بسم اللّه الرحمن الرحيم
{ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ } أي تأخذه عنه ويلقى عليك .
{ إنِّي آنَسْتُ نَاراً } أي أبصرت وأحسست بها .
{ بِشِهَابٍ قَبَسٍ } أي بشعالة نارٍ ، ومجاز { قَبَس } ما اقتبست منها من الجمر قال :
في كفِّه صَعْدة مثقـفَّة
فيها سِنانٌ كشُعْلة الْقَبَسِ
{ كَأَنَّهَا جَانٌّ } وهي جنس من الحيات .
{ وَلَمْ يُعَقِّبْ } أي ولم يرجع يقال : عقب عليه فأخذه .
{ فَهُمْ يُوزَعُونَ } أي يدفعون فيستحث آخرهم ويحبس أولهم
، وفي آية أخرى : { أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ } مجازه : شددني إليه ومنه قولهم : وزعني الحلم من السفاه أي منعني ، ومنه قوله :
على حين عاقبتُ المَشيبَ على الصَّبا
فقلت ألمَّا تَصْحُ والـشَّـيبُ وازِعُ
ومنه الوزعة الذين يدفعون الخصوم والناس عن القضاة والأمراء .
{ قاَلَتْ نَمْلَةٌ يَأيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلوا مَسَاكِنَكُمْ } هذا من الحيوان الذي خرج مخرج الآدميين والعرب قد تفعل ذلك قال :
شَربتُ إذا ما الدِّيك يدعو صباحه
إذا ما بنوا نَعْشٍ دَنَوْا فَتَصَوَّبـوا
{ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ } أي غير طويل ، كاف { مكث } مفتوحة ، وبعضهم يضمها .
{ أَلاَ يَسْجُدُوا للّه } مجازه الأمر ، وهذه الياء التي قبل الألف { اسجدوا } تزيدها العرب للتنبيه إذا كانت ألف الأمر التي فيها من ألفات الوصل نحو قولك : اضرب يا فتى ، واسجد واسلم ونحو ذلك قال العجاج :
يا دار سَلْمَى يا سلَمِى ثم اسلَمِى
فالياء زائدة في قوله : { يا سلمى } ،
وقال ذو الرمة :
ألا يا سِلَمى يا دار مّيٍ على البِلَى
ولا زال مُنْهَلاً بجَرْعائِكِ القَطْرُ
وقال الأخطل :
ألا يا سلمى يا هند بنـي بَـدْر
وإن كان حَيّاناً عَدى آخر الدهرِ
{ الَّذِي يُخِرجُ الْخَبْءَ في السَّموَاتِ والأرْضِ } ما خبأت في نفسك أي ما أسررت .
{ لاَ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا } مجازه لا طاقة لهم بها ولا يدين .
{ قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الِجْنِّ } وهو من كل جن وإنس أو شيطان الفائق المبالغ الرئيس ، يقال عفرية نفرية وعفارية وهما مثل عفريت قال جرير :
قرنتُ الظالمين بمَرْمَريس
بِذلُّ له العفاريةُ المَـريدُ
المرميس : الداهية الشديدة ، قال ذو الرمة :
كأنه كوكبٌ في إثر عِفْـرية
مسوَّم في سواد الليل منقضِبُ
قال { الصَّرْحَ } القصر وكان من قوارير قال أبو ذؤيب :
بهن نَعامٌ بنـاهـا الـرجـا
لُ تُشَبِّه أَعلامَهن الصروحا
كل بناء بنيتَه من حجارة فهو نعامة والجماع نعام وإذا كان من شجر وثرى فهو ثاية .
{ قَالُوا تَقَاسَمُوا باللّه } أي تحالفوا وهو من القسم .
{ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الغَابِرِينَ } أي جعلناها من الباقين .
{ آللّه خَيْرٌ أَمَّا تُشْرِكُونَ } مجازه أم ما تشركون أي أم الذي تشركون به فأدغمت الميم في الميم فثقلت و { ما } قد يوضع في موضع { من } و { الذي } وكذلك هي في آية أخرى : { وَالسَّمَاءِ ومَا بَنَاهَا } ومن بناها ؛ { والأرْضِ وَمَا طَحَاهَا } ومن طحاها .
{ فَأَنْبَتْنَا بِه حَدَائِقَ } أي جناناً من جنان الدنيا واحدتها حديقة .
{ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ } مجازه متى وفي آية أخرى : { أَيَّانَ مُرْسَاهَا } أي متى .
{ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ } مجازه جاء بعدكم .
{ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً } أمة كل نبي الذين آمنوا به ، ومن كل أمة أي من كل قرن فوجاً جماعة ، ويقال جاءوني أفواجاً أي جماعات ، وفي آية أخرى : { وَرَأَيْتَ النّاسَ يَدْخُلونَ في دينِ اللّه أَفْوَاجاً } أي جماعات .
{ وَوَقَعً الْقَوْلُ علَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا } مجازه وجب المقاب عليهم بما كفروا .
{ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً } مجازه مجاز ما كان العمل والفعل فيه لغيره أي يبصر فيه ، ألا ترى أن البصر إنما هو في النهار والنهار لا يبصر كما أن النوم في الليل ولا ينام الليل فإذا نيم فيه قالوا : ليله قائم ونهاره صائم قال جرير :
لقد لُمْتِنَا يا أُمِّ غيلانَ في السُّرَى
ونَمِت وما ليل المَطيِّ بـنـائِم
{ وَكُلٌّ أَنَوْهُ دَاخِرِينَ } أي صاغرين خاضعين { كل ٌ } لفظه لفظ واحد ومعناه جميع ، فهذه الآية في موضع جميع وقد يجوز في الكلام أن تجعله في موضع واحد فتقول : كل آتيه ذاخراً .