( مَكِّيَّة )
بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله عزَّ وجلَّ : (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (١)
قيل إن الغاشية القيامة لأنها تغشى الخلق ، وقيل الغاشية النار لأنها
ْتغشى وجوه الكفار.
* * *
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢)
(خَاشِعَةٌ) خبر (وُجُوهٌ) ، ومعنى خاشعة ذليلة.
* * *
(تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (٤)
ويقرأ (تُصْلَى).
* * *
وقوله (تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥)
أي متناهية في شدة الحرِّ : ك (يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤).
* * *
(لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (٦)
يعني لأهل النار ، والضريع الشبرق.
وهو جنس من الشوك ، إذا كان رطباً فهو شبرق ، فإذا يبس فهوَ الضَّرِيعُ ، قال كفار قريش : إنَّ الضريع لَتَسْمَنُ عليه إبِلُنَا ، فقال اللّه - عزَّ وجلَّ -
* * *
(لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (٧)
ومعنى (هَلْ أتَاكَ) أي هذا ألم يكن من عِلْمِكَ ولا من علم قَوْمِكَ ، وكذلك
الأقاصيص التي أخبر بها النبي - صلى اللّه عليه وسلم -.
قال اللّه - عزَّ وجلَّ - : (مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا).
* * *
وَمَعْنَى (عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ) : قيل إنها عاملة ناصبة في الدنيا لغير ما يقَربُ إلى
اللّه تعالى ، وقيل إنهم الرهبان ومن أشبههم ، وقيل (عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ) في النار.
فوصف مُقاساتها العذاب.
وقوله في صفة أهل الجنة : (لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (١١)
وقرئت (لَا يَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً) ، وقرئت (لَا تُسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةٌ)
أي لا تسمع فيها آئمة.
ويجوز أن يكون لا تسمع فيها كلمة تلغى ، أي تسقط ، لا يتكلم أهل الجنة إلا بالحكمة ، وحمد اللّه على مارزَقَهم من نعيمه الدائم.
* * *
و (وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (١٤)
الأكواب آنية شبيهة بالأباريق لا عرى لها.
* * *
(وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥)
واحدتها نمرقة.
* * *
(وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (١٦)
الذرابِي : البسط ، واحدتها زربية.
* * *
و (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧)
نبههم اللّه على عظيم من خلقه قَد ذَللّه للصغِيرِ يقوده وينتجهُ وينهضه.
ويحمل عليه الثقيل من الحمل وهو بارك فينهض بثقيل حمله ، وليس ذلك في
شيء من الحوامِل غيره ، فأراهم عظيماً من خلقه ليدلهم بذلك على توحيده.
* * *
(وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨)
يعنى بغير عَمَدٍ.
* * *
(وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩)
(نُصِبَتْ) مرساة مثبتة لا تزول .
(وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠)
أَي دُحِيتَْ وَبُسِطَتْ.
* * *
(فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١)
هذا قبل أن يؤمر النبي - صلى اللّه عليه وسلم - بالحرب.
* * *
(لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢)
أي بِمسَلَّط.
* * *
(إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللّه الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (٢٤)
أي عذابَ جَهنَّمَ
* * *
(إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥)
(إيَّابهم)
وقُرئت إيابَهُمْ ، بالتخفيف والتثقيل.
ومعنى إيابهم رجوعهم ، ومَعْنَى (إيَّابهم) على مصدر أَيَّبَ إيَّاباً ، على معنى فَيْعَلَ فِيعَالاً ، من آب يؤوبَ والأصل إيوابا ، فأدغمت الياء في الواو ، وانقلبت الواو إلى الياء لأنها سبقت بسكونٍ .