بسم اللّه الرحمن الرحيم
{ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ } يدخل ، مجازها : يولج .
{ في ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ } في أصلاب الرجال ثم في الرحم ثم في البطن
وقال بعضهم في الحولاء وفي الرحم وفي البطن .
{ ثُمَّ إذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ } كل مالك وكل شيء أعطيته فقد خولته قال أبو النجم :
أَعْطى فلم يَبْخَلْ وَلم يُبْـخَّـلِ
كُوْمَ الذُّرى من خَوَلِ المُخَوِّل
يريد اللّه تبارك وتعالى : وسمعت أبا عمرو يقول في بيت زهير :
هنالك إن يُستخولوا المال يُخْـوِلـوا
وإن يُسْئَلوا يُعطوا وإن يَيسْرُوا يُغْلوا
قال يونس : إنما سمعنا :
هنالك إن يُسْتَخبلوا المال يُخْبلُوا
وهي معناها .
{ وَعْدَ اللّه لاَ يُخْلِفُ اللّه الْمِيعَادَ } نصبٌ مجازه مجاز المصدر الذي ينصبه فعلٌ من غير لفظه والوعد والميعاد والوعيد واحد ، قال أبو عبيدة إذا قلت :
وعدت الرجل ، فالوجه الخير ويكون الشر قال اللّه { النّارُ وَعَدَهَا اللّه الذِينَ كَفَرُوا } وإذا قلت : أوعدت فالوجه الشر ولا يكون الخير .
{ فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأرْضِ } واحدها ينبوع وهو ما جاش من الأرض .
{ ثُمّ يَهِيجُ فَتَراُه مُصْفَرّاً } إذا ذوى الرطب كله فقد هاج ويقال : هاجت الأرض وهو إذا ذوى ما فيها من الخضر .
{ ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً } بعد صفرته أي رفاتاً والحطام والرفات والدرين واحد في كلام العرب وهو ما يبس فتحات من النبات .
{ مُتَشَابهاً } يصدق بعضه بعضاً ويشبه بعضه بعضاً .
{ ضَرَبَ اللّه مَثَلاً رَجُلاً فِيه شُرَكاَء مُتَشَاكِسُونَ } مجازها من الرجل الشكس .
{ سالماً } خالصاً وسلماً لرجل أي صلحاً .
{ وَالذِي جَاءَ بِالصَّدْقِ } في موضع الجميع وصدق به قال الأشهب ابن رميلة :
وإن الذي حانتْ بِفَلجٍ دِمَاؤهم
هم القوم كل القوم يا أُمَّ خالدِ
{ قُلْ أَفَرَاَيتُم مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّه إِنْ أَرَادَنِي اللّه بِضُرّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ } ما ها هنا في موضع الجميع مجازها مجاز الذي مثل بيت الأشهب هذا
وقوله { هل هن كاشفات ضره } يعني ما تعبدون من حجر ووثن ،
وأنت لأنهن موات كما قال { إِنْ يَدْعُونَ مِن دُونِه إلاّ إِنَاثاً } إلا مواتاً .
{ اللّه يَتَوَفى الانْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتي لَمْ تَمُتْ في مَنَامِهَا فُيُمْسِكَ التي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ ويَرْسِلَ الأُخْرَى إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } فجعل النائم متوفى أيضاً إلا أنه يرده إلى الدنيا .
{ اشْمَأَزَّتْ قُلُوب } تقول العرب : اسمأزَّ قلبي عن فلان أي نفر .
{ وَحَاقَ بِهِمْ } مثل أحاط بهم ولزمهم .
{ فيِ جَنْبِ اللّه } وفي ذات اللّه واحد .
{ وَيُنَجِّي اللّه الذِينَ اتّقَوْا بِمَفَازَاتِهِمْ } بنجاتهم من الفوز .
{ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالْأرْضِ } أي المفاتيح واحدها مقليد وواحد الأقاليد إقليد ،
وقال الأعشى :
فَتىً لَوْ يُجَارِي الشَّمسَ أَلْقتْ قِنَاعَهَا أو القمر السارِي لأَلْقى المقَالِدَا
{ وَلَقَدْ أُوِحيَ إِلَيْكَ وإِلَى الذِينَ مِنْ قَبلِكَ لَئنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَّنَ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخْاسِرِينَ } مجازها ولقد أوحي إليك لئن اشركت ليحبطن عملك وإلى الذين من قبلك مجازها مجاز الأمرين اللذين يخبر عن أحدهما ويكف عن الآخر وهو داخل في معناه .
{ زُمَراً } جماعات في تفرقة وبعضهم على أثر بعض واحدتها زمرة قال الأخطل :
شوقاً إليهم ووجداً يوم أَتبعُـهْـم
طَرْفِي ومنهم بجني كوكبٍ زُمَرُ
{ وَسِيقَ الذين اتّقَوْا رَبَّهُمْ إِلى الَجْنَّةِ زُمَرَاً حَتَّى إذَا جَاؤُهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُها
وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلاَمٌ عَلَيْكُم طِبْتُمْ فادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } مكفوفٌ عن خبره والعرب تفعل مثل هذا ، قال عبد مناف بن ربع في آخر قصيدة :
حتى إذا أَسلكُوُهمْ في قُتَـائِدِةٍ
شَلاًّ كما تَطْرد الْجَمَّالةُ الشُّرَدا
وقال الأخطل أيضاً في آخر قصيدة :
خلا إن حياً من قريش تفضلـوا
على الناس أو أن الأكارم نَهْشَلا
{ حاَفِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ } أطافوا به بحفافيه .
{ يُسَبِّحُون بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } والعرب قد تخلى الباء منها في القرآن { سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الأعْلى } .