك
وقوله جل وعز { قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا } آية
قيل حلالا
وقيل ما وفق له من الطاعة
ثم قال جل وعز { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه } آية
قال قتادة أي ليس أنهاكم عن شيء وأركبه
ومعنى { وإليه أنيب } وإليه أرجع
وقوله جل وعز { ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي } آية
قال قتادة أي لا يحملنكم
قال أبو جعفر والشقاق في اللغة العداوة كأنه يصير في شق غير شقه
وقوله جل وعز { وما قوم لوط منكم ببعيد } آية
يقال إن أقرب إلإهلاكات التي عرفوها إهلاك قوم لوط
أي فالعظة لكم فيها بينة بقربه منكم
وقوله جل وعز { قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا } آية
قال سفيان بلغنا أنه كان مصابا ببصره
قال أبو جعفر وحكى أهل اللغة ان حمير تقول للأعمى ضعيف أي قد ضعف بذهاب بصره كما يقال له ضرير أي قد ضر بذهاب بصره كما يقال مكفوف أي قد كف عن النظر بذهاب بصر
وقوله جل وعز { ولولا رهطك لرجمناك } آية
أي ولولا عشيرتك لقتلناك بالرجم { قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من اللّه } أي أنتم تزعمون أنكم تتركون قتلي من أجل عشيرتي ولا تخافون من اللّه جل وعز في ردكم أمره
ويقال إن رهطه كانوا على ملتهم فلذلك أظهروا الميل إليهم
وقوله جل وعز { واتخذتموه وراءكم ظهريا } آية
قال مجاهد أي تركتم ما جئتكم به
قال أهل اللغة المعنى واتخذتم أمر اللّه وراءكم ظهريا يقال اتخذته ظهريا وجعلت حاجته بظهر أي إذا لم تعن بذلك
وقوله جل وعز { وأخذت الذين ظلموا الصيحة } آية
يروى ان جبرائيل صلى اللّه عليه وسلم صاح بهم صيحة فماتوا أجمعون وبين هذا قوله تعالى { فأصبحوا في ديارهم جاثمين } أي ميتين لا حراك لهم
ثم قال جل وعز { كأن لم يغنوا فيها } آية
قال قتادة أي كان لم يعيشوا فيها
قال أبو جعفر وقد ذكرناه فيما تقدم وهو مأخوذ من الصوت لأنه إنما يقال مغنى للمنزل إذا كان أهله فيه
ثم قال جل وعز { ألا بعدا لمدين كما بع
ثمود } آية
يقال بعد يبعد إذا هلك ومن النأي بعد يبعد
وقوله جل وعز { ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين } آية
السلطان الحجة ومن هذا قيل للوالي سلطان لأنه حجة اللّه جل وعز في الأرض
ويقال إنه مأخوذ من السليط وهو ما يضاء به
وقوله جل وعز { ويوم القيامة بئس الرفد المرفود } آية
قال مجاهد زيدوا لعنة يوم القيامة
قال أبو جعفر والرفد في اللغة المعونة والأعطاء والمعنى الذي يقوم لهم مقام المعونة اللعن
والتقدير بئس الرفد رفد المرفود
وقوله جل وعز { ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد } آية
قال قتادة القائم ما كان خاويا على عروشه والحصيد ما لا اثر له
وقوله جل وعز { وما زادوهم غير تتبيب } آية
قال مجاهد وقتادة غير تخسير
قال أبو جعفر وكذلك هو عند أهل اللغة ومنه { تبت يدا أبي لهب }
وقوله جل وعز { يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه } آية
وقد قال في موضع آخر { وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون }
ففي هذا جوابان
أحدهما أنه مثل قوله { هذا يوم لا ينطقون }
والمعنى لا ينطقون بحجة لهم كما يقال لمن تكلم كثيرا بغير حجة بينة لم يأت بشيء ولم يتكلم بشيء
والجواب الآخر أن ذلك اليوم فيه أهوال وشدائد فمرة يمنعون من الكلام ومرة يؤذن لهم فعلى هذا { لا تكلم نفس إلا بإذنه }
وقوله جل وعز { فمنهم شقي وسعيد } آية
روى عبد اللّه بن دينار عن عبد اللّه بن عمر عن عمر قال لما نزلت { فمنهم شقي وسعيد } قلت يا رسول اللّه فعلام نعمل أعلى شيء قد فرغ منه أم على شيء لم يفرغ منه قال بلى على شيء قد فرغ منه يا عمر وجرت به الأقلام ولكن كل ميسر لما خلق ل
وقوله جل وعز { فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك } آية
في هذا أجوبة منها أن العرب خوطبت على ما تعرف وتستعمل وهم يقولون لا أكلمك ما اختلف الليل والنهار وما دامت السماوات والأرض يريدون بذلك الأبد
ويكون معنى { إلا ما شاء ربك } سوى ما شاء ربك من زيادة أهل النار في العذاب وأهل الجنة في النعيم وقد صح أنهم يزادون
روى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال قال اللّه جل وعز أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر بله ما أطلع
ثم قرأ أبو هريرة { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين }
وقيل معنى إلا معنى سوى ايضا إلا أن المعنى سوى ما شاء ربك من الزيادة في الخلود
وهذان قولان حسنان لأنه معروف في اللغة أن يقال لك عندي كذا وكذا إلا كذا وسوى كذا وغير كذا
وحكى سيبويه لو كان معي رجل إلا زيد فهذا بمعنى سوى وغير
وحكى الكوفيون لك عندي الف إلا ألفين ويعبر عن إلا في مثل هذا أنها بمعنى سوى وغير ولكن والمعاني متقاربة
وقيل هذا استثناء لأنهم يقيمون في قبورهم فالمعنى على هذا { إلا ما شاء ربك } من مقامهم في قبورهم
وقيل هذا استثناء لأن قوما من الموحدين يدخلون الن
ثم تخرجون منها
فالمعنى على هذا خالدين في النار { ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك } من إخراج من شاء برحمته وشفاعة
النبي صلى اللّه عليه وسلم
وقال جابر بن عبد اللّه في قوله عز وجل { عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } إنه الشفاعة
ويكون المعنى في أهل الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض { إلا ما شاء ربك } من دخول قوم النار وخروجهم إلى الجنة
حدثنا أحمد بن محمد الأزدي قال حدثنا أحمد بن داود بن موسى البصري المعروف بالمكي قال نا شيبان بن فروخ قال نا أبو هلال قال نا قتادة في هذه الآية { فأما الذين شقوا ففي النار } إلى قوله { فعال لما يريد } فقال عند هذا حدثنا أنس ابن مالك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال يخرج قوم من النار قال قتادة لا نقول كما يقول أهل حروراء
وقيل في هذا قول خامس وهو أن المعنى خالدين فيها
أب
ثم قال { إلا ما شاء ربك } فخاطبهم على ما يعرفون من الاستثناء ورد الأمر إلى اللّه جل جلاله كما قال تعالى { لتدخلن المسجد الحرام إن شاء اللّه آمنين } وقد بين هذا بقوله { عطاء غير مجذوذ } قال مجاهد أي غير مقطوع
قال أبو جعفر وذلك معروف في اللغة يقال جذذت الشيء أي قطعته
وقد قيل في هذه الآية قول سادس يكون الاستثناء لمقامهم في عرصة القيامة
وقال قتادة تبدل هذه السماء وهذه الأرض
فالمعنى خالدين فيها ما دامت تلمك السماء وتلك الأرض المبدلتان من هاتين
وقوله جل وعز { وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص } آية روى سفيان عن جابر عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال ما كتب لهم من خير أو شر
وقوله جل وعز { ولولا كلمة سبقت من ربك } آية
أي بالتأخير إلى يوم القيامة { لقضي بينهم } يعني في الدنيا
وقوله جل ذكره { ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار } آية
قال عكرمة أي تودوهم وتطيعوهم
وقوله جل وعز { وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل } آية
قال الحسن طرفا النهار الصبح والعصر { وزلفا من الليل } المغرب والعشاء قال النبي صلى اللّه عليه وسلم هما زلفتا الليل
وروى سفيان عن منصور عن مجاهد قال طرفا النهار الصبح والظهر والعصر { وزلفا من الليل } العشاء والعتمة
وروى حجاج عن ابن جريج عن مجاهد { وزلفا من الليل } قال ساعة من الليل إلى العتمة
وقول مجاهد الأول احسن لأنه يجتمع به الصلوات الخمس
ولأن ابن عباس قال في قوله تعالى { إن الحسنات يذهبن السيئات } يعني الصلوات الخمس
وروى علقمة والأسود عن عبد اللّه أن رجلا أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال يا رسول اللّه إني وجدت امرأة في بستان فقبلتها والتزمتها ونلت منها كل شيء إلا الجماع فافعل في ما شئت فأنزل اللّه جل وعز { وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات } فقال معاذ بن جبل يا رسول اللّه أخاص له أم عام للناس فقال بل عام
والمعروف من قراءة مجاهد وزلفى بضم الزاي وبحرف التأنيث
وقرأ ابن محيصن بهذه القراءة إلا أنه نون في الإدراج ويقرأ { وزلفا من الليل } وهو واحد مثل الحلم والقراءة المشهورة { وزلفا } وأنشد سيبويه
طي الليالي زلفا فزلفا سماوة الهلال حتى احقوقفا
وهو جمع زلفة وهو ساعة تقرب من أخرى ومنه الزلفة ومنه سميت مزدلفة لأنها منزلة تقرب من عرفة
وقوله جل وعز { فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية } آية
قيل أولوا طاعة
وقيل أولو تمييز
وقيل أولو حظ من اللّه جل وعز
وقوله جل وعز { واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه } آية
قال مجاهد من تملكهم وتجبرهم وتركهم الحق
وقوله جل وعز { ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة } آية
أي على دين واحد
ثم قال جل وعز { ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم } آية
قال أبو جعفر وهذه الآية من المشكل وقد قيل فيها أقوال
روى عبد الكريم الجزري عن مجاهد انه قال وللرحمة خلقهم
وكذلك قال قتادة
وروي عن الحسن فيها أقوال
منها أنه قال وللاختلاف خلقهم
ومنها أنه يقال وللرحمة خلقهم
ومنها أنه قال خلقهم للجنة والنار والشقاء والسعادة
وقيل هذا القول الذي عليه أهل السنة وهو أبينها وأجمعها
والذي رواه عبد الكريم عن مجاهد ليس بناقض له لأنه قد بينه حجاج في روايته عن ابن جريج عن مجاهد انه قال في قول اللّه جل وعز { ولا يزالون مختلفين } قال أهل الباطل { إلا من رحم ربك }
قال أهل الحق { ولذلك خلقهم } قال للرحمة خلق أهل الجنة
قال أبوجعفر فهذا قول بين مفسر
ومن قال أيضا خلقهم للاختلاف فليس بناقض لهذا لأنه يذهب إلى ان المعنى وخلق أهل الباطل للاختلاف
وأبينها قول الحسن الذي ذكرناه ويكون المعنى ولا يزال أهل الباطل مختلفين في دينهم إلا من رحم اللّه وأهل الإسلام لا يختلفون في دينهم ولذلك خلق أهل السعادة للسعادة وأهل الشقاء للشقاء وبين هذا قوله جل وعز { وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين } آية
وقيل التقدير ينهون عن الفساد في الأرض ولذلك خلقهم
وقوله جل وعز { وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك } آية
أي تزيدك به تثبيتا كما قال جل ذكره { قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي }
ثم قال جل وعز { وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين } آية
قال أبو موسى وابن عباس والحسن ومجاهد { في هذه الحق } في هذه السورة
وقال شعبة سمعت قتادة يقول في هذه الدنيا
وهذا القول حسن إلا أنه يعارض بان ذلك يقال قد جاءه الحق في هذه السورة وغيرها وإن كان هذا لا يلزم لأنه لم ينف شيئا ألا ترى أنه يقال فلان في الحق إذا جاءه الموت ولا يراد به انه كان في باطل فتكون هذه السورة خصت بهذا توكيدا لما فيها من القصص والمواعظ
وقوله جل وعز { وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون } آية
أي عاملون ما أنتم عليه
وهذا تهديد ووعيد ألا ترى ان بعده { وانتظروا إنا منتظرون } إلى قوله { وما ربك بغافل عما تعملون } تمت سورة هود