سُورَةُ الْأَنْفَالِ مَدَنِيَّةٌ

وَهِيَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ آيَةً

١

الواحد من "الأنفال": النفلُ".

٥

وقال {كمآ أخْرجك ربُّك م ن بيْت ك ب الْحقّ } فهذه الكاف يجوز ان تكون على قوله {أُوْلـائ ك هُمُ الْمُؤْم نُون حقّاً} [٤] {كمآ أخْرجك ربُّك م ن بيْت ك ب الْحقّ }. وقال بعض أهل العلم {كما أخرجك ربك من بيتك بالحق} {فاتّقُواْ اللّه وأصْل حُواْ ذات ب يْن كُمْ} [١] فأضاف {ذات} الى "البيْن " وجعله {ذات} لأن بعض الأشياء يوضع عليه اسم مؤنث وبعضه يذكر نحو "الدار" و"الحائط" أنّثت "الدار" وذكّر "الحائط".

٧

وقال {وإ ذْ يع دُكُمُ اللّه إ حْدى الطّائ فت يْن أنّها لكُمْ} فقوله {أنّها} بدل من قوله {إ حْدى الطّائ فت يْن }

وقال {غيْر ذات الشّوْكة } فأنث لأنه يعني "الطائفة".

 سورة ( الأنفال )

١٢

وقال {فاضْر بُواْ فوْق الأعْناق } معناها: "إ ضْر بُوا الأعْناق " كما تقول: "رأيتُ نفْس زيْدٍ" تريد "زيداً".

{واضْر بُواْ م نْهُمْ كُلّ بنانٍ} واحد "البنان ": "البنانةُ".

١٤

وقال {ذال كُمْ فذُوقُوهُ [١٢٤ ء] وأنّ ل لْكاف ر ين} كأنه جعل "ذلك م" خبراً لمبتدأ أوْ مبتدأ أضمر خبره حتى كأنه قال: "ذل كُمْ الأمْرُ" أوْ "الأمْرُ ذلك م". ثم قال {وأنّ ل لْكاف ر ين عذاب النّار } أيْ: الأمْرُ ذلك م وهذا، فلذلك انفتحت "أنّ". ومثل ذلك قوله {وأنّ اللّه مُوه نُ كيْد الْكاف ر ين} [١٨] وأمّا قول الشاعر: [من البسيط وهو الشاهد العشرون بعد المئتين]:

ذاك وإ نّ ي على جاري لذُو حدبٍ * أحنو عليْه كما يُحْنى على الجار

فإ نما كسر "إ نّ" لدُخول اللام.

قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد الحادي والعشرون بعد المئتين]:

وأعْلمُ ع لْماً ليس بالظنّ أنّه * إ ذا ذلّ موْلى المرْء فهْو ذليل

وإ نّ ل سان المرْء ما لمْ تكُنْ لهُ * حصاةٌ على عوْرات ه لدل يلُ

فكسر الثانية لأن اللام بعدها. ومن العرب من يفتحها لأنه لا يدري* أن بعدها لاما وقد سمع مثل ذلك من العرب في قوله {أفلا يعْلمُ إ ذا بُعْث ر ما ف ي الْقُبُور [٩] وحُصّ ل ما ف ي الصُّدُور [١٠] إ نّ ربّهُم ب ه مْ يوْمئ ذٍ لّخب يرٌ [١١]} ففتح وهو غير ذاكر للام وهذا غلط قبيح.

١٧

وقال {وما رميْت إ ذْ رميْت ولكنّ اللّه رمى} تقول العرب: "و اللّه ما ضربْتُ غيْرهُ" وإ نما ضربت أخاه كما تقول "ضربهُ الأميرُ" والاميرُ لم يل ضرْبهُ. ومثلُ هذا في كلام العرب كثير.

 سورة ( الأنفال )

٢٥

وقال {واتّقُواْ ف تْنةً لاّ تُص يبنّ [١٢٤ ب] الّذ ين ظلمُواْ م نكُمْ خآصّةً} فليس قوله - و اللّه أعلم - {تُص يبنّ} بجواب ولكنه نهْيٌ بعد أمر، ولو كان جوابا ما دخلت النون.

٣٢

وقال {اللّهمّ إ ن كان هذاهُو الْحقّ م نْ ع ند ك} فنصب { الحقّ} لأن {هُو} - و اللّه أعلم - جعلت ها هنا صلة في الكلام زائدة توكيدا كزيادة {ما}. ولا تزاد الا في كل فعل لا يستغنى عن خبر، وليست {هُو} بصفة لـ{هذا} لأنك لو قلت: "رأيتُ هذا هُو" لم يكن كلاما ولا تكون هذه المضمرة من صفة الظاهرة ولكنها تكون من صفة المضمرة في نحو قوله {ولكن كانُواْ هُمُ الظّال م ين} و{تج دُوهُ ع ند اللّه هُو خيْراً وأعْظم أجْراً} لأنك تقول "وجدْتُهُ هُو" و"أتاني هُو" فتكون صفة، وقد تكون في هذا المعنى أيضاً غير صفة ولكنها تكون زائدة كما كان في الأول. وقد تجري في جميع هذا مجرى الاسم فيرفع ما بعده ان كان ما قبله ظاهرا او مضمرا في لغة لبني تميم في قوله {إ نْ كان هذا هو الحقُّ} [و] {ولكنْ كانُوا هُمْ الظّال مون} و{تج دُوهُ عند اللّه هو خيْرٌ وأعْظمُ أجْرا} كما تقول "كانُوا آباؤُهم الظالمُون" وانما جعلوا هذا المضمر نحو قولهم "هُو" و"هُما" و"أنْت" زائدا في هذا المكان ولم يجعل في مواضع الصفة لأنه فصل أراد أن يبين به انه ليس بصفة [١٢٥ ء] ما بعده لما قبله ولم يحتج الى هذا في الموضع الذي لا يكون له خبر.

٣٤

وقال {وما لهُمْ ألاّ يُعذّ بهُمُ اللّه} فـ{أنْ} ها هنا زائدة - و اللّه أعلم - وقد عملت وقد جاء في الشعر، قال: [من البسيط وهو الشاهد السابع والاربعون بعد المئة]:

لوْ لمْ تكُنْ غطفانٌ لا ذُنُوب لها * إ ليّ لامتْ ذوُو أحْساب ها عُمرا

 سورة ( الأنفال )

٣٥

وقال {وما كان صلاتُهُمْ ع ند الْبيْت إ لاّ مُكآءً وتصْد يةً} نصب على خبر "كان".

٣٧

وقال {ل يميّ ز اللّه الْخب يث م ن الطّيّ ب } جعله من "ميّز" مثقلة وخففها بعضهم فقال {ليم يز} من "ماز" "يم يزُ" وبها نقرأ.

٤٢

وقوله {ولوْ تواعدتُّمْ لاخْتلفْتُمْ ف ي الْم يعاد ولكن لّ يقْض ي اللّه أمْراً كان مفْعُولاً} وامر اللّه كله مفعول ولكن اراد أن يقص الاحتجاج عليهم وقطْع العذر قبل اهلاكهم.

وقال {إ ذْ أنتُمْ ب الْعُدْوة الدُّنْيا}

وقال بعضهم {بالعُدْوة } وبها نقرأ وهما لغتان. وقال بعض العرب الفصحاء: ["العُدْية "] فقلب الواو ياء كما تقلب الياء واوا في نحو "شرْوى" و"بلْوى" لأن ذلك يفعل بها فيما هو نحو من ذا نحو "عص يّ" و"أرض مسُن يّةٌ" وفي قولهم "ق نْية" لأنها من "قنوْتُ".

وقال {والرّكْبُ أسْفل م نكُمْ} فجعل "الأسْفل" ظرفا ولو شئت قلت {أسْفلُ منكم} [١٢٥ ب] اذا جعلته {الركْب} ولم تجعله ظرفا.

وقال {ويحْيى منْ حيّ عن بيّ نةٍ} فالزم الادغام اذ صار في موضع يلزمه الفتح فصار مثل باب التضعيف. فاذا كان في موضع لا يلزمه الفتح لم يدغم نحو {ب قاد رٍ على أن يُحْي ي الْموْتى} الا ان تشاء ان تخفي وتكون في زنة متحرك لأنها لا تلزمه لأنك تقول {تُحْي ي} فتسكن في الرفع وتحذف في الجزم، فكل هذا يمنعه الادغام.

وقال بعضهم {منْ حي ي عنْ بيّ نةٍ} ولم يدغم اذا كان لا يدغمه في سائر ذلك . وهذا أقبح الوجهين لأنّ "حي ي" مثل "خش ي" لما صارت مثل غير التضعيف أجرى الياء الاخرة مثل ياء "خش ي". وتقول للجميع "قد حيُوا" كما تقول "قدْ خشُوا" ولا تدغم لأن ياء "خشُوا" تعتل ها هنا. و

قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد الثاني والعشرون بعد المئتين]:

وحيٍّ حس بْناهُمْ فوار س كهْمسٍ * حيُوا بعْدما ماتُوا من الدهْر أعْصُرا

وقد ثقّل بعضُهم وتركها على ما كانت عليه وذلك قبيح.

قال الشاعر: [من مجزوء الكامل وهو الشاهد الثالث والعشرون بعد المئتين]:

عيُّوا بأمْر ه مُ كما * عيّتْ ب بيْضت ها الحمامة

جعلتْ لهُ عُوديْن م نْ * نشمٍ وآخر من ثُمامهْ

 سورة ( الأنفال )

٥٠

وقال {ولوْ ترى إ ذْ يتوفّى الّذ ين كفرُواْ الْملائ كةُ يضْر بُون وُجُوههُمْ وأدْبارهُمْ وذُوقُواْ عذاب الْحر يق } [١٢٦ ء] فأضمر الخبر و اللّه اعلم. و

قال الشاعر: [من الخفيف وهو الشاهد الحادي والثلاثون بعد المئة]:

إ نْ يكُنْ ط بّك الدّلالُ فلوْف ي * سال ف الدّهْر والسنين الخوالي

يريد بقوله "فلو في سال ف الدهْر " [ان] يقول: "فلو كان في سالف الدهر لكان كذا وكذا" فحذف هذا الكلام كلّه.

٦١

وقال {وإ ن جنحُواْ ل لسّلْم فاجْنحْ لها} فأنث "السّلْم" وهو "الصُلْح" وهي لغة لأهل الحجاز ولغة العرب الكسر.

٦٢

وقال {فإ نّ حسْبك اللّه} لأنّ "حسبك" اسم.

 سورة ( الأنفال )

٧٢

وقال {ما لكُمْ مّ ن ولايت ه م مّ ن شيْءٍ} وهو في الولاء . وأمّا في السلطان فـ"الو لاية" ولا أعلم كسر الواو في الأخرى الا لغة.

٧٥

وقال {والّذ ين آمنُواْ م ن بعْدُ وهاجرُواْ وجاهدُواْ معكُمْ فأُوْلائ ك م نكُمْ} فجعل الخبر بالفاء كما تقول: "الذي يأْت يني فله د رْهمان" فتلحق الفاء لما صارت في معنى المجازاة.