سُورَةُ الْهُمَزَةِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ تِسْعُ آياَتٍ

( مَكِّيَّة )

بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١

 (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١)

(وَيْلٌ) مرفوع بالابتداء والخبر (لِكُلِّ هُمَزَةٍ)

ولو كان في غير القرآن جاز النصب ، ولا يجوز في القرآن لمخالفة المصحف . فمن قال : وْيلاً للكافرين.

فالمعنى جعل اللّه له ويلاً ، ومن قال : (وَيْلٌ) فهو أجود فى العربية

لأنه قد ثبت له الويل ، والويل كلمة تقال لكل من وقع في هلكة.

والهُمَزَةُ اللُمَزَةُ الذي يغتاب النَّاسَ ويَغُضُّهم

قال الشاعر :

إذا لَقِيتُكَ عَنْ كُرْهٍ تُكَاشِرُني . . . وإن تَغَيَّبْتُ كُنْتَ الهَامِزَ اللُّمَزَهْ

* * *

٢

(الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (٢)

وقرئت : (الذي جَمَّعَ مَالًا) ، وقرئت (جَمَعَ مَالًا) ، بالتخفيف.

وقرئت (وَعَدَّدَهُ) بالتشديد ، وقرئت (وَعَدَدَهُ) - بالتخفيف.

فمن قرأ (وَعَدَّدَهُ) فمعناه ، وَعَدَّدَهُ للدهُور.

ومن قرأ (وَعَدَدَهُ) فمعناه جمع مالاً وَعَدَداً ، أي وقوماً أعَدَّهم نُصَّاراً (١).

__________

(١) قال السَّمين :

  الذى جَمَعَ  : يجوزُ جرُّه بدلاً ، ونصبُه ورفعُه على القطع . ولا يجوزُ جَرُّه نعتاً ولا بياناً لتغايُرِهما تعريفاً وتنكيراً . و « جَمَعَ » قرأ الأخَوان وابن عامر بتشديدِ الميم على المبالغةِ والتكثيرِ ، ولأنَّه يوافِقُ « عَدَّدَه » والباقون « جمَعَ » مخففاً وهي محتمِلَةٌ للتكثيرِ وعدمِه.

 « وعَدَّدَه » العامَّةُ على تثقيل الدالِ الأول ، وهو أيضاً للمبالغةِ . وقرأ الحسن والكلبُّي بتخفيفِها . وفيه أوجهٌ ، أحدُها : أنَّ  : جَمَعَ مالاً وعَدَدَ ذلك المالَ ، أي : وجَمَعَ عَدَدَه ، أي : أحصاه . و

الثاني : أنَّ  : وجَمَعَ عَدَدَ نفسِه مِنْ عَشِيرَتِهِ وأقاربِه ، و « عَدَدَه » على هَذَيْنِ التأويلَيْنِ اسمٌ معطوفٌ على « مالاً » أي : وجَمَعَ عَدَدَ المالِ  عَدَدَ نفسِه . الثالث : أنَّ « عَدَدَه » فعلٌ ماضٍ بمعنى عَدَّه ، إلاَّ أنَّه شَذَّ في إظهارِه كما شَذَّ في

٤٦٤١ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . إني أَجُوْدُ لأَِقْوامٍ وإنْ ضَنِنُوا

اهـ (الدُّرُّ المصُون).

٣

و (يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (٣)

أي يعمل عمل من لا يظن مع يساره أنه يَمُوتَ.

* * *

٤

و (كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤)

أي يرمى به في النار.

والحُطَمَةُ اسم من أسماء النار.

وقرئت (لَيُنْبَذَانِّ فِي الْحُطَمَةِ).

ورويت - عن الحسن ، على أن  لينبذنَّ هو وماله في الحُطَمَةِ.

وقرئت (لَتَنْبُذُنَ) فِي الْحُطَمَةِ ، فمعناه أنه لينبذ هو وجمعُه في

الحطمة . والقراءة المعروفة (لَيُنْبَذَنَّ).

* * *

٧

(نَارُ اللّه الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧)

هذه نار معدة لهؤلاء الكفار ومن كان مثلهم.

ومعنى (تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ)

يبلغ ألمها وإحْرَاقُها إلى الأفئدة.

* * *

٨

و (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨)

قرئت بالِهمز وبغير همز.

وقرئت مُوصَدَة ، والعرب تقول أَوْصَدْتُه فعلى هذا مُوصَدَة.

وتقول آصَدْتُه فعلى هذا مؤصَدَة . بالهمزة.

ومعنى " مُوصَدَةٌ " مطبقة ، أي العَذَابُ مطبَق عليهم.

* * *

٩

و (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)

وقرئت (فِي عُمُدٍ) وهو جمع عمَادٍ وَعُمَد وَعُمُد ، كما قالوا : إِهابٌ وأَهَبٌ وَأُهُبٌ . ومعناه أنها في عُمَد مِنَ النَّارِ (١).

__________

(١) قال السَّمين :

  فِي عَمَدٍ  : قرأ الأخَوان وأبو بكر بضمتين جمعَ « عَمُود » نحو : « رَسُول ورُسُل » . وقيل : جمعُ عِماد نحو : كِتاب وكُتُب . ورُوي عن أبي عمروٍ الضمُّ والسكونُ ، وهو تخفيفٌ لهذهِ القراءةِ . والباقون « عَمَد » بفتحتَيْن . فقيل : اسمُ جَمْعٍ لعَمود . وقيل : بل هو جمعٌ له ، قال الفراء : كأَدِيْم وأَدَم « وقال ابو عبيدة : » هو جمعُ عِماد « و » في عَمَدٍ « يجوزُ أَنْ يكونَ حالاً مِنْ الضميرِ في » عليهم « ، أي : مُوْثَقِين ، وأَنْ يكونَ خبراً لمبتدأ مُضمرٍ ، أي : هم في عَمَدٍ ، وأَنْ يكونَ صفةٌ لمُؤْصَدَة ، قال أبو البقاء » يعني : فتكون النارُ داخلَ العَمَدِ «.

اهـ (الدُّرُّ المصُون).