بسم اللّه الرحمن الرحيم
{ يَا أَيُّهَا الذَّيِن آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّه وَرَسُوِلهِ } تقول العرب : فلان يقدِّم بين يدي الإمام وبين يدي أبيه يعجل بالأمر والنهى دونه .
{ أَولِئَك الَّذِينَ امْتَحَنَ اللّه قلوبَهُمْ لِلتَّقْوَى } من المحنة امتحنه اصطفاه .
{ إنَّ الَّذِينَ يُنَادُوَنكَ مِنْ وَرَاءِ الُحْجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلون } واحدتها حجرة قال :
أَمَا كان عبَّاد كفّياً لِدارهـم
بلى ولأبياتٍ بها الحجراتُ
يقول بلى ولبنى هاشم والذين نادوه صلى اللّه عليه وسلم من بني تميم
وفي قراءة عبد اللّه بن مسعود : { وأكثرهم بنو تميم لا يعقلون } .
{ حَتَّى تَفِيَء إلَى أَمْرِ اللّه } ترجع .
{ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّنْ قَوْمٍ } جزم لأنه نهىٌ .
{ وَلاَ تَلْمِزوا أَنْفُسَكُمْ } أي لا تعيبوا أنفسكم ، و { يَلمِزُكَ فيِ الصَّدَقَاتِ
يعيبك { بِالأَلْقَابِ } والأنباز واحد .
{ وَلاَ تَجَسَّسُوا } وتجسسوا سواء والتجسس التبحث يقال رجل جاسوس
وقال رؤبة :
لاَ تمكن الخَنَّاعَة الـنـامـوسـا
وتَحصِب اللعَّابَة الجـاسـوسـا
حصْبَ الغُواتِ العَوْمَجَ المنسوسا
الجاسوس والناموس واحد العومج : الحية والمنسوس المسيل وإنما سميت عومجاً لأنها تعمج أي تجيء على غير قصد ويقال : : تعمج السيل قال العجاج :
تدافُعَ السِّيل إذا تعمّجا
{ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ } يقال : من أي شعب أنت ? فيقول من مضر بن ربيعة ، والقبائل دون ذلك قال ابن أحمر :
مِن شعَبْ هَمْدَانَ أَو سَعْد العشيرة أو
خولان أَو مَذحِجٍ هاجوا له طَرَبـاً
وقال الكميت بن زيد الأسدي :
جمعتَ نِزاراً وهْي شتّى شعوبها
كما جمْعت كفٌّ إليها الأباخسا
{ لِتَعَارَفُوا } من الآية الأولى ثم ابتدأت { إنَّ أَكْرَمَكمْ عِنْدَ اللّه أَتْقَاكمْ } ولو عملت لقلت أن أكرمكم عند اللّه .
{ لاَ يَأْلِتْكِم مِنْ أَعْمالِكْم شَيْئاً } أي لا ينقصكم لا يحبس وهو من ألت يألت وقوم يقولون : لات يليت
وقال رؤبة :
وليلةٍ ذات نَـدى سَـرَيتُ
ولم يلتني عن سارها لَيْتُ
وبعضهم يقول : ألاتني حقي وألاتني عن وجهي وعن حاجتي أي صرفني عنها قال الحطيئة :
أبلغ سَراة بني كَعْبٍ مُغَلْغلةً
جَهْدَ الرسالة لا أَلتاً ولا كَذِبا
{ ثمَّ لَمْ يَرتَابُوا } لم يشكوا .