سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ تِسْعٌ وَ سِتُّونَ آيَةً

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

{ آلم أَحَسِبَ النَّاسُ } ساكنٌ لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن من مجاز حروف التهجي ومجاز موضعه في المعنى مجاز ابتداء فواتح سائر السور .

٢

{ وَهُمْ لاَ يَفْتَنُونَ } مجازه : وهم لا يبتلون ، ومن بلوته أي خبرته .

٣

{ فَلَيَعْلَمنَّ اللّه الَّذِينَ صَدَّقُوا } مجازه : فليميزن اللّه لأن اللّه قد علم ذلك من قبل .

٥

{ مَنْ كانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللّه } مجازه : من كان يخاف بعث اللّه ، قال أبو ذؤيب :

إذا لَسعتْه الدّبْرُ لم يرْجُ لَسْعَها

وحالفها في بيتِ نوبٍ عواملِ

أي لم يجف .

٨

{ وَإنْ جَاهَدَاكَ } مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقوله :‏‏‏ وقلنا له وإن جاهداك .

١٠

{ فَإذَا أُذوِيَ في اللّه جَعَلَ فِتْنَةَ الناس كَعَذَابِ اللّه } مجازه

١١

: جعل أذى الناس { وَلَيَعْلَمَنَّ اللّه الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعَلَّمنَّ المُنَافِقينَ } مجازه : وليميزن اللّه هؤلاء من هؤلاء .

١٢-١٣

{ اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلِنَحْملْ خَطَابَاكُمْ } مجازه : اتبعوا ديننا . { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهمْ } مجازها : وليحملن أوزارهم وخطاياهم وأوزاراً وخطايا مع أوزارهم وخطاياهم .

١٣

{ عَمَّا كانَوا يفْتَرُونَ } أي يكذبون ويخترعون .

١٤

{الطُّوفَانُ } مجازه : كل ما طام فاشٍ من سبيل كان أو من غيره وهو كذلك من للوت إذا كان جارفاً فاشياً كثيراً ، قال :

أفناهُم طوفانُث موتٍ جارفِ

١٧

{ أَوْثَاناً } الوثن من حجارة أو من جص .

{ وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً } مجازه : تختلقون وتفترون .

{ وَاشْكُرُوا لَهُ } واشكروه واحد .

١٩

{ أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِيْ اللّه الَخْلَقْ } مجازه : كيف استأنف الخلق الأول .

{ ثُمَّ بُعِيدُهُ } بعد ، يقال: رجع عَودهُ على بدْئه أي آخره وعلى أوله ، وفيه لغتان يقال : أبدأ وأعاد وكان ذلك مُبدئاً ومُعيداً وبدأ وعاد وكان ذلك ادئاً وعائداً .

٢٠

{ كَيْفَ بَدَأ الخْلْقَ ثمُ اللّه يُنْشِيءُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ } مجاز { ينشيء } يبدئ .

٢١

{ وإِلَيْه تُقْلَبُونَ } أي ترجعون .

٢٦

{

وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إلَى رِبِّي } كل من خرج من داره أو قطع شيئاً فقد هاجر ومنه : مهاجر والمسلمين .

٣٣

{ إِنَّا مُنَجُّوكَ وأَهْلَكَ إِلا امْرَأَتَكَ كاَنَتْ مِنْ الغَابِرينَ } أي من الباقين الذين طالت أعمارهم فبقيت ثم أهلكت ، قال العجاج :

فما وَنى محمدٌ مذ أن غَفَرْ

له الإلهُ ما مضَى وما غَبَرْ

وإذا كانت امرأة مع رجال كانت صفاتهم صفات الرجال كقولك

: عجوزاً من الغابرين ، وقوله : { كَانَتْ مِنْ الْقَانِتينَ } .

{ سِيءَ بِهِمْ } مجازه : فعل بهم من سؤت بنا .

٣٥

{ تَركْنا مِنْهَا آيَةً } مجازه : أبقينا منها علامة .

٣٦

{ وأَرْجُو الْيَوْمَ الآخِرَ } مجازه : وأخشو اليوم الآخر ، قال أبو ذؤيب :

إذا لَسَعَتْه الدَّبْرُ لم يَرْج لسعَها

وحالفها في بيتِ نُوبٍ عواملِ

أي لم يخف .

{ وَلاَ تَعَثَوْا فيِ الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ } مجازه من : عثيت تعثى عثواً هو أشد مباللغة من عثيت ثعيت .

٣٧

{ جَاثِمينَ } بعضهم على بعض ، وجاثمين لركبهم وعلى ركبهم .

٣٩

{ وَمَا كَانُوا سَابِقين } مجازه : فائقين معجزين .

٤٠

{ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً } أي ريحاً عاصفاً فيها حصىً ويكون في كلام العرب : الحاصب من الجليد ونحوه أيضاً ، قال الفرزدق :

مُستقبلين شِمال الشام تَضربنا

بحاصب كنَدِيف القُطن منثورِ

٤٣

{ وَتْلكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاس } مجازها : هذه الأشباه والنظائر نحتج بها ، يقال اضرب لي مثلاً : قال الأعشى :

هل تذكر العَهَدَ في تَنَمُّصَ إذ

تضرب لي قاعداً بها مثـلا

٤٨

{ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو منْ قَبْلِه مِنْ كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّه بِيَمِينِكَ إِذاً لاَرْتَابَ الْمُبْطُلوَن } مجازه : ما كنت تقرأ من قبل القرآن حتى أنزل إليك ولا قبل ذلك من كتاب ، مجازه : ما كنت تقرأ كتاباً ، ومن من حروف الزوائد ، وفي آية أخرى : { فمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزينَ } مجازه : ما منكم أحد عنه حاجزين

{ وَلاَ تَخُطُّه بِيَمِنكِ} أي ولا تكتب كتاباً ، ومجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك : ولو كنت تقرأ الكتاب وتخطه لارتاب المبطلون .

٥٨

{ لَنُبَوِّئَنَّهْم مِنَ الجَنَّةِ غُرَفاً } مجازه : لننزلنهم ، وهو من قولهم : { اللّهم بوّئْنا مُبوَّأَ صِدْقٍ } .

٦٠

{ وَكَأَيْن مِنْ دابَّةٍ لاَ تَحْمِلُ رِزْقَهَا } مجازه : وكم من دابة ، ومجاز الدابة : أن كل شيء يحتاج إلى الأكل والشرب فهو دابة من إنس أو غيرهم ،

٦٤

{ والدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ } مجازه : الدار الآخرة هي الحيوان ، واللام تزاد للتوكيد ، قال الشاعر :

أُمّ الحُلَيس لَعجوزٌ شَهْـرَ بَـهْ

تَرْضَى من اللحم يعظم الرَّقَبَهْ

ومجاز الحيوان والحياة واحد ، ومنه قولهم : نهر الحيوان أي نهر الحياة ، ويقال : حييت حياً على تقدير : عييت عياً ، فهو مصدر ، والحيوان والحياة اسمان منه فيما تقول العرب ، قال العجاج :

وقد ترى إذ الحياة حيُّ

أي الحياة .

٦٨

{ ألَيْسَ فيِ جَهنَّمَ مثْوًى لِلْكَافرِينَ } مجازه مجاز الإيجا لأن هذه الألف يكون الاستفهام وللايجاب فهي هاهنا للإيجاب ،

وقال جرير :

ألستُمْ خيرَ مَن ركِب المَطايا

وأندَى العالمين بطونَ راحِ

فهذا لم يشك ، ولكن أوجب لهم أنهم كذلك ، ولولا ذلك ما أثابوه ؛ والرجل يعاتب عبده وهو يقول له : أفعلت كذا ، وهو لا يشك .