سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ

مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ مِائَتَانِ آيَةً

٢

أما قوله {الْحيُّ الْقيُّومُ} فان {الْقيُّومُ}: "الفيْعُول" ولكن الياء الساكنة إذا كانت قبل واو متحركة قلبت الواو ياء. وأصله "القيْوُومُ" و(الدّيّانُ): "الفيْعال" و"الدّيّارُ": "الفيْعال" وهي من "دار" يدُورُ" وأصله "الديْوارُ" ولكن الواو قلبت ياء.

٣

أما {مُصدّ قاً لّ ما بيْن يديْه } فنصب على الحال.

٤

قال {هُدىً لّ لنّاس } فـ{هُدىً} في موضع نصب على الحال ولكن {هُدىً} مقصور فهو متروك على حال واحد.

٧

قال {هُنّ أُمُّ الْك تاب } ولم يقل: "أُمهاتُ" كما تقول للرجل: "مال ي نصيرٌ" فيقول: "نحْنُ نص يرُك" وهو يشبه "دعْن ي من تمْرتان". قال: [من الرجز وهو الشاهد الثاني والخمسون بعد المئة]:

تعرّضْت لي ب مكانٍ ح لّ * تعرُّض المُهْرة في الط ولّ

* تعْرُّضاً لمْ تأْلُ عنْ قتْلا ل ي *

فجعله على الحكاية لأنه كان منصوباً قبل ذلك كما ترى، كما تقول: "نُود ي" "الصلاة الصلاة" "أي: تحكى قوله: "الصلاة الصلاة"

وقال بعضهم: إنّما ه ي "أنْ قتْلاًل ي" ولكنه جعله عينا [٨٢ب] لأنّ م نْ لُغته في "أنْ" "عنْ". والنصب على الأمر كأنك قلت: ضرْباً لزيْدٍ".

وقال {كُلٌّ مّ نْ ع ند ربّ نا} لأن "كُلّ" قد يضمر فيها كما قال {إ نّا كُلٌّ ف يهآ} يريد: كُلُّنا ف يها. ولا تكون "كلّ" مضمرا فيها وهي صفة انما تكون مضمرا فيها اذا جعلتها اسما [فـ] لو كان "إ نّا كُلاّ ف يها" على الصفة لم يجُزْ لأن الاضمار فيها ضعيف لا يتمكن في كل مكان.

وقال {كدأْب آل ف رْعوْن} يقول: "كدأْب ه م في الشرّ " من "دأب" "يدْأبُ" "دأباً".

وقال {قُلْ لّ لّذ ين كفرُواْ ستُغْلبُون وتُحْشرُون إ لى جهنّم} أي: إنّكُمْ ستُغْلبُون. كما تقول: "قُلْ ل زيد": "سوْف تذْهبُ" أي: إنّك سوْف تذْهبُ.

وقال بعضهم {سيُغْلبُون} أي: قل لهم الذي أقول. والذي أقُول لهم "سيُغْلبُون".

وقال {قُل ل لّذ ين كفرُواْ إ ن ينتهُواْ يُغفرْ لهُمْ مّا قدْ سلف وإ نْ يعُودُواْ} فهذا لا يكون الا بالياء في القرآن لأنه قال {يُغْفرْ لهُمْ} ولو كان بالتاء قال {يُغْفرْ لكُم} وهو في الكلام جائز بالتاء. وتجعلها "لكُمْ" كما فسرت لك.

وقال {قدْ كان لكُمْ آيةٌ ف ي ف ئتيْن الْتقتا ف ئةٌ تُقات لُ ف ي سب يل اللّه وأُخْرى كاف رةٌ} على الابتداء رفع كأنه قال "إحداهُما فئةٌ تقاتل في سبيل اللّه" وقُر ئت جرا على أول الكلام على البدل وذلك جائز.

قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد الثالث والخمسون بعد المئة]:

[٨٣ء] وكُنْتُ كذ ي ر جْليْن ر جْلٌ صح يحةٌ * ور جْلٌ ب ها ريْبٌ م ن الحدثان

فرفع. ومنهم من يجرّ على البدل ومنهم من يرفع على احداهما كذا واحداهما كذا.

وقال: [من الطويل وهو الشاهد الرابع والخمسون بعد المئة].

[و] إنّ لها جاريْن لنْ يغْدرا بها * ربيبُ النب يّ وابنُ خيْر الخلائ ف

رفع، والنصب على البدل. وقال تعالى {هذا[ذ كْرٌ] وإ نّ ل لْمُتّق ين لحُسْن مآبٍ} {جنّات عدْنٍ} وان شئت جعلت "جنات" على البدل ايضاً. وان شئت رفعت على خبر "إنّ"، أو على "هُنّ جناتُ" فيبتدأ به. وهذا لا يكون على "إحداهما كذا" لأن ذلك المعنى ليس فيه هذا ولم يقرأ أحد بالرفع. وقال تعالى {وجعلُواْ للّه شُركآء الْج نّ} فنصب على البدل وقد يكون فيه الرفع على "هُم الج نّ". وقال تعالى {وكذل ك جعلْنا ل كُلّ ن ب يٍّ عدُوّاً شياط ين الإ نْس } على البدل ورفع على "هُمْ شياط ينُ" كأنه اذا رفع قيل له، أوْ عُل م أنه يقال له "ماهُمْ"؟ أوْ "منْ هُمْ" فقال: "هُمْ كذا وكذا". واذا نصب فكأنه قيل له أو علم أنه يقال له "جعل ماذا" أو جعلُوا ماذا" أو يكون فعلاً واقعاً بالشياطين [و] {عدُوّاً} حالا ومثله {لنسْفعاً ب النّاص ية } {ناص يةٍ كاذ بةٍ} كأنه قيل أو علم ذلك فقال "بناصية" [٨٣ب] وقد يكون فيه الرفع على قوله: "ما هي" فيقول {ناص يةٌ} والنصب على الحال.

قال الشاعر: [من البسيط وهو الشاهد الخامس والخمسون بعد المئة]:

إنّا وجدْنا بن ي جُلاّن كُلّهُمُ * كساع د الضّبّ لا طُولٌ ولا ع ظمُ

على البدل أي كـ"لا طول ولا عظم" ومثل الابتداء {قُلْ أفأُنبّ ئُكُم ب شرٍّ مّ ن ذال كُمُ النّارُ}.

وقوله {قُلْ أؤُنبّ ئُكُمْ ب خيْرٍ مّ ن ذال كُمْ ل لّذ ين اتّقوْا ع ند ربّ ه مْ جنّاتٌ تجْر ي م ن تحْت ها الأنْهارُ خال د ين ف يها وأزْواجٌ مُّطهّرةٌ} كأنه قيل لهم: "ماذا لهُمْ"؟ و"ماذاك"؟ فقيل: "هُو كذا وكذا". وأمّا {ب شرٍّ مّ ن ذلك مثُوبةً ع ند اللّه} فانما هو على "أُنبّ ئُكُمْ ب شرٍّ م نْ ذل ك حسباً" و"ب خيْرٍ م نْ ذلك حسبا".

وقوله {من لّعنهُ اللّه} موضع جرّ على البدل من قوله {ب شرٍّ} ورفع على "هُو منْ لعنهُ اللّه".

١١

قال {كدأْب آل ف رْعوْن} يقول: "كدأْب ه م في الشرّ " من "دأب" "يدْأبُ" "دأباً".

١٢

قال {قُلْ لّ لّذ ين كفرُواْ ستُغْلبُون وتُحْشرُون إ لى جهنّم} أي: إنّكُمْ ستُغْلبُون. كما تقول: "قُلْ ل زيد": "سوْف تذْهبُ" أي: إنّك سوْف تذْهبُ.

وقال بعضهم {سيُغْلبُون} أي: قل لهم الذي أقول. والذي أقُول لهم "سيُغْلبُون".

وقال {قُل ل لّذ ين كفرُواْ إ ن ينتهُواْ يُغفرْ لهُمْ مّا قدْ سلف وإ نْ يعُودُواْ} فهذا لا يكون الا بالياء في القرآن لأنه قال {يُغفرْ لهُمْ} ولو كان بالتاء قال {يُغْفرْ لكُم} وهو في الكلام جائز بالتاء. وتجعلها "لكُمْ" كما فسرت لك.

١٣

وقال {قدْ كان لكُمْ آيةٌ ف ي ف ئتيْن الْتقتا ف ئةٌ تُقات لُ ف ي سب يل اللّه وأُخْرى كاف رةٌ} على الابتداء رفع كأنه قال "إحداهُما فئةٌ تقاتل في سبيل اللّه" وقُر ئت جرا على أول الكلام على البدل وذلك جائز.

قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد الثالث والخمسون بعد المئة]:

[٨٣ء] وكُنْتُ كذ ي ر جْليْن ر جْلٌ صح يحةٌ * ور جْلٌ ب ها ريْبٌ م ن الحدثان

فرفع. ومنهم من يجرّ على البدل ومنهم من يرفع على احداهما كذا واحداهما كذا.

وقال: [من الطويل وهو الشاهد الرابع والخمسون بعد المئة].

[و] إنّ لها جاريْن لنْ يغْدرا بها * ربيبُ النب يّ وابنُ خيْر الخلائ ف

رفع، والنصب على البدل. وقال تعالى {هذا[ذ كْرٌ] وإ نّ ل لْمُتّق ين لحُسْن مآبٍ} {جنّات عدْنٍ} وان شئت جعلت "جنات" على البدل ايضاً. وان شئت رفعت على خبر "إنّ"، أو على "هُنّ جناتُ" فيبتدأ به. وهذا لا يكون على "إحداهما كذا" لأن ذلك المعنى ليس فيه هذا ولم يقرأ أحد بالرفع. وقال تعالى {وجعلُواْ للّه شُركآء الْج نّ} فنصب على البدل وقد يكون فيه الرفع على "هُمْ الج نّ". وقال تعالى {وكذل ك جعلْنا ل كُلّ ن ب يٍّ عدُوّاً شياط ين الإ نْس } على البدل ورفع على "هُمْ شياط ينُ" كأنه اذا رفع قيل له، أوْ عُل م أنه يقال له "ماهُمْ"؟ أوْ "منْ هُمْ" فقال: "هُمْ كذا وكذا". واذا نصب فكأنه قيل له أو علم أنه يقال له "جعل ماذا" أو جعلُوا ماذا" أو يكون فعلاً واقعاً بالشياطين [و] {عدُوّاً} حالا ومثله {لنسْفعاً ب النّاص ية } {ناص يةٍ كاذ بةٍ} كأنه قيل أو علم ذلك فقال "بناصية" [٨٣ب] وقد يكون فيه الرفع على قوله: "ما هي" فيقول {ناص يةٍ} والنصب على الحال.

قال الشاعر: [من البسيط وهو الشاهد الخامس والخمسون بعد المئة]:

إنّا وجدْنا بن ي جُلاّن كُلّهُمُ * كساع د الضّبّ لا طُولٌ ولا ع ظمُ

على البدل أي كـ"لا طول ولا عظم" ومثل الابتداء {قُلْ أفأُنبّ ئُكُم ب شرٍّ مّ ن ذال كُمُ النّارُ}.

١٤

قال تعالىُ {واللّه ع نْدهُ حُسْنُ الْمآب } مهموز منها موضع الفاء لأنه من "آب" "يؤوُبُ" وهي معتلة العين مثل "قُلْت" تقُولُ" "والمفْعلُ" "مقال". تقول: "آب" "يؤوبُ" "إياباً" قال اللّه تعالى {إ نّ إ ليْنآ إ يابهُمْ} وهو الرجوع.

قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد السادس والخمسون بعد المئة]:

فألْقتْ عصاها واسْتقرّ ب ها النّوى * كما قرّ عيْناً بالإ ياب المُساف رُ

وأمّا "الأوّابُ" فهو الراجع إلى الحق وهو من: "آب" "يؤوبُ" [أيْضاً]. وأمّا قوله تعالى {ياج بالُ أوّ ب ي معهُ} فهو كما يذكرون التسبيح أوْ هو - واللّه أعْلمُ - مثلُ الأوّل يقول: "ارْجع ي إلى الحقّ " و"الأوّابُ" الراجعُ إلى الحقّ ".

١٥

قوله {قُلْ أؤُنبّ ئُكُمْ ب خيْرٍ مّ ن ذال كُمْ ل لّذ ين اتّقوْا ع ند ربّ ه مْ جنّاتٌ تجْر ي م ن تحْت ها الأنْهارُ خال د ين ف يها وأزْواجٌ مُّطهّرةٌ} كأنه قيل لهم: "ماذا لهُمْ"؟ و "ماذاك"؟ فقيل: "هُو كذا وكذا". وأمّا {ب شرٍّ مّ ن ذلك مثُوبةً ع ند اللّه} فانما هو على "أُنبّ ئُكُمْ ب شرٍّ م نْ ذل ك حسباً" و"ب خيْرٍ م نْ ذلك حسبا".

وقوله {من لّعنهُ اللّه} موضع جرّ على البدل من قوله {ب شرٍّ} ورفع على "هُو منْ لعنهُ اللّه".

١٧

قال تعالى { الصّاب ر ين}[٨٤ء] الى قوله {ب الأسْحار } موضع جر على {ل لّذ ين اتّقوْا}[١٥] فجر بهذه الام الزائدة.

١٨

قال {شه د اللّه أنّهُ لا اله إ لاّ هُو والْملائ كةُ وأُوْلُواْ الْع لْم قآئ ماً ب الْق سْط } إنما هُو "شه دُوا أنّهُ لا إله إلاّ هُو قائ ماً بالق سْط " نصب {قائ ماً} على الحال.

١٩

قال {إ لاّ م ن بعْد ما جآءهُمُ الْع لْمُ بغْيا بيْنهُمْ} يقول {وما اخْتلف الّذ ين أُوتُواْ الْك تاب} {بغْيا بيْنهُمْ}{إ لاّ م ن بعْد ما جآءهُمُ الْع لْمُ}.

٢٨

وقال {لاّ يتّخ ذ الْمُؤْم نُون الْكاف ر ين} بكسر {يتّخ ذ } لأنه لقيته لام ساكنة وهي نهي فكسرته.

وقال تعالى {إ لاّ أن تتّقُواْ م نْهُمْ تق يّةً}

وقال بعضهم {تُقاةً} وكلٌّ عربي و{تُقاةٌ} أجْودُ، مثل: "إ تّكأ" "تُكأةً" و"إتّخم" "تُخمةً" و"إتّحف" "تُحْفةً".

٣٠

قال اللّه تعالى {تودُّ لوْ أنّ بيْنها وبيْنهُ أمداً بع يداً} لأنّ "البيْن" ها هنا ظرف وليس باسم. ولو كان اسماً لارتفع "الأمدُ". فاذا جئت بشيء هو ظرف للآخر وأوقعت عليه حروف النصب فانصب نحو قولك: "إنّ ع نْدنا زيْداً" لان "ع نْدنا" ليس باسم ولو قلت: "إنّ الذ ي ع نْدنا" قلت: "زيْدٌ" لأن "الذي عندنا" اسم. قال {إ نّما صنعُواْ كيْد ساح رٍ} فجعل "إنّ" و"ما" حرفاً واحداً واعمل "صنعُوا" كما تقول: "إنّما ضربُوا زيْداً". ومن جعل "ما" بمنزلة "الذي" يرفع الكيد*.

٣٤

قال تعالى {ذُرّ يّةً بعْضُها م ن بعْضٍ} فنصبه على الحال: ويكون على البدل على قوله {إ نّ اللّه اصْطفى آدم}[٣٣] [٨٤ب] [وقال تعالى]** {إ ذْ قالت امْرأتُ ع مْران ربّ إ نّ ي نذرْتُ لك ما ف ي بطْن ي مُحرّراً}[٣٥] فقوله {مُحرّراً} على الحال.

٣٧

قال تعالى {فتقبّلها ربُّها ب قبُولٍ حسنٍ وأنبتها نباتاً حسناً وكفّلها زكر يّا}

وقال بعضهم {وكفلها زكرياءُ} و{كف لها} ايضاً {زكريّا} وبه نقرأُ وهما لُغتان .

وقال بعضهم {وكف لها زكرياء} بكسر الفاء. ومن قال: "كفل" قال "يكْفُلُ" ومن قال "كف ل" [قال] "يكْفلُ". وأما "كفُل" فلم اسمعها وقد ذكرت.

وقال تعالى {يرْزُقُ من يشآءُ ب غيْر ح سابٍ} فهذا مثل كلام العرب "يأكُلُ ب غيْر حسابٍ" أي: لا يتعصّبُ عليْه ولا يُضيّ قُ عليْه . و{سر يعُ الْح ساب } و{أسْرعُ الْحاس ب ين} يقول: "ليس في حسابه فكر ولا روية ولا تذّكر".

٣٨

قال اللّه تعالى {ربّ هبْ ل ي م نْ لّدُنْك ذُرّ يّةً طيّ بةً} لأن النون [في "لدُنْ"] ساكنة مثل نون "منْ" وهي تترك على حال جزمها في الاضافة لانها ليست من الأسماء التي تقع عليها الحركة، ولذلك قال {م نْ لدُنّا}، وقال تعالى {م نْ لدُنْ حك يمٍ عل يمٍ} فتركت ساكنة.

وقال تعالى {إ نّك سم يعُ الدُّعآء } مثل "كثيرُ الدُّعاء" لأنه يجوز فيه الألف واللام تقول: "أنت السّم يعُ الدُّعاء " ومعناه "إ نّك مسْمُوعُ الدُّعاء " أي: "إ نّك تسْمعُ ما يُدْعى ب ه ".

٣٩

قال تعالى {فنادتْهُ الْملائ كةُ [وهُو قائ مٌ يُصلّ ي ف ي الْم حْراب *] أنّ اللّه يُبشّ رُك} لأنّهُ كأنه قال {نادتْهُ الْملائ كةُ} فقالت: {إ نّ اللّه يُبشّ رُك} وما بعد القول حكاية [٨٥ء].

وقال بعضهم {أنّ اللّه} يقول: "فنادته الملائكة بذلك ".

وقال تعالى {ب يحْيى مُصدّ قاً ب كل مةٍ مّ ن اللّه وسيّ داً وحصُوراً}

وقوله {وسيّ داً وحصُوراً} معطوف على "مُصدّ قاً" على الحال.

٤٠

قال تعالى {وقدْ بلغن ي الْك برُ} كما تقول "وقدْ بلغن ي الجهْدُ" أي: أنا في الجهْد والك بر.

٤١

قال {ثلاثة أيّامٍ إ لاّ رمْزاً} يريد: "أنْ لا تُكلّ م الناس إلاّ رمْزاً" وجعله استثناء خارجاً من أول الكلام. والرمز: الايماء.

٤٢

قال {وإ ذْ قالت الْملائ كةُ يامرْيمُ} فـ"إذْ" ها هنا ليس له خبر في اللفظ.

٤٤

قال اللّه تعالى {إ ذْ يُلْقُون أقْلامهُمْ أيُّهُمْ يكْفُلُ مرْيم} لأنّ كل ما كان من طلب العلم فقد يقع بعده الاستفهام. تقول: "أزيْدٌ في الدّار "؟ و: "لتعْلمنّ أزيْدٌ ف ي الدّار".

وقال {ل نعْلم أيُّ الح زْبيْن } أي: لننظر. وقال تعالى {ل يبْلُوكُمْ أيُّكُمْ أحْسنُ عملاً} وأمّا قوله {ثُمّ لننز عنّ م ن كُلّ ش يعةٍ أيُّهُمْ أشدُّ على الرّحْمان ع ت يّاً} فلم يرتفع على مثل ما ارتفع عليه الأول [٨٥ب] لأن قوله {لننز عنّ} ليس بطلب علم. ولكن لما فتحت "منْ" و"الذي" في غير موضع "أي" صارت غير متمكنة اذ فارقت اخواتها تركت على لفظ واحد وهو الضم وليس باعراب. وجعل {أشدّ} من صلتها وقد نصبها قوم وهو قياس. وقالوا: "إذا تُكُلّ م بها فإنّه لا يكونُ فيها إلاّ الأعمال". وقد قرىء {تماماً على الّذ ي أحْسنُ} فرفعوا وجعلوه من صلة "الذي" وفتحه على الفعل أحسن. وزعموا ان بعض العرب قال: "ما أنا بالّذ ي قائلٌ لك شيْئاً" فهذا الوجه لا يكون للاثنين الا "ما نحْنُ بالّلذيْن قائ لان لك شيْئاً".

٤٥

قوله {إ ذْ قالت الْملائ كةُ يامرْيمُ إ نّ اللّه يُبشّ رُك } و{يوْم تج دُ كُلُّ نفْسٍ مّا عم لتْ م نْ خيْرٍ مُّحْضراً} وأشْباهُ هذا في "إذْ" و"الح ين" وفي "يوْم" كثير. وانما حسن ذلك للمعنى، لأن القرآن انما انزل على الأمر والذي كأنه قال لهم: "أذْكُروا كذا وكذا" وهذا في القرآن في غير موضع و"اتّقُوا يوم كذا" أو"حين كذا".

وقال تعالى {اسْمُهُ الْمس يحُ ع يسى ابْنُ مرْيم وج يهاً} نصبه على الحال {وم ن الْمُقرّب ين} عطف على {وج يهاً} وكذلك {وكهْلاً}[٤٦] معطوف على {وج يهاً} لأن ذلك منصوب. وأما قوله تعالى {ب كل مةٍ مّ نْهُ اسْمُهُ الْمس يحُ} فانه جعل "الكلمة" هي "عيسى" لأنه في المعنى كذلك كما قال {أن تقُول نفْسٌ ياحسْرتا} ثم قال {بلى قدْ جآءتْك آيات ي فكذّبْت ب ها} وكما قالوا: "ذو الثُديّة" لأن يدهُ كانت مثل الثدي. كانت قصيرة قريبة من ثديه فجعلها كأن اسمها "ثُديّة" ولولا ذلك لم تدخل الهاء في التصغير.

٤٧

أما قوله {كذل ك اللّه} فكسر الكاف لأنها مخاطبة امرأة واذا كانت الكاف للرجل فتحت. قال للمؤنث {واسْتغْف ر ي [٨٦ء] ل ذنْب ك إ نّك كُنْت م ن الْخاط ئ ين}.

٤٨

قوله {ويُعلّ مُهُ الْك تاب والْح كْمة} موضع نصب على {وج يهاً}. و{رسُولاً}[٤٩] معطوف على {وج يهاً}.

٥٠

قال تعالى {ومُصدّ قاً لّ ما بيْن يديّ} على قوله {وج ئْتُكُمْ} {مُصدّ قاً لّ ما بيْن يديّ} {رسُولاً} لأنّهُ قال {قدْ ج ئْتُكُمْ ب آيةٍ مّ ن رّبّ كُمْ}[٤٩].

٥١

قال {إ نّ اللّه ربّ ي وربُّكُمْ} فـ{إنّ} على الابتداء.

وقال بعضُهم {أنّ} فنصب على "وج ئْتُكُم بأنّ اللّه ربّ ي وربُّكُم" هذا معناه.

٥٢

قال تعالى {فلمّآ أحسّ ع يسى م نْهُمُ الْكُفْر} لأنّ هذا من "أحسّ" "يُح سُّ" "إحْساساً" وليس من قوله {تحُسُّونهُمْ ب إ ذْن ه } [اذ] ذلك من "حسّ" "يحُسُّ" "حسّاً" وهو في غير معناه لأن معنى "حسسْتُ" قتلت. و"أحْسسْتُ" هو: ظننْتُ.

٥٩

[وقال تعالى] {ثُمّ قال لهُ كُن فيكُونُ} رفع على الابتداء ومعناه: "كُنْ" "فكان" كأنّهُ قال: "فاذا هُو كائ نٌ".

٦٠

قال {الْحقُّ م ن رّبّ ك فلا تكُوننّ م ن الْمُمْتر ين} يقول: "هو الحقُّ منْ ربّ ك".

٦٤

قال سبحانه وتعالى {ياأهْل الْك تاب تعالوْاْ إ لى كل مةٍ سوآءٍ بيْننا وبيْنكُمْ} فجر {سوآءٍ} لأنها من صفة الكلمة وهو "العدْل". أراد "مُسْتو يةٍ" ولو اراد "استواءً" لكان النصْب. وإنْ شاء ان يجعله على الأستواء ويجرّ جاز، ويجعله من صفة الكلمة مثل "الخلْق"، لأن "الخلْق" قد يكون صفة ويكون اسما، قال اللّه تعالى {الّذ ي جعلْناهُ ل لنّاس سوآءً الْعاك فُ ف يه والْباد } لأن "السّواء" للآخر وهو اسم ليس بصفة [٨٦ب] فيُجْرى على الأول، وذلك اذا اراد به الاستواء فان أراد "مُسْتو ياً"* جاز أن يجري على الأول، فالرفع في ذا المعنى جيد لأنها صفة لا تغير عن حالها ولا تثنى ولا تجمع على لفظها ولا تؤنث، فأشبهت الأسماء. وقال تعالى {أن نّجْعلهُمْ كالّذ ين آمنُواْ وعم لُواْ الصّال حات سوآءً مّحْياهُمْ ومماتُهُمْ} فـ"السواءُ" للمحْيا والممات ، فهذا المبتدأ. وإنْ ش ئْت أجْريْتهُ على الأول وجعلته صفة مقدمة من سبب الأول فجرى عليه، فذا اذا جعلته في معنى مستو فالرفع وجه الكلام كما فسرته لك من قوله {ألاّ نعْبُد** إ لاّ اللّه}[٦٤] فهو بدل كأنه قال "تعالوْا إلى أنْ لا نعْبُد إلاّ اللّه".

٧٢

قال تعالى {آم نُواْ ب الّذ ي أُنْز ل على الّذ ين آمنُواْ وجْه النّهار واكْفُرُواْ آخ رهُ} جعله ظرفا.

٧٣

قال تعالى {أن يُؤْتى أحدٌ مّ ثْل مآ أُوت يتُمْ} يقول "لا تُؤْم نُوا أنْ يُؤْتى أحدٌ م ثْل ما أُوت يتُم وأنْ يُحاجُّوكُمْ ب ه ع نْد ربّ كُمْ" أي: ولا تُؤْم نُوا أنْ يُحاجُّوكُمْ.

٧٥

قال تعالى {إ لاّ ما دُمْت عليْه قآئ ماً}. لأنّها م نْ "دُمْتُ" "تدُومُ". ولغةٌُ ل لْعرب "د مْت" وهي قراءة مثل "م تّ" "تمُوتُ" جعله على "فع ل" "يفْعُلُ" فهذا قليل.

وقال تعالى {ب د ينارٍ} أي: على دينار [٨٧ء] كما تقول: "مررتُ ب ه " و"عليه".

٧٧

قال عز وجل {ولا يُكلّ مُهُمُ اللّه ولا ينظُرُ إ ليْه مْ} فهذا مثل قولك للرجل "ما تنْظُرُ إ ليّ" اذا كان لا ينيلك شيئاً.

٧٨

قال تعالى {يلْوُون ألْس نتهُمْ ب الْك تاب } بفتح الياء.

وقال {يُلوّوُن} بضم الياء واحسبها {يلْووُن} لأنّه قال {ليّاً بألسنتهم} فلو كان من {يُلووُّن} لكانت "تلْو يةً بألسنتهم".

٧٩

قال تعالى {ثُمّ يقُول ل لنّاس } نصبٌ على {ما كان ل بشرٍ أن يُؤْت يهُ اللّه} {ثُمّ يقُول ل لنّاس } لأنّ "ثُمّ" من حُروف العطف.

٨٠

{ولا يأْمُركُمْ} أيضاً معطوفٌ بالنّصب على {أنْ} وإنْ شئت رفعت؛ تقول {ولا يأْمُرُكُمْ} لا تعطفه على الأوّل تريد: هُو لا يأْمُرُكُمْ.

٨١

قال اللّه تعالى {لمآ آتيْتُكُم مّ ن ك تابٍ وح كْمةٍ ثُمّ جآءكُمْ رسُولٌ مُّصدّ قٌ لّ ما معكُمْ لتُؤْم نُنّ ب ه } فاللام التي مع "ما" في أول الكلام هي لام الابتداء نحو "لزيدٌ أفضلُ م نك"، لأن {مآ آتيْتُكُمُ} اسم والذي بعده صلة. واللام التي في {لتُؤْم نُنّ ب ه ولتنصُرُنّهُ} لام القسم كأنه قال "واللّه لتُؤم نُنّ ب ه " فوكد في أول الكلام وفي آخره، كما تقول: "أما واللّه أنْ لوْ اج ئْتني لكان كذا وكذا"، وقد يستغنى عنها. ووكّد في {لتُؤْم نُنّ} باللام في آخر الكلام وقد يستغنى عنها. جعل خبر {مآ آتيْتُكُمْ مّ ن ك تابٍ وح كْمةٍ} {لتُؤْم نُنّ ب ه } مثل "ما ل عبْد اللّه؟ واللّه لتْأت ينّه". وان شئت جعلت خبر (ما) {م نْ ك تابٍ} تريد {لما آتيْتُكُمْ كتابٌ وح كْمةٌ} وتكون "م نْ" زائدة.

٩١

قال تعالى {مّ لْءُ الأرْض ذهباً} مهموزة من [٨٧ب] "ملأْتُ" وانتصب (ذهبا) كما تقول: "ل ي مثلُك رجُلاً" أي: لي مثلك من الرجال، وذلك لأنك شغلت الاضافة بالاسم الذي دون "الذهب" وهو "الأرض" ثم جاء "الذهب" وهو غيرها فانتصب كما ينتصب المفعول اذا جاء من بعد الفاعل، وهكذا تفسير الحال، لأنك اذا قلت: "جاء عبدُ اللّه راكباً" فقد شغلت الفعل* بـ"عبد اللّه" وليس "راكب" من صفته لأن هذا نكرة وهذا معرفة. وإنما جئت به لتجعله اسما للحال التي جاء فيها. فهكذا تفسيره، وتفسير "هذا أحسنُ منك وجْهاً"، لأن "الوجه" غير الكاف التي وقعت عليها "م نْ" و"أحسنُ" في اللفظ انما هو الذي تفضله فـ"الوجهُ" غير ذينك في اللفظ فلما جاء بعدهما وهو غيرهما انتصب انتصاب (**) المفعول به بعد الفاعل.

٩٣

قال تعالى {كُلُّ الطّعام كان ح لاًّ لّ بن ي إ سْرائ يل} لأنه يقال: "هذا حلالٌ" و: "هذا ح لٌّ"، و"هذا حرام" و"هذا ح رْمٌ" ويقال* {وحرامٌ على قرْيةٍ} [ويقال] {وح رْمٌ على قرية} وتقول: "ح رْمٌ عليّكُم ذاك" ولو قال {وحُرْمٌ على قريةٍ} كان جائزا [ولو قال] {وحرْمٌ على قريةٍ} كان جائزاً أيضاً.

٩٥

قال اللّه {فاتّب عُواْ م لّة إ بْراه يم حن يفاً} نصب على الحال.

٩٦

قال تعالى {إ نّ أوّل بيْتٍ وُض ع ل لنّاس للّذ ي ب بكّة} فهذا خبر "إنّ".

ثم قال {مُباركاً} لأنه [٨٨ء] قد استغنى عن الخبر*، وصار {مُباركاً} نصبا على الحال. {وهُدىً لّ لْعالم ين} في موضع نصب عطف عليه. والحال في القرآن كثير ولا يكون إلا في موضع استغناء.

٩٧

قال تعالى {ف يه آياتٌ بيّ ناتٌ مّقامُ إ بْراه يم} فرفع {مّقامُ إ بْراه يم} لأنه يقول: {ف يه آياتٌ بيّ ناتٌ} منها {مّقامُ إ بْراه يم} على الإ ضمار.

١٠٣

قال اللّه تعالى {واذْكُرُواْ ن عْمت اللّه عليْكُمْ إ ذْ كُنْتُمْ أعْدآءً} على التفسير بقطع الكلام عند قوله {اذْكُرُواْ ن عْمت اللّه عليْكُمْ} ثم فسر آية التأليف بين قلوبهم وأخبر بالذي كانوا فيه قبل التأليف كما تقول "أسمك الحائ ط أنْ يميل".

{وكُنْتُمْ على شفا حُفْرةٍ} فـ"الشّفا" متصور مثل "القفا" وتثنيته بالواو تقول: "شفوان " لأنه لا يكون فيه الامالة*, فلما لم تجيء فيه الإ مالة عرفت أنّهُ من الواو.

١٠٤

قال تعالى {ولْتكُن مّ نْكُمْ أُمّةٌ يدْعُون إ لى الْخيْر } و"أُمّةٌ" في اللفظ واحد وفي المعنى جمع فلذلك قال {يدْعُون} [وفي] {ولْتكُنْ} جزم السلام بعضهم ايضاً.

١٠٦

أما قوله {فأمّا الّذ ين اسْودّتْ وُجُوهُهُمْ أكْفرْتُمْ بعْد إ يمان كُمْ} على "فيُقالُ لهُمْ أكفرْتُم". مثل قوله {والّذ ين اتّخذُواْ م ن دُون ه أوْل يآء ما نعْبُدُهُمْ} وهذا في القرآن كثير.

١٠٩

قال عز وجل {وللّه ما ف ي السّماوات وما ف ي الأرْض وإ لى اللّه تُرْجعُ الأُمُورُ} فثنى الاسم واظهره، وهذا مثل "أمّا زيْدٌ فقد ذهب زيْدٌ".

قال الشاعر: [من الخفيف وهو الشاهد السابع والخمسون بعد المئة]:

لا أرى الموْت يسْب قُ الموت شيءٌ * نغّص الموْتُ ذا الغ نى والفق يرا

[٨٨ب] فأظْهر في موضع الاضمار.

١١٠

قال تعالى {كُنْتُمْ خيْر أُمّةٍ} يُريدُ "أهْل أُمّةٍ" لأنّ الأُمّة [٨٩ء] الطريقة. والأمّة أيْضاً لُغة. قال النابغة: [من الطويل وهو الشاهد التاسع والخمسون بعد المئة]:

حلفْتُ فلمْ أتْرُكْ ل نفْس ك ر يبةً * وهلْ يأْثمنْ ذُو أُمّةٍ وهُو طائ عُ

١١١

قال {لن يضُرُّوكُمْ إ لاّ أذًى} استثناء يخرج من أول الكلام. وهو كما روى يونس عن بعض العرب انه قال: "ما أشْتك ي شيئاً إلاّ خيْراً". ومثلُه {لاّ يذُوقُون ف يها برْداً ولا شراباً [٢٤] إ لاّ حم يماً وغسّاقاً}.

١١٢

 [قال] {ضُر بتْ عليْه مُ الذّ لّةُ أيْن ما ثُق فُواْ إ لاّ ب حبْلٍ مّ نْ اللّه} فهذا مثل {لنْ يضُرُّوكُمْ إ لاّ أذى} استثناء خارج من أول الكلام في معنى "لكنّ" وليس بأشد من قوله {لاّ يسْمعُون ف يها لغْواً إ لاّ سلاماً}.

١١٣

قال {ليْسُواْ سوآءً مّ نْ أهْل الْك تاب } لأنه قد ذكرهم ثم فسره فقال: {مّ نْ أهْل الْك تاب أُمّةٌ قآئ مةٌ يتْلُون آيات اللّه} ولم يقل "وأُمّةٌ على خلاف هذه الأُمّة " لأنه قد ذكر كل هذا قبل. وقال تعالى {مّ نْ أهْل الْك تاب } فهذا قد دل على أمة خلاف هذه.

قال تعالى {آنآء اللّيْل } وواحد "الآناء " مقصور "إنى" فاعلم

وقال بعضهم: "إ نْي" كما ترى و"إنْوٌ" وهو ساعاتُ الليْل.

قال الشاعر: [من البسيط وهو الشاهد الثامن والخمسون بعد المئة]:

السّال كُ الثّغْر مخْش يّاً موار دُهُ * ف ي كُلّ إنيٍ قضاهُ اللّيلُ ينْتع لُ

قال: وس مْعُته "يخْتع لُ"*.

١١٨

قال تعالى {لا يأْلُونكُمْ خبالاً} لأنها من "ألوْتُ" و"ما آلُو" "ألْواً".

وقال تعالى {ودُّواْ ما عن تُّمْ} يقول {لا تتّخ ذُواْ ب طانةً} {ودُّواْ} أي: أحبُّوا {ما عن تُّمْ} جعله من صفة "الب طانة"، جعل {ما عن تُّمْ} في موضع "العنت ".

١٢٠

قال {لا يض رْكُمْ كيْدُهُمْ} لأنه من "ضار" "يض ير" و"ض رْتُه" خفيفة "فأنا أض يرُه"، قال بعضهم {لا يضُرُّكُمْ} جعله من "ضرّ" "يضُرُّ" وحرّك للسكون الذي قبله لأن الحرف الثقيل بمنزلة حرفين الأول منهما ساكن.

وقال بعضهم {لا يضُرْكم} جعلها من "ضار" "يضُور" وهي لغة.

١٢١

قال تعالى {وإ ذْ غدوْت م نْ أهْل ك تُبوّ ىءُ الْمُؤْم ن ين} لأنها من "بوّأت" و"إذْ" ها هنا إنّما خبرُها في المعنى كما فسرت لك.

١٢٥

قال {ب خمْسة آلافٍ مّ ن الْملائ كة مُس وّ م ين} لأنهم سوّمُوا الخيل.

وقال بعضُهم {مُسوّمين} مُعل مين لأنّهُمْ هْم سُوّ مُوا وبها نقرأ.

١٢٨

{أوْ يتُوب عليْه مْ أوْ يُعذّ بهُمْ} على {ل يقْطع طرفاً}[١٢٧] عطفه على اللام.

١٤٠

قال تعالى {إ ن يمْسسْكُمْ قرْحٌ} قال بعضهم {قُرْحٌ} مثل "الضعْف" و"الضُعْف" وتقول منه "قر ح" "يقْرح" "قرْحا" و"هو قر ح". وبعض العرب يقول [٨٩ب] "قر يح" مثل "مذ ل" و "مذ يل".

١٤٣

قال تعالى {فقدْ رأيْتُمُوهُ وأنْتُمْ تنظُرُون} توكيداً كما تقول: "قدْ رأيتُه واللّه ب عّيْني" و"رأيْتُهُ ع يانا".

١٤٤

قال تعالى ولم يقل {أفإ نْ مّات أوْ قُت ل انْقلبْتُمْ} فيقطع الألف لأنه جواب المجازاة الذي وقعت عليه {إ نْ] وحرف الاستفهام قد وفع على {إ نْ} فلا يحتاج خبره إلى الاستفهام لأن خبرها مثل خبر الابتداء. الا ترى انك تقول: "أأزيْدٌ حسنٌ" ولا تقول: "أزيْدٌ أحسنٌ" وقال اللّه تعالى {أفإ نْ مّ تّ فهُمُ الْخال دُون} ولم يقل "أهُمُ اْلْخال دُن" لأنه جواب المجازاة.

١٤٥

قال اللّه تعالى {وما كان ل نفْسٍ أنْ تمُوت إ لاّ ب إ ذْن اللّه ك تاباً مُّؤجّلاً} فقوله سبحانه {ك تاباً مُّؤجّلاً} توكيد، ونصبه على "كتب اللّه ذلك ك تاباً مُؤجّلاً". وكذلك كل شيء في القرآن من قوله {حقّا} انما هو "أُح قُّ ذل ك حقّاً". وكذلك {وعْد اللّه} و{رحْمةً مّ ن رّبّ ك} و{صُنْعاللّه} و{ك تاب اللّه عليْكُمْ} انما هو من "صنع اللّه ذلك صُنْعاً" فهذا تفسير كل شيء في القرآن من نحو هذا وهو كثير.

١٤٦

قال تعالى {وكأيّ ن مّ ن نّب يٍّ قُت ل معهُ ر بّ يُّون كث يرٌ فما وهنُواْ} يجعل النبيّ هو الذي قُت ل وهو أحسنُ الوجهين لأنّه [٩٠ء] قد قال {أفإ نْ مات أوْ قُت ل} [١٤٤]

وقال بعضهم {قاتل معهُ} وهي أكثر وبها نقرأ. لأنّهم كانوا يجعلون {قُت ل} على {ر بّ يُّون}. ونقول: "فكيف نقول "فكيف نقول {فما وهنُواْ} وقد قلنا انهم قد قتلوا فانه كما ذكرت لك أن القتل على النبي صلى اللّه عليه.

وقوله {ر بّ يُّون} يعني: الذين يعبدون الرب تعالى وواحدها "ر بّ يّ".

١٤٧

قال تعالى {وما كان قوْلهُمْ إ لاّ أن قالُواْ}

وقال {وما كان جواب قوْم ه إ لاّ أن قالُواْ} و [قال] {مّا كان حُجّتهُمْ إ لاّ أن قالُواْ} فـ{أنْ قالُواْ} هو الاسم الذي يرفع بـ{وكان} لأن {أنْ} الخفيفة وما عملت فيه بمنزلة اسم تقول: "أعْجبن ي أنْ قالوا" وإنْ شئت رفعت أول هذا كله وجعلت الآخر في موضع نصب على خبر كان.

قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد الستون بعد المئة]:

لقدْ عل م الأقْوامُ ما كان داءها * ب ثهْلان إلاّ الخ زْيُ م مّنْ يقُودُها

وان شئت "ما كان داؤُها الا الخ زْي".

١٥٣

قال تعالى {إ ذْ تُصْع دُون ولا تلْوُون على أحدٍ} لأنك تقول: "أصْعد" أي: مضى وسار و"أصْعد الوُادي" أي: انْحدر فيه. وأما "صع د" فانه: ارتفى.

وقال {فأثابكُمْ غُمّاً ب غمٍّ} أي: على غمٍّ. كما قال {ف ي جُذُوع النّخْل } ومعناه على جذوع النخل وكما قال: "ضربني ف ي السيف " يريد "ب السيف" وتقول: نزلت في أبيك" [٩٠ب] أي: على أبيك.

١٥٤

قال تعالى {إ نّ الأمْر كُلُّهُ للّه} اذا جعلت "كُلاًّ" اسما كقولك: "إنّ الأمْر بعْضُهُ ل زيْدٍ" وان جعلته صفة نصبت. وان شئت نصبت على البدل، لأنك لو قلت "إنّ الأمْر بعْضهُ ل زيْدٍ" لجاز على البدل، والصفة لا تكون في "بعْض".

قال الشاعر: [من الكامل وهو الشاهد الحادي والستون بعد المئة]:

إنّ السُّيُوف غُدُوُّها ورواحُها * تركا فزارة مثل قرْن الأعْضب

فابتدأ "الغُدُوّ" و"الرواح" وجعل الفعل لهما. وقد نصب بعضهم "غُدُوّها" ورواحا"

وقال: "تركتْ هواز ن" فجعل "الترك" لـ"السيوف" وجعل "الغدوّ" و"الرواح" تابعا لها كالصفة حتى صار بمنزلة "كلّها". وتقول {إ نّ الأمْر كُلّهُ للّه} على التوكيد اجود وبه نقرأ.

وقال تعالى {لبرز الّذ ين كُت ب عليْه مُ الْقتْلُ إ لى مضاج ع ه مْ}

وقد قال بعضهم {الق تالُ} و"القتْلُ" [أصوب] فيما نرى،

وقال بعْضُهُم {إلى ق تال ه م} و{القتْلُ} أصوبهما إن شاء اللّه لأنه قال {إ لى مضاج ع ه مْ}.

وقال {ول يبْتل ي اللّه ما ف ي صُدُور كُمْ}: أيْ: كيْ يبْتل ي اللّه.

١٥٦

قال تعالى {أوْ كانُواْ غُزًّى لّوْ كانُواْ ع نْدنا ما ماتُواْ وما قُت لُواْ} [٩١ء] وواحد "الغُزّى" "غاز" مثل "شاه د" و"شُهّد".

١٥٧

قال تعالى {ولئ نْ قُت لْتُمْ ف ي سب يل اللّه أوْ مُتُّمْ} الآية. فان قيل كيف يكون {لمغْف رةٌ مّ ن اللّه} جواب ذلك الأول؟ فكأنه حين قال {ولئ نْ قُت لْتُمْ ف ي سب يل اللّه أوْ مُتُّمْ} تذكر لهم مغفرة ورحمة اذ كان ذلك في السبيل فقال {لمغْف رةٌ} يقول: "لت لْك المغفرة {خيْرٌ م مّا تجْمعُون}".

١٥٨

قال {ولئ نْ مُّتُّمْ أوْ قُت لْتُمْ لإ لى اللّه تُحْشرُون} وان شئت قلت {قُتّ لْتُمْ}.

١٥٩

قال تعالى {فب ما رحْمةٍ مّ ن اللّه} يقول: "فب رحْمةٍ" و {ما} زائدة.

١٦١

قال تعالى {وما كان ل نب يٍّ أنْ يغُلّ}

وقال بعضهم {يُغلُّ} وكلٌّ صواب و اللّه أعلم لأنّ المعنى "أنْ يخُون" أوْ "يُخان".

١٦٥

قال {أو لمّا أصابتْكُمْ مُّص يبةٌ} فهذه الألف ألف الاستفهام دخلت على واو العطف، فكأنه قال: "صنعْتُم كذا وكذا ولمّا أصابتكم" ثم ادخل على الواو ألف الاستفهام.

١٦٦

قال تعالى {ومآ أصابكُمْ يوْم الْتقى الْجمْعان فب إ ذْن اللّه} فجعل الخبر بالفاء لأنّ {ما} بمنزلة "الذي" وهو في معنى "منْ"، و"منْ" تكون في المجازاة ويكون جوابها بالفاء.

قال {فب إ ذْن اللّه ول يعْلم الْمُؤْم ن ين} فجعل الخبر بالفاء لأنّ {مآ أصابكُمْ}: الذي أصابكم.

وقال {ول يعْلم الْمُؤْم ن ين} لأنّ معناه: "فهُو بإ ذن اللّه" "وهُو ل يعْلم".

١٦٨

قال {الّذ ين قالُواْ لإ خْوان ه مْ وقعدُواْ لوْ أطاعُونا ما قُت لُوا قُلْ فادْرءُوا عنْ أنْفُس كُمُ الْموْت} أي: قُلْ لهُمْ {فادْرءُوا عنْ أنْفُس كُمُ الْموْت} وأضمر "لهُمْ".

١٧٣

قال تعالى {فزادهُمْ إ يماناً}[٩١ب] يقول: "فزادهُمْ قوْلُهُم إيمانا".

١٧٥

قال {إ نّما ذال كُمُ الشّيْطانُ يُخوّ فُ أوْل ياءهُ} يقول: "يُرْه بُ النّاس أول ياءهُ" أي: ب أوّل يائ ه ".

١٨٠

قال {ولا يحْسبنّ الّذ ين يبْخلُون ب مآ آتاهُمُ اللّه م ن فضْل ه هُو خيْراً لّهُمْ بلْ هُو شرٌّ لّهُمْ} فأراد "ولا تحْسبنّ البُخْل هُو خيْراً لهُمْ" فالقى الاسم الذي أوقع عليه الحسبان وهو "البُخْل"، لأنّه قد ذكر الحسبان وذكر ما آتاهم اللّه من فضله فأضمرهما اذا ذكرهما. وقد جاء من الحذف ما هو أشد من ذا، قال اللّه تعالى {لا يسْتو ي م نكُم مّنْ أنفق م ن قبْل الْفتْح وقاتل} ولم يقل "ومنْ أنْفق م نْ بعْد" لأنه لما قال {أُوْلائ ك أعْظمُ درجةً مّ ن الّذ ين أنفقُواْ م ن بعْدُ} كان فيه دليل على أنه قد عناهم.

١٨١

قال تعالى {سنكْتُبُ ما قالُواْ وقتْلهُمُ الأنب ياء ب غيْر حقٍّ} وقد مضى لذلك دهر، فانما يعني: سنكتب ما قالوا على من رضي به من بعدهم أيام يرضاه".

١٨٧

قال {ليُبيّ نُنّهُ ل لنّاس ولا يكْتُمُونهُ} يقول: "استحلفهم ليُبيّ نُنّه ولا يكْتُمُونهُ"

وقال {لتُبيّ ننّهُ ولا تكْتُمونهُ} أي: قُلْ لهُم: "واللّه لتُبيّ نُنّهُ ولا تكْتُمُونه".

١٨٨

أما قوله {لا تحْسبنّ الّذ ين يفْرحُون ب مآ أتوْاْ وّيُح بُّون أن يُحْمدُواْ [٩٢ء] ب ما لمْ يفْعلُواْ فلا تحْسبنّهُمْ} فإ نّ: الآخ رة بدلٌ من الأولى والفاء زائدة. ولا تعجبني قراءة من قرأ الأولى بالياء [اذ] ليس لذلك مذهب في العربية لأنه اذا قال {لا يحْسبنّ الّذ ين يفْرحُون ب مآ أتوْاْ} فإنّه لمْ يوق عْه على شيء.

١٩٥

قال {أنّ ي لا أُض يعُ عمل عام لٍ مّ نْكُمْ مّ ن ذكرٍ أوْ أُنْثى} أيْ: فاستجاب: ب أنّي لا أُضيعُ عمل عام لٍ م نْكُم. أدخل فيه {م نْ} زائدة كا تقول "قدْ كان م نْ حد يثٍ" و{م نْ} ها هنا لغو لأنّ حرف النفي قد دخل في قوله {لا أُض يعُ}.