سُورَةُ الْفِيلِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ خَمْسُ آياَتٍ

( مَكِّيَّة )

بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١

قوله عزَّ وجلَّ : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (١)

(كَيْفَ) في موضع نصب ب (فَعَلَ رَبُّكَ) لا بِ (أَلَمْ تَرَ) ، لأن كيف

من حروف الاستفهام.

ومعنى (أَلَمْ تَرَ) ألم تعلم ، فأَعلم اللّه - عزَّ وجلَّ - رسوله

ما كان مما سَلَفَ من الأقاصيص وما فيه دَالٌّ على توحيد اللّه وتعظيمه أمر

كعبته ، وكان من قصة أصحاب الفيل أنَّ قوماً من العرب - وكانوا ببلاد

النجاشي - وكانوا بحضرة بيت هو مصَلَّى للنَّصَارَى وأصحاب النجاشي.

فأججوا ناراً استعملوها لبعض ما احتاجوا إليه ، ثم رحلوا ولم يطفئوها فحملتها الريح حتى أَحْرَقَتِ البَيْتَ الذي كان مصلاهم وَمَثَابة للنجاشي وَأَصْحَابِه ، فقصد مكة مقَدِّراً أَن يَحرقَ بيت الحَرَامَ ويستبيح أهل مكة.

فلما قربوا من الحرم لَمْ تَسِرْ بهم دَوَابهم نحو البيتِ فإذا عطفوها راجعين سَارَتْ.

فوعظهم اللّه بأَبْلَغ مَوْعظةٍ ، فأقاموا على قصد البيت وعلى أن يحرقوه ، فأرسل اللّه عليهم طَيراً أَبابيل ، فجعل كيدهم في تضليل ، أي في ذهاب وهلاك ، وكان مع كل طائر ثلاثة أحجار ، حجر في منقاره وحَجران في رجليه ، يقع الحجر منها على رأس الرجل فيخرج من دبره على كل حجر اسم الرجل الذي وقع عليه ، فقال اللّه جل ثناؤه :

٣

(وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (٣)

جماعات من ههنا وجماعات من ههنا

والمعنى أرسل اللّه عليهم هذا الطير بهذه الحجارة من كل جانب .

٤

ومعنى (تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤)

وصف اللّه في كل من عَذَبه بالحجارة أَنَها مِنْ سِجِّيلٍ ، فقال في قوم

لُوطٍ : (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ).

فالمعنى وأرْسَل عليهم ما يرميهم بحجارة مِنْ سِجِّيلٍ ، أي من شديد

عَذَابه ، والعرب إذا وصفت المكروه بسِجِيلٍ كأنها تعني به الشدَّةَ ولا يوصف

بهء غير المكروه.

قال الشاعر.

وَرَجْلَةً يَضْرِبُونَ البَيْضَ عَنْ عُرُضٍ . . . ضرباً تواصَتْ به الأبطالُ سِجِّيلَا

أَيْ ضَرْباً . شَدِيداً.

وأما (أبابيل) قال أبو عُبَيدَةَ : لا واحد لها ، وقال غيره : إبَّالةُ وَأَبابيل.

و (إبَّالَة) كأنَّها جماعة ، وقَالَ بَعْضُهم واحدها " إبَّوْل " وأبابيل ، مثل عجول

وعجاجيل.

* * *

٥

(فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥)

أي جعلهم كَوَرَقِ الزَّرْعِ الذي جَفَّ وأُكل : أي : وقع فيه الأُكال.

وجاء في التفسير أن اللّه تعالى أرسل عليهم سيلًا فحملهم إلى البحر .