بسم اللّه الرحمن الرحيم
{ آلم أَحَسِبَ النَّاسُ } ساكنٌ لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن من مجاز حروف التهجي ومجاز موضعه في المعنى مجاز ابتداء فواتح سائر السور .
{ وَهُمْ لاَ يَفْتَنُونَ } مجازه : وهم لا يبتلون ، ومن بلوته أي خبرته .
{ فَلَيَعْلَمنَّ اللّه الَّذِينَ صَدَّقُوا } مجازه : فليميزن اللّه لأن اللّه قد علم ذلك من قبل .
{ مَنْ كانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللّه } مجازه : من كان يخاف بعث اللّه ، قال أبو ذؤيب :
إذا لَسعتْه الدّبْرُ لم يرْجُ لَسْعَها
وحالفها في بيتِ نوبٍ عواملِ
أي لم يجف .
{ وَإنْ جَاهَدَاكَ } مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقوله : وقلنا له وإن جاهداك .
{ فَإذَا أُذوِيَ في اللّه جَعَلَ فِتْنَةَ الناس كَعَذَابِ اللّه } مجازه
: جعل أذى الناس { وَلَيَعْلَمَنَّ اللّه الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعَلَّمنَّ المُنَافِقينَ } مجازه : وليميزن اللّه هؤلاء من هؤلاء .
{ اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلِنَحْملْ خَطَابَاكُمْ } مجازه : اتبعوا ديننا . { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهمْ } مجازها : وليحملن أوزارهم وخطاياهم وأوزاراً وخطايا مع أوزارهم وخطاياهم .
{ عَمَّا كانَوا يفْتَرُونَ } أي يكذبون ويخترعون .
{الطُّوفَانُ } مجازه : كل ما طام فاشٍ من سبيل كان أو من غيره وهو كذلك من للوت إذا كان جارفاً فاشياً كثيراً ، قال :
أفناهُم طوفانُث موتٍ جارفِ
{ أَوْثَاناً } الوثن من حجارة أو من جص .
{ وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً } مجازه : تختلقون وتفترون .
{ وَاشْكُرُوا لَهُ } واشكروه واحد .
{ أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِيْ اللّه الَخْلَقْ } مجازه : كيف استأنف الخلق الأول .
{ ثُمَّ بُعِيدُهُ } بعد ، يقال: رجع عَودهُ على بدْئه أي آخره وعلى أوله ، وفيه لغتان يقال : أبدأ وأعاد وكان ذلك مُبدئاً ومُعيداً وبدأ وعاد وكان ذلك ادئاً وعائداً .
{ كَيْفَ بَدَأ الخْلْقَ ثمُ اللّه يُنْشِيءُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ } مجاز { ينشيء } يبدئ .
{ وإِلَيْه تُقْلَبُونَ } أي ترجعون .
{
وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إلَى رِبِّي } كل من خرج من داره أو قطع شيئاً فقد هاجر ومنه : مهاجر والمسلمين .
{ إِنَّا مُنَجُّوكَ وأَهْلَكَ إِلا امْرَأَتَكَ كاَنَتْ مِنْ الغَابِرينَ } أي من الباقين الذين طالت أعمارهم فبقيت ثم أهلكت ، قال العجاج :
فما وَنى محمدٌ مذ أن غَفَرْ
له الإلهُ ما مضَى وما غَبَرْ
وإذا كانت امرأة مع رجال كانت صفاتهم صفات الرجال كقولك
: عجوزاً من الغابرين ، وقوله : { كَانَتْ مِنْ الْقَانِتينَ } .
{ سِيءَ بِهِمْ } مجازه : فعل بهم من سؤت بنا .
{ تَركْنا مِنْهَا آيَةً } مجازه : أبقينا منها علامة .
{ وأَرْجُو الْيَوْمَ الآخِرَ } مجازه : وأخشو اليوم الآخر ، قال أبو ذؤيب :
إذا لَسَعَتْه الدَّبْرُ لم يَرْج لسعَها
وحالفها في بيتِ نُوبٍ عواملِ
أي لم يخف .
{ وَلاَ تَعَثَوْا فيِ الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ } مجازه من : عثيت تعثى عثواً هو أشد مباللغة من عثيت ثعيت .
{ جَاثِمينَ } بعضهم على بعض ، وجاثمين لركبهم وعلى ركبهم .
{ وَمَا كَانُوا سَابِقين } مجازه : فائقين معجزين .
{ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً } أي ريحاً عاصفاً فيها حصىً ويكون في كلام العرب : الحاصب من الجليد ونحوه أيضاً ، قال الفرزدق :
مُستقبلين شِمال الشام تَضربنا
بحاصب كنَدِيف القُطن منثورِ
{ وَتْلكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاس } مجازها : هذه الأشباه والنظائر نحتج بها ، يقال اضرب لي مثلاً : قال الأعشى :
هل تذكر العَهَدَ في تَنَمُّصَ إذ
تضرب لي قاعداً بها مثـلا
{ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو منْ قَبْلِه مِنْ كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّه بِيَمِينِكَ إِذاً لاَرْتَابَ الْمُبْطُلوَن } مجازه : ما كنت تقرأ من قبل القرآن حتى أنزل إليك ولا قبل ذلك من كتاب ، مجازه : ما كنت تقرأ كتاباً ، ومن من حروف الزوائد ، وفي آية أخرى : { فمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزينَ } مجازه : ما منكم أحد عنه حاجزين
{ وَلاَ تَخُطُّه بِيَمِنكِ} أي ولا تكتب كتاباً ، ومجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك : ولو كنت تقرأ الكتاب وتخطه لارتاب المبطلون .
{ لَنُبَوِّئَنَّهْم مِنَ الجَنَّةِ غُرَفاً } مجازه : لننزلنهم ، وهو من قولهم : { اللّهم بوّئْنا مُبوَّأَ صِدْقٍ } .
{ وَكَأَيْن مِنْ دابَّةٍ لاَ تَحْمِلُ رِزْقَهَا } مجازه : وكم من دابة ، ومجاز الدابة : أن كل شيء يحتاج إلى الأكل والشرب فهو دابة من إنس أو غيرهم ،
{ والدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ } مجازه : الدار الآخرة هي الحيوان ، واللام تزاد للتوكيد ، قال الشاعر :
أُمّ الحُلَيس لَعجوزٌ شَهْـرَ بَـهْ
تَرْضَى من اللحم يعظم الرَّقَبَهْ
ومجاز الحيوان والحياة واحد ، ومنه قولهم : نهر الحيوان أي نهر الحياة ، ويقال : حييت حياً على تقدير : عييت عياً ، فهو مصدر ، والحيوان والحياة اسمان منه فيما تقول العرب ، قال العجاج :
وقد ترى إذ الحياة حيُّ
أي الحياة .
{ ألَيْسَ فيِ جَهنَّمَ مثْوًى لِلْكَافرِينَ } مجازه مجاز الإيجا لأن هذه الألف يكون الاستفهام وللايجاب فهي هاهنا للإيجاب ،
وقال جرير :
ألستُمْ خيرَ مَن ركِب المَطايا
وأندَى العالمين بطونَ راحِ
فهذا لم يشك ، ولكن أوجب لهم أنهم كذلك ، ولولا ذلك ما أثابوه ؛ والرجل يعاتب عبده وهو يقول له : أفعلت كذا ، وهو لا يشك .