سُورَةُ الزِّلْزَالِ مَدَنِيَّةٌ

وَهِيَ ثَمَانِي آياَتٍ

مدنية

بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١

قوله عزَّ وجلَّ : (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (١)

إذا حركت حركة شديدة ، والقراءة (زِلْزَالَها) بكسر الزاي ، ويجوز في

الكلام زَلْزَالَها ، وقرئت (زَلْزَالَها) ، وليس في الكلام فَعْلَال بفتح الفَاء إلا في

المضاعف نحو الزلزال والصلْصَال.

والاختيارُ كَسرِ الزاي ، والفتح جائز.

* * *

٢

(وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (٢)

أخرجت كُنوزها وموتاها

* * *

٣

(وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (٣)

هذا قول الكافِرِ لأنه لم يكن يؤمن بالبعث ، فقال : مَا لَها ، أي لأي شيء

زلزالها.

* * *

٤

(يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (٤)

(يَوْمَئِذٍ) منصوب ب (إِذَا زُلْزِلَت) ، وأخرجت ، في ذلك اليوم

ومعنى (تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) ، [تخبرُ] بما عُمِلَ عَليها.

* * *

٦

(يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (٦)

أي يَصْدُرون متفرقينَ منهم من عمْل صالحاً ومنهم من عمل شَرًّا

والقراءة (لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ)

وُيرْوَى (لِيَرَوْا أَعْمَالَهُمْ) ، ولا أعلم أَحَداً قرأ بها.

ولا يجوز أن يقرأ بما يجوز في العربية إذا لم يقرأ به من أُخِذَت عَنْهُ القراءة.

* * *

٧

ومعنى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧)

تأويله أن اللّه جلَّ وعزَّ قد أحصى أعمال العباد من خَيرٍ ، وكل يرى عمله ، فمن أَحَبَّ اللّه أن يغفر له غَفَر له.

ومن أحب أَنْ يُجَازِيَه جَازَاهُ.

وقيل مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ في الدنيا.

وكذلك شَرُّا يره في الدنيا (١). واللّه أعلم.

__________

(١) قال السَّمين :

  خَيْراً  ،  شَرّاً  : في نصبِهما وجهان ، أظهرهما : أنهما تمييز للمِثْقال فإنه مقدارٌ . و

الثاني : أنهما بدلان مِنْ « مثقالَ »

  يَرَهُ  جوابُ الشرط في الموضعين . وقرأ هشام بسكونِ هاء « يَرَهْ » وَصْلاً في الحرفَيْن . وباقي السبعةِ بضمِّها موصولةً بواوٍ وَصْلاً ، وساكنةً وَقْفاً كسائرِ هاءِ الكنايةِ ، هذا ما قرَأْتُ به . ونَقَل الشيخُ عن هشام وأبي بكر سكونَها ، وعن أبي عمرو ضمُّها مُشْبعة ، وباقي السبعةِ بإشباعِ الأولى وسكونِ الثانية . انتهى . وكان ذلك لأجلِ الوقفِ على آخرِ السورةِ غالباً . أمَّا لو وَصَلوا آخرَها بأولِ « العادِيات » كان الحكمُ الإِشباعَ هذا مقتضى أصولِهم كما قَدَّمْتُه وهو المنقولُ.

وقرأ العامَّةُ « يَرَهُ » مبنياً للفاعلِ . وقرأ ابن عباس والحسين بن علي وزيد بن علي وأبو حيوة وعاصم والكسائي في رواية « يُرَه » مبنياً للمفعول . وعكرمة « يَراه » بالألفِ : إمَّا على تقديرِ الجزمِ بحَذْفِ الحركةِ المقدرة ، وإمَّا على تَوَهُّمِ أنَّ « مَنْ » موصولةٌ ، وتحقيق هذا مذكورٌ في أواخِر يوسف . وحكى الزمخشري أن أعرابياً أَخَّر « خيراً يَرَهُ » فقيل له : قَدَّمْتُ وأَخَّرْتَ ، فأنشد :

٤٦١٥ خذا بَطْنَ هرشى أوقَفاها فإنَّه . . . كِلا جانِبَيْ هرشى لَهُنَّ طريقُ

انتهى . يريدُ أنَّ التقديمَ والتأخيرَ سواءٌ ، وهذا لا يجوزُ ألبتَّةََ فإنه خطأٌ لا يُعْتَقَدُ به قراءةً.

والذَّرَّة قيل : النملةُ الصغيرةُ . وأصغرُ ما تكونُ قضى عليها حَوْلٌ قال امرؤ القيس :

٤٦١٦ من القاصراتِ الطَرْفِ لو دَبَّ مُحْوِلٌ . . . من الذَّرِّ فوق الإِتْبِ منها لأَثَّرا

اهـ (الدُّرُّ المصُون).