سُورَةُ الْأَعْرَافِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ مِائَتَانِ وَسِتُّ آياَتٍ

بسم اللّه الرحمن الرحمن

١

{آلمص}: {١} ساكن لأنه جرى مَجرى سائر فواتح السور اللواتي جريْن مجرى حروف التّهجِّي، وموضعه ومعناه على تفسير سائر ابتداء السور.

٢

{كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ} {٢} رفع من موضعين؛ أحدهما: أنزل إليك كتاب، والآخر على الاستئناف.

{فَلاَ يَكُنْ}: {٢} ساكن لأنه نهىٌ {فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ} أي ضيق.

{بَيَاتاً}: أي ليلا؛ بيّتهم بياتاً وهم نيام.

٣

{أَوَهُمْ قَائُلونَ} {٣}: أي نهاراً إذا قالوا.

٤

{فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ} {٤}: لها موضعان؛ أحدهما قولهم ودعواهم، والآخر ادِّعاؤهم.

١١

{مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ} {١١} مجازه: ما منعك أن تسجد، والعرب تضع لا في موضع الإيجاب وهي من حروف الزوائد، قال أبو النجم:

فما ألُوم البِيضَ ألاّ تَسْخرا

 

ممّا رأين الشَمطَ القفَنْدرا

أي ما ألوم البيض أن يسخرن، القفندر: القبيح السَّمِج،

وقال الأحْوَص:

ويَلْحَيْنَني في اللّهو أَلاَّ أحبّه

 

وللّهو داعٍ دائبٌ غير غافلِ

أراد: في اللّهو أن أُحبه، قال العجاج:

في بئر لا حورٍ سَرَى وما شَعَرْ

الحور: الهلكة، وقوله لا حور: أي في بئر حور، ولا في هذا الموضع فضل {اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءومُاً} وهي من ذأمت الرجلَ، وهي أشد مبالغة من ذممت ومن ذِمت الرجل تذيم،

وقالوا في المثل: لا تَعْدَم الحسناءُ ذَاماً، أي ذماً، وهي لغات.

١٧

{مَدْحوراً} {١٧} أي مُبعَداً مُقصىً، ومنه قولهم: ادحرْ عنك الشيطان،

وقال العجّاج:

فأَنْكَرَتْ ذا جَـمّةٍ نـمَـيراً

٢٠

دَجْرَ عِراكٍ يَدْجَر المدحورا

{وَقَاسَمُهما} {٢٠} أي حالفهما، وله موضع آخر في موضع معنى القسمة.

٢١

{سَوْءَاتُهُمَا} {٢١} كناية عن فرجيهما.

{وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا} {٢١} يقال؛ طفقت أَصْنع كذا وكذا كقولك: ما زلت أصنع ذا وظللت، ويخصفان الورق بعضه إلى بعض.

٢٣

{وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} {٢٣} إلى وقت يوم القيامة،

وقال:

وما مزاحك بعد الحِلم والدِّين

 

وقد علاك مَشيبُ حينَ لاحين

أي وقت لا وقت.

٢٥

{وَرِيَاشاً} {٢٥} الرياش والريش واحد، وهو ما ظهر من اللباس والشارة وبعضهم يقول: أعطاني رجلاً بريشه أي بكسوته وجهازه وكذلك السرج بريشه، والرياش أيضاً: الخِصْب والمعاش.

٢٦

{إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وقَبِيلُه} {٢٦} أي وجيلُه الذي هو منه.

٢٨-٢٩

{كَمَا بَدَأَكُمْ تَعودُونَ فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهم الضَّلالَةُ} {٢٨،٢٩} نصبهما جميعاً على إعمال الفعل فيهما أي هَدَى فريقاً ثم أشرك الآخر في نصب الأول وإن لم يدخل في معناه؛ والعرب تُدخل الآخر المشرَك بنصب ما قبله على الجوار وإن لم يكن في معناه، وفي آية أخرى {يُدْخِلُ مَنْ يشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ والظَالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} وخرج فعل الضلالة مذكراً والعرب تفعل ذلك إذا فرَّفوا بين الفعل وبين المؤنثة لقولهم: مضى من الشهر ليلة.

٣٧

{حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعاً} {٣٧} أي اجتمعوا فيها، ويقال تداركَ لي عليه شئ أي اجتمع لي عنده شئ، وهو مدغم التاء في الدال فثقّلت الدال.

{عذَاباً ضِعْفاً} {٣٧} أي عذابين مضعف فصار شيئين.

٣٩

{في سَمِّ الخِيَاطِ} {٣٩} أي في ثقب الإبرة وكل ثقب من عين أو أنف أو أذن أو غير ذلك فهو سَمّ والجميع سموم.

{لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ} أي فراش وبساط ولا تنصرف جهنم لأنه اسم مؤنثة على أربعة أحرف.

{وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} واحدتها غاشية وهي ما غشاهم فغطاهم من فوقهم {لاَ نُكلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} {٢١}: طاقتها، يقال لا أسع ذلك.

٤٥

{وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ} {٤٥} مجازها: على بناء سورٍ لأن كل مرتفع من الأرض عند العرب أعراف،

قال:

كل كِنـاز لَـحْـمـه نِـياف

 

كالعَلَم المُوفِى على الأعرافِ

وقال الشَّمَّاخ:

وظَلَّتْ بأَعرافٍ تفالى كأنـهـا

 

رِماحٌ نَحاها وِجْهَة الرِّيح راكزُ

أي على نَشْزٍ: {بِسِيماهُمْ} {٤٥} منقوصة، والمعنى: بعلاماتهم.

٤٦

{وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ} {٤٦} أي حيال أصحاب النار، وفي آية أخرى {تِلْقَاءِ مَدْيَن} {٢٨٢٢} أي حِيال مَدْيَن وتجاهه.

٥٠

{فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ} {٥٠} مجازه: نؤخرهم ونتركهم، {كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا} {٥٠} أي كما تركوا أمر ربهم وجحدوا يوم القيامة.

٥٢

{هَل يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأوِيلَهُ} {٥٢} أي هل ينظرون إلاّ بيانه ومعانيه وتفسيره.

{خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} {٥٢} مجازه: غبنوا أنفسهم وأهلكوا قال الأعشى:

لا يأخذ الرّشوة في حُكْمه

٥٥

ولا يُبالِي غبنَ الخاسِـرِ

{إِنَّ رَحْمَةَ اللّه قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} {٥٥} هذا موضع يكون في المؤنثة والثنتين والجميع منها بلفظ واحد ولا يُدخلون فيها الهاء لأنه ليس بصفة ولكنه ظرف لهن وموضع، والعرب تفعل ذلك في قريب وبعيد

قال:

فإن تمس ابنةُ السَّهمىّ منا

 

بعيداً لا نكلّمها كـلامـا

وقال الشَّنْفَرَي:

تؤرُقني وقد أَمست بعيداً

٥٦

وأصحابي بِعَيْهَمَ أو تَبالهْ

فإذا جعلوها صفة في معنى مقتربة قالوا: هي قريبة وهما قريبتان وهن قريبات.

{يُرْسِلُ الرِّيَاحَ نُشُراً} {٥٦} أي متفرقة من كل مهب وجانب وناحية.

{أقَلَّتْ سحَاباً} أي ساقت.

٥٧

{لاَ يُخْرِجُ إِلاَّ نَكِداً} {٥٧} أي قليلاً عسراً في شدة

قال:

لا تنجِز الوعَد إن وعدتَ وإن

 

أعطيتَ اعطيتَ تافِهاً نَكِـدا

تافِه: قليل.

٦٨

{آلاّءَ اللّه} {٦٨} أي نعم اللّه، وواحدها في قول بعضهم ألى تقديرها قفاً، وفي قول بعضهم إلى تقديرها مِعَي.

جعل الأعشى واحدها إلى خفيف فقال:

أبْيَضَ لا يَرْهَبُ الهذالَ ولا

٧٠

يَقطُع رُحْماً ولا يخون إِلا

{رجْسٌ} {٧٠} أي عذاب وغضب.

٧٣

{وَبَوّأَكُمْ} {٧٣} أي أنزلكم قال ابن هَرْمَة:

وبُوّئِتْ في صَمِيم مَعْشَرها

 

فتَمَّ في قومها مبـوَّؤُهـا

وزوّجكم.

٧٦

{وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} {٧٦} أي تكبروا وتجبروا، يقال جبّار عاتٍ.

٧٧

{جَاثمينَ} {٧٧} أي بعضهم على بعض جثوم، وله موضع آخر جثوم على الرُّكَب، قال جرير:

عرفتُ المُنتَأى وعرفتُ منها

 

مَطايا القِدر كالحدأ الجثـومِ

{امْرَأَتهُ كانَتْ مِنَ الغَابِرينَ} {٥٨٢} أي كانت قد غبرت من كبرها في الغابرين، في الباقين حتى هرَموا وهَرِمت وهي قد أُهلكت مع قومها فلم تغْبر بعدهم فتَبقَى ولكنها كانت قبل ذلك من الغابرين، وجعلها من الرجال والنساء

وقال: من الغابرين، لأن صفة النساء مع صفة الرجال تُذكَّر إذا أشرك بينهما

وقال العجاج:

فما وَنَى محمدٌ مُذْ أنْ غَفَرْ

 

له الإلهُ ما مَضَى وما غَبَرْ

أي ما بقى

وقال الأعشى:

عَض بما أبقَى الموَاسِي له

 

مِن أمّه في الزّمَن الغابِرِ

ولم يخْتَّنْ فيما مضى فبقى من الزمن الغابر أي الباقي ألا ترى أنه قد

قال:

وكنَّ قد أَبقين منهـا أذَىً

٨٤

عند الملاقِى وافر الشافِرِ

{وَلا تّبخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُم} {٨٤} مجازه: لا تظلموا الناس حقوقهم ولا تنقصوها

وقالوا في المثل: {نحسبها حمقاء وهي باخسة} أي ظالمة.

٨٥

{تَبْغُونَهَا عِوَجاً} {٨٥} مكسورة الأول مفتوح ثاني الحروف وهو الإعوجاج في الدين وفي الأرض، وفي آية أخرى:

{لاَ تَرَى فِيهَا عِوَجاً ولا أمْتاً} {٢٠١٠٧} والعِوج إذا فتحوا أوله والحرف الثاني فهو الميل فيما كان قائماً نحو الحائط والقناة والسِّن ونحو ذلك.

٨٨

{افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالَحْقِّ} {٨٨} أي احكم بيننا.

قال: والقاضي يقال له الفتاح،

قال:

ألا أبلغْ بنى عُصْمٍ رسولا

 

بأني عن فتاحتكم غَنِـىُّ

وهو لبعض مُراد.

٩٠

{الرَّجْفَةُ} {٩٠}: مِن رجفت بهم الأرض أي تحركت بهم.

٩١

{كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} {٩١} أي لم ينزلوا فيها ولم يعيشوا فيها، قال مُهَلْهل

غَنِيتْ دارنا تِهَامَة في الده

٩٢

ر وفيها بنو مَعدٍّ حُلُـولا

وقولهم مغاني الديار منها، واحدها مَغنىً

قال:

أتعرف مَغنَى دِمْنةٍ ورُسُومِ

{فَكَيْفَ آسَى} {٩٢} أي أحزن وأتندم وأتوجع، ومصدره الأسى،

وقال:

وانحلبتْ عيناه من فَرْط الأسَى

٩٤

{حَتَّى عَفَوْا} {٩٤} مجازه: حتى كثروا، وكذلك كل نبات وقوم وغيره إذا كثروا: فقد عَفَوا، قال لبيد:

فلا تتجاوزُ العَطِلاتِ منهـا

 

إِلى البكرِ المُقارِبِ والكَرُومِ

ولكنّا نُعِضُّ السَّيفَ منـهـا

 

بأَسْوُقِ عافِياتِ اللَّحْمِ كُـومِ

أي كثيرات اللحم {الضَّرَّاءُ والسَّرَّاءُ} {٩٤} أي الضُّرّ، والسُّرّ وهو السرور.

٩٥

{لَفَتَحْنَا عَليْهِمْ} {٩٥} أي لأنزلنا عليهم.

يقال: قد فتح اللّه على فلان ولفلان، وذلك إذا رُزق وأصاب الخير وأقبلت عليه الدنيا؛ وإذا ارتج على القارئ فتحت عليه فلقنته.

٩٩

{أَوْ لَمْ نَهْدِ لِلَّذِينِ} {٩٩} مجازه: أو لم نبين لهم ونوضح لهم.

٩٦

{وَنَطْبَعُ على قُلُوبِهِمْ} {٩٦} مجازه: مجاز نختم.

١٠١

{وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ} {١٠١} مجازه وما وجدنا لأكثرهم عهداً أي وفاء ولا حفيظة؛ ومن من حروف الزوائد وقد فسرناها في غير هذا الموضع.

{وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُم لَفَاسِقِينَ} {١٠١}: أي لكافرين، ومجازه: إنْ وجدنا اكثرهم إلاّ فاسقين، أي ما وجدنا، وله موضع آخر أن العرب نؤكد باللام كقوله:

أُمُّ الحُلَيْسِ لعجوز شَهْرَ بْه

{فَظَلمُوا بِهَا} {١٠١} مجازه: فكفروا بها.

١٠٤

{حَقِيقٌ عَلَىَّ أَنْ لا أَقُولَ} {١٠٤}: مجازه: حق علىّ أن لا أقول إلاَّ الحقَّ، ومن قرأها حَقِيقُ عَلَى أنْ لاَ أَقُولُ ولم يضف على إليه فإنه يجعل مجازه مجاز حريص على أن لا أقول، أو فحق أن لا أقول.

١٠٦

{ثُعْبَانٌ مُبِين} {١٠٦} أي حية ظاهرة.

١٠٧

{ونَزَعَ يَدَهُ} {١٠٧} أخرج يده {فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ} {١٠٧} من غير سوء، ولكنها كانت آية لأنه كان آدَمَ.

١١٠

{أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} {١١٠} مجازه: أخِّره.

١١٣

{إنَّ لَنَا لأَجْراً} {١١٣} ثواباً وجزاءً، واللام المفتوحة تزاد توكيداً.

{سَحَرُوا أَعْيُنَ الناسِ} {١١٥٩} أي غَشّوا أعين الناس وأخذوها.

١١٥

{واسْتَرْهَبُوهُمْ} {١١٥} وهو من الرهبة مجازه: خوفوهم.

{تَلْقفُ ما يَأفِكُونَ} {٠١١٦} أي تَلْهمُ ما يسحرون ويكذبون أي تَلْقُمه.

١٢٥

{أَفْرِعْ عَلَيْنَا} {١٢٥}

١٢٨

 أنزل علينا {قَالَ عَسى رَبُّكُمْ} {١٢٨} وعسى من اللّه عز وجل في كل القرآن أجمع واجبة.

١٢٩

{وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِين} {١٢٩} مجازه ابتليناهم بالجدوب في آل فرعون أهل دين فرعون وقومه.

١٣٠

{أَلاَ إنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللّه} {١٣٠} مجازه: إنما طائرهم، وتزاد ألا للتنبيه والتوكيد، ومجاز طائرهم: حظهم ونصيبهم.

١٣٢

{الطُّوفَانَ} {١٣٢} مجازه من السيل: البُعاقُ والدُّباش وهو دُباش شديد سيله، ومن الموت الذريع المبالغ السريع.

{والقُمَّلَ} {١٣٢} عند العرب هو الحَمنان، والحمنان: ضرب من الفِردان واحدتها حمنانة.

١٣٣

{الرَّجْزُ} {١٣٣} مجازه: العذاب.

{بِمَا عَهِدَ عِنْدكَ} {١٣٣} مجازه: أَوصاك وأَعلمك.

١٣٥

{فِي الْيَمِّ} {١٣٥} أي في البحر،

قال:

كباذِخِ اليَمِّ سَقاه اليَمُّ

١٣٦

{يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ ومَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} {١٣٦} مجازه: يبنون وبَعِرش ويَعُرش لغتان، وعَريش مكَّة: خِيامها.

١٣٧

{وَجَاوَزْنَا بِبنَي إسْرَائِيلَ البَحْرَ} {١٣٧} مجازه: قطعنا.

{يَعْكُفُونَ} {١٣٧} أي يقيمون، ويَعكفِون لغتان.

١٣٨

{مُتَبَّرٌ مَنُهمْ فيه} {١٣٨} أي مبيَّتٌ ومُهَلك.

١٣٩

{أَبْغِيكُمْ إلها} {١٣٩} أي أَجعل لكم.

١٤٢

{جَعَلَهُ دَكّاً} {١٤٢} أي مستوياً مع وجه الأرض، وهو مصدرٌ جعله صفة، ويقال: ناقة دكَّاء أي ذاهبةُ السَّنام مستوٍ ظهرها أملسُ، وكذلك أرض دكَّاء، قال الأغْلَب:

هل غير غارٍ دَكَّ غاراً فانهدمْ

١٤٧

{لَهُ خُوَارٌ} {١٤٧} أي صوت كخوار البقر إذا خار، وهو يخور.

١٤٨

{وَلَّمَا سُقِطَ في أَيْدِيهِمْ} {١٤٨} يقال لكل من ندم وعجز عن شئ ونحو ذلك: سُقط في يد فلان.

١٤٩

{غَضْبَانَ أَسِفاً} {١٤٩} من شدة، يقال: أسِفَ وعَنَد وأَضِمَ، ومن شدّة الغضب يتأسف عليه أي يتغيظ.

١٥٣

{وَلَّمَا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ} {١٥٣} أي سكن لأن كل كافٍ عن شئ فقد سكت عنه أي كف عنه وسكن، ومنه: سكت فلم ينطق.

١٥٤

{واخْتَارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً} {١٥٤} مجازه: اختار موسى من قومه. ولكن بعض العرب يجتازون فيحذفون من، قال العجاج:

تحت التي اختار له اللّه الشَّجَرْ

أي تحت الشجرة التي اختار له اللّه من الشجر.

١٥٥

{إِنَّا هُدْنَا إلَيْكَ} {١٥٥} مجازه: إنا تبنا إليك هو من التهويد في السير تَرُفقُ به وتعرجُ وتَمْكُثُ.

{الْمَنَّ} شئ يسقط على الشجر.

{والسَّلْوَى} {١٢} طائر يظنون أنه السُّمَّاني، والسَماني أيضاً مخفف، وله موضع آخر لكل شئ سلا عن غيره، ومنه السلوان

قال:

لو أَشرَبُ السُّلوانَ ما سَلِيتُ

وعلى التخفيف: {سُمانَي لُبادَي}، تقول الصبيان إذا نصبوا له يستدرجونه: سُماني لُبادَي أي يلبد بالأرض أي لا يبرح.

١٥٩

{أَسْبَاطاً} الأسباط {١٥٩} قبائل بنى إسرائيل واحدهم سَبْط يقال: من أي سبط أنت، أي من أي قبيلة وجنس.

قال أبو عبيدة: {فَانْبَجَسَتْ} {١٥٩} أي انفجرت.

١٦٢

{إذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} {١٦٢} إذ يتعدّون فيه عما أمروا به ويتجاوزونه {شُرَّعاً} {١٦٢} أي شوارع.

١٦٤

{بِعَذَابٍ بَئيسٍ} {١٦٤} أي شديد. قال ذو الإصْبَع العَدْوانيّ

أان رأيت بنـي أبـي

 

ك مجمَّحين إليكِ شُوسا

حَنَقاً علىّ ومـا تـرى

١٦٥

لي فيهم أثَراً بـئِيسـا

{قِرَدَة خَاسِئِينَ} {١٦٥} أي قاصين مُبْعَدِين، يقال: خسأته عنى وخسأ هو عني.

١٦٦

{وَإذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ} {١٦٦} مجازه: وتأذن ربك، مجازه: أمر وهو من الإذن وأَحلّ وحرّم ونَهَى.

١٦٧

{وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً} {١٦٧} أي فرَّقناهم فِرَقاً.

١٦٨

{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} {١٦٨} ساكن ثاني الحروف، وإن شئت حركت الحرف الثاني وهما في المعنى واحد كما قالوا: أثْر وأثَر، وقوم يجعلونه إذا سكَّنوا ثاني حروفه إذا كانوا مشركين، وإذا حركوه جعلوه خَلفاً صالحاً.

{عَرَضَ هذا الأَدْنَى} {١٦٨} أي طمع هذا القريب الذي يعرض لهم في الدنيا.

{وَدَرَسُوا مَا فِيهِ} {١٦٨} مجازه: من دراسة الكتب ويقال: قد درست إمامي أي حفظته وقرأته، يقال: ادْرُسْ على فلان أي اقرأ عليه.

١٧٠

{وإِذْ نَتَقْنَا الجَبَلَ فَوْقَهُمْ} {١٧٠} أي رفعنا فوقهم،

وقال العجّاج:

يَنُتق أقتاد الشّليل نَتْقا

أي يرفعه عن ظهره،

وقال رؤبة:

ونَتَقوا أحلامنا الأثاقِلا

١٧٦

{أَخْلدَ إِلَى الأرْضِ} {١٧٦} لزم وتقاعَس وأبطأ؛ يقال فلان مُخِلد أي بطئ الشَّيب، والمخلد الذي تبقى ثنيتاه حتى تخرج رباعيتاه، وهو من ذاك أيضاً.

١٧٨

{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَنَهَّمَ} {١٧٨} أي خلقنا.

١٧٩

{وَذَرُوا الذَّينَ يُلْحِدُونَ في أَسْمَائِهِ} {١٧٩} يجورون ولا يستقيمون ومنه سُمِّى اللحد لأنه في ناحية القبر.

١٨٢

{سَنَسْتَدْرِجُهُم} {١٨٢}: والاستدراج أن تأتيه من حيث لا يعلم ومن حيث تلطُف له حتى تغترّه.

{وَأُمْلِى لَهُمْ} أي أؤخرهم، ومنه قوله: مضى مَلِىٌّ من الدهر عليه؛ ومُلاوة ومِلاوة ومَلاوة فيها ثلاث لغات: ضمة وكسرة وفتحة. ويقال: ملاّك اللّه ولدك، وتمليت حبيباً، أي مدّ اللّه لك في عمره. {واهْجُرْني مَلِيّاً} {١٩٤٦} منها قال العجّاج:

مَلاوَةً مُلِّيتُـهـا كَـأَنـي

 

صاحبُ صَنْجِ نَشْوةٍ مُغَنِّى

{إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} {١٨٢} أي شديد.

١٨٣

{مَا بِصَاحِبِهمْ مِنْ جِنَّةٍ} {١٨٣} أي ما به جنون.

١٨٦

{أَيَّانَ مُرْسَاهَا} {١٨٦} أي متى،

وقال:

أَيَّان تقضِى حاجتي أيّانا

 

أَما ترى لنجْحِها إِبَّانـا

أي متى خروجها.

{لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إلاَّ هُوَ} {٠١٨٦} مجازها: لا يُظهرها ولا يُخرجها إلاّ هو يقال جَلَّى لي الخبرَ

وقال بعضهم: جله لي الخبر، والجَلاء جَلاء الرأس إذا ذهب الشعر قال طَرَفة:

سأَحُلب عَيْساً صَحْن سَمٍّ فأَبتغـى

١٨٦

به جِيرتي إنْ لم يجلّوا لي الخَبَرْ

أي يوضحون لي الأمر وهذا يهجوهم، يقال: عاسها يعيسها، والعيس ماء الفَحل {ثَقُلَتْ في السَّموَاتِ والأرْضِ} {١٨٦} مجازها: خفيت، وإذا خفى عليك شئ ثقل {كأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا} {١٨٦} أي حَفّي بها، ومنه قولهم: تحفيت به في المسئلة.

١٨٨

{حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً} {١٨٨} مفتوح الأول إذا كان في البطن وإذا كان على العنق فهو مكسور الأول وكذلك اختلفوا في حمل النخلة فجعله بعضهم من الجوف ففتحه وجعله بعضهم على العنق فكسره.

{فَمَرَّتْ بِهِ} {١٨٨} مجازه: استمرّ بها الحمل فأَتمتَّه.

١٩٨

{خُذِ العَفْوَ} {١٩٨} أي الفضل وما لا يجهده، يقال خذ من أخيك ما عفالك.

{بِالعُرْفِ} {١٩٨} مجازه: المعروف.

١٩٩

{وإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ} {١٩٩} مجازه: وإما يستخفنك منه خفة وغضب وعجلة، ومنه قولهم: نَزَغَ الشَّيْطَانُ بينهم أي أفسد وحمل بعضهم على بعض.

٢٠٠

{طَيْفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ} {٢٠٠} مجازه: لَمَمٌ قال الأعشَى:

وتُصِبح عن غِب السُّرَى وكأنّما

 

ألمَّ بها من طائف الجنّ أوْلقُ

وهو من طفتُ به أطِيف طَيْفاً،

قال:

أَنَّي ألمّ بك الخيالُ يَطِـيفُ

 

ومَطافُه لكِ ذِكرةٌ وشُعُوفُ

{يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيّ} مجازه: يزّينوه لهم الغى والكفر، ويقال: مدّ له في غيِّة زيّنه له وحسَّنه وتابعه عليه.

٢٠٢

{هذَا بَصَائِر من رَبِّكُمْ} {٢٠٢} هذا القرآن ما يتلى عليكم، فلذلك ذكَّره، والعرب تفعل ذلك،

قال:

قبائلنا سـبـعٌ وأنـتـم ثـلاثة

 

وللسبعُ أَركَى مِن ثَلاث وأكثر

ذكرَّ ثلاثة ذهب به إلى بطن ثم أنثه لأنه ذهب به إلى قبيلة ومجاز بصائر أي حجج وبيان وبرهان.

واحدتها بصيرة

وقال الجُعْفِيّ:

حمَلوا بَصائِرهم على أكتفاهم

 

وبصيرتي يعدو بها عَتَدٌ وَأمي

البصيرة الترس، والبصيرة الحلقة من حلق الدرع، فيجوز أن يقال للدرع كلها بصيرة والبصيرة من الدم الذي بمنزلة الورق الرشاس منه والجدية أوسع من البصيرة والبصيرة مثل فرسن البعير فهو بصيرة والجدية أعظم من ذلك، والإسبأة والأسابي في طول،

قال:

والعادياتِ أسابيُّ الدَّماء بهـا

٢٠٤

كأَنَّ أَعناقها أنصاب تَرْجِيبِ

{تَضَرُّعاً وَخِيْفَةً} {٢٠٤} أي خوفاً وذهبت الواو بكسرة الخاء.

{وَالآصَالِ} {٢٠٤} واحدتها أصل وواحد الأصل أصيل ومجازه: ما بين العصر إلى المغرب،

وقال أبُو ذُؤَيب:

لَعمري لأنت البيت أكرِم أَهله

 

وأقصدُ في أفيائه بالأصـائِلِ

يقال: آخر النهار.