( مَكِّيَّة )
بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله عزَّ وجلَّ : (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١)
أي شَغَلكم التكَاثُر بالأموال والأولاد عن طاعة اللّه.
* * *
(حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (٢)
أي حتى أَدْرَككم الموت على تلك الحال.
وجاء في التفسير أن حَيينِ من العرب ، وهم بنو عبد مناف وبنو سهم تَفاخروا وتكاثروا ، ففخرت بنو عبد مناف على بني سهم بأن عدوا الأحياء ، فقالت بنو سهم : فاذكروا الموتى.
وَكَثرَتْهُم بَنُو سهم بعد أن كان بنو عبد مناف قد كَثرُوا بني سَهْمٍ.
* * *
و (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣)
(كَلَّا) ردع وتنبيه ، ليس الأمر الذي ينبغي أن يكونوا عليه
التكَاثُرَ ، والذي ينبغي أن يكونوا عليه طاعة اللّه والإيمانُ بنبيه - صلى اللّه عليه وسلم -.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ : (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥)
لو علمتم الشيء حق علمه ، وصرفتُم التفهم إليه ، لارْتَدَعْتُم.
ثم قال :
* * *
(لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦)
كما قال : (وَإِنْ مِنْكُمْ إلا وَارِدُهَا).
والقراءة لتروُن - بضم الواو غير مهموزة - فضمت الواو لسكونها وسكون النون - وقد همزها بعضهم - لَتَرؤن -
والنحويونْ يكرهون همزة الواو ، لأن ضمتها غير لازمة لأنها حركت لالتقاء
السَّاكنين ، ويهمزون الواو التي ضمتها لازمة نحو أَدْؤرٍ جمع دار ، فيجوز أدؤر بالهمز وادور بغير الهمز ، وأنت مخير فيهما ، فأمَّا " لَتَرؤنَّ " ثم لَتَرَوُنَها فلا يختار النحويون إلا ترك الهمزة ، وقرئت : " لتُرَؤُنَّ " الجحيم ، على ما لم يُسَم فاعِلُه.
* * *
(ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (٨)
أي يوم القيامة ، عن كل ما يتنعَم به في الدنيا ، وجاء في الحديث أن
النبي عليه السلام أكل هو وجماعة من أصحابه تمراً - وروي بُسْراً - وشربوا
عليه ماء فقال : الحمد للّه الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين.
وجاء أن مما لا يسأل العبد عنه لباساً يواري سوْأَتَه وطعاماً يقيم به صلبه ، ومكاناً يكنه مِنَ الحَرِّ والبَرْدِ .