بسم اللّه الرحمن الرحيم
{ الحجّ } بكسر أوله ويفتح .
{ يَوْمَ تَرَوَنْهُا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضَعةٍ } أي تسلو وتنسى ، قال كثير عزة :
صحا قلبُه يا عَزَّ أو كاد يَذَهلُ
أي يصحو ويسلو .
{ مِنْ مُّضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ } أي مخلوقة .
{ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً } مجازه أنه في موضع أطفال والعرب تضع لفظ الواحد في معنى الجميع قال :
في حَلْقكم عظمٌ وقد شَجينا
وقال عباس بن مرداس :
فقلنا أَسِلمـوا إنـا أَخـوكـم
فقد بَرِئَت من الإحَنِ الصدورُ
وفي آية أخرى : { وَالمْلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلكَ ظَهِيرٌ } أي ظهراء
وقال :
إن العواذل ليس لي بأميرِ
أراد أمراء : { أرذَلِ العمر } : مجازه أن يذهب العقل ويخرف .
{ وَتَرىَ الأرْضَ هَامِدَةً } أي يابسة لا نبات فيها ويقال : ويقال رماد هامد إذا كان يدرس .
{ زَوْج بَهِيجٍ } أي حسن قشيب جديد ويقال أيضاً بهج : { وَأَنَّ اللّه يَبَعْثُ } أي يجيء .
{ ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ } يقال جاءني فلان ثاني عطفه أي يتبختر من التكبر ، قال الشماخ :
نُبَّئتُ أن رُبَيْعاً أن رَعَى إِبلاً
يُهدى إلىَّ خَناه ثانَي الجيدِ
قال أبو زبيد :
فجاءهُمُ يَستنٌّ ثانيَ عِطفه
له غَيَبٌ كأَنما بات يُمكَرُ
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللّه عَلَى حَرْف }
كل شاك في شيء فهو على حرف لا يثبت ولا يدوم وتقول : إنما أنت لي
على حرف ، أي لا أثق بك { لَبِئْسَ الْمَوْلَي } مجازه هاهان ابن العم ،
{ ولبئس العشير } الخليط المعاشر .
{مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَن لَّنْ يَنْصُرَهُ اللّه } مجازه أن لن يرزقه اللّه وأن لن يعطيه اللّه ، قال وقف علينا سائل من بني بكر على حلقة في المسجد الجامع فقال : من ينصرني نصره اللّه أي من يعطيني أعطاه اللّه ويقال نصر المطر أرض كذا ، أي جادها وأحياها ، قال وبيت الراعي :
وانصري أرض عامرِ
أي تعمدي ،
وقال الراعي :
أبوك الذي أجدى عليّ بنصره
فانصتَ عني بعده كُّل قائلِ
أي بعطيته
وقال :
وإنك لا تعطي امرءًا فوقَ حظـه
ولا تَمِلك الشِقَّ الذي الغيث ناصرهُ
{ فلَيْمَدْدُ بِسَبَبٍ إلىَ السَّماءِ } أي بحبل .
{ إنَّ الذَّيِنَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا لصِّاِبئينَ والنَّصَارَى وَالمَجُوسَ والّذِين أَشْرَكُوا إنَّ اللّه يَفِصُل بيَنَهُم يَوْمَ القِيَامَةِ } مجازه : اللّه يفصل بينهم ، وإن من حروف الزوائد ؛ والمجوس من العجم { والذين أشركوا } من العرب ،
وقال آخرون : قد تبدأ العرب بالشيء ثم تحول الخبر إلى غيره إذا كان من سببه كقول الشاعر :
فمنْ يَك سائلاًعني فإنـي
وجَروْة لا تَرود ولا تُعارُ
بدأ بنفسه ثم خبر عن فرسه
وقال الأعشى :
وإن إِمراءً أهدى إلـيك ودونـه
من الأرض مَؤماة وبيداء سَمْلقُ
لمحقوقة أن تستجيبي لِصَـوتـه
وأن تعلمي أن المُعان مُوقَّـفُ
بذأ بالمهدي ثم حول الخبر إلى الناقة : { يُصْهَرُ بِهِ } يذاب به ، قال الشاعر :
شّكَ السَّفافِيدِ الشِّواء المُصْطَهَرْ
ومنه قولهم : صُهارة الأَلْيَة
وقال ابن أحمر :
تَرويِ لَـــقـــىً أُلـــقِـــىَ فـــي صَـــفْـــصـــــــفٍ
نَصــهَـــره الـــشـــمـــسُ فـــمـــا ينـــصـــهـــرْ
تَروى : تصير له روايةٌ لفراخها كما يروى رواية القوم عليهم وهو البعير والحمار .
{وَلِبَاسُهُمْ فيهَا حَرِيرٌ } مجازه لَبوسهم ، قال أبو كبير الهدلي :
ومعى لَبوسٌ للبئيس كـأنـه
رَوْقٌ بجبهة ذي نِعاج مُجِفلِ
أي مسرع ، ذو نعاج يعني الثور .
{ سَوَاءِ العَاكِفُ فيه } أي المقيم فيه { وَالبَادِ } : الذي لا يقيم فيه .
{ وَمَنْ يُرِد فِيهِ بإلْحادٍ } مجازه ومن يرد فيه إلحاداً والباء من حروف الزوائد وهو الزيغ والجور والعدل عن الحق وفي آية أخرى
{ مِنْ طُور سينَاء تُنْبِتُ بالدُّهْنِ } مجازه تنبت الدهن والعرب قد تفعل ذلك قال الشاعر
بوادٍ يمانٍ يُنبت الشَّتَّ صدرُه
وأسفله بالمَرْخ والشَّهَبـانِ
المعنى : وأسفله نبت المرخ قال :
حَوْءبةٌ تُنقِض بالضُّلوعِ
أي تنقض الضلوع والحوءبة الدلو العظيم ، يقال إنه لحوب البطن أي عظيمة قال الأعشى :
ضمنت برزق عَيالنا أرماحُـنـا
مِلءَ المَراجِلِ والصريحَ الأجردا
أي ضمنت رزقَ عيالنا أرماحنا والباء من حروف الزوائد .
{وَإذْ بَوَّأْنَا لإبرَاهِيمَ } مجازه من قوله :
ليتني كنت قبله قد بُوّأتُ مَضجـعـا
ويقال للرجل : هل تبوّأت بعدنا أي هل تزوجت .
{وَأَذِّنْ فيِ النَّاسِ باِلحْجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَاِمرٍ } قوم يفتحون أول الحج وقوم يكسرونه وواحد الرجال راجل بمنزلة صاحب والجميع صحاب وتاجر والجميع تجار والقائم والجميع قيام ، يأتوك مُشاةً وعلى كل ضامر أي ركباناً
{ يأْتِينَ من كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ } أي بعيد قال :
يقطعن بُعْدَ النازحِ العَميقِ
{ فَجّ } أي مسلك وناحية .
{ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ } خرجت مخرج { يُخْرجُكُمْ طِفْلاً } والبهائم : الأنعام والدواب .
{ ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ } وهو الأخذ من الشارب وقص الأظفار ونتف الأبط والاستحداد وحلق العانة .
{ الزُّور } الكذب .
{ سَحِيقٍ } والسحيق البعيد وهو من قولهم أبعده اللّه وأسحقه وسحقته الريح ، ومنه نخلة سحوقٌ أي طويلة ويقال : بعد وسحقٌ
وقال ابن قيس الرقيات :
كانت لنا جارةً فأَزعجهـا
قاذورةٌ يَسْحَق النَّوى قُدُما
وقالوا : يُسِحق ، والقاذورةُ : المتقذر الذي لا يخالط الناس لا تراه إلا معتزلاً من الناس ، والنوى : من السفر .
{ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللّه عَلَيْهَا صَوافَّ } أي مصطفة وتصف بين أيديها وهو من المضاعف ، وبعضهم يجعلها من باب الياء فيقول صواف يتركون الياء من الكتاب كما يقول : هذا قاض ، وواحدتها صافية للّه .
{ فَإذَا وَجَبتْ جُنُوبُها } أي سقطت ، ومنها وجوب الشمس إذا سقطت لتغيب ،
وقال أوس بن حجر :
ألم تكَسفِ الشمس والبدر والك
واكبُ للجـبـل الـواجـبِ
أي الواقع : { وأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ } مجازه السائل الذي قنع إليكم تقدير فعله : ذهب يذهب ومعناه سأل وخضع ومصدره القنوع ، قال الشماخ :
لمال المرء يُصلحه فيغني
مفَاقره أعُّف من القُنوعِ
أي من الفقر والمسألة والخضوع . والمعتر الذي يعتريك يأتيك لتعطيه تقول : اعترني وعرني واعتريته واعتقيته إذا ألممت به قال حسان :
لعمرك ما المُعَتُّر يأتي بلادَنا
لنمنَعه بالضايع المتهضَّـمِ
وقال لبيد في القنوع :
وإعطائيَ المولَى على حين فقره
إذا قال أبصرْ خَلَّتِي وقُنُوعـيِ
وأما القانع في معنى الراضي فإنه من قنعت به قناعة وقناعا وقناعا وقنعا ، تقديره علمت ، يقال من القنوع : قنع يقنع قنوعاً ، والقانع قنع يقنع قناعة وقنعاناً وقنعاً وهو القانع الراضي .
{ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقّ إلاَّ أَنْ يَقولوُا رَبُّنَا اللّه } مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك : إلا أنهم يقولون الحق .
{ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ } مجازها مصليات .
{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ } قوم ، يذكَّر ويؤنَّث .
{ فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ } الياء من فكأيّن مُثقلة وهي قراءة الستة ويخففها آخرون قال ذو الرمة :
وكائنْ تخطَّتْ ناقتي من مَفازة
وهِلْباجةٍ لا يُطلِع الهمَّ رامكُ
أي يطلب ومعناها وكم من قرية .
{ وَقَصْر مَشيدٍ } مجازه مجازُ مفعول من { شِدتَ نَشِيد } أي زينته بالشيد وهو الجص والجيار والملاط الجيار الصاروج وهو الكلس
وقال عدي ابن زيد العبادي .
شادَهُ مرمراً وجَللّه كِلْسا فللطير في ذرَاهُ وكُورُ
وهو الكلس
وقال :
كحيّة الماء بين الطَّيّ والشِّيدِ
{ لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً } الميم مضمومة لأنها من { أدخلت } والخاء مفتوحة وإذا كان من دخلت فالميم والخاء مفتوحتان .
{ يَكادَوُنَ يَسْطُونَ } أي يفرطون عليه ومنه السطوة .
{ بِشَرِّ مِّنْ ذَلِكُمُ النَّارُ } مروفوعة على القطع من شركة الباء ولكنه مستأنف خبر عنه ولم تعمل الباء فيه
وقال :
وبـلـد بـآلـهِ مـــؤزَّرُ
إذا استقلوا من مُناخٍ شَمَّـروا
وإن بدت أعلام أرض كبَّروا
مؤزر مرفوع على ذلك القطع .
{ مَا قَدَرُو اللّه حَقَّ قَدْرِهِ } مجازه ما عرفوا اللّه حق معرفته ، ولا وصفوفه مبلغ صفته .
{ فَنِعْمَ المَوْلَى } أي الرب .