سُورَةُ الْبَقَرَةِ مَدَنِيَّةٌ

وَهِيَ مِائَتَانِ وَسِتٌّ وَثَمَانُونَ آيَةً

بِسمِ اللّه الرَّحَمنِ الرَّحِيمِ

١

{آلم} {١} سُكّنت الألف واللام والميم، لأنه هجاء، ولا يدخل في حروف الهجاء إعراب، قال أبو النَّجْم العِجليّ:

أقبلتُ من عند زِياد كالِخِرفْ

 أَجُرُّ رِجليَّ بخٍطّ مخٌتِلـفْ

كأنمّا تُكَتِّـبـان لام ألـفْ

 فجزمه لأنه هجاء، ومعنى {آلم}: افتتاح، مُبتدأ كلامٍ، شِعار للسورة.

٢

{ذَلِك الكِتابُ} {٢} معناه: هذا القرآن؛ وقد تخاطِب العرب الشاهدَ فتُظهر له مخاطبةَ الغائب.

قال خُفاف بن نَدْبة السُلَمىّ، وهي أُمه، كانت سوداء، حبشية. وكان من غِربان العرب في الجاهلية:

فإن تك خَيلي قد أُصيب صَميمها

 فَعمداً على عين تيممّتُ مالِكـا

أقول له والرُّمح يأطرُ مَتْـنَـه

 تأمَّلْ خُفافاً إنّنـي أنـا ذلـكـا

يعني مالك بن حَمَّاد الشَمْخِيّ، وَصميمُ خيلهِ: معاويةُ أخو خَنْساء، قتله دُريَد وهاشم ابنا حَرمْله المُرِيَّان.

{لا رَيْبَ فيهِ} {٢} لا شكّ فيه، وأنشدني أبو عمرو الهذليّ لساعِدة بن جُؤيَّة الهذليّ:

فقالوا تركْنا الحَيَّ قد حَصروا به

 فلا رَيْب أن قد كان ثَمَّ لَـحـيِم

أي قتيل، يقال: فلان قد لُحمِ، أي قُتل، وحصروا به: أي أطافوا به، لا رَيْبَ: لا شكَّ.

{هُدىً لِلُمَّتقِين} {٢} أي بياناً للمتقين.

٥

{المفْلِحُون} {٥}: كل من أصاب شيئا من الخير فهو مُفْلِح، ومصدره الفَلاَح وهو البقاء، وكل خير، قال لبيد بن ربيعة:

نحُلُّ بلاداً كُلها حُلَّ قبـلَـنـا

 ونرجو الفَلاح بعد عادٍ وحِمْيرِ

الفلاح أي البقاء،

وقال عَبيد بن الأبْرَص:

أَفْلِحْ بما شئتَ فقد يُدرَك بالضَّ

 عْفِ وقـد يُخــدَعُ الأريبُ

والفلاح في موضع آخر: السَّحور أيضا. وفي الأذان: حَيَّ على الفَلاح وحيَّ على الفَلَح جميعا والفَلاّح الأكار، وإنما اشتَّق مِن: يفلُح الأرضَ أي يشقُّها ويُثيرها، ومن ذلك قولهم:

إنَّ الحديد بالحديد يُفْلَحُ

أي يُفلَق والفلاح هو المكارِي في قول ابن أحمر أيضاً:

لها رِطْل تَكيِل الزيتَ فيه

 وفَلاَّحٌ يَسوق لها حمارا

فلاّح مُكارٍ،

وقال لبيد:

أعقِلي إن كنتِ لمّا تَعْقِلي

 ولقد أفلحَ من كان عَقَلْ

أي ظفر، وأصاب خيراً.

٦

{إنَّ الّذِين كَفَروا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أآنْذَرتَهم أمْ لَمْ تُنْذِرْهم} {٦}: هذا كلام هو إخبارٌ، خرج مخرج الاستفهام؛ وليس هذا إلا في ثلاثة مواضع، هذا أحدها،

والثاني: ما أبالي أقبلتَ أم أدبرت،

والثالث: ما أدري أولَّيت أم جاء فلان.

٧

{خَتَم اللّه عَلَى قُلُوبِهم وَعَلَى سَمْعِهم وَعَلَى أبْصَارِهم} {٧}: ثم انقطع النصب، فصار خبراً، فارتفعت فصار {غشاوة} كأنها في التمثيل،

قال: {وَعَلَى أبْصَارِهم غشاوةٌ} أي غِطاء، قال الحارث بن خالد بن العاص بن هشام بن المُغيرة:

تبعتُك إذ عينى عليها غِـشـاوةٌ

 فلما أنجلت قطَّعتُ نفسي ألوُمها

٩

{يُخَادِعُون} {٩} في معنى يَخدعون، ومعناها: يُظهرون غيرما في أنفسهم، ولا يكاد يجئ {يفاعل} إلاَّ من اثنين، إلا في حروف هذا أحدهما؛ قوله: {قَاتَلُهم اللّه} :٣٠} معناها: قتلهم اللّه.

١٠

{فِي قُلُوبِهم مَرَضٌ} {١٠} أي شكّ ونِفاق.

{عَذَابٌ ألِيمٌ} {١٠} أي مُوجع من الألم، وهو في موضع مُفعِل، قال ذو الرمة:

ونَرفعُ في صدور شَمَرْدَلاتٍ

 يَصُكّ وُجوهَها وَهَجٌ ألِـيمُ

الشَّمَر دَلة: الطويلة من كل شيء.

١٤

{الشَّيَاطِين} {١٤} كل عاتِ متمرد من الجن والإنس والدواب فهو شيطان.

١٥

{فِي طُغْيانهم يَعْمَهُون} {١٥}: أي بغيهم وكفرهم، يقال: رجل عَمِهٌ وعامِه، أي جائر عن الحق، قال رؤبة:

ومَهْمهٍ أطرافُه في مَهْـمـهِ

 

أعمَى الهُدَى بالجاهلين العُمَّهِ

١٧

{وتَركَهُم فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُون} {١٧} ثم انقطع النصب، وجاء الاستئناف:

١٨

{صُمُّ بُكْمٌ} {١٨}، قال النابغة:

توهَّمتُ آياتٍ لها فعرَفتُها

 لِستَّة أعْوامٍ وذا العامُ سابعُ

ثم استأنف فرفع فقال:

رَمادٌ كَكُحْلِ العينَ لأيا أُبـينُـه

ونُؤْىٌ كجِذْم الحَوْض أثَلمُ خاشعُ

١٩

{كَصَيِّبٍ مِن السَّماءِ} {١٩} معناه: كمطر، وتقديره تقدير سَيِّد مِن صاب يصوب، معناه: ينزل المطر، قال عَلْقَمة بن عَبْدة:

كأنُهُم صابت عليهـم سَـحـابةٌ

 صَواعِقُها لطـيرهـن دَبِـيبُ

فلا تَعدلِي بيني وبين مُـغَـمَّـرٍ

سَقتكِ روايا المُزْنِ حيث تَصُوبُ

وقال رجل من عبد القَيْس، جاهليّ، يمدح بعض الملوك:

ولستَ لأنِسيِّ ولكن لَمْـلأَكٍ

 

تنزَّل من جَوّ السماءْ يصوبُ

٢٢

{الّذِي جَعَل لَكمُ الأَرْضَ فِراشاً} {٢٢} أي مِهاداً ذللّها لكم فصارت مهاداً.

{فَلاَ تَجْعَلوا للّه أَنْدَاداً} {٢٢} واحدها نِدٌّ، معناها: أضداد، قال حَسَّان:

أتهجوه ولستَ له بِـنٍـدّ

 فشرُّكما لخِيركما الفِداءُ

٢٣

{فَأْتُوا بسُورَةٍ منْ مِثْلِه} {٢٣} أي من مثل القرآن، وإنما سُمّيت سورة لأنها مقطوعة من الأخرى. وسُمَّى القرآن قرْآناً لجماعة السُوَر.

٢٤

{وَقُوُدُها النَّاسُ والحِجارُة} {٢٤}: حَطبها الناس، والوُقود مضموم الأول التلهبُ.

٢٥

{وَأْتُوا بِه مُتَشَابِهاً} {٢٥} أي يُشبه بعضه بعضاً، وليس من الاشتباه عليك، ولا مما يُشِكل عليك.

{ولَهُم فِيهَا أزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} {٢٥} واحدها زوج، الذكر والأنثى فيه سواء. {وَقُلْنَا يَا آدَمُ أسْكُنْ أنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّة} {٢٣٥}.

٢٦

{لا يَسْتَحيى أنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً} {٢٦} معناها: أن يضرب مثلا بعوضة، {ما} توكيد للكلام من حروف الزوائد، قال النابغة الذبياني:

قالت ألا ليت ما هذا الحمَامَ لنا

إلى حمَامتنا ونصفَه فَـقَـدِ

أي حَسبُ، و{ما} ها هنا حشو.

قال: وسأل يونسُ رؤبة عن قول اللّه تعالى {ما بعوضة}، فرفعها، وبنو تميم يعملون آخر الفعلين والأداتين في الاسم، وأنشد رؤبة بيت النابغة مرفوعاً:

قالت ألا ليت ما هذا الحمامُ لنا

 إلى حمَامتنا ونِصفُه فَـقـدِ

{فما فوقها} {٢٦}: فما دونها في الصغر.

٣٠

{وَإذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ} {٣٠}: الهمزة فيها مُجتلَبة، لأن واحدها ملَك بغير همزة، قال الشاعر فهمز:

ولستَ لإنسيٍّ ولكن لَمْـلأَكٍ

تنزَّلَ من جوِّ السماء يَصُوبُ

{أتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} {٣٠} جاءت على لفظ الاستفهام، والملائكة لم تستفهم ربَّها، وقد قال تبارك وتعالى: {إنّيِ جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً} {٣٠} ولكن معناها معنى الإيجاب: أي أنك ستفعل.

وقال جرير، فأوجب ولم يستفهم، لعبد الملك بن مروان:

ألستم خيرَ مَن ركب المَطايا

وأندىَ العالمين بُطونَ راحِ

وتقول وأنت تضرب الغلام على الذنب: ألستَ الفاعل كذا? ليس باستفهام ولكن تقرير.

{نُقَدِّسُ لَكَ} {٣٠} نطهِّر، التقديس: التطير.

{وَنُسَبِّحُ} {٣٠} نُصَليّ، تقول: قد فرغتُ من سُبحتي، أي من صلاتي.

٣١

{وَعَلَّم آدَمَ الأسْماءَ كُلَّها} {٣١} أسماء الخَلقِ، {ثُمَّ عَرَضَهم عَلىَ المَلاَئِكَةِ} {٣١} أي عرض الخلق.

٣٢

{سُبْحَانَكَ} {٣٢} تنزيه للرب، وتبرؤٌ، قال الأعشى تبرءاً وتكذيباً لفخر عَلْقمةَ:

أقول لمّا جاءني فَخْـرُه

 سبحانَ مِن عَلْقمةَ الفاخرِ

٣٤

{وَإذْ قُلْنَا لِلْملاَئِكَةِ اسْجُدُوا} {٣٤} معناه: وقلنا للملائكة، واذمن حروف الزوائد،

وقال الأسْود بن يغْفُر:

فإذا وذلك لا مَهاهَ لذِكـره

والدهرُ يُعقِب صالحاً بفَسادِ

ومعناها: وذلك لامَهاه لذكرهِ، لا طعم ولا فضل؛

وقال عبد مَناف بن رِبْع الهذليّ وهو آخر قصيدة:

حتى إذا أسلكوهم في قُتـائِدةٍ

 شَلاَّ كما تطرد الجَمَّالةُ الشُرُدا

معناه: حتى أسلكوهم {فَسَجَدُوا إلاَّ ابْلِيسَ} {٣٤} نصب ابليس على استثناء قليل من كثير، ولم يُصْرف إبليس لأنه أعجمي.

٣٥

{وَقُلْنَا يَا آدَمُ} {٣٥} هذا شيء تكلمت به العرب، تتكلم بالواحد على لفظ الجميع.

{فَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً} {٣٥} الرَغَد: الكثير الذي لا يعنيك من ماء أو عيش أو كَلأ أو مال، يقال: قد أرغد فلان، أي أصاب عيشا واسعا، قال الأعشى:

زَبِداً بمصْرٍ يومَ يَسْقى أهلهَا

رَغَداً تُفجّره النَبيطُ خِلالَها

٣٦

{فَأَزلَّهما الَّشْيطانُ} {٣٦} أي استزلهما.

{ومَتَاعٌ إلى حِينٍ} {٣٦} إلى غاية ووقت.

٣٧

{فتَلقيَّ آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلمِاتٍ} {٣٧} أي قبِلها وأخذها عنه، قال أبو مَهْدي، وتلاعلينا آية فقال: تلقيتها من عمَّي، تلقَّاها عن أبي هُريرة، تلقَّاها عن النبي عليه السلام.

٣٣

{إنَّهُ هُو الَتَّوابُ} {٣٣} أي يتوب على العباد، والتوّاب من الناس: الذي يتوب من الذنب.

٤٥

{واسْتَعِينُوا بالصَّبْرِ والَصَّلاةِ وَإنها لَكَبِيرَةٌ إلاَّ علَىَ الخَاشِعِين} {٤٥} العرب تقتصر على أحد هذين الاسمين، فأكثره: الذي يلى الفعَل، قال عمرو بن امرىء القيس من الخزرج:

نحن بما عندنا وأنـتَ بـمـا

 عندك راضٍ والرأي مختلفُ

الخبر للآخر؛ وفي القرآن مما جُعل معناه على الأول قوله: {وإذا رأوْا تِجارةً أوْ لَهْواً انْفَضُّوا إلَيْهَا} {٦٢١١}، {الخَاشِعُونَ} {٤٥} المخْبِتون المتواضعون.

٤٦

{الّذِينَ يَظُنُّون أنَّهُمُ مُلاَقُو رَبِّهم} {٤٦} معناها: يوقنون، فالظن على وجهين: يقين، وشك؛ قال دُرَيد بن الصِّمَّة:

فقلتُ لهم ظُنّوا بأَلْفَى مُدَجَّـج

 سَراتُهُمُ في الفارسيّ المُسَرَّدِ

ظُنُّوا أي أيقِنوا:

فلما عصَوني كنتُ منهم وقد أَرَى

غَوايَتَهم وأنني غـير مُـهـتـدِ

أي حيث تابعتُهم؛ وجعله يقينا.

٤٩

{ يَسَوُمُونَكُمْ سُوءَ العَذَابِ} {٤٩}؛ {يُولُونكم أشدّ العذاب}.

{وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبكُمْ عَظِيم} {٤٩} أي ما ابتليتم من شدة، وفي موضع آخر: البلاء الابتلا، يقال: الثناء بعد البلاء، أي الاختبار، من بلوتُه، ويقال: له عندي بلاء عظيم أي نِعمة ويد، وهذا مِن: ابتليته خيراً.

٥٠

{آل فِرْعَوْنَ} {٥٠} قومه وأهل دينه، ومثلها: {ادْخُلُوا آل فِرْعَوْنَ أشَدَّ العَذابِ} {٤٠٤٦}.

٥٣

{آتَيْنا مُوسَى الكِتابَ} {٥٣} أي التوراة. {وَالْفُرقانَ} {٥٣} ما فرّق بين الحق والباطل.

٥٤

{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ} {٥٤}، معناها:

وقال موسى لقومه.

{بَارِئكُمْ} {٥٤}: خالقكم من برأتُ.

٥٧

{الْمَنَّ} {٥٧} شيءٌ كان يسقط في السّحرَ على شجرهم فيجتنونه حُلْواً يأكونه.

{والسَّلْوَى} {٥٧}: طائر {بعينه، وهو الذي سمّاه المولَّدُون سُماني}.

٥٨

{وَقُولُوا حِطَّةٌ} {٥٨} رفع، وهي مصدر من حُطَّ عنا ذنوبنَا؛ تقديره مدَّة من مددت، حكاية: أي قولوا: هذا الكلام، فلذلك رُفع.

٥٩

{الرِّجْز} {٥٩}: العَذاب.

٦٠

{ولا تَعْثَوْا} {٦٠}: أي لا تُفسدوا، من عثِيتَ تَعثَى عُثُوّاً، وعَثَا يَعثوا عُثُواً وهو أشدّ الفساد.

٦١

{وفومها} {٦١}: الفُوم: الحنطة،

وقالوا: هو الخبز.

{اهْبِطُوا مِصْراً} {٦١} من الأمصار لأنهم كانوا في تيه. قالوا: اثنى عشر فرسخاً في ثمانية فراسخ يتيهون متحيرين لا يجاوزون ذلك إلاَّ أن اللّه ظلَّل عليهم بالغَمام، وآتاهم رزقهم هذا المنّ والسّلوَى، وفجَّر لهم الماء من هذه الحجارة، وكان مع كل سبط حجر غير عظيم يحملونه على حمار، فإذا نزلوا وضعوا الحجر فبَجَس اللّه لهم منه الماء. وبعض حدود التيه بلاد أرض بيت المَقْدِس إلى قِنِّسْرِين.

{الذِّلَّة} {٦١}: الصَّغار {والْمَسْكَنَةُ} {٦١}: مصدر المسكين، يقال: ما في بني فلان أسكنُ من فلان أي أفقر منه.

{بَاؤُوا بِغَضَبٍ} {٦١}: أي احتملوه.

٦٢

{الذِّينَ هَادُوا} {٦٢} أي الذين تابوا ممن تهوَّد {?} أي هُدنا إلى ربنا.

{وَالصَّابِئِينَ} {٦٢}: يقال: صبأتَ من دينك إلى دين آخر، إذا خرجت، كما تصبأ النجوم تخرج من مطالعها.

٦٣

{ويقال صبأتُ ثنيةً إذا طلعتها} {الطُّور} {٦٣} جبل، كان رُفع عليهم حيث قيل لهم: {قُولُوا حِطَّة} {٥٨}.

٦٥

{خَاسِئِنَ} {٦٥}: مبعَدين، يقال: خسأته عني وخسأت الكلب، باعدته وخسأ الرجل، إذا تباعد.

٦٨

{إنَّها بَقَرَةٌ لاَ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ} {٦٨}: لا فارض: مُسنّة، ولا بكر: صغيرة.

{بَيْنَ ذلِكَ} {٦٨}: والعرب تقول: لا كذا ولا كذا ولكن بين ذلك؛ فمجاز هذه الآية: بين هذا الوصف، ولذلك

قال: بين ذلك،

وقال رؤبة:

فيها خطوطٌ من سَوادٍ وَبلَقْ

فالخطوط مؤنثة والسواد والبلق اثنان، ثم

قال:

كأنه في الجِلد تَوْلِيعُ البَهَقْ

قال أبو عبيدة فقلت لرؤبة: إن كانت خطوط فقل كأنها، وإن كان سواد وبلق فقل: كأنهما، فقال: كأنّ ذاك ويلك توليع البَهق، ثم رجع إلى السواد والبلق والخطوط فقال:

يُحسَبن شاماً أو رِقَاعاً مِن بَنَقْ

جماعة شأمة.

٦٩

{بَقَرَةٌ صَفْرَاء} {٦٩} إن شئت صفراء، وإن شئت سوداء، كقوله: {جِمَالاَتٌ صُفْرُ} {٧٧٣٣} أي سود.

{فَاقِعٌ لَوْنُها} {٦٩} أي ناصع.

٧٨

{إنَّها بَقَرَةٌ لاَ ذَلُولٌ تُثِيرُ الارْضَ وَلاَ تَسْقِى الْحَرثَ مُسَلَّمَةٌ لاَشِيَة فِيهَا} {٧٨} أي لون سوى لون جميع جلدها.

٧٣

{قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} {٧٣} أي الآن تبّينا ذلك، ولم تزل جائياً بالحق.

٧٢

{فَإدَّارَأَتْمُ فِيها} {٧٢}: اختلفتم فيها من التدارئ والدَرْء.

٧٣

{فَقُلْناَ اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا} {٧٣}: أي اضربوا القتيل ببعضها، ببعض البقرة.

{وَيُرِيكمُ آيَاتِهِ} {٧٣}: أي عجائبه، ويقال: فلان آية من الآيات، أي عجب من العجب، ويقال: اجعل بيني وبينك آية أي علامة، وآيات بينات أي علامات وحُجج، والآية من القرآن: كلام متصل إلى انقطاعه.

٧٤

{قَسَتْ قُلُوُبكمْ} {٧٤} أي جفَت، والقاسي: الجافي اليابس.

٧٦

{أتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللّه عَلَيْكُمْ} {٧٦}: أي بما منّ اللّه عليكم، وأعطاكم دونهم.

٨٠

{اتخَذْتُمُ عِنْدَ اللّه عَهْداً} {٨٠}: أي وعداً، والميثاق: العهد يوثق له.

٨٤

{لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكْم} {٨٤}: سَفَك دمه: أي صبّ دمه كما يَسْفَحُ نَحْيَ السَمْن يُهَرِيقه.

٨٧

{وَقَفَّيْنَا} {٨٧}: أي أردفنا، مِن يَقفوه.

{وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوِح القُدْسِ} {٨٧} أي شدّدناه وقوّيناه، ورجل ذو أيد وذو آد: أي قوة، واللّه تبارك وتعالى ذو الأيد، قال العجاج:

مِنْ أَنْ تَبَدّلتُ بآدى آدا

{وَالسَّمَاءَ بَنَيْناَهَا بأَيْدٍ} {٥١٤٧} أي: بقوة.

٨٨

{قُلُوبُنَا غُلْفٌ} {٨٨}: كل شيء في غلاف، ويقال: سيفٌ أغلفُ، وقوسٌ غلفاء، ورجل أغلفُ: إذا لم يختتن.

{قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ} {٤١٥}: أي في أغطية واحدها كِنان، قال عمر بن أبي ربيعة:

تحت عَيْنٍ كِنانُها

ظِلُّ بُرْدٍ مُرحَّلِ

{لَعَنَهُم اللّه} {٨٨}: أي أطردهم وأبعدهم، قالوا: ذئبٌ لعين، أي مطرود مُبعد،

وقال الشَمّاخ:

ذَعرتُ به القَطَا ونَفيتُ عنه

مقامَ الذئب كالرجل اللَّعينِ

يريد: مقام الذئب اللعين كالرجل.

٨٩

{يَسْتَفْتِحِونَ} {٨٩}: يستنصرون.

٩١

{وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ} {٩١}: أي بما بعده.

٩٣

{وَأُشْربُوا فِي قُلُوبِهِمْ العِجْلَ} {٩٣}: سُقوه حتى غَلب عليهم؛ مجازه مجاز المختصَر؛ أشربوا في قلوبهم العجل: حُبّ العِجل، وفي القرآن: {وَسَلِ الْقَرْيَة} {١٢٨٢}، مجازها: أهلَ القرية،

وقال النابغة الذبياني:

كأنك من جِمال بنى أُقَيْشٍ

يُقعَقع خَلفَ رِجليه بِشَنِّ

أُقَيش: حي من الجن، أضمر جملاً يُقعقَع خلف رجليه بشن،

وقال الأَسديّ:

كذبتم وبيتِ اللّه لا تُنكحونـهـا

بنى شابَ قَرْناها تَصُرُّ وَتَحلُبُ

أضمر التي شاب قرناها؛

وقال أبو أسلم، وأُوتى بطعام قبل طعام، فقال: الذي قبلُ أطيبُ.

٩٦

{بِمُزَحْزِحهِ} {٩٦} بمُبعدِه.

٩٧

{مُصَدِّقاً لمِا بَيْنَ يَدَيْهِ} {٩٧} أي لما كان قَبلَه.

١٠١

{نَبَذَ فَرِيقٌ} {١٠١} أي بعض؛ نبذه: نركه،

وقال أبو الأسود الدُّؤليّ، قال أبو عبيدة: أخذ من الدألان، واختار الدُّؤلى:

نظرتُ إلى عنوانه فنبـذتـهُ

كنبذك نَعْلاً أَخَلقتْ من نِعالكا

١٠٢

{فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} {١٠٢}: من نصيب خير.

{وَاتّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ} {١٠٢}أي تَتَبَّع{?}، وتتلُو: تحكى وتكلمُ به كما تقول: يتلو كتاب اللّه أي يقرؤه.

{وَلَبِئْسَ مَا شَرَوا بِهِ} {١٠٢} أي: باعوا به أنفسهم،

وقال ابن مُفَرِّغ الحِمْيَريّ:

وَشَرَيْتُ بُرداً لَيتَـنِـي

من بعد بُرْدٍ كنتُ هَامَه

أي بعتُه.

{لَمُثوبَةٌ} {١٠٢}: من الثواب.

١٠٤

{رَاعِنَا} {١٠٤}: مِن راعيت إذا لم تُنوَّن، ومَن نَوَّن جَعَلَهَا كلمة نُهوُا عنها؛ راعيتُ: حافظت وتعاهدت.

١٠٥

{أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ} {١٠٥}، قال أبو ذؤيب:

جزَيتُكِ ضِعفَ الحبّ لما استثبِـتِـه

وما إن جزاكِ الضِّعِفَ مِن أحدٍ قبليِ

أي أحد قبلي، {استثبته: استغللته}.

١٠٦

{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} {١٠٦} أي: ننسخها بأية أُخرى، {أو نُنْسِهَا} من النِّسيان: {نذهب بها}، وَمَنْ همزها جعلها مِن نؤخرها من التأخير، ومن

قال: ننسُوها كان مجازها تُمضيها،

وقال جرير:

ولا أنسأْتُكم غَضَبِي

ونسأتُ الناقة: سُقتها،

وقال طرفة:

وعَنْسٍ كألواح الإران نسأتُها

على لاحبٍ كأنه ظهر بُرْجُدِ

يعني أنه يسوقها ويُمضيها.

{نَأتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} {١٠٦} أي نأتيك منها بخير.

١٠٨

{سَوَاءَ السَّبِيل} {١٠٨} أي وسطه، قال عيسى بن عمر: ما زلت أكتب حتى انقطع سوائي: أي وسطي،

وقال حسّان بن ثابت يرثى عثمان بن عَفّان:

يا وَيْحَ أنصارِ النبي ونسلـهِ

بَعد المغيَّب في سَواء المُلْحَدِ

١٠٩

{فاعْفُوا واصْفَحُوا} {١٠٩} عن المشركين، وهذا قبل أن يؤمر بالهجرة والقتال؛ فكل أمر نُهى عنه عن مجاهدة الكفار فهو قبل أن يؤمر بالقتال، وهو مكى.

١١٠

{وَءاتُوا الزَّكَاةَ} {١١٠} أي أعطوا.

١١١

{بُرْهَانَكُمْ} {١١١} بيانكم وحجتكم.

١١٢

{بَلَى مَن أَسْلَمَ وَجْهَهُ للّه وَهُو مُحْسِنٌ} {١١٢} ذهب إلى لفظ الواحد، والمعنى يقَع على الجميع.

{وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنْون} {١١٢} {?}

١١٣

{يَتْلُونَ الكِتَابَ} {١١٣}: يقرؤنه.

١١٥

{وَللّه المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ} {١١٥}: ما بين قُطري المغرب وما بين قطري المشرق، والمشارق والمغارب فيهما: فهو مشرقُ كلِّ يوم تطلع فيه الشمس من مكان لا تعود فيه إلى قابِلٍ، والمشرقين والمغربين: مشرق الشتاء ومشرق الضيف، وكذلك مغربهما، {القُطْر والقُتْر والحَدّ والتَّخوم واحد}.

{إنَّ اللّه وَاسِعٌ} {١١٥} أي جواد يَسع لمِا يُسأل.

١١٦

{قَانِتُون} {١١٦} كل مُقِرٌّ بأنه عبد له؛ قانتات: مطيعات.

١١٧

{بَدِيعُ} {١١٧}: مبتدع: وهو البادىء الذي بدأها.

{وَإذَا قَضَى أمراً فإنَّما يَقُولُ له كُنْ فَيَكُونُ} {١١٧} أي أَحكمَ أمراً، قال أبو ذُؤيب:

وعلَيْهِما مسرودتان قَضَاهُما

داودُ أَو صَنَعُ السَّوابغ تُبَّعُ

أي أحكم عملهما، فرُفع {فيكون} لأنه ليس عطفاً على الأول، ولا فيه شريطة فيجازى، إنما يخبر أن اللّه تبارك وتعالى إذا

قال: كن، كان.

١١٨

{لَوْلاَ يُكلِّمُنَا اللّه} {١١٨}: هلاّ يكلمنا اللّه،

وقال الأَشْهب ابن رُمَيلة:

تَعُدُّون عَقْر النِّيبِ أفضلَ مجدكـم

بَنِى ضَوْطَرَى لولا الكَمِىَّ المُقَنَّعَا

يقول: هلاّ تعدُّون الكِمَىَّ المقنَّعا، {يقال رجل ضَوْطَرِى وامرأة ضَوْطرة: أي ضَخْمة كثيرة الشحم ومثله ضَيطار}.

١٢٠

{حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم} {١٢٠} أي دينهم، والملل: الأديان.

١٢١

{يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ} {١٢١} أي يُحلُّون حلاله، ويحرِّمون حرامه.

{وَمَنْ يَكْفُرْ بِه فأُولئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ} {١٢١} وقع على الجميع.

١٢٣

{لا تَجزِى نفْسٌ عَنْ نَفسٍ شَيْئاً} {١٢٣} أي لا تُغنى.

{وَلاَ يُقبَلُ مِنْها عَدْلٌ} {١٢٣}: أي مِثلٌ، يقال: هذا عَدْل هذا؛ والعدل الفريضة، والصَّرف النافلة؛

وقال أبو عبيدة: العدل المِثلُ والصَّرْف المِثل، والعدل الفِدَاء، قال اللّه تبارك وتعالى: {وَإنْ تَعْدِلْ كلَّ عَدْلٍ} {٦٧٠}.

١٢٤

{وإذا ابْتَلَى إبْرَاهِيمَ ربُّهُ} {١٢٤} أي اختبره.

١٢٥

{مثَابَةً} {١٢٥} مصدرُ {يثوبون إليه} أي يصيرون إليه.

{وَالْعَاكِفِينَ} {١٢٥}: العَاكِف أي المقيم.

والرُكَّعِ السُّجُودِ {١٢٥}: الذين يركعون ويسجدون والراكع العاثر من الدواب قال الشاعر:

على قَرْوَاءَ تَرْكَع في الظِّرابِ

الظراب: الجبال الصغار؛ قال لبيد:

أخبِّرُ أخبارَ القرون التي مضتْ

أَدِبُّ كأنّي كلما قُمتُ راكـعُ

١٢٧

{قَوَاعِدَ البَيْتِ} {١٢٧}: أساسه، مخفف، والجميع أُسُس، وجماع الأُسّ إذا ضممته آساس، تقديره: أفعال؛ {والقواعد}: الواحد من قواعد البيت قاعدةٌ. والواحدة من قواعد النسا قاعدة، وقاعد أكثر، قال الكُمَيت ابن زيد:

في ذِروة مِن يَفاعٍ أوّلهُم

زَانت عواليها قواعدُها

وقال أيضاً:

وعاديةٍ من بِناء الملـوك

تَمُتُّ قواعدُ منها وسورا

واحدها قاعدة.

{يَرْفَعُ} {١٢٧} أي يبنى.

١٢٨

{وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} {١٢٨} أي علِّمنا، قال حُطائِط بن يَعْفُر:

أريني جواداً مات هَزْلاً لأَنني

أرى ما ترين أو بخيلا مُخَلَّدَاً

{لأنني بفتح اللام}، أراد: دلّيني ولم يرد رؤية العين، ومعنى {لأنني} لعلني.

١٢٩

{وَيُزَكِّيهِمْ} {١٢٩} أي يطهّرهم،

قال: {نَفْساً زَكِيّةً} {١٨٧٥} أي مطَّهرة.

١٣٠

{سَفِهَ نَفْسَهُ} {١٣٠} أي أهلك نفسه وأوبقها، تقول: سفهتَ نفسك.

١٣٢

{اصْطَفَى لَكمُ الدِّينَ} {١٣٢} أي أخلص لكم الدين، من الصَفْوة.

١٣٣

{أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ} {١٣٣} {أم} تجئ بعد كلام قد انقطع، وليست في موضع هل، ولا ألفِ الاستفهام، قال الأخطل:

كذبَتْك عينُك أم رأيتَ بواسـطٍ

غَلَسَ الظَّلام من الرَّبابِ خيالا

{يقول: كذبتك عينك، هل رأيت، أوبل رأيت}.

١٣٤

{قَالُوا نَعْبُدُ إلهَكَ وَإلهَ آبَائِكَ إبْرَاهِيمَ وَإسْمَاعِيلَ وَإِسْحاقَ} {١٣٤} والعرب تجعل العم والخال أباً.

قال أبو عبيدة: لم اْسمع من حَمّاد هذا، قال حماد بن زيد عن أيوب، عن عِكرمة: إنّ النبي صلى اللّه عليه قال يوم الفتح، حيث بعث العباس إلى أهل مكة: رُدُّوا عَليَّ أبي فإنّي أخَافُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ قريش مَا فَعَلت ثَقِيف بِعُرْوَةَ ابن مَسْعُود، ثم

قال: لَئن فَعَلُوا، لأَضْرِ مَنَّهَا عَلَيْهِمْ نَاراً، وكان النبي صلى اللّه عليه بعث عُرْوة إلى ثقيف، يدعوهم إلى اللّه، فرقى فوقَ بيتٍ، ثم ناداهم إلى الإسلام فرماه رجل بسهم، فقتله.

١٣٥

{بَلْ مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ} {١٣٥}: انتصب، لأن فيه ضمير فعلٍ، كأن مجازه بل اتبعوا ملة إبراهيم، أو: عليكم ملة إبراهيم.

{حِنِيفاً} {١٣٥}: الحنيف في الجاهلية من كان على دين إبراهيم، ثم سمّى من اختتن وحج البيت حنيفاً لما تناسخت السنون، وبقي من يعبد الأوثان من العرب قالوا: نحن حُنفاء على دين إبراهيم، ولم يتمسكوا منه إلا بحج البيت، والخِتان؛ والحنيف اليوم: المسلم.

قال ذو الرمة:

إذا خالف الظِّلّ العشِـيّ رأيتـه

حنيفاً ومِن قَرْن الضُّحَى يتَنصَّرُ

يعني الحرباء.

١٣٧

{فَإنّمَا هُمْ فِي شِقاقٍ} {١٣٧}، مصدرُ شاققته وهو المشاقّة أيضاً، شاقّه: باينه، قال النابغة الجَعْديّ:

وكان إليها كالذي اصطاد بَكْرَها

شِقاقاً وبُغضاً أو أَطمَّ وَأَهْجَرا

ومجازه: حارب، وعصى.

١٣٨

{صِبْغَةَ اللّه} {١٣٨} أي دينَ اللّه، وخِلقتَه التي خلقه عليها، وهي فِطرته، مِن فاطر أي خالق.

١٤٠

{أَم تقُولُونَ إنَّ إبْرَاهِيمَ} {١٤٠} أم في موضع ألف الاستفهام، ومجازها: أتقولون.

١٤٣

{أُمَّةً وَسَطاً} {١٤٣} أي عَدْلاً خياراً، ومنه قولهم: فلان واسطٌ في عشيرته، أي في خيار عشيرته.

وقال غَيْلان:

وقد وسَطتُ مالكا وحَنْظَلا

أي صرت من أوسطهم وخيارهم. وواسط: في موضع وسط، كما قالوا: ناقة يَبَسٌ ويابسةُ الخِلْف.

{رَؤُفٌ} {١٤٣}: فَعول من الرأفة، وهي أشدّ الرحمة.

قال الكُميت:

وهم الأَرأفون بالناس في الرأ

فة والأحْلمون في الأحـلامِ

١٤٤

{شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} {١٤٤} أي قصدَ المسجد الحرام، قال الهذليّ:

إنّ العَسِير بها داءٌ مُخَامِرُهـا

فَشطْرَها نَظَرُ الْعَيْنَيْنِ مَحْسُورُ

{العسير: الناقة التي لم تُركب}، شطرها: نحوها،

وقال ابن أحْمَر:

تَعْدو بنا شَطْرَ جَمْعٍ وهي عاقِدةٌ

قد كارب الْعقْدُ مِن إيقادها الحُقُبَا

إيقادها: سُرعتها.

١٤٥

{بِكُلِّ آيةٍ} {١٤٥} أي علامة، وحجة.

١٤٨

{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلّيهَا} {١٤٨} أي موجّهها.

١٥٠

{لَئِلاَّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَيْكُمْ حُجّةٌ إلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} {١٥٠} موضع {إِلاَّ} ها هنا ليس بموضع استثناء، إنما هو موضع واو الموالاة، ومجازها: لئلا يكون للناس عليكم حجة، وللذين ظلموا،

وقال الأعشى:

إلاّ كخارِجةَ المكلِّفِ نفـسَـه

وَابْنَي قَبِيصةَ أن أَغِيبَ وَيَشْهَدا

ومعناه: وخارجةَ،

وقال عَنزَ بن دَجاجةَ المازِنيّ:

مَنْ كان أَسْرَعَ فِي تَفَّرُقِ فالجٍ

فلبُونُه جَرِبَتْ معاً وأَغـدَّتِ

إلاّ كناشِرَةَ الذي ضَـيّعـتـمُ

كالغُصْن في غُلَوائِهِ المُتَنَبِّتِ

غُلَوَائه: سرعة نباته، يريد: وناشرة الذي ضيعتم، لأن بني مازن يزعمون أن فالجا الذي في بني سُلَيم، وناشرة الذي في بني أسد: هما، ابنا مازنٍ.

{أُوَلئِكَ عَلَيْهِم صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِم وَرَحْمَة} يقول: ترحّمٌ من ربهم، قال الأعشى:

تقول بِنْتِى إذا قَرَّبْـتُ مُـرْتَـحِـلاً

يا رَبِّ جَنِّبْ أبي الأوصابَ والوَجَعا

عليكِ مِثل الذي صَلَّيتِ فاغْتَمِضِـى

نَوماً فإن لجِنب المرء مُضْطجَعـا

فمن رفع {مثل} جعله: عليكِ مثلُ ذلك قلتِ لي ودعوتِ لي به، ومن نصبه جعله أمراً يقول: عليكِ بالترحم والدعاء لي.

١٥٨

{شَعَائِر اللّه} {١٥٨}: واحدتها شعيرة، وهي في هذا الموضع: ما أُشِعر لِمَوقفٍ أو مَشْعَرٍ أو مَنْحَرٍ أي أُعلم لذاك. وفي موضع آخر: الهَدْى، إذا أَشعرها، وهو أن يُقلِّدها، أو يحللّها فَأَعلم أنها هَدىٌ، والأصل: أنُ يشعرها بحديدة في سنامها من جانبها الأيمن: يَطعُنها حتى يَخرج الدم.

١٦٤

{والفُلْكِ} {١٦٤}: تقع على الواحد، وعلى الجميع، وهي السفينة والسُّفُن، والعرب تفعل ذلك قالوا: هي الطَّرْفاء، وهذه الطَّرْفاء.

{وَبَثَّ فِيهَا} {١٦٤} أي فرّق وبسَط، {وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} {٨٨١٦} أي متفرقة مبسوطة.

١٦٥

{وُلَوْ يَرَىَ الْذِينَ ظَلَمُوا} {١٦٥} أي يعلم، وليس برؤية عين.

١٦٦

{وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الأَسْبَابُ} {١٦٦} أي الوُصُلات التي كانوا يتواصلون عليها في الدنيا، واحدتها {وُصْلة}.

١٦٧

{حَسَراتٍ} {١٦٧}: الْحَسْرَة أشدّ الندامة.

١٦٨

{خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} {١٦٨} هي الخُطَى، واحدتها: خُطوة، ومعناها: أثر الشيطان.

{أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} {١٦٨}: أي وجدنا.

١٧٠

 {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُم لاَ يَعْقِلُون شَيْئاً} {١٧٠}، الألف ليست ألف {الاستفهام} أو الشك، إنما خرجت مخرج الاستفهام تقريراً بغير الاستفهام. {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُم لاَ يَعْلِقون شَيْئاً} أي: وإن كان آباؤهم.

{وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ} {١٧٠}، إنما الذي يَنْعِقُ الراعي، ووقع المعنى على المنعوق به وهي الغنم؛ تقول: كالغنم التي لا تسمع التي ينعق بها راعيها؛ والعرب تريد الشيء فتحوّله إلى شيء من سببه، يقولون: أعرض الحوضَ على الناقة وإنما تُعرَض الناقة على الحوض، ويقولون: هذا القميص لا يقطعني، ويقولون: أدخلت القَلَنْسُوَة في رأسي، وإنما أدخلت رأسك في القَلَنْسُوَة، وكذلك الخُفّ، وهذا الجنس؛ وفي القرآن: {مَا إنْ مَفَاتِحَه لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} {٢٨٣٦} ما إنّ العُصْبة لتنوء بالمفاتح: أي تثقلها. والنعيق: الصِيَاح بها، قال الأخطل:

انْعِقْ بضَأنك يا جريرُ فإنـمـا

منَّتك نفْسُك في الخلاء ضَلالا

١٧٣

{وَمَا أُهِلَّ بِه} {١٧٣} أي وما أريدَ به، وله مجاز آخر، أي: ما ذُكر عليه من أسماء آلهتهم، ولم يُرد به اللّه عز وجل. جاء في الحديث: أَرَأَيْتَ مَنْ لاَ شَرِبَ وَلاَ أَكَلَ وَلاَ صَاحَ فاسْتُهِلَّ أَلَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ يُطَلّ.

{غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ} {١٧٣} أي لا يبغي فيأكله غيرَ مضطر إليه، ولا عادٍ شِبَعَه.

١٧٥

{فَما أَصْبَرَهُم عَلَى النَّارِ} {١٧٥} {ما} في هذا الموضع في معنى الذي، فمجازها: ما الذي صبّرهم على النار، ودعاهم إليها، وليس بتعجب.

١٧٧

{لَيْسَ البِرُّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشرِق وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّه} {١٧٧}، فالعرب تجعل المصادر صفاتٍ، فمجاز البرّ ها هنا: مجاز صفة ل{مَن آمن باللّه}، وفي الكلام: ولكن البارَّ مَن آمن باللّه، قال النابغة:

وقد خِفتُ حتى ما تَزيدُ مَخافتِي

على وَعِلٍ في ذي القِفَارة عاقِلِ

{وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِم} {١٧٧} رُفعت على موالاة قوله: {وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّه} وفي وفعل {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِم}، ثم أُخرجوا {والصَّابِرِين فِي البَأَسَاءِ} {١٧٧} من الأسماء المرفوعة، والعرب تفعل ذلك إذا كثر الكلام؛ سمعتُ مَن ينشد بيت خِرْنِق بنت هِفّان من بني سعد بن ضُبَيْعة، رهط الأعشى:

لا يَبْــــعَـــــــدَنْ قَـــــــوْمـــــــي الـــــــذين هُـــــــمُ    

سُمُّ الـــــــعُـــــــداة وآفةُ الْـــــــــــجُـــــــــــــــزرِ

الـــنـــازلـــين بــــكـــــــل مُـــــــعْـــــــتَـــــــرَكٍ   

والـــــطـــــــيبـــــــين مَـــــــعـــــــاقِـــــــدَ الأزْرِ

فيخرجون البيت الثاني من الرفع إلى النصب، ومنهم من يرفعه على موالاة أوله في موضع الرفع.

١٧٨

{فَمَنْ عُفِىَ لهُ مِنْ أخِيهِ شَيْءٌ} {١٧٨} أي تُرك له.

١٨٢

{مِنْ مُوصٍ جَنَفاً} {١٨٢} أي جوراً عن الحق، وعُدولاً، قال عامر الخَصَفّيِ:

هُمُ المَوْلَى وقد جنَفَوا علينا   وإنّا من لِقائهـم لَـزُورُ

جنفوا: أي جاروا، والمولى هاهنا في موضع الموالى، أي بنى العم، كقوله: {يُخْرِجُكم طِفْلاً} {٢٢٥}.

١٨٣

{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} {١٨٣} أي فُرض عليكم.

١٨٦

{فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} {١٨٦} أي يُجيبوني قال كَعْب الغَنَوِيّ:

وداعٍ دعا يا مَن يُجِيب إلى النَّدَى

فلم يستجبه عند ذاك مُـجـيبُ

أي فلم يحبه عند ذاك مجيب.

١٨٧

{لَيْلَةَ الصِّيَامِ} {١٨٧}: مجازها ليل الصيام، والعرب تضع الواحد في موضع الجميع، قال عامر الخَصَفّيِ:

هُمُ المَوْلى وقد جنَفَوا علينا

وإنّا من لِقائهـم لَـزُورُ

١٨٨

{الرَّفَثُ} {١٨٨} أي الإفضاء إلى نسائكم، أي النكاح.

١٨٧

{هُنَّ لِيَاسٌ لَكُمْ} {١٨٧}: يقال لامرأة الرجل: هي فراشه، ولباسه وإزاره، ومحل إزاره، قال الْجَعْدِيّ:

تَثَنَّتْ عليه فكانت لِباسا

{الْخَيْط اْلأَبْيَضُ مِنَ الْخَيَطِ اْلأَسْوَدِ} {١٨٧}: الخيط الأبيض: هو الصبح المصدّق، والخيط الأسود هو الليل، والخيط هو اللون.

١٨٨

{فَرِيقاً} {١٨٨}: الفَرِيق هي الطائفة.

١٨٩

{وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أبْوَابِهَا} {١٨٩}: البرّ هنا: في موضع البار، ومجازها: أي اطلبوا البرّ من أهله ووجهه ولا تطلبوه عند الجهَلة المشركين.

١٩٥

{وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} {١٩} أي الكفر أشدّ من القتل في أشهر الحُرُم، يقال: رجل مفتون في دينه أي كافر.

{التَّهْلُكَةِ} {١٩٥} والهَلاك، والهَلَك، والهُلْك واحد.

١٩٦

{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للّه}، {١٩٦}: والمعنى: أن العمرة ليست بمفترضة، وإنما نصبت على ما قبلها؛ قال أبو عبيدة: وأخبرنا ابن عَوْن عن الشَّعْبي أنه كان يقرأ {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةُ للّه} يرفع العمرة، ويقول: إنها ليست بمفترضة. ومن نصبها أيضاً جعلها غير مفترضة.

{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} ١٩٦ أي إن قام {بكم} بعير، أو مرضتم، أو ذهبت نفقتكم، أوفاتكم الحجُّ، فهذا {كله} مُحْصَر، والمحصور: الذي جُعل في بيت، أو دار، أو سجنٍ.

{الهَدْىِ} {١٩٦} قال يونس: كان أبو عمرو يقول في واحد {الهَدْى}: هَدْية، تقديرها جَدْية السرج، والجميع الْجَدى، مخفف. قال أبو عمرو: ولا أعلم حرفاً يشبهه.

{أَوْ نُسُكٍ} {١٩٦}: النُّسُك أن يَنسُك، يَذبَح للّه، فالذبيحة النسيكة.

{فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أيّامٍ فِي الحَجّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشْرَةٌ كَامِلةٌ} {١٩٦}، العرب تؤكد الشيء وقد فُرغ منه فتعيده بلفظ غيره تفهيماً وتوكيداً.

١٩٧

{فمنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحجَّ} {١٩٧} مَنْ أَوْ ذَم في الحج: أي فرضه عليه أي ألزمه نفسه.

{فلا رَفَثَ} {١٩٧} أي لا لَغَا من الكلام، قال العجاج:

عن اللَّغَا ورَفثِ التكلّمِ

{وَلاَ جِدَالَ فِي الحَجِّ} {١٩٧} أي لا شك فيه أنه لازِمٌ في ذي الحجة، هذا فيمن

قال: {جدالَ} ومن

قال: {لا جدالٌ في الحجّ}: من المجادلة.

١٩٨

{فَإِذَا أَفَضْتُمْ} {١٩٨} أي رجعتم من حيث جئتم.

٢٠٣

{مَعْدُودَاتٍ} {٢٠٣}: الْمَعْدُودَات: أيام التشريق؛ المعلومات: عَشْر ذي الحجة.

٢٠٤

{أَلَدُّ الخِصَام} {٢٠٤}: شديد الخصومة، ويقال للفاجر: أبلُّ وألدُّ، ويقال: قد بللَتَ ولدِدت بعدي؛ مصدره اللَدَد، والجميع: قوم لُدّ، قال المُسَيَّبُ بن عَلَس:

٢٠٦

ألا تتّقون اللّه يا آل عامرٍوهل يتّقى اللّه الأَبَلُّ المُصَمِّمُ {وَلَبِئْسَ المِهَادُ} {٢٠٦}: الفِرَاش.

٢٠٧

{يَشْرِى نَفْسَهُ} {٢٠٧}: يبيعها.

٢٠٨

{السِّلْمِ} {٢٠٨}: الإسلام، والسَّلْم يؤنث ويذكر، قال حاجز الأزْدِيّ:

وإنّ السِّلم زائدةٌ نَوَاه

وفي موضع آخر الصلح، {كَافَّةً} {٢٠٨}: جميعاً، يقال: إِنه لَحَسَنُ السِّلمِ.

٢١٢

{وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ} {٢١٢}: أي أفضل منهم.

{بِغَيْرِ حِسَابٍ} {٢١٢} بغير محاسبة.

٢١٣

{أُمةً وَاحِدَةً} {٢١٣} أي مِلَّةً واحدةً.

٢١٤

{أَمْ حَسِبْتمُ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّة} {٢١٤} أي أحسبتم {أنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ}.

{خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} {٢١٤} أي مضّوا.

{وَزُلْزِلُوا} {٢١٤} أي خُوِّفوا.

٢١٧

{يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} {٢١٧} مجرور بالجوار لمِا كان بعده {فِيهِ} كنايةٌ للشهر الحرام،

وقال الأعشى:

لقد كان في حَولٍ ثَواءٍ ثَوَيتُه

تُقَضِّى لُبَاناتٍ ويَسأم سـائمُ

 {حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} {٢١٧} أي بطَلت وذهبت.

٢١٨

{الْمَيْسِرِ} {٢١٨} القِمار.

{قُلِ الْعَفْوَ} {٢١٨} أي الطاقة التي تُطيقها والقَصْدَ، تقول: خذ ما عفا لك، أي ما صفا لك.

٢٢٠

{لأَعْنَتَكُمْ} {٢٢٠} أي لأهلككم، مِن العَنَت.

٢٢٣

{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} {٢٢٣} كنايةٌ، وتشبيه،

قال: {فَأتُوا حَرْثَكُمْ أنَّى شِئْتُمْ} {٢٢٣}.

٢٢٤

{وَلاَ تَجْعَلُوا اللّه عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ} {٢٢٤} أي نَصباً.

٢٢٥

و{اللَّغْوِ} {٢٢٥}: لا واللّه، وبلى واللّه، وليس بيمينٍ تقَتَطِع بها مالاً أو تظلم بِها.

{يولُونَ} {٢٢٥}: يُولِى يحلف، من الأَليّة وهي اليمين، أُلْوَة، وأليّة اليمينُ قال أوْس بن حَجَر:

عَلَىَّ أَليّةٌ عتقت قـديمـاً

فلَيس لها وإن طُلِبتْ مَرامُ

٢٢٦

{فَإِنْ فَاؤُوا} {٢٢٦} أي رجعوا عن اليمين.

٢٢٨

{يَتَرَبَّصْنَ} {٢٢٨}: وَالتَّرَبُّص {أَن} لا تَقدَم على زوج حتى تقَضى ثلاثة قروءٍ؛ واحدها: قَرْءٌ، فجعله بعضهم {الحِيضة}،

وقال بعضهم: الطهر، قال الأعشى:

وفي كل عام أنتَ جاشمُ غزوةٍ

تَشُدُّ لأَقصاها عَزِيمَ عَـزائِكـا

مؤرَّثةٍ مالاً وفي الأصل رِفْعَةً

لِما ضاَع فيها مِن قُرُوءِ نِسائكا

وكل قد أصاب، لأنه خروج من شيء إلى شيء فخرجتْ من الطهر إلى الحيض، ومن

قال: بل هو الطهر فخرجتْ من الحيض إلى الطهر. وأظنه أنا من قولهم: قد أقرأت النجومُ، إذا غابت.

{وَبُعُولَتُهُنَّ} {٢٢٨}: الأزواج، واحدها بَعْل.

{دَرَجَةٌ} {٢٢٨}: منزلة.

٢٢٩

{إلاَّ أَنْ يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّه} {٢٢٩} معناها: إلاّ أن يُوقنا.

{فَإنْ خِفْتُمْ} {٢٢٩} ها هنا: فإن أيقنتم.

٢٣٠

{إِنْ ظَنّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللّه} {٢٣٠} أي أيقَنا.

٢٣٢

{فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} {٢٣٢}: منتهى كل قرءٍ أو شهر، فإذا فبلغن أجلهن {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ} {٢٣٢} في هذا الموضع: منتهى العِدَّة الوقت الذي وقَّت اللّه؛ ثم

قال: {تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} {٢٣٢} أي تزويجاً صحيحاً؛ {لاَ تَعْضُلُوهُنَّ} {٢٣٢} أي لا تحبسوهن، ونرى أن أصله من التعضيل.

٢٣٣

{لاَ تُضَارُّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} {٢٣٣} رفعٌ، خبر، ومن

قال: {لاَ تُضَارَّ} بالنصب؛ فإنما أراد {لاَ تُضَارِرْ}، نَهْىٌ.

٢٣٥

{فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِه مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} {٢٣٥} أي في عِدَّتهن أن تقول: إني أريد أن أتزوجكِ وإن قُضى شيء كان.

٢٣٦

{لاَ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً} السِّر: الإفضاء بالنكاح، قال الْحُطَيْئَة:

ويَحرُم سِرُّ جارتِهم عليهـم

ويأكل جارُهم أُنُفَ القِصاعِ

أي ما استأنفت؛

وقال رؤبة بن العجّاج:

فعَفَّ عن إسرارها بَعد العَسَقْ

يعني غشيانها، أراد الجمِاع. قال امرؤ القيس بن حُجْر الكِنْديّ:

ألا زَعمتْ بَسْباسةُ اليومَ أنَّنِـي

كَبِرتُ وألاَّ يُحسِنُ السِرَّ أمثالِي

{المُقْتِرِ} {٢٣٦} يقال: قد أقترَ فلان، إذا كان كان مُقِّلاً، قال الشاعر:

ولا مِن رَبِيع الُمْقِتـرين رُزِئْتُـهُ

بِذِي عَلَقٍ فاقنَىْ حَياءَكِ واصْبرِي

٢٣٧

{إلاَّ أنْ يَعْفُونَ} {٢٣٧} هن: يتركن، يهبن، عفوت لك عن كذا وكذا: تركته لك.

٢٣٩

{فرِجَالاً} {٢٣٩}: واحدها: راجل، مثل قيام وقائم.

٢٤١

{وَلِلمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بالْمَعْرُوفِ} {٢٤١}: كانوا إذا طّلقوا يمتعونها من المِقنعة فما فوق ذلك؛ متعها وحمَّمها: أي أعطاها.

٢٤٦

{الَمَلإِ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ} {٢٤٦}: وجوههم، وأشرافهم، ذُكر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما رجعوا من بدر سمع رجلاً من الأنصار يقول: إنمَا قَتَلْنَا عَجَائِزَ صُلْعاً، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: أولئِكَ الَمَلأ مِنْ قُرَيَشٍ لو احتَضرتَ فَعَالهم، أي حضرت، احْتَقَرْتَ فَعَالَكَ مَعَ فَعَالهِم.

{هَلْ عَسَيْتُمْ} {٢٤٦}: هل تعدون أن تفعلوا ذلك.

٢٤٧

{بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} {٢٤٧} أي زيادة، وفضلاً وكثرة.

{إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ} {٢٤٧}: علامات، وحُججاً.

٢٤٩

{مُبْتَلِيكمُ بِنَهَرٍ} {٢٤٩}: مختبركم.

{غَرْفَةً} {٢٤٩} الغَرْفة مصدر، والغُرْفة: مِلْء الكف.

{يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُلاَقُوا اللّه} {٢٤٩} يوقنون.

{فِئَةٍ} {٢٤٩}: جماعة.

٢٥٠

{أفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً} {٢٥٠}: أنزل علينا.

٢٥٤

{خلَّةٌ} {٢٥٤}: مصدر الخليل، وتقول: فلان خُلّتى: أي خليلي، قال أوْفَى بن مَطَر المازنيّ:

ألا أبلِغا خُلنِي جابراً

بأن خليلك لم يُقْتَلِ

يقال: فلان خُلَّتِي: أي خليلي.

٢٥٥

{الْقَيُّوم} {٢٥٥}: القائم وهو الدائم الذي لا يزول، وهو فَيْعول.

{سِنَةٌ} {٢٥٥} السِّنة: النُّعاس، والوَسنة النُّعاس أيضاً. قال عَدِي بن الرِّقاع:

وَسْنَانُ أقصَدَه النُّعَاسُ فرنَّقَتْ

في عينه سِنةٌ وليس بنـائمِ

{ولاَ يَئُودُهُ} {٢٥٥}: ولا يُثقله، تقول: لقد آداني هذا الأمر، وما أداك فهو لي آئدٌ، قال الكمَيْت:

علينا كالنِّهَاءِ مُضاعَفات

مِن الماذِيّ لم تؤُدِ المتُونَا

تقول: ما أثقَلك فهو لي مُثْقِل.

٢٥٦

{لاَ انْفِصَامَ لها} {٢٥٦} أي لا تكسر،

وقال الكميت:

فهُم الآخذون من ثِـقَة الامـرِ

 بتقواهم وعُرىً {لا إنفصامَ لها}

{بالطَّاغُوت} {٢٥٦}: الطّاغُوت: الأصنام، والطواغيت من الجن والإنس شياطينهم. {العُرْوَةِ الوُثْقَى} {٢٥٦} شُبّه بالعُرَى التي يُتَمسك بها.

٢٥٧

{أوْلِيَاؤُهمُ الطَّاغُوتُ} {٢٥٧} في موضع جميعٍ لقوله: {يُخْرِجُونَهُمْ} {٢٥٧}، والعرب تفعل هذا،

قال:

في حَلْقكم عَظمٌ وقد شَجِينا

وقال العباس بن مِرْداس:

فقلنا أسلمِـوا إنـا أخـوكـم

فقد بَرئَتْ من الإحَنِ الصُّدور

٢٥٨

{فَبُهتَ} {٢٥٨}: انقطع، وذهبتْ حُجَته، وبُهِتَ: أكثرُ الكلام، وبَهُت إن شئت.

٢٥٩

{خَاوِيَةٌ} {٢٥٩}: لا أنيس بها، {عَلَى عُرُوشِهَا} على بيوتها وأبنيتها.

{لم يَتَسَنَّهْ} {٢٥٩}: لم تأت عليه السنون فيتغير، وهذا في قول من قال للسنة: {سُنَية} مصغرة، وليست من الأَسن المتغير، ولو كانت منها لكانت ولم يتَأسن.

{نَنْشُرُهَا} {٢٥٩}: نجييها ومن

قال: {نَنْشُزُها}

قال: نَنْشز بعضها إلى بعض.

٢٦٠

{فَصُرْهُنَّ إلَيْكَ} {٢٦٠}: فمن جعل من صُرتَ تصور، ضمَّ،

قال: {صُرْهُنَّ إِليْكَ} ضُمَّهن إليك، ثم اقطعهن.

{ثُمَّ أجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً}: فمن جعل من {صِرْتُ قطَّعت وفرَّقت}

قال: خذ أربعة من الطير إليك فصِرهن إليك أي قطعهن ثم ضَع على كل جبل منهن جزءاً قالت خنساء:

لَظَلتْ الشُّمُّ منها وهي تِنصارُ

الشُّمُّ: الجبال، تنصار: تُقطَع وتُصدَع وتُفلَق؛ وأنشد بعضهم بيت أبي ذُؤيب:

فَانْصرْنَ من فَزَعٍ وسَدَّ فروجَه

غُبْرٌ ضَوارٍ وافـيانِ وأَجْـدَعُ

صُرْنا به الحكم: أي فصَّلنا به الحكم.

وقال المُعَلّي بن جَمال العَبْدِيّ.

وجاءت خُلْعة دُهْسٌ صَفايا

يَصور عُنوقَها أَحْوَى زَنِيمُ

ولون الدَّهاس: لون الرمل كأنه ترابُ رَمْلٍ أدهَسُ. خُلْعة: خيارُ شائِه؛ صفايا: غزِارٌ، ويقال للنخلة: صَفيّة أي كثيرة الحمل.

٢٦٤

{صَفْوَانٌ} {٢٦٤} الصَفْوان: جِماع، ويقال للواحدة: {صَفْوَانة} في معنى الصَّفاة، والصَّفا: للجميع، وهي الحجارة المُلْس.

{صَلْداً} {٢٦٤} والصَّلْد: التي لا تُنبت شيئاً أبداً من الأرضِين، والرؤوس،

وقال رؤبة:

بَرّاقُ أصلادِ الجَبينِ الأَجْلَهِ

٢٦٥

وهو الأجْلح {بِرُبْوَةٍ} {٢٦٥} رُبْوَة: إرتفاع من المسيل.

٢٦٦

{إِعْصَارٌ} {٢٦٦} اْلإِعصار: ريح عاصف، تهبّ من الأرض إلى السماء، كأنه عمود فيه نار.

٢٦٧

{وَلاَ تَيَممَّوُا الْخبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} {٢٦٧}: أي لا تَعمِدوا له، قال خُفاف بن نَدْبة:

فإِن تك خَيْلِى قد أُصِيب صَمِيمُها

فَعَمْداً على عينٍ تَيمّمت مالِكـا

{إلاَّ أنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} {٢٦٧}: تُرخّص لنفسك.

٢٧٣

{إلْحَافاً} {٢٧٣}: إلحاحاً.

٢٧٥

{المَسِّ} {٢٧٥} من الشيطان، والجن، وهو اللَّمَم، وهو ما ألمَّ به، وهو الأولَق والألْسُ والزُّؤد، هذا كله مثل الجنون.

{فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظةٌ مِنْ رَبِّهِ} {٢٧٥}: العرب تصنع هذا؛ إذا بَدَءوا بفعل المؤنث قبله.

{فَلَهُ مَا سلَف} {٢٧٥}: ما مضى.

٢٧٦

{يَمْحَقُ اللّه الرِّبا} {٢٧٦}: يُذهبه كما يمحق القمر، ويمحق الرجل إذا انتقص مالَهُ.

٢٧٩

{فأذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللّه} {٢٧٩}: أيقنوا، تقول: آذنتُكَ بحرب، فأذِنتَ به.

٢٨٢

{لاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيئاً} {٢٨٢}: لا ينقُص،

قال: لا تَبْخَسْنِي حقي {?}، قال في مَثَل: {تحسبها حَمْقاء وهي باخسة} أي ظالمة.

{أنْ تَضِلَّ إحْدَاهُمَا فَتُذَكِّر إحْدَاهُمَا الأخْرَى} {٢٨٢} أي تنسَى.

{وَلاَ يَأبَ الشُّهَدَاءُ إذَا مَا دُعُوا} {٢٨٢} قال فيمن شَهِد: لا يأب إذا دُعى، وله قبل أن يشهد أن لا يفعل.

{أَقْسَطُ عِنْدَ اللّه} {٢٨٢} أعدل.

{فُسُوقٌ} {٢٨٢} الفسوق: المعصية في هذا الموضع.

٢٨٣

{فَرُهُنٌ مَقْبُوضَةٌ} {٢٨٣} قال أبو عمرو: الرِّهان في الخيل، وأنشد قول قَعْنَب بن أُمّ صاحب من بني عبد اللّه بن غَطفَان:

بانَتْ سُعادُ وأمس دونَها عَـدَنُ

وغُلّقتْ عندها من قبلك الرُّهنُ

٢٨٥

{غُفْرَانَكَ} {٢٨٥}: مغفرتك، أي اغفر لنا.

٢٨٦

{إصْراً} {٢٨٦}: الإِصْر الثِّقل وكلُّ شيء عطفك على شيء من عهدٍ، أو رحم فقد أصرك عليه، وهو الأصر مفتوحة، فمن ذلك قولك: ليس بيني وبينك آصِرة رَحْمٍ تأصُرني عليك، وما يأصرني عليك حقٌ: ما يعطفني عليك؛

وقال الأُبَيْرِد في قوله عزّت قدرته: {فَصُرْهُنَّ إلَيْكَ} {٢٦٠}.

فما تَقبل الأحياءُ من حُب خِنْدِفٍ

ولكن أطراف العَوالِي تصورها

أي تضمّها إلينا.

ولو أن أمّ الناس حَوَّاءَ حاربتْ

تميمَ بن مُرٍّ لم تجد من تُجيرُها