سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ

مَكِّيَّةٌ وَهِيَ اثْنَتَانِ وخَمْسُونَ آيَةً

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

{ألر} {١} ساكن لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن مجاز حروف التهجي، ومجاز موضعه في المعنى كمجاز ابتداء فواتح سائر السور.

٢

{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ} مجازه مستأنف أو مختصر فيه ضمير كقولك: هذا كتاب أنزلناه إليك، وفي آية أخرى: {ألم ذلِكَ الكِتَابُ} {٢} وفي غيرها ما قد أظهر.

٣

{يَسْتَحِبُّونَ الحْيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ} {٣} يختارون.

{وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً} {٣} يلتمسون، ويحتالون لها عوجاً، مكسور الأول مفتوح الثاني وذلك في الدِّين وَغيره، وفي الأرض مما لم يكن قائماً وفي الحائط وفي الرمح وفي السِّن عَوَجَ وَهو مفتوح الحروف.

٦

{يَسُومُونَكُمْ} {٦} أي يُولُونكم ويَبلونكم.

٧

{وَإذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ} {٧} مجازه: وآذَنَكم ربكم، وإذ من حروف الزوائد، وتأذن تفعل من قولهم: أذَنته.

٩

{فَرَدُّوا أَيْدِيَهمْ في أَفْوَاهِهِمْ} {٩} مجازه مجاز المثل، وموضعه موضع كفوا عما أمروا بقوله من الحق ولم يؤمنوا به ولم يسلموا، ويقال: رد يده في فمه، أي أمسك إذا لم يجب.

١٠

{فَاطِرِ} {١٠} أي خالق.

{لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} {١٠} مجازه: ليغفر لكم ذنوبكم، ومن من حروف الزوائد، وفي آية أخرى: {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} {٦٩٤٧} مجازه: ما منكم أحد،

وقال أبو ذُوَيْب:

جَزيتِك ضِعفَ الحبّ لمّا شكـوتِـه

وما إن جزاكِ الضِّعفَ مَن أحدٍ قَبْلِي

أي أحدٌ قبلي.

١٣

{أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} {١٣} أي في ديننا وأهل ملتنا.

١٤

{خَافَ مَقَامِي} {١٤} مجازه: حيث أُقيمه بين يدي للحساب.

١٥

{واسْتَفْتَحُوا} {١٥} مجازه: واستنصروا.

عَنود وعَنِيدٍ {١٥} وعاند كلها، واحد والمعنى جائر عاند عن الحق،

قال:

إذا نزلتُ فاجعلاني وَسَطَا

١٦

إنّي كبير لا أُطيقُ العُنَّدا

{مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ} {١٦} مجازه: قُدامه وأمامه، يقال إن الموت من ورائك أي قدامك،

وقال:

أتوعدني وراءَ بنـي رِياحٍ

كذبتَ لتَقصُرنَّ يداك دونِي

أي قدام بني رياح وأمامهم، وهم دوني أي بيني وبينك،

وقال:

أترجو بني مَروانَ سَمعي وطاعتي

 وقَوْمي تمـيم والـفَـلاةُ ورائيا

وقال: {مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} {١٦} والصديد القَيح والدَّم.

١٨

{مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ} {١٨} مجازه: مثل أعمال الذين كفروا بربهم كمثل رَمادٍ، وتصديق ذلك من آية أخرى: {أَحْسَنَ كلَّ شَئٍ خَلْقهُ} {٣٢٧} مجازه: أحسن كل شئ،

وقال حُمَيد بن ثَوْر الهِلالّي:

وطَعْنِي إليك الليلَ حِضنَيْه إنّني

لتلك إذا هابَ الهِدانُ فَعـولُ

أراد: وطَعْني حِضنَي الليل إليك أولَ الليل وآخرَه، وإذا ثنّوه كان أكثر في كلامهم وأبينَ،

قال:

كأن هنداً ثناياها وبَهجتَهـا

 يوم التقينا على أَدحال دَبّابِ

أراد: كأن ثنايا هِند وبهجتَها يوم التقينا على أدحال دَبّاب.

{اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ في يَوْمٍ عَاصِفٍ} {١٨} يقال: قد عصَف يومُنا وذاك إذا اشتدْت الريح فيه، والعرب تفعل ذلك إذا كان في ظرف صفة لغيره، وجعلوا الصفة له أيضاً، كقوله:

لقد لُمتِنَا يا أم غَيْلانَ في السُّرَى

ونُمتِ وما ليل المَطِيِّ بـنـائمِ

ويقال: يوم ماطر، وليلة ماطرة، وإنما المطر فيه وفيها.

١٩

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللّه خَلَقَ} {١٩} ألم تعلم، ليس رؤية عين.

٢٠

{إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً} {٢٠} جميع تابع، خرج مخرج غائب والجميع غيب.

٢٢

{مَا أَنَا بِمُصْرِخكُمْ} {٢٢} أي بمغيثكم، ويقال: استصرخني فأصرخته، أي استعانني فأعنته واستغاثني فأغثته.

٢٥

{تُؤْتِي أُكْلَهَا كُلَّ حِينٍ} {٢٥} أي تُخرج تمرتها، والحين ها هنا ستة أشهر أو نحو ذلك.

٢٦

{اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ} {٢٦} أي استُؤصلت، يقال اجتَثَ اللّه دابرهم، أي أصلَهم.

٢٨

{دَارَ البَوَارِ} {٢٨} أي الهلاك والفناء ويقال بار يبور، ومنه قول عبد اللّه بن الزِّبَعْرَي:

يا رسولَ المليك إن لساني

 راتِقٌ ما فتقتُ إذ أنا بورُ

البور والبوار واحد.

٣٠

{وَجَعَلُوا للّه أَنْدَاداً} {٣٠} أي أضداداً، واحدهم نِدّ ونَدِيد، قال رُؤْبة:

تُهدِي رؤوسُ المُتْرَفِين الأندادْ

٣١

إلى أمير المؤمنين المُمتـادْ

{لاَ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ} {٣١} مجازه: مبايعة فدية، {ولا خلال}: أي مُخالّة خليل، وله موضع آخَر أيضاً تجعلها جميع خلة بمنزلة جلة والجميع جلال وقلة والجميع قلال،

وقال:

فيخبره مكانُ النُّون منـى

 

وما أُعطيتُه عَرقَ الخِلالِ

أي المخالّة.

٣٢

الفُلْكَ} {٣٢} واحد وجميع وهو السفينة والسفن.

٣٣

{الشَّمْسَ وَالقَمَرَ دَائِبَيْنِ} {٣٣} والشمس أثنى والقمر ذكر فإذا جُمعا ذكر صفتهما لأن صفة المذكر تغلب صفة المؤنث.

٣٥

{وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ} {٣٥}: جنَبتُ الرجلَ الأمرَ، وهو يَجْنُب أخاه الشرَّ وجنَّبته واحد،

وقال:

وتَنفُض مهدَه شفَقاً عليه

 

وتَجْنُبه قَلائصُنَا الصِعابا

وشدّده ذُو الرُّمة فقال:

وشعرٍ قد أَرِقْتُ له غريبٍ

٤٠

أُجنِّبُه المُسانِدَ والمُحـالا

{رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} {٤٠} مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقوله: واجعل من ذريتي من يقيم الصلاة.

٤٣

{مُهْطِعينَ} {٤٣} أي مُسرعين، قال الشاعر:

بمُهْطِعٍ سُرُح كـأنّ زمـامـه

 

في رأس جِذع من أَوال مشذَّبُ

وقال:

بمستهطعٍ رَسْلٍ كأنّ جَدِيلـه

 

بقَيْدُوم رَعْنٍ مِن صُؤَامَ مُمنَّعِ

الرَّسْل الذي لا يكلّفك شيئاً، بقيدوم: قُدَام، رَعن الجبل أنفه، صُؤام: جبل، قال يَزيد بن مُفرّغ الحِمْيَريّ:

بدِجْلةَ دارُهم ولقد أَراهـم

 

بدِجْلَةَ مُهطعين إلى السَّماعِ

{مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ} {٤٣} مجازه: رافعي رؤوسهم، قال الشَّمّاخ بن ضرار:

يباكرن العِضاةَ بمُقْنَعاتٍ

 

نَواجذهن كالحِدَأ الوَقيعِ

أي بؤوس مرفوعات إلى العضاه ليتناولن منه والعضاة: كل شجرة ذات شوك؛ نواجذهن أضراسهن

وقال: الحدأ الفأس وأراه: الذي ليس له خلف، وجماعها حدأ، وحدأه الطير، الوقيع أي المرققة المحددة، يقال وقع حديدتك، والمطرقة يقال لها ميقعة،

وقال:

أَنفضَ نحوِي رأسه وأَقْنعا

 

كأنَّما أَبْصر شيئاً أَطعما

{وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} {٤٣} أي جُوف، ولا عقول لهم، قال حسان ابن ثابت:

أَلا أَبلغ أبا سُفْيان عنـي

 

فأنت مُجوَّفٌ نَخِبٌ هَواءٌ

وقال:

ولا تك مِن أخـذان كـل يَراعةٍ

 

هواءٍ كسَقْب البانِ جُوفِ مَكاسِرُهْ

اليَراعة القَصبة، واليراعة هذه الدواب الهَمَج بين البعوض والذبّان، واليَراعة النعامة. قال الراعيّ:

جاؤا بصَكِّهم واحَدبَ أَخرجتْ

٤٦

منه السِياطُ يَراعةٌ إجْفِـيلا

أي يذهب فزعاً، كسقب البان عمود البيت الطويل {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَالُ} {٤٦} أي ما كان مكرهم لتزول منه الجبال، في قول من كسر لام لتزول الأولى ونصب اللام الآخرة ومن فتح اللام الأولى ورفع اللام الآخرة فإن مجازه المثل كأنه

قال: وإن كان مكرهم تزول منه الجبال في المثل وعند من لم يؤمن.

٤٩

{مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ} {٤٩} أي في الأغلال، وواحدها صَفَد والصفَّد في موضع آخر: العطاء

وقال الأعْشَى:

تضيفُته يوماً فقرَّب مَقْعـدي

 

وأَصفَدني على الزًّمانِة قائِدا

وبعضهم يقول: صفدني.

٥٠

{سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ} {٥٠} أي قُمصهم، وواحدها سِربال.