[قال] {ك تابٌ أُنز ل إ ليْك} على الابتداء.
وقال {فلا يكُنْ ف ي صدْر ك حرجٌ مّ نْهُ} على النهي كما قال {ولا تعْدُ عيْناك عنْهُمْ} أي: "الحرجُ فلا يكُنْ في صدْر ك"، و"عيناك فلا تعْدُوا عنْهُم".
وقال{فلنسْألنّ الّذ ين أُرْس ل إ ليْه مْ} يقول [لنسْألنّ] القوم الذين بُع ث إ ليْه م وأُنذروا. {ولنسْألنّ الْمُرْسل ين}.
{فلنقُصّنّ} أدخل النون واللام لأن قوله {فلنسْألنّ} {ولنسْألنّ الْمُرْسل ين} على القسم.
سورة ( الأعراف )
وقال {وجعلْنا لكُمْ ف يها معاي ش} فالياء غير مهموزة وقد همز بعض القراء وهو رديء لأنها ليست بزائدة. [١١٥ ء] وإ نّما يُهْمز ما كان علىمثال "مفاع ل" اذا جاءت الياء زائدة في الواحد والألف والواو التي تكون الهمزة مكانها نحو "مدائ ن" لأنها "فعاي ل". ومن جعل "المدائ ن" من "دان" "يد ين" لم يهمز لأن الياء حينئذ من الأصل. وأما "قطائ ع" و"رسائ ل" و"عجائز " و"كبائر" فان هذا كله مهموز لأن واو "عجُوز" زائدة، الا ترى انك تقول: "عجز" والف "رسالة" زائدة [اذ] تقول "أرسلت" فتذهب الالف منها. وتقول في "كبيرة" "كبرت" فتذهب الياء منها. وأما "مصاي ب" فكان أصلها "مصاوب" لأن الياء اذا كانت اصلها الواو فجاءت في موضع لا بد من ان تحرك [فيه] قلبت الواو في ذلك الموضع اذا كان الأصل من الواو فلما قلبت صارت كأنها قد أفسدت حتى صارت كأنها الياء الزائدة فلذلك همزت ولم يكن القياس ان تهمز. وناس من العرب يقولون "المصاوب" وهي قياس.
وقال {ثُمّ صوّرْناكُمْ ثُمّ قُلْنا ل لْملائ كة } لأنّ "ثُمّ" في معنى الواو ويجوز ان يكون معناه {لآدم} كما تقول للقوم: "قدْ ضربْناكُم" وانما ضربت سيدهم.
وقال {ما منعك ألاّ تسْجُد} ومعناه: ما منعك أنْ تسجد، و{لا} ها هنا زائدة. و
قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد الرابع بعد المئتين]:
أبى جُودُهُ "لا" البُخْل واستعجلتْ ب ه * "نعمْ" م نْ فتىً لا يمْنع الجوع قاتله
[١١٥ ب] وفسرته العرب: أبى* جودُه البخل "وجعلوا {لا} زائدة حشوا ها هنا وصلوا بها الكلام. وزعم يونس ان أبا عمرو كان يجرّ "البخل" ولا يجعل "لا" مضافة اليه أراد: أبى جوده {لا} التي هي للبخل لأن {لا} قد تكون للجود والبخل. لأنه لو قال له: "إ مْنعْ الحقّ" او "لا تُعْط المساكين" فقال "لا" كان هذا جودا منه.
سورة ( الأعراف )
وقال {لأقْعُدنّ لهُمْ ص راطك الْمُسْتق يم} أي: على صراطك. وكما تقول: "توجّه مكّة" أي: إ لى مكة. و
قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد الخامس بعد المئتين]:
كأنّ ي إ ذْ أسْعى لأظْفر طائراً * مع النّجْم في جوّ السّماء يصُوبُ
يريد: لأظْفر بطائرٍ. فالقى الباء ومثله {أعج لْتُمْ أمْر ربّ كُمْ} يريد: عن امر ربكم.
وقال {اخْرُجْ م نْها مذْءُوماً مّدْحُوراً } لأنه من "الذأم " تقول: "ذأمْتُه" فـ"هُو مذْؤُومٌ" والوجه الآخر من "الذمّ ": "ذممْتُه" فـ"هو مذْمُومٌ" تقول: "ذأمْتُهُ" و"ذممْتُه" و"ذ مْتُه" كله في معنى واحد ومصدر: "ذ مْتُهُ" "الذّيْم".
وقال {ولّمن تب عك م نْهُمْ لأمْلأنّ جهنّم} فاللام الأولى للابتداء والثانية للقسم.
وقال {فوسْوس لهُما الشّيْطانُ} والمعنى: فوسوس اليهما الشيطان. ولكن العرب توصل بهذه الحروف كلها الفعل، ومنهم من تقول: "غر ضْتُ" في معنى: اشتقت اليه. وتفسيرها [١١٦ ء]: غر ضْتُ م نْ هؤلاء إ ليْه .
وقال {إ لاّ أنْ تكُونا ملكيْن } يقول: {ما نهاكُما إلاّ} كراهة {أن تكُونا} كما تقول: "إ ياك أنْ تفْعل" أي: كراهة أنْ تفْعل.
سورة ( الأعراف )
وقال {وطف قا}
وقال بعضُهم {وطفقا} فمن قال: "طفق" قال: "يطْف قُ" ومن قال "طف ق" قال "يطْفقُ".
وقال {يخْص فان } جعلها من "يخْتص فان " فادغم التاء في الصاد فسكنت وبقيت الخاء ساكنة فحركت الخاء بالكسر لاجتماع السكانين. ومنهم من يفتح الخاء ويحول عليها حركة التاء وهو كقوله {أمّن لاّ يه دّ ي}
وقال بعضهم {يه دّ ي الا ان يُهْدى}.
وقال {وإ ن لّمْ تغْف رْ لنا وترْحمْنا لنكُوننّ م ن الْخاس ر ين} فكأنه على القسم و اللّه أعلم كأنه قال: "و اللّه لنكُوننّ م ن الخاس ر ين إ نْ لمْ تغْف رْ لنا وترْحمْنا".
وقال {قدْ أنزلْنا عليْكُمْ ل باساً يُوار ي سوْءات كُمْ ور يشاً ول باسُ التّقْوى ذلك خيْرٌ} فرفع قوله {ول باسُ التّقْوى} على الابتداء وجعل خبره في قوله {ذلك خيْرٌ} وقد نصب بعضهم {ول باس التّقْوى} وقرأ بعضهم {ور يشاً} وبها نقرأ وكلُّ حسنٌ ومعناه واحد.
سورة ( الأعراف )
وقال {وفر يقاً حقّ عليْه مُ الضّلالةُ} فذكّر الفعل لما فصل كما قال {لا يُؤْخذُ م نكُمْ ف دْيةٌ}.
وقال {يابن ي آدم إ مّا يأْت ينّكُمْ رُسُلٌ مّ نكُمْ يقُصُّون عليْكُمْ آيات ي فمن اتّقى [١١٦ ب] وأصْلح فلا خوْفٌ عليْه مْ} كان كأنّهُ قال فأط يعُوهُم.
وقال {حتّى يل ج الْجملُ ف ي سمّ الْخ ياط } من"ولج" "يل جُ" "وُلُوجاً".
سورة ( الأعراف )
وقال {لهُمْ مّ ن جهنّم م هادٌ وم ن فوْق ه مْ غواشٍ} فانما انكسر قوله (غواشٍ) لأن هذه الشين في موضع عين "فواع ل" فهي مكسورة. وأما موضع اللام منه فالياء، والياء والواو اذا كانت بعد كسرة وهما في موضع تحرك برفع أو جرّ صارتا ياء ساكنة في الرفع وانجرّ ونصبا في النصب. فلما صارتا ياء ساكنة وأدخلت عليها التنوين وهوساكن ذهبت الياء لاجتماع الساكنين.
وقال {ونزعْنا ما ف ي صُدُور ه م مّ نْ غ لٍّ} وهو ما يكون في الصدور، وأما الذي يُغلُّ به الموثق فهو "الغُلُّ".
وقال {الْحمْدُ للّه الّذ ي هدانا ل هاذا} كما قال {اللّه يهْد ي ل لْحقّ } وتقول العرب: "هو لا يهتد ي لهذا" أي: لا يعرفه. وتقول: "هديْتُ العروس إ لى بعْل ها". وتقول أيضاً: أهْديْتُها إليْه" و"هُد يتْ لهُ" وتقول: "أهْديْتُ لهُ هد يّةً". وبنو تميم يقولون "هديْت العروس إ لى زوْج ها" جعلوه في معنى "دللْتُها" وقيس تقول: "أهْديْتُها" جعلوها بمنزلة الهدية.
وقال {ونُودُواْ أن ت لْكُمُ الْجنّةُ} و{أن لّعْنةُ اللّه على الظّال م ين} وقال في موضع آخر {أن الْحمْدُ للّه} و{أن قدْ وجدْنا ما وعدنا ربُّنا حقّاً} فهذه "أنّ" الثقيلة خُفّ فتْ وأُضْم ر فيها [و] ولا يستقيم أن تجعلها الخفيفة [١١٧ ء] لأن بعدها اسما. والخفيفة لا يليها الأسماء. و
قال الشاعر: [من البسيط وهو الشاهد السادس بعد المئتين]:
ف ي ف تْيةٍ كسُيوف اله نْد قدْ عل مُوا * أنْ هال كٌ كُلُّ منْ يخْفى وينْتع ل
و
قال الشاعر: [من الوافر وهو الشاهد السابع بعد المئتين]:
أُكاش رُهُ واعْلمُ أنْ ك لانا * على ما ساء صاح بهُ حريصُ
فمعناه: أنْهُ ك لانا. وتكون {أن قدْ وجدْنا} في معنى: "أي".
وقوله {أنْ أف يضُواْ عليْنا م ن الْمآء } تكون "أيْ أف يضوا" وتكون على "أنْ" التي تعمل في الأفعال لأنك تقول: "غاظني أنْ قام" و"غاظن ي أنْ ذهب" فتقع على الأفعال وان كانت لا تعمل فيها وفي كتاب اللّه {وانطلق الْملأُ م نْهُمْ أن امْشُواْ} معناها: أي امْشُوا.
سورة ( الأعراف )
وقال {فهل لّنا م ن شُفعآء فيشْفعُواْ لنآ أوْ نُردُّ فنعْمل غيْر الّذ ي كُنّا نعْملُ} فنصب ما بعد الفاء لأنه جواب استفهام.
وقال {والشّمْس والْقمر والنُّجُوم مُسخّراتٍ ب أمْر ه } عطف على قوله {خلق السماوات والأرْض} وخلق {الشمْس والقمر}.
وقال {إ نّ رحْمت اللّه قر يبٌ مّ ن الْمُحْس ن ين} فذكّر {قر يب} وهي صفة "الرحمة" وذلك كقول العرب "ر يحٌ خريقٌ" و"م لْحفةٌ جديدٌ" و"شاةٌ سد يسٌ". وان شئت قلت: تفسير "الرحمة" ها هنا: المطر، ونحوه. فلذلك ذكر. كما قال {وإ ن كان [١١٧ ب] طآئ فةٌ مّ نكُمْ آمنُواْ} فذكر لأنه أراد "الناس". وان شئت جعلته كبعض ما يذكرون من المؤنث كقول الشاعر: [من المتقارب وهو الشاهد الحادي والثلاثون]:
[فلا م زْنةٌ ودقتْ ودْقها] * ولا أرْضُ* أبْقل إ بْقالها
سورة ( الأعراف )
وقال {وهُو الّذ ي يُرْس لُ الرّ ياح بُشْراً بيْن يديْ رحْمت ه } لأنّها جماعة "النشُور" وتقول: "ر يحٌ نشُور" و"رياحٌ نُشُر".
وقال بعضهم "نشْرا" من "نشرها" "نشْراً".
وقال في أول هذه السورة {ك تابٌ أُنز ل إ ليْك} [٢] {ل تُنذ ر ب ه } [٢] {فلا يكُنْ ف ي صدْر ك حرجٌ مّ نْهُ} [٢] هكذا تأويلها على التقديم والتأخير. وفي كتاب اللّه مثل ذلك كثير قال {اذْهب بّ ك تاب ي هذافألْق هْ إ ليْه مْ ثُمّ تولّ عنْهُمْ فانْظُرْ ماذا يرْج عُون} والمعنى - و اللّه أعلم - {فانْظُرْ ماذا يرْج عُون} {ثُمّ تولّ عنْهُمْ} وفي كتاب اللّه {ومآ أرْسلْنا م ن قبْل ك إ لاّ ر جالاً نُّوح ي إ ليْه مْ فاسْألُواْ أهْل الذّ كْر إ ن كُنْتُم لا تعْلمُون [٤٣] ب الْبيّ نات والزُّبُر } والمعنى - و اللّه أعلم - {ومآ أرْسلْنا م ن قبْل ك إ لاّ ر جالاً نُّوح ي إ ليْه مْ} {ب الْبيّ نات والزُّبُر } {فاسْألُواْ أهْل الذّ كْر } {إ ن كُنْتُم لا تعْلمُون} وفي "حم المؤمن" {فلمّا جآءتْهُمْ رُسُلُهُم ب الْبيّ نات فر حُواْ ب ما ع ندهُمْ مّ ن الْع لْم } والمعنى - و اللّه أعلم - {فلمّا جآءتْهُمْ رُسُلُهُم ب الْبيّ نات } {مّ ن الْع لْم } {فر حُواْ ب ما ع ندهُمْ}.
وقال بعضهم {فر حُوا ب ما} هو {ع نْدهُم م ن ال علْم} أي: كان عندهم العلم وهو جهل ومثل هذا [١١٨ ء] في كلام العرب وفي الشعر كثير في التقديم والتأخير. يكتب الرجل: "أمّا بعْدُ حف ظك اللّه وعافاك فإ نّي كتبْتُ إ ليْك" فقوله "فإ نّ ي" محمول على "أمّا بعْدُ" [و] انما هو "أمّا بعْدُ فإ نّي" وبينهما كما ترى كلام.
قال الشاعر: [من الكامل وهو الشاهد الثامن بعد المئتين]:
خيْرٌ م ن القوْم العُصاة أم يرهُم * يا قومُ فاستحْيُوا الن ساءُ الجُلّسُ
والمعنى: خيرٌ م ن القوْم العصاة أميرهُم النّ ساءُ الجُلّسُ يا قومُ فاسْتحْيُوا. قال الآخر: [من البسيط وهو الشاهد التاسع بعد المئتين]:
الشّمْشُ طال عةٌ ليْستْ ب كاس فةٍ * تبْك ي عليك نُجُوم اللّيْل والقمرا
ومعناه: الشمسُ طالعةٌ لمْ تكس فْ نُجُوم الليل والقمرا ل حُزْن ها على "عُمر". وذلك أن الشمس كلما طلعت كسفت القمر والنجوم فلم تترك* لها ضوءا.
ومن معاني القرآن قول اللّه عزّ وجل {ولا تنك حُواْ ما نكح آباؤُكُمْ مّ ن النّ سآء إ لاّ ما قدْ سلف} فليس المعنى: إ نْك حوا ما قدْ سلف. وهذا لا يجوز في الكلام والمعنى - و اللّه أعلم - "لا تنْك حُوا ما نكح آباؤُكُم من النساء فإ نّكُمْ تُعذّبُون ب ه إ لاّ ما قد سلف فقد وضعه اللّه عنكم" وكذلك قوله {حُرّ متْ عليْكُمْ أُمّهاتُكُمْ وبناتُكُمْ} ثم قال {وأن تجْمعُواْ بيْن الاخْتيْن إلاّ ما قدْ سلف} والمعنى - و اللّه أعلم - أنّكُمْ تؤخذون بذلك إ لاّ ما قد سلف فقد وضعه اللّه عنكم.
[١١٨ ب]
وقوله {ألمْ تر إ لى الّذ ي حآجّ إ بْراه يم ف ي ر بّ ه } ثم قال {أوْ كالّذ ي مرّ على قرْيةٍ} فـ"الكاف" تزاد في الكلام. والمعنى: ألم تر إ لى الذي حاجّ ابراهيم في ربّ ه أوْ الذي مرّ على قرْيةٍ. ومثلها في القرآن {ليْس كم ثْل ه شيْءٌ} والمعنى: ليس مثله شيء. لأنه ليس للّه مثل. و
قال الشاعر: [من الرجز وهو الشاهد العاشر بعد المئتين]:
* فصُيّ رُوا مثل كعصْفٍ مأْكُول *
والمعنى: صُيّ رُوا مثل عصْفٍ، والكاف زائدة. وقال الآخر: [الرجز وهو الشاهد الحادي عشر بعد المئتين]:
* وصال باتٍ ككما يُؤثْف ين *
احدى الكافين زائدة.
وقوله: {بدّلْناهُمْ جُلُوداً غيْرها} يعني غيرها في النضج، لأنّ اللّه عز وجل يجددها فيكون أشد للعذاب عليهم. وهي تلك الجلود بعينها التي عصت اللّه تعالى ولكن أذهب عنها النضج، كما يقول الرجل للرجل: "أنت اليوم غيرُك أمْس " وهو ذلك بعينه الا انه نقص منه شيء أو زاد فيه. وفي كتاب اللّه عز وجل {ولوْ رُدُّواْ لعادُواْ ل ما نُهُواْ عنْهُ وإ نّهُمْ لكاذ بُون} فيسأل السائل فيقول كيف كانوا كاذبين ولم يعودوا بعد. [و] انما يكونون كاذبين إ ذا عادوا. وقد قلتم إنه لا يقال له كافر قبل ان يكفر اذا علم أنه كافر. وهذا يجوز أن يكون [١١٩ ء] أنّهُم الكاذبون بعد اليوم كما يقول الرجل: "أنا قائ مٌ" وهو قاعد يريد "إ ني سأقوم" أو يقول {إ نّهم لكاذ بُون} يعني ما وافوا به القيامة من كذبهم وكفرهم لأن الذين دخلوا النار كانوا كاذبين كافرين.
وقوله {وُجُوهٌ يوْمئ ذٍ نّاض رةٌ [٢٢] إ لى ربّ ها ناظ رةٌ} يقول "تنظر في رزقها وما يأتيها من اللّه" كما يقول الرجل: "ما أنْظُرُ إ لاّ إ ليك" ولو كان نظر البصر كما يقول بعض الناس كان في الآية التي بعدها بيان ذلك . الا ترى انه قال {ووُجُوهٌ يوْمئ ذٍ باس رةٌ [٢٤] تظُنُّ أن يُفْعل ب ها فاق رةٌ} ولم يقل: "وُوُجُوهٌ لا تنْظُر ولا ترى"
وقوله {تظُنُّ أن يُفْعل ب ها فاق رةٌ} يدلّ "الظن" ها هنا على ان النظر ثم الثقة باللّه وحسن اليقين ولا يدل على ماقالوا. وكيف يكون ذلك و اللّه يقول {لاّ تُدْر كُهُ الأبْصارُ وهُو يُدْر كُ الأبْصار}
وقوله {وما تشآءُون إ لاّ أن يشآء اللّه} يعني ما تشاؤون من الخير شيئاً إ لاّ أنْ يشاء اللّه أنْ تشاؤوه.
وقوله {إ ذآ أخْرج يدهُ لمْ يكدْ يراها} حمل على المعنى وذلك انه لا يراها وذلك انك اذا قلت: "كاد يفعل إنما. تعني قارب الفعل ولم يفعل فإذا قلت "لم يكد يفعل" كان المعنى أنه لم يقارب الفعل ولم يفعل على صحة الكلام [١١٩ ب] وهكذا معنى هذه الآية. إ لاّ أنّ اللُّغة قد أجازتْ: "لمْ يكدْ يفْعلُ" في معنى: فعل بعد شدة، وليس هذا صحة الكلام [لـ] انه اذا قال: "كاد يفعل" فانما يعني: قارب الفعل. واذا قال: "لم يكد يفعل" يقول: "لم يقارب الفعل" إ لا أنّ اللغة جاءت على ما فسرت لك وليس هو على صحة الكلمة.
وقال {أو عج بْتُمْ أن جآءكُمْ ذ كْرٌ مّ ن رّبّ كُمْ} كأنه قال: "صنعوا كذا وكذا وعجبوا" فقال "صنعتم كذا وكذا أوعج بْتُمْ" فهذه واو العطف دخلت عليها ألف الاستفهام.
وقال {وإ لى عادٍ أخاهُمْ هُوداً} {وإ لى ثمُود أخاهُمْ صال حاً} [٧٣] فكل هذا - و اللّه أعلم - نصبه على الكلام الأول على قوله {لقدْ أرْسلْنا نُوحاً إ لى قوْم ه } [٥٩] وكذلك {لُوطاً} [٨٠]،
وقال بعضهم: "واذْكُرْ لُوطاً". وانما يجيء هذا النصب على هذين الوجهين، او يجيء على ان يكون الفعل قد عمل فيما قبله وقد سقط بعده فعل على شيء من سببه فيضمر له فعلا. فانما يكون على احد هذه الثلاثة وهو في القرآن كثير.
وقال {خلائ ف الأرْض }
وقال {خُلفآء} [٦٩] وكل جائز وهو جماعة "الخليفة".
سورة ( الأعراف )
وقال {وزادكُمْ ف ي الْخلْق بسْطةً} أي: انْب ساطاً. وهو في موضع آخر {بسْطةً ف ي الْع لْم والْج سْم } وهو [١٢٠ ء] مثل الأول.
وقال {فذرُوها تأْكُلْ ف ي أرْض اللّه} جزم اذا جعلتهُ جوابا ورفع اذا أردت "فذرُوها آك لةً"
وقال {وأْمُرْ قوْمك يأْخُذُواْ ب أحْسن ها}
وقال {قُل لّ لّذ ين آمنُواْ يغْف رُواْ ل لّذ ين} و{فذرْهُمْ يخُوضُواْ ويلْعبُواْ} فصار جواباً في اللفظ وليس كذلك في المعنى.
وقال {فأوْفُواْ الْكيْل والْم يزان}.
سورة ( الأعراف )
ثم قال {ولا تقْعُدُواْ ب كُلّ ص راطٍ تُوع دُون} تقول: "هُمْ ف ي البصْرة " و"ب البصْرة " و"قعدْتُ لهُ في الطّريق" و"ب الطّريق".
وقال {كأن لّمْ يغْنوْاْ ف يها} وهي من "غن يت" "تغْنى" "غ نى".
وقال {أو أم ن أهْلُ الْقُرى} فهذه الواو للعطف دخلت عليها الف الاستفهام.
سورة ( الأعراف )
وقال {أولمْ يهْد ل لّذ ين ير ثُون الأرْض م ن بعْد أهْل هآ} يقول: "أولم يتبيّنْ لهُم" وقال بعهضم {نهْد } بالنون أي: أولم نُبيّنْ لهم {أن لّوْ نشآءُ أصبْناهُمْ ب ذُنُوب ه مْ}.
وقال {نقُصُّ عليْك م نْ أنبآئ ها} صيّر "م نْ" زائدة واراد "قصصْنا" كما تقول "هل لك في ذا" وتحذف "حاجة".
وقال {فما كانُواْ ل يُؤْم نُواْ ب ما كذّبُواْ م ن قبْلُ} فقوله {بما كذبو} و اللّه أعلم يقول: "ب تكْذ يب ه م" جعل - و اللّه أعلم - {ما كذّبُوا} اسما للفعل والمعنى: "لمْ يكُونُوا ل يُؤْم نُوا بالتكذيب" أي لا نسميهم بالايمان [١٢٠ ب] بالتكذيب.
وقال {حق يقٌ على أنْ لاّ أقُول على اللّه إ لاّ الْحقّ}
وقال بعضهم {على أنْ لا أقُول} والأُولى أحسنهما عندنا، أراد: واجبٌ علي أنْ لا أقول. والأخرى: أنا حقيقٌ علي أنْ لا أقول على اللّه. ويريد: ب أنْ لا أقول على اللّه. كما قال: {ب كُلّ ص راطٍ تُوع دُون} في معنى "على كُلّ ص راطٍ تُوع دُون".
سورة ( الأعراف )
وقال {أرْج هْ وأخاهُ}
وقال {تُرْج ي من تشآءُ م نْهُنّ} لأنه من "أرْجأْتُ" وقد قرئت {أرْج ه وأخاه} خفيفة بغير همزة وبها نقرأ و{تُرْج ي من تشآءُ} وهي لغة تقول: "أرْجيْتُ" وبعض العرب تقول: "أخْطيْتُ" و"توضّيْتُ" لا يهمزون.
وقال {وما تنق مُ م نّآ}
وقال بعضهم {وما تنْقمُ م نّا} وهما لغتان "نقم" "ينْق مُ" و"نق م" "ينْقمُ" وبها نقرأ. أي بالأولى.
وقال {وقالُواْ مهْما تأْت نا ب ه م ن آيةٍ} لأن {مهْما} من حروف المجازاة وجوابها {فما نحْنُ}.
سورة ( الأعراف )
وقال {الطُّوفان} فواحدتها في القياس "الطُوفانة".
قال الشاعر: [من الرمل وهو الشاهد الثاني عشر بعد المئتين]:
* غيْر الج دّة م نْ آيات ها خُرُقُ الرّ يح وطُوفانُ المطر *
[١٢١ ء] وهي من "طاف" "يطُوفُ".
وقال {وما كانُواْ يعْر شُون} و"يعْرُشون" لغتان وكذلك {نبْط شُ} و"نبْطُشُ" و"يحْشُرُ" و{يحش رُ}، و{يعكُفُ} و{يعك فُ}، و{ينفُرُ} و{ينف رُ}.
وقال {جعلهُ دكّاً} لأنّهُ حين قال {جعله} كان كأنه قال "دكّهُ" ويقال {دكّاء} واذا أراد ذا فـ[قد] أُجْر ي مُجْرى {وسْئل الْقرْية} لأنه يقال: "ناقةٌ دكّاءُ" اذا ذهب سنامها.
وقال {فلمّا تجلّى ربُّهُ ل لْجبل } يقول "تجلّى أمْرُهُ" نحو ما يقول الناس: "برز فُلانٌ لفُلانٍ" وإ نّما برز جُنْدُه.
وأمّا قولُه {ربّ أر ن ي أنظُرْ إ ليْك} فانما اراد علما لا يدرك مثله إ لاّ في الآخرة فأعْلم اللّه موسى ان ذلك لا يكون في الدنيا. وقرأها بعضهم {دكّاء} جعله "فعْلاء" وهذا لا يشبه أن يكون. وهو في كلام العرب: "ناقةٌ دكّاءُ" أي: ليس لها سنام. والجبل مذكر الا أن يكون "جعلهُ م ثْل دكّاء" وحذف "م ثْل".
سورة ( الأعراف )
وقال {م نْ حُل يّ ه مْ}
وقال بعضهم {ح ل يّ ه م} و{حلْي ه م} {ع جْلاً جسداً لّهُ خُوارٌ}
وقال بعضهم {جُوْارٌ} وكلٌّ من لغات العرب.
وأمّا قوله {م نْ حُل يّ ه مْ} بضم الحاء فانه "فُعول" وهي جماعة "الحلْي " ومن قال {ح ل يّ ه م} في اللغة الأخرى [فـ] لمكان الياء كما قالوا: "ق س يّ" و"ع ص يّ".
وقال {ولمّا سُق ط في أيْد يه مْ}
وقال بعضهم {سقط} وكل جائز والعرب تقول: "سُق ط في يديه" و{أُسْق ط في أيْد يه م}.
وقال {ابْن أُمّ إ نّ الْقوْم}. وذلك - و اللّه أعلم - أنه جعله اسما واحدا مثل قولهم "ابْن عمّ أقْب لْ" وهذا لا يقاس عليه [١٢١ ب].
وقال بعضهم {يا ابن أُمي لا تأْخُذ} وهو القياس ولكن الكتاب ليست فيه ياء فلذلك كره هذا. و
قال الشاعر: [من الخفيف وهو الشاهد الثالث عشر بعد المئتين]:
يا ابْن أُميّ ولوْ شه دْتُك إ ذْ تدْ * عو تم يماً وأنْت غيْر مُجاب
وقال بعضهم {ياابْن أُمّ }، فجعله على لغة الذين يقولون هذا غلام قد جاء "أو جعله اسما واحدا آخره مكسور" مثل "خاز باز ".
وقال {وكادُواْ يقْتُلُونن ي} فثبتت فيه نونان واحدة للفعل والأخرى للاسم المضمر وانما ثبتت في الفعل لأنه رفع، ورفع الفعل اذا كان للجميع والاثنين بثبات النون الا ان نون الجميع مفتوحة ونون الاثنين مكسورة وقد قال {أتع دان ن ي أنْ أُخْرج} وقد يجوز في هذا الادغام والاخفاء.
سورة ( الأعراف )
وقال {ولماّ سكت عن مُّوسى الْغضبُ}
وقال بعضهم {سكن} إ لاّ أنّها ليست على الكتاب فتقرأ {سكت} وكلٌّ من كلام العرب.
وقال {لّ لّذ ين هُمْ ل ربّ ه مْ يرْهبُون} كما قال {إ ن كُنتُمْ ل لرُّؤْيا تعْبُرُون} أوصل الفعل باللام.
وقال بعضهم {م نْ أجْل ربّ ه م يرْهبُون}.
وقال {واخْتار مُوسى قوْمهُ سبْع ين رجُلاً} أيْ: اخْتار م نْ قوْم ه ، فلما نزع "م نْ" عمل الفعل. و
قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد الرابع عشر]:
م نا الذي اخْت ير الرجال سماحةً * وجْوداً إ ذا هبّ الرّ ياحُ الزعاز عُ
وقال آخر: [من البسيط وهو الشاهد الخامس عشر]:
[١٢٢ ء] أمرْتُك الخيْر فافْعلْ ما أُم رْت ب ه * فقدْ تركْتُك ذا مالٍ وذا نشب
وقال النابعة: [من الكامل وهو الشاهد السادس عشر]:
نُبّ ئْتُ زُرْعة والسفاهةُ كاسْم ها * يُهْد ي إ ليّ أواب د الأشْعار
وقال {ورحْمت ي وس عتْ كُلّ شيْءٍ} أي: وسعت كل من يدخل فيها لا تعجز عن من دخل فيها، أو يكون يعني الرحمة التي قسمها بين الخلائق يعطف بها بضعهم على بعض حتى عطف البهيمة على ولدها.
سورة ( الأعراف )
وقال {اثْنتيْ عشْرة أسْباطاً} أراد اثنتي عشرة فرقة ثم أخبر أن الفرق أسباط ولم يجعل العدد على الأسباط.
وقال {مّ نْهُمُ الصّال حُون وم نْهُمْ دُون ذال ك} لا نعلم أحدا يقرؤها إ لاّ نصبا.
وقال {فخلف م ن بعْد ه مْ خلْفٌ} اذا قلت "خلفُ سوءٍ" و"خلفُ ص دْقٍ" فهما سواء. و"الخلْفُ" انما يريد به الذي بعد ما مضى خلفاً كان منْهُ أوْ لمْ يكن خلفاً إنّما يكون يعني به القرن الذي يكون بعد القرن و"الخلفُ" الذي هو بدل مما كان قبله قد قام مقامه واغنى غناه. تقول: "أصبْتُ م نْك خلفا".
وقال {يأْخُذُون عرض هذاالأدْنى} فأضاف "العرض" إلى "هذا" وفسر "هذا" بـ"الأدْنى" وكل شيء فهو عرْضٌ سوى الدراهم والدنانير فانها عيْنٌ. وما كان غير ذلك فهو عرْضٌ واما "العرضُ" فهو كل شيء عرض لك تقول: "قد عرض له بعدي عرُضٌ" أي: "أصابتْهُ بل يّةٌ وشرّ" وتقول: [١٢٢ ب] "هذا عُرْضةٌ للشرّ " و"عُرْضةٌ للخيْر" كلُّ هذا تقوله العرب.
وقال {ولا تجْعلُواْ اللّه عُرْضةً لأيْمان كُمْ} وتقول: "أعْرض لك الخيرُ" و"عرض لك الخيْرُ" و
قال الشاعر: [من الكامل وهو الشاهد السابع عشر بعد المئتين]:
أعْر فنّك مُعْر ضاً ل ر ماح نا * في جُفّ تُغْل ب وارد الأمْرار
و"العار ضُ" من السحاب: ما استقبلك وهو قول اللّه عز وجل {فلمّا رأوْهُ عار ضاً} وأما "الحب يُّ": فما كان من كل ناحية وتقول: "خُذُوهْ من عُرْض الناس" أي: مما ول يك منهم، وكذلك "اضرب به عُرْض الحائط" أي: ما ول يك منه وأما "العرْضُ" و"الطول" فانه ساكن. وأما قوله [من الطويل وهو الشاهد الثامن عشر بعد المئتين]:
[لهُنّ عليْه مْ عادةٌ قدْ عرفْنها] * إ ذا عرضُوا الخطّ يّ فوْق الكواث ب
وأعرضوا فهذا لأن*: عرض عرْضاً. و: "عرضْتُ عليْه المنْز ل عرْضاً" و"عرض ل ي أمْرٌ عرْضاً" هذا مصدره. و"العرضُ من الخيْر والشرّ ": ما أصبت عرضاً من الدنيا فانتفعت به تعني به الخير. و"عرض لك عرضُ سوْءٍ".
سورة ( الأعراف )
وقال {ولكنّهُ أخْلد إ لى الأرْض } ولا نعلم أحدا يقول {خلد}.
وقوله {أخْلد} أي: لجأ إليْها.
وقال {سآء مثلاً الْقوْمُ} فجعل "القومُ" هم "المثل" في اللفظ وأراد: مثلُ القوم ، فحذف كما قال "واسْأل القرْية".
وقال {ولقدْ ذرأْنا ل جهنّم} تقول: "ذرأ" "يذْرأُ" "ذرْءاً".
سورة ( الأعراف )
وقال {وذرُواْ الّذ ين يُلْح دُون ف ي أسْمآئ ه }
وقال بعْضُهُم {يُلْحدُون} جعله من "لحد" [١٢٣ ء] "يلْحدُ" وهي لغة. وقال في موضع آخر {لّ سانُ الّذ ي يُلْح دُون} و{يلْحدُون} وهما لغتان و{يُلْحدُون} أكثر وبها نقرأ ويقوّيها {ومن يُر دْ ف يه ب إ لْحادٍ ب ظُلْمٍ}.
وقال {حملتْ حمْلاً خف يفاً} لأنّ "الحمْل" ما كان في الجوْف و"الح مْل" ما كان على الظهر.
وقال {وتضعُ كُلُّ ذات حمْلٍ حمْلها} واما قوله {أثْقلتْ} فيقول: "صارت ذات ث قلٍ" كما تقول "أتْمرْنا" أيْ: "ص رْنا ذو ي تمْرٍ" و"ألْبنّا" [أي: صرنا ذوي لبن] و"أعْشبت الأرْضُ" و"أكْمأتْ" وقرأ بعضهم {فلمّا أُثْق لتْ}.
وقال {جعلا لهُ شُركآء ف يمآ آتاهُما}
وقال بعضهم {ش رْكاً} لأنّ "الش رْك" انما هو: "الش رْكةُ" وكان ينبغي في قول من قال هذا ان يقول "فجعلا لغير ه ش رْكاً فيما آتاهما".
سورة ( الأعراف )
وقال {إ ذا مسّهُمْ طائ فٌ مّ ن الشّيْطان } و{الطيْفُ} أكْثرُ في كلام العرب و
قال الشاعر: [من المتقارب وهو الشاهد التاسع عشر بعد المئتين]:
ألا يا لقوْمٍ ل طيْف الخيال * أرّق م نْ ناز حٍ ذ ي دلال
ونقرؤها {طائ ف} لأنّ عامة القراء عليها.
وقال {ب الْغُدُوّ والآصال } وتفسيرها "بالغدوات " كما تقول: "آتيك طلوع الشمْس " أي: في [١٢٣ ب] وقت طلوع الشمس كما قال {ب الْعش يّ والإ بْكار } وهو مثل "آتيك في الصّباح وب المساء " وأما {الآصال} فواحدها: "أصيلٌ" مثل: "الأشْرار" واحدها: "الشر ير" و"الأيْمانُ" واحدتها: "اليم ينُ".