سُورَةُ الْعَادِيَاتِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ إِحْدَى عَشَرَةَ آيَةً

( مَكِّيَّة )

بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١

قوله تعالى : (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (١)

يعنى بالعاديات ههنا الخيل ، وهذَا قسم جوابه : (إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ).

و (ضَبْحًا).

معناه والعاديات تضبح ضبحاً ، وضبحها صوت أجوافها إذا عَدَتْ.

* * *

٢

(فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (٢)

إذا عدت الخيل بالليل وأصابت حوافرها الحجارة انقدح منها النيران.

* * *

٣

(فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (٣)

يعنى الخيل.

وجاء في التفسير أنها سَريَّة كانت لرسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - إلى

كندة.

* * *

٤

(فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (٤)

النقع الغبارُ ، فقال " بِهِ " ولم يتقدم ذكر المكان ، ولكن في الكلام دَليلٌ

عليه ،  فَأَثَرْنَ بمكان عَدْوِهَا نَقْعًا أَيْ غباراً.

* * *

٥

(فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (٥)

القراءة (فَوَسَّطْنَ) أي فتوسطْنَ المكان.

ولو قال (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا) لجازَتْ ، إلا أنِّي لَا أعْلَمُ أحَداً قَرأ بها (١).

__________

(١) قال السَّمين :

  فَوَسَطْنَ  : العامَّةُ على تخفيفِ السينِ ، أي : تَوَسَّطْنَ . وفي الهاءِ في « به » أوجهٌ ، أحدُها : أنها للصبح ، كما تقدَّم . و

الثاني : أنها للنَّقْعِ ، أي : وَسَطْنَ بالنَّقْعِ الجَمْعَ ، أي : جَعَلْنَ الغبارَ وَسْطَ الجمع ، فالباءُ للتعدية ، وعلى الأولِ هي ظرفيةٌ ، الثالث : أنَّ الباءَ للحاليةِ ، أي : فتوَسَّطْن مُلْتبساتٍ بالنقع ، أي : بالغبار جمعاً من جموع الأعداء . وقيل : الباءُ مزيدةٌ ، نقله أبو البقاء و « جَمْعاً » على هذه الأوجهِ مفعولٌ به . الرابع : أنَّ المرادَ ب جَمْع المزدلفةُ وهي تُسَمَّى جَمْعاً . والمرادُ أنَّ الإِبلَ تتوسَّطُ جَمْعاً الذي هو المزدلفةُ ، كما مرَّ عن أميرِ المؤمنين رضي اللّه عنه ، فالمرادُ بالجَمْعِ مكانٌ لا جماعةُ الناسِ ، كقولِ صفية :

٤٦٢٦ . . . . . . . . . . . والعادياتِ غَداةَ جَمْعٍ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وقولِ بشرِ بنِ أبي خازم :

٤٦٢٧ فَوَسَطْنَ جَمْعَهُمُ وأَفْلَتَ حاجبٌ . . . تحت العَجابةِ في الغُبارِ الأَقْتَمِ

و « جَمْعاً » على هذا منصوبٌ على الظرف ، وعلى هذا فيكونُ الضميرُ في « به » : « إمَّا للوقتِ ، أي : في وقت الصبح ، وإمَّا للنَّقْع ، وتكونُ الباءُ للحال ، أي : مُلْتبساتٍ بالنَّقْع . إلاَّ أنه يُشْكِلُ نَصْبُ الظرفِ المختصِّ إذ كان حَقُّه أَنْ يتعدى إليه ب » في « وقال أبو البقاء : » إنَّ جَمْعاً حالٌ « وسبقه إليه مكي . وفيه بُعْدٌ؛ إذ  : على أنَّ الخيلَ توسَّطَتْ جَمْعٌ الناسِ.

وقرأ علي وزيد بن علي وقتادة وابن أبي ليلى بتشديد السين ، وهما لغتان بمعنىً واحدٍ أعني التثقيلَ والتخفيفَ . وقال الزمخشري : » التشديدُ للتعديةِ والباءُ مزيدةٌ للتأكيدِ ك  وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً  [ البقرة : ٢٥ ] وهي مبالَغَةٌ في « وَسَطْن » انتهى . و « وهي مبالَغَةٌ » يناقِضُ قولَه أولاً « للتعدية »؛ لأن التشديدَ للمبالغة لا يُكْسِبُ الفعلَ مفعولاً آخر تقول : « ذَبَحْتُ الغنم » مخففاً ثم تبالِغُ فتقول : « ذَبَّحْتها » مثقلاً ، وهذا على رأيِه قد جَعَله متعدياً بنفسِه بدليلِ جَعْلِه الباءِ مزيدةً فلا يكون للمبالغة.

اهـ (الدُّرُّ المصُون).

٦

وقوله عزَّ وجلَّ : (إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦)

معناه لكفورٌ ، يعنى بذلك الكافِرُ.

* * *

٨

(وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨)

معنى (لَشَدِيدٌ) لَبخيل ، أي وإنه من أَجْل حُبِّ المال لبخيل.

قال طرفة :

أَرَى المَوْتَ يَعْتَامُ الكِرَام ويَصْطَفي . . . عَقِيلَةَ مَالِ البَاخِلِ المُتَشدِّدِ

* * *

٩

و (أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (٩)

بعثر وبحثر بمعنى وَاحِدٍ ، والمعنى أفلا يعلم إذا بعث الموتى.

* * *

١١

و (إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (١١)

اللّه عزَّ وجلَّ خبير بَهَم في ذلك اليوم وَفي غيره ، ولكن  إن اللّه

يجازيهم على كفرهم في ذلك اليوم ، وليس يجازيهم إلا بِعِلْمِهِ أعمالهم.

ومثله : (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّه مَا فِي قُلُوِبهِمْ) @ فمعناه أولئك الذين لايتركُ مجازاتِهُمْ .