سُورَةُ النِّسَاءِ مَدَنِيَّةٌ

وَهِيَ مِائَةٌ وَسِتٌّ وَسَبْعُونَ آيَةً

١

قال تعالى {تسآءلُون ب ه } خفيفة لأنها من تساؤلهم فانههم "يتساءلُون" فحذف التاء الأخيرة، وذلك كثير في كلام العرب نحو {تكلّمُون} وان شئت ثقلّت فادغمت.

قال اللّه تعالى {والأرْحام} منصوبة أي: اتقوا الأرْحام.

وقال بعضهم {والأرْحام } جرّ. والأوّلُ أحسن لأنك لا تجري الظاهر المجرور على المضمر المجرور.

و [قال تعالى {إ نّ اللّه كان عليْكُمْ رق يباً}] تقول من "الرقيب": "رقب" "يرْقُبُ" "رقْباً" و"رقُوبا".

٢

قال {ولا تأْكُلُواْ أمْوالهُمْ إ لى أمْوال كُمْ} أي: "مع أمْوالكُم" {إ نّهُ كان حُوْباً كب يرا} يقول: "أكْلُها كان حُوباً كبيراً".

٣

قال {وإ نْ خ فْتُمْ ألاّ تُقْس طُواْ ف ي الْيتامى} لأنه من "أقْسط" "يُقْس طُ". و"الإ قْساطُ": العدْل. واما "قسط" فإنّه "جار" قال {وأمّا الْقاس طُون فكانُواْ ل جهنّم حطباً} فـ"أقْسط": عدل و"قسط": جار. قال {وأقْس طُواْ إ نّ اللّه يُح بُّ الْمُقْس ط ين}.

قال {مثْنى وثُلاث ورُباع فإ نْ خ فْتُمْ ألاّ تعْد لُواْ [٩٢ب] فواح دةً} يقول: "فانك حوا واحدة {أوْ ما ملكتْ أيْمانُكُمْ} . أي: انكحوا ما ملكت ايمانكم. وأما ترك الصرف في {مثْنى وثُلاث ورُباع} فانه عدل عن "اثنين" و"ثلاثٍ" و"أربعٍ" كما انه من عدل "عُمر" عن "عام ر" لم يصرف. وقال تعالى {أُوْل ي أجْن حةٍ مّثْنى وثُلاث ورُباع} فنصب.

وقال {أن تقُومُواْ للّه مثْنى وفُرادى} فهو معدول كذلك ، ولو سميت به صرفت لأنه اذا كان اسما فليس في معنى "اثنين" و"ثلاثة" و"أربعة". كما قال "نزال " حين كان في معنى "انز لوا" واذا سميت به رفعته.

قال الشاعر: [من الوافر وهو الشاهد الثاني والستون بعد المئة]:

أحمّ اللّه ذل ك م نْ ل قاءٍ * أُحاد أُساد في شهْرٍ حلال

وقال [من الطويل وهو الشاهد الثالث والستون بعد المئة]:

ولك نّما أهْل ي ب وادٍ أن يسُه * ذ ئابٌ تبغّى الناس مثْنى ومْوحدا

وقال تعالى {فانك حُواْ ما طاب لكُمْ مّ ن النّ سآء } يقول: "ل ينْك ح كُلٌّ واحدٍ منكُمْ كلّ واحدةٍ من هذه الع دّة" كما قال تعالى {فاجْل دُوهُمْ ثمان ين جلْدةً} يقول: "فاجْلُدُوا كلّ واحدٍ منهم".

 سورة ( النساء )

٤

قال {وآتُواْ النّ سآء صدُقات ه نّ ن حْلةً} وواحد "الصّدُقات ": صدُقة وبنو عميم [تقول]: "صُدْقة" ساكنة الدال مضمومة الصاد.

وقال {فإ ن ط بْن لكُمْ عن شيْءٍ مّ نْهُ نفْساً} فقد يجري الواحد مجرى الجماعة لأنه انما اراد "الهوى" و"الهوى" يكون جماعة.

قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد الرابع والستون بعد المئة]:

[٩٣ء] ب ها ج يفُ الحسْرى فأمّا ع ظامُها * فب يضٌ وأمّا ج لْدُها فصليبُ

وأما "هن يءٌ مريءُ" فتقول: "هنُؤ هذا الطعام ومرؤ" و"هن ىء ومر ىء" كما تقول: "فق ه" و"فقُه" يكسرون القاف ويضمونها. وتقول: "هنأن ي" و"هنئ تُهُ" و"استمرأته".

٦

 [وقال]** {فإ نْ آنسْتُمْ مّ نْهُمْ رُشْداً}

وقال {آنسْتُمْ} ممدودة. تقول: "آنسْتُ منهُ رُشْداً وخيراً" و{آنسْتُ نارا} مثلها ممدودة وتقول: "أن سْتُ بالرّجُل " "أُنْساً" فالف "أن سْتُ" مقصورة وألف "أُنْساً" مضمومة*. ويقال "أنسا".

وقال {إ سْرافاً وب داراً أن يكْبرُواْ} يقول لا تأكُلُوها مبادرة أنْ يشُبُّوا.

٧

قال {لّ لرّ جال نصي بٌ مّ مّا ترك الْوال دان } الى قوله {نص يباً مّفْرُوضاً} فانتصابه كانتصاب {ك تاباً مُّؤجّلاً}.

 سورة ( النساء )

٨

قال {وإ ذا حضر الْق سْمة أُوْلُواْ الْقُرْبى والْيتامى والْمساك ينُ} ثم قال {فارْزُقُوهُمْ مّ نْهُ} لأن معناه المال والميراث فذكّر على ذلك المعنى.

٩

قال {ولْيخْش الّذ ين لوْ تركُواْ م نْ خلْف ه مْ ذُرّ يّةً} لأنه يريد "وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية يخافون عليهم" مثل ما يركون منهم من ذرية غيرهم. اي: فلا يفْعلُن ذلك حتى لا يفعله بهم غيرهم؛ "فليخشوا" أي: "فلْيخْشوْا هذا" أي: فلْيتّقُوا. ثم عاد أيضاً فقال: "فلْيتّقُوا اللّه".

١٠

 [و] قال {سيصْلوْن سع يراً} فالياء تفتح وتضم ها هنا وكل صواب.

وقوله {ف ي بُطُون ه مْ} [٩٣ب] توكيد.

 سورة ( النساء )

١١

قال {يُوص يكُمُ اللّه ف ي أوْلاد كُمْ ل لذّكر م ثْلُ حظّ الأُنْثييْن } فالمثل مرفوع على الابتداء وانما هو تفسير الوصية كما قال {وعد اللّه الّذ ين آمنُواْ وعم لُواْ الصّال حات لهُم مّغْف رةٌ وأجْرٌ عظ يمٌ} فسر الوعد يقول: "هكذا وعدهُمْ" أي: قال "لهُمْ مغْف رةٌ".

قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد الخامس والستون بعد المئة]:

عش يّة ما ودّ ابْنُ غرّاء أْمُّهُ * لها م نْ س وانا إذْ دعا أبوان

قال {فإ ن كُنّ ن ساءً} فترك الكلام الأول وقال "إذا كان المتروكات نساءً" نصب وكذلك {وإ ن كانتْ واح دةً}.

وقال {ولأبويْه ل كُلّ واح دٍ مّ نْهُما السُّدُسُ} فهذه الهاء التي في "أبويه" ضمير الميت لأنه لما قال {يُوص يكُمُ اللّه ف ي أوْلاد كُمْ} كان المعنى: يوصي اللّه الميت قبل موت ه بأنّ عليْه لأبويه كذا ولولد ه كذا. أي: فلا يأخُذنّ إلاّ ماله.

وقال {فإ ن كان لهُ إ خْوةٌ} فيذكرون أن الأخوة اثنان ومثله "إنّا فعلْنا" وانتما اثنان، وقد يشبه ما كان من شيئين وليس مثله، ولكن اثنين قد جعل جماعة [في] قول اللّه عز وجل {إ ن تتُوبآ إ لى اللّه فقدْ صغتْ قُلُوبُكُما}

وقال {والسّار قُ والسّار قةُ فاقْطعُواْ أيْد يهُما} وذلك ان في كلام العرب ان كل شيئين من شيئين فهو جماعة وقد يكون اثنين في الشعر [

قال الشاعر]:

[من الطويل وهو الشاهد السادس والستون بعد المئة]:

[٩٤ء] ب ما ف ي فُؤاديْنا من الشوْق والهوى * فيُجْبرُ مُنْهاضُ الفُؤاد المُشعّفُ

وقال الفرزدق: [من الطويل وهو الشاهد السابع والستون بعد المئة]:

هُما نفثا ف ي ف يّ م نْ فمويْه ما * على النّاب ح العاو ي أشدّ ل جام

وقد يجعل هذا في الشعر واحدا. قال: [من الرجز وهو الشاهد الثامن والستون بعد المئة]:

لا نُنْك رُ القتْل وقد سُب ينا * في حلْق كُمْ عظْمٌ وقدْ شُج ينا

وقال الآخر: [من الوافر وهو الشاهد التاسع والستون بعد المئة]:

كُلُوا في بعْض بطْن كُمُ تعفُّوا * فإ نّ زمانخكُمْ زمن خم يصُ

ونظير هذا قوله: "ت سْعُ مئة" وانما هو "ت سْعُ مئات" أو"م ئي ن" فجعله واحدا، وذلك ان ما بين العشرة الى الثلاثة يكون جماعة نحو: "ثلاثة رجال" و"عشرةُ رجال" ثم جعلوه في "الم ئين" واحدا.

وقال {م ن بعْد وص يّةٍ يُوص ي ب هآ} لأنه ذكر الرجل حين قال {وور ثهُ أبواهُ}

وقال بعضهم {يُوص ى} وكلٌّ حسن. ونظير {يُوص ي} بالياء.

١٢

{تُوْصُون} و {يُوص ين} حين ذكرهن، واحتج الذي قال {يُوص ي} بالياء بقوله {غيْر مُضآرٍّ وص يّةً مّ ن اللّه} [فـ] نصب {وص يّةً} و{فر يضةً مّ ن اللّه}[١١] كما نصب {ك تاباً مُؤجّلاً}.

وقال {وإ ن كان رجُلٌ يُورثُ كلالةً} ولو قرئت {يُور ثُ} كان جيدا وتنصب {كلالةً} وقد ذُك ر عن الحسن، فإن شئت نصبت كلالةً على خبر {كان}[٩٤ب] وجعلت {يُورث} من صفة الرجل، وإن شئت جعلت {كان} تستغني عن الخبر نحو "وقع"، وجعلت نصب {كلالةً} على الحال أي: "يورثُ كلالةً" كما تقول: "يُضْربُ قائ ماً"

قال الشاعر في "كان" التي لا خبر لها [من الطويل وهو الشاهد السبعون بعد المئة]:

ف دى ل بن ي ذُهْل بن شيْبان ناقت ي * إذا كان يوْمٌ ذُو كواك ب أشهبُ

قال {وإ ن كان رجُلٌ يُورثُ كلالةً أو امْرأةٌ ولهُ أخٌ أوْ أُخْتٌ فل كُلّ واح دٍ مّ نْهُما} يريد من المذكورين. ويجوز ان نقول للرجل اذا قلت "زيدٌ أو عمرٌ مُنْطل قٌ": "هذان رجلا سوْء" أي: اللذان ذكرت.

٢٢

قال {ولا تنك حُواْ ما نكح آباؤُكُمْ مّ ن النّ سآء إ لاّ ما قدْ سلف} لأن معناه: فانكم تؤخذون به. فلذلك قال: {إ لاّ ما قدْ سلف}، أيْ: فليس عليكم جناح. ومثل هذا في كلام العرب كثير، تقول: "لا نصْنعْ ما صنعْت" "ولا نأْكُلْ ما أكلْت".

 سورة ( النساء )

٢٥

قال {ومن لّمْ يسْتط عْ م نكُمْ طوْلاً أن ينك ح الْمُحْصنات } على "ومن لم يجد طولا ان ينكح" يقول "إلى أنْ ينك ح" لأن حرف الجر يضمر مع "أن".

وقال {واللّه أعْلمُ ب إ يمان كُمْ بعْضُكُمْ مّ ن بعْضٍ} فرفع {بعْضُكُمْ} على الابتداء.

وقال {ب إ ذْن أهْل ه نّ} لأن: "الأهْل" جماعة ولكنه قد يجمع فيقال: "أهْلُون" كما تقول: "قوْمٌ" و"أقوامٌ" فتجمع الجماعة [٩٥ء]

وقال {شغلتْنآ أمْوالُنا وأهْلُونا} فجمع.

وقال {قُواْ أنفُسكُمْ وأهْل يكُمْ ناراً} فهذه الياء ياء جماعة فلذلك سكنت وهكذا نصبها وجرها باسكان الياء وذهبت النون للاضافة.

وقال {وأن تصْب رُواْ خيْرٌ لّكُمْ} يقول: "والصبْر خيْرٌ لكم".

قال {واللّه أعْلمُ ب إ يمان كُمْ بعْضُكُمْ مّ ن بعْضٍ} أي: اللّه أعْلم بإ يمان بعضكم من بعض.

٢٦

قال {يُر يدُ اللّه ل يُبيّ ن لكُمْ ويهْد يكُمْ} يقول: "ول يهْد يكُمْ}" ومعناه: يريد كذا وكذا ليبين لكم. وان شئت أوصلت الفعل باللام الى "أن" المضمرة بعد اللام نحو {إ ن كُنتُمْ ل لرُّؤْيا تعْبُرُون} وكما قال {وأُم رْتُ لأ عْد ل بيْنكُمُ} فكسر اللام أي: أمرت من أجل ذلك

٢٩

قال {إ لاّ أن تكُون ت جارةً عن تراضٍ مّ نْكُمْ} فقوله {إ لاّ أن تكُون ت جارةٌ} استثناء خارج من أول الكلام و (تكون) هي "تقعُ" في المعنى وفي "كان" التي لا تحتاج الى الخبر فلذلك رفع التجارة.

 سورة ( النساء )

٣١

قال {ويُدْخ لْكُمْ مُّدْخلاً كر يماً} لأنها من "أدْخل" "يُدْخ لُ": والموضع من هذا مضموم الميم لأنه مشبه ببنات الأربعة "دحرج" ونحوها. الا ترى انك تقول: "هذا مُدحْرجُنا" فالميم اذا جاوز الفعل الثلاثة مضمومة. قال أميّةُ بن أبي الصلت: [من البسيط وهو الشاهد الحادي والسبعون بعد المئة]:

الحمْدُ للّه مُمْسانا ومُصْبحنا * ب الْخيْر صبّحنا ربّ ي ومسّانا

[٩٥ب] لأنه من "أمْسى"* و"أصْبح".

وقال {رّبّ أدْخ لْن ي مُدْخل ص دْقٍ وأخْر جْن ي مُخْرج ص دْقٍ}. وتكون الميم مفتوحة ان شئت اذا جعلته من "دخل" و"خرج".

وقال {إ نّ الْمُتّق ين ف ي مقامٍ أم ينٍ} اذا جعلته من "قام" "يقوم"، فان جعلته من "أقام" "يُق يمُ" قلت: "مُقامٍ أمين".

٣٢

قال {ولا تتمنّوْاْ} ان شئت أدغمت التاء الأولى في الآخرة، فان قيل كيف يجوز ادغامها، وأنت اذا أدغمتها سكنت وقبلها الألف الساكنة التي في "لا" فتجمع ما بين ساكنين؟ قلت: "ان هذه الألف حرف لين". وقد يدغم بعد مثلها في الاتصال وفي غيره نحو "يضربانّي" [و] {فلا تّناجوْاْ ب الإ ثْم والْعُدْوان } وتدغم ايضاً ومثله {قُلْ أتُحآجُّونّا ف ي اللّه} أدغمت وقبلها واو ساكنة. وان شئت لم تدغم هذا كله. وقد قرأ بعض القراء {فب م تُبشّ رُون } أراد {تُبشّ رُونن ي} فاذهب احد النونين استثقالا لاجتماعهما, كما قال: "ما أحسسْتُ م نْهُمْ أحدا" فألقوا إحدى السينين استثقالا. فهذا أجدر أنْ يستثقل لأنّهُما جميعا متحركان.

قال الشاعر: [من الوافر وهو الشاهد الثاني والسبعون بعد المئة]:

تراهُ كالثُّغام يُعلُّ م سْكاً * يسُوءُ الفال يات إ ذا فليْن ي

فحذف النون الآخرة لأنها النون التي تزاد ليترك ما قبلها على حاله [٩٦ء] وليست باسم. فاما الأولى فلا يجوز طرحها فانها الاسم المضمر وقال ابو حية النميري: [من الوافر وهو الشاهد الثالث والسبعون بعد المئة]:

أب الموت الذي لا بُدّ أنّ ي * مُلاقٍ - لا أباك - تُخوّ ف يني

فحذف النون. ولو قرئت {فب م تُبشّ رُونّ } بتثقيل النون كان جيدا ولم اسمعه، كأن النون أدغمت وحذفت الياء كما تحذف من رؤوس الاي نحو {بل لّمّا يذُوقُواْ عذاب } يريد "عذابي". وأما قوله {فظ لتُمْ تفكّهُون} فانها انما كسر أولها لأنه يقول: "ظل لْتُ" فلما ذهب أحد الحرفين استثقالا حولت حركته على الظاء. قال أوس بن مغراء: [من البسيط وهو الشاهد الرابع والسبعون بعد المئة]:

م سْنا السّماء فن لْناها وطالهُمُ * حتّى رأوْا أُحُداً يهْو ي وثهْلانا

لأنها من "مسسْتُ"

وقال بعضهم { فظلْتُم} ترك الظاء على فتحتها وحذف احد اللامين، ومن قال هذا قال "مسْنا السماء". وهذا الحذف* ليس بمطرد، وإنما حذف من هذه الحروف التي ذكرت لك خاصة ولا يحذف الا في موضع لا تحرك فيه لام الفعل، فاما الموضع الذي تحرك فيه لام الفعل فلا حذف فيه.

٣٥

قال {ش قاق بيْن ه ما} فأضاف الى البين لأنه قد يكون اسما [٩٦ب] قال {لقد تّقطّع بيْنُكُمْ} بالضم. ولو قال {ش قاقاً بيْنهما} في الكلام فجعل البيْن ظرفا كان جائزا حسنا. ولو قلت {ش قاق بينهما} تريد {ما} وتحذفها جاز، كما تقول {تّقطّع بيْنكُمْ} تريد {ما} التي تكون في معنى شيء.

وقال {تعالوْاْ إ لى كل مةٍ سوآءٍ بيْننا وبيْنكُمْ}. وتقول "بينهُما بوْنٌ بع يدٌ" تجعلها بالواو وذلك بالياء. ويقال: "بينهما بيْنٌ بعيدٌ" بالياء.

 سورة ( النساء )

٣٦

قال {والْجار الْجُنُب }

وقال بعضهم {الجنْب } وقال الراجز: [وهو الشاهد الخامس والسبعون بعد المئة]:

* الناسُ جنْبٌ والأم يرُ جنْبُ *

يريد بـ"جنْب": الناحية. وهذا هو المتنحى عن القرابة فلذلك قال "جن بٌ" و"الجُنُبُ" أيْضاً: المجانبُ للقرابة ويقال: "الجان بُ" ايضا.

وأما {الصّاح ب ب الجنْب } فمعناه: "هو الذي بجنبك"، كما تقول "فلان بجنبي" و"إلى جنبي".

٣٩

قال {وماذا عليْه مْ لوْ آمنُواْ ب اللّه والْيوْم الآخ ر } فان شئت جعلت {ماذا} بمنزلتها وحدها وان شئت جعلت {ذا} بمنزلة "الذي".

٤٢

قال {ولا يكْتُمُون اللّه حد يثاً} أيْ: لا تكْتُمُهُ الجوارحُ او يقول: "لا يخْفى عليْه وإنْ كتمُوهُ".

وقال {لوْ تُسوّى ب ه مُ الأرْضُ}

وقال بعضهم {تسوّى} [و] كل حسن.

 سورة ( النساء )

٤٣

قوله {ولا جُنُباً} في اللفظ [٩٧ء] واحد وهو للجمع كذلك ، وكذلك هو للرجال والنساء، كما قال {والْملائ كةُ بعْد ذل ك ظه يرٌ} فجعل "الظهير" واحدا. والعرب تقول: "هُمْ ل ي صد يقٌ".

وقال: {عن الْيم ين وعن الشّ مال قع يدٌ} وهما قعيدان.

وقال {إ نّا رسُولُ ربّ الْعالم ين}

وقال {فإ نّهُمْ عدُوٌّ ل ي} لأن "فعُول" و"فع يل" مما يجعل واحدا للاثنين والجمع.

وقال {ولا جُنُباً إ لاّ عاب ر ي سب يلٍ} لأنه قال {لا تقْربُواْ الصّلاة وأنْتُمْ سُكارى} فقوله {وأنْتُمْ سُكارى} في موضع نصب على الحال، فقال {ولا جُنُباً} على العطف كأنه قال: "ولا تقْربُوها جُنْباً إ لاّ عاب ري سب يلٍ" كما تقول: "لا تأْت ي إ لاّ راك باً".

٤٦

قال {مّ ن الّذ ين هادُواْ يُحرّ فُون الْكل م عن مّواض ع ه } يقول "م نْهُمْ قوْمٌ" فأضمر "القوْم". قال النابغة الذبياني: [من الوافر وهو الشاهد السادس والسبعون بعد المئة]:

كأنّك منْ ج مال بن ي أُقيْشٍ * يُقعْقعُ بيْن ر جْليْه ب شنّ

أي: كأنّك جملٌ م نْها. وكما قال {وإ ن مّ نْ أهْل الْك تاب إ لاّ ليُؤْم ننّ ب ه } أي: وإ نْ م نْهُمْ واحدٌ إلاّ ليُؤْم نُنّ به". والعرب تقول: "رأيتُ الذي أمْس " أي: رأيتُ الذي جاءك أمْس " أو"تكلّم أمْس ".

{واسْمعْ غيْر مُسْمعٍ وراع نا ليّاً }

وقوله {راع نا} أي: "راع نا سمْعك. في معنى: أر عْنا.

وقوله {غيْر مُسْم عٍ} أي: لا سم عْتُ [٩٧ب] أي: لا سُم عْت واما {غيْر مُسْم عٍ} أي: لا يُسْمعُ م نْك فأنْت غيْر مُسْم عٍ.

وقال {واسْمعْ وانْظُرْنا لكان خيْراً لّهُمْ}. وانما قال {وانْظُرْنا} لأنّها من "نظرْتُه" أي: "انْتظرْتُهُ".

وقال {انظُرُونا نقْتب سْ م ن نُّور كُمْ} أي: انْتظ رُوا. وأما قوله {يوْم ينظُرُ الْمرْءُ ما قدّمتْ يداهُ} فانما هي: إلى قدّمتْ يداه.

قال الشاعر:

[من الخفيف وهو الشاهد السابع والسبعون بعد المئة]

ظاه راتُ الجمال والحُسْن ينْظُرْ * ن كما تنْظُرُ الأراك الظّ باءُ

وان شئت كان {ينْظُرُ المرْءُ ما قدّمتْ يداهُ} على الاستفهام مثل قولك "ينْظُرُ خيراً قدّمتْ يداهُ أمْ شرّاً".

٤٧

قال {يا أيُّهآ الّذ ين أُوتُواْ الْك تاب} الى قوله {مّ ن قبْل أن نّطْم س وُجُوهاً} يقول: من قبل يوم القيامة.

 سورة ( النساء )

٥٥

قال {وكفى ب جهنّم سع يراً} فهذا مثل "ده ين" و"صر يع" لأنك تقول: "سُع رتْ" فـ"ه ي مسْعُورةٌ"

وقال {وإ ذا الْجح يمُ سُعّ رتْ}.

٥٦

قال {بدّلْناهُمْ جُلُوداً غيْرها ل يذُوقُواْ الْعذاب} فان قال قائل: "أليس انما تعذب الجلود التي عصت، فكيف يقول {غيْرها} قلت: "إنّ العرب قد تقول: "أصوُغُ خاتماً غير ذا" فيكسره ثم يصوغه صياغة اخرى. فهو الأول إلاّ أن الصياغة تغيرت.

٦٥

وقال {ويُسلّ مُواْ تسْل يماً} أي: {حتّى يُحكّ مُوك} وحتى {يُسلّ مُوا} كل هذا معطوف على ما بعد حتى.

 سورة ( النساء )

٦٦

قال {مّا فعلُوهُ إ لاّ قل يلٌ مّ نْهُمْ} فرفع {قل يلٌ} لأنك جعلت الفعل لهم وجعلتهم بدلا من الأسماء المضمرة في الفعل.

٦٩

قال {وحسُن أُولائ ك رف يقاً} [٩٨ء] فليس هذا على "ن عْم الرّجُل" لأن "ن عْم" لا تقع الا على اسم فيه الالف واللام أو نكرة، ولكن هذا على مثل قولك: "كرُم زيْدٌ رجُلاً" تنصبه على الحال. و"الرف يقُ" واحد في معنى جماعة مثل "هُمْ لي صد يقٌ".

٧٢

قال {وإ نّ م نْكُمْ لمن لّيُبطّ ئنّ} فاللام الأولى مفتوحة لأنها للتوكيد نحو: "إنّ في الدّار لزيْداً" واللام الثانية للقسم كأنه قال: "وإنْ م نْكُمْ منْ واللّه ليُبط ئنّ".

 سورة ( النساء )

٧٤

قال {فلْيُقات لْ ف ي سب يل اللّه الّذ ين يشْرُون الْحياة الدُّنْيا ب الآخ رة }

وقال {وم ن النّاس من يشْر ي نفْسهُ} أي: يبيعُها. فقد تقع "شريْتُ" للبيع والشراء.

٧٥

قال {م نْ هاذ ه الْقرْية الظّال م أهْلُها} فجررت "الظال م" لأنه صفة مقدمة ما قبلها مجرور وهي لشيء من سبب الأول، واذا كانت كذلك جرّت على الأول حتى تصير كأنها له.

٧٩

قال {ومآ أصابك م ن سيّ ئةٍ فم ن نّفْس ك وأرْسلْناك ل لنّاس رسُولاً} فجعل الخبر بالفاء لأن {ما} بمنزلة {منْ} وأدخل {م نْ} على السيئة لأن {ما} نفي و{م ن} تحسن في النفي مثل قولك: "ما جاءن ي من أحد".

 سورة ( النساء )

٨١

قال {ويقُولُون طاعةٌ فإ ذا برزُواْ م نْ ع ند ك بيّت طآئ فةٌ مّ نْهُمْ} أي: ويقولون "أمْرُنا طاعةٌ". وان شئت نصبت الطاعة على "نُطيعُ طاعةً".

وقال {بيّت} فذكّر فعل الطائفة [٩٨ب] لأنهم في المعنى رجال وقد اضافها الى مذكرين.

وقال {وإ ن كان طآئ فةٌ مّنكُمْ}.

٨٣

قال {لاتّبعْتُمُ الشّيْطان إ لاّ قل يلاً} على{وإ ذا جآءهُمْ أمْرٌ مّ ن الأمْن أو الْخوْف أذاعُواْ ب ه } {إ لاّ قل يلاً}.

٨٤

قال {فقات لْ ف ي سب يل اللّه لا تُكلّفُ إ لاّ نفْسك} جزم على جواب الأمر. ورفع بعضهم على الابتداء ولم يجعله علة للأول وبه نقرأ كما قال {وأْمُرْ أهْلك ب الصّلاة واصْطب رْ عليْها لا نسْألُك ر زْقاً} جزم اذا جعله لما قبله علة ورفع على الابتداء وبالرفع نقرأ.

 سورة ( النساء )

٨٨

قال {فما لكُمْ ف ي الْمُناف ق ين ف ئتيْن } فنصب على الحال كما تقول: "مالك قائما" أي: "مالك في حال الق يام ".

٩٠

قال {إ لاّ الّذ ين يص لُون إ لى قوْمٍ بيْنكُمْ وبيْنهُمْ مّ يثاقٌ أوْ جآءُوكُمْ حص رتْ صُدُورُهُمْ} أو{حص رتْ صُدُورُهُمْ} فـ(حص رةً) اسمٌ نصبْتهُ على الحال و {حص رتْ} "فع لتْ" وبها نقرأ.

٩٢

قال {فد يةٌ مُّسلّمةٌ إ لى أهْل ه وتحْر يرُ رقبةٍ مُّؤْم نةً}.

وقال {فص يامُ شهْريْن } أي: فعليه ذلك .

وقال {إ لاّ أن يصّدّقُواْ}: فعليْكُمْ ذل ك إلاّ أنْ يصّدّقوا*.

 سورة ( النساء )

٩٤

قال {إ ذا ضربْتُمْ ف ي سب يل اللّه فتبيّنُواْ}

وقال بعضهم {فتثبّتُوا} وكلُّ صواب لأنك تقول "تبيّنْ حال القوْم " و"تثبّتْ". و"لا تُقْد مْ حتّى تتبيّنْ" و"حتّى تتثبّتْ".

٩٥

قال {لاّ يسْتو ي الْقاع دُون م ن الْمُؤْم ن ين [٩٩ء] غيْرُ أُوْل ي الضّرر } مرفوعة لأنك جعلته من صفة القاعدين. وإنْ جررته فعلى "المُؤْم ن ين" وإ نْ شئت نصبته اذا أخرجته من أول الكلام فجعلته استثناء وبها نقرأ. وبلغنا انها أنزلت من بعد قوله {لاّ يسْتو ي الْقاع دُون} ولم تنزل معها، وانما هي استثناء عنى بها قوما لم يقدروا على الخروج ثم قال {والْمُجاه دُون} يعطفه على القاعدين لأن المعنى {لاّ يسْتو ي الْقاع دُون}{والْمُجاه دُون}.

وقال {وفضّل اللّه الْمُجاه د ين على الْقاع د ين أجْراً عظ يماً} {درجاتٍ مّ نْهُ}[٩٦] يقول فعل ذلك درجات منه.

وقال {أجْراً عظ يماً} لأنه قال: "فضّلهم" فقد أخبر انه آجرهم فقال على ذلك المعنى كقولك: "أما واللّه لأضْر بنك إيجاعاً شد يداً" لأنّ معناه: لأُوْج عنّك.

٩٧

 [و] قال {أُوْلائ ك مأْواهُمْ جهنّمُ وسآءتْ مص يراً} { إ لاّ الْمُسْتضْعف ين}[٩٨] لأنه استثناهم منهم كما تقول: "أُولئ ك أصْحابُك إ لاّ زيْداً" و: "كُلُّهُم أصْحابُك إ لاّ زيداً". وهو خارج من أول الكلام.

 سورة ( النساء )

١٠٤

قال {إ ن تكُونُواْ تأْلمُون} أي. تيْجعُون. تقول: "أل م" "يأْلمُ" "ألما".

١٠٩

قال {ها أنْتُمْ هؤلاء جادلْتُمْ عنْهُمْ} فرد التنبيه مرتين كما قال {ها أنتُمْ هؤلاء تُدْعوْن} أراد [٩٩ب] التوكيد.

١١٤

 [و] قال {لاّ خيْر ف ي كث يرٍ مّ ن نّجْواهُمْ إ لاّ منْ أمر ب صدقةٍ} يقول: "إلاّ في نجْوى منْ أمر ب صدقةً".

 سورة ( النساء )

١٢٦

قال {ولقدْ وصّيْنا الّذ ين أُوتُواْ الْك تاب م ن قبْل كُمْ وإ يّاكُمْ أن اتّقُواْ اللّه} أيْ بأنْ اتّقُوا اللّه.

١٣٤

 [وقال] {مّن كان يُر يدُ ثواب الدُّنْيا فع ند اللّه ثوابُ الدُّنْيا والآخ رة } فموضع {كان} جزم والجواب الفاء وارتفعت {يُر يدُ} لأنه ليس فيها حرف عطف. كما قال {من كان يُر يدُ الْحياة الدُّنْيا وز ينتها نُوفّ إ ليْه مْ}،

وقال {من كان يُر يدُ حرْث الآخ رة نز دْ لهُ ف ي حرْث ه ومن كان يُر يدُ حرْث الدُّنْيا نُؤْت ه م نْها} فجزم لأن الأول في موضع جزم ولكنه فعل واجب فلا ينجزم، و {يُر يدُ} في موضع نصب بخبر {كان}. [و] قال {وإ ن امْرأةٌ خافتْ م ن بعْل ها نُشُوزاً أوْ إ عْراضاً} [١٢٨] فجعل الاسم يلي {إنْ} لأنّها أشدُّ حروف الجزاء تمكنا. وإنّما حسن هذا فيها اذا لم يكن لفظ ما وقعت عليه جزما نحو قوله: [من البسيط وهو الشاهد الثامن والسبعون بعد المئة]:

* عاو دْ هراة وإ نْ معْمُورُها خربا *

١٣٥

قال {إ ن يكُنْ غن يّاً أوْ فقيراً فاللّه أوْلى ب ه ما} لأنّ {أوْ} ها هنا في معنى الواو.أو يكون جمعهما في قوله {ب ه ما} لأنهما قد ذكرا نحو قوله عز وجل {ولهُ أخٌ أوْ أُخْتٌ فل كُلّ واح دٍ مّ نْهُما} . أوْ يكونُ أضمر {منْ} كأنه "إنْ يكُنْ منْ تخاصم غن يّاً أوْ فق يراً" يريد "غنيين أو فقيرين" يجعل "منْ" في ذلك المعنى ويخرج {غن يّاً أوْ فقيراً} [١٠٠ء] على لفظ "من".

وقال {وإ ن* تلْوُواْ أوْ تُعْر ضُواْ} لأنها من "لوى" "يلْو ى".

وقال بعضهم {وإ نْ تلُوا} فان كانت لغة فهو لاجتماع الواوين، ولا أراها إ لاّ لحناً إلاّ على معنى "الو لاية" وليس لـ"الو لاية" معنى ها هنا الا في قوله "وإ نْ تلُوا عليْه م" فطرح {عليْه م} فهو جائز.

 سورة ( النساء )

١٤٨

قال {لاّ يُح بُّ اللّه الْجهْر ب السُّوء م ن الْقوْل إ لاّ من ظُل م} لأنه حين قال {لاّ يُح بُّ اللّه} قد أخبر أنه لا يحل. ثم قال {إ لاّ من ظُل م} فانه يحل له أن يجهر بالسوء لمن ظلمه.

وقال بعضهم {ظلم} على قوله {مّا يفْعلُ اللّه ب عذاب كُمْ}[١٤٧] [فيكون] {إ لاّ من ظلم} [على معنى] "إ لاّ ب عذاب منْ ظلم".

١٥٥

قال {فب ما نقْض ه مْ مّيثاقهُمْ} فـ{ما} زائدة كأنه قال "فبنقضهم".

١٥٦

{وب كُفْر ه مْ وقوْل ه مْ على مرْيم} {وقوْل ه مْ إ نّا قتلْنا الْمس يح}[١٥٧] كله على الأول.

 سورة ( النساء )

١٦٤

 [و] قال {ورُسُلاً قدْ قصصْناهُمْ عليْك م ن قبْلُ} فانتصب لأن الفعل قد سقط بشيء من سببه وما قبله منصوب بالفعل.

[و]{وكلّم اللّه مُوسى تكْل يماً} الكلام خلق من اللّه على غير الكلام منك وبغير ما يكون منك. خلقه اللّه ثم أوصله الى موسى.

١٧٠

 [و] قال {فآم نُواْ خيْراً لّكُمْ} فنصب {خيْراً لكُمْ} لأنه حين قال لهم {آم نُواْ} أمرهم بما هو خير لهم فكأنه قال: "اعْملُوا خيراً لكم" وكذلك {انتهُواْ خيْراً لّكُمْ}[١٧١] فهذا انما يكون في الأمر والنهي خاصة ولا يكون في الخبر، لأنّ الأمْر والنهي لا يضمر فيهما وكأنك اخرجته من شيء الى شيء. و

قال الشاعر [١٠٠ب]: [من السريع وهو الشاهد التاسع والسبعون بعد المئة]:

ففواع ديه سرْحتيْ مال كٍ * أو الرُّبا بينهُما أسهْلا

كما تقول: "واعديه خيراً لك" وقد سمعت نصب هذا في الخبر تقول العرب: "آتى البيت خيراً لي" و"أتركُهُ خيراً لي" وهو على ما فسرت في الأمر والنهي.

١٧٦

قال {إ ن امْرُؤٌ هلك} مثل {وإ ن امْرأةٌ خافتْ} تفسيرهما سواء.