( مَكِّيَّة )
بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١)
(وَيْلٌ) مرفوع بالابتداء والخبر (لِكُلِّ هُمَزَةٍ)
ولو كان في غير القرآن جاز النصب ، ولا يجوز في القرآن لمخالفة المصحف . فمن قال : وْيلاً للكافرين.
فالمعنى جعل اللّه له ويلاً ، ومن قال : (وَيْلٌ) فهو أجود فى العربية
لأنه قد ثبت له الويل ، والويل كلمة تقال لكل من وقع في هلكة.
والهُمَزَةُ اللُمَزَةُ الذي يغتاب النَّاسَ ويَغُضُّهم
قال الشاعر :
إذا لَقِيتُكَ عَنْ كُرْهٍ تُكَاشِرُني . . . وإن تَغَيَّبْتُ كُنْتَ الهَامِزَ اللُّمَزَهْ
* * *
(الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (٢)
وقرئت : (الذي جَمَّعَ مَالًا) ، وقرئت (جَمَعَ مَالًا) ، بالتخفيف.
وقرئت (وَعَدَّدَهُ) بالتشديد ، وقرئت (وَعَدَدَهُ) - بالتخفيف.
فمن قرأ (وَعَدَّدَهُ) فمعناه ، وَعَدَّدَهُ للدهُور.
ومن قرأ (وَعَدَدَهُ) فمعناه جمع مالاً وَعَدَداً ، أي وقوماً أعَدَّهم نُصَّاراً (١).
__________
(١) قال السَّمين :
الذى جَمَعَ : يجوزُ جرُّه بدلاً ، ونصبُه ورفعُه على القطع . ولا يجوزُ جَرُّه نعتاً ولا بياناً لتغايُرِهما تعريفاً وتنكيراً . و « جَمَعَ » قرأ الأخَوان وابن عامر بتشديدِ الميم على المبالغةِ والتكثيرِ ، ولأنَّه يوافِقُ « عَدَّدَه » والباقون « جمَعَ » مخففاً وهي محتمِلَةٌ للتكثيرِ وعدمِه.
« وعَدَّدَه » العامَّةُ على تثقيل الدالِ الأول ، وهو أيضاً للمبالغةِ . وقرأ الحسن والكلبُّي بتخفيفِها . وفيه أوجهٌ ، أحدُها : أنَّ : جَمَعَ مالاً وعَدَدَ ذلك المالَ ، أي : وجَمَعَ عَدَدَه ، أي : أحصاه . و
الثاني : أنَّ : وجَمَعَ عَدَدَ نفسِه مِنْ عَشِيرَتِهِ وأقاربِه ، و « عَدَدَه » على هَذَيْنِ التأويلَيْنِ اسمٌ معطوفٌ على « مالاً » أي : وجَمَعَ عَدَدَ المالِ عَدَدَ نفسِه . الثالث : أنَّ « عَدَدَه » فعلٌ ماضٍ بمعنى عَدَّه ، إلاَّ أنَّه شَذَّ في إظهارِه كما شَذَّ في
٤٦٤١ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . إني أَجُوْدُ لأَِقْوامٍ وإنْ ضَنِنُوا
اهـ (الدُّرُّ المصُون).
و (يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (٣)
أي يعمل عمل من لا يظن مع يساره أنه يَمُوتَ.
* * *
و (كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤)
أي يرمى به في النار.
والحُطَمَةُ اسم من أسماء النار.
وقرئت (لَيُنْبَذَانِّ فِي الْحُطَمَةِ).
ورويت - عن الحسن ، على أن لينبذنَّ هو وماله في الحُطَمَةِ.
وقرئت (لَتَنْبُذُنَ) فِي الْحُطَمَةِ ، فمعناه أنه لينبذ هو وجمعُه في
الحطمة . والقراءة المعروفة (لَيُنْبَذَنَّ).
* * *
(نَارُ اللّه الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧)
هذه نار معدة لهؤلاء الكفار ومن كان مثلهم.
ومعنى (تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ)
يبلغ ألمها وإحْرَاقُها إلى الأفئدة.
* * *
و (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨)
قرئت بالِهمز وبغير همز.
وقرئت مُوصَدَة ، والعرب تقول أَوْصَدْتُه فعلى هذا مُوصَدَة.
وتقول آصَدْتُه فعلى هذا مؤصَدَة . بالهمزة.
ومعنى " مُوصَدَةٌ " مطبقة ، أي العَذَابُ مطبَق عليهم.
* * *
و (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)
وقرئت (فِي عُمُدٍ) وهو جمع عمَادٍ وَعُمَد وَعُمُد ، كما قالوا : إِهابٌ وأَهَبٌ وَأُهُبٌ . ومعناه أنها في عُمَد مِنَ النَّارِ (١).
__________
(١) قال السَّمين :
فِي عَمَدٍ : قرأ الأخَوان وأبو بكر بضمتين جمعَ « عَمُود » نحو : « رَسُول ورُسُل » . وقيل : جمعُ عِماد نحو : كِتاب وكُتُب . ورُوي عن أبي عمروٍ الضمُّ والسكونُ ، وهو تخفيفٌ لهذهِ القراءةِ . والباقون « عَمَد » بفتحتَيْن . فقيل : اسمُ جَمْعٍ لعَمود . وقيل : بل هو جمعٌ له ، قال الفراء : كأَدِيْم وأَدَم « وقال ابو عبيدة : » هو جمعُ عِماد « و » في عَمَدٍ « يجوزُ أَنْ يكونَ حالاً مِنْ الضميرِ في » عليهم « ، أي : مُوْثَقِين ، وأَنْ يكونَ خبراً لمبتدأ مُضمرٍ ، أي : هم في عَمَدٍ ، وأَنْ يكونَ صفةٌ لمُؤْصَدَة ، قال أبو البقاء » يعني : فتكون النارُ داخلَ العَمَدِ «.
اهـ (الدُّرُّ المصُون).