بسم اللّه الرحمن الرحيم
{ألر} {١} ساكن لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن مجاز حروف التهجي، ومجاز موضعه في المعنى كمجاز ابتداء فواتح سائر السور.
{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ} مجازه مستأنف أو مختصر فيه ضمير كقولك: هذا كتاب أنزلناه إليك، وفي آية أخرى: {ألم ذلِكَ الكِتَابُ} {٢} وفي غيرها ما قد أظهر.
{يَسْتَحِبُّونَ الحْيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ} {٣} يختارون.
{وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً} {٣} يلتمسون، ويحتالون لها عوجاً، مكسور الأول مفتوح الثاني وذلك في الدِّين وَغيره، وفي الأرض مما لم يكن قائماً وفي الحائط وفي الرمح وفي السِّن عَوَجَ وَهو مفتوح الحروف.
{يَسُومُونَكُمْ} {٦} أي يُولُونكم ويَبلونكم.
{وَإذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ} {٧} مجازه: وآذَنَكم ربكم، وإذ من حروف الزوائد، وتأذن تفعل من قولهم: أذَنته.
{فَرَدُّوا أَيْدِيَهمْ في أَفْوَاهِهِمْ} {٩} مجازه مجاز المثل، وموضعه موضع كفوا عما أمروا بقوله من الحق ولم يؤمنوا به ولم يسلموا، ويقال: رد يده في فمه، أي أمسك إذا لم يجب.
{فَاطِرِ} {١٠} أي خالق.
{لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} {١٠} مجازه: ليغفر لكم ذنوبكم، ومن من حروف الزوائد، وفي آية أخرى: {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} {٦٩٤٧} مجازه: ما منكم أحد،
وقال أبو ذُوَيْب:
جَزيتِك ضِعفَ الحبّ لمّا شكـوتِـه
وما إن جزاكِ الضِّعفَ مَن أحدٍ قَبْلِي
أي أحدٌ قبلي.
{أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} {١٣} أي في ديننا وأهل ملتنا.
{خَافَ مَقَامِي} {١٤} مجازه: حيث أُقيمه بين يدي للحساب.
{واسْتَفْتَحُوا} {١٥} مجازه: واستنصروا.
عَنود وعَنِيدٍ {١٥} وعاند كلها، واحد والمعنى جائر عاند عن الحق،
قال:
إذا نزلتُ فاجعلاني وَسَطَا
إنّي كبير لا أُطيقُ العُنَّدا
{مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ} {١٦} مجازه: قُدامه وأمامه، يقال إن الموت من ورائك أي قدامك،
وقال:
أتوعدني وراءَ بنـي رِياحٍ
كذبتَ لتَقصُرنَّ يداك دونِي
أي قدام بني رياح وأمامهم، وهم دوني أي بيني وبينك،
وقال:
أترجو بني مَروانَ سَمعي وطاعتي
وقَوْمي تمـيم والـفَـلاةُ ورائيا
وقال: {مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} {١٦} والصديد القَيح والدَّم.
{مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ} {١٨} مجازه: مثل أعمال الذين كفروا بربهم كمثل رَمادٍ، وتصديق ذلك من آية أخرى: {أَحْسَنَ كلَّ شَئٍ خَلْقهُ} {٣٢٧} مجازه: أحسن كل شئ،
وقال حُمَيد بن ثَوْر الهِلالّي:
وطَعْنِي إليك الليلَ حِضنَيْه إنّني
لتلك إذا هابَ الهِدانُ فَعـولُ
أراد: وطَعْني حِضنَي الليل إليك أولَ الليل وآخرَه، وإذا ثنّوه كان أكثر في كلامهم وأبينَ،
قال:
كأن هنداً ثناياها وبَهجتَهـا
يوم التقينا على أَدحال دَبّابِ
أراد: كأن ثنايا هِند وبهجتَها يوم التقينا على أدحال دَبّاب.
{اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ في يَوْمٍ عَاصِفٍ} {١٨} يقال: قد عصَف يومُنا وذاك إذا اشتدْت الريح فيه، والعرب تفعل ذلك إذا كان في ظرف صفة لغيره، وجعلوا الصفة له أيضاً، كقوله:
لقد لُمتِنَا يا أم غَيْلانَ في السُّرَى
ونُمتِ وما ليل المَطِيِّ بـنـائمِ
ويقال: يوم ماطر، وليلة ماطرة، وإنما المطر فيه وفيها.
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللّه خَلَقَ} {١٩} ألم تعلم، ليس رؤية عين.
{إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً} {٢٠} جميع تابع، خرج مخرج غائب والجميع غيب.
{مَا أَنَا بِمُصْرِخكُمْ} {٢٢} أي بمغيثكم، ويقال: استصرخني فأصرخته، أي استعانني فأعنته واستغاثني فأغثته.
{تُؤْتِي أُكْلَهَا كُلَّ حِينٍ} {٢٥} أي تُخرج تمرتها، والحين ها هنا ستة أشهر أو نحو ذلك.
{اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ} {٢٦} أي استُؤصلت، يقال اجتَثَ اللّه دابرهم، أي أصلَهم.
{دَارَ البَوَارِ} {٢٨} أي الهلاك والفناء ويقال بار يبور، ومنه قول عبد اللّه بن الزِّبَعْرَي:
يا رسولَ المليك إن لساني
راتِقٌ ما فتقتُ إذ أنا بورُ
البور والبوار واحد.
{وَجَعَلُوا للّه أَنْدَاداً} {٣٠} أي أضداداً، واحدهم نِدّ ونَدِيد، قال رُؤْبة:
تُهدِي رؤوسُ المُتْرَفِين الأندادْ
إلى أمير المؤمنين المُمتـادْ
{لاَ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ} {٣١} مجازه: مبايعة فدية، {ولا خلال}: أي مُخالّة خليل، وله موضع آخَر أيضاً تجعلها جميع خلة بمنزلة جلة والجميع جلال وقلة والجميع قلال،
وقال:
فيخبره مكانُ النُّون منـى
وما أُعطيتُه عَرقَ الخِلالِ
أي المخالّة.
الفُلْكَ} {٣٢} واحد وجميع وهو السفينة والسفن.
{الشَّمْسَ وَالقَمَرَ دَائِبَيْنِ} {٣٣} والشمس أثنى والقمر ذكر فإذا جُمعا ذكر صفتهما لأن صفة المذكر تغلب صفة المؤنث.
{وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ} {٣٥}: جنَبتُ الرجلَ الأمرَ، وهو يَجْنُب أخاه الشرَّ وجنَّبته واحد،
وقال:
وتَنفُض مهدَه شفَقاً عليه
وتَجْنُبه قَلائصُنَا الصِعابا
وشدّده ذُو الرُّمة فقال:
وشعرٍ قد أَرِقْتُ له غريبٍ
أُجنِّبُه المُسانِدَ والمُحـالا
{رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} {٤٠} مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقوله: واجعل من ذريتي من يقيم الصلاة.
{مُهْطِعينَ} {٤٣} أي مُسرعين، قال الشاعر:
بمُهْطِعٍ سُرُح كـأنّ زمـامـه
في رأس جِذع من أَوال مشذَّبُ
وقال:
بمستهطعٍ رَسْلٍ كأنّ جَدِيلـه
بقَيْدُوم رَعْنٍ مِن صُؤَامَ مُمنَّعِ
الرَّسْل الذي لا يكلّفك شيئاً، بقيدوم: قُدَام، رَعن الجبل أنفه، صُؤام: جبل، قال يَزيد بن مُفرّغ الحِمْيَريّ:
بدِجْلةَ دارُهم ولقد أَراهـم
بدِجْلَةَ مُهطعين إلى السَّماعِ
{مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ} {٤٣} مجازه: رافعي رؤوسهم، قال الشَّمّاخ بن ضرار:
يباكرن العِضاةَ بمُقْنَعاتٍ
نَواجذهن كالحِدَأ الوَقيعِ
أي بؤوس مرفوعات إلى العضاه ليتناولن منه والعضاة: كل شجرة ذات شوك؛ نواجذهن أضراسهن
وقال: الحدأ الفأس وأراه: الذي ليس له خلف، وجماعها حدأ، وحدأه الطير، الوقيع أي المرققة المحددة، يقال وقع حديدتك، والمطرقة يقال لها ميقعة،
وقال:
أَنفضَ نحوِي رأسه وأَقْنعا
كأنَّما أَبْصر شيئاً أَطعما
{وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} {٤٣} أي جُوف، ولا عقول لهم، قال حسان ابن ثابت:
أَلا أَبلغ أبا سُفْيان عنـي
فأنت مُجوَّفٌ نَخِبٌ هَواءٌ
وقال:
ولا تك مِن أخـذان كـل يَراعةٍ
هواءٍ كسَقْب البانِ جُوفِ مَكاسِرُهْ
اليَراعة القَصبة، واليراعة هذه الدواب الهَمَج بين البعوض والذبّان، واليَراعة النعامة. قال الراعيّ:
جاؤا بصَكِّهم واحَدبَ أَخرجتْ
منه السِياطُ يَراعةٌ إجْفِـيلا
أي يذهب فزعاً، كسقب البان عمود البيت الطويل {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالُ} {٤٦} أي ما كان مكرهم لتزول منه الجبال، في قول من كسر لام لتزول الأولى ونصب اللام الآخرة ومن فتح اللام الأولى ورفع اللام الآخرة فإن مجازه المثل كأنه
قال: وإن كان مكرهم تزول منه الجبال في المثل وعند من لم يؤمن.
{مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ} {٤٩} أي في الأغلال، وواحدها صَفَد والصفَّد في موضع آخر: العطاء
وقال الأعْشَى:
تضيفُته يوماً فقرَّب مَقْعـدي
وأَصفَدني على الزًّمانِة قائِدا
وبعضهم يقول: صفدني.
{سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ} {٥٠} أي قُمصهم، وواحدها سِربال.