( مَكِّيَّة )
بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (٢)
هذا قسم جوابه (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) ، أي إن سَعْيَ المْؤمِنِ والكَافِرِ
لمخْتَلِف بينهما بُعْدٌ.
ومعنى إذَا يَغْشَى الليل الأرْضَ توارى الأفُقَ
وجميع ما بين السماء والأرض ، والنهار إذَا تَجَلَى إذا بأن وظهر.
* * *
(وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣)
كما فسَرناها في (والسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا).
* * *
و (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦)
في التفسير أنها نزلت في أَبِي بَكْرٍ الصديقِ - رَحِمَه اللّه - وكان اشترى
جماعة كان يعذبهم المشركون ليرتدُّوا عن الإسلام فيهم بلال فوصَفَهُ اللّه - عز وجل - على أنه أعْطى تقوى ، وصدَّق بالحسنى ، لأنه يجازى عليه.
وقيل صَدَّقَ لأنه يخلف عليه ل (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ).
* * *
وقاك : (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧)
أي للأمر السهل الذي لا يقدر عليه أَحَدٌ إلَّا المؤمنين.
* * *
و (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠)
نزلت في رجل أكْرَة ذِكْرَهُ ، وهي جامعة لكل مَنْ بَخِلَ وَكَذَّبَ لأن اللّه
جلَّ وعزَّ يجازيه يخلف عليه.
* * *
(فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠)
العذاب والأمرُ العَسِيرُ.
* * *
(وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (١١)
قِيلَ إذا مات وقيل إِذَا تَرَدَّى في النارِ.
* * *
(إِنَّ عَلَيْنَا للّهدَى (١٢)
أي إن علينا أن نبين طريق الهدى من طريق الضلاَل.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ : (فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (١٤) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦)
(تَلَظَّى) معناه تتوهج وَتَتَوقَّدُ.
وَهذه الآية هيَ التي مِنْ أَجْلِهَا قال أهل الإرجاء بالإرجاء ، فزعموا أنه لا يدخل النار إلا كافر ل (لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦).
وليس كما ظنوا ، هذه نَارٌ مَوْصوفة بعينها لا يصلى هذه النارَ إلا الأشقى الَّذي كذَّبَ وَتَوَلَّى ، ولأهل النار منازل فمنها
(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ).
واللّه عزَّ وجلَّ كل ما وَعَد عليه بجنس من العذاب فَجَائز أن يُعَذِبَ به.
وقال عزَّ وجلَّ : (إِنَّ اللّه لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) فلو كان كل من لم يشرك باللّه لا يعذب ، لم يكن في قوله تعالى . :
(وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ) فائدة ، وكان يغفر ما دون ذلك.
* * *
و (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (١٨)
أي يطلب أن يكون عند اللّه زاكياً ، لا يطلب بذلك رياءً ، ولا سمعةً.
ونزلت في أبي بكر - رضي اللّه عنه -.
* * *
(وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (١٩)
أي لم يفعل ذلك مجازاة لِيَدٍ أُسْدِيَتْ إليه .
(إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (٢٠)
أي إلا طلب ثوابه.
* * *
و (وَلَسَوْفَ يَرْضَى (٢١)
أي سوف يدخل الجنة كما قال : (ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي (٣٠) .